عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات و قصص الانمي

روايات و قصص الانمي روايات انمي, قصص انمي, رواية انمي, أنمي, انيمي, روايات انمي عيون العرب

Like Tree486Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 08-14-2013, 02:21 PM
 



بدأت الشمسُ تصارع على البقاء فبدت تظهرُ حمرتها في السماء البرتقالية .. كانَ الثلاثة لا يزالون في حديقة القصر رولند لا يزالُ متسمراُ في مكانه وقد طغت على ملامح وجهه ملامح قلقِ كبيرة , بينما بدى الحزنُ على الطفلين فها هي لين قد بدأت الدموعُ تتجمع في عينيها بينما لير يحاولُ أن يبقى شجاعاً أمامَ أخته التوأم بينما بداخله عكسً ذلك , ملّ ميلان من رؤيتهم فقد تحقق مراده في أن يرى ردة فعلهم ويستمتع بها , وقفَ والتفتَ ليغادر بعدَ أن أصدر حكمه .
لاحظه رولند فأسرعَ نحوه دونَ تفكير وأمسكَ بأحد ذراعيه وبرجاء قال له .
ـ أرجوك تريث قليلاً .
ما إن أحسّ ميلان بيده التي يضعها على ذراعه حتى اشتغلَ غضباً ضربَ يده التي تمسكه بحركة سريعة وقالَ بصراخ .
ـ لا تلمسني بيدك القذرة ! .
تعثرت قدمه وسقط أرضاً وقد بدت على ملامحه الصدمة فقد كانت ضربته حقاً مؤلمة , التفت ميلان إليه باحتقار وغضب , بينما لم يستسلم رولند حتى وهو يرى ملامح وجهه الغاضبة.. وقفَ و تقدّم باتجاهه ثمّ طأطأ رأسه باحترام وقالَ له برجاء أكبر .
ـ أرجوك أخرجهما من ذلك .
كتف ميلان بذراعيه وهو يراه يُصر على ذلك مما جعله يقولُ بعدمِ رضا ممزوجةِ بالسخرية .
ـ هل أنتَ من تقرر ذلك ؟! .
اتسعت عينا رولند لسخريته التي وجهها له ولكنْ لم يجعل ذلك يؤثر على عزيمته هو الآخر مما جعله يقولُ له بتوسل .
ـ أرجوك.. اطلب مني أيّ شيء أو افعل بي ما تشاء على أن تدعهما .
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه ميلان عندما رأى إصراره وكلماته تلك .. تقدم نحوه ووقفَ أمامه بينما لم يرفع رولند رأسه بل بقيّ على حالته وهو يتمنى أن يتراجع عن قراره .


في تلكَ اللحظة جاء شيمون واتخذَ له مكان بالقربِ من إحدى الشجيرات المنتشرة في ساحة القصر حيثُ لا يراه فيه سيده فهوَ قلق ويريدُ أن يعرفَ ما حصل , شعرَ بالخوف عندما رأى ذلك الموقف ...
لير ولين اللذان ينظران لـ رولند بأعينهما البريئة وميلان الذيّ يقفُ أمام ذلك الشاب بغرور مع ابتسامته التي لا تبشرُ بالخير مطلقا .. و رولند الذيّ يحني رأسه في صمت وهو يشدُ قبضة يديه بينما عينيه كانت تظهرُ عليها لمعة الإصرار .
وضعَ ميلان يده على شعرِ رولند الكثيف وأدنى رأسه ليهمسُ في أذنه ويصلَ إلى مستواه .
ـ هل تقولُ لي أن أطلبَ أيّ شيء منك أو أفعلُ ما أشاء بك ؟!؟! ... .
قالها بسخرية شديدة ولم يكتفيّ بذلك بل قالَ له وقد تغيرت ملامحه للجدّية .
ـ أنتَ بالفعلِ كذلك منذُ أن وضعت قدميك على قصري هذا .
أغمضَ عينيه وهو يتلقى تلكَ الإهانة التي عكسها عليه .. تساقطت بعضُ قطرات عرقه عن جبينه لتسقط على وريقاتِ العشبِ الصغيرة وكأنما فقدَ معها رولند الأمل .





ـ حسناً ولكن بشرط ... !! .




