عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي > روايات وقصص الانمي المنقولة والمترجمة

Like Tree89Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 07-15-2014, 01:26 PM
 
( الجزء الحادي عشر )


قال مارف بسرعة " بل أجلب ملابسك كلها ، ولا تنسى دالاس أيضاً ... فلا حاجة لك بذاك المنزل بعد الآن "

قال جان مبتسماً ببساطة وهو يهز كتفيه " حسناً.. سأفكر بالأمر"... ثم أنطلق بسرعة للباب وهو يقول " سآخذ وشاحك ثم سأعيده إليك بعد أن أرجع .."

قال مارف بهدوء وهو يشاهده يخرج من المنزل " حسناً .. "

قالت ساره بفرح " أنت مذهل يا مارف لكونك جعلت جان هكذا .. سأذهب لأخبار والداي حالاً "

نظر مارف إليها مبتسماً بهدوء في حين اتجهت ساره لأعلى حيث غرفة والديها ..



بعد ساعة .. رجع جان للمنزل وهو يحمل حقيبته ذات الحجم المتوسط و يسير بجانبه كلبه )دالاس) .. ثم اتجه لغرفته التي لم يدخلها إلا قبل قليل بعد سنة كاملة .. وهناك ..وجد أهله يقفون أمام باب الغرفة فرفع حاجبيه باستغراب لتسرع ساره وتمسك بحقيبته قائلة بحماس " سأفرغ ثيابك في الخزانة "

قالت بيلا ابتسامة واسعه " وانا ايضاً "

ثم دخلتا للغرفة للبدء بعملهما ... أما مارف فاتجه لـ دالاس وجثى على ركبيته أمامه وأخذ يمسح على رأسه برفق
ودينيا اتجهت إلى جان الواقف باستغراب وامسكت بكلتا كفيه وقالت بحنان " إنني سعيدة جداً بعودتك للمنزل يا عزيزي .. صدقني إن الفرحة لا تسع قلبي "

ابتسم جان ابتسامة هادئة لم تخلوا من الاستغراب ليتقدم والده ويقول مبتسماً " كان عليك فعل هذا منذ مدة بني .. لقد تركت فراغاً كبيراً بخروجك "

قال جان وهو ينظر لمارف الذي لا يزال يداعب دالاس " لقد كنتُ مخطئاً أبي " ..



في صباح اليوم التالي .. استيقظتُ مبكراً وقبل أن تشرق الشمس حتى .. فذهبتُ للاستحمام وبدلتُ ملابسي بملابس قطنية دافئة وارتديتُ قبعة صوفية غطت أذني ووشاحاً كبيراً استطعتُ به تغطية كتفي وجزءً كبيراً من ظهري .. ثم فتحتُ نافذتي وأسندتُ ذراعي على طرفها البارز وأنا أرى السماء لا تزال ترتدي ثوبها الأزرق الداكن الذي أبرزه القليل من النجوم الخافتة اللمعان .. والجو البارد لا يزال قاسياً .. بقيتُ على وضعيتي تلك لفترة طويلة ، فيها بهت لون السماء الداكن ليفتح أكثر وأكثر بسبب خروج الشمس التي بزغت أخيراً .. وصوت العصافير أعتلى أكثر لأسمع نغمة من تغاريدهم التي لا أسئم سماعها أبداً .. حينها رمقتُ ساعة يدي الفضية ورأيت عقربها يشير للسابعة ، فابتعدتُ عن النافذة وأغلقتُ أبوابها الزجاجية لأنزل لأسفل حيث غرفة المعيشة ..
وهناك وجدتُ أختي هيلاري تجلس لوحدها وتشاهد التلفاز فقلتُ وأنا أرمي بنفسي على الأريكة بجانبها " صباح الخير "
اجابتني " صباح الخير "

قلت " ألم يستيقظ والداي بعد ؟ "

هيلاري " استيقظ والدي وذهب لعمله أما والدتي فلا "

قلتُ بهمس " آه .. حسناً " .. ثم بدأتُ أتابع ما تتبعه هي بصمت ...

وبعد فترة طويلة من الصمت رنً هاتفي الموضوع في جيب سروالي فأخرجته وأجبتُ بمرح " مرحباً .. صباح الخير .. إني بخير .. كلا .. آممم لابأس سآتي الآن إلى اللقاء " ... ثم أغلقتُ الهاتف لتقول هيلاري بتساؤل " إلى أين ستذهبين ؟ "

قلتُ وأنا أقف من مكاني " سأذهب مع أصدقائي لتناول الفطور معهم في المطعم "

قالت " حسناً إذاً ، لا تتأخري واجعلي هاتفك مفتوحاً "

قلتُ وأنا أغادر المكان صاعدة لغرفتي " حاضر "



نزلتُ من الأعلى بعد أن ارتديتُ تنورة زرقاء جينز قصيرة تصل لمنتصف ركبتي وكنزة زرقاء داكنة مع سترة مخملية بيضاء وانتعلتُ حذاءً ( بوت) أبيض طويل يصل إلى ركبتي وحقيبة أنيقة علقتها على كتفي .. فقلتُ بصوتٍ عالٍ نسبياً " أنا ذاهبة هيلار.. إلى اللقاء "

قالت " إلى اللقاء " .. .... ثم خرجتُ من المنزل وصرتُ أسير في الطريق وأنا أضع يدي في جيوب سترتي وأنفاسي تتحول لبخار في هذا الجو البارد

وبعد أقل من ربع ساعة وصلتُ للمطعم وجلتُ بناظري فيه حتى شاهدتُ سايمون يلًوح لي من بعيد .. فاتجهتُ للزاوية التي كانوا يجلسون فيها على تلك الطاولة المربعة وجلستُ بجانب إيلي ليقول لي براد " هيه لقد تأخرتِ يا فتاة .. لا تخبريني بأنكِ قد أتيتِ لهنا سيراً على الأقدام "

فقلتُ مبتسمة " أجل .. لقد أتيتُ سيراً على الأقدام "

قالت ليلى " بما أنكِ ثرية لما تجعلين السائق يوصلكِ .. بدلاً من هذا العناء الذي توقعين نفسكِ فيه " ..

قلتُ وأنا أرجع خصلة من شعري خلف أذني " إن المشي مفيد للإنسان .. فضلاً عن ذلك لقد أخبرتكم من قبل بأني
أحب المشي أكثر من ركوب السيارات "

قالت إيلي بهدوء مع القليل من التذمر " كفوا عن هذا الحديث وأطلبوا شيئاً لنأكله .. أكاد اُهلك جوعاً "

فنظر لها سايمون بهدوء ثم قال وهو يفتح (المنيو) مبتسماً " حسناً ، حسناً .. ماذا نريد ؟ "



خرجنا من المطعم بعد أن تناولنا فطورنا .. ثم اتجهنا للسوق بعد أن اقترحت ليلى الذهاب لهناك لمشاهدة أخر ما قد نزل من ثياب جديدة .. وهناك وقفنا نحن الفتيات أمام الثياب الخاصة بنا ومن خلفنا وقف سايمون وبراد بتملل .. وبينما كنا نحن الفتيات نبدي رأينا في أحد القطع قال براد بتملل مخاطباً سايمون " يا ألاهي إن الفتيات يتعبن الفتيان في أمر التسوق"

قال سايمون وهو يتكأ بذراعه على كتف براد " إنهن يبدين رأيهن فقط في قطعة واحده ولا يتبضعن .. فماذا لوكنً يتبضعن حقاً !! "

ضحك براد بسخرية وقال " لن يخرجن من السوق أبداً "

ثم ضحكا معاً لتلتفت إليهم صاحبة الأسلوب اللبق والراقي إيلي وتقول بابتسامة " لا تقولا هذا عنا .. ثم إن كنتم متمللين هكذا إذهبا لقسم الفتيان وافعلا مثلنا "

فقالت ليلى مؤيدة لها " إنها محقة " ..

أما أنا فقلتُ بمكر " ثم عليكما أن لا تنسيا بأنكما في يومٍ من الأيام ستجبران على الأتيان لهنا بصحبة إمرئتكما والوقوف طويلاً "

فأمسك براد بيد سايمون وسحبه معه قائلاً " فلنذهب يا رجل إن الأمر فيه رائحة مسؤولية وزوجات " ..

فضحكنا معاً في تلك اللحظة على ما قاله براد ونحن نراه يبتعد بسايمون الذي لم يتمالك نفسه وضحك مثلنا ..



