عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات الأنيمي المكتملة

Like Tree246Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 2 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #46  
قديم 05-29-2016, 08:21 PM
 
مرحبا كاراملا...
هههههه
كالعادة تجعليني انتظر ردودك المناقشة لاحداثي..بشغف..
أبادلك الشعور ...

خاصة على فيونيكا...

عن قصتي الاخرى، يومان و سيكون جاهزا بعون الله...
اشكرك على حسن المتابعة ...
Snow. likes this.
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 05-30-2016, 11:40 AM
 
[QUOTE=وردة المودة;8220931]
[align=center][tabletext="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146451093973761.png');"][cell="filter:;"]


البارت السادس


وضعَ السيد شيوكي يده على كتف ساي برفق قائلاً: مازلتَ لا تعي حقيقةَ الأمورِ ساي, ما تتحدث عنه ليست سوى ذرائع طفولية تلقنها نفسك....فلا حبَّ حقيقي و لا حياةَ لعائلتنا دونَ الحفاظ على موقع العائلةِ الاجتماعي...أتفهم؟ إنَّ فيونيكا فرصةُ عمرٍ لا بديلَ لها و لو كنتُ مكانك لما سنحتُ لأفكارٍ كهذه أن تحول بيني و بين السعادةِ التي تنتظرني.
كما توقع, نقاشُ ينتهي بما بدأ أو بالأصح لا بداية له و لا نهاية........
أُجبر على الذهاب معَ والده للاعتذار من فيونيكا لتعود الأمور لمجرياتها السابقة....
وقفَ أمام السيد سيفل معَ توترٍ من ردَّةِ فعله: مرحباً.
كانَ السيد سيفل واقفاً في الجهةِ اليمنى أمامه ممسكاً بكأسٍ زجاجي فاخر يحوي عصيراً يشرب منه بين لحظات و بعدَ أن سمعَ صوت ساي اتجه نحوه و الغضب بادٍ على عينيه: ألا تعرف كم ابنتي عزيزةٌ علي؟
أجابه: لا أحد يستطيع إدراكِ محبتك لها عمي.
كانَ الشعور بالإهانة طبيعياً حينَ تلقى تلكَ الصفعة أما الخدمِ و جميع الموجودين بالقاعة لكنَّه لم يكترث ففيونيكا أكثر إزعاجاً و حديثها أكثر إهانة.....
أكمل السيد سيفل بأسلوبه الحادِّ و الغاضب: لا تجرأ على مناداتي بعمي أيها الأخرق..لقد قلتُ لك من قبل أنِّي لا أودُّ رؤيةَ الدموعِ بعينيها و لكنها منذ مدَّة و قد أقفلت باب الغرفة و حبست نفسها.
(لا يهمني..)
لم يكن لدى ساي إجابةٌ مرضية فما بجعبته هيَ بعضُ الصراحة التي تستطيع إخراجه من هذا البيت بحياةٍ أخرى لكنَّه لم يكن يجرأ على التلفظ بأيِّ شيء يعارض به والده العنيد و المتمسك برأيه ....
تقدَّم السيد شيوكي من خلفِ ساي المطأطأ لرأسه قائلاً بابتسامة : انتظر سيفل, ألا ترى أنَّكَ تبالغ؟..من الطبيعي أن تمر أيامُ شجار في هذه السنوات..أنا و أنتَ من يجب أن نمدَّ يد المساعدة لهؤلاء الشابين فكما تعلم فهما في مقتبلِ العمر و بدايةِ المسير و لم تعلمهم الحياة قواعدها بعد.
(قواعد!!...تقصد كيفية الحصول على المال..؟)
نظر السيد شيوكي لابنه: لما أنتَ صامت ساي..قل شيئاً.
اقتصر ساي بجوابٍ يرضي الاثنين: قد قلتَ أساس المطلب.
جمعَ ما يملك من جرأة ليباشر السيد سيفل: عفواً عمي..لو سمحت أودُّ التحدُّث مع فيونيكا قليلاً.
لم يكن غضبه قد هدأ بعد: اذهب لها, و سوفَ أحترم رأي والدك لأسمح لك بالذهابِ لها لكن إن لم تسامحك فلا تنتظر رداً مناسباً...و لو تكرر هذا مرَّةً أخرى فسأحول ثروتك لجحيم و حياتكَ كذلك.
(و هل هيَ غير هذا ..؟)
صوتُ خطواته كانت تعلوا فوق ذلكَ الدرج المتعرج ذو الشكلِ اللولبي...
كانَ درجاً طويلاً مغطى ببساطٍ أحمر قانٍ زادَ إشعاعه ,و سوره المملوء بزخارف مختلفةِ الألوانِ قد أعطى لون تنوعٍ و حياة لتوازن الظاهر الذي كادَ يكون مكبوتاً....
أدار جسده ليلتفَّ يساراً نحوَ بابِ صغير أبيضَ اللون طارقاً بابه....
كانَ الجواب حادَّاً و صارماً نوعاً ما: قلتُ لكم اتركوني و شأني, ألا تفهمون؟
بلعَ ريقه و للحقِّ أحسَّ بكسرةِ استعطاف على هذه الفتاة ,فقد حبست نفسها لأنَّها تريده و تأمل بقاءه لها وحدها فنطق باليسير الذي قاله بتصنع لكن ليسَ لإجبارٍ أو مجاملة بل لجبر قلبها الذي كسره : هذا أنا أميرتي.
...: هل طلبَ أبي منكَ المجيء للاعتذار؟
لم يكن صوتها يظهر الألم لكن فعلها بلى..:لا ,لم يفعل...بل أفزعني بصرخاتِ تأنيبه عندما رآني...و الآن هللا فتحتِ الباب عزيزتي..أم تخططين أن توقفيني هنا؟