اتسعت أساريره وملئت نفسه فرحة كبيرة عندما سمعَ جملة ميلان التي نطقَ بها , رفعَ رأسه واعتدل بوقفته وقالَ له برسمية مشبعةّ بالحماسة .
ـ وما هوَ ؟! .
نظرَ ميلان إلى عينيه وبخبثِ قالَ له .
ـ تعملُ عنديّ بدونِ أجر ! .
اتسعت عينا شيمون عندما سمعَ كلامَ سيده فكيفَ يطلبُ من ذلك الشاب أن يعملَ عنده بدونِ أجر وهو يُقارب سنه .. شعرَ بضيق في صدره وجملة سيده التي قالها لـ رولند تترد عليه .. فلو كانَ هوَ في ذلكَ المكان لتردد كثيراً فالعملُ دونَ أجر يعتبر إهانةً كبيرة للشخصِ الخادم وكأنما اشتراه وأصبحَ عبداً ملكاً له .
صكّ رولند على أسنانه عندما سمعَ ما قاله فإن رضيّ بذلك فسوفَ يعرضُ نفسه للاستصغار .
عضَ لير على شفتيه فقد فهم المحادثة التي دارات بينهم كما أنّه قد كره ذلك الشخص من كلِ قلبه نظرَ إلى ميلان بنظرات حادة فوجده يبتسمُ بنصر وكأنما ينتظرُ الإجابة أبعدَ نظره عنه وأسرعَ بخطواته نحو رولند أمسكَ يديه وقالَ له بإصرار ظهرَ في عينيه .
ـ أخي سوفَ نتهمُ بأمرنا , أرفض ما قاله لك إنه شخصِ شرير .
هدأ رولند قليلاً وانقطعت افكاره عندما سمعَ صوتَ لير ثمّ مالبث أن ابتسمَ ابتسامة ظهرت فيها أسنانه المصطفة كالالئ وضعَ يده على شعرِ لير وقالَ له بنبرة محبة .
ـ لقد كبرت حقاً لير .
توردت وجنتيه عندما سمعَ ما قاله فأبعد نظره عنه فقد شعرَ بالخجل من كلامه .
وقفَ رولند وتغيرت ملامحه اللطيفة في ثواني قليلة إلى ملامح جدّية وقالَ لـ ميلان الذي ينتظرُ جوابه .
ـ حسناً أوافقُ على ذلك .
ضحكَ ميلان بخفة وتكلم وهو يشعرُ بالإثارة فلم يتوقع أبداَ أن يقبل ذلك .
ـ أنا أعلمُ السبب الذي جعلك تعملُ عند ليبريت , لذلك لا تحمل في نفسك شيء لأنّي طلبتُ ذلك .
ضاقت عينا رولند عندما سمعَ ما قاله ولكنّه تمالك نفسه ليكملَ ميلان كلامه بثقة ساخرة .
ـ لذلك سوفَ يكون ذلك تعويضاً لما سببته من خسارة له بسببِ خطأك , فقد كانَ ما ضاعَ هو ماليّ أنا الذي يجبُ عليه تسديده .
ابتسمَ رولند ليجاريه في كلامه ويقولُ بحنكةِ وذكاء مع ذات النبرة التي يُخاطبُه فيها ميلان .
ـ لكن , لا أظنُّ أن تلك الخسارة البسيطة قد تؤثرُ على أموالك , أليسَ كذلك ؟! .
أطلقَ ميلان ضحكاتِ عالية عندما تلمسَ ما يريده في جملته مما جعله يزداد فرحاً لأنّه اختار هذا الضعيف لخدمته فسيكونُ ممتعاً كما أنّه يتطلعُ لرؤيته يقومُ بخدمته .
جلسَ على الكرسي مرةَ أخرى ثمّ أخرجَ من جيبِ سترته الفاخرة بطاقةً صغيرة بيضاء اللون تحملُ بعضَ الكتابات والخطوط السوداء العريضة , مدّها إلى رولند وقال له وهو ينظرُ للصغيرين .
ـ لأكونَ عادلاً , فقد كانَ ما قلته صحيحاً ... لكن .
أتبعَ بنبرة خبيثة وهو يراقبُ ملامح وجه رولند ليرى المزيد من تعابيره التي تطرأ عليه .
ـ سوفَ تنتهي تلكَ الخسارة البسيطة في أيامِ قليلة وبما أنّك قبلت بالشرط فسأقومُ بإعطاء الصغيران المال الذي هوَ بمثابة عملكَ هنا .. .
أخذَ رولند تلكَ البطاقة من يديه وأخذَ ينظرُ إليها فقد كانَ ما قاله جيدٌ بعضَ الشيء .
نهضَ ميلان من مكانه والتفتَ مغادراً وهو يقول بتحذير .
ـ إن اكتشفت أنك تقومُ بأخذِ شيء منه ولو القليل , فلن أرحمك أبداً .
قالَ تلكَ الكملة بصوتِ غاضبِ شديد وكأنّه سيكونُ جاداً فيما قاله ولن يرحمه .
ابتعدَ وهو يُضعَ يديه على رأسه وكأنما قد أنهى المحادثة معه وأصدر حكمه , ولكنه توقفَ في نصفَ طريقه ليقولَ لـ رولند بغيض .
ـ فـ ليغربا من هنا الآن .

قالها ثمّ انطلقَ نحو قصره .
بينما أمسكَ رولند بأيدهما الصغيرة وانطلقَ يمشي نحو بوابة القصر لير بجانبه الأيسر بينما لين يسمكُ بها بيده اليمنى .


ـــــــ

ـ انتظر .
التفت رولند عندما سمعَ ذلك الصوت ليرى شيمون يقفُ وراءه وهو يلتقطُ أنفاسه و بادر يقولَ للشابِ بنبرةِ حزينة .
ـ أنا أعتذرُ من تصرفاتِ سيدي .. .
ابتسمَ رولند ووضعَ يده على كتفيه .
ـ أنتَ لم تفعل شيء , لا بأس عليك .
تلمس شيمون لطف هذا الشاب وحَزن على القرار الذي اتخذه فهو من الغد سيبدأ العمل في القصر , نظرَ للصغيرين الذي بدت على ملامحها الحزن وعدم الرضى ليقولَ لـ رولند .
ـ أينَ ستذهب الشمسُ بدأت بالغروب وسيحلُ الليل !.
أمسكَ رولند بأيدهما بقوة وقالَ له بابتسامة جميلة .
ـ سوفَ أذهبُ بهما إلى مكان ما وأعودُ سريعاً .
أومأ شيمون برأسه موافقاً ولوحَ بيده مودعاً الشاب الذي أخذَ يبتعدُ عن القصر ممسكاً بأيديّ الطفليين الصغيرين بعدَ أن آثرهما على نفسه
عادَ شيمون أدراجه وهو يُفكر بالحياة التي سوفَ يعيشها من الغد فصاعداً فلن تكونَ سهلة وسيده هو ميلان .

ـــــــ

بدأ الليل يهبطُ تدريجاً ونسيمه البارد يلفحُ على المكان و رولند لا زالَ يمشي في شوارع المدينة في صمتِ طويل لم ينطق فيها بشيء بينما لين في كلِّ مرة تنظرُ إليه ولير لم يجرأ على أن ينظر بل بقي يحدقُ بالأرض وهو يشعرُ بالذنب فيبدوا أنّه الوحيد الذي علمَ بما حصل بينما بدا أنّ أخته لم تعلم ما جرى .
أغمَضَ عينيه بشدّة وتوقفَ في مكانه ولم يتابع السير تعجب رولند فالتفت نحوه وقالَ له بتعجب .
ـ لير , هل حصلَ شيء ؟! .
ـ أنا آسف .

