عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #36  
قديم 12-28-2015, 11:31 AM
oud
 
شـــّابترّ الثّانيّ و العـّشرين

بيّن طّيات الورقّ و ذّكرياتّ الأياّم بّعيدة الأمدّ


فيّ ظهيّرة يّوم الأربّعاء بّقصر لبيّر ذوّ صّيته المشهورّ كّان فيّ تلكّ القّاعة الكبيّرة بالطّابق الأولّ يّقف كّلاهماّ مواجّهين بّعضهماّ بعضّا ،
ماّري بّنظرّّاتها المرتبكة و تّنفسهاّ المضّطربّ شّفتيها تّرتجّفان بّعد همسهاّ لاعترافها بّمشاعرهاّ لأولّ مرة لشاب هوّ حبّها الأول فّعادتّ
تّحاكي نفسهاّ بّشجون و نغّمات كلّماتها المرتّجفة ترنّ فيّ أذنه كّالصدّى
ـ نايتّ ، أنـّا أحببتكّ منذّ الوهلة الأولى التيّ رأيتكّ فيهاّ
بينماّ كانّ نايتّ ينـظرّ إليها بّعينينّ داّكنتينّ زرّقاوتينّ شبهتان بّجو لندنّ الغاّمض يّضع كّلتاّ يديّه فيّ جيبّ سترتهّ الرماّدية و يّرمقها بّهدوء
لماّ تهاوتّ بينّ عينيهّ ذّكرى لشابة تّحضنه منّ الخلفّ و تهمسّ بّحبها لهّ بّكل صدّق زيّنت شّفتيها الحمّراوتين ابتسّامة مرحّة رّقيقة عندّها
تحدثّ بّنبرة بّاردة سّاخرة
ـ حقاّ ؟ إذّن ماهوّ نوعّ الحب الذي تكنينه لي يا ماري ؟ أهوّ حب النفوذّ و الشهرة ؟ أمّ حب البذّخ و الراحـةّ ؟ أيهماّ ؟
نظرّت إليه بعينينّ منكّسرتينّ و كاّدت الدموعّ أن تّفلت من مقّلتيها لوّلا أنهاّ تماسكتّ فيّ آخر لحـّظة و بالٍّرغم من كلّماته السّاخرة لاعتّرافها
الصادقّ رفّضت أنّ تستسّلم فّهاهيّ تبتسمّ بكلّ لطفّ كعّادتها مّجيبة إّياه
ـ إنهّ ذلك النوعّ الذيّ لاّ يتواجدّ فيّ قاّموسكّ ، حّبي نادرّ و مخلّص لنّ يّدّنسه الماّل و لاّ الشهرة فهلّ ستصدّقني إنّ قلت هـذاّ ؟
ابتسمّ لوهلةّ ثمّ ضحكّ بّقوة ممسكاّ بّمعدته ، بينماّ غاّدر فرانسوا مّسرعا إلى الخاّرج كيّ يّراقب المكاّن فيّ حينّ صدىّ ضحكاّت نايت الهستيريةّ
تتعّالى بالقّاعة غيّر مبّاليا بّدهشة ماريّ هلّ ما قّالته مضّحك ؟ هلّ مشّاعرهاّ شّيء كالمّزحة ؟ شدتّ قّبضتهاّ بّقوة متّمالكةّ أعّصابها ثمّ قّالت
بنبرة هادّئة
ـ هلّ مشّاعريّ نكتّة ؟ هلّ الاعتراف بّحبي مثّير لسّخرية إلى درّحة تجعّلك تّضحكّ بّهستيرية ؟ عـذراّ لكّن هلاّ تحدثّت بّجدية ؟
ابتسمّ بّسخرية ثمّ اقترب منهاّ لّيحيطّ وجّنتيها بّيديّه ، أنّزل رأسه قّليلا راّمقا إياهاّ بكلّ برودّ فّباّدراته بنـّظراتها الجدّية و الصاّدقة فّتكلم بنبرةّ
مبحّوحة حادّة
ـ أيتهاّ الحّقيرةّ أتّريدين التحدثّ بجدّية بينماّ أنتّ تّلعبينّ بذّيلك حولي ؟ أتّظنينّي فّعلا بتلكّ السّذاجةّ لأصدقّ أتفه كذبّة ألقيت عليّ ؟ أفّعلاّ تّظنين
أننيّ سّأبّادلك الحّب ؟ ألاّ تّعلمين مكاّنك ؟ كمّ مرةّ أخبرتكّ و كمّ مرّة سأضطرّ أن أخبركّ ماري ؟
اقترب منهاّ أكثّر و أكثّر لّتلامسّ شّفتيه أذّنها ثمّ همسّ بّحّروف مّتباّعدة و حاقدّة كّلماتهّ المّسمومةّ التيّ تنصّب ناّحية قّلبها كّجرعة تّقتاتّ علىّ ألمهاّ
ـ أنتّ إمرأةّ قدّ بّاعتّ نفسهاّ من أجلّ بّضعة دّولارات ، أّتعلمين ما يسمّي المجّتمع هذاّ النوع من النسّاء ؟ إنهّا سـّافلة
ابتسمتّ بّقهر و غّيضّ شديدّ غّير قّادرة على كتّم دّموعها بّعد الآن فّدّفعته و التفتتّ مسّرعة لتّركض خاّرجة منّ هذاّ القّصر و قدّ باتت
جدّرانه تّغلق منّ حولهاّ ، لقدّ مرّ أّسبوع حاّولت فيه كلّ شيءّ و جّربت كلّ شيءّ لتّفوز بّحبه فّلماذاّ قلبه الفّولاذيّ يأبّى الانصهار ؟ لمّا
كلّما اقتربت منهّ ابّتعد هوّ أكّثر ؟بينماّ أمسكّ نايتّ رأسهّ ضّاغطّا عليه بّقوة و قدّ شحّب وجّهه كّأن الموتّ قدّ زاّرته حيّن داّهمتّه ذّكريّات منّ
كلّ جّهة لّيخر سّاقطّا على ركّبتيه ، عّادت تلكّ الفتـّاة تّظهر مجدداّ وسطّ صوتّ قطّرات المطّر علىّ زجاّج النافذّة بينماّ هيّ تجّلس بكلّ بّرود علىّ
الكّرسي كّضّبابّ بّابتسامتهاّ الرّقيقة المّثيرة همسّت له و مّلامح الجّمودّ غّزتّ كلّ إنش فيّ جسدها لّيظهر رجلّ ماّ يبّتسم بّكل برود واّقفا علّى
عتبة البّاب راّمقا إياهّ بكلّ بإحتقار و قّرف فّصرخّ بّألمّ مّبعداّ ذّكراها عندّما دّخل فرانسواّ مسّرعا أحاطّ كتفيه بذّراعه و أسندّه كيّ يّقف لّكنّ
الأخيرّ قدّ فقدّ وعّيه هاذّيا بكّلمات لا معنى لها ،فسّارع فّرانسوا بّرميّ ثّقل نايت علىّ كاهله و هو يّعبر الأّروقة و الغّرف بخفّة ضّاهت الّرياح
جّعله يسّتلقي على الأريكّة ثمّ نادىّ بأعلى صوتهّ بّاسم خّادمّة ذّات خصّلات شّقراء تًّصل إلى كّتفيها و عينينّ واسّعتين عّسليتين كيّ تأتي مسّرعة
و الرعبّ يعلو وجّهها ، فّتحدثّ فرانسوا بّحدة
ـ سوزيّ أطلبيّ الطّبيبّ و أعثّري على سيدّة ماري
أومأّت إيّجابا ثمّ خرجتّ راكضّة لتنفذّ ماّ أمرهاّ فرانسواّ بينماّ تنهدّ هو بأسى ، كيّف لنايت أنّ ينهار و بهذه الفترة العصيبة ؟ كيفّ له أنّ يفقدّ
السيّطرة على نفسه و جميّع الأعينّ تنتظرّ سّقوطه بلهفة ؟ يجبّ أنّ لا يسمعّ أيّ أحدّ بما حدثّ حتىّ سكاّن القّصر فّأغلقّ بابّ الجّناح بأكمله ثمّ
رفّع الهاتف ليّقوم بّالاتصال بّطبيب، هامسّا بخفوت
ـ ماّ الذيّ يحدثّ لك نايت ؟
بّعيداّ عن تلكّ الضوّضاء كـّانت هيّ تجلّس فيّ الحديّقة علىّ أرجوّحة طّويلة منعشة مسندّة رأسها على ركبّتيها بّقليّل من اليـأس و كثّير من
الألمّ ، شعرهاّ البنيّ انسدّل على جّبهتهاّ مّداعباّ رموشهاّ الطويلة المّغدقة بّدموعّ أبتّ إلاّ و الاستسلام لهذاّ الحزن الذيّ يعتري قّلبها ، تأوهتّ
بّكل تعّب ثمّ أغّلقت جفنيهاّ مرّجعة رأسهاّ للورّاء و ضامه يدّيها إلى صدّرها ،
ماّ الذيّ تحّاولين فّعله ماريّ ؟ أفّعلا تّظنينّ أنّك ستفوزينّ بحبه ؟ إنهّ ليسّ من مسّتواك ماّري و لاّ أنتّ من عّالمه فما الذيّ تّريدين إثّباته بشدةّ ؟
هذاّ ما همسّت به لنفسهاّ مفكّرة ، إنهاّ تّعلم منذّ البداية أن حبه لشيء مستحيل الحصول عليه و أن كلماته المسمومةّ قد إعتادتّ تجرع منّ
حزنها فلماّ سّماع أذنيهاّ لحروفهّ القّاسية و جّمله المحتقرة يجّعلها بّهذاّ الألم ؟ كأنّ آلاف السّكاكين تّغرز جميعها فيّ صدرهاّ
إنهّ نايت لبيرّ ذلكّ الرجلّ الذيّ قررّ خطّبتها لهّ و دفّع دينّ والدّها ، جعّلها تّرميّ خوفّها من المجتمعّ جاّنبا و تّسير فيّ الأروقةّ محاولةّ إنقاذّ
أسرتهاّ و الأهمّ جعّل قّلبها يّنبض بقوةّ كلماّ رأتهّ عينيهاّ فبّعدماّ تركهاّ تسلمّ لهّ قّلبها بّابتسامةّ رماّه أمامّ قدّميه بّملامحّ باّردة ، عّادت تتنهدّ
بّخفوتّ ، لكنهاّ ليست نادّمة
رفّعتّ هاتفهاّ المحمولّ الورديّ و ضّغطتّ علىّ إسمّ ويّليام لتنيرّ صّورته الشّاشة ذّو ابتسامة بّشوشة و عّلامة النصّر المّرتفعة ، إنتّظرتّ
و إنتـّظرت عندّما رنّ للمرةّ الثالثةّ و لمّ يجبّ فّاستسلمتّ و قّررت أنّ تّبعث له رسّالة نصّية قّصيرة
ـ آهـلاّ ويليّام ، كيفّ حالّكّ ؟ لقدّ مرتّ فترةّ طّويلة لمّ أركّ فيهاّ و قدّ اشتقتّ إليكّ فعّلا كذّلك سيدّة فرانّسيسّ و فّلوراّ كلتاهماّ قلقّتين عليكّ لحدّ
الجنونّ ، لاّ تجهدّ نفسكّ حسنا ؟ أيضّا أسرّع بالّعودة لتّصنع ليّ المزيدّ من حلّوى ويّليام المنعشةّ
ضحكتّ لوهلة على جملتها الآخيرة ثمّ استلقت بّهدوء تنـظرّ إلى السماّء ، عينيهّ يّشبهانّها بّشدة مّظلمتين و بـآهتين كّجو لندّن لمّ يسبقّ لها و
أنّ رأتّ شّروق ابتسامته و فّرحة روحّه ،

/

فيّ مبنىّ سيدّة فرانسيسّ كانتّ فلور تّقف أمامّ باّب شّقة آرثّر منذّ ما يّقارب نصّف سّاعة و كلماّ رفّعت يدّها لتّقرع الجرّس خانتهاّ قوتهاّ و
ثـآرت أعّصابهاّ ملتهمّة أيّ شيءّ حولهاّ و الآن بّعد أنّ تمالكتّ نفسهاّ قّررت أنّ تدقّ الباّب أفّضل فّطرّقته لمرّتين ثمّ أربـّع ثمّ ثـّمانية لكنّ لا
مجّيب لذّلك هزتّ كتفيهاّ بلا مبّالاة و كأّن رغّبتها فيّ عدمّ لقائه قدّ تحّققت عندّما وجدتّه يّقف أمامّها ممسكّا بّكيسّ ماّ ملّيء بّعلبّ جّاهزة التّحضيرّ ،
ابتسمّ بكلّ هدوءّ ثمّ أومـّأ بّالتحيّة و تخطّاها مبّتعداّ ، لكنهّا نادّته بّصوتّ عاليّ
ـ آرثّر ،
التفتّ ناحيّتها راّمقا إياهاّ بّقّليل من الإستغرابّ ، فّتنهدتّ فلور بكلّ كره و هي تتقدّم منه مادّة يدّها إليهّ ، قّالت بّبرود و هي تنـّظر فيّ الأرجاّء
ـ لماّ لا نمحيّ ذّكرياتناّ السيئة و نصّنع صّفحة جديدّة ؟
رمقّ يدّها بّاستنكارّ ثمّ حّركاتهاّ المتوترّة و وجّهها الأحمرّ القانيّ منّ كتمّ أعّصابهاّ الناّرية ، إذّ أن موقفّها يدّل على كونهاّ تـّرغب فيّ قتله
أكثّر مماّ تّرغب فيّ أن تكونّ صدّيقته لكنهّ أمسكّ يدّها و صّافحها بكلّ لطفّ مظهراّ ابتسامة فاتنة على شّفتيه
ـ مرحبّا ، أنـا آرثرّ غلوريّ جاّر الجديدّ فيّ المـّبنى و أنتّ آنستي ؟
ضّربته فّلور على كّتفه بّقوة لّيبتعدّ عنهاّ مسّرعا متألماّ بكلّ صدقّ فّصآحتّ بّه بّنبرتهاّ العصبيةّ ذآت الآوتارّ العـّالية
ـ أتّظننيّ متخّلفة أمّ ماذاّ ؟ ليسّ إلى تلكّ الدّرجة لقدّ قلتّ الذّكريات السيئّة أيهاّ الأحمقّ
ضحكّ آرثّّر بّخفة و ابتعدّ أكثّر بّخطوتينّ ثمّ قّال بّنبرة مازحـّة
ـ لكنّ منذّ أن عـّرفتكّ و جميعّ الذكريّات التعيسّة تنـّهال علّي من جاّنب
رمقّته فلور بّعصبية شديدّة ثمّ غـّادرتّ مسّرعة و هي تشّتم بقوةّ كلّ ما يّقف فيّ طرّيقها ، إنهّ الوسّيلة للحّصول على غـآيتهاّ هيّ آن تكونّ
على وثّاق مـّع آرثر إبن ليكسيّ لكنّ ذّلك يبّدوا صّعباّ فّكيفّ لا و آرثّر هو ذلكّ الفتىّ الذيّ دوماّ ماّ يثيّر آخر ذّرة سكونّ بّنفسهاّ ، لكنهاّ لن تستسلمّ
سّتصبحّ صدّيقته و ستجّعله حتمّا يّعودّ إلى المنـّزل طاّلباّ السماحّ من والدّه و حيّنها فقطّ حينهاّ سّتعرفّ أينّ هي والدّتها و مهماّ تطلّبها الآمر
سّتعّمل على جـّعل مسّعاها حّقيقة ، فابتسمتّ بكلّ حماسّ
عندّما وصّلت إلىّ شّقتها نـّظرتّ إلىّ شّقة ويّليام المّقابلة لهاّ و تنهدتّ بكلّ أسى ، ذلّك الشّاب إنهّ يعانيّ منّ حبهّ ذو الطّرف الواحدّ و يّحاول
أنّ ينساه عّبر الإحتـّفال و الغناّء معّ أوسكارّ فّاقتربتّ منّ شّقته و وضّعت بطاّقة ماّ فيّ الأسّفل داّفعة إياهاّ إلّى رواقّ منزله ثمّ همستّ بّحزن
ـ لوّ أنكّ تّلتفتّ فقطّ حولّك سترّى أنّك لسّت الوحيدّ الذيّ يّعانيّ ويّليام ، أيهاّ الأّبله
تنهدتّ و دّخلت الشّقة ، رّمتّ معطّفها الجّلديّ البنيّ علىّ الأرضّ و شّغـّلت التلفازّ بمّلل لتجّلس على الأريكّة لتشّاهد الأخبّار على غّير عـّادتهاّ ،
كانّ المذيّع يتحدثّ عنّ إنهّيار شّركة جونسونّ المرّعب و حالّ رئيسهاّ الذيّ أدّخل فيّ غيبوبة أخيّرا إختفاّء ابنه جايسونّ وريثّ الشركةّ عنّ
الأنظاّر فتحدّثت بّأسى
ـ ذلكّ الرجلّ أمضى أّسبوعا فيّ فرنسّا فّعادّ و هو مّدمر لّجميع شّركاتهاّ، شيطّان مثله أخذّ أختيّ الطاّهرة زوجّة و قدّ قاّلت أنهاّ تحبّه ؟ أيّ جزّء
محببّ فيّ هذاّ الشيطّان ؟
مدّت يدّها ناحيّة المائدّة و أخذتّ علبةّ بطّاطس حلّوة لّتأكلّها بينماّ هيّ لا زالت تتمتمّ بّشتائمّ عدّة ، بّقيت للحـّظات سّاكنة تشّاهدّ نشرة الأخبارّ بلا
مبّالاة ثمّ أمسكتّ هاتفهاّ و هي تشتمّ المذيّع تنهدتّ بأسى عندّما لمّ تجدّ أيّ رسّالة أو مكاّلمة منّ ويليام لكنّ فجأة رنّ هاتفهاّ ليتصدرّ أسمه شاشتها
فشهقتّ بدّهشة و سّارعت بالردّ محضّرة بوابلّ من التوبيخات ، عندّما انتقل إلى مسامعهاّ صوته الهادئ المخمليّ
ـ صّباح الخيّر فلور ، أرجوّا أنّ لا أكونّ قدّ أزعجتّك ؟
ابتسمتّ بّفرح و أومأتّ نفيّا مسّرعة كأنهّ يّقف أمامهاّ ثمّ أجاّبته بّضحكّة و هيّ تلفّ الغطاّء حولهاّ بكلّ دفء ثمّ غّيرت نبرتهاّ حالماّ تداّركت نفسها
ـ لاّ على الإطّلاق بّل كنتّ سأتصّل بكّ ، ويّليام متىّ ستعودّ ؟ أعنيّ إلى متىّ تنويّ البقاّء هناكّ آيها الأبله ؟ هل الأستراليّات بذلكّ الجّمال الخلابّ
الذيّ يجّعلك تّقرر الإستقرار هناك ؟ أيّضا لقدّ تعبتّ من ترتيبّ شقتك معّ سيدّة فرانسيسّ لذاّ أسرع بالعودةّ
فّركّ جبّهته بّقليلّ من التعبّ و هو ينـّظر حّوله إلىّ تلكّ القـّاعة الكبيّرة التيّ بهاّ أفضلّ المصّورين المستعديّن لّنقلّ صّوره على الانترنيتّ ، منتّظرين
أيّ حرّكة تصدرّ منه ّ فهمسّ
ـ إنه ليسّ الوقت المناسّب للغضبّ ، استمعيّ لقدّ وجدتّ إتصالاتّ عديدّة من ماري و حاولّت أنّ أتّصل بهاّ أو بنايتّ لكنّ لا مجيبّ لذّلك تّفقدي الوضّع
ثمّ أخبرينيّ حسناّ ؟ أناّ ذاهبّ الآن لديّ حفلةّ موسيقيةّ
ثمّ أغلقّ السماّعة بينماّ بقيت هيّ تنظرّ إلى الشّاشة بكلّ برودّ غيّر قادرة علىّ التفوهّ بأيّ شيء فكيّف لهّ أنّ يّقلق على ماريّ فقطّ لإتصّالها به
مرتينّ أو ثّلاثة بينماّ هيّ التيّ تحاولّ مساندتّه لا تلقيّ حتى كلمةّ يسأل فيها عنّ أحوالها و لوّ كان الأمرّ مجاّملة ، فّتجاهلتّ ماّ طّلبه منها و
هيّ تّقفّ بكلّ هدوءّ لترتديّ معطّفها و تّخرجّ محاولة استنشاقّ القليلّ من الهواء المنعشّ ،

/

فيّ الكّلية كانتّ كليّر تلكّ الشـابة ذاّت الشّعر الأشقرّ الطّويلّ اللامعّ المتّموجّ تجلّس بّكل استقامةّ فيّ إحدىّ الكراسيّ المنتشرة بكثّرة فيّ
الحديّقة ، واضعة على الطاولة التي أمامهاّ كتابّا لكاتبتهاّ المفّضلة جين أوستن و قدّ كاّنت بالفّعل مندمجّة معّ أحداثّ الروايةّ عندّما تقدمّ شخصّ
ما ليجلسّ بجانبهاّ حاملاّ علبةّ مياه معدنيةّ
فّرفّعت رأسها ناحيته ّلترمقه بكلّ مللّ ، شّاب يبدواّ أكبرّ منهاّ ربماّ بخمسّ سنينّ أو أقّل ذو شعرّ أسودّ حريريّ تساقطّ على وجههّ الأبيضّ الشاحبّ
و عينينّ سوداّوتينّ كالظّلام تماماّ يّلف رّقبته بّوشاحّ أسودّ و يّرتديّ معطفّا بنفسّ اللونّ ، ابتسمّ بّكل هدوء و تحدثّ
ـ آنسة كليرّ غلوري أليس كذلك ؟
أومأّت بّالإيجاّب و عادتّ تّقرأّ كّتابها بعدّم إهتمامّ له فّاتسعتّ ابتسامتهّ لا إرادّيا و اقتربّ منهاّ أكثرّ لّيلتقطّ صورةّ معهاّ فّشعرتّ بالدّهشة و كادتّ
نّ تلكمه لولاّ أنّه وقفّ بكلّ هدوء عّائداّ من حيّث ماّ آتى ،
تركتّ حقيّبتها و ركضّت خلفهّ لتمسكّ ذّراعه جاّعلة إياه يستديّر ناحيتهاّ ، نزعّت الهاتف من بينّ يديّه ثمّ نـّظرت إلّى صورتهاّ التي كان على وشكّ محوهاّ
و رمتّ الهاتفّ علىّ الأرضّ بّقوة لكيّ ينكسّر فتكلمتّ بنبرةّ غاّضبة حادّة
ـ ما هذاّ التصّرف ؟ تلتقّط صورّا لناسّ بلا إرادّتهم ثمّ تمحوهاّ أهو نوعّ منّ الانحرافّ أم ماذاّ ؟ بحقّ الله ما هذاّ ؟
نظرّ إلىّ هاتفهّ المرمّي ببرودّ ثمّ رمقّها بّعينينّ آكثّر غمقّا ، و بحرّكة سّريعة لّف ذّراعها إلىّ الخلفّ داّفعا إيّاها إلىّ الشجّرة كيّ يّرتطّم جسدّها
بّقوة عليهاّ ، اقتربّ من أذّنها و همسّ بنبرةّ حادةّ
ـ آنستيّ ما هذاّ الحظّ الجيدّ الذيّ تملكينه لولا مزاجيّ الجيدّ لكنتّ فيّ عداد الموتى
صّرخت بألمّ و هي تحاولّ التمّلص من قّبضته لكنهّ تركّها بّعدم اهتمامّ ليكّمل طّريقه بّكسّل هازا رأسه ذّا اليمين ثمّ الشماّل غيّر قادّر على تعبيّر
أسفه الشديدّ لّخسارة هاتفه عّندماّ صّاحت كليّر به بّعصبية مستجّمعة شجّاعتها ممسكةّ بذّراعهاّ التيّ قدّ ظهرّ بها احمرار طفيف
ـ منّ أنتّ ؟ ألاّ تّعرفّ من أناّ لتتجرأ بالاعتداء عليّ سّوف أخبّر الشرطّة فقدّ رأيت ملامحكّ و سأحرصّ على زجكّ بالسجّن أيهاّ المخّبول
توقفّ عنّ السّير و قدّ كادّ يّضع كلتاّ يديّه فيّ جيبّ معطّفه بينماّ خصّلات شعرهّ الحريّري تّغطيّ وجّهه لكنّ هذاّ لمّ يمنعّ كليّر من لمحّ ابتسامتهّ
البّاردة المزيّنة على شّفتيه ، استداّر ناّحيتهاّ رامقّا إياهاّ ببرودّ و تهديّدها لمّ يّعطه قّدرّا من الإهتمامّ فّأجاّبها بّنبرة متّعجرفة ذّات لكنةّ غّريبة
ـ دّعيناّ نقلّب الطّاولة و نوجهّ الّسؤال إليكّ آنسة كليرّ ، أتّعرفينّ من أكون ؟ سّيكون جّوابكّ نافّيا بالطّبع لذّلك سوفّ أخبرك ، أناّ الشّاب الذيّ سّوف
يّدمركمّ جميّعا أيتهاّ العّائلات العريقة
صمّتت بدّهشة و عينيهاّ تّراقبانهّ بّصدمةّ ، كيّف له أنّ يتحدثّ بمثّل هذّه الثقةّ ؟ كيفّ له أنّ يمتلكّ هـذّه القوة ؟ فاقشعر بدّنها بأكمله و تّلعثمتّ
محاولة إيجادّ كلّمات مناّسبة لّتلقيها عليهّ لكنّ صوتهاّ قدّ خانهاّ لّيبتسمّ هو بكلّ مرحّ
ـ لشجّاعتكّ بالردّ تستحّقين أنّ أطّلعك على إسمّي ، أدعى ديميتريّ
انحنىّ بّلباقة شديدّة مّعاكسة لتصّرفه العنيفّ قبلّ قليلّ ثمّ انصّرف بخفّة و خطّواته تنافسّ سكونّ ضّبابّ لندّن ،

