عيون العرب - ملتقى العالم العربي

اسفة على التاخير ضروف

الفصل الثامن {{ رقصة..على لحن ساركوز}}

بعد انتهاء المدرسة
خرج من البوابة و هو يتاوه بهمس بينما ثقل قلبه بهموم الدنيا كلها..استمع الى صوت يهمس خلفه بخجل
-كارل
استدار لينظر الى صاحبة الصوت و هو يتسائل بستغراب
-ماذا؟..اجابته فتاة ذات شعر احمر قصير و عينان بنيتان
-تفضل..مدت بيدها بطاقة دعوة لتدسها بيده و هي تردف بعد صمت قليل
-ارجو منك ان تحظر حفلة عيد مولدي لقد دعوت كل طلاب فصلنا
قالتها و هي تنظر اليه منتظرة منه اجابة..اكتفى هو ببتسامة باردة بسيطة و ايمائة كادت تبين حركتها من قربها له..لتبتعد و هي تودعه بينما الابتسامة ارتسمت على شفتيها بسعادة
توزعت عينا كارل على المكان لتقع على جييفاني التي خرجت من البناء للمدرسة توا لتسير نحوه..و كما اعترف هو بداخله بل و اجزم انها لن تنظر اليه حيث انها مرت من جانبه دون ان تحادثه بينما عبرته بسرعة و هي تتجه الى مايا استاذة الرياضيات..
سار كارل قليلا و هو عائد الى منزله..مع ليوناردو..لم يشا ان يعود مبكرا لذلك اتجه نحو جسر بني على احد الانهار جلس فيه هناك بصمت بائس..تذكر بطاقة دعوته لينظر اليها..بعد ساعتان ستقام و لا بد له ان يتاخر نصف ساعة كحاضر فقط..اغمض عينيه تاركا كل نسمات الريح تهب لتلحف وجهه بلطف بادره هو بابتسامة بسيطة منه..
-ويلاه ما هذا
احس بارتجافة هزت كيانه و هو يستدير للخلف..لم يكن يعرف لما ارتعش قلبه هكذا لكن تجمدت كل الدماء في عروقه و هو يرى برق الموت يصيبه ببطئ ليعطي له و لو فرصة بسيطة ليتذكر ما حدث في حياته
بؤس،حزن،معاناة هذا ما تذكره فقط الا ان صورتها تكونت فجاة في محجر عينيه بينما حد الخنجر الذي يقذف نحوه اصبح ببعد شبر عن جبينه..تحت هذا الصمت المرعب الذي اكتسى دواخله و جرح مشاعره و نزف قلبه..صوت مخملي ناعم قال بخوف رهيب مرتجف
-اوه ماذا افعل ايها السيد ارجوك
لم تكد تكمل تلك الفتاة جملتها حتى رات قطرات الدم فقط ما تتناثر على الارض..ارتعش صوتها بهزة مرعبة و هي تقول ببطئ مريع
-لقد طعن بالخنجر
رفعت راسها للاعلى مستعدة لصدمة كانت لتتوقعها لولا ان الصدمة كانت
غير متوقعة بل جعلت ارتعاش قدميها واضحا للعين..انه..انه لا يزال حيا
-حمدا لله
قالتها بتوتر و هي تحاول الاقتراب من كارل بينما سحب الاخير الخنجر الذهبي من وسط يده التي امتلات بالدم..نظر اليها قليلا ان الشق عظيم جدا لا بل قد بان الانعكاس لعظم يده..لم يكد يكمل ترتيب افكاره في جوف راسه حتى تلقى ضربة قوية دفعته الى الخلف بشدة ليصطدم بالاعمدة الحديدية التي اعوجت بسبب الاصطدام بها..اهة مخنوقة خرجت من بين شفتي كارل الذي همس بسخف حانق
-سحقا لهذا
تنفس الصعداء ليغمض عينيه برهة ثم فتحهما مستعدا للنظر الى السيد وحش الذي كان يقف امامه بكل غرور بينما ظهره المقوس مملوء بالدم..استقام كارل من مكانه بحركة بسيطة و بسرعة نظر الى الوحش الذي انقض عليه بلمح البصر ليهاجمه..لكن هذه المرة قد تدارك كارل الامر ليوقع الروح الشرير بسرعة على الارض عندما التفت يداه حول رقبة الوحش لينقلب المقلوب..اصبح كارل الان على الوحش الذي يتمدد على الارض بينما ذلك المسدس الاحمر الملتصق براسه هو من سيحدد مصيره..بلمح البصر اخترقت تلك الشظية ثقب السلاح الاسود الذي زين بخطوط حمراء ليتخترق جمجمه الوحش الذي تطايرت منه الدماء السوداء بينما بدات خلاياه تتلاشى تدريجيا امام الاعين
وقف كارل متنهدا بهمس و هو يعيد سلاحه القاتل الى مخباة خلف بنطاله بينما تعلقت عيناه على الفتاة ذات الشعر الاشقر الطويل التي بقيت ترتجف في مكانها و هي تنظر الى كارل بعينان متسعتان..لاحظت توجه كارل نحوها لتقف باعتدال بينما مقلتيها تتابع كل حركة منه بالتفصيل..
-بحق السماء ما الذي اتى بكِ الى هنا اخبريني؟
لقد عرفها منذ اول طرفة نظر اليها بها..شعرها الاملس الاشقر و عيناها الخظراوتان..لقد اصبحت اجمل بكثير الان..صوتها اخترق اذنيه ليصهر قلبه و يذيبه في بحور من الذنب و الالم و الامان
-كنت انوي...ا..الذهاب من هذا الطريق و لكنني رايت ذلك المخيف يقف خلفك..لذلك