كانت خطواتها المقتربة من الباب مسموعة و نبرتها كانت تظهر بشكلٍ أوضح: عد لتلك الفتاةِ التي بدأت تأخذ مكاني في قلبك.
لم يكن يستطيع إنكار هذه الحقيقة لكن الموضوع ليسَ كما تظن هيَ و هذا ما كانَ يثير غضبه فهوَ قد أخذ تلكَ الفتاة كعصا يتكأ عليها و جليسةٍ تنسيه همومه و ليس كما تظن فيونيكا ,و في الأساس إنّ تلك الفتاة استقرت بمكانها و لم تحتل مكان أحد ...و خاَّصة أنّ ساي يعلم في قرارةِ نفسه أن لا مكان لفيونيكا بين ثنايا جنانه النابض....
أمسك بمقبضِ الباب محاولاً فتحه: بلهاء, لن تستطيع أيَّ فتاةٍ فعل هذا...حتى الآن أنا أسيرُ سجنكِ أنتِ.
فُتحَ الباب لتظهر فيونيكا من خلفه مقابلةً له: إذاً أسدِ لي خدمة.
لم يحاول انتظار طلبها الذي قد يزعجه كما جرتِ العادة: ما بك؟ دعيني أدخل على الأقل؟
أظهرت بعضَ القسوة في ملامحها: لا تراوغ ساي.
"ماذا تطلب عزيزتي إذاً؟"
"أخرج الفتاة من العمل هناك."
أشاح ساي وجهه عنها و كأنَّه يحاول عدم إدراك ما قالته تواً لكن فيونيكا قالت: لا تقل لي أنكَّ لا تعي أيَّ فتاةٍ أقصد.
اصطنع ابتسامةً مزيفة: بالتأكيد فهمت..تقصدين الآنسة ميرنا..حسناً سأفعل لكن أمهليني أسبوع أو أسبوعين لأجد بديلاً عنها..فأنا لا أريد أن تقع الفوضى التي حصلت برحيل ريوكي .
أقبضت بيدها على مقبضِ الباب: تذرع كما تشاء لكن لا تتوقع معاملةً أفضل من هذه ما دامت تلك الفتاة هناك.
أغلقت الباب بقوة ليرج صدى إغلاقه في أرجاء المكان... كانَ واقفاً مشوشاً للقرار الصعب الذي يبدوا أنَّه لابدَّ من أن يخضع إليه عاجلاً أم آجلاً ..
( مستحيل أن أدعها تذهب بسهولة..)
خرج َ من ذلك المنزل و هو يشعر أن الدنيا تدور في رأسه فهو بالتأكيد لن يختار هذا الخيار القاسي عليه و القاسي على ميرنا و عائلتها لوضعهم الصعب...
لكن لا تخفى حقيقة أنَّهُ كان يفكر بنفسه أكثر...
فكيفَ سيمزح معها راغباً في سماعِ ما يزيح همومه...
كيفَ سيجرها لفعل ما يرغبُ به...
كيفَ له أن يفقد الشعورِ الرهيبِ الذي بدأ يعتادُ عليه و يأنسُ به.....
من سيجرأ على المزاح معه و نعته بالغبي و الأحمق و الأبله...
من سيغضب منه و تغضب منه هيَ الأخرى حتى يجرُّهما هذا لضحكاتٍ متعالية...
من سيتسلى بوضع المقالب عليها و يرى ملامحها المنزعجة...
من سيصب غضبه عليها لتجيبه بما في مصلحته....
من سيمسك بيدها كي يشعر بالطمأنينة التي تذهب به لعالمٍ آخر...
من و من لا تنتهي تمنعه حتى من التفكير بما قالته فيونيكا...
بعدَ لحظات ارتسم ابتسامةً حزينة قائلاً لنفسه ( كم أنا أناني..على عكسها فلو علمت لتركت العمل دون تردد كما كادت أن تفعل سابقاً..)
أوقفَ السائق بقوله: توقف هنا.
السيد شيوكي باستغرابٍ لم يخرجه من حالة الوقارِ و الكبرياء: ماذا هناك؟!
فتح ساي باب السيارة مترجلاً: أراكَ لاحقاً أبي.
أمسكه السيد شيوكي قبلَ نزوله: إلى أين ؟!
أجابه ببرودٍ و حزن و هو يبعد يده: إلى طبيبٍ يداوي علَّتي.
نزل من السيارة تاركاً والده في حيره و ذهول....
بدأ يمشي على رصيفِ الشارع دونَ توقف و كأنه يريد أن يصل لآخر نقطة في حياته....
بدأ يفكر بتلكَ التي دخلت قلبه من الوهلةِ الأولى..أجل هيَ من يحتاجها الآن...
يحتاج حنانها الأموي و ابتسامتها الدافئة ...
يحتاج أن تضع يديها فوق وجنتيه لتمسح دموعه المنهمرة ....
يحتاج أن تتكلَّم معه و تقول له " بني"...
وصل بعدَ نصف ساعة من المشي المتواصل إلى البيت العتيق ....
طرقَ الباب و بقى منتظراً أمله المنشود ...
بلعَ ريقه و هو ينظر للباب يفتح و بعدها لاحظها و هيَ تبتسم بفرحٍ له: ها!..أهلاً ساي لقد اشتقتُ لك كثيراً..تفضل بالدخول.
كانَت خصلاته المتبعثرة و وجهه الشاحب علاماتٍ لشدَّةِ سوءِ حالته..
قالَ بصوتٍ هادئ و ضعيف: هل ميرنا هنا؟
أجابته : لا..إنَّها خرجت مع هاجي قبل مدَّة...أدخل و انتظرها حتى تأتي لا أتصور أنَّها ستتأخر.
أثار تعجبها انحناء ساي الذي يقابلها بضعفٍ و يأس على كتفها هامساً: أمي.
أحست مادونا بنقطةٍِ باردة استقرت عندَ رقبتها و لم يكن صعباً اكتشاف أنَّ هذه قطرةُ دمعة من قلبٍ مهموم فرفعت يمناها و وضعتها فوقَ رأسه: ما الذي يحرقُ قلبك هكذا ساي؟
لحظاتٌ و هوَ في الداخل واضعٌ رأسه في حجرها يبكي بصمت و هيَ تمر بيدها بينَ خصلاته و فوق وجنتيه مواسيةً مهدئة...