/

فيّ مكتّبه حيثّ تلكّ الأوراقّ المتّراكمة التيّ بحاجة مّاسة لمّراجّعة و ملّفات المّرمية بكلّ إهمالّ على السجادّة بحاجّة لتوقيعهّ و المّضي قدّما
فيّ مشّاريع جديدّة ، كانّ كاّيل مّغلقاّ عينيهّ الخّضراوتين بّهدوء محاّولا التـّركيز فيّ عملّه لكن دونّ جدوى فّما إنّ يمسكّ القلم حتىّ تنهل عليهّ
كلّمات نايتّ الخّبيثة و الماكّرة كّرنينّ فيّ أذنيه ، لقدّ اكتشفّ حيلته في التخلصّ منه و كيفّ ذلك ؟ لقدّ قام هو بكّشف خطّته بنفسهّ
تنهد بّقلة حيّلة مفكـّرا ، نايتّ الآن يّعلمّ أنه حاولّ قتلّ ماريّ و التخلصّ منه فيّ آن واحدّ كّضرب عصّفورين بحّجر إذّن لنّ يمرّ وقّت طّويل حتىّ
يحـّاول أنّ يعيدّ له الدّين لكنّ متى ؟ و لماّ لم يتحركّ حتّى الآن ؟ أهو يريدّ القّضاء عليهّ بّحركة مباغتة ؟ همسّ بّنبرة سّاخرة
ـ ذلّك الحّقيرّ يحبّ دوماّ عنصّر المفاجئة ،
زفّر ثمّ عادّ يغلقّ عينيهّ ليبتسمّ بّبرودّ ، نايتّ بالرغمّ من الوحشّ الذيّ يّحتويه بدّاخله إلاّ أنه ضّعيف إذاّ تّعلق الأمرّ بالعـّواطفّ و هو لنّ يتجرأ
علىّ القّضاء عليهّ هو ، صديّقه العـّزيز و المّقربّ سّابقا أيضّا ابن خالهّ الوحيدّ ، ضحكّ بّسخريةّ مجدداّ مستهزئا بأفكاّره الجّنونية
ـ ما هذاّ ؟ سّوف يّدمرني و يّدوس على معدّتي دونّ أنّ يرّف له جّفن فّنايت الذيّ أعّرفه و الذيّ جّميعناّ كناّ نعـّرفه قدّ تـّغيرّ ،
نـّظر إلى ورقة ما كان يمسكّها منذّ فترة ثمّ رماها خلفه بلا مبالاة ليّضع كلتا قدّميه على مكتّبه ذّو الطّراز الفّخم و سحبّ هاتفه من جّيبه ضّاغطا
على أغنيةّ ما تاركاّ الموسيقى تصّدح فيّ الأرجاّء بّكل صّخب و إزعاجّ بينماّ كانّ سكّرتيره فيّ الخارجّ يّقف بّكل توتر أمامّ الباّب خاّئفا إنّ تمّ
ضبطّ رئيسه بّهـذّا الموقفّ حينّ لمحّ إليّزابيثّ تسيّر فيّ الرواقّ بّفستانهاّ الحريريّ القّصير و معطفّها ذوّ الفروّ الصّافي فّإرتبك و دّق البّاب مسّرعا
لّيقوم بفتحّه ، لوحّ بّيدّيه لّكايلّ الذيّ استقامّ فيّ جلسته و قّال بنبرة مرتبكة
ـ هياّ أسرع و خذّ جميع الأوراقّ ،
أومأّ السكرتيرّ بّالإيجاّب و سّارع لتنّظيف المكتّب بّأقصى ماّ امتلكه من سرعة ثمّ ركضّ خارجاّ ، حيّنما وصّلت إليزابيثّ تقدّم سكرتير بّلباقة
عاليةّ و فتحّ الباّب لهاّ ابتسمتّ و قالت بغرور
ـ بذّلتك غيّر مرتبة و ربطّة عنقكّ ماّئلة، أيهاّ السيدّ زوجيّ يّعمل بجّد طّوال الوقتّ لذّلك إنّ كنتّ غيّر قادّر على القّيام بّعملك فقدم استّقالتكّ لأنكّ تحرجّ زوجي
رمقّها السكرتيرّ بّبرودّ و استدار متجها إلى مكتبه حيثّ كمية الأوراقّ المتراكمة تلكّ فيّ انتظاره بينماّ هو يغليّ من الغّضب و الغيضّ فيّ
داخله فدوماّ ما يتسترّ على أخطاّئه و يحاول جاّهدا أنّ يجّعله جادّا فيّ عمله لكن دوماّ ماّ يتلقى هو اللومّ ، فّهمسّ بّحدة
ـ فّعلا الجمالّ ليسّ كاملّا بّشخصيتهاّ المتعجرفةّ تلكّ أراهنّ أن السيدّ لن يبقى معّها إلاّ لشهرين أوّ أقلّ، سافلة
بينمّا ابتسمتّ إليزابيثّ بكلّ جاذّبية و هي تطّبع قبلةّ صغيرة على خدّ كاّيل ، جّلست علىّ حاّفة المكتّب و قّالت بّنبرة ضجّرة متلاعبةّ
ـ أنـّا متعبّة جداّ عزيزيّ فمدّيرة أعماليّ أرهقتني و بّشرتي أّصبحت جاّفة مّن شدّة الإهماّل و جدّول الأعماّل المتراكمّ فماّ رأيكّ أن نـأخذّ عطلة
صغيرة نذّهب فيهاّ أناّ و أنتّ إلىّ رحلةّ تزلج ؟
تنحنحّ قّليلا مدّعيا الجدّية لّيضع نظاّرتيه جاّنباّ ، قّال بنبرة صّارمةّ
ـ ما الذيّ تقولينه إليزابيث ؟ أنتّ تعلمين أنّني لا أمتلكّ وقتاّ للقيامّ بمثل هـذّه التافهات أيضّا نايتّ لمّ يأخذّ يوماّ لراحة فكيّف تطاّلبيننيّ بّالذهاب ؟
رمقّته إليزابيثّ بّغيضّ ثمّ ابتسمتّ فجأة و هي تقّتربّ منه لتحتضنه من الخلفّ بكلّ لطفّ و رقّة ، همسّت بّصوتها المثّير ذّا النغماّت المخمّلية
ـ عزيزيّ أناّ متعبةّ
ضحكّ كاّيل و رفّع رأسهّ لتتّقابلّ نـّظراتهماّ، فّغمزّ بّخفة و لمسّ بّأنامله الطّويلةّ وجنتيهاّ الوردّيتينّ لّيقربّ وجههاّ أكثّر منهّ ، همسّ بّصّوت خطيّر
ـ أتّريدين منيّ أنّ أخبركّ بّسر ؟
نـّظرتّ إليهّ بّقليل منّ الاستنكاّر ثمّ أومأّت برأسهاّ قّليلاّ دّلالة على الإيجاّب مسّتعدة لسماّع الاسوء لكـّنه زينّ ملامحّه بّابتسامةّ واسعةّ أظهرتّ
أسنانهّ البّيضاء المصطّفة و قاّل بّضحكة
ـ أنّا متّعب أيضّا،
رمشّت للحظاّت كيّ تستوعّب ثمّ دّفعته جاّنبا بّملل بينماّ ضحكّ كاّيل بّقوة على تعّبيرّ الذيّ أظهرته فّجلّست على الأريكّة البيّضاء بّتعّاسة
لّيّقول بينّ ضحكاّته
ـ حسناّ عـّزيزتيّ سّوف أخبرّ الجدّ بّأمرّ الرحلّة بّعد أنّ يهدأ الإعـّلام قّليلا

/

تضمّ ركّبتيها إلّى صّدرها و فستانهّا الورديّ يّتدلى منّ الأرجوّحة متحركاّ معّ نسمّات الّرياحّ الخافتّة ، شـّعرهاّ البنيّ انسدلّ على كتّفيها حينماّ
داّهم النومّ جفّنيها فيّ غرةّ محـّاولاّ أخذّها بعيداّ عنّ أحزاّنها و قطّ لماّ زاّرتهاّ الراحـّة و أغدّق الاطمئنان قّلبها الصّغيرّ لمحتّها الخادمة سوّزي
فّأتتّ راكضـّة ممسكّة بمريلتها البيضّاء ، صّاحتّ بّصوت عّاليّ
ـ سيدّتي
استيقظت ماّري فزعة لتجدّ سوزي تّقف أمامهّا و هي تتحدثّ بّكلماتّ غيّر مفهومة مشّيرة بيديّها إلىّ داّخل القّصر ، وجّهها شاحبّ و
نـّظرات الذّعر قدّ باتتّ واضحة للعيّان فّنّظرت إليها ماريّ بعينين واسعتينّ محاولّة استيعاّب حديّثها لكنّ سوزي أمسكتّ بّيدها و سحبتهاّ خلفهاّ ،
صـّعدتاّ إلّى الجناحّ و عّبرتاّ الأرّوقة
حاّولت مّاريّ مرارا و تكّرارا أنّ تلتّقط أنفاسهاّ أو تّعلمّ ما الموضوّع لكنّ سوزي استمرّت بالركض فقطّ عندّما وصّلتا إلّى جناحهاّ ، فتحتّ سوزي
البّاب مسّرعة و سحبّت ماري إلىّ غاية مكان فرانسواّ و قّالت بّتعب
ـ سيديّ لقدّ أحضرتهاّ و الآن استأذنكّ
ثمّ رحلّت بينماّ بّقيت مارّي واقفةّ بّعدم استيعاّب ، نـظرّت إلى نايت المستلقيّ على السّرير و الطّبيبّ يّفحصه في حينّ فرانسواّ يّحرصّ المكانّ
و انّتشر خارجاّ حراسهّ المخلّصين ، نـّظرت بّذعر إلىّ وجّه نايت الشّاحب و حبّات العّرق المتسّاقطةّ بينماّ تنفسهّ يّصيرّ أصعبّ خلاّل كلّ ثانية
يّقضيها محاولاّ كفاحّ الألمّ ، اقتربتّ منه بّهدوء و أمسكتّ يدّه لتجّلس علىّ الأرضّ ، كاّنت خائّفة ، متوترةّ و ترتجفّ كالّورقة فيّ الخريفّ
بينماّ ذّكرياتّ سقوطّهما منّ الجرّف لا تزالّ حيّة فيّ ذهنهاّ ، فّتحدثّ الطّبيبّ بّلطفّ مطّمئنا إياهاّ
ـ سيدّة ماريّ لا شيءّ يدعوا للقلقّ ، لقدّ أغميّ عليه فقطّ لعدم أخذّه قسطاّ لراحةّ و عدّم نومّه لأيّام عدةّ أيضّا لقدّ التهبّ جرّح صدّره و هذاّ
جّعل الألمّ غيرّ محتمّل ففّضل وعيه الإغماّء علىّ احتمال الألم لذّلك أنصّحك بّجعله يّرتاحّ لأسبوع و لعلميّ المسّبق بّنايت فحاوليّ أن تجّعليه
يّبقى مستّلقياّ ليومين على الأقّل
أومأتّ ماريّ بصمتّ ، فّاقترب طّبيبّ من فرانسوا لتتغير ملامحّه الودودة و اللطيّفة إلىّ ملامحّ أشدّ صّرامة و غّيضّا فّسحبّ فرانسوا من
ذّراعه و هو يّهمس بّكيلّ من التوبيخاتّ لّعدم اعتناء نايت بّصحته و كيفّ لفرانسوا أنّ يغفلّ عنهّ و يدّعه يّفعل ماّ يهواه و بالّرغم من محاولات
فرانسوا العديدّة لدّفاع عنّ نفسه إلاّ أنّ الطّبيبّ أخرسه تمامّا و لمّ يدّعه يتفوهّ بأيّ كلمّة ، فّكيفّ لشخصّ نجا من حادثّ سيارة و مصّاب
بّكسرّ ضلعين فيّ صدره بالقربّ من قلبه أنّ يّذهب لزفافّه كما لو كأن شيئا لم يكنّ ؟ و الأدهى أنه يتهربّ من مواعده فيّ المستشفى ،
في حينّ بقّيت ماريّ تنظرّ إليهّ بعينينّ مغّرقتين دموعاّ، جذبّت الغطّاء عليهّ و انحّنت لّترتبّ الوسادّة و تجّعلها مريحّة له أكثّر حيّنما سمعتهّ
يهمسّ بّشيء ماّ منادّيا، فّوضعتّ أذنهاّ بالقرّب من شّفتيه كيّ تّلبي لهّ مطّلبه لّيتحدثّ بنبرة المّبحوحةّ الخافتةّ
ـ إليـزا .. بيثّ .. آنـّا أسفّ
كرّنينّ صدىّ راحّ يّتهاوى بّنغماتّ مخيّفة فيّ الغّرفة فابتعدتّ بّصدمةّ تنـّظر إليهّ غيرّ مصدّقة ، فيّ أوجّ ألمهّ و أظلمّ مكانّ بعقـّله كانّ هوّ الشّاب
الذيّ كافحتّ من أجلّه و رمتّ عّائلتها جاّنبا فقطّ لهّ ، رفّضتّ تـّركه بالّرغم من امتلاكها المالّ لّتركه و احتملّت كّلماتهّ المسمومّة فقطّ من أجلّ
البّقاء إلى جّانبه ، احتملّت منادّاته لهاّ بالسافلة .. الحّقيرة ، العـّاهرة كلّ هذاّ للبقاّء معهّ لكنّ منذّ البداّية لمّ يختّرها حبّا و لا إعـّجاباّ ، إختـّارها
فقطّ لأنهاّ الأنسّب فيّ إخفاءّ حبه لزوجةّ ابن خاله ، همستّ بّنبرة مندّهشة
ـ أكنتّ لعبةّ منذّ البداّية ؟
إنهّ يتـأسّف لهاّ و يطلّب منهاّ مسامحـّته ، أهذاّ يعنيّ و خلالّ زفاّفهما منّ إعتـذرّ منها لمّ تكن هيّ بلّ إليزابيثّ ؟ شدّت الإحكامّ على قّبضتهاّ
و حارّبت دموعهاّ عندّما فتحّ نايت عينيه الباهتتينّ ، نـظرّ إليهاّ لوهلة ثمّ اداّر رأسه للجـّهة الأخرى قـّائلاّ ببحة صّاحبها برودّ
ـ غـّادريّ فّرؤيتكّ تؤلمّ نـظريّ
جسدّها بأكملهّ يرتجفّ غيرّ قادّر على حملهاّ ، كيّانها بـأكمله قدّ تحطّم لكنهاّ ابتسمتّ كعـّادتها بكلّ لطفّ و بأناملّ مرتجـّفة مدتّ لهّ عّلبة الدواء
التيّ تركها الطّبيبّ خلفه و كأسّ مـاء لتتحدثّ بنبرةّ غّـريبة مرحـّة
ـ خذّ هـذّه مسكنات للألمّ ، أتّعلم أنّ جرحكّ قدّ التهب منّ كثرةّ إجهاد جسدّك ؟ و الطّبيبّ ينصحّك بالراحةّ ليومينّ على أقّل
استدارّ ناحيّتها و أمسكّ بّالكأسّ لّيرميه بّكل قوة على الجـداّر فأصّبح تنفسهّ عاّليا و وجهه أكثّر شحوباّ حينماّ صـّرخ بّغضّب
ـ هلّ أنت غّبية أمّ ماذا ؟ لقدّ قلت لكّ أننيّ لا أريدّ رؤيتكّ، لاّ أريدّ أن ألمحّ وجهكّ و لاّ أريدّ سماعّ صّوتكّ لذلكّ غــّادري،
شفقتكّ و حبكّ المزيفّ هذاّ لستّ بحاجّتهما
دّخل فرانسواّ مسّرعا على آثرّ صّوته العـّالي مندّهشاّ من موقفّ نايتّ العداّئي فّاتجّهت ماريّ إليه بخـّطوات متعثرةّ و مرتجـّفة
لتّضع عّلبة الدّواء بينّ يدّيه ، ثمّ استداّرت ناحيةّ نايت و همستّ بّخفوت
ـ أنـا أسّفة سأغادرّ حـالاّ
عندّ إغلاقها للبّاب أمسكّ نايتّ برأسهّ متـألماّ و صـّرخ مجـدداّ بّقوة ، رفعّ المزهرية و رماهاّ أرضّا ، ألمّ لا يحتـّمل يشّعر كماّ لو كـأنّ جبّلا ضّخما
يّقف على رأسهّ فوقفّ ليفقدّ توازنهّ بّعد برهةّ ، سـّارع فرانسوا بإسناده قـاّئلاّ بّقلق
ـ سيديّ ما الأمر ؟
أشـّار نايت علّى المـّخرج فّتنهدّ فرانسوا بّقلة حّيلة و غـّادر هو الآخر مسّرعا قّبل أنّ يفجرّ نايتّ غّضبه أكثـّر ، متسـّائلا ما السّبب الذيّ يدّفعه لكونه
بهذاّ المزاجّ العصبيّ ؟ حيّن أغّلق البّاب خلّفه أمـّر جميّع حراّسه بالابّتعادّ ليحرّسوا منـّاطق أبّعد من الجنـّاح بينماّ بقيّ هو واقفّا فيّ آخر الـرواقّ
بّصمت لحـّظة خلو الغـّرفة منّ سكّانها وجـّه نايتّ نـّظراّت عينيهّ البّاهتة إلىّ الشّرفة و قدّ باّت الإرهاقّ واضحاّ عليهّ ، فّتماسكّ مقـّاوما ألمّ صدرّه
و التهاب جرحـّه متّقبلاّ إياه بكلّ صمتّ لّيقف مستنداّ على الكرسيّ الهزازّ ثمّ استنشقّ أكبرّ كميةّ من الهواءّ و بالرّغم منّ أنّ هذاّ يؤلمه إلاّ أنهّ استمرّ
بإدّخال الهوّاء إلى رئتيه ،
نـظرّ إلّى يدّيه ثمّ أناملهّ الطـّويلة و ضّغط بقّوة على قّبضتهّ لّيضربّ مكانّ قلبه بّيأسّ غيّر آبه بذلّك الجرّح الذيّ ينزفّ ، همسّ بنبرة مبّحوحة
و أنينّ خافتّ قدّ شـبه صوتّ النايّ
ـ إلىّ متى ؟
__________________
  #37  
قديم 12-28-2015, 11:32 AM
oud
 