بعد ساعة خرجنا من السوق وأخذنا نسير في الشارع ونحن نتحدث ونضحك فمررنا على محل لبيع المشروبات الدافئة فأخذ كل واحدٍ منا كأساً بلاستيكياً به مشروباً دافئاً ومضينا نسير ونتحدث .. فلمحتُ فتاة كانت تقف أمام عمود الإنارة بطريقة صبيانية .. وبصراحة خلتها لوهلة فتى بسبب ما ترتديه من بنطالاٍ أسود صبياني وقميص أبيض وسترة سوداء صبيانية أيضاً ، كما أنها تحمل حقيبة ذات حزام طويل وضعتها بطريقة مائلة على جسدها وتدس يديها في جيبي بنطالها... أما شعرها القصير البني المائل للسواد قُص بطريقة فوضوية جعلتني أشعر بقليل من النفور منها .. وفجأة رمقتني بنظرة أرعبتني قليلاً فأشحتُ بنظري عنها وأدَعيتُ حديثي مع أصدقائي وشرب ما في كأسي من شراب حتى تخطيناها ، فتمتمت قائلة " ما هذه الفتاة ؟.. تبدوا عليها الشراسة " ..



رنً هاتفه النقال رناتٍ متواصلة أزعجته فالتقطه من على المنضدة الصغيرة التي بجانبه وأجاب بتملل " ماذا ؟ "

ـ " ألم تقل بأنك ستأتي لنحسم الأمر بيننا ، أم أنك خائف وتراجعت عن ذلك .." أضافت بسخرية " سيد جان "

قال ذاك الأخير ببرود " لقد نسيتكِ في الأساس "

قالت بغضب " ماذا ؟ ، لا تحاول إثارة غضبي يا هذا وتستهن بي هكذا "

قال ببرود مماثل لسابقه وهو يزيح ملاءة ثقيلة ذات لون بني فاتحه مقلمة بلونٍ بني داكن وأصفر من على رجليه
وينهض من على الكرسي الهزاز " لكنكِ غضبتي حقاً .. ثم إني لا أستهين بكِ "

قالت بغضب أخف " على كلاٍ تعال الآن في المكان الذي نلتقي فيه دوماً .. ولا تنسى أن تحضر معك مـ....~ قاطعها بابتسامة ماكرة وقد لمعت في عينيه الحماسة " هل تظنين أنني قد أنسى جلب من هزمكِ مراراً ؟ "

كزت على اسنانها بغضب شديد وقالت " لاتكن وغداً مغروراً .. سأطيح بك حتماً هذه المرة "

قهقه ساخراً وقال وهو يخرج من غرفته ويمشي في الرواق الذي فرش بسجادٍ ناعم الملمس قاصداً النزول لأسفل " سنرى هذا "



في تمام الساعة التاسعة بالضبط جلستُ وأصدقائي على كرسيٍ خشبي طويل في مكان أشبه بالمنتزه .. هم يثرثرون حول موضوعٍ ما ويبدون مندمجين فيه .. أما أنا فكنتُ شاردة الذهن .. في الحقيقة لم أكن أفكر في شيءٍ ما .. أي ، شرود في لا شيء ... وفجأة رأيتُ نفس تلك الفتاة ) الصبيانية ، كما يحلو لي أن أسميها (.. وهي تركض في الطريق الذي أمامي بسرعة وكأنها في سباقٍ للجري .. وفي تلك اللحظات اجتاحتني رغبة عارمة في معرفة الأمر الذي تركض من أجله هكذا .. فنهضتُ من فوري عازمة على ملاحقتها وقلتُ بسرعة وأنا أهم بالمغادرة " أرجوا المعذرة يا أصدقاء .. أنا مضطرة للرحيل الآن ، أراكم غداً " .. ثم ركضتُ بسرعة متجاهلة كل نداء وُجِه إلي من قِبل أصدقائي تابعة تلك الفتاة من غير أن تشعر بي ...



بعد مدةٍ من الركض خلف تلك الفتاة وجدتُ نفسي أقف أمام مبنى عليه لافته كتب عليها بالخط العريض( نادي ’ إدوارد ريكايد ’ ) فرفعتُ حاجبي باستغراب وتساءلتُ إن كان هذا المكان مهم إلى هذه الدرجة لتركض بتلك السرعة لتصل إليه .. لكنني دخلتُ إليه من بابه الزجاجي الكبير تابعة إياها لأرى ماذا تفعل ، وأيضاً أرى هذا النادي وما يحتويه ..

لكنني توقفت فجأة وأنا أنظر لتلك الأبواب الثلاث التي أمامي .. أي واحدٍ قد دخلت من خلاله يا ترى ؟.. فوقفتُ لفترة وأنا أمرر نظري على الأبواب بحيرة ، لأرى بعدها فتاة تخرج من الباب الأوسط وهي تغلق سحاب سترتها الثقيلة فاتجهتُ نحوها وقلتُ " أرجو المعذرة يا أنسة .. أود أن أسألكِ عن إحدهم "
فتوقفت ونظرت إلي بهدوء ثم ابتسمت بلطف وقالت " حسناً ، أسألي ما شئتِ "
قلت " هل رأيتِ فتاة ... ممم ، كيف أصفها لكِ ؟ .. بشرتها سمراء قليلاً وترتدي ملابس للفتيان و شعرها فوضوي نوعاً ما "
أمالت الفتاة برأسها ووضعت أصبعيها الإبهام والسبابة تحت ذقنها وأخذت تفكر قليلاً حتى شهقت وقالت لي وهي تضع إصبعها السبابة على شفتيها " اششششش .. إياكِ أن تتفوهي بهذا الكلام أمامها "

فقلتُ متعجبه " هل عرفتي من أقصد ؟ .. آ ، أعني لِمَ ؟ "

فرمقت المكان بطرف عينيها من اليمين والشمال ثم قالت بخفوت " إنها شرسة .. صحيح بأني لم أتعامل معها قط ، إلا إني رأيتُ ذلك بأم عيني " .. ثم أردفت وهي تضحك بأنوثة لا مثيل لها " عليك الحذر منها عزيزتي "

فقلت متفهمة الأمر " حسناً .. لكن هل رأيتها ؟ "

ابتسمت وهي تشير بإبهامها للباب الذي خرجت منه " أجل .. لقد دخلت في هذا القسم "

ابتسمتُ لها وقلت" شكراً لكِ " .. ثم اتجهتُ بسرعة لذلك الباب وفتحته بإدارتي لقبضته الكروية ودخلتُ من خلفه لأجد رواقاً طويلة ذا أرضيه خشبية ينتهي باب خشبي به زجاجه مستطيلة أستطيع من خلالها رؤية من في الداخل ..

فمضيتُ قدماً وأنا أسير بهدوء حتى وصلت للباب وقبل أن أدخل رفعتُ نفسي بواسطة قدماي لأصبح واقفة على أصابعي فقط و نظرتُ لداخل الغرفة عبر النافذة الزجاجية ، لأجد حائطاً من زجاج قسم لغرف كثيرة بها أبواب خشبية وفيها أناس كُثر ... فلمحتُ تلك الفتاة وهي تجلس على كرسيٍ في داخل غرفة على اليمين وتهز قدمها ويبدوا عليها التوتر أو شيئاً من هذا القبيل .. فلما عزمتُ على الدخول والذهاب إليها ، قاطع أحدهم فضولي بقوله " يا آنسة "

استدرت لجهة اليمن على الفور .. ووجدته شاباً ذا قامة طويلة وجسدٍ ممشوق .. يملك عينانٍ حادتين برتقاليتين داكنتين وشعرٍ بني داكن كثيف يصل لمنتصف رقبته .. كما أنه يرتدي بنطالاً أزرق فاتح وكنزة سوداء عارية الأكمام .. إضافة إلى هذا ، كان يدس يديه في جيوب بنطاله ويرفع أحد رجليه بمستوى بسيط جداً لتكون ركبته مثنيه قليلاً وأصابع قدمه المخفية خلف حذاٍ أسود ملامسة للأرض .. مما زاد من مظهره هيبة و وسامة أكثر .. فابتسمتُ بقليلاٍ من التوتر لأبادله فقط ابتسامته العذبة وأقول " ماذا ؟ "

قال لي وهو لا يزال يبتسم " فقط كنتُ أريد أن أرى وجهك .. لأني لم أرى هنا أحداً بهذا القصر من قبل "

قلت بجدية مصطنعة بعد أن محيتُ ابتسامتي " حسناً وماذا بعد ذلك ؟ "

وسع من ابتسامته وقال " هل اشتركتي في هذا النادي ؟ "

قلتُ بفضاضة " لا شأن لك "

قال وهو يغمز لي بمرح " إن لم تكوني كذلك فسارعي بالأشتراك .. لأن مدير هذا النادي لا يقبل بتواجد الزوار هنا .. وإن علم بوجودك ستتعرضين للعقاب وتكونين في خبر كان عند إذنٍ " .. ثم مر من جانبي ليغادر لكنني استوقفته بسرعة وقلتُ بكل غباء " وهل المدير مخيف وقاسٍ إلى هذه الدرجة "

قال لي محاولاً التمسك بضحكته التي تكاد ان تنفجر " أجل ، أجل .. إنه أقسى مما تتصورين .. فالجميع هنا يخشاه و يهابه "