ابتسمَ رولند وتقدمَ نحوه وقالَ له محاولاُ تصنع عدم فهم ما يقول .
ـ لم تفعل شيئاً حتى تعتذر ! .
شعرَ لير بغضبِ طفيف من طريقة رولند التي لا يريد أن يسبب فيها القلقَ لهما مما جعله يرفعُ يده ويضعها على صدره ,
أخذَ نفساً عميقاً وصرخَ بأعلى صوته وقد بدأت الدموعُ تنسكبُ من عينيه .
ـ كانَ عليك ان تتركنا في ذلك المكان ولا تأخذنا معك .
ضاقت عينا رولند عندما سمعَ ما قاله وظهرت عليه ملامح غضبِ طفيفة , أمسكَ بكلتا يدي لير ورفعها باتجاه ثمّ قالَ له.
ـ أتعني بذلك أنكَ لا تريدنيّ أن أبقى بجانبك ؟! .
هدأ لير من بكائه قليلاً عندما سمعَ ما قاله فهو لم يقصد ذلك , أخذَ يكفكفُ دموعه وهو يقولُ بصوتِ باكِ .
ـ لكن ...لكن ... أنتَ الآن ستعملُ عندَ ذلك الشخص إنه ليسَ لطيف كالسيد ليبريت .
أخذَ نفساً عميقاً ورفعَ خنصر يده اليمنى وأشار بها أمام عينيه ثمّ قالَ بلطف .
ـ ألم نتعاهد أن نبقى سويةً ! لا يعني أن أكونَ مع ذلك الشخص أنّي قد تركتكما .
اتسعت ابتسامة لين عندما سمعت ما قالت فقد خشيت أن يتركَ رولند البقاء معهما , بينما الأمر ذاته عندَ لير الذي لم يدفعه قولَ ما قاله إلا لأنه خشي ذلك.
اطمأن قلبيهما فعادت الابتسامة إلى وجهيهما وأكملا سيرهما مع رولند .



ـــــــ

ـ ها قد وصلنا .
هذا ما قاله رولند وهو يقفُ أمامَ مبنى متوسط مكوّن من خمسةِ أدوار مطليّ باللون البني الباهت الذي تغير مع الزمن , تقدمَ نحوه ودخله ثمّ قامَ بالصعودِ على دراجته ليصلَ إلى الدور الثالث برفقة الطفلين .
وقفَ أمامِ بابِ غرفة على شرفةِ تطلُ على شجرةِ خضراء جميلة ذات أوراقِ صغيرة من على الجانب وإذا نظرَ أحدهم إلى الأسفل فسيرى شارعِ المدينة بمحلاته المشهورة , ابتسمَ وهو يتذكرُ هذا المكان فقد مرّ وقتٌ من أن جاء إلى هنا .
تكلمت لين وهي تنظرُ للمكان حولها بتعجب .
ـ أخي أينَ نحنُ الآن ؟! .
أجابَ رولند بابتسامةِ واسعة وهو ينظرُ إليها .
ـ إننا الآن أمامَ منزل أختكما الكبيرة .
لم يصدق لير ما قاله فاملأت وجهه الدهشة ولمعت عينيه وأخذَ يقولُ لـ رولند بحماسة كبيرة .
ـ أتعني أنّ لكَ أختاً ؟! .
ضحكَ بخفة وهو يرى تعجبه الطفولي واندفاعه عندما سأله لـ يومأ برأسه وهو يقولُ له .
ـ شيء كهذا .
ضمت لين يديها نحوها وقد برقت عينها بسعادة , أخذت تتساءل في قرارة نفسها هل هي تشبه رولند ! وهل تمتلكُ عيناً مثلَ التي يحملها ! .
طرقَ رولند البابَ بخفة ليجيء صوتٌ أنثوي من خلفَ الباب تخبرهم بأنها قادمة , أدارت مقبضَ الباب وفتحته لتعرفَ من الطارق فظهرَ أمامَ الطفلان فتاةٌ جميلة بجسدِ متناسق وشعرِ بنيِ قصير يصلُ إلى أسفلِ رقبتها تلبسُ ثوباً عادياً زهريّ اللون.

تسمرت في مكانها عندما رأت حدقةُ عينيها السوداء ذلك الشاب الذيّ يقفُ أمام بابَ شقتها فظهرت السعادة جلياً على ملامحها تجمعت الدموع في عينيها فلم تعكس عينها سوى ذلك الوجه الوسيم الذيّ دائماً ما تتشوقُ للقائه , اندفعت نحوه وضمّته بذراعيها بسعادة كبيرة ِ .