بـّعد مـّرور أسبّوعينّ عـّادتّ أجـّواء القّصر الهادّئة المفـّعمة باّلحياة لتّزور أرّكـانه فّهاهمّ الخدمّ يّتسامـّرون حـّول مبّاراة الهوكي
التيّ أذيّعتّ فيّ التلفـّاز و منّ بينّ أولائكّ الخـدمّ كّانت سوزيّ نائمةّ فيّ الرواقّ مسندةّ رأسها على الجداّر و تمسكّ بين يدّيها مزهـّرية
فّخمة تّعود للقّرن الثامنّ عـشّر ، حينّ اقتربتّ منها ماريّ مـّرتدّية سّروالاّ قّصيرّا أسودّ و كنزه صّوفية طّويلة زرقّاء اللونّ فّوضعت يدّها
على رأسّ سوزي و بّعثرت شعرهاّ قليلا لتفتحّ الآخيرة عينيهاّ بتعبّ ، لحـّظات حتىّ استوعبتّ منّ هيّ التيّ أيقظتها فكادّت أن تّقف لولا أنّ
ماريّ هـزتّ رأسهاّ نفيّا و هيّ تّبادرّها بّإبتسامة لطّيفة مـّرحة ، قـّالت سوزيّ بّأسّف
ـ أنـّا فعلاّ أسّفة سيدّتي ، أرجوكّ أخصميّ هذاّ من راتبيّ
ضحكـّت ماريّ و جلّست بجاّنبها مسندةّ ظهرها على الجـداّر حيثّ كانّتا مختبئتينّ فيّ زاوية ماّ من ذلكّ الـرواقّ الطـّويل ذّو البسّـاط الأحمـّر ،
تحدثّت ماريّ بّمرح
ـ لاّ عـّليك فـّكلتانا تتهّرب من واجّباتهاّ ،
نـّظرت سوزي إليهاّ بّدهشة ، إنهاّ عـّكس الإشاعات تمّاما فّالكلّ يّقول أنهاّ أتتّ لتنهبّ ثروةّ لبيّر لكن ربماّ يجدرّ وصّفها بالخرقّاء أكثّر من نعتهاّ
بّالداهيةّ الماكرّة ، قهقهتّ سوزيّ بّصوتّ خافتّ فّضحكتّ ماريّ معهاّ عندّما وقفّ ظلّ أمامهماّ ، نـظرّتا إلىّ فرانسواّ الذيّ يّعقدّ يّديه إلى صدّره
بّصبرّ ، تحدثّت ماريّ بّضحكة
ـ هل تـّبحث عن مخبأ فرانسوا ؟ يمكننّا أنّ نصنـّع مكاناّ لك
رمقّهما فرانسواّ بّتعبّ ثمّ جلّس بجاّنبهماّ مغّلقا عينيهّ و محـّاولاّ أخذّ قسطّ من الراحـّة لتدهشّ الاثنتينّ فلم تكنّ لّتظن ماريّ أو سوزيّ أنه بالفـعّل
سيجلسّ لكن هاهوّ مثّلهماّ تّرهقه أعبّاء أعمالهّ المتراكمةّ ، و لكلّ منهمّ شيءّ يثقل كاهله
بّعد دّقائق غفّى فرانسواّ من شدّة تعبه مسنداّ رأسه على الجـداّر الذيّ خلفه و سوزيّ بدّورها كـّانت تّنامّ بعمقّ هي الآخرى ممسكـّة بذّراعه بينماّ
لفتّ ماريّ ذّراعيها حولّ ركبّتيها لتّضع رأسهاّ بّهدوء عليهماّ ، فكـّرت بّأسى
بّعد أنّ قامّ نايتّ بطرّدها صّارت تتجّنب أيّ لقّاء أو احتّكاكّ معه فلمّ تحاولّ أنّ تّرمي ابتساماّتها المرحةّ و لاّ نكّتها كعّادتها بّل إكتفت فقطّ بالابتعـّاد
عنه و تنفيذّ مطّلبه ، إنهاّ لا تملكّ الشّجاعة لكيّ تواجّهه و لاّ الجرأة لتسأله ، فـّزفرت بّقليلّ من الغيضّ و رفـّعت عينيهاّ لترى كاّيل يّقف على مقّربة
منهاّ مبتسماّ بكلّ مرحّ بّرطبة عنقه الماّئلة و سترتهّ السّوداءّ فّقالت ماريّ بّبرود
ـ ما الذيّ تّريده ؟
وضـّع يدّه على فمهاّ فجـأة و سحّبها فّحاولت المقّاومة لكنّه كّان أكثّر قّوة منهاّ ، إلى غاية ابتعادهما كّفاية عنّ فرانسواّ فّتركهاّ لّتتنفسّ صّعداء
فاستعدت لشتمه بّعصبية لّيعيدّ وضـّع يدّه على شّفتيها مانعّا إيّاها منّ الحـّديّث أو إصّدار أّي صّوت ، حيّن لمحّتهما إليزابيثّ و قدّ كانت تسّير بّرفقة
نايتّ و كّلاهما تّعلوّا ملامحهماّ صّفات الجـدّ إذّ أنّ الموضوّع الذيّ كاناّ يتحدثّان بهّ يستدّعي هذّه الجديّة ، لحـّظة وصّولهماّ تّرك كاّيل ماريّ بّسرعة
دّافعا إياهاّ للخلفّ و فتحّ ذّراعيه على وسّعهما قـّائلاّ بّنبرة ماّزحةّ متلاعبّة
ـ حبّيبتي الشخصّ الذيّ كنتّ أبحثّ عنه تماماّ ،
فّرمقته ماريّ بّنـظرّة ناّرية خطّيرة و لوّ أنّ الأمّر بيدّها لقـّامت بّقتله دونّ تـّردد لكنّ كل هـذاّ اختفى عنـدماّ لمحتّ نايتّ الواقفّ بجاّنب إليزابيثّ
و عينيهّ الداّكنتين تّبادلانها بّسخريةّ و استهزاءّ فّاستدّارتّ معطّية إياهمّ ظهرهاّ و هيّ تسيرّ بّخطّوات سّريعة و متعـّثرة ، قدّ كان واضحاّ مدى
توترهاّ و بالأحرى غّضبها المكتومّ ، عندّ اختفائهاّ تحدثّ كايلّ باستغرابّ
ـ نايتّ ما الأمرّ مع زوجـّتك ؟ إنهاّ تتصرفّ بّغرابة أكثرّ من المعـّتاد
تجاّهله نايتّ سّابقّا إياهماّ إلى طاّولة الإفطـّار فّتبعه كاّيل ليحيط كّتفي نايت بّذراعه اليمنى ، قّال بنبرةّ مستنكرة و خبيثّة فيّ آن واحدّ
ـ هلّ تشاجّرتما ؟ يـّاله منّ أمرّ مـذّهل و هيّ الآن غـّاضبة منك ؟ هـذاّ مدّهش لمّ أكنّ لأتخيّل أبداّ أنّ ماريّ ستغضّب أعنيّ دوماّ ماّ أعطّيها منـظرّ
القطّة الوديّعة لكنّ أظنّ حتى للقطّة الوديّعة مخالبّ ، إذّن ما الموضوّع الذيّ أدى لشجّاركما ؟ أخبرّ آخاك الكبيّر
زفـّر نايتّ بّحدةّ و أنزلّ ذّراع كايّل بّصبر فّنظرتّ إليهما إليزابيثّ بمكرّ هي الأخرى و اقتربتّ منهما لتلفّ ذرّاع نايتّ مسندةّ رأسها على كتفهّ قاّئلة
بكلّ دلالّ
ـ يمكنّني المساعدّة إنّ أردتّ فـأناّ هنا كماّ تعلم
أغّلق عينيهّ بّقلة صّبر ثمّ دّفع إليزابيثّ جاّنبا و سّار بّخطوات سّريعة إلىّ حيث لا يتواجدّ هذّين الإثنينّ ، عبرّ الـرواقّ و نـزلّ الّسلالمّ بخفة
بينماّ كايل ينادّيه بسخريةّ و صوتّ ضحكاّت إليزابيث كّصدى رنينّ فيّ ذلك القّصر حينّ لمحّ ماريّ تعودّ أدّراجها حالماّ رأتهّ لكيّ تختفيّ إلى حيثّ
لاّ يزعجّ وجودّها عينيهّ ، صـاحّ بنبرةّ مبحـّوحة حادة
ـ مــاريّ
تـّوقفّت عنّ السيّر و نـظرّت إليه منّ أسفلّ السّلالمّ فّتنهدّ بّبرود و سّار ناحيّتها لكنهاّ استدّارتّ معطيّة إياه ظهرهاّ كـّان الأمرّ واضحاّ أنهاّ تحاول
تجّنبه منذّ أسبوعينّ و قدّ فلحت في ذلّك إلى غاية هذّه اللحظةّ حينماّ اقترب منها كفّاية كادّ أن يتحدثّ لولاّ صّراخ كاّيلّ القادّم
ـ مــاريّ انتـظرينيّ
ركضّ متخطيّا نايتّ و احتـّضن ماريّ من الخلفّ بّقوة واضّعا يديّه حولّ رقبتهاّ ، لمّ يكنّ هذاّ أمرّا عـّادياّ لسكان القصّر أنّ يجدوا الشخصّ الذيّ
عـّارضّ وجودّ ماريّ بقوة فيّ القّصر يّتودد إليهاّ كما لو كـأنهاّ صدّيق قديمّ و لمّ يكن هـذاّ صّائباّ حتى لماريّ فحاولت أنّ تفّك ذّراعيه لكنّه
كان ممسّكا بها بكلّ إحكـّام ، قـالت بنفـّاذ صّبر
ـ ما الذيّ تـّريده بّحق الله ؟
سحّبهاّ إلى الأسـّفل مبتعـداّ عن أنـظاّر نايتّ النـّارية الخـطيّرة ، أمـّام بـّاب المّؤدي إلىّ المخرجّ تّوقفا عنّ السّير ليّمسك كايّل كّتفيّ ماريّ و
يّجعلها تواجههّ ثمّ همس بّنبرة جديّة
ـ مـّاريّ ، أريـدّ منكّ مـعروفاّ
رمقّته بعينينّ بّاردتينّ ثمّ زفّرت بكلّ تعبّ و أومـأتّ رأسهاّ فهي لن تتخلصّ منه إلا إذاّ وافقّت علّى تـّنفيذّ مطلّبه لذّلك أجابته بّكلّ هدوء
ـ حسناّ لقدّ كنت أعّلم منذّ البداّية أنكّ تـريدّ مني شّيئا ، إذنّ أخبرنيّ ما الذيّ تتمناه ؟
ابتسـمّ بكلّ مرحّ ثمّ احتّضن ذّراعهاّ اليمنىّ لّيسيراّ خـّارجاّ فيّ الحـدّيقة ، تنهدتّ مفكرّة ما السببّ الذيّ يّجعلهاّ تّسير علىّ هواه ؟ إنهّ دوماّ ما
يّفتعل الشجاّر مع نايتّ و يحـّاول أنّ يخرجهاّ من القّصر كماّ أنهّ كّان منّ المعـّارضين علىّ زواجّهماّ ، هوّ شّاب لّعوب خانّ إليزابيثّ فيّ فترة
خـّطوبتهماّ برفقة تلكّ النادلّة ، لكنهاّ تجاّهلت كلّ هـذاّ عندّما بدأّ هو بالكلاّم
ـ ماّ رأيكّ لو نذّهب جميـعّا فيّ رحلة كيّ نرتاحّ قليلاّ من أعبّاء العملّ ؟ إنهاّ فّرصة رائـّعة لتعويضّ عنّ عدمّ ذهابّك معّ نايت فيّ شهر عسّل ؟
إذّا ما الذيّ قلته ؟ ماهو رأيك ؟
ابتسمـّت فجـأةّ بكلّ سعادة و أمسكتّ يدّيه حيّن بدأ الحماسّ يّعتريها ، بلّى إنهاّ فرّصة رائـعةّ لتّقترب منّ نايتّ أكثرّ و تّفوز بّحبه ، فبّعد موقفّ طرّدها
كاّنت الأجواءّ متوترةّ و غّريبة لكنّ إذاّ ذهبت فيّ رحلة لتزلجّ أوّ الشـاطئّ قدّ تستطيعّ التحدثّ مع نايتّ مجدداّ لذّلك أجاّبته بّفرح
ـ كايلّ ياّ لك من عبقريّ، أناّ موافقّة بكلّ تأكيدّ إذنّ متى سنـذّهب ؟
رمقّها كايّل بّخبث رافّعا حاجّبيه بكلّ مكرّ و قدّ نجّحت خـطّته فيّ استمالة موافقة ماريّ ، إنهاّ أغبّى من أنّ تشكّ بشيء لذّلك قّال بّحزن مصّطنع
ـ لكنّ هناّ تكمنّ المشكلةّ فجديّ لا يريدّ الذهابّ لأنّ نايت لا يريدّ ذلكّ و هنا تكمنّ مهمتكّ ماريّ ، حاوليّ أن تقنعيّ نايتّ بّأخذّ قسطّ من الراحـّة
، أنـّا أعتـمدّ عليكّ
ثمّ لوحّ لهاّ بّكل مرحّ مغـّادراّ بينماّ ماريّ تّقف بكلّ بلاهة تحدقّ فيّ المكان الذيّ كان كايّل متواجدّا به ، كيفّ لها أنّ تقنعه بينما هي بالكاد تتحدث
معه ؟ بلّ بالكادّ تلمحه ؟ صّاحت بّعصبية و هي تّهز رأسهاّ نفّيا
ـ لنّ أهتـمّ بـعدّ الآن حبّ كان أمّ كـره
اتجـهتّ إلىّ جناحهاّ صـّاعدة الّسلالمّ مسرّعة راجّية ألاّ تّصادفّ أحدّهم، فتحتّ بّاب غـّرفتها ثمّ أغلقتهّ خلفهاّ لكيّ تّرميّ بجسدّها على السّريرّ
موجـّهة أنظارهاّ إلى السـّقف ، لمّ يسبّق لهاّ أنّ تجاّهلت أحداّ أو تّصرفتّ ببّرود للغيرّ لكنّ الآن أصّبح الأمرّ كماّ لو كأنه عـّادة و هذّه العادة اكتسبتهآ
من ذلكّ الشّاب الذيّ يّرفض أخذّ اعترافها بحبّها على محملّ الجدّ ، استداّرت بّتعبّ لتنظرّ إلىّ الـّشرفةّ و قدّ كانتّ الريّـاح تّهب بقوة حاملة معهاّ ستارّ
الأبيضّ فابتسمتّ بّخفوت و أغّلقت عينيهاّ بهدوءّ محاولة أخذّ قسطّ من الراحـّة ، إلىّ أنّ غـّادرتّ واقّعها متجهّة إلىّ عـّالم خيّالها الواسـّع حيثّ كل
شيءّ ممكنّ ، حيّث يمكنهاّ أن تحـّلم بحبّ نايتّ المتبادّل لهّا دونّ ألمّ و بـّغير خوفّ ،

/

وضـّع حقّائبه علىّ الأرضّ ثمّ مسحّ عـّرق جّبينه بّكمّ سترتهّ السوداّء ، رفـّع يدّيه عـّالياّ محـّاولا طـّرد الكسّل لكن ذلكّ لم يجدّيه نفّعا فهاهو يتجّه
إلى الأريـكة ليستلقيّ عليهاّ بّكل راحـّة بـّعد دقّائق إمتدّت أنامله لآلة التحكمّ الموجودّة أسّفل الأرضيّة و ضـغطّ على زرّ التشغـّيل ،
بقيّ يّقلبّ القّنوات بلاّ اهتمام ثمّ وقفّ بكلّ كسّل ليتجّه إلى غّرفة نومّه و بـّعد فترة عندّما فتّح البـّاب على وسـّعه و دّخلت فـّلورا بّرفقة سيدّة فـّرانسيسّ
قدّ كـّانتا الإثنينّ تتحدّثان عنّ إرتفـّاع أسّعـار الخضّراواتّ و كيفّ أنّ الباعة يحاولونّ أنّ يكسبواّ المـّال من خلفّ ظهور المـواطّنين ، حينّ لمحتّ
فرانسيسّ حقّائب المّلقاة جاّنباّ بّفوضوية فّقالت بّتسـاؤل
ـ فلورّا هلّ أخبـّرك ويّليام بّموعد عودتّه من أستراليّا ؟
أومأتّ فلورا نفّيا و هيّ تفتحّ الثـّلاجـّة لتّضع عـّلب الطّعام بدّاخلها و العديدّ منّ الخضّرواتّ التيّ ذّهبا لشّرائها تواّ ، ثمّ قـّالت بنبرّة غـاّضبة
ـ ذلّك الرجلّ كمّ أتمنى سّحقه، إنهّ غبيّ و بّلا فـّائدة فماّ إنّ تشتدّ الأمورّ صـّعوبة حتىّ يحملّ سترتهّ و يدّعي ذّهابه فيّ جولة موسيقيةّ و منّ هذاّ
الذيّ سيصدّق عذّرا تّافها كهذا ؟ علىّ أيّة حاّل لمّ يتحدثّ معيّ منذّ أسبوعينّ كماّ لو كأنّ قياّمه باتصال من استرالياّ سيكّلفه ثّروة ذلكّ الأحمقّ
رمقّتها فّرانسيسّ بنـّظراتّ ماكـّرة و هيّ تحـّاول أنّ تـّكتمّ ضحكّاتهاّ علىّ ملامحّ فلور المنزعجّة و قدّ كان واضحـّا مدّى غّيرتهاّ التيّ و بالّرغم من أنهاّ
أرادتّ إخفائهاّّ بسيلّ الشتائمّ إلاّ أنهاّ لم تّستطّع فّملامحّ المـرأةّ الواقـّعة بالحبّ واضحـّة كشّروق الشمسّ ، لذلكّ ترّكتها فّرانسيسّ تفرغّ ما بجّعبتهاّ
منّ أسى مستـّمعة لّحديّثها و هي تعّبر الـّرواق متجّهة إلىّ غـّرفة المعـّيشة ، صّاحتّ بنبرةّ مرحـّة
ـ أنـّا لا أفّهم ما إنّ كنتّ قلقة بشـأنه أوّ تـّريدينّ قّتله ؟
رفـّعت قّميصّا مرّميا على الأرضّ و قدّ استغربت وجودّه فكلّ ثلاثة أيّام تـأتيّ هي بّرفقة فلورا لتنّظيف الشّقة ، عندّما اتتّ فلورا منّ الخلفّ و هي
تّتحدثّ بكل عّصبية
ـ أقّلق بّشـأنه و هل أنا غّبية لأفعل ذلك ؟ ذّكريني لماذاّ نقوم بتنظيّف شّقته ؟
تنهدتّ سيدّة فرانسيسّ بّهدوء و هي تعـّلم تماماّ ما الذيّ سوف يأتيّ خلفّ جّملتها هـذه ، سّيل من بّوابل الشتائمّ كعـّادتها و مهماّ نصّحتها بالتحلّي
بّصبرّ إلاّ أن لسانّ فلورا البذيء يّرفضّ تركهاّ ، فقـّالت بّبرود
ـ حسناّ لا أحدّ يجّبرك على فّعل هـذاّ فلوراّ ثمّ ألم تّقولي أنهّ لديّك أعماّل ماّ ؟
راقبتهاّ فلورا منّ طّرف عينهاّ و زفرّت بكلّ غيضّ عندّما تذّكرت موعدّها لتسوقّ مع آرثّر الذيّ بات يّستغلّ أمرّ تّقربها منّه و لطّفها الوهميّ لجّعلها
تقومّ بمختلفّ مهماتّ كغسلّ ملابسه أوّ إحـضّار الغـذاّء من المـطعّم أو حتّى تّنظيفّ شـّقته ، شتمتّ بّحدّة لتّقوم فرانسيس بّضربها على رأسهّا بقوة
و وجههاّ محمرّ منّ الغضّب
ـ كّلمات كهذّه لا يجدرّ بّفمّ شّابة أنّ يتفوه بهاّ ،
قطـّبت حّاجبيها و هيّ تّحكّ مكانّ الضـّربة قـّائلة بّنبرة سّاخرة مستهوية و هي تّقومّ بمسّح الغـّبار منّ شّـاشة التّـلفاز
ـ لقدّ بتّ أشعرّ أننيّ فيّ الآونة الأخيـّرة أصبحّت ربّة منـّزل أكثّر مماّ أنـّا صّحافيةّ ، سيدّة فرانسيسّ أتّعلمين ؟ ربمّا يجدرّ بيّ أنّ اكتبّ تّقريرا علّى طرّيقة
عيشّ ويليامّ دويلّ المشهورّ سأفكرّ بها كمكافئة على جّعلي أكدحّ مؤخرتيّ فيّ تنظيفّ شقته
زفـّرت سيدّة فرانسيسّ بتشّاؤمّ و قّررتّ تجّاهلهاّ ، بالـرغمّ من أنهماّ أختينّ إلّا أنهماّ مختلفتينّ تماماّ فّماريّ فتاةّ ساذّجة خـجّولة لا تّجرؤ على قّول لاّ
لأحدّ بينماّ فلورّ جّامحة تّنهيّ كلّ من يّقف بطّريقهاّ و ذّات مزاجّ حـادّ لكنّ كلاهماّ لا يعلماّن كيّف يخبئان حّبهما
دّفعتّ فلوراّ بابّ الغـّرفة بّقوة ليصطدّم بالجّدارّ ثمّ رمتّ بّسّلة الغـّسيل علىّ الأرضّ و هي تسيرّ بخـطّوات غّاضبة اتجاه الخـّزانة متمتمةّ بشـيءّ ماّ
عنّ نشرّ صّور لشّقة ، استدّارت ناحية السّرير و جذبّت الغـطاّء بّقوة لتفاجئ بوجودّ ويّليامّ الذيّ يّرمقاها بنـّظرات لا تبشّر خيّرا فّصّرختّ بذّعر و هي تصّيح
ـ يا إلهي ويليام ألا تّعرفّ كيف تستأذن ؟ أيهاّ الوغدّ لقدّ أفزعتني
رفـّع الوسـادّة و سدّد بكلّ قوة لوجّهها فّسقطّت أرضّا ، وقفّ و قـّام بّسحّبها منّ يّاقة قّميصها من الخلفّ مجّبرا إياهاّ على السّير ثمّ دّفعها خـّارج
الشـّقة صّارخاّ بّعصبيةّ
ـ لاّ تعـوديّ أبـداّ إلى هنـّا
بّقيت فلورا لفترةّ مستندةّ بّذراعيها على الأرضّ و تنـظرّ إلى ذلكّ البّاب الذيّ أغلقّ بكلّ قوة فيّ وجّهها المحمّر بينماّ الغـّضب يتصـّاعد تّدريجيّا حيـّن
وقفّت بّهدوء ثمّ ركـّلت البـّاب لتكسّر المقّبضّ و المفتـّاح معّا ثمّ صـّاحت بّصوت هـّادر
ـ أيهـّا السـّافلّ الوقـّح، أتجرؤا على طّردي أناّ ؟ أنـّا فلورا روبرت؟ سـّوف أريكّ يا نـاكر الجميّل ، يـّا جـّاحد المـّعروف ،
و قدّ كانّ ويّليام على وشكّ الاستلقّاء عنـدماّ انتـّقل إلى مسّامعه صّوت فلورّ العّاصفّ فتنهدّ بّأسى و وضـّع وسـّادة على رأسه ملفّا الغطاّء
حّوله متمتّما بّبرود
ـ أهلاّ بّعودتكّ ويّليامّ إلىّ لندّن
أمـّا فيّ الـّرواق فقدّ كـّانت سيدّة فـّرانسيسّ تمسكّ بفلوراّ من خصّرها دّافعة إيّاها إلىّ الخـّارج و هـكذّا تـّم تأجيـّل تنـظيفّ الشّقة أوّ ربماّ عدّم
تنظيّفها أبداّ حينّ اقتربّ آرثّر منهماّ واضعّ يدّيه على أذّنيه مانعّا صوتّ فلور منّ التسّرب إلى أذّنيه مرتدّيا سّروالا ريّاضيّ و قميصّا مفتوحّ الأزرار
أزرقّ اللونّ بينماّ شعرّه البنيّ الذيّ اعتـّاد تّصفيفه بّعنايةّ كانّ مشعتا و شّبيها لماريّ سابقا ، قّال بّاستنكارّ
ـ ما الذيّ يجري ؟ ما الذيّ حدثّ للبّاب ؟ و ما الأمرّ مع فلور؟
نـظرّت إليه فلور بحدّة ثمّ رفـّعت قّبضتها أمامّ وجّهه لكنها تّراجعتّ و هي تبتعدّ إلى الخلفّ ثمّ استداّرت و غـّادرت باتجاه شّقتها تتحدثّ أثّناء سيّرها
إلى نفسهاّ
ـ ما الذيّ يظنونّ أنفسهمّ هؤلاءّ معشّر الرجاّل ؟ المرة القاّدمة التيّ سأراه فّيها سأحرصّ على تحّطيم ذّقنه و أسنانهّ بأكملها لكيّ لاّ يتفوه
بكّلمة أخرى طـّوال فترة عيشه
تنهـدتّ سيدّة فرانسيسّ بّأسى و هي تفركّ جبهتهاّ ثمّ اتجّهت إلىّ مطبّخهاّ كيّ تحضّر الغـذاّء بينماّ بقيّ آرثر واقفّا لوهلة غيّر قادرّ على استيعابّ
ما الذيّ حدثّ تواّ ثمّ هز كّتفيه بلا مبّالاة لّيعودّ إلىّ غـّرفته كيّ ينعمّ بّنوم هـادّئ بهـذّه الظهيرةّ