( الجزء الثاني عشر )



قال لي محاولاً التمسك بضحكته التي تكاد ان تنفجر " أجل ، أجل .. إنه أقسى مما تتصورين .. فالجميع هنا يخشاه و يهابه "

قلتُ بثقة بلهاء " حسناً .. أنا لا أريد الأشتراك هنا ، لكن لا تخبره بأني زائرة .. فأنا أود أن أرى ماذا تفعله تلك الفتاة وسأخرج فيما بعد ولن أعود "

قال لي " من تقصدين "

سحبته بكل جرأة من ذراعه وأوقفتُه أمام الباب وقلتُ له وأنا أرمقه بثقة " تلك الفتاة التي تجلس في الغرفة التي على اليمين "

فلما نظر إليها ابتسم وقال بهمس " هي على موعدٍ معه إذاً " .. وعاد ينظر إلي قائلاً " حسناً وماذا ستستفيدين إن رأيتِ ما ستفعله ؟ "

قلتُ وأنا أهز كتفيَّ " أشبع فضولي وحسب "

فعقد حاجبيه لبرهة ونظر لي بتمعن ثم رسم نصف ابتسم غامضة على ثغره وقال " حسناً " .. ثم اردف بابتسامة مرحة " المدير لا يقبل أن يتجسس أحد على أعضاء ناديه يا صغيرة "

قلتُ بسخط " ما هذا المدير المزعج .. دعني أراه حتى أخبره بأن أسلوبه ينفر حتى من يفكر أن يشترك في ناديه "

استدار وأخذ يغادر المكان بهدوء وقال " إذا كنتِ تريدين مقابلته فاتبعيني "

قلتُ وأنا اتبعه بثقة كبيرة وعلى وجهي إمارات الانزعاج " بالتأكيد أريد مقابلته " ..

ثم مشينا لمسافة طويلة نوعاً ما حتى وصلنا لبابٍ عُلِقت عليه لافته ذهبيه كُتِب عليها بخطٍ أبيض " مكتب المدير " ..
فأخرج الشاب يده اليمنى من جيبه وأدار المقبض الكروي الذهبي وفتح الباب ثم دخل للمكتب وتبعته أنا .. فبقيتُ صامته لفترة وأنا أحدق بالكرسي الجلدي الذي يكون خلف تلك الطاولة الزجاجية والخالي من أي شخص ، حتى رأيته يجلس عليه هو ويشير لي بالجلوس قائلاً بابتسامته العذبة " تفضلي بالجلوس آنستي "

فأملتُ رأسي بمستوى بسيط وأنا أحدق به ، حتى استوعبت مالم استوعبه من اللحظة الأولى وقلتُ بصراخ متفاجئ وأنا أشير إليه " أنت المديــــــر !! "

فأخذ يضحك بخفة حتى توردت وجنتيه بحمرة خفيفة جداً زادت من جماله الكثير وأسند ظهره على كرسيه وهو يقول من بين ضحكه " أنتـِ ههه ظريــ ـفــه .. هههه حقاً يا آنـــسة ههه "

قلتُ بتذمر كبير " هل تعبث معي يا هذا ؟ "

قال وهو ينحني للأمام ويشير لي بالجلوس " حسناً .. تفضلي أولاً بالجلوس "

فرميتُ بنفسي على الأريكة التي بجانب مكتبه وقلتُ بجرأة " سأقتلك لو خرجت تلك الفتاة "

قال بثقة وهو يضع قدماً فوق أخرى " لن تخرج .. لذا لا تقلقي "

فحدقت به بنظرة متفحصة ولم أترك شيئاً فيه إلا وتمعنتُ فيه لأنني أشعر بأني قد رأيته من قبل ، بينما كان هو كان ينظر إلي بهدوء ويبتسم لي بتلك الابتسامة التي تسحر الناظرين له ... وفجأة قلتُ له بنبرة صوتٍ جادة " ما خطبك تنظر إلي هكذا ؟ "

ضحك علي وقال " هذا السؤال موجه إليكِ .. فأنتِ تحدقين بي جيداً وبطريقة غريبة وكأنني قطعة أثاث تتفحصينها قبل شرائها "

فشعرتُ بالخجل في تلك اللحظة وقلتُ مغيرة دفة الحديث " حسناً ماذا تريد ؟ "

عقد حاجبيه وقال " ماذا أريد ؟ " .. ثم ابتسم وقال " لا أذكر بأني أريد شيء .. لكن لابأس بأن تخبريني باسمك .. أليس كذلك ؟ "

قلتُ بعبوس " الا يجب ان تخبرني باسمك اولاً ؟ "

قال بقليل من التعجب " خلتكِ قرأته على اللافتة قبل ان تدخلي "

قلت بعد ان وسعتُ عيناي قليلاً " آه .. أجل لقد قرأته .. أنت إدوارد دريكاد "

فرفع إدوارد حاجبيه ثم ضحك بخفة وقال " ليس دريكاد .. بل ريكايد "

قلتُ باللامبالاة " وما الفرق ؟.. إنهما فقط حرفان واحد ناقص والأخر مضاف "

ابتسم إدوارد وقال " وأنتِ ما سمك ؟ "

قلتُ " ألس آل ديفيد "

في تلك اللحظة رسم نصف ابتسامة على ثغره وعلى الرغم من أنني لاحظتها إلا أني تجاهلتها وقلتُ " حسناً .. أريد أن أسألك بما أنك المدير هنا .. هل تلك الفتاة مشتركة هنا ؟ "

أجاب وهو يضع ذراعيه على الطاولة " أجل "

قلت " حسناً .. ما الذي تفعله عادة إذا أتت لهنا "

اجاب بابتسامة هادئة " تتدرب على .. " .. ثم مد يده ناحيتي وهو يثني جميع أصابع يده ماعدا السبابة والإبهام وكأنه
يمسك بمسدس وهمي وأكمل " إطلاق النار "

فرفعتُ حاجبي وقلت " اهاا .. وهل تجيد إطلاق النار ؟ "

أومأ لي برأسه مثبتاً وقال " تجيد ذلك وهي ماهرة .. لكن ليست الأمهر بالنسبة للأعضاء الباقين "

حل صمتُ بيننا لدقائق قطعه بقوله " لم تخبريني .. هل تعرفينها ؟ "

أجبته " كلا .. لكن عندما رأيتها تركض للوصول لهنا قررتً اللحاق بها كي أعرف إلى أين ستذهب .. خصوصاً أن شكلها الصبياني أثار فضولي "

فضحك بخفة وقال " يبدوا بأن فضولكِ هذا سيدفعكِ للوقوع في مشاكل كثيرة يا آنسة "

عقدتُ حاجبي وقلت " ماذا تعني ؟ "

لوح لي بيده " لا تهتمي لم أكن أعني شيئاً " .. ثم أردف مبتسماً " هل ترغبين بإلغاء نظرة على النادي ؟ "

وقفتُ بحماس وقلتُ " أجل "

قال " هيا بنا إذاً "



خرجنا معاً من المكتب وسرتُ بجانبه بصمت في ذاك الرواق الطويل تقريباً .. حتى قال لي بهدوء " بالمناسبة هناك ثلاثة أقسام في هذا النادي .. وكل قسم له باب .. لقد رأيتِ الأبواب الثلاثة اليس كذلك ؟ "

اجبته " بلى .. لقد رأيتها "

أكمل " حسناً نحن في القسم الثاني .. وهو يحتوي على غرفٍ كثيرة وكبيرة .. فهناك غرفة تحتوي على آلاتٍ عدة لرياضة الجسد ، وغرفة للتدريب على كرة السلة ، والتنس ، والتصويب .. وغيرها الكثير " ..