ـ رولند لماذا لم تعد تأتي لزيارتي ! .
هذا ما قالته بصوتِ باكِ ممزوجِ بالفرحة الغامرة بينما لم تنتبه للطفلين اللذين أخذا يُحدقان بها بدهشة .
توردت وجنتيّ لين وهي تتأملُ ملامح تلك الفتاة الجميلة بينما طغت على وجه رولند ملامح خجلِ طفيفة مما دعاه ليهمسَ لها بخفوت .
ـ ميدوري لقد جلبتُ طفلان هنا ! .
ابتعدت ميدوري ثمّ التفت نحو المكان الذي ينظرُ له رولند , رأت عيناها تلكَ الأعين الخضرُ التي تحدقُ بها , اقتربت منهما وجلست على ركبتيها لتصلَ إلى مستواهم وأخذت تدققُ في وجهيهما لتتذكرَ أين آخر مرةِ رأتهما , ثواني هي حتى أطلقت صرخةً مفاجئة .
ـ أنتما ..! لقد تذكرتْ .
التفتَ سريعاً نحو رولند وأخذت تنظرُ له غيرَ مصدقة وقفتَ على قدميها وأسرعت باتجاه ثمّ همست في أذنيه بطفولية .
ـ هل قمتَ حقاً بأخذهما !؟
أبعدها الشاب بيده بلطف ثمّ قالَ لها بهمسِ صغير خالطه نبرةُ غريبة .
ـ جئتُ أطلبُ منكِ معروفاً .
تلمست ميدوري نبرته تلك فعلمت انّ في الأمر شيئاً , تراجعت للخلفِ قليلاً ثمّ فتحت بابَ شقتها لتقولَ للطفلين بحماسة .
ـ ادخلا وانظرا إلى شقتي ولا تعبثا بشيء موافقان ! .
سعدَ الطفلان لذلك فأسرعت لين تخلعُ حذائها وتسارعُ في الدخول كما الحال عند لير .
ـــــــ
هدأ المكانٌ قليلاً في الخارج وبدأت الأضواء الملونة للمحلاتِ القريبة من ذلك المبنى تفتحُ لتنير الطريق وتخلقُ جواً من الهدوء مع نزولِ وقت الليل , هبت نسمةُ هواء باردة حركت خصلاتِ شعرها البنية لم تعرف بماذا تجيبه عن سؤاله وشعرت بقليلِ من الاحراج فهي حقاً لا تريدُ أن ترفضُ له طلباً فقالت بصوتِ مرتبك .
ـ لكن .... كيفَ تقولُ لي أن أعتني بهما .. وأنا لا أملكُ المال ! .
لم ترد حقاً أن تقولَ له ذلك فحركت قدمها اليسرى على الارض بارتباك وأتبعت كلامها .
ـ لستُ أرفض ..بل أنا أريدُ أن أفعلَ ذلك لأنكَ طلبته .. .
احمّرت وجنتيها وقالت له بصوتِ منخفض وهي تغمضُ عينيها .
ـ لكن كما ترى بالكاد أستطيع أن أدفعَ إيجار الشقة .. كما أنّني لا زلتُ أجمع المال لأدخل إلى الجامعة .
ابتسمَ رولند عندما رأى ملامحها التي تبدو وأنها منزعجةُ من نفسها وضعَ يده على يديها الناعمتين وقالَ له بلطف .
ـ لا تقلقيّ ... لقد أحضرتُ المالَ بالفعل .
تعجبت من ذلك فرفعت نظرها لتنظرُ إليه ففوجئت به يمدُ يده وفيها بطاقةُ بيضاء ويقولَ لها .
ـ هذا المالُ تحت تصرفك , قومي بصرفه على الطفلين وادفعي به إيجار السكن كما أنّني لا أمانع في أن تستخدميه في دخولك للجامعة وشراء ما تحتاجينه .
أمسكت بها وأخذت تُقلبها بينَ أصابعها أصابتها الدهشة الكبيرة وهي تنظرُ لها بعدمِ تصديق فقالت بفرحة .
ـ يبدوا انها تحتوي على مبلغِ ضخم .. هل وجدتَ عملاُ ممتعاً تقومُ به .
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظرُ له بعينها التي تلمعان من فرطِ السعادة , طأطأ رولند رأسه فأخفى ملامح عينيه وقالَ لها معَ ابتسامة صغيرة ظهرت شفتيه .
ـ هل أنتِ موافقة ؟! ... سأجلبُ مثلها من الآن فصاعداً , لا أظنَ أنهما من النوعِ الذيّ سيزعجانك , سأتكفلُ بمهمة تسجيلهم في أحدِ رياضِ الأطفال لكيلا يضيعانِ من وقتك .
أومأت برأسها موافقة فسعدُ قلبُ رولند لذلك مما دعاه ليقولَ .
ـ لن أنسى صنعيك هذا .. وسأرده لكِ يوماً ما .
طرأَ في بالها ذلك السؤال فسارعت بقوله لـ رولند الذي كان متوقعاً أنّها سوفَ تقوله .
ـ وأنتَ ... إلى أينَ ستذهب !؟ أليسَ غريباً أن تتركهما وأنتَ من أخذهما ! هل ستسافر ! .
أخفت خصلاتِ شعره عينيه وزالت ابتسامته من وجهه فلا يملكُ الآن سوى أن يخبرها ويقولَ لها بنبرةِ جامدة .
ـ سوفَ أعملُ خادماً منذُ الغد عند آل ماليان .
اضطربَ قلبها واتسعت عيناها عندما سمعت ما قاله , ضمت يدها إلى صدرها وقالت له بعدمِ تصديق .
ـ مستحيل ... لا يعقلُ ذلك ... !! هل حقاً ستعملُ في ذلك القصر !؟ .
طغت على ملامح رولند الحزن الشديد فأسند ظهره على الشرفة ونزلَ حتى وصلَ إلى الأرض ليجلسَ عليها ثمّ قال لها بصوتِ متعب مع ابتسامةِ أظهرها على شفتيه .
ـ أجل .. .
لم ترضى ميدوري لذلك فاجتمعت الدموع في عينيها وجلست بقربِ الشاب الذي لم يستطع إخفاء ملامح الإرهاق من وجهه أمامها وسألته بعدمِ تصديق وهي تهزّ جسده بيديها .
ـ ألستَ تكرهُ الأغنياء !؟ أخبرني ! ......... ألستَ تكرههم ؟!! .
تنهدَ رولند بعمقِ كبير وهو يسمعُ سؤالها وضعَ يده على جبينه ليرفعَ خصلاتِ شعره وقالَ لها بنبرةِ غريبة .
ـ بلى .. .
ـ إذا لماذا ؟!

هكذا صرخت ميدوري وقد تحدرت دمعةُ على وجنتيها فهي لا تريدُ أن ترى الشاب الذيّ تحبّه من أعماقِ قلبها يعاني كما كانَ في الماضي .
سمعَ الاثنان صوتَ الباب فالتفت رولند ليجد الطفلين يقفانِ أمامه بينما سارعت ميدوري لتمسحَ دمعتها .

ـ نحنُ آسفان كلّ شيء حصلَ بسببنا .
هذا ما قاله لير وهو يشدُ قبضه يديه ليخبرَ تلكَ الفتاة القصة بأكملها .