/

فيّ غـّرفتهاّ الكبـّيرة كـّانت مسّتلقية علىّ سّريرّها ذوّ الغـطاّء الحـّريريّ البنفسجيّ ، تّمسك بّحاسوبهّا المحّمول و تضّعه فوقّ معدّتها بينماّ
يدّيها تّقوماّن بطّبع الحرّوف بكلّ سّرعة حينّ تنهدتّ بأسى حاّلما لمّ تجدّ ما الذيّ كرّست نفسهاّ للبحثّ عنه و رمتّ بالحاّسوب جاّنبا لتجلّس
على ركبّتيها مفكـّرة ،
ـ دّيميتري ؟
هـذاّ غـّريبّ لكنهاّ لم تجدّ أيّ معـّلوماتّ عنه أوّ حتى من يكون ، هذاّ الشّاب يّريد تدّمير العـّائلات العـّريقة كماّ قـّال و إنّ كادّ يّريدّ تدّميرها فّيجبّ
عليهّ أنّ يّكون ثّرياّ أولاّ لكّن لماّ لا تستطيعّ اقتفاء أثره ؟ فّزفرت بّغيض و هي تفكرّ بكلّ جديّة ، لماذاّ التقط صورة لها ؟ أهذا يعنيّ أنه سيلتقطّ
صوراّ لجميع فتياتّ العائلات المترفة ؟ أماّري أيضّا ؟ حيّن تذّكرت كليرّ ماري ضرّبت رأسها بّقوة صّائحة
ـ يا إلهيّ لقدّ نسيتّ ، المّلفّ موجودّ لدى آرثرّ
قطّبت حاجبيها و رفعت هاتفها لتتصّل به لكنّ كعادته وجدّته خارجّ مجال التغطّية ربماّ قدّ وضعها في قائمة التجاّهل لأنهّ كلما اتصلت به وجدّته
مغّلقا أوّ مشغولاّ، ألاّ يريدّ أن يبتز ماريّ للحصول على النقود من أجل مشروعه الجديد ؟ أيّعقل أنه وجدّ خطة آخرى لا يريدّ منها أنّ تعملّ معه
عليها ؟ رمقتّ اسمه الذيّ احتل أعلى شاشتها بقّليل من العّتب ثمّ قّالت
ـ الفتيانّ دوماّ ما يحاّولونّ إظهار كرامتهم ، على أية حالّ أنّ لاّ آخذه على محمل الجدّ فهو لمّ يّنجحّ فيّ عملّ شيء طوالّ حياته لذّلك سّأتصرفّ
أنا معهاّ حالماّ أراهاّ ،
وقفّت و عـّبرت الرواّق متجـّهة إلى المـطبخّ حيثّ كانّت السيدّة ليكسيّ تّشرف علىّ الخـّادماتّ بّصّرامة مرتديّة عّقد لؤلؤا نادّر كانّ قدّ قدّمه لهاّ
رويّ فيّ عيدّ ميلادّها الأسبوع الماضّي و فستاناّ بّسيطاّ لكن فيّ نفس الوقتّ فخمّ مبّرزاّ مستوّاها الراقّي ، فجلّست كليّر على الكرسيّ مستندةّ بظهره
علىّ الطاّولة و تّلعبّ فيّ هاتفهاّ دون مبالاةّ لكيّ تتحدثّ ليكسيّ بّقليل من القّلق
ـ كليّر أينّ هيّ اللوحـّة التيّ أحضرهاّ والدّك منّ ايطاّليا ؟ أريدّ أنّ أعلقهاّ فيّ غرفةّ المعيشةّ قبلّ وصـّول الضّيوف ، أيضّا هلاّ ذّهبت و أحضّرت
الحلّوى التيّ طلّبت صنعهاّ خصيصّا فّخدمّ مشغولينّ
رمقّتها كليرّ بنظرةّ بـّاردة ثمّ عادتّ تّضغطّ على الأزرارّ دونّ هدفّ بينما ملامحّ الضّجر قدّ اعترتّ وجّهها ، تحدثّت بنبرة مخّملية هادئة
ـ إذّن انتظريهم حتى ينهوا أشّغالهمّ فـّلا رغّبة ليّ بالخروجّ فيّ هذاّ الجوّ الممطرّ
نـظرّت إليهّا ليكسيّ بّحدةّ و أمسكتّ هاتفهّا لتّقوم بّإطفائه ثمّ وضـّعته فيّ جّيبّ سترتهاّ الفخمـّة و أشـّارت علىّ المخرجّ ، تنهدتّ كليّر بّغيضّ و
وقفّت لترتديّ معطّفها و حذاّئها الرّياضيّ ، ثمّ اتجـّهت إلى سّيارتها المـّركونة جاّنباّ ذات اللونّ النيّلي و صّعدت على متنهاّ متمتمةّ بّكلمات ماّ
ـ ما هذّه الديّكتاتوريةّ ؟ ثمّ أيّ ضّيوف تتحدثّ عنهم ؟
شّغلت المـحركّ و سّارت بّسرعة معتـدلّة نـظرّا لّلمطرّ المنهطلّ بّغزارة محـّاولة تذّكر أيّ مخبزّ والدتّها دوماّ ماّ تطلّب منه صنعّ الكعكّ و الحلوى
لهاّ حيّن قّررت فجأة أنّ تغيرّ وجهتهاّ و لمّ تمضيّ سوى ربّع سّاعة حتىّ ركّنت سّيارتها أمامّ مبنىّ سيدةّ فرانسيسّ ،
طرّقت بابّ شّقت آرثرّ عدةّ مرّات لكنهّ لم يّفتح فّأخذتّ ترن الجرسّ بّكل إزعـّاج و هي تصّرخ بإسمهّ ، بّصوت مزعجّ و عـّالي قدّ رنّ كالصدىّ
فيّ ذلك المبنى البالي
ـ آرثّر ، آرثّر ، أعلمّ أنكّ بالدّاخل و لنّ أذّهب حتىّ تقومّ بمقابلتيّ آرثر
حينّ فتحّ البّاب فجـأة ليختلّ توازنهّا فسارع آرثرّ بالإمساك بهاّ منقذّا إياهاّ من سقوطّ وشيكّ بينماّ خرجّ شّـاب ماّ منّ شقتهّ يرتديّ معطفّا أسوداّ
طـّويلا و يضـّع وشاحّ على رّقبته بينماّ ملامحّ وجههّ تغطّيها قلنسوة ، تحدثّ بّكل هدوء
ـ أراكّ لاحقـّا
ثمّ غـّادر بّخطوات هـّادئة كـأنّه لمّ يكن هناّ قطّ لتّنظر إليه كليّر بّقليلّ من الريبّة فّشكله لمّ يكن مطّمئنا على الإطّلاق ، قـّالت بنبرةّ مشككةّ
ـ من ذلك الـّرجل آرثر ؟ و ما الذيّ يريدّه ؟
رمقّها آرثّر بّغضبّ منّ اقتحامها الغيّر عقّلاني لشّقته و صّراخها الذيّ قدّ فجرّ آذان سكّان المبنى ثمّ و آخيـّرا إحـّراجه أمامّ صديّقه بّتصّرفاتهاّ
الصّبيانيةّ و المشككّة لكنّ سرعان ما تلاشى غّضبه لتّظهر صّفات المرحّ و اللطفّ عليهّ ، أحطّها بذّراعه و سّحبها إلىّ داخل شّقته قـّائّلا بّكل لطفّ
ـ إنهّ صديّقي مالكّ الملهّى الذيّ كنتّ أقيم عندّه سّابقاّ ، إنهّ بحاّجتي و عّرض عليّ العملّ كنادلّ مقّابلّ بّضعة أموالّ ، على كلّ حال ما الذيّ تّريدينه كلير ؟
رمت بّجسدها على الأريكّة ملفةّ نفسهاّ بغطاّء داّفئ و شّغلت التلّفاز ، فّجلس آرثرّ بجـّانبها ممسكاّ بّالفشّار بّعد أن قاّم بجّلبه لتّستديّر كليّر ناحيته
و تتحدث بنبرة جديّة
ـ آرثّر ، أناّ أريدّ أن أعلمّ إلى ماذاّ تخطط ؟ ما الذيّ سّوف تفعله بّخصوصّ ماري ؟ و كيفّ ستستغّل معـّلومات التيّ فيّ الملفّ ؟
مرتّ دقّائق لمّ يجّبها آرثّر بل إكتفى فقطّ بأن يّربت على رأسهاّ بّخفة كّما لو كأنهاّ طّفلة تّبلغ الخامسّة من العـّمر ثمّ ابتسمّ بّحنان و نـظّر ناحّيتها
، أجاّبها بّنبرة دافئة و مبتسمّة
ـ لاّ تّقلقيّ كليّر و دعّي الأمورّ إلى أخيكّ ، أنـاّ أريدّ أنّ أكون نفسيّ دون اللجوءّ إلى هذّه الأسّاليبّ الخبيّثة و كماّ رأيتّ سّابقاّ فقطّ وافقّت على
أنّ أعملّ كنادلّ فيّ ملهى صدّيقيّ لذلكّ لا أظننيّ بحاجة إلى ذلّك الملفّ ،
نـظرتّ إليه كليرّ بّصدمة و زمتّ شفتيهاّ بالرغم منّ أنها غّير موافقة على قرّاره بّالعملّ كنادلّ لكنهاّ لم تستطعّ أن تعّارضّ رغّبته ، إنهّ يريدّ
أن يّثبت نفسه أمامّ والدّها و إنّ أرادّ أن يّفعل ذّلك فّهي ستسّانده حتما لكنّ ماذاّ عن ماري؟ و ماذاّ عن المعّلومات التيّ بالملفّ ؟ هيّ تقومّ
باستغلالّ نايت لّبيرّ دونّ علمه فهل من صّائبّ أن يتركوهاّ تفعل ما تشاء ؟
تنهدتّ باستياء و قّررت أن تتجـّاهل وجودّ ماريّ منّ حيّاتهاّ ، فيّ النهايةّ هي لمّ تفّعل لهماّ شيئّا لكنّ أخطاء والدّها تلاحقّها إلىّ حيثماّ ذهبتّ ،

/

مساءّ يـوم الإثنينّ فيّ غـّرفة المعّيشة الواسعةّ ذاّت الطـّراز القديمّ الفخمّ ،كـّانت ماريّ تجلسّ على الأريـكّة الحمـّراء ذاّت طـّلاء ذّهبي مرتدّية
فستانّ سهرةّ نيّلي طّويل عـّاريّ الظهرّ و عقدّ ألماسّ ذوّ أربّع و عشرونّ قّرطّا قدّ أعطّته لهاّ الخـّادمة سوزيّ بّطلب من فرانسواّ و جّعلتها ترتديّ
هذه الملاّبس الأنيّقة فيّ حين غّرة لكيّ تأمرهاّ أخيراّ بالجلوسّ هناّ ،
رمشّت بّعينيهاّ مراراّ و تكـّرارا بينما النومّ يداّهمهاّ لتّضع يدهاّ خلفّ رأسها بّبطء خاّئفة من أن تفسدّ تسريحتهاّ ثمّ أسندتّ نفسها علىّ ذّراع
الأريكـةّ و حاّولت أنّ تبقى متيقظة لماّ يحدثّ من حولهاّ ، حينّ لمحتّ سوزي تّركضّ مسرعةّ ناحيتها و هيّ ترفعّ مريّلتها البيضّاء لتتوقفّ أمامهّا
لاهثة قدمتّ لها هديّة مغـّلفة زرقّاء اللون و قـّالت بّنبرة متعبة
ـ تّفضلي سيدّتي و أحرصّي على تقدّيمهاّ إليهّ فيّ الوقت المناسّب ،
ثمّ غـّادرت كماّ لو كأنها لم تكنّ هنا قطّ لترفّع ماريّ الهدية الصّغيرة بّقليلّ من الشكّ ، هناكّ أمرّ غريبّ يحدثّ فيّ القصّر فّكل الخدّم مشغولينّ و يوجدّ
العديدّ منّ التجّهيزات كتغّير ديكورّ غرفة المعيشة هذاّ و تغيـّر بساطّ الأروقة أيضّا الكمّ الهائلّ من الأطباّق الجانبية الموضوعّة في المـطبّخ ، تنهدتّ
بّقليل من الغيضّ فّلم يخبرها نايت أيّ شيء عن هـذاّ و قدّ مضى يومينّ آخرين لمّ تحدثّه خلالهماّ و لمّ تلتق بهّ كثيّرا فوضعتّ يدّها على خدّها بّتعب
و أخذت ترّاقبّ التحضّيرات لفترة من الوقتّ
تتثاءب تـّارة و تّغلقّ عينيهاّ الواسعتينّ تارة آخرى متّململة منّ هذاّ الجـّو حينماّ طفّح بّها الكيّل فّوقفت و إتجّهت إلى إحدىّ الخـّادماتّ التي تـّنظفن
الردهة لتتحدثّ بّتوتر
ـ أرجواّ المعذرة لكنّ هلا أخبرتنيّ ما الأمرّ ؟
نـظرّت إليها الخـّادمة بّبرود و ثمّ عـّادت إلىّ عملهاّ غّير آبهة بّسؤالّ سيدّتها لتشعرّ ماريّ بّالإحراجّ فتـّوردتّ وجنتيهاّ خجـّلا و حركّت شعرهّا بّتوتر
واضحّ لتّتلعثمّ فيّ كلماتهاّ
ـ آنا أسّفة أزعجتكّ أثّناء عمـّلك ، سأغادرّ الآن
عـّادت إلىّ مكانهاّ لتجلّس كطفّلة مطيّعة و رأسهاّ للأسّفل ، إنهاّ ليستّ سوى ضّيفة مدةّ إقامتها قّصيرة تماماّ كماّ أخبرهاّ نايتّ فلماذاّ تطّالبّ سكان
هذاّ القصّر بتقبلها بينماّ حتىّ الشخصّ الذيّ اشترى تذّكرة الدّخول لهاّ لاّ يّريدّها ، تنهـدتّ بأسى بينماّ كانت سوزي تقفّ على مبّعدة مراّقبة ماّ يحدثّ
و قدّ ظهرّت علاماّت الكرّه بوضوحّ على وجههاّ فتقدّمت بّخطوات غّاضبة ناّحية تلكّ الخـّادمة لتّمسكّ بمعصمهاّ ، قـّالت بّصوت حادّ
ـ ما الذيّ تظنينّ نفسكّ فـّاعلة لسيدّة ماري ؟ إنهاّ زوجةّ سيدّ نايت لبيرّ و هي بّكل تأكيدّ فردّ من عـّائلة لبيّر فّما الذيّ تعتقدّين رئيسة الخدمّ ستفعل
إنّ علمت بّتصرفكّ المشين هذاّ ؟
نـظرّت إليهاّ الخادّمة بّغضّب و وقفّت لّتنزع معصمهاّ بكلّ قوة منّ بين يدّي سوزيّ ثمّ رمقّتها بّحدةّ و قـّالت بّعصبية
ـ و من تظنين نفسكّ لكي تتدّخليّ فيّ أفعالي ؟ أيضّا لا تتوقعيّ مناّ أن نعاملّ فتاة جّاهلة فقيرةّ مثّلها كّسيدّة فّالأمر واضحّ أنهاّ أتتّ لتهب السيدّة
نايت ثّروته
صّفعتهاّ سوزيّ لتلجمّ لسانهاّ عن الحديّث أكثّر لتعلو ملامحّ الصدّمة وجّه الخادّمة فّاقتربتّ بّسرعة و أمسكّت سوزيّ من شّعرهاّ جاذّبة إياهّ للأسّفل
، رمقّتهماّ ماريّ بّتوترّ و قدّ سمعت بّوضوحّ نقّاشهماّ فّركضـّت ناحيتهماّ و حاّولت أنّ تفرقّ بينهماّ قاّئلة بّرعب
ـ سوزي اتركيّ ذّراعهاّ ، آنستيّ أرجوكّ أتركيّ شعرّ سوزيّ .. توقفّا أنتماّ تخيفاننيّ ، لحـّظة
حينّ دوى صوتّ سقوطّ أثرية قدّيمة قدّ استرعى إنتباه الفتيات لتشهقّ ثّلاثتهنّ بّخوف و قدّ كان عّمر هذاّ المزهريةّ يتعدى نهاية الّقرن الثامن عشّر ،
تركتّهماّ الخادّمة لتسّرع بالفّرارّ بينما بّقيت كلّ من ماري و سوزي واقفتان تنظرّان بّكل رعبّ إلىّ آثر جّريمتهمّ همستّ سوزيّ بّقليل من الإرباك
ـ سيدّتي ربماّ يجدرّ بناّ الذّهاب نحن أيضّا
أومأتّ ماريّ بّالإيجاّب و استداّرت الاثنتينّ ممسكّتانّ بيدّي بعضهماّ بعضّا ليّركضا بأقصىّ سرعة حينّ لمحـّهم كاّيل و قدّ كان ماراّ ، نـظرّ إلى ماريّ التي
تواجّه صّعوبة في الهرب نظرّا لارتدائها الكّعب العاليّ بّرفقة إحدّى الخادّمات ثمّ نظرّ إلى تلكّ المزهرية التيّ لاقت حتّفها ،
ابتسمّ كاّتما ضحكـّته محدّثا نفسه
ـ لاّ يجدرّ بها الركضّ هكذّا فهذّه ليستّ المزهريةّ ليست سوىّ تّقليدّ قدّمت بّجلّبها بّعد أنّ كسرت المزهريةّ الحّقيقية ،
هزّ كتّفيه دّلالة على عدمّ الاهتمامّ عندّما طرّأت فيّ باله فكرةّ ماّ ، تلكّ المزهرية ثّمينة جداّ و عزيزّة على جّده فقدّ جلّبها صديّق قدّيم لأبّ جدّه
كتـذّكار علىّ نهايةّ الحربّ العّالمية الثّانية ، ثمّ لا أحدّ يّعلم أنهاّ مزيفة غيّره هوّ إذّا يمكنه استغـّلال هذّا لأجلّه ، ضحكّ مجدداّ و غـّادر حاّملا بينّ يدّيه ملفّا ،
اتجه إلى المصـّعد و ضغطّ على الطاّبق الثانيّ قدّ أتىّ خصّيصاّ من الشركّة خّصيصاّ لمّناقشة جدّه علىّ فكّرة قّضاء فّترة راحّة فإليزابيثّ تّرهقّ نفسهاّ بّكثّرة
جّلسات التصّوير و كّلاهماّ بحاجّة للراحةّ، لحـّظات حتىّ خرجّ عّابرا الأروقة ليصّل إلىّ مكـتّب جـدّه فّكادّ أنّ يّفتح البّاب على وسعهّ بكل صّخب كعادّته
عندّما انتقلّ إلى مسّامعه صوتّ إليـزابيثّ فجأة و هي تتحدثّ بّنغمتها المثّيرة الـّرقيقة المّغرية
ـ لماّ أنت هـكذاّ ؟ أريدّ فقطّ التحدثّ معكّ فّهلا أصّغيت إليّ ؟
اقتربّ كاّيل أكثّر منّ الثغرة ، ليّرى إليزابيثّ مرتدّية فستانّ السهرةّ قصيّرا يّصل إلى ركبّتيها و ذوّ لونّ قرمزيّ تمسكّ بّذّراع نايتّ الذيّ يحـّاول المغـّادرة
فّاتسعت عينيه على وسعهماّ بدّهشة ليسمعّ نايت يّتحدث بنبرته البّاردة المبحوحةّ
ـ ما الذيّ تريدينه إليزابيث؟ فأنا لست أمتلكّ الوقت الكافّي لّسماع تفاهتك يجبّ علي تحضّير للحفلة لذّلك أيّا كانّ ماّ تريدّ قوله اختصريه
أنزلّت إليزابيثّ رأسهّا و قدّ غطتّ خصّلاتها السوداّء مّلامحّها بينماّ كانّت قبضة يدّها تشتدّ حولّ ذّراعه رافّضة تـّركه ، لحّظات حتى استجمعّت
قّوتها ثمّ و بين يدّيها أمسكّت بّوجنتي نايتّ لتسحبّه نحوها على نحو مفاجئ لتّطبّع قّبلة عميّقة على شّفتيه ،
نـظرّ إليها نايت بعينينّ واسعتينّ عكسّتا مدىّ الدّهشة التيّ تركّتها إليزابيثّ بدّاخله فكانّ غيّر قادّر على الحـّركة ، بادّرته إليزابيثّ بنظرات
حزينـّة و أليمة لتهمسّ بكلّ أسىّ
ـ نـّايت ، أرجوكّ خلصّ قلبيّ من حبكّ فّأنا لمّ أعدّ قادرة علىّ الاحتمال أكثّر إنهّ يؤلمنيّ و يحطّمني ، إنـهّ يّؤرقنّي و يّصيبنيّ بالجنونّ ..
جنونّ حبكّ نايت