ثم أخذ يعدد لي كل ما استطاع ذكره ويريني كل شيء في الأقسام الثلاثة .. وأخيراً عدنا للقسم الثاني الذي كنا فيه قبل دقائق واتجهنا للغرفة التي كانت تجلس فيه الفتاة بطلبٍ مني لأرى ماذا تفعل ووقفنا خارج الغرفة ، و وراء ذاك الجدار الزجاجي .. لكن .. هناك كانت المفاجئة الكبيرة لي .. شيء لم أكن أتوقع أن أراه ولو بالخطأ حتى .. شاهدته من جديد .. ذاك المتعجرف الساااخر .. جان أبن كارميل .. كان يقف مستديراً وهو يعطينا ظهره بحيث لا يرانا وأمامه كانت تقف الفتاة ويبدوا عليها بأنها غاضبة أو تشعر بالغيض لسببٍ أجهله من تعابير وجهها الحانقة .. فقلتً ببطء وأنا أشير له من خلف الزجاج بتفااجئ عظيم " لِمَ ..لِمَ هو هنا أيضاً ؟ "

فنظر إليً إدوارد لوهلة ثم قال مبتسماً " هل تسألين عن جان ؟ .. إنه عضو في هذا النادي "

فنظرت إليه بسرعة وصحتُ بصدمة " عـــــضو ؟! "

وسع من ابتسامته وقال " أجل .. "

فعاودتُ النظر إليه وهو لايزال واقفاً بغرور .. غير أنه أخرج مسدساً من جيب معطفه الداخلي الطويل الأبيض ووجه فوهته ناحية ورقة على جهته اليمنى رسم عليها دوائر صغيرة في وسط دوائر أكبر منها ، فدققتُ النظر لمسدسه لأجده نفس المسدس الذي رأيته في منزله وما إن أردتُ الأقتراب من الزجاجة أكثر حتى أطلق النار على الورقة لتخترق مركزها بدقة متناهية .. مما جعل مني أقف مذهولة دون ان أتحرك ..
هو حقاً لم ينظر إلى الورقة .. أطلق النار وأصاب مركزها .. أي فتى موهوب هذا .... قفزه عالياً في الهواء وهو يحملني وهبوطه بسهولة .. امتطائه الخيل ومهارته بالسباق .. والأن دقة تصوبيه دون النظر للهدف .. إنه يذهلني كلما التقيتُ به بأشياء أكثر وأعظم من سابقتها ..

فانتشلني إدوارد من افكاري قائلاً بابتسامة مُفتخِرة واثقة " تابعي جيداً ما يحدث واثني على ما يقوم به جان في ما بعد "

رمقته بهدوء ثم عاودتُ النظر لجان الذي ارتدى نظارة شفافة وكبيرة لتحمي عينيه من الشرار الذي سيتطاير من مسدسه وكذلك واقية إسفنجيه على أذنيه .. ثم أستدار هو وتلك الفتاة مقابلين الأوراق المعلقة على الحائط تحت بعضها البعض بترتيب وكلاً منهما وجه فوهة مسدسه ناحية الدوائر المرسومة عليها داخل بعضها البعض .. وبعد ثوانٍ قليلة .... بدءا بإطلاق النار بسرعة من الأعلى لأسفل قاصدين إصابة المركز ، وأنا أنظر إليهما بانبهار .. او لأقل ، إليه فقط .. فقد أبهرني بحق .. بكل طلقة يطلقها أشعر بالثقة تنطلق معها لأزداد حماسة أكثر وابتسامتي تتسع أكثر ..

وما إن انتهيا وأنزل جان مسدسه حتى انطلقتُ من غير شعور وفتحت الباب بسرعة واندفعت نحو الأوراق التي اصابها فأخذتُ أرمي بنظراتي السريعة عليها لأجد بأنه أصاب جميع الأوراق في المركز بدقة لا مثيل لها .. ثم التفتُ إليه وقلتُ بابتسامة فرحة يشع منها الحمااس " أنت .. أنت مذهـــل يا جان ، مذهل بحق "

كان الجميع ينظر إلي بتعجب .. تعجب ينبعث منه تساؤلات كثيرة .. خصوصاً جان الذي لم يكن يتوقع رؤيتي في مثل هذا المكان .. فأكملتُ قائلة " أخبرني كيف فعلت ذلك ؟.. أنت لست عادي يا فتى "

خلتُ عيني أبصرت شبح ابتسامة على ثغرة .. لكنه لم يتكلم بل اكتفى بنظراتٍ هادئة رمقني بها وخلع الواقية والنظارة من على عينيه ليتطاير شعره معها ويعود على وجهه من جديد.. ثم اتجه نحو تلك الأوراق التي أصابتها الفتاة ورمقها بهدوء ليلتفت إليها مبتسماً باستفزازية " هناك ورقة لم تصيبي مركزها .. بينما أصبتُ أنا جميع الأوراق في المركز .. آنسة أوزورا "

فخلعت تلك الأخيرة النظارة من على عينيها والواقية من على أذنيها بغضب واتجهت نحو أوراقه التي أصابها لترى ما رأيته أنا .. ثم أتجهت نحو أوراقها ورأت ورقة لم تصبها في المركز فصمتت لوهلة واقتربت من جان لتقول بغضبٍ حاولت كبته لكنها لم تستطع " هل غششت يا هذا ؟ "

ابتسم جان بسخرية وقال " لم يمر هذا المصطلح في قاموسي "

صاحت في وجهه " كيف إذاً أصبتها بهذه الدقة .. كيــــف ؟ "

هز جان كتفيه وقال باللامبالاة " لا أدري "

فصرخت من جديد قائلة " أحمـــق " .. ثم حملت حقيبتها ذات السير الطويل وقبل أن تخرج قالت " لا تحسب بأنك
انتصرت .. سأعود من جديد لأهزمك " ..

قال جان وهو يلوح لها " لا تتأخري "

فغادرت أوزورا بسرعة وهي غاضبة جداً بينما دخل إدوارد وقال مبتسماً " جان أيها الرجل .. أراهن بأنها ستموت غيضاً بسببك "

فدس جان يده في جيب معطفه الداخلي ليدخل مسدسه ثم أخرجه وقال بهدوء " ربما " ... ثم نظر إلي بصمت وقال بعدها بجمود " ما الذي أتى بكِ إلى هنا ؟ "

قلتُ له بهدوء وأنا رافعة لحاجبي " مممـ .. لقد تبعتُ تلك الفتاة التي خرجت للتو لأرى ماذا تفعل .. فقد أثارت تصرفاتها فضولي " ... ثم أردفتُ بابتسامة واسعة " لكن بصدق لم أتوقع أن أراك هنا .. لقد فوجئتُ بك "

لم يتكلم جان أو إدوارد فاقتربتُ من جان قليلاً وقلتُ بتساؤل " آه صحيح أنا لم أسألك .. كيف عرفت تلك الفتاة ؟.. ولماذا هي غاضبة منك هكذا ؟.. آآ .. أعني .. هي تنعتك بالحماقة وأنت لم تبــ ...~ فبترتُ جملتي على الفور لما لاحظتُ شحوب وجهه وعقدتُ حاجبي لأقول " هل أنت متــ ... ~ قاطعني وهو يستدير خارجاً من الغرفة " أنتِ فضولية ومزعجة جداً "

فابتسم لي إدوارد وخرج خلفه فتبعتهما على الفور وصرتُ أسير في الرواق عن يمين جان الواقف في الوسط وإدوارد على يساره لأقول " حسناً .. أخبرني فقط كيف عرفت تلك الفتاة "

قال بضجر وهو ينظر للأمام " كُفي عن هذه الأسئلة .. أنت تزعجينني كثيراً "

فقلتُ بعناد للمرة الأولى " لن أكف عنك حتى تجيبني "

فزفر الهواء بضيق وقال بسخط " لقد صادفتها هنا عندما كنتُ أتدرب على التصويب ، فأصرت على إقامة تحدي بيننا
فوافقت وهزمتها .. ومنذ ذلك الوقت وهي تسعى لهزيمتي لكنها لم تستطع "

فهززتً رأسي متفهمة ثم قلت " آه لقد فهمتُ الآن "

فجأة أضاف بسخرية " وهي حمقاء وغبية ومزعجة جداً .. كالتي تسير بجواري الآن "

ضحك إدوارد ضحكة قصيرة خافته بينما صمتُ أنا في محاولة لإستيعاب ما قاله ولما أدركت ذلك قلتُ باستنكار شديد "
أنت تهينني باستمرار يا متعجرف "

لم يجب علي وتجاهلني فقال إدوارد مبتسماً " ما رأيكما مشاركتي بقدح قهوة من صنع يدي ؟ "

فقلتُ بتساؤل " هل تجيد صنع القهوة ؟ "

أجابني بابتسامة لطيفة " أجل "

فبادلته بابتسامة مماثلة وقلت " هذا جيد "



في المكتب .. جلسنا نحن الثلاثة معاً وأمامناً قدح القهوة الخاصة بنا .. فإدوارد يجلس خلف مكتبه وأنا على الأريكة التي بجانب المكتب وجان يقابلني وهو يضع قدماً فوق أخرى ويشرب قهوته بهدوء .. فقال لي إدوارد متسائلاً " أنت تدرسين يا آنسة أليس كذلك ؟ "

أجبته مبتسمة " أجل .. لقد تخرجتُ من المدرسة وسأصبح طالبة جامعية في السنة الأولى إذا انتهت هذه العطلة "

ابتسم لي وقال " اتمنى لك التوفيق "

قلتُ " شكراً لك .."