لم تسأله و لم تتحدَّث حتى مرَّت ربع ساعة و هدأ أخيراً ناهضاً: آسف, لقد أزعجتك.
ابتسمت قائلة : لا..على العكس ,لقد فرحتُ لرؤيتك و أتمنى أن أستطيع مساعدتك بقدرِ ما أستطيع.
لم يعاودها ببسمة و لكنَّه نظر لها مباشرةً: لا أظن أنَّكِ تستطيعين.
حدَّقت بعينيه الحزينتين: أ لا تظنُّ أنَّك تمنع أمَّك من المحاولةِ أيضاً؟
أسهب في تعبيره بسماعه هذا قائلاً ما حدثَ له: ميرنا..أنا لا أستطيعُ أن..
دقَّ قلبُ مادونا بقوَّة: ما بها؟!..هل هناك خطبٌ ما؟
لاحظ أنَّ بدايته ليست في مكانها فأمسك بيديها : لا تقلقي ..ليسَ هناكَ شيءٌ خطير, إنَّ المصائب تتوالى عليَّ أنا فقط.
ضيَّقت عينيها قائلة: هل فعلت شيئاً خاطئاً؟
أخبرها بأساسياتِ ما حصلَ اليوم و غيرة فيونيكا التي تقِّيده دونَ أن يتطرَّق للمواضيع الأخرى التي اقتسم علمها مع ميرنا.....
بدأت ترتب قميصه المتجعد و هيَ تسمعه يقول: أشعر أنِّي ممثل يقوم بما يريده الآخرون كلعبةٍ جامدة.
رتبت ياقته: يبدوا أنَّ الآخرين يقررون عنكَ قراراتك..حقاً ذلك مزعج.
" إنَّ ميرنا فتاةٌ طيبة و تعرف كيفَ تدير أمور المركز التجاري بسهولة ..أنا لم يسبق لي أن أنبني أحد على أخطائي أو أن حاول نصحي بصدق...لم يسبق لي أن رأيتُ من يعطيني شيئاً دونَ طمعٍ في أثمن منه...لم يسبق لي أن ضحكتُ من أعماقِ قلبي قبل أن تأتي.."
بلع ريقه ليكمل بلهجةٍ مختلفة.." اعتدتُ وجودها و مزاحها أمي"
نهضت ذاهبة للمطبخ ليتبعها ساي: ما الذي ستفعلينه؟
" صنعُ بعضِ الشاي...جيِّدٌ لارتخاءِ أعصاب ابني الجديد"
"شكراً لكِ لكن لا داعي لذلك"
" نهضت و انتهى الأمر .."
دقائقُ مضت و هوَ ينظر لها و هيَ تصنعُ الشاي لأجله...كم من الجميل أن يكون للشخصٍ أمُّ تقف للحظات محاولةً إبهاجه...
جلسا يشربانِ الشاي معاً و كم كانت جلسةُ الشاي تلك رائعة..
طفلٌ وحيد يتدلل من قبل أمه...
وجدَ شيئاً لكنَّ حزنه لم ينجلي و هو يتذكر بين لحظةٍِ و أخرى ما سيفقده...
فترةٌ استقر بها حاله و عادَ طبيعياً نوعاً ما و الأم ترى كم هوَ متعلِّقٌ بميرنا التي أرته وجهاً إنسانياً لطيفا و بدأت تدرك مغزى حديثه نوعاً ما لكنَّها تعترف أن لا أحد يفهمه الآن فهو من يعاني لا غير...
ودَّعها و نهض خارجاً من المنزل معتذراً مرَّةً أخرى على الإزعاج و لكنَّه تفاجأ برؤيته ميرنا عائدة أمامه...
تقدَّمت نحوه مسرعة: مرحباً..ما الذي أتى بك هنا سيد شيوكي؟
عادَ صراعه لنفسه برؤيتها و سماعِ صوتها فحاول الابتعادَ فوراً مجيباً ببرود: مرحباً.
لكنَّها أوقفته بإمساكِ كم قميصه: هل أنتَ بخير ؟
أبعد يده متماً طريقه بتجاهل لكنَّ ميرنا التي بدالها ما يود إخفاءه وقفت مستقرّة ً أمامه: ما الخطب ساي؟
لم يكترث بل أصرَّ على الذهاب: سنتحدَّث غداً.
لتقولَ له بنوعٍ من الانفعال: لماذا أتيت ما دمت لن تتكلم؟
أدار جسد لينظر لها بزاويةِ عينه بحدَّة: أتيت لأزور أمي.
" أنت لستَ بخير ساي"
أتاها الجواب ببعضِ القسوة..." أنتِ السبب ميرنا"
ابتعد باقترابِ هاجي مرَحِّباً معَ صمتٍ مريب .....
وقف بجانب أخته المتجمِّدة : ما به هذا الفتى؟
لم تجبه بل تقدَّمت بخطواتٍ باردة لباب المنزل لتعلن له عن عدم رغبتها في الإجابة...و حتى لو أرادت فهي لا تعلم الإجابة...
دخلت و توجهت نحو والدتها التي بدأت تغسل الأطباق في المطبخ: أمي..ما مشكلةُ السيد شيوكي؟
أجابتها و هي على حالها: ألم يخبركِ؟
"لا"
"إذاً لا بدَّ أنَّه لا يريد منكِ معرفة الموضوع...لا أستطيع إخبارك..دعيه يخبرك حين يراهُ صالحاً"
" لا بأس, لقد أخبرني أنَّه سيتحدَّث معي غداً"
وجهت وجهها نحوها : إذاً دعيه يخبركِ بنفسه.
(إنَّ حزنه لا يطمئن..أكاد أجزم أنَّ مخطوبته هي من فعلت به هذا...الموضوع يؤول للأسوأ ...)
.........مكتبُ المدير........
جلست ميرنا ممتثلةً أمره بذلك....
كانَ يتحاشى النظر لها بكلِّ الأساليب كي لا يضعف أكثر: يجب أن أعلمكِ بأمرٍ مهم.
" هذا هوَ ما جلبني هنا سيدي"
وضع يده بين خصلاته الأمامية بتأوه: سيدي مرَّةً أخرى...لكن لا بأس فسيأتي يومُ أشتاق لسماعِ هذه الكلمةَ منكِ.
صمتَ بعدها فلا حرف يخرج من فاه و لو أمرٌ بالخروج...
يتحرَّك بصمتٍ و كأنَّه يريد بقاءها و لو بسكوتٍ قاتم في مكتبه ...كلَّما كانت ميرنا ترى ملامحه و تتحسس الألم الذي يعيقه عن البوح بالحقيقةِ المرَّةِ عليه كانت تغضبُ أكثر منه فهو أتى بها للاشيء ...