ـــــــ


وبعدَ أن علمت ميدوري بما جرى تألمَ قلبها عندما علمت السبب الرئيسي لتلفتَ لـ رولند بابتسامة مشفقة وتقولُ له وهي تحاولُ كبت بكائها .
ـ سوفَ أعتني بهما لأجلك .
وقفَ الشاب على قدميه وارتسمت ابتسامة مريحة على شفتيه , تقدمَ نحو الصغيران وقالَ لهما وهو يضعُ يده على شعرهما .
ـ هذهِ أختيّ ميدوري أتمنى أن تحسنا التصرفَ معها ! سوفَ آتي لزيارتكم من حينِ لآخر .
أومأ برأسيهما بفرحة غامرة وسارعت لين تمسكُ بيد ميدوري وتقولُ لها بصوتِ طفولي مع ابتسامة جميلة .
ـ لن نزعجك فأنتِ أختِ رولند .
حزنت الفتاة عندما سمعت كلمة أخت مقترنةِ مع رولند فهي في الحقيقة ليست أخته ولا حتى تربطها صلة قرابة به .. بل هي صديقته منذُ أن كانا صغيرين أعادت نظرها له فوجدته يحادثُ لير بابتسامة , طأطأ رأسها وهمست لنفسها وهي ترفعُ اصبعها اليسرى وتتذكرُ ذلك اليوم التي أمسكها رولند وقامَ بوعدِ معها استحضرت ذلك الموقف ثمّ همست بحزنِ .
ـ لا زلتُ أحبك رولند .
صفقت بيدها بعدَ أن أبعدت ملامح الحزن من وجهها التفت للطفلين وقالت لهما بسعادة .
ـ ادخلا الآن وأنا سأذهبُ لشراء بعضِ الطعام للترحيبِ بكما .
سعدا لذلك وسارعا للدخولِ من جديد ... حركَ رولند قدميه مغادراً وتبعته ميدوري لترافقه ..


سارا معاً حتى مفترقِ إحدى الطرق الذي يجبُ على الشاب أن يُفارقها فيها فقالَ لها بنبرةِ شاكرة .
ـ شكراً لك .
ابتسمت بخجل طفيف ثم تحولت ملامحها لأشبه بالطفولية وهي تغمضُ إحدى عينيها .
ـ هل هو معك ؟! .
تعجبَ رولند لسؤالها فسارعت لترفعَ كم ملابسها فتظهر سلسلة بألوان داكنة كالتي يحتفظُ بها ولكنها جعلتها كـ سواره. .
أدخل رولند يديه في سترته الداخلية ليخرجَ السلسلة التي يعلقها على رقبته والتي هي مطابقة تماماً لما معها .
فرحت أشد الفرح عندما رأتْ أنه لا زالَ يحتفظُ به لتمسكَ بالسوارة بيدها وتقولُ بنبرةِ لطيفة وهي تتذكرُ أحدهم .
ـ أتمنى أن نلتقيّ بإيفان قريباً .
ابتسمَ رولند بطمأنينة وقالَ له بثقةِ كبيرة .
ـ أنا متأكدٌ أن سنتقابلُ مجدداً .
أومأت برأسها بأمل ورفعت يدها مودعة رولند الذي أخذَ يبتعدُ عنها فقالت وقد طغت على ملامح وجهها حمرةٌ خفيفة.
ـ أتطلعُ لذلك اليوم الذي سنجتمع فيه نحنُ الثلاثة سوياً ....
ابتسمت وهي تتذكرُ ذلك الشخص لتهمس بشوقِ له .
ـ عد باكراً إيفان , فلابد أن رولند قلقٌ عليك .

ـــــــ

وأخيراً ابتعدَ رولند وأصبحَ وحيداً منفرداً بنفسه في إحدى منعطفات الشوارع المظلمة والتي تنيرها إنارةٌ مكسورة وضعَ يديه على الجدار ثمَ وضعَ رأسه عليه ظهرت عليه ملامحِ الألم فأغمضَ عينيه بشدّة .... قالَ بصوتِ متقطع من شدةِ الألم الذي يشعرُ به في جسده وهو يتذكر كلامها .

ـ ألستَ تكرهُ الأغنياء !؟ أخبرني ! ......... ألستَ تكرههم ؟!! .

ـ أجل أنا أكره كلّ الأغنياء ميدوري ...... .
جثى على ركبتيه ومشاهدُ من الماضي الأليم الذي كان يعيشه تردد على ذاكرته
أسندَ ظهره على الجدار المتهالك , وأخذَ ينظرُ للسماء السوداء بعينيه ارتسمت ابتسامة على شفتيه.
ـ ربما لن يكونَ ذلك قاسياً .. لنجرب ذلك .
قالَ ذلك ثمّ وقفَ على قدميه متجهاً إلى قصر ماليان مبتدأً صحفةَ جديدة في حياته بالعملِ عندَ ميلان وهو لا يعلم ما هو الغد الذي ينتظره
وأيّ الأحداث التي ستظهر وستغيرُ مجرى حياته والتي ستنقلبُ في لحظات قليلة رأساً على عقبَ ليعودَ تدريجياً للجحيم الذي كان يعيشه في صغره .. .

فكيفَ سيحدثُ ذلك ؟!
و ما هوَ الجحيم الذي عاشه في صغره !
وهل سيجتمعُ الثلاثة قريباً ! وما هي حكايةُ كلِّ شخصِ منهم ! بل حكايةُ لقائهم جميعاُ ! .

انتهى الفصل الثالث ..



بانتظارك ردودكم وتعليقاتكم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-17-2013, 09:39 PM
 