//
__________________
  #38  
قديم 12-28-2015, 11:34 AM
oud
 
شـآبترّ الثالثّ و العّشرين

سّقـوطّ الأقّنعة


ظلّماتّ دّهاليّز لندّن و أحيّائهاّ الفّقيرة لاّ يّقارنّ أبداّ بّذلك الظّلام و تلكّ الوحدةّ التيّ تكمنّ خلفّ القـّلوب فبرّغم منّ شّروق الشّمس
و انعدام الضّباب بهذاّ اليومّ إلاّ أنهّ بّمثّابة بدّاية لّطّريق الموتّ البطيّء لّكايلّ ، فسقطّ الملفّ من بيّد أنامله المرتجفّة و تّلاها دّموعّ
الحسر و الندم لمّ يدّري متىّ بدأتّ دموعهّ بالانهمار و لمّ يـّعلم منّ أيّ نقطّة تحطّم قّلبه لأشّلاء أمنّ سمّاعه لاعتـّرافها المحقونّ بشّتى
أنواع العواطفّ لّشخص غّيره أوّ من تلكّ الّقبلة العميقّة التيّ و قبّل أنّ تّلمس شّفتين كّانتّ طّريقاّ لّفتح قلب نايتّ البّارد و طريقّا لّكسرّ حبّه
المجنون ،
رأى نايت يّتقدم مّسرعا بّغيرّ ملامحّ البّرودة التيّ دوماّ ماّ كانت قناعّا يرتديه على وجّهه و بدّون تنكرّ أوّ قّناع آخر كاّن قّلقّا و شاحبّا حيّنما
تهاوتّ إليزابيّث و قدّ خانتهاّ قدّميها لّيمسكّها مانعّا إياهاّ من الارتطام بّالأرضّ فّهمسّ بّشيءّ ماّ بالقّرب من أذّنها بّقّلق ، حينهاّ أدركّ كاّيل
شّيئاّ لمّ يكنّ يّعلمه طـّوال هذّه السنينّ ، أنهّ مجردّ دّخيلّ بينّ هاذّين العـّاشقين .
قدّ كـّانت ماريّ قـّادمة تّضع يدّها على قّلبها و هي تلّهث منّ التعبّ بّعد الـعدوّ السريعّ الذيّ جّعلتها سوزي تقومّ به لكيّ يهربّا من بينّ براثن
رئيسة الخـدمّات حينّ لمحتّ كايّل واقفّا أمامّ باّب غـّرفة مكتّب جدّه بّملامحّ غـّريبة بينماّ هناكّ دمعة شّقت طّريقها على خدّه فّاقتربت منه
مسرعة لتهمسّ بنبرةّ قلّقة مشدوهةّ
ـ كـّايل ، ما الذيّ يحدثّ ؟
أخفضّ رأسهّ و لمّ تعد قدميه قادرتان على حملّ هذاّ العبء الثقيّل ، لقدّ رأى بّعينيه هاتينّ زوجـته و حبيبتهّ ، منّ ملكتّ قّلبه فيّ يوماّ ماّ
تحـطّمه إلى أشّلاء و تدوسّ عليهّ بعدّ أن أنتهتّ من استعمالهّ فكيّف لها أن تقّبل نايتّ و لا أحدّ غيرّ نايت خصمهّ اللدودّ ؟ لقدّ سمعّ بأذنيه
هاتينّ اعتـرافها الصادقّ ، ما العمـّل ؟ كمّا لو كأن العـّالم بأكمله قدّ انهار من حوله ،
وضعتّ ماريّ يدّها علىّ كتّفه فّسّارعّ بمسحّ دموعهّ لكنهّا لمّ تكفّ عنّ النزولّ و لمّ تّكف أناملهّ عن الاستمرّار فيّ مسحّها لذّلك تقدّمت
ماريّ و حّاولت النظرّ من خلالّ فتحةّ البّاب ، وجدتّ إليزابيثّ تستندّ على ظّهر نايت محتّضنة إياهّ من الخـّلف فّاتسعتّ عينيهاّ بّصدّمة عندّما
استداّر نايتّ ناحيّة إليزابيثّ ممسكاّ بوجّنتيها بكلّ خفةّ ثمّ انحنّى كيّ يهمسّ بشيءّ ماّ ،
عمّ صمتّ و لمّ يستطعّ أحدّ عنّ يقطـّعه لكنّ بّهدوء مفـاجّأ مدتّ ماريّ يدّها لتلتقطّ ملّف الذيّ أسقطّه كاّيل و تـّرفعه ، نـظرّت إليه بّكل ما تحّمله
معّانيّ الشجونّ و الألمّ ثمّ ابتسمتّ لهّ و منّ أجله داّفعة إياهّ لّصمودّ قـاّلت بضحكّة
ـ يّا إلهيّ ، المكانّ مظلمّ هناكّ بالكادّ أستطيّع أنّ ألمحّ شيئّا و أظنّ أنّ الجدّ ليسّ هناّ لذلكّ دّعنا نؤجلّ الحديثّ بشأن الرحـّلة إلىّ وقتّ آخر
ثمّ تأبطّـتّ ذراعه بّمرح و سحبّته مبعدّة إياهّ عن تلكّ الغّرفة المـظّلمة كماّ وصّفتهاّ ثمّ أخذتّ تتحدثّ في مواضيعّ عدّة لاّ علاقة لهاّ ببعضهاّ
البعضّ بينماّ كان هو يومأ بّالإيجاّب دون دّراية لماّ تتفوهّ بهّ حينماّ خرجتّ إليزابيثّ و خلفّها نايتّ مرتدّيا بذّلته الرسميةّ السوداّء ، استداّرت
ماريّ ناحيّتهما و قدّ لاحـظتّ نظراّت نايتّ البـّاردة و الغـّامضة فّابتسمّت بكلّ مرحّ بينماّ كانّ كايّل غيّر قادرّ على الحركةّ محاولاّ بّشدة أنّ يكتمّ
أعّصابه الثّائرة و النّـارية فيّ حينّ أنّ ماريّ تستمرّ بتمسكّ به قـّالت بّضحكةّ
ـ عـزيزيّ ، نحنّ أيضّا بّصدد رؤية سيدّ بيترّ بشـأنّ ..
اقتـّربّ نايتّ منها و ركـزّ النـظرّ إليهاّ فّلطاّلما كّانت عّينيها تعكسّان مدّى صدقّ قولهاّ أو هـذاّ ماّ يّعتقدّه لكّنها بهذه اللحظةّ قدّ اختفى لمعّانهماّ
فجأة كماّ لو كأن ذلكّ الزجاجّ الذيّ لطالماّ عكسّ مشاعرها قدّ كسّر ليصبّح داكناّ عميقاّ و غامضّا فجأةّ فّابتسمّ بّبرود و ردّ
ـ إنهّ غيّر موجودّ،
أصّدرت آهة تدّل على إدّراكهاّ ثمّ هزتّ كتّفيها نفّيا و هي تنظرّ بّخفية إلّى إليزابيثّ المبتسمةّ بكلّ جّرأة و رقّة بينماّ قدّ أختفى قّليل منّ بريقّ
أحمرّ شّفاههاّ ، لمّ تكنّ ماريّ يوماّ لتلاحظّ ماّ يحدثّ من حولهاّ لكنّ نـظرّات إليزابيثّ المنتصّرة و حديثّ نايتّ اللبقّ المفاجئّ أمرّ لاّ يمكنّ
على إمرأة عّاشقة أنّ تّغفله فّضحكتّ مجدداّ ببحـّة قّبلّ أن يّجرؤ على وّصفها بالسّافلة الحّقيرة التيّ قدّ وضّعت قيمةّ نقديةّ لكرامتهاّ أليسّ
من الأحسنّ التفاتّ بجاّنبه ؟ فقّالت بّمرحّ
ـ حسناّ لا بأسّ ، إنهّ ليسّ بذلكّ الموضوّع المهمّ على أيّة حاّل يمكنناّ تأجّيله ..
أمسكّت بذّراع كايل لسحبّه لكنّه لمّ يتحركّ قدّ أنملةّ ، فّرمقّته بّقلقّ و رعـّب لكنهّ وضعّ يدّه حولّ كّتفيها بحركةّ صبيانيةّ مستدّيرا ناحيـّة نايتّ
متحدثّا بّلهجةّ غّريبة
ـ آشششّ ماريّ أنتّ لا تّردينّ كشّف سّرنا ،
ابتسمتّ له بّملامحّ لطّيفة رقيقّة فّنـظرّ إليهاّ كايلّ بعينين باهتتين قدّ غاّدرهماّ بريقّ الأملّ فيهمّا ، كّانت تّعلم تماماّ ما السرّ الذيّ يختبأ خلفّ
هاتينّ العينينّ لقدّ كان قّلباّ محطماّ أحبّ إمرأة لمّ تكنّ لتستحقّ كلّ ذلّك العشقّ الذيّ يّكنه لهاّ ، إنهاّ إمرأة خـّائنة رفضّ قّلبه أن يدّعها و شأنهاّ
حّاولت ماريّ أن تّتحدثّ لكيّ لاّ تّجعل ضّعفه يّلمح منّ قّبلهمّ لكنهّ و بكلّ هدوء لفّ ذّراعيه حولّ خصّر إليزابيثّ و قّبلها بّخفة علىّ شفتيهاّ
ليهمسّ بّنبرة متّلاعبة
ـ لقدّ اشتقتّ لرؤيتكّ عزيزتيّ ،
لمّ تستجبّ إليزابيثّ لتّرحيبه فّقد كانّ ذّهنها شّاردا و هي تراقبّ نـظرّات نايتّ البّاردة نحوهماّ ، فّابتعدتّ عن كايلّ بّقليل من الانزعاج و سّارعتّ
بخطّوات متباعدةّ ناّحية جناحهاّ فّحركّ كايلّ خصلات شعره البني بّعشوائية و سـألّ نايت بكلّ بّراءة
ـ أتعلمّ ماّ بها ؟
رمقّه نايتّ بّحدةّ و تجّاهله كعّادته ليّغادر هوّ الآخرّ فيّ حين كاّن وجّهه شّاحباّ بشدةّ ، غيرّ قّادر على استيعابّ ما فعلته إليزابيثّ تواّ ، بّعد إختفاء
الإثنينّ تنهدّ كايلّ بّأسى شديدّ و جلسّ مستنداّ على الجداّر الذيّ خلفه واضعاّ رأسه بينّ ذّراعيه ، زفرّ لوهلة محاّولا إدّخال بعضّ الهواءّ المنعشّ
إلّى رئتيه أوّ ربماّ إلىّ قلبه إن استطاعّ لكنه لم ينجحّ في ذلكّ لتّجلسّ ماريّ أمامهّ مستندّة على ركبتيهاّ ، ابتسمتّ له بكلّ لطفّ و حنانّ ثم قّالت بّرقة
ـ كايّل ، هلّ أنتّ بخيرّ ؟
لاّ هو ليسّ بخيرّ بكلّ تأكيدّ، يحاّول جاّهدا كتمّ دموعهّ قّهره و عّجزه، لقدّ كافحّ منّ أجلهاّ يّحاول فّعل المستحيلّ فقطّ لرضاّها لذاّ لا يحقّ لها
تركّه هكذاّ، ليسّ بعدّ أنّ وجدّها بعدّ أن أحبّها قلبهّ بّصدق ، زفّر بّقوة متماسكاّ ثمّ نـظرّ إلىّ ماريّ ، كانتّ تّرمقه بنظراتّ حزينةّ أليمةّ لكنهاّ
فيّ نفسّ الوقت ذاتّ رقّة و حنانّ علىّ حاله ، أمسكّ بمعصمها فجأة لتّضع هي يدّها على كتّفه مبتسمةّ ليتحدثّ بكلّ برود
ـ ماريّ يستحسنّ أن تبتعديّ عنيّ الآن فّأنت لا تّدركين ماّ أنا قادرّ على فعلهّ للانتقام، إذّ أنه يصّح لناّ الجلوسّ على نفسّ الجّهة
أخفضتّ رأسهاّ لثانيةّ محاّولة التماسكّ أنّ تصنعّ منّ خلفّ هذّه الدموعّّ حاجّزا قّوياّ يمنع تسربّ الألمّ لهاّ ، يكفيّ حّزنا و يكفيّ قّتالاّ بهذاّ
الحبّ الغيرّ متبادلّ فّلم يكنّ هناكّ أبداّ مقعدّ لهّا منّذ البداّية إنهاّ تذّكر تّماماّ أول لقاءّ لهماّ لقدّ اعتبرتهّ أفّضل ذّكرى قدّ نالتهاّ لكنهاّ لمّ تكنّ
كذلّك ، لقدّ كانّ نايتّ يحاولّ جاهداّ تلكّ الليلةّ أنّ يّعيدّ الجليدّ لّيملئ قّلبه بعدّ أن حطمتهّ إليزابيثّ و أرادّ أن يّثبت لهاّ أنهّا قدّ أصبحتّ من
الماضيّ فّوجدّ ماريّ أمامه ،
رفّعت عينيهاّ بتلكّ اللحـّظة و برزتّ مدىّ القّوة التيّ تحملهاّ ، بالّرغم منّ أنهاّ بالكاد تستطيعّ الدّفاعّ عن حبهاّ غيرّ وضعّت يدّها على كتّفه
لتضّغطّ عليهاّ بّخفة فعمتّ ملامحّ الصدّمة كايل ، ابتسمّت لهّ بّهدوء و أجّابته
ـ نحنّ لن نكونّ أبداّ فيّ جهـّة واحدّة كايلّ فأناّ فيّ النهايةّ لست سوىّ ظلاّ يسايرّ الظلامّ أينماّ كانّ، لكنّ سأساندّك بمعركتكّ هذّه
لوهلةّ من الزمنّ عّمت ملامحّه الحزنّ العميقّ غيرّ أنه سّرعان ماّ طرّدها ليّظهر ابتسامتهّ السّاخرة المتلاّعبة ذات النبرةّ القّوية ، قّال بكلّ برودّ
ـ حقاّ ؟ لأنّ لناّ مصالحاّ متّضاربة على ماّ أعتقدّ ؟ لكنّ لو أنّك تّعلمين خلفّ ماّ رأيته أبواباّ لماّ كنتّ لتساندّيني ، أنهاّ معركّة خاسرةّ مادّمت
إليزابيثّ خصمكّ
رمشتّ عدةّ مـراتّ بصدّمة ، مصالحاّ متضاربّة ؟ هيّ لست تحاول دّفعه لّكسبّ قلب إليزابيثّ من أجلّ أن تنالّ هي حبّ نايتّ لكنهاّ تريدّ له
الكفاحّ من أجلّ حبّه ، أنّ لا يستسلمّ منّ أولّ محاولةّ ، لكنّ ما الذيّ يّقصده بّخلفّ ما رأته أبواباّ ؟ أهذاّ يعنيّ وجودّ المزيدّ منّ الأسرار ؟
فّهمستّ بّنبرة ضّائعة
ـ ما الذيّ تّقصده كايّل ؟
حينهاّ ضحكّ بقوةّ ، فّوضعّ يدّه على كتفهاّ بّسخرية شديدّة ليّقترب و يّحضنهاّ بخفةّ بينماّ ماريّ ليست مستوعبةّ لمّا يحدثّ من حولها على
الإطّلاقّ ، تحدثّ ببرود
ـ دّعيني أحزرّ ، أنتّ لا تّعلمين عنّ نايت شيئّا ؟ بالطبّع و إلاّ لماّ بقيت بجانبهّ حتىّ الآن ، الشيءّ المثيرّ لضحكّ هو أننيّ أشفقّ عليكّ أكثرّ
مما أشفقّ علىّ نفسيّ بهاته اللحظة
ثمّ وقفّ و أشارّ بيدّه حّركةّ الانتصار ثمّ الهزيمة ليّغادرّ متمتماّ بكّلماتّ أغنيةّ ماّ ، بينماّ بقيتّ ماريّ لوهلة فيّ مكانهاّ ما الأمر معّ هذّه العّائلة ؟
لماّ كلّ شيءّ معقدّ من حولهمّ ؟ فّأخذتّ تسيرّ بّشرودّ عندّما تذّكرت إليزابيثّ و هي تحتضّن نايتّ من الخلفّ هامسةّ له ، انتـظرّت منهّ أنّ يبررّ
وجودّه بّرفقتها لكنّه زفّر بكلّ قّلة صّبر لّيتقدمّها مغّادرا، فأغّلقت عينيهاّ بّقّليل من اليأسّ ما الذيّ توقعتهّ منه ؟ أّن يّعلل سّبب وجودّه معّ إليزابيثّ
لوحدّهما ؟ أمّ يتأسّف لهّا عنّ كلّماته القّاسية ناحّيتها ؟ إنّ هذاّ ليسّ من شيّم نايتّ و بحلّول هذّه المدّة يجّب عليها أن تدّرك ذلكّ فنايتّ التيّ تحبـّه
لا وجودّ لهّ ، و مهماّ حاولتّ هيّ لن تستطيّع أن تغّرز بذّور حبّها فيّ قّلبه ، لقدّ فّشلت و لمّ يعدّ يوجدّ مكان لهاّ بعدّ الآن فهـذاّ القصّر فابتسمتّ بّقهر
و جمعـّت قّبضتهاّ لتتجـّه إلىّ غـّرفة المعّيشة عّابرة السّلالمّ و ذّهنهاّ شّاردّ ، عندّما تّعّثرت بّثوبهاّ فّبحركّة مفّاجأةّ هوتّ علىّ الأرضّ لّتسقطّ لكّنها
و بّسرعة مدتّ يدّها لتمسكّ بّسور الّسلالمّ الحّلزونيّ ليرتطّم رأسهاّ بكلّ قوة علىّ الدرجّ ، تأوهتّ بألمّ غيّر أنهاّ نجّحت فيّ التماسكّ بأخر اللحـظةّ ،
كاّن هـذاّ بمّثابة النجاّة من كاّن هـذاّ بمّثابة النجاّة من الموتّ حينماّ وجّهت عينيهاّ إلّى الأسّفل مقّاومة رّغبتها الحاّرقة فيّ ذّرف الدّموع فّهمست
بّنبرة متألمةّ كاّتمة شهقاتّ بكاّئها
ـ لاّ بأسّ الحـوادثّ تحصّل
فأغّلقت جفنيهاّ بّقوة محاولّة أنّ تكتّم هذّه الدموعّ إلاّ أنهاّ أبتّ إلاّ و النزوّل فّشقت طّريقهاّ بّهدوء على وجنتيهاّ الوردّيتينّ، لمّ يكّن ألمّ جسّمهاّ
يّؤلمهاّ بقدّر ما كاّن قّلبها قدّ تحطّم إلى أجّزاء فيّ ظرفّ ثّانية ، فّشّهقت مّرة آخرى و نـزعتّ يدّيها عنّ وجههاّ لتبدّأ بالبكاءّ و بصوتّ عاليّ تئنّ
له القّلوبّ ،
كلّها أكاذّيب ألقاهاّ عليهّ نايتّ كتعويذّة تّوغلتّ هيّ فيهاّ فّصدقتهاّ بكلّ ركنّ منهاّ ، إلاّ أنّ هذّه التعويذّة تّبقى مجردّ أكذوبةّ فّهل منّ منقذّ ؟
يّقيها هذاّ العذاّب ؟
جّمعت ركبّتيها إلىّ صدّرها و أسندتّ رأسها عليهماّ لتكتمّ صوتّ بكائهاّ لكنهاّ فشلتّ ككّل شيءّ حاولتّ فعله فيّ حياتهاّ، فتحتّ عينيهاّ بّضّعف
و صوّرة واحدةّ احتلتّهماّ قدّ غزتّ كياّنها بأكمله لقدّ كانّ صادقّا نحوهاّ ، قّلقاّ عليهاّ علىّ إليزابيثّ .. سّارع إلىّ إمساكها و التشبثّ بهاّ خوفّا عليهاّ،
فيّ النهايةّ لقدّ شّاركت فيّ حربّ كانتّ تّعلم منذّ البداّية أنهاّ خاسّرة
وضّعت يدّ علىّ كتفهاّ بّهدوء فّسّارعت بّمسحّ دموعهاّ رافّضة أنّ يّرى أيّ أحدّ حالتها المزريةّ هذّه و استداّرت لترسمّ على شفتيهاّ ابتسّامة لطّيفة
رقيّقة فّتحدثتّ بّبحةّ ذاّت رنةّ واضحةّ خلفّ صوتهاّ الحزينّ وأشّارت علىّ جبّهتهاّ بكلّ مرحّ
ـ لقدّ سّقطت علىّ السّلالم سوزيّ
لكّن ابتسامتهاّ المرحّة اختفتّ أدراجّ الرياحّ حاّلما رأتّ نايتّ يّقف أمامهاّ و علىّ ملامحّه نظّراته الباّردة الداّئمةّ ، زفّر بكلّ ضجرّ ثمّ جلسّ بجاّنبهاّ
علىّ السّلالمّ محاّولا أنّ يّخفف منّ ضغطّ ربطّة عنقهّ عليهّ بعدّ أنّ ارتدى بذّلته السوداّء الرسمّية ، فّتح شّفتيه لّيتكلمّ لكّنه أغّلقهّما مجدداّ بّغيضّ ،
فّأبعدتّ ماريّ وجّهها عنه و هي تّضعه علىّ ركبّتيهاّ ، قـّالت بنبرةّ خافتةّ
ـ ماذاّ تّريدّ ؟
رمّى بّعلبة صّغيرة رمـّادية مستطيّلة الشّكلّ فرمقّته مارّي بدّهشة لكنهاّ فتحّتها لتجدّ قنـّاعاّ علىّ شكـّل فـّراشة أسودّ بّخطوطّ ورديّة يّوضع حول
عينيهاّ كالوشمّ إذّ أنهّ يلصّق و لاّ يّربطّ فّنظرتّ إليه بإستغّراب ، إنهاّ المرة الأولى التيّ ترى شّيئا كهذاّ فّتحدثّ نايتّ بلهجته البّاردة المبحوحّة
ـ ضّعيه فّنحن سنّحضر حفّلة تنكريّة
زمتّ شفتيهاّ بّتعاسّة و حاولتّ أنّ ترتدّيه لكنهاّ لمّ تجدّ وضعه خصوصّا و أنهاّ المرّة الأولى التيّ تحضّر فيهاّ حفّلة تّنكرية لذّلك تقدّم نايتّ منهاّ
متنهداّ بكلّ كرهّ ، رفّعه و لامستّ أنامله الطّويلة وجّنتيها بينماّ هو يّثبته بكلّ خفةّ حولّ عينيهاّ ، لذّلك ابتسمتّ بّكل لطفّ لتّركيزه الشديدّ على
إتقانّه عندّ انتهاّئه اقّترب منهاّ أكثرّ و وضعّ قّلادّة ذاّت أسّلوب راقيّ ناعمّ حولّ رقبتهاّ ثمّ همسّ بّنبرة باّردة هادّئة
ـ أنـّا لّنّ أعيدّ الخطأ مرتّين ماريّ ، لذلكّ بكاءّك لاّ جدوى منه
رمقّته بكلّ دّهشة لتلامسّ يدّيه وجّنتيهاّ ، كاّن ينـظرّ إليهاّ بّعينينّ داّكنتينّ زرقاوتينّ شديدّتا الظلمةّ كّجو لندّن مليئتين بالغّموض كأنه يطمئّنها
بطّريقة غيّر مبّاشرة ، ما الذيّ يعنيه بالخطّأ و ما الذيّ يقصدّه بمرتينّ ؟ فّتلعثمتّ محاولةّ إيجادّ الكلماتّ المناسبةّ فيّ هذّه اللحظةّ عندّما انهالّ
إلىّ مسّامعهاّ صوتّ إليزابيثّ السّاخر و المستهزئّ كعادّتها
ـ هلّ نفذتّ جميعّ الغرف لتّقبلهاّ أعلّى السّلالم نايت ؟
وصّلا كّلا منّ إليزابيثّ المتأبطّة بذّراع كاّيل الهادئّ على غّير عـّادته بينماّ الجدّ بيترّ خلفهماّ حاّملا معـطفّه و يقف بّفّخر تظهرّ عليهّ صّفاته
الإستقراطية ، نـظرّت ماريّ إلىّ إليزابيث و قدّ كانت أنيقة كعادتهاّ بّفستانهاّ البنفسجيّ الضيٌّق و قناعّهاّ الممسكةّ به ، ابتسمّ نايتّ بكلّ جاذّبية
و أجاّبها بنبرةّ متلاعبةّ
ـ هلّ أصّبت بالغّيرة إليزابيثّ ؟
احمرت وجنتي إليزابيث إحراجّا و تلّعثمت محاولة الاجاّبة لكنهّ تجاّهلها و هوّ يّساعد ماريّ على الوقوفّ فيّ حين رمّقها كايّل بّكل برودّ كمّ
يغتاظ من تصّرفاتهّما هذّه،عندّما تّحدثّ بيترّ بحدةّ مغّيرا دفّة الحديّث بّنبرةّ محذّرة
ـ يّا شّبابّ أناّ أحذّركم من الآن عنّ الأفعال الطاّئشة ، لاّ تحرجونيّ أمامّ دعوةّ صديقيّ أتفهمونّ ؟ كايّل لاّ أريدّ تلاّعبا بّالألفاظّ و نايتّ حاّول
أن تكونّ مهذبّا و لو أننيّ أعلمّ أنّ هذاّ لا يجريّ بدّمك ، أيضّا إليزابيثّ تجّنبيّ الصّور العديدّة التيّ لا فائدّة منهاّ و ماريّ حـاولّي أن تنسجميّ
مع الّبقية و لو أننيّ أعلمّ أيضّا أنكّ حالة ميئوس منها
كتمّ فرانسواّ ضحكتّه و هو يتبعّ السيدّ لبيرّ على ملامحّ الأربّعة المصدّومة ، إذّ أن بيترّ يّعتبرهمّ مصدرّ إحراجّ فّزمّ كاّيل شّفتيه بكلّ غيضّ
و تـّبعه بّرفقة إليزابيثّ التيّ لا تّقل عّنه غيضّا ، بينمّا هزّ نايتّ كتفيه غيرّ مهتمّ لرأيه و أخذّ يحاول تّخفيفّ ضغطّ ربطّة عنقه مجددّا و هو يّسير
بخطواتّ كسّولة خّلفهمّ ، فيّ حينّ رمشّت ماريّ مراراّ و تكراراّ قبّل أن تستوعبّ عددّ الصدّمات التيّ تّلقتهاّ اليومّ فّصّاحت بّنبرة مستّاءة مشككّة
و هي تّسير بّجانبّ نايتّ
ـ أناّ لست حالةّ ميئوس منهّا، أليسّ كذلكّ ؟ أعنيّ يّمكننيّ التّصرفّ كالأميّرات إنّ أردتّ ذلكّ أليس كذلك ؟
رمقّها نايتّ بّعينينّ حادّتين داّكنتينّ ملّيئتينّ بّسخرية واضحّة فّشهقتّ بكلّ صدّمة ، هذاّ يعنيّ أنهاّ ليسّ كفأ لتّكون فّرد من عّائلة لبيرّ ، فّشعرتّ
بالتعّاسة إذّ أنهاّ لمّ تستطعّ الفوزّ بحبّ زوجّها و لاّ حتىّ والدّها ثمّ إلىّ جانبّ ذلكّ تّصنف كشّخص بلاّ فائدةّ و قّبل والدّها فيّ القانونّ و ما الأكثّر
إذّلالّا ؟ عّاد نايتّ ينظرّ إليهاّ ليجدّ الدموعّ تتّرقرقّ فيّ عينيهاّ مستعدّة لنزول فّتنهدّ بضجرّ إذّ أنهاّ و خلاّل هذّه الأيّام تبدواّ أكثرّ ضعفاّ من المعتادّ
،حينّ خرجّ الحرسّ بّرفقة عائلة لبيرّ إلى تلكّ السّيارة السوداّء الطّويلة فّعادت تّرمشّ بّدهشةّ إذّ أن الحفّلة ليسّت فيّ القصّر ، إذّ لم تكنّ فيّ القصّر
فلماّ كل تلكّ التجّهيزاتّ و الحّلويات ؟ تحدثّت بّتعجبّ
ـ ألن تّقام الحفّلة فّي القصرّ ؟
ابتسمّ نايتّ بكلّ سخريّة و ربّت علىّ شعرهاّ المتموجّ قّليلاّ ، ثمّ تحدثّ بنبرةّ متهكمّة ذاتّ لهجةّ شديدّة السخريةّ
ـ أنظريّ إلى الجاّنب الإيجابيّ ، أنتّ عديّمة الفاّئدة بّل و بّلهاء أيضّا
تجاّهلت تّعليقه و سّارتّ إلىّ تلكّ السيارة السوداّء المّضللة الطّويلة التيّ بانتظارها عندماّ لمحتّ الخدمّ و هو يّسرعون بأخذّ كمّيات الحلوى
العديدّة مرّفقة بّهدّاياّ إلىّ شاحنة كبيّرة و قدّ صّعد على متنهاّ بعضّ من الخدمّ فابتسمّت بّبلاهةّ مشّيرة على الحـلوى ، أهذّه هيّ هديّته إلّى صدّيقه ؟
أليسّ هذاّ تبذيّرا ؟ فهزتّ رأسها نفّيا بأسىّ و صـعدتّ علّى متن السيارّة أخيّرا ،
كـّان هناكّ مقـّاعد عدّة ذّات لّون بنيّ يميّل للاصفرار ، الجدّ يجلسّ بكلّ برودّ بجاّنبه فرانسواّ الذيّ يّشرح لهّ كيفّية ترتيبّ الحرّس و مواقّعهمّ بينماّ
علاماتّ غيرّ رضى واضحة عليهّ فيّ حينّ أنّ كلاّ من كاّيل و إليـزابيثّ معّا أمـّا نايتّ فكعادتّه بينّ ملفّاته ، توترّت لكنّ عندّ رؤيتهاّ لكّلا منّ سوزيّ
معّ رئيسة الخدّم بجّانبّ بعضهما يّناقشونّ كيفيةّ وضّع الحّلوى و الهداّيا معّ طّريقة تقدّيمهاّ لذّلك تقدمتّ ناحّيتهماّ شّاعرة بالارتياح و كادتّ أن تجلّس
لولاّ أن نايتّ أمسكّ بمعّصمهاّ ثمّ جذّبها لتجلسّ بجّانبه ، نـظرتّ إليهّ مسّتغربة تصّرفاته اليومّ ألمّ يكن يتجاّهل وجودّها طوال هذا الشهرّ ؟ فما الذيّ
غيرّ رأيه ؟ زمتّ شفتيهاّ بّغيضّ بعدماّ أدركتّ السّبب خلفّ تّصرفاتهّ ، القّلادةّ و القّناعّ أو حتىّ سحبّها نحوهّ ليسّ سوىّ تمثّيلا لإثّارة غيّرة إليزابيثّ
جّعلها تصّدق أنهّ غير مهتمّ بهاّ ، فّثارتّ أعّصابهاّ التيّ حاولتّ جاهدةّ الحفّاظ عليهّا إذّ أن لا شيءّ يّجعلّ المرأة تغضّب أكثّر من شعورهاّ بالغيّرة
و الاحتقار حـّاولت تشغيلّ نفسها عبّر النظرّ منّ خلال النـّافذة لكنهاّ عادتّ ترمقّه بّغيضّ ، يتصرف كما لو كأن شيئا لم يكن بعدّ أن قام هو بطّردها و قول
أنّ رؤيتها فقطّ تصيبه بّالغثيان هاهو يجّبرها على الجلوس بجانبهّ ، مهما حاولت أن تفهمه فّهّي لن تفعلّ