لا ,هناك شيءٌ واحد و هو أن تتمنظر على وجهه المملوء حيرةً و ضياعاً دونَ أن تفعل شيئاً...
شدَّت ميرنا يديها المتكاتفتين بقوَّة : قلتَ لي من قبل أنَّه لا يجب عليَّ البكاء ,لكنَّي لن أتمالكَ دموعي برؤيةِ وجهك الذي يكاد يصرخ خلف هذا الصمت...هل وجدتَ أسلوباً لتعذيبي؟!
رفع رأسه ليسنده على رأسِ المقعد الذي بدأ يدورُ به: تعذيبك!...أنا من أتعذَّب الآن و لا أحد يستطيع أن يحلَّ مشكلتي.
"هل فيونيكا هي أساسُ مشكلتك؟"
حدَّق للسقفِ قائلاً: و من غيرها, لكن كيفَ عرفتِ؟"
قالت محاولةً استدراجَه لقولِ ما يضمره:أنت قلتَ بالأمسِ أنني السبب في كونكَ لستَ بخير..إذاً فلابدَّ أنَّها طلبت منكَ طردي
حركَّ رأسه بتأييد"أها"
كان قوله هذا غير متوقع لكنَّها وقفت و توجهت نحوه بخطواتٍ مليئةٍ بالثقة : أتصوَّر أنَّها قالت لك أيضاً أن تنساها إن لم تطردني.
ضيّقَ عينيه بغضب: المقصود؟
ابتسمت بمكر: أنتَ لا ترغب بنسيانها.
أغمض جفنيه: لا تكوني سخيفة.
قالت بجدية تامة على ملامحها : أجل ,سخيفة لأني لا أفهمك...لماذا تريد تحطيم حياةٍ مستقرة لاعتقادٍ خاطئ ؟..أنتَ ترغب في استشعارِ حبها و أهميتكَ لها.
أنزل رأسها متوجهاً نحوها: أتظنين أنّني أهتم بها حقَّا؟
" بالطبع..فتاةٌ مثلها تستطيع سرقة قلبَ شبابٍ كثر و لا حرج عليك, يجب أن تعترف بهذا"
كانت ميرنا تحاول أن تجرّه للخروج من حالته لكن هذه المرة أخفقت و على العكس جعلته يشعر بالوحدةِ و الغضب فقط....
نهض ضارباً بالطاولة بقوة حتى بدا صوت ضربته يدور بين صدى تلك الجدرانِ الأربع: تلكَ الفتاةُ لا تساوي شيئاً...هل فهمتِ؟
بلعت ريقها بخوف قليلاً و أمسكت بيده التي احمرت لضربته: فهمتُ ساي...لا تُغضب نفسك.
أبعد يده عنها بسرعة صارخاً: ابتعدي عني..ابتعدي عني..
أبعدت يدها أكثر قائلة: حسناً..اهدأ فقط.
"كيفَ أهدأ و أنا بعدَ أيام سأفقدكِ ميرنا..كيفَ أهدأ و أنتِ ستقبلين بالذهاب الذي كنتِ تتمنيه بسهولة...كيفَ أهدأ و أنا أراكِ لا تفهمين ما يطلبه قلبي منكِ.."
كلماتٌ جعلتها تقف منبهرة فمن هيَ حتى بتمسك بوجودها لهذا الحد...من هيَ حتى يحارب حياته و مخطوبته لوجودها في هذا المكان...
لكنَّها تعي أنَّه إنسانٌ قد استشعر منها ما لم يستشعره بمن حوله ..فمنذُ أتت لم ترَ حياةً في هذا المكان و لا ابتسامةً صادقة موجهة نحو هذا الشاب فجميع من يعمل طامعٌ في النقود و جميع من يأتي لصفقةٍ تجارية طامعٌ في الربح..هذه هيَ الحياة الطبيعية له ..
وضعَ يده فوق فمه ليأخذ أنفاساً عميقة مبتعداً عن طاولته المعهودة: اتركيني وحدي و سأهدأ بعدَ قليل.
قطبت حاجبيها و قالت بصرامة: لن أخرج.
قال بحدَّة: هذا أمر مديرك.
اقتربت منه: و لو أمر سيد العالم ..
شدَّ على قبضته و أسنانه: تزيدين غضبي.
تفاجأ بدموعها و هي تقول بلهجةٍ هادئة: لو خرجت..هل ستهدأ؟...ألن تسوء حالتك و أنتَ وحدك؟...هل سيذهب شحوبك و تعود طبيعياً؟...
أكملت بعدَ لحظةِ صمت:..كيفَ لي أن أترككَ في هذه اللحظاتِ التي تحتاج بها من يزيل همَّك؟... أنا سأقبل بالذهاب لكن ليسَ الابتعادَ عنك ساي..لن أكون بعالمٍ آخر..ألا تعي أنَّ وجودي هنا يعني أذيَّتك أكثر؟..
سالت دموعه هوَ الآخر و هوَ رافعٌ يده يمسح دموعها لترفع يدها و تمسح دموعه هو أيضاً:.....هل كنت تنوي أن تطردني لتذرف دموعك وحيداً دون أن يشاركك أحدٌ بها؟
كانَ كلٌّ منهما يحاول التقليل من حزنه بمسح دموعِ المؤنسِ الذي يقابله فالنظر لتلك الدموع المنهمرة أمامهما أصعبُ من ذرفها...
احتفظت تلكَ الثواني بأنسهما بتلك اليدين فكلٌّ منهما استشعر توافق النية بالتخفيفِ عن الآخر و هما يحاولان أن يبقيا دفءَ تلك الأنامل محفوظةً في شغافِ الذهن كي لا تمضي منسيَّةً مع طياتِ الزمان الغير آمنة....
ارتسم ساي بسمةً حزينة: أليسَ من المخجل لرجلٍ مثلي أن يبكي كالفتيات؟
أجابته : أنتَ مازلت صغيراً على هذا, و حتى الرجال تبكي ساي ..حين تصل همومها ما يهدَّ الجبال.
.......................
جلسا يأكلان طعام مادونا معاً لأول مرة و كأنها أرادت أن يقتسماه مع قلقهما عليها: ماذا ستفعلين لو خرجت من عملكِ هنا ... هل ستقبلين بمساعدتي لإجراء العملية الجراحية لأمي؟