قال جان مبتسما باستهزاء وهو يضع الفنجان على طبقه الصغير " أي توفيق تتمناه لها ؟.. أخشى بأنه عليك أن تتمنى للتوفيق أن يتوفق معها "
__________________
إِن لَم تَكُن مُعجبًا لِ #إكسو →_→ فَيكفِيك فَخرًا أنَك نَطقت بِإسمِهِم 💘
NarutOo 💘 & LaY 💘
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 07-16-2014, 01:15 PM
 
السلام عليكم
كيف حالك ؟؟
رمضان كريم
كما هي العادة الرواية روعة جداُ
والفصلين أجمل من بعض
وإذا إستطعتي أن تنزلي فصلين آخرين الآن
فأرجوكي إفعلي ذلك
في أمان الله
rahma la rose likes this.
__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 07-16-2014, 03:33 PM
 
Talking

( الـــجـــزء الثـــالــث عشـــــــــــــــــــر )


قال جان مبتسما باستهزاء وهو يضع الفنجان على طبقه الصغير " أي توفيق تتمناه لها ؟.. أخشى بأنه عليك أن تتمنى للتوفيق أن يتوفق معها "

فضحك إدوارد ضحكة طويلة بينما قلتُ أنا بغيض مكبوت " وأنا أخشى أنه عليك أن تبقى صامتاً وتكف عن السخرية مني "

قال " لا أستطيع .. فإذا أنتِ كنتِ قبالتي سيكون علي السخرية منكِ حتى تخرجي من المكان الذي أنا فيه "

صمتُ لفترة وقلتُ بعناد " هكذا ؟.. إذاً لا تحلم بخروجي أبداً "

ضحك ضحكة قصيرة وقال " حسناً إن كنتِ راغبة في البقاء فلا بأس .. لكن لا تتضايقي من حديثي "

قال إدورد في تلك اللحظة مخاطباً جان " كفى ي7ن " كفى يا صديقي .. أنت تغضبها "

قلتُ بعبوس يمتزج بسخط " ليس عليك تسمية هذا المتعجرف بصديقي .. إنه حتماً لا يستحقها "

قال إدوارد " لكنني لا أستطيع .. فهو لي صديق وأخ وأكثر من ذلك بكثير"

لم أفهم ما يرمي إليه بالضبط لكني حملتُ فنجان قهوتي واحتسيتُ القليل منه .. فلمحتُ صورة موضوعة على مكتبه لم أنتبه عليها من قبل فقلتُ له بعد أن أعدتُ الفنجان على طبقه الصغير " ما هذه الصورة ؟ "

فقال وهو يرفع حاجبيه " آوه هذه " .. ثم التقطها وهو يبتسم ومدها إلي وقال " أنظري إليها "

فأخذتها منه والقيتُ بنظرة هادئة عليها لكنها لم تكن كذلك لما رأيتُ إدوارد يقف أمام كرسي وطاولة تبدوا للمدرسة ويرتدي زي التخرج وهو يمسك بيد جان الذي يقف بجانبه ويرتدي زي التخرج أيضاً ويبتسمان بفرح وهما يمدان يديهما الممسكتين بشهادتيهما المطوية والمربوطة بشريطة حمراء ..

بقيتُ أنظر إليهما بصمت وتمعن .. حتى رفعتُ رأسي إلى جان الذي يحتسي قهوته وهو مغمض العينين ثم التفتُ إلى إدوارد الذي يغمض عينيه هو الأخر ويبتسم لي بلطفٍ كبير .. إن هذا يعني الكثير .. أولهما بأن إدوارد هو الشخص الذي رأيته في ألبوم صور جان .. وهو أيضاً .. فابتسمتُ ببساطه وقلتُ بتمهل " انتما .. صديقان منذ الطفولة صحيح ؟ "

فأومأ لي إدوارد برأسه إيجاباً وقال " أجل .. هذا صحيح "

فابتسمتُ نصف ابتسامه ساخره على نفسي وقلتُ في خلدي ( كيف لم أنتبه لهذا ؟ ) ...ثم عاودتُ النظر لجان الذي

قال بنصف ابتسامة وهو ينظر إليً " هل أنتِ متعجبة ؟.. لا يجب عليك ذلك بما أنكِ شاهدتي " .. ثم اردف بنبرة صوتٍ غريبة أخافتني قليلاً " ألبوم صوري من غير إذنٍ مني "

فقال إدوارد بدهشة " هل شاهدتي ألبوم صوره حقاً ؟ "

أومأتُ برأسي إيجاباً وأنا لا أزال أنظر لجان .. في تلك اللحظة رنً هاتفي النقال فأخرجته من جيب سترتي وقلت " أرجو المعذرة "

ثم نهضتُ من مكاني واتجهتُ حيث الباب وأجبتُ على المتصل قائلة بهدوء " مرحباً هيلار "

قالت تلك الأخيرة بفزع " ألـــس أين أنتِ ؟.. عودي بسرعة للمنزل هيا "

قلتُ بقلق وصوتي أرتفع قليلاً " مـ ماذا حدث ؟ "

قالت " لقد سقطت أمي من أعلى الدرج ولا أدري ما بها بالضبط .. إنها تنزف دماً "

قلتُ بخوف " ماذا ؟.. وهل أتصلتي على والدي ؟ "

قالت " أجل سيأتي الآن "

قلتُ وغصة خنقت حلقي " حسناً سآتي الأن " .. ثم أغلقتُ الهاتف والتفتُ بسرعة لأخذ حقيبتي فقال جان باهتمام " ما بكِ ؟ "

نظرتُ إليه وانسابت من عيني دمعة سريعة دون أن أشعر بها وأنا أقول " أمي .. لقد سقطت من أعلى الدرج وهي تنزف دماً الآن "

فوقف بسرعة وقال " ماذا ؟ ....حسناً سآتي معكِ "

أومأتُ برأسي إيجاباً وخرجتُ بسرعة من المكتب لتبعني هو بعد ثوانٍ قليلة وأخذنا نركض حتى خرجنا من النادي وركبنا معاً سيارته السوداء التي امرني بركوبها ففعلتُ ثم أخذني حيث المنزل الذي وصفته له .... وبينما نحن في الطريق للمنزل رنً هاتفي من جديد فأسرعتُ بالرد قائلة " ماذا هناك هيلاري ؟ "

هيلاري " لقد خرجنا من المنزل الآن ونحنُ ذاهبون للمشفى .. إن كنتِ تستطيعين اللحاق بنا فافعلي "

قلتُ بسرعة " حسناً " .. ثم أغلقت الهاتف والتفتُ لجان مكملة " لقد خرجوا من المنزل أذهب بسرعة للمشفى "

فغير جان مساره بانعطافه سريعة أخافتني قليلاً لكني قلتُ بعد لحظات بقلق " هل هناك من مشكلة لو أسرعت أكثر ؟ "

قال بهدوء وعينيه مثبته للأمام " أبداً .. لكن تمسكي "

وما إن أنتهى من كلمته حتى داس على فرامل السيارة وانطلقت كالصاروخ مما جعلني أرتد للخلف وأتمسك بالباب بخوف كبير ولم تمضي سوى ثوانٍ قليلة حتى قلتُ بسرعة وأنا أغمض عيني بقوة " توقف ، توقف لا تسرع هكذا "

فخفف جان من سرعته وقال بهدوئه السابق " أنتِ من طلب مني أن أسرع "

قلتُ وأنا أفتح عيني بخوفٍ أقل " كنتُ غبيه "

في تلك اللحظة سمعتُ صوتً خفيف من ابتسامته التي خلقها على ثغره وتظهر القليل من أسنانه المصطفة بترتيب

وقال بهمس " أعلم ذلك "



وصلنا أخيراً للمشفى ثم ترجلتُ وجان من السيارة بسرعة ودخلنا وسألنا أحد الممرضات اللاتي يجلسن خلف تلك الطاولة الطويلة عن والدتي وأخبرتنا أنها في قسم الطوارئ فركضنا لهناك وقلبي تزداد نبضاته أكثر وأكثر ودموعي ازدحمت في عيني لتتسابق في النزول ...

بعد مدة من الركض في ذاك الرواق الأبيض الذي تواجدت فيه ممرضات آتيات وذاهبات وغيرهن ، لمحتُ أختي وأبي يقفان أمام بابٍ كبير نوعاً ما ذا نافذتين مستطيلتين باللون البني الفاتح جداً ، فزدتُ من سرعتي حتى وصلتُ إليهما أنا وجان لأقف بعدها أمام أبي وأنا أمسك بسترته الزيتية الداكنة وأقول بتعب ونبرة بكاء " أين أمي ؟.. هل هي بخير ؟ "

فقال أبي وهو يمسك بذراعيً محاولاً بث الطمأنينة لقلبي الصغير " ألـــس لا تقلقي ، ستكون والدتك بخير .. أنا واثق من هذا "

فرمقته بقلق العالم أجمع وأغرقت وجهي في صدره الحنون ضامة إياه بقوة ..



بعد ساعة كاملة .. جلستُ فيها وهيلاري على الأرض وأبي يقف أمام الباب وجان يقف بعيداً عنا وهو يسند جسده على الحائط ويرفع رأسه لأعلى ..

