عيون العرب - ملتقى العالم العربي - تراجيديا العودة ( خاص بمسابقة حرف يسيل من مآقي اللون)

http://im32.gulfup.com/cXrlU.jpg

في طريق عودتي " المليء برياضة المشي " من عملي السقيم , يكثر النشاط العضلي قبل وصولي لوسائل النقل العام , كما يكثر النشاط العقلي و التخيلي أثناء مسيري
و الذي يهوّن عليّ الوقت المهدور الذي يلزمني للوصول الى المنزل ,,, و تستمر مغامرة الوصول هذه أكثر من ذلك ..
و تتعقد حكايتها اكثر و أكثر عند رؤية الجموع التي تتشابه قصتهم مع قصتي و تتشابه أهدافهم مع هدفي
و هو الوصول " بسلام " الى المنزل بعد يوم حافل مليء بكل شيئ !! ..
و يستمر مسلسل اهدار الوقت اثناء الانتظار هنا ايضا ,,
و ما ان تمر الدقائق حتى تبدأ أذاننا بالاصغاء الى اغنية النهاية لهذا المسلسل التراجيدي الملحمي متمثلة بصوت محرك الحافلة القادم من بعيد ,,
يصطف و نصطف ,, يقف قليلا ثم يعلن السائق عن بدء رحلة المسير التي لا يعكر صفوها الا الإزدحام المتوقع في الطرقات .. فكما انني عائد الى منزلي
فهناك ايضا الألاف مثلي يحملون نفس الهدف المبدئي ...
و ما ان فرحنا بإنتهاء مسلسل الهدر السابق حتى بدء مسلسل اخر من هدر الوقت ,,
مسلسل على شاكلة المسلسلات التركية ذات مئات الحلقات و مئات القصص و التعقيدات ..
الوصول الممنوع و سنوات الضياع ,مسلسل الوقت الضائع , وتمضي الأيام ,مسلسل الأوقات المتساقطة و غيرها الكثير من المسلسلات اليومية
و التي تصلح أن تكون روايات كاملة تنافس رواية " أوقات عصيبة " لتشارلز ديكنز في تراجيديتها ..
لكني و رغم كل ذلك .. أجد في مقاعد الحافلة و أجوائها مكانا خصبا للتفكير و التأمل ,, بل و الكتابة و غيرها الكثير من النشاطات
التي ربما أتكاسل عنها و انا في كامل صحوتي و فراغي النسبي .. و رغم ذلك يبقى الانتظار أصعب شعور على الاطلاق ..

و ما ان اصل محطتي اخيرا ,, حتى أترجل من الحافلة بسرعة البرق كما لو كنت هاربا من مكان خسف ..
ليبدأ النشاط العضلي من جديد .. لكن هذه المرة , الأجواء ألطف و الشمس بدأت بالأفول و الهدف بات أقرب ..
و الانتصار أصبح على الأبواب ,, و اقترب تذوق طعمه كما اقترب تذوق طعم الغداء الذي فات موعده اصلا ليصبح الغداء عشاء مبكر ..

هذا جزء من يومي ,, تتجلى الفرحة فيه أثناء عبوري حلق باب المنزل لتكون فرحتي أكبر من فرحة عداء أولومبي أثناء اجتيازه لخط نهاية السباق ..
أرمي بهموم يومي خلفي .. و أبدأ صفحة جديدة اخصصها لما بقي منه ..
جزء منها لأهلي و جزء للقاء أصدقائي و السهر قليلا .. و جزء لهذا المنتدى أنهي به يومي قبل لقاء وسادتي ..