كانت تجيبه بمظهرٍ طبيعي: لا أظن..سأحصل على عملٍ آخر لأجمع به تكلفةَ العملية.
" ألا تظنين أنَّكِ تبالغين؟..هذا ليسَ أمراً بسيطاً لتكوني صارمة..أنا لا أقصد الإهانة لكني قلقٌ عليها أيضاً"
قالت: أمممم ..ألا تظنُّ أنَّ ذهابك لها بالأمس لا يبين ما تصفه من قلق؟
" أنا لم أكن أفكر بشيءٍ أفضل..و أمي استقبلت الموضوع برحابةِ صدر."
أنهت لقمتها: إذاً ما رأيكَ باتفاق..إن لم نحصل أنا و أخي على عمل نستقرض منك مصاريف التكلفة كدين.
خطرت في ذهنه فكرة: ألم يحصل هاجي على عملٍ بعد؟
أجابته: ليس للوقتِ الراهن.
قال: إذاً ما رأيكِ بأن يأتي هاجي عوضاً عنكِ؟
فكَّرت قليلاً ثمَّ أجابت: لكن.. ماذا لو علمت فيونيكا أنَّه أخي؟..ألن تغضب؟
ابتلع اللقمةَ الأخيرة : من سيخبرها؟..أعِدُكِ أنَّ كلَّ شيءٍ سيكون على ما يرام.
نظرت ميرنا للصندوق: أينَ الطعام؟!!..نحن لم نبدأ سوى من دقائق؟..كم أنت نهم ؟!
ابتسم بصعوبة لكن بصدق: لا تنسي أنَّكِ شاركتني الطعام .
قالت بانفعالٍ خفيف: لكني لم آكل الكثير..حتى أنِّي أشعر بالجوعِ حتى الآن...كيفَ استطعت أن تنهيه أمامي دونَ أن ألاحظ؟!!
قال باستفزاز: لا تتصنعي البراءة فأنتِ تأكلين كثيراً و أنا ألاحظ هذا..و يبدوا أنَّ وزنكِ ازدادَ في الآونةِ الأخيرة...
أتمَّ غيرَ مبالٍ بغضبها الذي يزداد: ..سمعتُ أنَّ الفتيات حريصاتٌ على رشاقتهن فلابدَّ لكِ أن تحرصي على اتخاذِ رجيمٍ منذ اليوم .
ضربته ميرنا خلفَ ظهره: شقي.
أجابها بمرحٍ صبياني: سعيدٌ باللقبِ الجديد أيتها السمينة.
صرخت بوجهه: ساي.
أجابها ببراءة و كأنَّه لا يعي ما ترمي إليه: ماذا؟!
"يا إلهي..من الجيد أني سأتخلص من العمل مع شخصٍ مثلك قريباً..أنتَ لا تطاق..."
انتبهت لجملتها العفوية بعد أن أخرجتها لكن ما خرج من اللسان لا يمكن إعادته...
انتبهت له و قد تغيرت ملامحه بصمت: أنا لم أقصد ما قلتُ ساي...كنتُ أمزحُ فقط.
قالَ بهدوء: هل العمل معي بهذا السوء؟
أجابته: ليسَ كذلك...أنْـ...
قاطعها: لماذا تحاولين الخروج و تستسلمين للموضوعِ بسهولة رغمَ ظروفكِ الصعبة؟
تنهدت مجيبة: أ أنتَ غبي ؟...لقد وضحتُ لك.
" ليسَ مقنعاً."
" اسمع ساي...باب منزلي مفتوحٌ بوجهكَ دوماً وفي أيِّ وقتٍ تشاء...و كما تقولُ أمي, أنتَ ابنها الجديد..لكن لا تطلب مني أن أكون سبباً في إزعاجك يوماً بيوم...أنتَ لست بحالةٍ صحية تتحمل الضغط العصبي الذي تسببه لك تلك الفتاة و عائلتك ."
أشاح بوجهه مقطباً حاجبيه :ربما أزعجتكِ قليلاً لكن هذا لا ....
قاطعته من فورها: ما الذي تهذي به؟!...أنا سعيدةٌ حقاً بالعمل هنا, لقد فاق العمل هنا تخيلاتي ..فكلُّ ما كان يخطر بذهني هوَ العمل كخادمةٍ تنظف المكاتب و المنازل أو نادلة مطعم في أحسن الحالات و هذا إن حصلتُ على عمل..لكني فجأة أصبحتُ بفضلك و مساعدتك نائبة مبيعات و إدارة لأحد أكبر مراكز المدينة التجارية..لقد علَّمتني بيديك أسلوب العمل ألا تذكر؟
" و ماذا سيفيدني هذا الكلام؟"
" أتعلم؟..لقد تعلَّمتُ منكَ الكثير...لقد علَّمتني القناعة و عدم وضع المال هدفاً للحياة رغم أنّني جعلته الوحيد نصب عيني...لقد علَّمتني التواضع بتعاملك الرحبِ معي...تعلَّمتُ منكَ أني سأبقى بشراً كالباقي و لو أصبحتُ أعظم إنسانٍ على وجهِ الأرض...هذه أمورٌ لم أكن أدركها قبل رؤيتك ساي...أنا فرحة حقاًً لأنَّ القدر جعلني أراك."
نظر لصندوقِ الطعام مبتسماً بعدَ لحظاتٍ من إخفائها و هو يشعر بقليل من الابتهاج لسماعه قولها: أنا أيضاً ممتنٌ للقدرِ الذي جمعني معك على الأكل من صندوقِ طعامٍِ طهته أمي.
وجهت نظرها لما ينظر له : بدأتَ تتكلم عنها بأمي أكثر مما أفعل أنا..ذلك يجرني للغيرة.
قال بلطف راسماً صورة الأمِّ الحنونةِ في ذهنه: ربَّما لأعوض السنين التي لم أنادها بها.
رفعَ عينيه نحوها لتنعكس عدستيه العسليتان لتذكرها بلحظاتِ مدينةِ الملاهي ..فعيناهُ كما كانت في تلك اللحظة مملوءةً بالحزن و الرجاء و هوَ يقول: هل تمانعين لو قلت ابقي لأسبوعين آخرين؟
أبعدت عينها فوراً بتلبك : لا أظنُّ أنَّ فترةً بسيطة ستزيدُ الأمورَ سوءاً.
أخذه الإحراج لكن مراوغة عينيه لم تكن ملفتة بتصرفه ببرود: حسناً..لا تخبري هاجي عن موضوع العملِ الآن.
نهضت لتخرج: كما تطلب.