خرج الطيب من الغرفة فسارعنا جميعاً بالتوجه إليه والوقوف في طريقة ماعدا جان الذي لم يقترب منا كثيراً .. فقال أبي بقلق مكبوت " ماذا حدث يا دكتور ؟ "

قال الطبيب بأسف " أنا آسف .. فهي الآن في غيبوبة "

صدمنا جميعاً وتوقفنا كأخشابٍ لا حركة لها فقال أبي بصعوبه " و .. وماذا حدث للـ طفل ؟ "

صمت الطبيب لوهلة ثم قال " آسف بشأنه .. لقد مات "

فشهقتُ أنا وهيلاري بينما كان أبي ينظر إليه بعينين متسعتين .. حتى قال الطبيب " على كلاٍ هي الآن تحتاج إلى الراحة ، أرجو المعذرة الآن "

ثم غادر مكانه بينما أتجه أبي للباب ونظر من خلال زجاجته لوالدتي الممدة على السرير وعليها جهاز المغذي والأكسجين ، اما هيلاري فجلست على الأرض باكية وأنا وقفتُ في مكاني من غير حراك ودموعي قد سقطت على وجنتي بهدوء ، حتى شعرتُ بكف أحدهم قد وضعت على كتفي فالتفتُ إلى صاحبها لأجده جان .. هو ولا أحد سواه ،
فقال لي بهدوء محاولاً بث التفاؤل لقلبي " لا عليك .. ستكون بخير "

في تلك اللحظة خرج صوت بكائي .. ومن غير شعورٍ مني .. أحطته بكلتا ذراعي بقوة ولا زالت دموعي جاريه .. فقلتُ وأنا أبكي و نصف وجهي على صدره " كيف لها أن تكون في غيبوبة ؟ وكيف للطفل أن يموت ، كيف ؟ "


وبعد فترة قصيرة ... انتفضتُ وابتعدتُ عنه بسرعة .. فأنا لم أعي بأني أعانق جسده إلا بعد أن كففتُ عن البكاء تقريباً .. فقلتُ بخفوت وأنا اخفض رأسي " آ..آسفة "

فنظرتُ إليه عندما لم يجبني لأجده يرمقني بكل هدوء ثم خبئ يديه اللتان لم أشعر بهما على جسدي في جيوب معطفه الطويل وأستدار بهدوء ليقول " لا بأس "



بعد مضي ساعة تقريباً .. التفت ابي إلى جان الذي لا يزال موجوداً وقد أسند ظهره على الحائط بصمت ثم قال بهدوء وحزن " جان .. أنت من جلب ألــس إلى هنا أليس كذلك ؟ "

أجاب جان بهدوء " بلى يا عمي "

قال والدي " شكراً لك .. لكن أريدك أن تخبر والدك بأنني هنا مع صوفيا ، فلقد كنتُ معه قبل أن أخرج وتركته في الشركة ولم أخبره شيءً "

قال جان " حاضر يا عمي "... ثم أردف بأدب " أرجو لخالتي الشفاء .. والآن أرجو المعذرة فأنا ذاهب " .. ...ولما همً
بالمغادرة أستوقفه ابي وقال " جان هل تستطيع إيصال هيلاري وألــس للمنزل ؟ "

فقلتُ بسرعة بنبرة معترضة " كلا يا أبي لا أريد العودة للمنزل أبداً ... أريد البقاء مع والدتي "

هيلاري " وأنا أيضاً لا أريد العودة "

قال أبي " لكنكما لن تستطيعا رؤيتها اليوم "

قالت هيلاري " وإن يكن لا أريد العودة "

قلتُ " وأنا لن اتحرك من مكاني "

فتنهد ابي بيأس وقال محدثاً جان " حسناً يا بني تستطيع الذهاب "

فأومأ جان برأسه بخفة إيجاباً وغادر المكان ...



خرج جان من المشفى وركب سيارته السوداء بهدوء وقبل أن يدير المفتاح ليغادر، أرجع شعره الأسود للخلف الذي عاد وتناثر على وجهه مجدداً وأسند رأسه على المقعد وقد بدأ العرق واضحاً على وجهه ، فأخرج هاتفه النقال من جيب معطفه واتصل بأحدهم .. وبعد ثوانٍ قليلة قال " مرحباً أبي ... إن صديقك مايك في المشفى الآن لأن زوجته سقطت من أعلى الدرج وفقدت طفلها ، لذا قال لي بأن أخبرك لأنه تركك في الشركة لوحدك .... حسناً ... إلى اللقاء " .. ثم أغلق الهاتف ووضعه على المقعد المجاور له ليتحرك بعد ثوانٍ معدودات ذاهباً للمنزل ..



جلستُ وهيلاري على الأرض مستندتين على الحائط بحزنٍ كبير.. لكن ليس بكِبر حزن والدي الواقف أمام الباب وهو ينظر من خلال الزجاجة لوالدتي النائمة على سريرها الأبيض .. وبقينا على تلك الحال حتى اليوم التالي ..

فتحتُ عيناي بهدوء .. ونظرتُ لأختي التي اسندت رأسها على كتفي وهي نائمة ثم نظرتُ لأبي الواقف أمام الباب ينظر لوالدتي من خلال الزجاجة .. مهلاً .. ألا يزال واقفاً منذ الأمس ولم يجلس ؟ .. فقلتُ بصوتٍ خافت قليلاً حتى لا أوقظ هيلاري " أبي "

التفت إليً بهدوء لأرى وجهه شاحباً وسواداً خفيفاً تحت عينيه فقال لي بهدوء " ماذا هناك ألـــس ؟ "

قلتُ بتساؤل " الا تزال واقفاً هنا منذ الأمس ؟ "

عاود النظر الى والدتي وقال بنبرة صوتٍ تدل على حزن عميق " أجل .. كنتُ واقفاً رغماً عني .. انا لم استطع التحرك من هنا حتى "

في تلك الحظة بيقتُ صامتة من غير ان انبس ببنت شفه .. وادركت .. حب ابي الكبير لأمي ..



دخل جان للمنزل وهو يسير بتعب نحو السلم ... صعده ببطء وصعوبة نوعاً ما ثم أخذ يسير في الرواق الطويل حتى وصل لغرفته وفور دخوله فيها ، اتجه لسريره والقى بنفسه عليه دافناً نصف وجهه على ملائته البرتقالية الداكنة ... وظل على تلك الوضعيه لمدة يفتح عينيه تارة ويبقيهما مغلقتين لفترة تارة اخرى والشحوب قد غزا وجهه الملائكي والعرق يتصبب منه رغم برودة الجو .. كان ذلك شيءً مرهقاً ومتعباً له .. وفجأة أخذ بالسعال بقوة حتى كاد أن ينقطع نفسه ثم انقلب على ظهره وفرد يديه ورجليه مستنشقاً الهواء بسرعة نسبياً عندما توقف عن السعال ، فمرت في تلك الأثناء صورة أحدهم في باله مما جعله يبتسم بسخرية ... وقال في خلده " هذا لن ينفع أبداً "



عند الساعة التاسعة والنصف .. دخل أبي لغرفة والدتي .. وتقدم من سريرها الأبيض .. رمقها ببؤس وأسى ثم مد يده ناحية رأسها ومسح على شعرها البني القصير بهدوء وقال بهمس " أرجوكِ .. أستيقظي بسرعة .. "


في الخارج ..وأمام باب غرفة والدتي .. سمعتُ خطواتٍ كثيرة تتقدم منا .. فالتفت لمصدرها وإذا بأهل جان قد أتوا وهم الآن يقتربون منا بخطواتهم المهروله .. ولما وصلوا إلينا قال كارميل " كيف حال والدتكما ؟"

قالت هيلاري بحزن " إنها في غيبوبة "

فظهرت علامات الأسى على وجوه الجميع وقال كارميل مجدداً " حسناً وأين والدكما الأن ؟ "

في تلك اللحظة خرج أبي من الغرفة ـ لما هممتُ بالأجابة ـ وهو مطأطأ برأسه في الأرض حزناً فاتجه كارميل نحوه على الفور وأمسك بذراعيه قائلاً " ماك "

رفع أبي رأسه ونظر لكارميل بعينين تكاد تذرف دموعاً متألمة .. وقال بخفوت " لا أستطيع يا كارميل ان أراها هكذا "

فربت كارميل على كتفه وقال محاولاً بث التفاؤل داخله " لا تقلق .. ستستيقظ قريباً، أنا متأكد من ذلك "
__________________
إِن لَم تَكُن مُعجبًا لِ #إكسو →_→ فَيكفِيك فَخرًا أنَك نَطقت بِإسمِهِم 💘
NarutOo 💘 & LaY 💘
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 07-16-2014, 03:47 PM
 
( الجزء الرابع عشر )


فربت كارميل على كتفه وقال محاولاً بث التفاؤل داخله " لا تقلق .. ستستيقظ قريباً، أنا متأكد من ذلك "

ذرف أبي دمعة سريعة من عينه استغربتها كثيراً .. فأنا لم أره يبكي قط .. والآن هو يبكي !! .. أما دينيا وساره وبيلا أقتربن ناحية أختي وناحيتي وقالت دينيا بصوتها الهادئ الذي بعث بداخلي الدفء " لا تقلقا على والدتكما يا عزيزتاي .. ستكون بخير لا محاله "

ردت هيلاري " اتمنى ذلك "

بينما أبتسمتُ أنا بشحوب وحزن .. فنبرة صوتها أراحتني بحق .. وبعد لحظة أتى مارف وصار بجانب والدي ووالده .. لأراه بعدها ينظر إلينا أو بالأحرى .. لأحدنا ..