رائحة الفجر الجميلة تتنشرُ في السماء السوداء وأصوات العصافير التي خرجت من أعشاشها بدأ صوتها يعلو المكان تدريجياً لتعلن عن اقتراب موعد استيقاظ الشمس .
غسلَ وجهه بقطرات الماء الباردة ليستعدَ لصبحِ جديد رغمَ أنّه لم يذق طعمَ النومِ منذُ ذلك اليوم الذي قُرر فيه أخذُ ممتلكاتِ الراحل ليبريت فقد كانَ باله مشغولاً ولم يطمئن بعد , نظرَ للمكان الذيّ هو فيه فقد كان في غرفةِ صغيرة مطلية باللون الأسود الباهت كانت الغرفة ضيقة فموقعها في الدورِ الأرضي ويوجد فيها سرير صغير بالإضافة إلى طاولة دائرية خشبية صغيرة جداً بجانبه تنهدَ رولند وقالَ بصوتِ هادئ .
ـ ألم يجد سوى هذه الغرفة لتكونَ ليّ ؟! .
لم يكن بداخل ذلك الشاب أنّه يريدُ غرفة واسعة أو حتى فخمة ولكن موقعها التي هيّ تحت القصر في الدور الأرضي كانت أشبه بسجن مظلم فالإضاءة فيها غيرُ جيده كما أنّه لا يوجد في ذلك الدور سوى المستودعات ولا يوجد فيه غيره وهذا ما أزعجه قليلاً فقد أخبره شيمون بأنّه لا توجد غرفة شاغرة في الدور الثاني لأن أغلبها تخضعُ للتجديد .
رتبّ سريره البسيط ثمّ قامَ بحملِ ملابسِ الخدم التي وضعها له شيمون رفعها بيده ونظرَ إليها , كانت بلونِ بني اللون ويوجدُ فيها من أعلى الكتف خيوطُ سوداء وأخرى بلونِ الكاكاو تمتدُ بشكلِ جانبي حتى نهايتها من جهة اليمين بينما كانَ البنطال أسود اللون تزينه خيوطُ بنفسِ لون البذلة بدت وأنّها ثمينة , قامَ بحملها ثمّ اتجه ليستحم ويبدأ يومه بنشاطِ وحيوية رغمَ عدم علمه بما تخبئه له الساعات القادمة .
ـــــــ
ما إن انتهى رولند من تجهيز نفسه حتى قامَ بصعودِ الدرجات ليصل للدورِ الأول من القصر حيثُ الواجهة الأساسية التي يسكنُ فيها ميلان وأول ما حطت قدميه أعتابه حتى استقبلته أشعة الصباح , سارعَ بوضعِ ذراعه على عينيه ليخفف من ضوئها حيثُ أنّها كانت تنيرُ القصرَ بأكمله فهي تنعكسُ من زجاجات القصر الكبيرة بشكل خيالي لتنشرَ أشعتها الدافئة في المكان كله , ابتسمَ رولند وشعرَ بقليلِ من الدفء أبعد ذراعه عن عينيه وأخذَ يتأمل خيوطها الجميلة .
جاء شيمون مسرعاً نحوه عندما رآه يقفُ وهو ينظرُ لحديقة القصر من خلالِ زجاجات النوافذ ولكنّه توقفَ في منتصفِ طريقه عندما رأى هيئة ذلك الشاب الذي بدى له وكأنه أحدُ النبلاء من العصور الوسطى فقد كانَ اللبسُ الجديد الذي اختاره ميلان ليعمَ جميع الخدم به كانَ مناسباً جداً بالنسبةِ له فقد أظهرَ وسامته بشكلِ مميز
تقدمَ نحوه وناداه .
ــ رولند .
التفت رولند نحوَ من ناداه وعندما رأى أنّه شيمون حتى ابتسمَ بحيوية و قالَ له برسمية .
ـ صباحُ الخير .
ابتسمَ شيمون عندما رآه بذلك النشاط فقد كانَ قلقاً من أن يكونُ غاضباً أو أنّ مزاجه متعكر لأن ميلان اختار غرفته لتكونَ في الدورِ الأرضي بينما بقية الخدم هم في الدور الثاني بجناحِ خاص وواسع .
ـ صباح الخير , أريدُ أن أخبركَ بأمر ما .
اعتدل رولند في وقفته وقالَ له مستعداً لأي عملِ يطلبه كبير الخدم .
ـ تفضل قل ما تريده .
ارتبكَ شيمون ولم يعلم كيفَ يخبره بذلك فقد كان سيده معارضاً لتلكَ الفكرة فمرت عليه ذكرى الأمس سريعاً في ذهنه .
كانَ ميلان مستعداً للنوم فقد جلسَ على سريره وهو بملابسِ نومه وها هو شيمون يحملُ بيده صينيه فيها كأسُ ماء ليعطيّه إياه .
أخذَ الكأس من الصينية الزجاجية وشربه دفعةً واحدة فماءُ بارد قد ذابت فيه حبّة ثلج كانت كافيه بإرواء ظمئه .
تحدثَ شيمون بتردد وقالَ له بابتسامة مرتبكة .
ـ سيدي ما رأيك لو جعلتَ الخادم الجديد خاص بك ؟!
أمسكَ ميلان الكأس بيده بقوة وقطبّ حاجبيه بغضب فلم يعجبه ما قاله له كبير خدمه مما جعله يقولُ بنبرةِ مرعبة .
ـ أخبرتك أنّنّي أكره جميع الخدم !! جمعهم حثالة !!! ثمّ ماذا أريدُ بخادمِ خاص !!! لكي يعلمَ ما يحيطِ بي ثمّ يخونني ببساطة !؟ .
ارتعدت اوصالَ شيمون عندما تلمسَ تلكَ النبرة الغاضبة وتلكَ الطريقة المرعبة التي قالها له وأجابه عن سؤاله .
رفعَ ميلان عينيه بحدّة وكأنما انهى حديثه وأراد تحذيره من ذلك الأمر, وضعَ يده على بطانيته القطنية ذات النقوشِ الجميلة ثمَ رمى نفسه على سريره الفخم ذو الملمسَ الدافئ وأغمضَ عينيه لينام .
أبعد تلكَ الذكرى وقالَ له بعزم مخلوط ببعضِ القلق .
ـ أريدك أن تكونَ الخادمَ الخاص لـ سيد ميلان .
تعجبَ رولند من الطريقة التي أخبره فيها شيمون فقد كانَ متردداً ومرتبكاً في كلامه وكأنّ ما سيقوله أمرُ غيرُ جيد .
طأطأ شيمون رأسه وقالَ وهو يحركُ يديه بارتباك .
ـ أنا آسف لأني طلبتُ منكَ ذلك ولكن ..... .
صمتَ قليلاً ثمّ قالَ له وهو يشدَ قبضة يده بانزعاج .
ـ إن سيدي يكره جميعَ الخدم ومهما يكن لا بد من أحدنا أن يتولى أمره لكنّه في كل مرة يرفضُ ذلك مما يجعلنا نقعُ في كثير من المتاعب ..لذا أرجوك هل يمكنك أن تتحملَ تصرفاته وأفعاله وتكونَ جديراً بذلك .
لم يجد رولند أيّ مشكلة في ذلك فقالَ له بنبرةِ تدلُ على طيبة قلبه .
ـ لا بأس في ذلك .
شعرَ شيمون بالفرحِ الشديد عندما سمعَ جملته وأنه لا يمانع في ذلك أمسكَ بكلتا يديه وقالَ له بنبرةِ شاكرة عميقة .
ـ أشكرك كثيراً ... سوفَ أخبرك بما يجبُ عليكَ القيام به .
جذبه من يديه وأسرعَ في خطواته وخلفه رولند الذي أخذَ يتبعه بابتسامة بلهاء ....
كانَ جوابه سريعاً لم يفكر في ذلك مطلقاً ...! فلم يكن ذلكَ غريباً فكونه جديد ولا يعلمُ شيئاً عن تصرفاتِ السيد ميلان ولا عن الحياة التي يعيشها فيها فقد وافقَ على ذلك ,,
وبعدَ ثواني قليلة طغت على ملامح شيمون الجمود وهو يمسكُ بيدِ رولند بينما قلبه يعتصرُ تردداً وقلقاً فهوَ يعلمُ أنّ ذلك سيكونُ قاسياً عليه ولكن إذا فكر بالأمر بطريقةِ أخرى .. فربما يستطيعُ ميلان ان يرتاحَ لوجوده أو أن يشاركه ايّ شيء بما أنّه متقاربان في السن وكلاهما شابان صغيران .
ـــــــــ