.. ...بعدَ أسبوع.....
دخلت ميرنا مكتبها لترى صبياً في حدودِ العاشرة يفتحُ الملفاتِ الواحدَةَ تلوَ الأخرى ...
لفتها شبهه الكبير بساي في ملامحه رغمَ بعضِ الاختلافات فشعر هذا الصبي بني داكنُ اللون على عكسِ شعر ساي الذي يميل بدرجته الباهتة للأشقر و عيناه كانتا بلونٍ أخضرٍ تدل على الأمل و التفاؤل....
شردت ميرنا بالتفكير لكنَّها سرعان ما عادت لطبيعتها مسرعة نحوه: ما الذي تفعله يا فتى؟..ما الذي أتى بكَ إلى هذا المكان؟
نظر لها الفتى ببرودٍ قاتم : كيفَ تجرئينَ على مناداتي بالفتى؟..أنا لي اسم و هو كيو...يجب أن أخبر أخي عن تعاملكِ الغير لائق معي.
لم تبالي بل صرخت بوجهه: لا يهمني أخاك ,ما يهمني أن تخرج من هذا المكتب بعدَ أن تعتذر و تعود للطوابق السفلية المسموحة للزبناء.
أجابها ببروده الذي لم يتغير: أنتِ بلهاء كما قالَ أخي..ألم تلاحظي شبهي به؟
نظرت له بغضب: هل قلتَ أنَّ ساي ينعتني بالبلهاءِ أمامك؟!
ابتسم بخبث: إذاً لاحظتي أني أخ ساي و لازلتِ تعامليني بهذا الأسلوبِ الفظ...لن تنجي من العقاب.
انحنت لتصل طوله: لا تخفني بما لن يفيدك ..إنَّ من يجب عليكَ الخوفَ عليه هوَ أخيك الأحمق الذي لن ينجوا مني.
جعل ابتسامته أكثر عرضاً : يبدوا أنَّكِ على علاقةٍ قوية بأخي لتتحدَّثي بهذه الجرأة...أظنُّ أنَّ لدى فيونيكا الحق بالغيرة من فتاةٍ مثلك..أنتِ أجمل منها بأضعاف.
كانت ميرنا كالطماطم و هيَ تتمنى أن يسكت هذا الصغير فوضعت يدها فوق فمه: ما هذا الكلام؟...أنتَ صغير على هذا الحديث...و هو لا يناسبك.
أبعدَ يدها بكلتا يديه الصغيرتين بالنسبة لها: إذاً كما توقعت..إنَّ في الموضوع سرَّاً.
تفاعلت ميرنا و هيَ تقول: بالتأكيد لا .
ضربَ على جبهتها بسبابته: أنتِ ميرنا..أليسَ كذلك؟
رفعت نفسها: أنت تعرف الكثير.
قال لها: سمعت اسمكِ و هوَ يكرِّره في نومه.
تعجبٌ ظهر"نومه!" ابتعدَ عنها ليتصدَّر مقعد المكتب بجلوسه: لكنَّه قال لي أنَّه سيعرِّفني بملاكٍ ستنسيني نفسي.
وصل تعجبها لذهول:ملاك!...أظنُّ أنَّك مخطئ يا صغير.
قال بحدَّة: لستُ صغيراً و نادني كيو.
( هل لدى هذان الأخوان عقدةٌ في الأسماء؟!...)
ضحكت ضحكةً خفيفة لما طرأ على بالها: حسناً كيو..لكني لا أعتقد أنَّ الملاك التي تقصدها هيَ أنا.
قام بتشغيلِ الحاسوب مما كادَ يخرجها من أعصابها: ليست هناك فتاةٌ أخرى يراها أخي و هو ليسَ من النوع الذي يتعرَّف على الفتيات فلا شكَّ أنَّها أنتِ...
دخل ساي في تلكَ اللحظاتِ بابتسامةٍ غريبة أثارت الريبة في نفسِ ميرنا: إنَّ الملاكِ التي تقصدها والدة هذه الفتاة.
أخذت نفسَ راحة لحضوره: توقعت هذا فأنا أفكر بها بالطريقةِ ذاتها.
همسَ بهدوء متوقفاً بجانبها: ملاكٌ لا تنجب غير ملاكٍ أيضاً.
أخذته ميرنا على وجه المزاح و رفعت يدها بمرح و أقبضتها كالمصارعين: و هل توقعت غير هذا؟
ابتسمَ مبعداً نفسه عنها مقترباً من أخيه: ما لديك كيو؟
فتحَ كيو ملفِّ الألعابِ بادئاً باللعب: بعضَ اللعب, هل هناكَ مشكلة؟
ساي بنوعٍ من الحدة: هذا ليسَ حاسوباً للعب..لديكَ حاسوبكَ الخاص اذهب و العب به.
لم يستجب و تابع لعبه و ملامحه تتغير مع انتصاراته أو هزيمته....
اقتربت ميرنا مديرةً الشاشةَ عنه: أخيكَ محق يا صغير..هذا الحاسوب مخصصٌ للعملِ و عندك حاسوبك الذي يغنيكَ عنه .
رفع عينيه بملل : يبدوا أنكِ تنسجمين مع أخي في كثيرٍ من الأمور أيضاً.
اقشعر شعر جسمها و ظلَّت صامته و هي ترى أن ابتسامةَ ساي كانت من أثرِ الغضب الجامح تجاه أخيه فقد تقدَّم نحوه جاراً أذنه بقوة : تصوَّرتُ أنَّني قد أمرتك بالنهوضِ من مكانك, ألم أفعل ؟...انهضِ الآن و لا تبتعد عني, أفهمت؟!
الألم كان بادياً عليه و هو يجيب أخاه: آسف أخي.
أحست ميرنا بالشفقةِ عليه لكنَّها لم تكن تشأ أن يشعر ساي بتدخل من ناحيتها بينهما فقالت بمرحٍ طفولي: إنَّكما أخوةٌ بالفعل ...لديه صفاتٌ تطابقُ صفاتك المزعجة ساي.
أبعدَ يده مجارياً غضبه لكن بشكلٍ أهدأ: لكني أراهُ يشترك مع أخيكِ أنتِ في هذه السمة.
التفتت ميرنا لما يرمي له: أظنُّ أني يجب أن أعترف أنَّك على حق.
لاحظَ ساي محاولةَ كيو للخروج خلال الباب خلسةً لألا يلاحظاه فتوجه نحوه ليضربه على الجدار الذي خلفه : أكنتَ أصم لم تسمع ما قلته؟
بقيَ كيو على الأرضِ صامتاً....