مر نصف شهرٍ تقريباً والجميع على حالته ، أبي في حزنٍ عميق .. وانا و هيلاري حملنا هم والدي الذي لم يكن حزنه عادياً ، فوق هم غيبوبة والدتنا .. وكارميل وعائلته يأتون لنا كل يوم وكأنهم أحد أقاربنا المقريبن .. أما والدتي فلا تزال في غيبوبتها التي لا أدري متى تستيقظ منها ..

في الظهيرة عدتُ للمنزل لأستحم وأغير ملابسي .. فدخلتُ الحمام واستحممتُ بماءٍ دافـــــئ أنعش جسدي المرهق .. ثم خرجتُ وارتديتُ تنورة قصيرة تصل لما فوق ركبتي باللون الأسود وسترة قطنية رماديه ذات سحاب أسود داكنه فوقها سترة بيضاء أطرافها من الريش النااعم ، وجوربٍ اسود خفيف يصل لفخذي وانتعلتُ حذاءً أسود ذا كعبٍ عالٍ ، ثم جلست على سريري أجفف شعري القصير بهدوء .. ومن غير سابق إنذار طرأ على بالي ذاك الموقف الذي عانقتُ فيه جان .. فشعرتُ بالأحراج من فعلتي هذه على الرغم من أنها غير مقصودة ، لكنني أبتسمتُ ببهوت ليرن هاتفي النقال معلناً عن وصول رسالةٍ ما ولما فتحتها سيرتُ عيني على السطور المكتوبه لتتسع حدقتهما بفرحٍ عظيم .. فقفزتُ بسرعة من على السرير والتقطتُ قبعتي الصوفيه ونزلتُ لأسفل حيث السائق ..



وصلتُ للمشفى أخيراً وترجلتُ من السيارة التي كان يقودها سائق العائلة متجهة للغرفة التي نقلوا والدتي فيها .. أجل فلقد أستيقظت والدتي من غيبوبتها أخيراً .. ولما وصلتُ للغرفة فتحتُ بابها بسرعة ونظرتُ لوالدتي المبتسمة بشحوب ومن حولها أبي وهيلاري وكارميل وأهله الفرحين باستيقاظها .. فانطلقتُ بسرعة ناحيتها واحتظنتها بكل ما اوتيت من قوة وأنا أقول " أمي " .. ثم صرتُ أقبل وجنتيها بحبٍ كبير ودموعي تجمعت في مقلتي حتى قالت لي " ألـــس حبيبتي .. إني بخير يا بنتي "

فنظرتُ إليها بابتسامة حزينة وبكيتُ في حظنها بصوتٍ مسوع .. وبعد فترة أبتعدتُ عنها وأنا أمسح دموعي قائلة " ارجوكِ أمي ، كوني اكثر حذراً في المرة القادمة لقد خفتُ عليكِ كثيراً "

ابتسمت امي بشحوب وقالت " لا تقلقي .. سأكون حذرة لا محالة "

ولم البث إلا ثوانٍ قليلة حتى رأيتُ دموع والدتي قد انسابت على وجنتيها مما اثار استغراب الجميع فقال والدي وهو يمسك بكفها " ما الأمر يا صوفيا ؟ .. لما تبكين ؟ "

فقالت بنبرة صوتٍ باكية " أبكي بسبب فقداني لطفلي .. لقد كان كلينا ننتظر مجيئة بفارق الصبر يا ماك .. لكنني الأن فقدته في طرفة عين "

قال ابي بابتسامة حزينه " لا بأس عزيزتي .. أنا متأكد بأنكِ ستنجبين طفلاً أروع ، سنسعد بوجوده جميعاً .. فقط لا تبكي "

كفكفت والدتي دموعها بصمت في حين طُرِق الباب بهدوء وبرز من خلفه جان وهو يحمل بين يديه باقة من زهور رائعة الألوان ومرتبه بعناية ثم تقدم من السرير ووضع الزهور على الطاولة التي أمامه وقال بابتسامة هادئة " حمداً لله على سلامتك خالتي "

فبادلته والدتي بابتسامة شاحبة بعض الشيء وقالت " شكراً لك يا بني "

قال جان " لا داعي للشكر خالتي " ..

قالت دينيا مبتسمة بتفاؤل مخاطبة والدتي " أتعلمين ، لقد فرحتُ كثيراً لما أخبرني كارميل بأمر إستيقاظك من الغيبوبة ، فطلبتُ منه ان نأتي على الفور لزيارتك "

قالت والدتي مبتسمة " شكراً لكِ عزيزتي ، إني أقدر ما تشعرين به حقاً "

قالت هيلاري " إذاً يا أمي عليك أن تشفي بسرعة حتى تعودي للمنزل ، فلقد أصبح موحشاً جداً من غيرك "

فالتفتت أمي لهيلاري وقالت " حاضر .. سأبذل جهدي يا بنتي "

وهكذا مضى الوقت بالأحاديث بين الجميع فاستأذنت في أحد اللحظات وخرجتُ لشراء الماء من كفتيريا المشفى وبعد بحثٍ طويل عنها وجدتها وشريتُ قنينة متوسطة الحجم وخرجتُ بها عائدة لغرفة والدتي بعد أن شربتُ منها القليل .. لكنني لحظتُ وأنا أسير في الممر من خلال النافذة وقوف احدهم في حديقة المشفى المطلة على البحر .. ولما دققتُ النظر فيه عرفتُ بأنه جان وتساءلت عن وقت خروجه ووصوله لهناك بتلك السرعة .. وبعد فترة قصيرة جداً وجدتُ نفسي قد غيرتُ إتجاه سيري خارجة من المشفى ..



وقفتُ خلفه بصمتٍ لثوانٍ قليلة .. ثم أخرجتُ صوتاً يدل على وجودي فاستدار للخلف بسرعة وظهرت على وجهه علامات الهدوء بعد أنا كان مستغرباً لوجودي .. وبقينا على تلك الحالة لهنيهة ننظر لعيني بعضنا بصمت .. كانت نظرت عينيه غريبة ، شعرتُ به وكأنه شارد .. أو أنه لديه ما يقوله فلما أردت أن أتحدث سبقني قائلاً بامتعاض " ما الذي تفعلينه هنا ؟"

ابتمستُ نصف ابتسامة ساخرة وقلتُ في سري " إذاً أراد أن يقول شيئاً !! " .. ثم أردفتُ بعد فترة وانا أنزل قبعتي على أذني من طرفها بنبرة شبه متوترة " آآ.. لقد كنتُ ذاهبة للكفتيريا لشراء الماء ولما أردتُ العودة رأيتك من خلال النافذة فــ ... أتيتُ إليك ، لأني أستغربتُ وجودك هنا في مثل هذا الجو البارد "

فرفع أحد حاجبيه وهو ينظر لي ببرود وقال " فقط ؟ "

قلتُ بعبوس وأنا أستدير هامة بالمغادرة " قلَّي فقط غادري إن كنت لا ترقب بوجودي "

فاستوقفني صوته الهادئ " مهلاً "

استدرتُ له بصمت وأكمل " أنا لم أقل لكِ أن تذهبي ، فإن اردتِ البقاء فابقي "

ابتمستُ ابتسامة خفيفة وتقدمتُ منه حتى وقفتُ بجانبه امام السور الرفيع الذي يصل لصدري تقريباً .... بقينا واقفين بصمت والهواء يتلاعب بأطراف شعرينا المخفي خلف قبعتين صوفيتين ، ننظر للبحر الذي يطل عليه .. حتى قلتُ وانا انظر إليه " أخبرني ، كم عمرك ؟ "

فضل صامتاً ولم يجبني أو حتى نظر إليً فقلتُ متسائلة من جديد " حسناً، أي الألوان تحب أكثر؟ "

وأيضاً ظل صامتاً ولم يجب فقلتُ له بقليلٍ من العبوس " حسناً فقط أخبرني ، لما أرى وجهك شاحب دائماً هكذا ؟ "

وما إن انتهيتُ من جملتي حتى ألتفت بوجهه إليَّ وهو يرمقني بعينين اتسعتا قليلاً جداً ثم قال بتساؤل " هل هو كذلك حقاً ؟ "

أومأتُ له برأسي إيجاباً وقلتُ بخفوت " أجل " ..