__________________
  #39  
قديم 12-28-2015, 11:34 AM
oud
 
بّعد مـدةّ تّوقفّت السّيارة أمامّ قصّر فخمّ تهاوىّ الضّيوف إليه منّ جميعّ الأماكنّ و قدّ زينّوا أنفسهمّ بأبهى الحّلل لأشهرّ المصّممينّ و بأفخمّ المجّوهراتّ
فّنـزلّ سائقّ مسرعاّ لّيقوم بّفتح البّاب لسيدّ بيّتر ، لحـظةّ خروجّه سمعّت ماريّ أصواتّ الّصحافيين و هي تندّفع نّحوه بينماّ حراسّ فرانسواّ يحمّونه ،
خـّلفه كاّيلّ الذيّ تـّظاهرّ بترتيبّ سترتهّ بينماّ هّم يأخذونّ عدةّ صورّ له ، تتأبطّّ ذّراعه إليزابيثّ بّابتسامتهاّ المثّيرة و عينيهاّ المغّريتينّ كاّنت بالفّعل
محطّ أنظاّر الكّل ، ثمّ اقتربّ نايتّ منّ ماريّ ليّمدّ يدّه ناحيّتها ، ارتبكتّ و شعرتّ بدقّات قّلبها تّعلوا فجأةّ و لو كان الأمرّ بيدّها لعادتّ بّرفقة الساّئق
لكنّ نايتّ خرجّ بّهدوءّ ليعمّ ضجيجّ قدّ حاول بعضّ الصّحافيينّ تجاوزّ الحاجّز لّسؤاله لكنّ فرانسواّ منعهمّ عندّما استداّر ناحيّتها ثمّ جذّبها بّخفة منّ
خصّرها ، ارتبكتّ و وضعتّ يدّيها علىّ صدّره ليبتسمّ بّكل جاذّبية كماّ لو كأنهاّ نابعةّ من قلبهّ ، تمسكتّ به و همّ يجتّازونّ سجادّ الأحمرّ بينماّ هناكّ
العديدّ من الأسّئلة تطرّح على نايت خّصيصاّ
ـ سيدّ نايتّ لبيرّ هناكّ إشّاعات أنكّ قّمت بّتخريبّ شركّة جونسونّ ما مدىّ صحتها ؟ ماّ تّعليقكّ عن محاولة وريث جونسون قتلك ؟ هل يخطط مجلس
إدارة لبير لطردك ؟
نـظرّت إليهمّ ماريّ بّإستنكّار ما هذّه الأسّئلة ؟ إنهمّ يتهمونهّ بّقتلّ و تخريبّ شركة جونسونّ بينماّ همّ منّ أرادّوا العبثّ معهّ بينماّ سّار نايتّ بخطّوات
واّثقة كسّولة أمامهّا بملامحّ وجّهه البّاردة لوّ أنه يّنفيّ أقوالهمّ فقطّ ،حينّ تجاوزّ صّحافيّ ماّ حاجّز عابّرا السجادّ الأحمرّ ليّصل إلّى ماريّ أمسكّها
منّ ذراعهاّ لافّا إياها ناحيّته فّشعرتّ بالّرعب عندّما وجدتّه يضع قلنسوة بينماّ يقترب منها أكثّر لّيحيطّ وجّهها بيدّيه ، تحدثّ بصوتّ خبيثّ
ـ آنسة سندّريلا ماّ الذيّ تقولينه عنّ محاولتكّ المستميتةّ لسّلب نايتّ لبيرّ ثروته عبّر إجّباره على إعـطاّئك الـ 500 مليونّ دولارّ ؟
شحبّ وجّهها بأكّمله كماّ لو كّأن ملاكّ الموت قدّ داهمهاّ و ارتجّفت أناملهاّ فيّ محاولة يّائسة لإبعاد هذاّ الرجلّ عنها قدّ عجّزت تماماّ عن النطّق
طاّلبة لنجّدة لماّ جذّبها نايتّ منّ معصمهاّ ناحيّته فّأخفت وجّهها لتلفّ ذّراعيهاّ حوله بينماّ رمقّ نايتّ فرانسوّا بكلّ حدةّ ليتقدم منهماّ مسّرعا محـّاولاّ
الإمساكّ بّالرجلّ لكنهّ إختفى بينّ الحشودّ ، فأمرّ حراسهّ بّتعقبه بينماّ بقيّ هو خلفّ كلا من ماريّ و نايتّ مراّفقا إياهمّ إلىّ غاّية البوابةّ كيّ يتجنبّا
أسّئلة الصحاّفة فيّ حينّ أنّ كاّيل و إليزابيثّ و الجدّ أيضّا ينتـظرّون أمامّ المدّخل بينماّ يبدواّ من ملامحّهم علاماّت الغيضّ و عدّم الرضا فّكيفّ لهذاّ
الرجلّ أن يتجاوزّ الشرطّة و الحراّس بكلّ هذه السّهولة لّيصل إلى ماريّ لا و بلّ أن يمسكهاّ كفايةّ لّقول ماّ يريدّه
أحاطّ بهمّ الحـّرس بينماّ احتدت عينّي نايتّ لتّصّبحا بّلون أشدّ دّاكنة و أكثٍّر عمّقاّ ثمّ ابتسمّ مجاّملة لّصحاّفة لتتجه عاّئلة لبيرّ إلىّ داّخل القصّر ،
حينهّا كّانت الأضواّء منيٍّرة فيّ كل مكانّ و الضّيوف منّ جميعّ أنحاّء العّالمّ يَّضعونّ الأقنـعّة و أصّوات ضحكّاتهم يتّعالىّ معّ نغماتّ الموسيقّى الهادئّة ،
كّؤوسّ تّصطدمّ يبعضها البعضّ نخبّا ، حلّوياتّ و المقّبلاّت من ألذّ ماّ صنـّع .. وسطّ هذّه القّاعة الكبيّرة وجـدتّ طـّاولة وضعتّ عليها كعّكةّ عمـّلاقة
أعلاهاّ كلمّات مرحبّة لعودةّ ملكّ الإقتصادّ إلى بلدّه ، صديّق الجدّ بيترّ و مناّفسه الوحيدّ فيّ الأسواقّ فّتقدمّ بيترّ إلّى ذلكّ الرجلّ الذيّ يجّلس على
كرّسيّ مقعدّ و صّافحه بكلّ حرارةّ محتضناّ إياهّ ثمّ عرفّ عن إليزابيثّ التيّ كانت تبّتسمّ بكلّ رقة ناحيّته ،
رفّع كاّيل كمّ سترتهّ و قدّ أزعجّه ثمّ تخلّلت أناملهّ خّصلات شعرّه البنيّ بّكل كّسل حينّ نظرّ بطرّف عينه إلىّ ماريّ الشـّاحبة و وضـعّ ذرّاعه حول
كّتفيهاّ بحركّة صبيانيةّ ليهمسّ بّتحذيّر
ـ مارّي ابتسمّي بالرغمّ من حضّر دخول الصحافّة إلّى القّاعة لكنهمّ هناّ بكل تأكيدّ لذّلك لاّ تدّعيهم يأخذّونكّ كّموضوعّ رئيسيّ لهذّه الأمسيةّ ،
أومأتّ بالإيجاّب و ابتسمّت بكلّ توترّ ، هناكّ شخصّ آخر يّعرفّ بّأمرّ الديون و الـ 500 ملّيون دّولار عدى آرثرّ ؟ أيعقّل أنهّ سربّ الملفّ
فقطّ لأنها تجاّهلته ؟ لكنّ من ذلكّ الرجلّ ؟ و لماذا أخبرهاّ بدّلا أنّ يقوم بنشرّ هذه المقالة فيّ الصحيفة ؟ إنهاّ لا تملكّ أيّ فكرة منّ هذاّ الذيّ
يسعى خلفهاّ و منّ بجّانبهاّ و ما الذيّ يريدّونه منها ؟ ما الذيّ يمكنهاّ أن تفعله إنّ تسرّبت هذّه الأخبارّ إلى العامة ؟ ماذاّ إذاّ أجبرتّ علّى تركّ نايت ؟
زمتّ شفتيهاّ كاتمّة دّموعهاّ لّتهمسّ بنبرة باكيّة
ـ لاّ يمكننيّ أن أهـدأ
تنهدّ كايّل متفهماّ موقفّها فهذّه هيّ المرة الأولى التيّ تخرجّ فيهاّ إلى أحدّ الحفّلات بّصفتهاّ سيدّة لبيّر الثانية و أن تكون مستهدّفة منّ قبلّ الصحاّفة ؟
قّال بّضحكة
ـ يجبّ عليكّ أن تكونيّ مستعدّة ماريّ فأنتّ الآن بّمثابة الحّلقة الأضّعف و الموضوعّ الأكثّر إثارة فيّ العائّلات العريقةّ ،
يسّعدنيّ أنّ أتركّ منصبيّ لكّ الآن
أخفّضت رأسهّا بّإحراجّ كبيرّ من مناداّته لهاّ بّالحلّقة الأضّعفّ ، ألمّ يّقل لها نايتّ سّابقّا أن تكونّ قوية ؟ لأنهماّ معّا ، لأنهاّ معه ؟ الآن
و بهذّه اللحـظةّ يجّب عليهاّ أن تتماسكّ و لاّ تفكرّ بّهوية ذلّك الرجلّ فكلّ ما يهمّ هوّ أنّ تجّعل الجدّ فخوراّ بّوجودّها فيّ العـّائلة و أنّ لا تكونّ أقّل
شّأنا من إليزابيثّ ففيّ النهايةّ هي تلكّ المرأة الفّريدة التي تمكنتّ بالفوزّ بّقلب نايت فّي أنظاّر الصّحافة ، أمسكّها كايّل من ذّراعهاّ جاذّبا إياهاّ ناحيةّ
صديٌّق الجـدّ و هو يصّيح بّكل مرحّ
ـ مرحبّا و أهلاّ بّمدّمر الاقتصاد ، رؤيتكّ تنعّش الذّكريّات أيهاّ العـّجوز
ثمّ صافحّه بينماّ فلادميرّ ذلكّ الرجلّ العـجوزّ يّضحكّ بهدوء على تّرحيبهّ النادرّ ثمّ أشـّار كاّيل على ماريّ داّفعا إياهاّ إلىّ الأمـامّ و قّائلاّ بّضحكةّ
ـ و هذّه هيّ زوجّة وريثّك فيّ التدّميرّ ، ماريّ روبرّت ألقّي التحية
أومـأتّ بّخجلّ و اقتربتّ منه لتصّافحه بينماّ يدّها ترتجفّ فّأمسكّها فلادّمير مّظهراّ إبتسامةّ مجاّملة و أحدّ حاجبّيه مرفوعّ لتقيمهاّ ، هذّه الفتاة
من اختارها نايت ؟ لاّ تبدوا كذّوقه المعتادّ فّقّال بّصوتّ قويّ جمهوريّ
ـ أينّ هو نايتّ ؟ ألمّ يأتيّ برّفقتكم ؟
ـ أنـّا هناّ، سيدّي
نـظرّ فلادمير خلفه ليّجدّ نايتّ واقفّا بكّل بّرود حاملا بينّ أناملهّ كأسّ نبيذّ و قد نزعّ ربّطة عنّقه بكلّ ضجرّ بعدّما تّململ منّ محاولاتهّ المستميتةّ
فيّ جعلّ ضغطهاّ يّخف قّليلا ، إتجـّه إليهمّ و صافحّه بّكل برودّ ثمّ وجّه نظرّة حادّة إلّى كايلّ ليمسكّ بذّراع ماريّ جاذبّا إياهّا ناحيّته ، فابتسمّ
فلادميرّ هذّا الفتى لن يتغيرّ مطّلقا لابدّ أن بيتر حذرّه من تصرفاته الوقحة و إلاّ لماّ أتىّ ليصافحه فهوّ ذلك النوع المتعجرفّ الذيّ إن تحدثّ
كلماّته تهبّ من حول غيرهّ كنسيمّ مسمومّ ، أشّار على طـّاولة المخصّصة له و قّال بّابتسامة
ـ أرجوكمّ شاركونيّ الحديثّ هذّه الأمسيةّ،
فّإتجّه الكلّ إلىّ تلكّ الطـّاولة و جلسّ بيترّ بهيبته و فخرّ عاّئلته بجاّنبه الأيمنّ كاّيل برفقة إليزابيثّ و بجاّنبه الأيسّر نايتّ و ماريّ بينماّ فلادمير
أمامهمّ على كرسيّه المتحركّ فيّ طـّاولة مستدّيرة على جانبيه كلاّ من ماريّ و إليزابيثّ ،
كّان كاّيل غيّر مبّاليّا بموضوعّ الحفّلة كعّادته و إنّ لم يلزمّ عليهّ جدّه الحضّور لماّ كان هناّ ، يوجّه نـظرّاته فيّ كلّ مكانّ مراقّبا الضّيوف
فبرّغم منّ أنهّ مجبّر إلاّ أن عمـّله هوّ تحّليلّ شخصّيات العمّلاء و معّرفة إنّ كان اتفّاق معهمّ يستهلّ الشّراكة ، لكن هـذّه المرةّ فقطّ لم يهتمّ بّل
و بينّ عينيهّ كانّت تلكّ الصورّة لا تفّارق مخيلته و مهماّ فعلّ أو تحدثّ محاولاّ النسّيان إلاّ أنهّ يبدواّ مستحّيلا ، نسّيان إليزابيثّ التيّ تّقبلّ نايتّ
بكلّ شغفّ معتّرفة له بّمشاعرهاّ أمر مستحيّل له ، رمقـّها منّ خلفّ رموشهّ ليجدّها تبتسمّ خفيةّ لنايتّ الذيّ ردّ بكل عّجرفة على سّؤال فلادميرّ
، جمعّ قّبضته بّكل عّصبيةّ و أسّى فيّ نفسّ الوقت راّغباّ أنّ يّلكمّ نايتّ حتىّ لاّ يستطيّع الحـّركة فلماذاّ منّ بين جميعّ نسّاء إليزابيث ؟ ألمّ يّقل
أنهّ واقـّع فيّ حبّ ماري ؟
وجـّه نظرّه بخفّية إلّى ماّري التيّ تجلّس مكانهاّ كفتاة مّطيعة و لاّ يبدوا عليهاّ الانسجام معّهمّ ، أيّعقـّل أنهاّ تّعلم بحبّ نايتّ نحوّ إليزابيث لكنهاّ
لا تظهر ذلك ؟ هزّ رأسه نفّيا ، هذّا غيرّ معقول فّهي تحبّ نايتّ و ذلكّ واضحّ من حّركاتهاّ و نظرّاتّ عينيهاّ العّاشقة هلّ هيّ أيضّا مجردّ طرّف
آخر فيّ هذه العلاّقة السّرية ؟ هلّ تزوجّها نايّت من أجلّ إخفاءّ علاقته بإليزابيث؟ زفّر بّقوة و وقّف لّيرمقه جدّه بصدّمة فّابتسمّ بكلّ مرحّ قّائلا
ـ أرجّوا المعذّرة ،
كاّن الوضّع عاّديا كماّ لو كأنّ شيئّا لمّ يكنّ ربماّ هذاّ ماّ ظنتهّ ماريّ فيّ حينّ أحاطتّ نظرّات نايتّ الحـّادة و المتفحصّة كلّ القاّعة ، لقدّ أرسّل
فرانسواّ لإلقّاء القبضّ علىّ هذاّ الرجلّ الذيّ تجرأ على أنّ يتحداّه لكنّ لمّ يّصله خبرّ حتىّ الآن و لوّ لمّ يكن مجبّرا للبقاّء فيّ هذّه الحفّلة لّغادرّ
هو أيّضا لكيّ يعثرّ عليه ، كيفّ له أنّ يعلم بّشأن الـ 500 ملّيون دّولارّ لاّ بلّ حتىّ أنه حاولّ تهديدّ ماريّ أمامّ نـظرّ العّالم ، أيّعقلّ أنها الخـطوةّ
التالّية لكاّيل ؟ قدّ يكون استعانّ بّرجاّله ، نـظرّ إلىّ ماريّ التيّ تّلعبّ بّأناملهاّ حولّ حافةّ الكأسّ ثمّ زفّر بكلّ حدةّ أيّعقلّ أنه اكتسبّ نقطّة ضّعف
أكثرّ مما ظنهاّ نقطةّ قوة لصّالحه ؟ يبدواّ أنهاّ مستهدفةّ فيّ كل شيءّ ، حينّ وضّعت إليزابيثّ يدّها علىّ كتّفه مبتسمةّ بكلّ رقة ، رفّع نظرهّ
ناحيّتهاّ بكلّ ضجرّ لتتحدثّ هيّ بنعومةّ
ـ هلّ تتشرفّ بإعطاّئيّ الرقّصة الأولى ؟
كاّنت أنظارّ الجميّع حولهماّ فّوقفّ بّهدوء ممسكاّ بّيدهاّ متجّها إلىّ قّاعة الرقصّ ، حينّ تأففتّ ماريّ بّكره و قدّ وجدتّ أنّ الكلّ منسجمّ فيّ هذاّ الحدثّ
غيّرها فّأخذتّ تنظرّ من حولهاّ لعّلها تلمحّ شخصّا تّعرفّه فقدّ يأتيّ ويليامّ و ربماّ يجلّب معه فلورّ كرّفيقته ، رفعت كأسّ العّصيرّ بين يدّيها بمللّ
شديدّ لوّ أنهاّ فقطّ بّقيت فيّ المنزلّ ، نهضّت بّهدوءّ و قّالتّ بكلّ لبّاقة
ـ أرجواّ المعذّرة
نـظرّت إليهمّ بّأسىّ فّلا أحدّ قّد إلتفت إليهاّ لتذّهب تجرّ أذّيال الخيّبة وراءهاّ متجّهة نحوّ تلكّ الحّلوياتّ التيّ تنادّيها ، رفعّت صحّناّ و أخذتّ تملئه
بكلّ ما لذّ و طاّب حين تناهى إلى مسامعهاّ صوتّ موسيقّى الهادئّة قدّ إتجه معظم الضّيوف إلّى وسطّ القّاعة فّدفّعت قطعّة ذاّت شكلّ وردةّ إلىّ فمها
و هيّ تّشعر بالإحبّاط أكثّر فأكثّر ، رأتّ نايتّ و هو يّرافقّ إليزابيثّ المتأبطّة بذّراعه بّكل هدوءّ إلى حلّبة و يجيّب على أسّئلتهاّ دونّ كللّ أو مّلل بينماّ
إن سألتّه هيّ شيئّا فّسوفّ يّرميها بّشتى أقّسى أنواعّ الكلماّت فيّ قّاموسه ، قّالت بّغيضّ
ـ أتمنىّ أنّ يكسّر كعبّ حذّائكّ و تسّقطيّ أرضّا أيتهاّ الأفعىّ،
حاّلما إنتهتّ من جّملتهّا استداّرت لتأخذّ المزيدّ من الحّلوياتّ لتتفاجأّ بوجودّ شّابّ ماّ يّرتديّ قّناعّا أسوداّ يّلائمّ خصّلات شعرّه الحّريريةّ و يّبتسمّ
بكلّ هدوءّ بينّما لمعّان عينيهّ الداّكنتينّ فيّ ازدياد ، بدا لماّري مألوفا فّاقتربتّ منهّ بّقليلّ منّ الفظاظة ثمّ نـظرّت إلّى بشّرته الشّاحبة لتبتسمّ بكلّ
إدراكّ إنهّ يّشبه نّايت نوعّا ماّ ربماّ بّسببّ الهالةّ التيّ يطّلقها من حّوله أوّ ربماّ لّبّشرتهمّا المتشاّبهة فبّادرهاّ بإبتسامّة مجّاملة و هو يستندّ على
الجـّدار الذيّ خّلفه حينّ كادّت ماّريّ أن تّغادرّ لولاّ أنهّ تحدثّ بنبرةّ هادئةّ جّميلة
ـ هلّ تّقبلّ آنستيّ اللطّيفة بقّبول دّعوتيّ إلىّ الرقصّ ؟
رمقّته ببرودّ واضحّ غيّر راّغبة فيّ إكّمال الحديثّ معهّ ، إنهاّ تأكلّ الحلوىّ بّشراهة و صحنهاّ مملوءّ بّشتى أنواعّ المقبّلات بالّفعل هيّ ليستّ
المناّسبة التيّ يطّلبها إلّى الرقّص فّقّالت بّإحراجّ
ـ أنـّا أسّفة لكنّني مضّطرة إلّى رفضّ الدّعوة فكماّ ترىّ أناّ إمرأة متزوجةّ
ابتسمّ بجاذّبية و استندّ على الطّاولة التيّ خلّفهماّ بجاّنبها تماماّ ، سحبّ قّطعة حلوى منّ صحّنها و أمالّ برأسه قّليلا ناّحيتهاّ منحنياّ بّعدما وجّه
عينيهّ ناحيّة نايتّ الذيّ يّضع يدّه على خصّر إليـزابيثّ الضاحّكة بينماّ الجدّ يّصيحّ بّشيءّ ما إليهماّ ليبتسمّ الاثنينّ معّا فّرمقّه الشّاب بّسخريةّ شديدّة
و أشّار عليهّ بقّليل من الاستهزاءّ
ـ أرى أنّ زوجكّ مشّغول جداّ فيّ مغّازلة عـّارضة الأّزياءّ تلكّ لذاّ ما رأيكّ أنّ نثّير غيّرته و نجّعله يّلتفت إليكّ ؟ آنسّة ماري ؟
بّالرغمّ منّ نيلّ الفكرة استحسانهاّ و رغّبتها الشديدّة فيّ تنفيذّها إلّا أنهاّ هزتّ رأسهاّ نفيّا و الإحراجّ يّعمّ كيّانها بأكملهّ ثمّ وضعتّ الصحنّ جاّنباّ
علىّ الطاولة لترتبّ فستانهاّ قّائلة بكلّ خجلّ
ـ أسّفة لكنّني أفضلّ البقّاء هناّ
زمّ الشّاب شّفتيه بّتعاسة و قدّ احمرتّ وجنتيه قّليلاّ ، ثمّ استدارّ ناحيّتها و همسّ بنبرة متلعثمةّ و مرتبكّة لكنهاّ شديدةّ الرّقة ذاّت بحّة خفيفةّ
ـ بّعد أن استجمعتّ شجاعتيّ لتحدثّ معكّ آنستيّ هـذاّ مثيرّ لشفقة، عذّرا على إزعاجّك
أمامّ مظهرهّ اللطّيف استسلمتّ ماريّ بسّرعة و قدّ شّعرتّ بالخجلّ لرفضهاّ شابّ مهذبّ وسيمّ مثّله فّأمسكتّ بكلتاّ يدّيه و علتّ شفتيهاّ الوردّيتين
ابّتسامة مليئةّ بالحماس قّالت بّمرح
ـ حسناّ لا بأس إنهاّ مجردّ رقّصة لاّ غيرّ
أخذتّ تجّره إلّى الحّلبة فّيبدوا أنّ فكرّته قّدّ راقتهاّ جداّ ، فّوضعتّ يدها على كّتفه بينماّ لامّست أنامّله ظّهرهاّ و على شّفتيه ابتسامةّ حّقيقيةّ مرحّة
برغمّ من أنه حاولّ إخفاّء ضحكتّه لكنهّ لمّ يستطّع من ردّة فعلّ ماريّ السّريعةّ فّتحدثّ بنبرةّ ضاحكّة
ـ ماريّ ، هلّ أنتّ فعلا زوجـّة نايتّ لبيرّ أمّ أناّ مخطئّ ؟
لمّ تجّبه بلّ إكتفتّ بالنـظرّ إلىّ نايتّ لعلهّ يلمحّها لكنهّ لمّ ينظرّ ناحيّتهاّ فّتنهدتّ بخيبةّ أملّ ، حينّ تحدثّ الشّابّ بّنبرة متّلاعبةّ خافّتة
ـ ماريّ أناّ أعلمّ الطّّريقة المناّسبة و الأفضّل لاسترعاّء انتباهّ زوجكّ، أتّردينّ أنّ أخبركّ بها ؟ إنّها فّعالة بالفّعل
نـظرتّ إليهّ ماريّ بّقليلّ من الاستنكارّ منّ ذّكرها لاسمها عدةّ مراتّ بينما هيّ بالكادّ تّعرفه ، كاّن شّاباّ غّريب الّتصرفاتّ ذّو نبرةّ متلاعّبة
و أعّين حـّادة ذاتّ رونقّ منّ الغّموض ، فجأةّ أضطرب قّلبها بّقوة معّلنا عنّ وجودّ خطبّ ماّ لذّلك ابتعدتّ خطّوتين للخلفّ لكنهّ أمسكهاّ مسّرعاّ
و جذّبها ليرتطمّ رأسهاّ بّصدره ، اخفضّ رأسه و همسّ بّصوت مثيرّ مشّبع بّنبرة الانتقامّ فيّ أذنهاّ ،
ـ أخبرّي زوجكّ العّزيزّ أننيّ أناّ ديميتريّ قدّ عدتّ و هذّه المرّة سأكونّ أناّ منّ يستوليّ على عّرشّ القمّة ،
رمشتّ مراراّ قبلّ أن تستوعبّ كلامهّ ثمّ حاولتّ أن تّدفعه عنهاّ فّزاد منّ حدةّ قّبضتهّ حول مّعصميهاّ، ابتسمّ بّسخرية شديدّة و عّلتّ ملامحّه
صّفات الخبثّ فّنزع قّناعه الأسودّ لتسدل خصّلات شعرهّ الأسودّ على جّبهتّه، تّحدثّ بّضحكةّ
ـ هـذاّ إنّ نجوتّ عزيزتيّ
فجأةّ دوى صّوت انفجار منّ مكبرات الصوت التي تحتل القاعة بأكملها فّثارت النيران فيّ كل مكانّ و التهمتّ كل ماّ وجدتّه أمامهاّ ، و حينهاّ
فقطّ تركّ ديميتري يدّ ماريّ فّتدافعّ الضّيوف منّ حولهاّ محاولينّ الإسراعّ إلىّ المخرجّ الذيّ و بّصدمةّ عنيفةّ هزتّ أركانّ المكانّ كانّ مغلقاّ ،
فّنـظرتّ ماريّ بّعينين واسّعتين امتلأتا رعباّ بينماّ هناكّ العديدّ من الأسّئلة تدّور بّخلدهاّ فّمن يكونّ هذاّ ديميتريّ ؟ لماذاّ يّسعى للانتقامّ من نايت ؟
و الّسؤالّ الأهمّ كيفّ لهاّ أن تّعثرّ علىّ نايت وسطّ هذه الفّوضى و تحذّره ؟
دفّعتهاّ سيدّة فيّ متوسطّ العمرّ و هي تصّرخ بّذعرّ لتسقطّ ماريّ أرضّا علىّ تلكّ الطاّولة التيّ كانتّ مليئة سابقّا بّأشهى الحّلويات و الآن ماّهي
سوى مصدرّ طعاّم للهبّ كذلّك صّار فّستانهاّ غاليّ الثّمن ، فّمزقتهّ بّخوف منّ أنّ تحرقّها النيرانّ و سّارعت بالّوقوف ،
ركضّت إلىّ حلبّة الرقصّ و بحثتّ فيّ كل ركنّ بينماّ هي تصّرخ بّشفتين مرتجفّتين إسمّ نايتّ ، كيّف يمكنّ لها أنّ تجدّه ؟ فّعادتّ تناديّه حينما
ابتسمتّ ماريّ بّسخرية على حاّلها و لوهلةّ من الزمنّ تساءلت ، إن كانتّ هيّ و إليزابيثّ فيّ نفسّ السيّارة بّتلك الحاّدثة ، منّ يهمّ لإنقاذّها أولاّ ؟
لنّ تكون ماري بكلّ تأكيدّ فّعادتّ الدموعّ تتساقطّ بحرارة علىّ وجنتيهاّ الورديتينّ لتحاول مسحها متماسكّة ، ثمّ التفتت مستديرّة لتلمحّ كايلّ خلفّها
بّأمتارّ عدةّ ينظرّ تماماّ إلىّ زاوية ماّ و عّلاماتّ الصدّمة تّعم ملامحه قدّ كانتّ حالته مزريةّ رديئةّ تماماّ مثّلها تماماّ ،
تنهدتّ بّأسى و تّقدمتّ ناحيّته عندماّ لمحتّ فجأةّ ذلكّ البّاب الحديديّ بّأكمله يّهم بّسقوطّ على كايّل ، شهقتّ بّرعب شديدّ و أخذتّ تناديّه بّذّعر لكنه
لمّ يستحب لهاّ إذّ كانّ شّاردا فيّ أفكارهّ فّركضتّ نحوه و بّقوة غيرّ اعتيادّية تمكنتّ منّ دفّعه إلىّ الخلفّ ثمّ نـظرتّ إلىّ ذلكّ البابّ الفّولاذيّ و رفّعت
ذّراعيهاّ لتصدّه ، فّصرخ كايلّ بّذّعر هوّ الآخر غيرّ مصدقّ لماّ يحدثّ من حوله
ـ مـاري