قال ساي بمنحنى الصراخِ نفسه: أجبني ألم تسمع؟
اكتفى كيو بكلمة في الإجابة: بلى.
أتم ساي تأنيب أخيه الذي بدا عنيفاً في نظرِ ميرنا:إذاً لما هذا العناد؟
اقتربت ميرنا من كيو و أوقفته منظفةً ثيابه: إنَّكَ تعامله بقسوة ساي.
ساي بصرامة: لا تتدخلي في هذا ميرنا...لا بدَّ أن يعرف حدوده.
نظرت له بجدية: قلت لنفسي أن لا أتدخل لكنَّك أنتَ من تحتاجُ لتأديب نفسك و معرفة حدودك قبل أن تظهر عضلاتك له.
"ماذا؟"
نهضت من عندِ كيو نحوه: تعالَ معي..لي كلامٌ معك.
وقفَ كيو قائلاً: أين؟!
كان يريد ساي الإجابة و لكنَّ ميرنا أجابت قبله بابتسامة: ألم أقل لك أنَّه لن ينجوا من غضبي؟
خرجت ميرنا و خلفها ساي الذي كان يأمل أن لا يثير أخاه الصغير مشاكل في هذا المكان و توجها لمكتبه و في داخل المكتب...
لم يجلس أيٌّ منهما بل ظلا واقفين و ميرنا هيَ من بدأت بالكلام: هل تعامله بهذه القسوة دائماً؟
أجابها بجدية فتىً متهور كالفتيان في مثلِ عمره: أنتِ لا تعرفينه.
قالت ميرنا بثقة نوعاً ما: بل عرفته...منذُ اللحظةُ الأولى التي رأيته أظهر شخصيته لي...إنَّهُ جريء .
وضعَ يديه في جيبي بنطاله الرمادي: هل تظنين أنَّكِ عرفته من هذه الدقائق؟
أجابته: أعترف ,ليسَ تماماً...لكن مهما كان فليسَ عليكَ أن تضربه بعنفٍ حتى يصطدم بالجدار...ما دمتَ لا تستطيع تحمله لمَ أتيتَ به معك؟
أجابها بتنهدٍ يائس: من سماته الإصرار العجيب فهو لم يدعني أخرج دونه فقد كانَ مصراً على المجيء.
قالت له: قلتَ لي أنَّ كيو يشبه هاجي.
أجابها ناظراً لجهةٍ أخرى بعفوية: في تفسير الأمور بطريقةٍ مزعجة.
أمسكت مقبض الباب لتفتحه: اعتبره أخي لليوم..سأحاول تدبُّر الأمورِ معه فذلك أفضل من بقائه معك.
ذهب متجهاً نحو مقعده: سأكون ممتناً ,أتمنى لكِ التوفيق و الصبر عليه فهو صعب المراس و التعامل.
كانت الثقة بادية بوضوح : لا تستهن بي.
....................
ندمت ميرنا أشدَّ الندم و هي تنظر له جالسٌ على حافةِ النافذة المظلة على الشارع: قلتُ لك انزل؟..ستسقط لو بقيتَ جالساً هناك؟!
الفتى بوجهٍ صبياني تماماً: أنا بخير...الجو هنا أفضل من الداخل.
لم تكن ميرنا تجرأ على الاقتراب خوفاً من سقوطه: تستطيع أن تستنشق الهواء و قدماك على أرض المكتب...ذلكَ سيكون أكثر أمناً.
قال بلهجته العنيدة: و خالٍ من روح المغامرة.
قالت بانزعاج: مغامرة..إنَّها مخاطرة.
أجابها و هوَ يرفع رأسها للأعلى بانحناءٍ يزيد توترها: مخطئة..إنَّها مغامرة و حرب مع الهواء و الأرض...أنا أستمتع بالإحساس بهبات الهواء التي تودُّ إسقاطي و جاذبية هذه الأرض التي تطمح لجرِّي نحوها بقوتها و كلاهما يفشلان و أعود منتصراً عليهما.
جلست على حافةِ طاولتها: لا يهمني هذا الحديث الفارغ , أدخل فقط.
نهضَ واقفاً على الحدِّ بتوازن لتصرخ بخوف: ما الذي تفعله ؟! لكنَّه أجابها بعد أن قفز للداخل برشاقة: أنفذ ما طلبته.
وضعت يدها أمام قلبها: كاد يتوقف قلبي..لا تقم بأمور متهورة كهذه.
كانَت خطواته المريبة نحو مكتبة الملفات تخيفها: ما الذي تحاول فعله ؟
أجابها : أنظر لها فقط.
أخرج ملفاً أسود و فتحه وقال: خطكِ سيء.
نهضت من مقعدها الذي ضمها لمدَّةٍ قصيرة: أعده مكانه كيو.
ابتعدَ مقترباً من باب المكتب: هل هوَ مهم ؟
كانت ميرنا تقترب منه بخطواتٍ بطيئة بحذر: بالتأكيد ..كلُّ ما هوَ هنا بالغُ الأهمية.
أسرعَ خارجاً بخطىً خفيفة: إذا استعيديه مني.
أسرعت خلفه: أينَ أيُّها الشقي؟..إنَّه ليس لعبة أطفال.
مشى مسرعاً نحو المصعدِ الكهربائي و أغلق بابه متجهاً نحو الطابق الأول فأسرعت نحوَ المصعدِ الآخر لكن لسوءِ الحظ كانَ معطلاً فحاولت أن تتبعه من الدرج رغم الاحتمال الضعيف من اللحاقِ به....
مضت 15 عشر دقيقة و هي تنزل تلك السلالم و حينَ وصلت رأت ملامحه التي بدأت تستفزها بجانب بوابة الدخول ...
اتجهت نحوه بغضب: انتهى الأمر أيها الفتى..دع الملف من يدك و إلاَّ....
قاطعها بابتسامة أثارت غضبها: لقد بدأ الأمرُ تواًّ.
خرج بعدها راكضاً ليجعلها تنسى تعب النزولُ من تلك السلام من الطابق العاشر و المرور من جميع طوابق المركز التجاري المكتظةِ بالناس و تذهب خلفه.....
( يبدوا أنَّ هذا الفتى يتأقلم بأسلوبِ ساي أكثر..أكره أن أعترف أنني أكاد أن أفقد صبري..)










