عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   نور الإسلام - (https://www.3rbseyes.com/forum5/)
-   -   سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 7 !! (https://www.3rbseyes.com/t500196.html)

abdulsattar58 02-13-2016 01:31 PM

سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 7 !!
 
سيدُّنا عليٍ عليهِ السَّلام - 7
سيرة
سيدّنا عليٍّ بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلام
مِنْ دروسٍ
لفضيلةِ الدكتور : محمد راتب النابلسي
حفظه الله تعالى وبارك فيه وبارك في علمه وعمره آمين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ , والصَّلاة والسَّلام على سيدِّنا مُحمَّدٍ الصَّادقِ الوعدِ الأمينِ , اللهمَّ لا علمَ لنا ، إلا ما علمتنا ، إنكَ أنتَ العليم الحكيم , اللهمَّ علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا , وزدنا علماً , وأرنا الحقّ حقّاً , وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً , وارزقنا اجتنابه , واجعلنا مِمَنْ يستمعونَ القول فيتبعونَ أحسنهُ , وأدخلنا برحمتكَ في عبادكَ الصَّالحينَ .
قالَ الإمامُ عليّ : " كونوا مِنْ أبناءِ الآخرةِ ، ولا تكونوا مِنْ أبناءِ الدُّنيا ، ألا وإنَّ الزاهدينَ في الدُّنيا ، قدْ اتخذوا الأرضَ بساطاً ، والترابَ فِراشاً ، والماءَ طيِّباً ، ألا وإنَّ مَنْ اشتاقَ إلى الآخرةِ ـ سلا عنْ الشَّهواتِ ، ومَنْ أشفقَ مِنْ النارِ ـ رجعَ عنْ المُحرّماتِ ، ومَنْ طلبَ الجنةَ ـ سارعَ إلى الطاعاتِ ، ومَنْ زهدَ في الدُّنيا ـ هانتْ عليهِ مصائبها ، ألا وإنَّ للهِ عُبَّاداً ، شرورهم مأمونة ، وقلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ، حوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً قليلة ـ لعقبى راحةٍ طويلة ، إذا رأيتهم في الليلِ ، رأيتهم صافِّين أقدامهم ، تجري دموعهم على خدودهم ، يجأرونَ إلى اللهِ ، في فكاكِ رقابهم ، وأمَّا نهارهم ــ فظماء حلماء ، بررة ، أتقياء ، كأنَّهم القِداح ينظر إليهم الناظر فيقول ــ مرضى ، وما بهم منْ مرضٍ ، ولكنَّ الأمرَ عظيمٌ " .
هذهِ مِنْ أقوالِ سيدّنا عليّ البليغة ، وذات مرّةٍ : رأوهُ يرتدي ثوباً مُرقَّعاً !!!! ، فقالَ : " هذا الثوب ، يصرف عني الزَّهوة ، ويساعدني على الخشوعِ في صلاتي ، وهو قدوةٌ صالحةٌ للناسِ ، كي لا يسرفوا ويتبذخوا ، ثُمَّ تلا قوله تعالى :
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( سورة القصص الآية : 83 ).
هناكَ تعليقٌ على هذهِ القصةِ : ففي العهودِ الغابرةِ ، كانَ مقبولاً مِن المرءِ ، أنْ يكونَ في ثوبهِ رقعة ، أمّا إذا أردنا ، أنْ نُطبِّق هذا الكلامِ ، على أيامِنا هذهِ ، فبعض الناسِ ، أحياناً يرتدي ثيابًا غاليةً ، ثيابًا ثمنها ، فوق دخل معظم الناسِ ، فإذا ارتداها وزها بها ، واختالَ بها على الناسِ ، فقدْ جانبَ سواء السَّبيل ، أمّا إذا ارتدى الثياب المعقولة ، فلا شيءٌ عليهِ .
مِنْ مواعظهِ أيضاً لأهلّ الدُّنيا :
يقول هذا الإمام الجليل : " إنَّ المُضمارَ اليوم وغداً السِّباق ".
الآنَ استعدادٌ ، كأيامِ الامتحاناتِ ، والامتحان : هو الامتحان ، وبعد الامتحانِ ، يُكرَّم المرء أو يُهان ، لذلكَ قالَ سيدُّنا عليّ : " الغِنى والفقر بعد العرضِ على اللهِ ".
ما قيمة الحياةِ الدُّنيا كلّها ــ إذا قيستْ بالأبدِ ؟ صفر ، ما قيمة السِّتين عامًا نعيشها في الدُّنيا ؟ ما قيمة ثمانينَ عامًا ؟ ما قيمة مئتي عام ؟ لا شيء أمام الأبدِ ، فعندما يضحِّي الإنسان بالأبدِ ـ أمام حياة قصيرة ، يكون في عقلهِ خلل ، لقولِ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاة والسَّلام :
" أرجحكمْ عقلاً أشدُّكم للهِ حُبَّاً ".( ورد في الأثر ).
قالَ : " إنَّ المُضمارَ اليوم وغداً السِّباق ، ألا وإنكم ، في أيامِ أمل ، مِنْ ورائهِ أجل " .