إنتهـّى
أتمنىّ يكونّ نالّ إعجـّابكم
__________________
  #40  
قديم 12-28-2015, 11:35 AM
oud
 
شـآبترّ الـ 24 -

فيّ ليّلة ظّلماءّ يفقدّ البّدر

ركنّ داّكن لمّ ينره سوىّ نيران ملّتهبةّ إلتهمتّ كل شيءّ وقع بّطريقها قدّ كانتّ تتقدّم ببطّء ناّحية ماريّ فكاّن جسدّها
بأكمله يّرتجفّ و عينيهاّ لاّ تّقويانّ علىّ النـظرّ إلىّ هذّه المجّزرة الواقّعة التيّ تحدثّ أمامّ نظرّيهاّ ، و لمّ تستطعّ أنّ تّضع
يدّيها علىّ أذنيهاّ لتمنعّ صّراخ الضّيوف و الخّدم منّ الوصوّل إليهاّ
أيعقلّ أنّ هذّه هي نهايتهاّ ؟ يّالها منّ حيّاة قدّ حظيت بهاّ ، شّاقة و مّؤلمة مهماّ حاولتّ بجدّ أنّ تعّيش لحظاّت من سعادّة قّابلهاّ
التعّب و الحزنّ ، فّذرفت دّموعا عديدّة لا حّسر لهاّ و قّلبها يّنزف ألماّ حينماّ حاّول كايّل رفّع ذلكّ البابّ عنّ قدّميهاّ لكن و لذّهوله
الشّديدّ قدّ خارتّ قواهّ ، فّهمسّ بنبرة مرتجفّة
ـ لاّ تقلقيّ ماريّ سّأجدّ لناّ مخرجاّ ،
ثمّ وقفّ و رّكض ناحيّة تلكّ القلة التيّ لاّ زالت بالقاعة طاّلباّ منهمّ المسّاعدة لكن هيمتاه فمنّ سيستجيب و الكلّ يّريدّ إنقاذّ نفسه ؟
بينماّ و عندّما سّقط بّكل قوة على قدّميها ، لسّعاته تحّرقها و ألامه لاّ تطّاقّ فلمّ تدريّ أينّ الخلاصّ ، لذّلك حّاولت أن تبّعدّه لكنّ حرارته
كانتّ غيّر طّبيعية النيّران تّحيطّ بها منّ كل جّانب فّشهقت و هيّ تضّع رأسهاّ بينّ يديّها صّارخة بّعذابّ لاّ يّفوقه ألمّ فّعادّ نحوها كايّل
بّسرعة ، حاول أنّ يمسكّ البابّ لكن لسعاته حارّقة فّصاحتّ ماريّ به بّحدة
ـ ما الذيّ تّنظر إليه ؟ هياّ أسّرع بالّخروج قّبل أنّ يّغلقّ المخرجّ ، أيضّا جدّ نايتّ و إليزابيثّ قدّ يكونان فيّ خطرّ
أومأّ نفياّ و نزعّ قميصهّ ثمّ لفه حول قّبضتيه لّيحاّول منّ جديدّ ، ألماّ لمّ يقّدر على وصّفه و بالّرغم منّ ذلك استمرّ بمحّاولاته العديدّة
فّرفعه قّليلا عنّ قدمي ماريّ ليصّرخ بّإرهاقّ
ـ هياّ أسرعي
أومأتّ ماريّ و حاّولت أنّ تحركّ قدّميها لكنهماّ أبتاّ الحراكّ ، كأنهاّ لاّ تشعرّ بوجودّهماّ بّعد الآن لكنهاّ أبتّ الاستسّلام فّزحفّت مستندّة
علىّ معصميهاّ فّرفعّ كايلّ البابّ أكثرّ غيرّ أنّ أنامله قدّ التهبتّ بّشدةّ ليّتركه يّقع مجددا و ليتعالىّ صوت صّراخه بّعد أنّ سقطّ البّاب
على كلاهماّ ، يدّيه و قدّميهاّ ،
أغلقّ جفنيه بّألمّ كاتماّ صّراخه ثمّ نـظرّ إلىّ ماريّ التيّ بدّورها كانتّ تّذّرف دّموعاّ ، فّغطتّ وجّهها و بدأتّ بالأنينّ لّيتقدمّ كايلّ منهاّ ، ي
ديّه مليئتينّ بالدماءّ و منـظّرهماّ لاّ يسرّ أحداّ غيرّ قاّدر على تّحريكّ أنامله لكنهّ وضّعهماّ حولّ خصّر ماريّ ليّحاول جذّبها ، فّصاحتّ هي بّيّأس
ـ لاّ فاّئدة، كايلّ غادرّ قبلّ أنّ تتراكمّ النيران منّ حولناّ إذّهب و سّاعد نايتّ أرجوك
صمتّ لوهلةّ من الزمنّ و قدّ بدأ اليّأس بالتسللّ إلىّ قلبه هو الآخرّ ، تماماّ كماّ قّالت ماريّ لاّ فائدّة من المحاّولة فّيديه تّؤلمانه بّشدة
و هو بالكادّ يستطيّع شّعور بهماّ بينماّ حرارةّ المنبّعثة منّ الفّولاذّ تّمنعه منّ التقدّم ، فّأسندّ رأسه علىّ ركبتهّ بّقلة حيّلة ثمّ وقفّ
و تحدثّ بنبرة قلقة
ـ ماريّ ، سوفّ أذهب لجلّب المسّاعدة سّأعود حتماّ لذلّك أصبريّ قليلاّ حسناّ ؟ أناّ لنّ أدعكّ تموتينّ هناّ
كانّ شاحباّ بّشدةّ و خاّئفاّ بلّ مذّعوراّ من فّكرة تّركها هناّ لكنّ ليسّ بيدّه شيءّ ليّفعله ، فّتخللتّ أنامله خصّلات شعرهّ البنيةّ لّتختلطّ دّمائه
بّعرقه ، عندّما ابتسمتّ ماريّ لهّ بّلطفّ مشّجعة إياه دونّ اللجوءّ إلى الكّلمات ، فأومأ إيجابّا و سّارعّ بالركضّ ناحيّة المخرجّ قبلّ أن
تّعيقه النيرانّ أكثرّ منّ هذاّ لتّمر عديدّ من تسّاؤلات بّذهنه فّكيف لتلكّ الفتاة التيّ يّسعى لقتلهاّ أن يحاول إنقاذّها فيّ هذه الفترة ؟ هوّ
من كان سّببا فيّ سقوطّها من الجرفّ بّل منّ أرادّ موتها بّشدةّ لماذاّ يحاول إنقاذّها ؟