-حاولتي مساعدتي..قاطعها صوته الذي كان مائلا للحنق..ارتدت الفتاة الى الخلف بقهر لتقول بغضب
-اسفة..لانني كنت احاول مساعدتك
لم يستطع اجابتها..بماذا يجيبها..صمت دام بينهما ليقطعه صوتها و هي تتكلم
-لقد رايت صاحبة الحفل تعطيك دعوة للذهاب الى الحفلة..اظن انها ستحزن الم تذهب

-لا يهم
قالها سائرا و هو يتعبد عنها بينما هي تنظر اليه بستغراب
لم تستطع منع نفسها من اللحاق به لتقول ببتسامة ناعمة
-لم اعرفك باسمي انا جييفاني و انت؟
خفق قلبه بقوة و هو يسمعها تتكلم..انها الحقيقة اجل الحقيقة..سهم مغطس بماء السموم اخترق قلبه ليميت المشاعر داخله..اجابها بهدوء بينما عيناه تتابع كل موجة تصدرها المياه
-انا كار،سررت بمعرفتك
-و انا ايضا
اجابته لتتابع بعدها
-ساذهب للحفل اتاتي معي؟
-لا باس
نطق لسانه دون اذن منه..احس بالخجل من نظراتها اليه لكنه ادار راسه ليقول ببطئ و خداه محمرين
-ساذهب
اكتفت جييفاني ببتسامة بسيطة لتسير معه الى مكان الحفل

في الحفل

كانت اليسيا تقف هناك و هي تحس بان قلبها يضرب قفصها الصدري بقوة..ترترف كالحمام و هي ترى حلمها امامها..اخيرا وصل فارسها الذي انتظرته منذ بداية الحفلة..خفقت روحها بالسعادة بينما اشتعل وجهها ضيائاً و هي تراه..سرعان ما اختفت ابتسامتها المشرقة و هي ترى تلك الفتاة معه..جييفاني..كانت تدعي بانها سعيدة طول الحفل..الا ان قلبها كان يتآكل غيضا و حقدا من الشقراء التي تقف مع كارل طول الوقت..اخرجها من غمامة السواد التي كانت عالقة بها صوت موسيقى هادئة للرقص..بينما الكل نظر الى مشغل الاسطوانات..قالت جييفاني بهمس لكارل
-انا احب هذه الموسيقى انها موسيقى ساركوز الرائعة
نظر كارل حوله ليقول بعد برهة من الصمت و هو يرى الكل يرقص تحت اضواء الشموع
-فلنرقص معا
-حسنا..اجابت جييفاني بخجل لتتجه معه الى ساحة الرقص
تاركة كل النيران تشتعل في قلب اليسيا التي خططت بان تكون هذه الرقصة معها لا مع تلك الفتاة

نهاية الفصل