وفي شقة ميدوري ...

فردت ذراعيها للأعلى لتمدد وتستعيدَ نشاطها ,رفعت شعرها القصير بربطةِ صغيرة ثم نظرتْ إلى الطفلين لتجدهما لا زالا نائمين ابتسمت واقتربت منهما جلست على ركبتيها وأخذت تتأملهما , كانَ شكلهم لطيفاً فهما نائمين على بساطِ على الأرض حيثُ أن لين تضعُ يدها قرب فمها بطريقة طفولية ولير بجانبها يلامس يدها وكأنما يخبرها بأنّه سيكونُ معها دائماً سحرت لمنظرهما وأطلقت ضحكة خفيفة , وقفت على قدميها من جديد وصفقت بيدها بخّفة فعليها تجهيز مائدة الإفطار فهي ليست لوحدها اليوم , انطلقت نحو مطبخها الصغير الذي توجدُ فيه نافذة صغيرة مطلة على الشرفة , فتحت الثلاجة وأخرجت علبة حليب كانت قد اشترتها بالأمس عندما ودعت رولند وضعتها على طاولةِ بيضاء مستديرة وبدأت تصنعُ شرائح خبز محمصة مع حبة بيضِ مقلية لتناولها مع كوبِ من الحليب الدافئ , انتهت من تجهيز الفطور
فوضعت شرائح الخبز في صينيه ثمّ انطلقت بها نحو غرفتها الصغيرة دخلت الباب فوجدت الصغيرين قد استيقظا من نومهما وهما الآن يقومان بفركِ أعينها بطفوليه , تذكرت كلام رولند الأمس .
ـ هل يمكنك الإعتناء بهما ؟! .
شعرت بالحزن عندما تذكرت ذلك فلا بدّ أنّه كانَ مجبراً على العمل في ذلك القصر بالرغم من أنّه يكره الأغنياء , حركت رأسها يميناً وشمالاً لتنفضَ تلكَ الأفكار من رأسها أعادت النظرَ للطفلين فأدخلت الهواء لرئتيها ورسمت ابتسامة واسعة لتقولَ لهما .
ـ صباح الخير .. لين .. لير .
رفعا رأسيهما عندما سمعا صوتَ ميدوري , نهضت لين ووقفت على قدميها , أمسكت بملابس نومها القصيرة التي تصلُ إلى منتصفِ ساقيها وقالتْ بصوتِ ناعس طفولي .
ـ صباح الخير .
ابتسمت ميدوري فوضعت الصينية على طاولة قصيرة بمنتصف الغرفة ثمّ جلست على الأرض بقربها فتحت علبة الحليب بابتسامة وقالت لهما وهي تسكبه في الكؤوس الصغيرة .
ـ اذهبا لتمسحا وجهيكما ثمّ اجلسا لتناولُ فطوركما .
أومأ برأسيهما فبدأ لير بطيّ ما نامَ عليه وساعدته لين التي حملت الوسائد ووضعتها في مكانِ ما بجانبِ سرير ميدوري وانطلقا نحو الحمام ليغسلا وجهيهما .
بينما وضعت الفتاة يدها على ذقنها وأخذت تفكر وهي تنظرُ للوسائد التي وضعوها .
ـ يجب عليّ أن أذهب للسوق اليوم , من الجيد أنّه كان معي غطاء للنوم .
عادَ الطفلان بابتسامةِ سعيدة وسارعا بالجلوسِ بالقربِ من ميدوري حولَ الطاولة , ابتسمت ميدوري وبدأت تقربُ لكلِ واحد منهم شريحة خبز وكوبِ من الحليبِ الطازج .



ــــــــ
وفي قصر ميلان ...
كان يقفَ أمام بابِ غرفته ذو النقوشِ الهندسية الاحترافية .. تنهد بعمق فقد أخبره شيمون بما يجبُ عليه وها قد حانَ دوره ليعملَ بما قالَ له ..
ولكنّه لا زالَ يطرقَ البابَ طرقه مرةً ثمّ ثالثة ورابعة فلم يسمع الجرس الذي يتيحُ له الدخول .. لم يجد مشكلة في نفسه بأن يدخل فأدارَ مقبضَ الباب وفتحَه .