/

بّليلة هـّادئة فيّ ذلكّ الحيّ الشعبيّ الذيّ تّقطّن فيهّ فلوراّ ، كّانت تّشاهدّ التلفازّ بكلّ هدوءّ تضّع حّول كّتفيها غطاّء تحميّ نفسهاّ
منّ نسمّات لندّن البّاردة حينّ سمعّت دّقا عنيفّا عندّ بّابهاّ لتّزم شّفتيهاّ بكلّ كرّه فّلابدّ أنّ ويليامّ قّد علمّ بّكسّرها لّمفتاحّه و مّقبضه
و هوّ الآن يسعى لتّعنيفها كعّادته ففّضلت عدّم مّقابلتهّ ، لكنّ الدقّ استمرّ و صيّاحه العّاليّ باسمها مناديّا إياهاّ فتحّاملت علىّ أعصّابهاّ
الناّرية و إتجّهت إليهّ لتفتحّ لهّ البّاب ، وجـدتّه يّرتديّ ملابّسه مستعدّا للخروجّ و وجّهه شّاحبّ بشدّة حينهاّ أيقنت أنّ هناكّ خطّباّ ماّ قّالت
بّنبرةّ مشكّكة و خاّئفة
ـ ماّ الأمرّ ويّليام ؟
نـظرّ إليهاّ ويّليامّ بّقليلّ منّ الأسىّ و حـّاول التقاط أنفاسهّ قبّل أنّ يصّرح بّالخبرّ الذيّ سّمعه تواّ ثمّ تـحدثّ بنبرةّ متـّرددّة و قّلقة
ـ إنّ الحفّلة التيّ ذّهب إليهاّ كلاّ من نايتّ و ماريّ قدّ هوجّمت ، فـّلورا بمختصّر الكّلام هناكّ ضحايّا
شهقتّ بّرعب و كادّت أنّ تهوى على الأرّض مغشّيا عليهاّ لولاّ أنهّا تماسكتّ فّخرجتّ مسّرعة بّرفقةّ ويّليامّ إلّى سّيارتهّ و وجّهتهماّ
معـّلومّة ، بـّعد نصّف سّاعة منّ زحمةّ السّير و قّيادة ويليامّ الجّنونيةّ وصّلا إلّى قّلب الحدثّ و قدّ كانّت الصحاّفة تغطيّ المنطقّة بأكملهاّ
فيّ حينّ توجدّ العديدّ من سيّارات الإسّعافّ و شرطّة تحاولّ منعّ المدّنينّ من الدّخول ، كاّن الأمرّ بأكمله مهـّولاّ و غيّر قّابل لتصدّيق ،
اتجـّه ويّليامّ إلىّ ضابطّ محاولّا أنّ يجّعله يّمر و هو يّعطيّه بطّاقة الهويةّ فلوراّ فّسمحّ له التقدّم إلّى الأمامّ قليلا فقطّ ،
كاّنت فلور غيّر مصدّقة لمّا تراه من حّولها ، الكلّ مصّابّ هلّ يعقّل أنّ ماريّ بخيّر ؟ تلكّ الفتاةّ لاّ تّعلمّ كيفيةّ الاعتناء بنفسهاّ فّكيّف لها
أن تنجواّ فّوضعّ ويليّام يدّه حولّ كتفهاّ محاولا أنّ يجّعلها تهدأ و لوّ قليلاّ حينّ لمحّ نايتّ حامّلا إليزابيثّ بينّ ذّراعيه و جدّه يتأبطّ ذّراعه
بّرفقته فلادميرّ ، إتجـّه ويّليامّ مسّرعا ناحيّة صدّيقه و حّضنه بكلّ قوة ثمّ همسّ بنبرةّ مرتجفّة
ـ حمدّا الله على سّلامتكّ
كانّ نايتّ مصّاباّ فيّ أماكّن متّفرقة كّغيرهّ فّوضّع يدّه علىّ ظّهر ويّليامّ بهدوءّ مطّمئنا إياهّ ، و عندّما لمحتّه فلورّ سّارعت بالركضّ ناحيّتهمّ
و هيّ تّمسكّه منّ ذراعه صّارخة بّذعر
ـ أينّ ماري ؟ أيّن هيّ ماري ؟ ألمّ تكن معك ؟ أجّبني أين هيّ ماري ؟
قطّب نايتّ حاجّبيه و نـظرّ حّّوله بينماّ بادّره الجد بنّظرات مصدّومة فيّ حينّ أنّ ملامحّ فلادميرّ قدّ شحبّت و قدّ لاحظّ أخيّرا غيّابهّا ، همسّ
نايتّ بنبرةّ حذّرة مصدّومة
ـ ألمّ تخرجّ قّبلنا ؟
أومـأّ ويّليام بالنفيّ فّشهقتّ فلورّ بّرعب و سّارعتّ بالركضّ إلّى قصّر محـّاولة إنقاذّ أختهاّ الصغرى لولاّ أنّ ويليامّ أمسكّها منّ خصّرها
مانّعا إياهاّ من الحـّركة ، جلّس الجدّ على الأرضّ بّعد نفاذّ الهواءّ من رئتيه ، نـظرّ نايتّ إلىّ الخـّلف حيثّ كانتّ و لا زالتّ ألسنةّ اللهبّ
مشتعلةّ و رجاّل الإطفّاء لمّ يّقوموا بإخمادّها بّعد ، أيّن يّعقلّ أن تكون ؟ قّبل الإنفجاّر لمحّها تقفّ أمامّ طـّاولة المقّدماّت و التيّ كانتّ أقّربّ
إلّى المخرجّ فأينّ هيّ الآنّ ، إنّ لمّ تكنّ منّ الأوائّل الذينّ تداّفعوا إلّى المخرجّ فأينّ هي ؟
تدّافعتّ عديدّ من الأحداّث إلّى ذّهنه ، أولاّ ذلكّ الصحافّي الذيّ استهدفّ ماريّ ثمّ ارسّاله لجميعّ الحرسّ بّرفقة فرانسواّ لامسّاكه و جلّبه
حيّا له ثمّ سّحب إليزابيثّ لهّ إلىّ حّلبة الرقصّ ، أخيّرا و الحّركة النهاّئية ظهورّ ذلّك الشّابّ الذيّ دّعاها إلىّ الرقصّ ليّنتهي الأمرّ بإختفاء
مارّي ، نظرّ حّوله بّصدّمة ليّلمحّ وجودّ نفسّ الشّاب مرتديّا قناعّا أسوداّ و يبتسمّ بكلّ سخرية و استهزاءّ فلمّ تمرّ سوى ثّانية ليختفيّ بعدّها
كسّرابّ ، ارتجفّ جسدّه بأكمله و شحبّ وجّهه ليصبّح غيّر قّادر علىّ الوقوفّ أو التفكيرّ حتّى .
أكلّ هذاّ من أجلّ تشتيتّ إنتباهه ؟ ماذاّ عنّ ماريّ ؟ أيّعقلّ أنهاّ كانت مستهدّفة منذّ البدّاية ؟ فّبدونّ تأخرّ ركضّ إلىّ داّخل القّصر لّيحاولّ ويّليام
إيقّافه بعدّما ألجمه تصرّف نايت المتهورّ ، أمسكّه منّ ذّراعيه و قّال بّنبرة مّذعورة
ـ إلّى أينّ تنويّ الذهابّ بحقّ الله ؟ ألاّ ترى النيرانّ ؟ إجلّس مكانكّ و دعّ رجاّل الإطفّاء يّقومونّ بعمـّلهمّ ، لقدّ قالّ الجدّ أنهاّ ربماّ قدّ تكون عـّادتّ
لتبحثّ عنكمّ أناّ واثقّ أنهاّ ستعودّ فقطّ إنتظرّ
حدقّ فيهّ نايتّ بعينينّ باّهتتينّ ، كلّماته هذّه لا مّعنى لهّا و لاّ صحّة لهاّ فّماريّ فيّ خطرّ و فّرصة إيجادّها على قّيد الحّياة تّعادل الصّفر الآن ،
إنهّ خطئه لأنهّ أهملّها .. لقدّ كانتّ دوماّ ما تبحّث عنه و دوماّ ما يجدها بجّانبه لذّلك اعتقدّ أنهاّ لنّ ترحلّ ، سّتبقى تتبّع خطّواته الواّثقة بّخطّواتها
الخّرقاء و ابتسّامتها تّعلو شّفتيهاّ ، لذّلكّ دّفع ويّليام بّقوة و ركضّ إلىّ المدّخل متجاّهلا نـظرّات الكلّ المندّهشة
وضّع كّمه علىّ أنفهّ و فمه مانّعا تّسربّ الغاّز إلى رئتيه ثمّ أخذّ يركّضّ محاّولا تخمين مكاّن وجودّها ، إنهّ هو منّ أدخلهاّ إلّى عّالمه و لنّ
يسامحّ نفسه إذاّ حدثّ مكروه لهاّ فإتجه ناحيّة طاّولة المّقبلات ليجدّها مدّمرة بأكملها ، زفّر بّقّلة صّبر و أخذّ يّنظر فّي كل زاويةّ لعلهّ يلمحّها بينماّ
و بّأذنه صّوتها الخاّئف المّرتعبّ يترددّ كصّدى فيّ أذنه
حينما اتجه رجال الإطفاء إلى الخلف حيثّ كانتّ الردّهة فّدخل بّعضهم محاولين إخماد الحريقّ إذ أن مركزه الثاني كان المطبخ الرئيسي عندما
التفت أحدّهم ناحية ذلكّ البابّ المرميّ علىّ الأرضّ محاولا إبّعاده فّوجد إمرأةّ فيّ منتصفّ الخمسينياتّ جثة بّلا روح قد أحترق ظهرها فيّ
محاولة لحماية شيء ما إذ أن ذراعيه كانتاّ ملتفتين بكلّ قوة حولّ ماريّ ، فّوضع يدّه على رقبتها متحسسّا نبضّات قلبهاّ ليجدّها تكادّ تعاّدل الصّفر
، صّاح بّهمةّ
ـ يّا رجالّ توجدّ فّتاة هناّ
بينماّ كان ناّيت يّبحثّ فيّ كلّ ركنّ عندّما مرّ منّ أمامه كايلّ و هو يّركضّ بأقصى طاّقته خّلفه الطبيبّ ماّ استطاعّ أنّ يّقنعه بّالدخول فّوجه نايت
نـظره ناحيّتهم ليجدّ رجلّ الإطفاء ذلّك يحاّول رفّع تلكّ الفتاة بّكل حرصّ خوفاّ من إصّابتها المّلتهبة و كايلّ يّسارع نحوهاّ هو الآخرّ أيضّا ، كانتّ
بالكادّ تعتبرّ حيّة إذّ أن قدّميها مصّابتين بّشدة حيثّ هناكّ دماءّ تنزفّ منهماّ و قدّ حرقّ أطرافّ فستانهاّ فيّ حينّ أنهاّ نجتّ بنوعّ من الأعاجيبّ ،
صّاح كايلّ بقلقّ
ـ ماريّ ، هلّ أنتّ بخيرّ ؟
اتسعتّ عينيّ نايتّ الداّكنتينّ و قدّ وجدّ نفسهّ عاجزاّ عنّ تعبيرّ ، بخّطوات سّريعة متباعدةّ إتجه نحوهّم ثمّ أبعد رجلّ الإطفاّء ذلّك ليّسارعّ بإمساكهاّ
، وضـعّ سترتهّ السوداءّ حول جسدّها النحيل متجاّهلا أحادّيثهم عندّما حاولّ أحدّ الرجّال أنّ يبعده قاّئلاّ بحدةّ شاتماّ إياه لتدّخله
ـ ما الذيّ تحّاول فعله بّحق الله ؟ ألاّ ترى أنهاّ مصابة بّشدة و أيّ حرّكة مفاجئّة قدّ تسببّ لهاّ إصّابات خطيّرة ؟ ثمّ ألست من المصّابين ؟
يجدرّ بكّ المغادّرة فّوراّ
بينماّ نـظرّ إليه كايلّ بكل برود فأخيراّ قررّ البطلّ الظهورّ ، دوماّ عندّ اللحظاتّ الحرجّة فّوضعّ ذّراعه كحاّجز موقفاّ ذلكّ الرجلّ مانعّا إياهّ من
الّعبور قّائلاّ بنبرة هادئّة
ـ إنه زوجّها
أفّسحواّ لهّ المجـّال فّإتجّه إليهاّ و جـّلسّ مسنداّ على ركّبته عندماّ لمحّ الحرّوق التيّ أصّابتهاّ و جسدّها الممتلئّ بالخـّدوشّ ، قدّ سقطّ عليهماّ
شيء ربما عندّما دفّعه رجاّل الإطفّاء بقوة فّأصابّ قدّميها و قدّ أحرقّ معّظم فستانهاّ فكيفّ استطاّعت هي النجـّاة ؟ نـظرّ إليهاّ غيّر مصدّق ،
نبضهاّ ضّعيف جداّ و هيّ لاّ تتنفسّ بّأصّابعّ مرتجّفة حملّها بّحرصّ شديدّ و ركضّ إلّى المخـّرج ، نـظرّ إليهّ الرجالّ بّدهشة منّ إصّاباته العديدّة
و محاولةّ إنقاذّه لهاته الفتاة بشدّة ، ركضّ ناحيّة المخرجّ ثمّ وضّعها بدّاخل سّيارة الاسعافّ ليستلمهاّ الأطّباءّ و قدّ وضع أحدّهم أنبوبّ التنفس
على أنفهاّ و فمهاّ بينماّ قّام آخر بّتفحصّ قدّميها الأكثّر إصّابة بينمّا بقيّ هو واقفاّ مكاّنه ، حينّ إتجّه إليه ويليام مسّرعّا صّارخاّ بّقلقّ
ـ هـّل وجدتّ ماري ؟
حدقّ فيه نايتّ لوهلة ثمّ أومأ بالإيجاّب ليّنظر ويّليام حيثماّ كان نايتّ مشدوهاّ ، ماريّ على رافعةّ محاّطة بّشتى أنواعّ الأجهزة ، فتحتّ عينيهاّ
ببطءّ كماّ لو كأن هناكّ جبّالا تّقفّ عليهاّ ثمّ نـظرّت إلىّ نايتّ الشّاحب بشدةّ ، بقوة واهنةّ مدّت أناملهاّ ناحيّته فّتقدم منهاّ و أمسكّ يدّها لتبتسمّ
بكلّ تعبّ محاّولة أن تطّمئنه ، ثمّ أداّرت وجّهها فّصفرت آلة معلنةّ عنّ توقفّ نبّضات قّلبها عنّ العملّ ، فّسّارع الأطّباءّ لمحاولة إنعاشّها
عبرّ جهازّ الصدماتّ لكنّ قّلبها أبىّ إلاّ و الاستّسلام ، لذّلك شّد نايتّ منّ قبضته فّسّارع ويّليام ناحيته و جذّبه مبعداّ إياه عنهاّ
كاّنت بمثّابة جّثة هامدةّ، هلّ سترحّل ماري؟ بابتسامتها المرحةّ و ضحكاّتها الرناّنة ، بمحاّولتها المستميّتة للفتّ انتباهه ، منّ الذيّ يعبثّ
معه بطرّيقة مثّل هذّه ؟ يّحاول قّتلّها و ابتسّامة سّاخرة تعلوّا شّفتيه متفاخراّ بّفعلته النكّراءّ ، أيعقلّ أنّ كايلّ من قّام باستئجار هذا الرجلّ ؟
أيعقّل بأنه منّ خططّ لهذه المكيدةّ بأكملها ؟ لنّ يصعب عليه فعلّ ذلكّ خصوصاّ و أنه قدّ حاولّ قّتلهماّ سّابقّا
بكلّ هدوءّ استدارّ مغّادراّ بينماّ غادّرت كذلّك سّيارة الإسّعاف ، عندّما توقفّت سّيارة سوداء مظّللة أمامهّ ثمّ خرجّ منهاّ فرانسواّ ملاّبسه
مليئة بالدّماءّ و يبدواّ مّصابّا فّي كتفه بطّلقة رصّاصة ، اتجّه إلّى نايت و قالّ بّذّعر
ـ سيدّي لقدّ أتيتّ مسّرعا حالماّ سمعتّ الأخبّار، هلّ أنتّ بخير ؟
نـظرّ فرانسواّ إلىّ نايت بّكلّ شموليةّ ، كان مصّاباّ بكل تأكيدّ فذّراعه تنزّف و يوجدّ عدة جروحّ متفرقة على مستوى جسدّه بينماّ صدّره
ينزفّ أيضّا فّاعتراه الرعبّ لكنّ نظرّات نايت الجامدّة و البّاردة أوقفتهّ لوهلة ، ليتحدثّ بّنبرة مبحّوحة جاّفة
ـ هلّ استطّعتّ إلقاء القّبض عليه ؟
أومأ فرانسوا بالنفيّ ، كاّن خيبّة الأملّ و الفّشلّ يحتلّ كيانه بأكمله فّكيفّ له و بّرفقة أبرع رجاّله أنّ يفشلوا بإلقّاء القّبض على رجلّ واحدّ ؟
لاّ يضاهيهمّ قّوة بلّ و أصّيب أغلبيتهمّ ، فّقّال فرانسواّ باعتذار
ـ أناّ أسفّ سيدي لقدّ فشلت ، لكنّني قدّ عّرفت هويتهّ إنهّ وريثّ شركة جونسونّ و تمتّ مباّغتتناّ بّشكلّ مفاجئ فّتعرضّ بّعضنا لإصّابات
متفاوتة ، أناّ لشديدّ الخجلّ سيديّ لفشّلي بّمهمة سهلة كهذّه
ابتسمّ نايتّ بكلّ سّخرية ثمّ و بحركة مفاجّئة قّام بّضربّ زجاجّ السّيارة بقّبضته ليزيدّ جرّاحه ألماّ ، جلسّ مستنداّ على ركّبته ممسكاّ بذّراعه
المصّابة و نـيّران الغّضبّ تتأججّ بّكل عنف فيّ قلبه ، ليسّ فرانسوا من فّشلّ بّل هو ، همسّ بنبرة غّريبة
ـ هدّفهمّ منذّ البداّية ، ماريّ
أخفضّ فرانسوا رأسه بّقلّة حيلةّ عندّما وقفّ نايتّ مجدداّ غيّر مدّرك لماّ يّفعله إتجّه حيثماّ كانّ كاّيل يّجلسّ بّرفقة إليزابيثّ و الجميّع ،
رّفعه منّ يّاقته و سحّبه مبعداّ إياه عنّ الكلّ ثمّ همسّ بنبرة حادّة هادرّة
ـ هلّ أنتّ من تسببّ بالإنفجاّر ؟ أكنتّ تستهدّف حّياة ماريّ منذّ البدّاية ؟ لأننيّ إنّ علمتّ بّصحة هذّه الفرضّيات فأؤكد لك أنّك لن تنجوا من بين يدايّ
أمسكّه كاّيل بّدوره منّ ياقـّته بّكل عّصبية ثمّ دفّعه بـعيداّ ، و صـّاح بهّ بكلّ عّصبية و نبـّرة لاّ تّقلّ غّضباّ عنّ صوّت نايتّ
ـ لاّ بكلّ تأكيدّ، ثمّ كفّاك نفاقّا أيهاّ الوغدّ فأنتّ لا تكادّ تهتمّ بموتهاّ منّ حيّاتهاّ ، ألمّ تكن هيّ محضّ حـّاجز وهميّ لعـّلاقتكّ معّ زوجّتيّ ؟
رمقّهما ويّليامّ بّدهشةّ غيّر قـّادر علىّ استيعاّب حديّثهماّ أكثّر من ذلّك ، أيّعقلّ أن نايتّ و إليزابيثّ ؟ مجـدداّ بّعد كلّ هـذاّ العناءّ يعودّ كلاّهما
إلّى بعضهماّ البعضّ ؟ هـذاّ مستحيّل و ماذاّ عن ماريّ ؟ ، عندّما رمقّت فـلورّا كلاهماّ بّعصبيةّ و استياء .. رّفعتّ قّبضتها و سددّت لكمـّة
لكليّهماّ وسطّ استغراّب الكلّ و منّ بينّ صّريرّ أسنانهاّ همستّ بّنبرة ثّائرة
ـ أيّا كّانتّ مشّاكلكمّ العـّاطفّية لاّ تدّخلوّا أختيّ فيهاّ ، فّأنتمّ و منذّ لحظّة لقّائكمّ لمّ تجلبواّ لناّ سوى التعـّاسةّ و إنّ حدثّ شيء لأختيّ فّثقواّ أننيّ
لنّ أترككمّ و شـأنكمّ حتىّ أستنزفّ آخرّ عملةّ نقديّة أسّفل مؤخراتكمّ كلّ هذاّ لأجلّ تلكّ الأموالّ التيّ سلبتكمّ آخرّ ماّ يمكنّ لإنسان أنّ يملكه
إتجـّهت إلّى ويّليام و سحبّت مفاتيحّ سّيارته لتتجـّه إلّى المستشفىّ الذيّ أخذّوا ماريّ إليهّ بينماّ رمقّ ويّليام كلا منّ نايت و كـّايلّ بنـظرّات عـّتاب
و غـّادر مسّرعـّا خلّفها ، شّغلواّ المحركّ و بّأقصىّ سّرعة قـّادتّ فلورّ محـّاولة التماسكّ، لقدّ كانت تتجّنب اتصالات ماريّ بّعد زفّافهاّ و لا تعلمّ
لمّا لكنهاّ دوماّ ماّ كانتّ تّحاول أن تتجنب الاحتّكاكّ بهاّ و هاهيّ الآن علىّ شّفاه الموتّ ، ضّربت المقودّ بّقوة عندّما تّوقفّت سيّارة الإسعاف
بّسببّ الزحمةّ ثمّ سّرعان ماّ أخذتّ الشرطةّ تفّسح لهمّ المجـّال بالعـّبور ، و فيّ غّضوان ربّع سّاعة كاّن قدّ وصلواّ إلّى وجـّهتمّ
ركضّت فلورّ عبّر الـرواقّ و إتجـّهت إلّى غـّرفة الطـّوارئ و قبلّ أنّ يّغلواّ الأبّوابّ لمحتّ ماريّ يتمّ إنعاّشها بالصّاعقّ الكّهربائيّ و نـّبضاتّ
قلبهاّ تعادلّ الصّفرّ بينماّ أخذتّ الممرّضة تحاّول أنّ تضعّ لها أنبوّب الأكسجيّن علىّ أنفهاّ ، بدأتّ دموعهاّ بالسقوطّ و لأولّ مرةّ سقطّ قناعّ
القوةّ بّسقوطّها علىّ ركبّتيهاّ ، كاّن الأمرّ مهوّلا و مخيّفا لمّ يستطّع قّلب فلورا احتمّاله . احتماّل فكرّة فقدّانهاّ لأختهاّ الصغرىّ ،
ركضّ ويّليام نـّحوها بّعد أنّ قامّ بركّن السّيارة و حـّاول أنّ يهمسّ بكلّمات مهدئةّ لهاّ لكنهاّ لمّ تسمعّ أي شّيء مماّ قّاله ، ماذاّ إن لمّ تنجوا
ماريّ ؟ منذّ أن كاّنت طّفلة و هي ضّعيفة لاّ تقدّر على كلامّ حتىّ ، ليتهاّ لم تتركّها تّتزوجّ نايتّ .. ليتهاّ أخذّتها و غـّادروا لندّن ، ليتهّا بّقيت
فيّ المنـزلّ معّ والدّهّما ، لكنّ الأمانيّ إلّا كلّماتّ لاّ تفيدّ
بـعدّ فّترة أتىّ نايتّ بّخطواتّ هادئّة لّيقفّ بجاّنبّ ويليامّ أمامّ غرّفة الطّوارئ تّلك ، أتىّ كّلا من كايّل بـّعد أنّ أطمئن على زوجـّته المغمىّ
عليهاّ جدّه ليّنظرّ ناحيّتهم ، ويليامّ بالرغمّ منّ قّلقه إلاّ أنه كانّ يّحاول تهدئة فلورّ محتّضنا إيّاها بينماّ كانّ نايتّ يّسندّ علىّ الجـداّر الذيّ خّلفه
و خّصلات شعرهّ الأسودّ قدّ حجبّت رؤية ملامحهّ ، كيّف منّ بينهم جميّعا أن تصّاب ماريّ ؟
خـّلال سـّاعة آخرّ خرجّ الطّبيبّ ناّزعاّ قّفازيه إتجّه ناحيتهمّ و نـظرّ إليهمّ ، تنهدّ كمّ يكره هـذّه الأخبـّارّ التعيسةّ لذّلك تحدّث بنبرةّ مترددّة
و متأسّفة
ـ يّؤسفنيّ أنّ أخبركمّ أن المريضّة قدّ تّفقد قدّرتها على السّير و ذلكّ لضررّ الكبيّر التيّ تلقته على مستوى قدّميها أيضّا .. لاّ أعلم كيفّ
أخبركمّ بهذاّ لكننيّ قدّ بذّلت جهديّ غيّر أنّ آنسة ماريّ فقدتّ رغبتها بالعيشّ أيضّا ، إنهاّ بّغيبوبة
شعّرتّ فلورّ بصدّمة ، ماريّ لا تريدّ الكفاحّ من أجلّ حياتها ؟ إنهاّ لاّ تريدّ الاستيقّاظ منّ سباّتها ؟ لكنّ لماّ ؟ ما الذيّ حدثّ لها فيّ الحفلة ؟
حينّ مـّر بهاّ الممرضوّن و هي مستلقية علىّ السريرّ يدّفعونه إلّى غّرفتهاّ الجديدّة و التيّ قدّ تكونّ دائمةّ ، فتحتّ فلور عينيها على وسعهماّ
عندّما لاحـّظت شحوبّ ماريّ الفظيع و ملامحّ وجّهها البـّاردةّ كأنهاّ أصبحتّ فيّ عدادّ الموتىّ ، فتّبعتّ فلورّ الممرضونّ و هي تمسكّ
بيدّ ماريّ ، بينماّ الدموعّ تنهّمر من عينيهاّ و لمّ تتوقفّ و لو للحـظّة ، نـظرّ نايتّ بّكلّ هدوء ناّحية ماريّ المسيّرة رغماّ عنها إلىّ داخل
غّرفتها الجديدّة ثمّ و بخطّوات خافتةّ صّامتة اتجهّ بّعيداّ عن موقعّ هذاّ الحدثّ ، كادّ أنّ يصعدّ سّيارته مغادّرا عندّما أمسكه أحدّ منّ ذّراعه
ليديرّه بكلّ قوة ناحيّته ، كاّن ويّليام و علاماّت الغّضب تعلواّ وجّهه ، رّفع لكمتّه ثمّ أخفضّها متحكماّ فيّ أعصّابه لّيتحدثّ بّحدة
ـ ألاّ يفترضّ بكّ البقّاء بجّانبها ؟ إنهاّ زوجتكّ و هي فيّ عهدتكّ فكيّف لكّ أن تتركّها فيّ أكثرّ مواقفّ ألماّ ؟
حدّق فيه نايت بّنظرّات نارّية خطّيرة لكنهّ ابتسمّ فجأة بكلّ سخريّة حينماّ لاحظّ صّدرّ ويليّام الذيّ يّعلوا و يهبطّ من الغيضّ و الغّضب ،
أماّل رأسه ناحيته و قّال بّنبرة مستهزئة
ـ ماّ رأيكّ أن تفعل ذلكّ مكاني ؟ يّبدوا أنكّ جيدّ بّخصوصّ هذه الأمورّ
زفّر ويّليام بحدةّ ممسكاّ برأسه بينّ يدّيه ، ما هذاّ الرجّل ؟ ألا يملكّ قّلباّ ؟ ألاّ بشعرّ بمدّى حبّ ماريّ العميقّ له ؟ لماّ يّستمر بّالتمسكّ فيّ
الماضّي ؟ التفتّ معطيّا إيّاه ظهره ليتحدثّ بنبرة بّاردة متألمة
ـ ليسّ أناّ من تريدّه ماريّ و ليسّ أناّ من هي بحاجّته ، هيّ تّريدكّ أنتّ نايتّ .. أظنّ أنّ الوقت قدّ حانّ
لّتثبت نسّيانك للماضي بّوقوفّك إلىّ جانبهاّ
__________________
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:23 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011