وأنا أتمشى مع زوجتي في السوق، صافحني أحد الذين كنت أعرفهم منذ أكثر من عشر سنوات،
ثم حضنني وقبل كتفيّ أكثر من مرة.
تذكرته جيدًا، كان يحضر أحد المجالس وقد تعرفته إليه هناك.
وجدت ملامحه قد تغيرت كثيرًا، وأنه ليس ذاك الشاب العربي ذا الوقار والاحترام.
وأول ما تبادر إلى ذهني أنه قد يكون ابتلي بمرض خبيث سبب له هذه النحافة التي تكاد أن تفتك به في أقرب مقبرة.
سألني أن أسلفه خمسين ألف ريال على أن يسددها لي يوم غد، والخمسون ألفا مبلغ زهيد جدا. (لا تضاه الريال الإيراني بالريال السعودي).
أخرجت محفظتي في الحال وقدمت له المبلغ، بل ومسكت محفظتي مفتوحة أمامه وقلت له: خذ ما تشاء.
لكنه اكتفى بالخمسين ألفا وودعني بسرعة وذهب.
خاطبتني أم شروق لائمة: يبدو على صديقك أنه مريض، فلماذا لم تعطه أكثر؟

رأيته وبالصدفة بعد أشهر، وقد اشتد به الهزال، خاطبني بلغة الخجول:
لقد بحثت عنك كثيرًا لأرد لك سلفك، لكني لم أجدك؛ والآن لا أحمل معي محفظة نقودي، فخذ هذا القفل وبعه، يحتاج لتصليح بسيط!
وقدم لي قفلا يغطيه الصدأ من كل جانب لا أدري في أية سلة مهملات وجده.
تأوهت مازحًا: وأين مفتاحه؟!
قال جادًا: المصلح سيحل لك مشكلة المفتاح أيضًا.

تبين لي أن الرجل مبتل بمصيبة الإدمان، هذا المرض الخبيث الذي ما أصاب شخصًا إلا وهلكه وشتت شمله وحوّله إلى كذاب مجرم خطير.
غرقت في صمت كئيب، ولاذ هو الثاني بصمت طويل، ثم أطرق ثم نظر إليّ نظرة حزينة ما انفك حزنها يتتبع لحظات فرحي ليغتالها.
ولا أدري إلى أية جهة ألقي اللوم وليس بيدي حيلة غيره؟
هل ألوم المدمن نفسه على بساطته وضعف شخصيته وقد دمر حياته وحياة أسرته؟
أو ألوم المسؤولين المتهاونين مع بائعي المخدرات وقد أصبحوا يتاجرون في العلن يعرفهم القاصي والداني؟
أو ألوم المثقف لقلة علاقاته بالمجتمع وأنه لم يؤد واجبه التوعوي تجاه شعبه كما ينبغي؟
ألوم من؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اولا اسمح لي سيدي ان ابدي اعجابي بما خطته يداك
تعبير جد جميل يلمس اوتار القلوب ..
وخصوصا اذا كان الموضوع .. عن المدمنين
وهم بالذات الأشخاص الذين لم نستطع ان نجد لهم
حلا . ونحن لا نعلم ان كانوا ضحية ام مجرمين
ام كانوا هذا قبل ذاك ...
لنلخص حياتهم في بضع كلمات ولنقل انهم
"يقتلون أنفسهم بأيديهم "... انتحار من نوع اخر .
لقد قلت سيدي لأي جهة القي اللوم ؟
اقول لك الذي يلامون هم كثر .. والجميع مشارك في هذا
لو لم يبع هذا السم .. لو لم يدخل الى بلداننا اصلا ..
لو منعت الطفل من مخالطة السيئين .. لو انني نصحت
من رأيته لازال في البداية ...
ربما حتى انا وانت والجيع مشارك في جعل الشباب يضيعون ..
نقص الثقافة سيدي .. جعلت من الكثير يسلكون طرقا ستأدي بهم الى الهاوية
وازمة النصح والامساك بيد من بدأ في الطريق توا ... تقتل الكثيرين
وفضيحة القنوات التي تجعل كل شيئ يفعله الناس موضة او رجولة او....
دمرت مجتمعا بأكمله ...
ويبقى سؤالك الوم من ؟
كإغلاق قضية ضد مجهول .. لا نعلم له جوابا ..
او نعلم لكننا .. ننفي عن انفسنا هذه الحقيقة
شكرا على الموضوع الاكثر من رائع
تقبل ردي البسيط
ومروري
تحياتي

__________________

اخالفك الراي اخي
من كان متمسكا بحسن خلقه ودينه فلو وقع وسط بئر خمر ما شرب منه
ولو وقع في الف مصيبة مامد يده للحرام ولو وقع في حاوية مخدرات ما شم منها
اما من نفسه ضعيفة فسيقع فريسة للحرام
ليس دائما نجعل من المسؤولين شماعة اخطائنا
يعني لا نصلي فنلقي اللوم على المسؤولين؟
نتلفظ بالفواحش نلقي اللوم على المسؤولين؟
الزنا بانواعه نلقي اللوم على المسؤولين؟
كل انسان مسؤول عن افعاله
ولا تزر وازرة وزر اخرى
يوم القيامة المسؤول سيحاسب على تقصيره في اداء واجبه
وشارب الخمر ومدمن المخدرات وغيرها من المنكرات سيحاسب على ما فعل بنفسه وليس ياتي المسؤول ليحاسب عنه

أخي ..أؤيدك تمام التأييد لذا في ردي لم أقل مسؤولين..

بل خاطبت مجتمع، و كلامك صحيح فكل إنسان سيحاسب على فعله، لكن لكل فعل مؤثرات...

كمن يمنع عن طعام و شراب، لا تستطيع طلب عدم الشعور بالجوع و العطش، لذا لابد من تنقيح، المجتمع...
فاليكن الناس واعون...
أما عن الفعل، فالعبد نفسه قد اتخذ المعصية طريقه و عليها حسابه من رب العباد...