كُنْتُ في سفري الأخير ، إلى تونس ، وكنا ننتظر إقلاع الطائرةِ ، فالبضاعة تنزل مِنْ الطائرةِ ، ثُمَّ نزلَ صندوقٌ مكتوبٌ : المرحوم فلان ، أُنزِلَ مع البضاعةِ ، فهذا الإنسان ، كانَ شخصًا ــ فأصبحَ بضاعةَ ، أينَ وضعوهُ ؟ مع الشحنِ في الطابقِ السُّفلي ، وليسَ مع الركابِ ، والإنسان يا ترى حينما يتوقف قلبُه ، ما مصيره ؟ يصير خبرًا !!! .
" واعلموا : أنَّ مَلَكَ الموتِ ، قدْ تخطانا ، إلى غيرِنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا "
كنتُ في مدينةٍ اسمها : فاس ، هذهِ عاصمة إسلامية ، في بلادِ المغربِ ، أزقتها ضيِّقةٌ جداً ، أعجبتني لوحة كُتبَ فيها : صَلِّ قبلَ أنْ يُصَلَّى عليكَ , أي : على المسلمِ العاقلِ ، أنْ يدخل المسجد ليُصلَّي ، فإنْ لمْ يدخله ليُصليَّ ، سوفَ يدخلهُ مرّةً : ليُصلَّى عليهِ ثُمَّ قالَ : " فَمَنْ قَصَّرَ في أيامِ أمله ، قبلَ حضور أجلهِ ، فقدْ خابَ عمله " ، مَنْ قصَّر ، في أيامِ أمله ، يعني قصَّرَ ، في معرفةِ اللهِ في الدُّنيا ، قصَّرَ في طاعتهِ ، قصَّرَ في العملِ الصالحِ ، قبلَ حضورِ أجله ، فقدْ خابَ عمله .
" ألا فاعملوا للهِ ، في الرَّغبةِ ، كما تعملونَ لهُ في الرَّهبةِ " ، معظمُ الناسِ عندَ الشِّدةِ يتضرعونَ ، وفي الرَّخاءِ ، لا مشكلةٌ في صحتهِ أبداً ، ولا في بيتهِ ، ولا في أولادهِ ، ولا في دخلهِ ، ولا في عملهِ ، فتجدهُ كسولاً ، لكنْ في الشدَّةِ : يا رب ، يا رب ، الأكمل والأجدى , أنْ تقولَ : يا رب ، وأنتَ صحيحٌ ، أنْ تقولَ : يا رب , وأنتَ غنيٌ ، أنْ تقولَ : يا رب , وأنتَ مُعافى .
" ألا وإني ، لمْ أرَ كالجنةِ ــ نامَ طالبُها ، ولمْ أرَ كالنارِ ــ نامَ هاربُها ، ألا وإنَّ مَنْ لمْ ينفعهُ الحقُّ ، ضرَّهُ الباطلُ " ، ليسَ مِنْ إنسانٍ حيادي تماماً ، إذِ الجنة هنا ، والنار هناكَ ، والإنسانُ بينهما ، فإذا ابتعدَ عنْ الجنةِ ، اقتربَ حُكماً مِنْ النارِ ، والإنسان ، إذا لمْ يلتفتْ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، سيلتفتْ إلى الدُّنيا ، وإنْ لمْ يكنْ عبداً للهِ ، سيكون عبداً لعبدٍ لئيم ، وإنْ لمْ يمتلئ قلبهُ بحبِ الحقِّ ، امتلأَ بحبِ الخلقِ ، نفسكَ ، إنْ لمْ تشغلها بالخيرِ ، شغلتكَ بالشَّرِ ، هذا كلام سيدّنا عليّ .
سيدُّنا عليٌّ طردَ الدنيا مِنْ قلبهِ ولمْ ينسحبْ منها :
لكنْ ، قدْ تتوهمونَ ، أنَّ هذا الإمام الجليل : انسحبَ مِنْ الدُّنيا ، وتركها لأهلِّها ، ولمْ يعتنِ بها ، وكأنهُ عاشَ على هامشِ الحياةِ ، لا ، فالدُّنيا خطيرةٌ جداً ، وهي مزرعة الآخرة .
وعنْ المستورِ رضيَ اللهُ عنهُ , قالَ : كنا عندَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فتذاكروا الدنيا والآخرة , فقالَ بعضهم : " إنّما الدُّنيا بلاغٌ للآخرةِ ، فيها العمل ، وفيها الصَّلاة ، وفيها الزَّكاة " . ( أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ).
استمعوا بعنايةٍ فائقةٍ إلى وصفِ هذا الإمام الجليل للدُّنيا ، قالَ :
" الدُّنيا دار صدقٍ لِمَنْ صدقها ، ودار نجاةٍ ، لِمَنْ فهم عنها ، ودار غنىً وزادٍ ، لِمَنْ تزوَّد منها ، مهبط وحي الله ، ومسجد أنبيائه ، ومتجر أوليائه ، ربحوا فيها الرحمة ، واكتسبوا فيها الجنة " ، فاستمعْ إلى الآية الكريمة تبيَّنْ معناها ، فحينما يدخل أهلّ الإيمان الجنة , يقولونَ : ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( سورة الزمر الآية : 74 ).
لولا أننا كنا في الدُّنيا ، وعرفنا اللهَ في الدنيا ، واستقمنا على أمرهِ في الدنيا ، وتقربنا إليهِ في الدنيا ، وأقبلنا عليهِ في الدنيا ، لما كنا الآنَ في الجنةِ , فإذا كانَ الطبيبُ لامعًا ، ودخلهُ كبيرًا ، وكانَ أيام الدراسةِ ، في الجامعةِ يمقتها , فلولا هذهِ الأيام ، لما كانَ في هذا المقامِ ، ولولا ذلكَ الشقاء ، في نظرِ الكُسالى ، لما كانَ في هذهِ البحبوحةِ , قالَ تعالى :
﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( سورة الزمر الآية : 74 ).
يتبع رجاءاً
جمعها مع التنسيق
عبد الله الراجي لعفوه ورضاه تعالى


الساعة الآن 08:42 PM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011