فعاد ينظر إلى البحر وتنهد بهدوء ثم نظر إلي وأشار لقنينة الماء التي بين يدي قائلاً " هل يمكنني شرب الماء ؟ "

فمددتُ القنينة له وأخذها مني ثم فتحها وشرب ربعها تقريباً وبعدها قال لي وهو يغلقها " أستطيع أخذها أليس كذلك ؟ "

قلتُ في سري " هكذا وبهذه السهولة ؟ " .. ثم أردفتُ بصوتٍ مسموع " بلى "

قال لي وهو يتكأ بذراعيه على السور ويرمق البحر بهدوء " سأردها إليكِ في وقتٍ لا حق ، إتفقنا ؟ "

نظرتُ إليه صامته .. وكأنه قد قرأء أفكاري .. فقلتُ مبتسمة ابتسامة لطيفة " لا تقلق بشأن ذلك "



لم يحدث أي شيءٍ يذكر بعد ذلك .. ومضى اليوم بهدوء ، ليليه يومان اخران كان ثالثهما قد خرجت فيه أمي من المشفى .. وعاد بها أبي للمنزل ونحنُ فرحين بعودتها سالمة لنا .. فذهب بها أبي لغرفتهما لترتاح وذهبت هيلاري لغرفتها .. وأنا فعلتُ المثل لأرتاح ..

بعد ثلاث ساعات ونصف فتحتُ عيني اللتان انسدلت عليهما جفوني بتعب ورأيتُ غرفتي قد لونت بسوادٍ حالك .. هل هبط الليل بهذه السرعة ؟ ، فنهضتً من على فراشي وسرتُ ببطء حتى وصلتُ لمصابيح غرفتي وأضئتها ثم نظرتُ للساعة المستطيلة المعلقة على الحائط وإذا بعقاربها تشير للثامنة مساءً .. فرفعتُ حاجبي في استغراب ، .. هل نمتُ منذ العصر حتى الأن ؟.. لِم لم يوقضني أحدهم ؟ .. فزفرتُ الهواء بضيق لشعوري بتعبٍ في جسدي ، ثم اتجهتُ للحمام واستحممتً بسرعة وخرجت وارتديتُ بيجامة زرقاء قطنية واسعة طويلة الأكمام والسروال مثلها .. ثم لففتُ رأسي بمنشفتي الصغيرة لكي يجف شعري ، وبعدها امسكت بهاتفي الأبيض قاصدة العبث به لا أكثر ، لكن فاجئني أحدهم بأتصاله والذي لم يكن سوى (براد) فأجبته مبتسمة " مرحباً براد " ..

قال لي " مرحباً ألـــس كيف حالك ؟ "

اجبته بفرح " بخير طبعاً ، مادامت والدتي بخير "

قال " أوه صحيح كيف حالها الآن بعد ان اخرجتموها من المشفى ؟ " << لديه ولدى الأصدقاء الأخرين علم بما حدث لوالدتها لأن ألس أخبرتهم بذلك..

قلت له " بخير ولله الحمد .. شكراً لسؤالك عنها "

قال " العفو " .. ثم مرت لحظة صمت قال فيها براد بتردد " ألــس ، هل تستطيعين الخروج معي غداً ؟... أريد أن اخبرك بشيء هام "

قلتُ بترقب " وما هو ؟ "

ضحك بخفوت وقال " سأقوله غداً ، فقوله على الهاتف لا يفيد "

فقلتُ بفضول وإصرار " لا أجوك قله الآن أود أن أعرف ما هو "

قال " صدقيني لا أستطيع قوله على الهاتف "

فتنهدتُ بإحباط لكنني عاودتُ الأبتسامه وقلت " حسناً إذاً .. سآتي إليك في الظهيرة الساعة الثانية والنصف ، في نفس المطعم الذي نرتاده دوماً .. هل يناسبك الوقت ؟ "

قال بشيءٍ من التوتر " أجل .. إلى اللقاء "

قلتُ " إلى اللقاء "



جلس كارميل وعائلته على طاولة الطعام لتناول وجبة العشاء ، دون نقص في افرادها .. وكانوا صامتين تقريباً إلى اللحظة التي قالت فيها دينيا مخاطبة مارف " مارف ، متى تفكر بالزواج ؟ "

في تلك اللحظة توقف هو وجان عن تناول الطعام ، وقال مارف بعد فترة من الصمت مبتسماً ببساطه " لا أدري .. لكن أظن بأن ذلك سيصبح قريباً "

ابتسم الجميع وقال كارمييل " إذاً في بالك فتاة "

وسع مارف ابتسامته وقال " أجل ، لكن .... ~ قاطعته دينيا بسرعة وبفرح " من هي ؟.. "

ضحك مارف بخفة وقال " لن أخبركم بها حتى أتأكد من مشاعرها نحوي وبأنها لا تحب أحد أخر "

قالت ساره مبتسمة " أتمنى ان تكون من نصيبك إذا كنت تحبها "

بادلها مارف ابتسامتها وعاد لتناول طعامه أما دينيا فقالت لجان الذي عاد لتناول طعامه منذ ان سمع جملة مارف الأولى " وأنت جان .. ستنتهي من الجامعة السنه القادمة .. ألم تأسر قلبك إحداهن ؟ "

فتوقف جان عن تناول الطعام ونظر لوالدته هنيهة ثم قال وهو يقلب في طعامه " كـلا "

قالت بيلا بسرعة " جان إن كنت ستقع في حب أحدهن فأنصحك بأن تكون جميله وإلا لن أحضر حفلة زفافكما "

ابتسم جان ابتسامة هادئة ونظر إليها قائلاً " ليس الجمال كل شيء بيلا " ... ثم اردف بخفوت " لو كنتُ سأضمن حياة طويلة خالية من المتاعب لفكرت بما تفكرون به "

فرمقه الجميع بنظرة غريبة فهم مغزاها لذا قال مبتسماً بشحوب " حسناً ، لقد شبعت .. عن إذنكم "

ثم نهض من مكانه وغادر غرفة الطعام ـ ليتبعه كلبه ( دالاس ) الذي كان يجلس بعيداً عنهم ـ تحت انظار الجميع ..



كان جالساً في مكتبه الفخم ينظر للأوراق التي ملئت بسطورٍ كثيرة بحبرٍ أزرق جاف .. ويحتسي قهوته المُرة بين فترة واخرى .. وبعد دقائق قليلة ، رنً هاتفه النقال برقمٍ غريب لم يره من قبل فأجاب بهدوء " مرحباً "

ـ " مرحباً ، هل أنت السيد ماك ؟ "

اجاب وهو يعقد حاجبيه " أنا هو ، من تكون أنت ؟ "

قال " أنا الطبيب كريس الذي أشرفت على حالة السيده صوفيا زوجتك "

فرفع ماك حاجبيه متعجباً من أتصاله وقال بنبرة مؤدبه " اجل .. ماذا كنت تريد ؟ "

قال الطبيب كريس " هل تستطيع أن تأتي للمستشفى ، هناك ما اود ان أخبرك إياه "

قال ماك مشككاً " هل هو بشأن زوجتي ؟ "

الطبيب " أجل "

قال ماك بنبرة صوتٍ هادئة امتزجت بالقلق " حسناً .. سآتي الآن "

الطبيب " حسناً انا في أنتظارك .. إلى اللقاء "

ماك " إلى اللقاء " .... ثم أغلق الهاتف ونظر للفراغ متمتماً بهمس " لا أشعر بالأطمئنان "
__________________
إِن لَم تَكُن مُعجبًا لِ #إكسو →_→ فَيكفِيك فَخرًا أنَك نَطقت بِإسمِهِم 💘
NarutOo 💘 & LaY 💘
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 07-16-2014, 04:00 PM
 
الرواية روعة بس للأسف الكاتبة ما كملتها
انا مازلت انتظر منذ عام
شكرا لمجهودك و اتنى انك تكمليها لو استطعت
rahma la rose likes this.
__________________




وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله ..
أحبُك يالله





رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية / مشاعل - منقولة مجنونه بس تجنن روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة 216 03-02-2015 11:35 PM
طريق النحل (رواية منقولة للامانة) البيلوسي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 06-15-2014 10:40 PM
( مبدع‘ ) رواية * تحت اقدام الشتاء * ღ♫جذابہ لدرجة الإذابہ♫♪ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 4 04-27-2013 05:12 PM
( مبدع‘ ) رواية * تحت اقدام الشتاء * ღ♫جذابہ لدرجة الإذابہ♫♪ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 1 12-15-2012 10:26 PM
تحت اقدام الشتاء catwoman أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 7 06-27-2012 07:53 PM


الساعة الآن 01:25 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011