[/align]
[/cell][/tabletext]
[aldl]http://up.arabseyes.com/uploads2013/29_05_16146450861618974.png[/aldl]

[/COLOR]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 05-30-2016 الساعة 01:17 PM
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 05-30-2016, 11:51 AM
 
حجز بقرأ البارت وبعود
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 05-30-2016, 12:16 PM
 
تمت القراءة بنجاح😊
ما هذا؟؟؟!
بارت رائع...
يااااه البارت حقًا مذهل كالعادة...وكالعادة لا أعرف ما أقول....!!
يمكنك وضع أسئلة لنجيب عليها...
كيااااااا كيو....أحببته...
أول رد...!!😈😂😈😈😈😎😎😎😝😝
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 05-30-2016, 01:05 PM
 
[cc=قبل الجاهلية]حجووووووز [/cc]
احم احم
السلام عليكم وردة
قريت البارت الجميل من زمان بس ضروفي منعتني من الرد الا به الوقت
لك حتى بارت روايتي قررت انشرو اليوم بس الضيوف اولى
لهيك كوني على موعد مع بارتي غدا
عزيزتي على ما اظن انو كلمة "رجبم "كلمة معربة و ليست فصحى فالاجدر قول "حمية"
لك حبيت هالحوار عنجد حسيت حالي هنيك مع الابطال
مادونا لازم تتخلى شوي عن شراهتها على حسب قول ساي ههه
شكلها اعتادت تنادي ساي باسمه اخيرا ههه
اما الام الحنونة فلها حديث اخر ..
ام كثالية حتى لمن هم ليسو باولادها
و ساي الاهم انو يناديها امي كمان ... شي جميل يا ولد
اجل ..انا اشفق عليه مضطر لمسايرة اكثر شخص بيكرهو
لك هي ما بتستاهل يحبها حدى حتى ..
متسلطة مثل والدها و مغرورة مثلو ..
حبيت اصفحو هو الثاني ...ياه ياليت كنت مكان ساي لحتى لقنو درس
و السيد شيوكى والد ساي ..من وين جايب هالمفاهيم البايخة الخاربة ..
لك دافع عن ابنك يا رجل ..رح تقتلني ..و شو هو المنطق يالي يتحدث بيه و السعادة اللي
تشوه في معناها ..
اه اسفة انجرفت و را مشاعري و ادخلت الدالجة ..عذرا
اتوجه الي كيو
لك ذا الولد شو حبيتو ..
رح يكون اسم على مسمى لما يصير كيوت و نضيفواو التاء
شكلك اقتبستيه من كيوت ..امزح معك و بس
حبيتو مشاغبتو و كل شي فيه ..
لكان الملاك بتنجب ملاك سيد ساي هههه

حبيت البارت و كل روايتك
شكرا لك عزيزتي على التحفة النادرة
تحياتي


التعديل الأخير تم بواسطة ρεลяℓ|لُّـــؤْلٌؤًه‌ْ ; 05-31-2016 الساعة 12:34 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إجرامي بطبعك !! : أنا لَديْ أنتْ..مَشهد الجانب الآخر من الشبكةْ ،لولاك لِما رأيتُها | Haikyuu!! نِيلُوﭬـر - تقـارير الأنيميّ 19 03-03-2015 04:23 PM
شقق للبيع في اسطنبول,البحر,مطلة,الجانب الأوربي,الجانب.عقارات,الأسيوي,اسعار,سكنية,مجمع waleed855 إعلانات تجارية و إشهار مواقع 0 01-15-2014 05:36 PM
ناسا/ تصوِّر الجانب الآخر من الشمس لأول مرة سارة محمد منصور علوم و طبيعة 9 11-25-2013 07:05 AM
الجانب المضىء tahia ali أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 10 06-10-2011 02:14 AM
الخانة الرابعة من التنبيهات !!! احمد اطيوبه حوارات و نقاشات جاده 19 01-04-2011 07:58 PM


الساعة الآن 04:26 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011