أول ما رأته عيناه هو تلكَ الغرفة الواسعة الكبيرة والتي يوجد في منتصفها سجادة بلونِ أحمر داكن مزخرفة بخيوطِ ذهبية اللون .. بينما جدارها ملونُ بألوانِ زاهية وعلى الجانب سريرِ واسع ينامُ عليه لشاب بأريحية , نظرَ رولند لسيده بعينيه الجميلتين فظهرَ له وجه الشاب النائم التي تناثرت على جبينه خصلات شعره التي تحملُ لونَ الكراميل اللذيذ يتنفسُ بهدوء ويبدوا أنّه غارقُ بالنوم ولا يشعرُ بشي ء... تركه ثمّ اتجه للنافذة الزجاجية التي تغطيها ستارة بلونِ بنيّ قاتم أزاحها بيده فبدأت أشعة الشمسُ القوية تنتشرُ في الغرفة بسرعة كبيرة حتى وصلت إلى عيني الشاب النائم .
بدأ رولند يعدّ كلِ شيء دخلَ الحمامِ الخاص بسيده والذي هو متصلٌ بغرفته وكأنما هيّ شقةٌ منفصلة لكبرها, قامَ بإعدادِ حوض الاستحمام ليكون جاهزاً ثمّ ذهبَ سريعاً ليخرجَ لسيده ملابسَ مناسبةً له .
قطبَ ميلان حاجبيه وهو يشعرُ بأصواتِ مزعجة تتسللُ إلى أذنيه وأخرها هو ذلك الضوء الذي يؤذي عينيه وضعَ يده عليها وبدأ بفتحها تدريجياً ثمّ ما لبثَ أن استقامَ جالساً بسرعةِ كبيرة ليعلمِ سببَ هذا الإزعاج , فركَ عينيه بيده اليسرى ونظرَ حوله فوجدَ ظهرَ شاب يقومُ بعملِ شيء وكأنما يرتبُ غرفته .. لم يعجبه الوضع فقالَ بصوته الناعس الذي يخالطه الغضب .
ـ كيفَ تجرأت على الدخول وأنا لم آذن لكَ !؟ .
التفت رولند سريعاً عندما سمعَ صوته ورآه يجلسُ على السرير تركَ ما بيده وتقدمَ نحوه احنى رأسه ثمّ بدأ بتحيةِ الصباح بصوتِ هادئ.
ـ صباح الخير .
وسريعاً جثى على إحدى ركبتيه وبدأ يفتحُ أزارير سترته الخاصة بنومه والتي هي مكونه من سترة فضافة بيضاء اللون وبنطال قطني أزرق وذلك ليستعدَ لأخذِ حمامه الصباحي لم يعجبُ ميلان تصرفَ الشاب الذي أمامه فأمسكه من مقدمة ملابسه وجذبه نحوه وقالَ بنبرةِ غاضبة وهو ينظرُ إليه .

ـ اسمع ... أنت !!! لا تظنّ أنّي قمتَ بجعلكَ خادمِ لي لكِ تفعلَ ما تشاء وقت ما تريد .
لم يهتم رولند لكلامه بل انتهى من فتح آخر زرار وبعدها وضعَ يده على يديه التي يمسكُ بها وقالَ له بنبرةِ جامدة .
ـ انتهيت ... استحم ثمّ قم بالخروجِ إلى حديقة القصر لتناولِ إفطارك فالوقتِ قد تأخر .
نظرَ ميلان إلى ساعته سريعاُ عندما سمعَ آخر جملة فقد كانت بمثابةِ الماء التي صبت عليه فقد كانَ يريدُ أن ينفجرَ غضباً على تصرفِ رولند ولكنّه فضل تأجيل ذلك بما أنّ الوقت تأخر .. وضعَ قدميه الحافيتين على الأرض وأسرعَ بخلعِ سترةِ نومه رمى بها على الأرض ثمّ انطلقَ مسرعاً نحو الحمام فأمامه عملٌ مهم لا يجبُ عليه التأخر .
تنهدَ رولند بعمقِ كبير وهو يراه بتلكَ الحالة .. اقتربِ من سترته وحملها بيده ثمَ وضعها في مكانها المناسب ورجعَ إلى سريره وبدأَ يرتبه ويكمل ما توقفَ العمل فيه .
ـــــــــــ
وبعدِ مرور وقت قصير .
انتهى ميلان من تجهيز نفسه فخرجَ وهو يقومُ بتعديل ربطة عنقه الفضية التي تتناسب مع ملابسه الرسمية السوداء نظرَ لنفسه من خلال المرآه وقامَ بتمشيطِ شعره ليصبحَ شكله مرتباً نظرَ للغرفة من حوله فعبسَ بشفتيه عندما رأى أنّ ذلك الخادم الجديد قد خرجَ من الغرفة بعدَ أن أنهى تنظيف غرفته فلا بدّ أن يقومَ بتعلميه فنون التعامل مع السادة والأغنياء .
خرجَ إلى حديقة القصر ليتناولَ إفطاره بينَ رائحة قطرات الندى وشذى الورود الملونة المزروعة في أماكن مختلفة من نواحي الحديقة , جلسَ على إحدى الكراسي التي يحيطُ بها طاولة دائرية الشكل مثبتة في منتصفها مظلةُ صيفية جميلة , بدأ يتناولُ إفطاره وشيمون يقفُ بجانبه يصبُ له النسكافية بالحليب .
وضعَ الإبريق على الطاولة وبدأ شيمون يذكره بجدول أعماله .
ـ سوفَ تذهب الآن إلى الشركة لترى كيفَ يبليّ فيها عمك وتتعلم منه وبعدَ عودتك ستبدأ بالتحضير لدروسك وواجبتك المفروضة في الجامعة و... .
ـ اصمت .
هذا ما قاله ميلان بانزعاج وهو يقضمُ شريحة خبز مطلية بمربى البرتقال اللذيذ احتسى شرابه ليبتلعَ تلكَ اللقمة ثمّ وضعَ يده على الطاولة وقالَ لـ شيمون بغضب .
ـ لا داعي لتكرار ما تقوله دائماً , لقد سئمتُ من ذلك .
وقفَ على قدميه بعدَ جملته وأزاح الطاولة بيديه أدخلَ يده في جيبِ سترته وأخرجَ نظارةً شمسية فاخرة قامَ بوضعها على شعره وانطلقَ إلى بوابة القصر الخارجية ليركب سيارته الفارهة ولكن ما إن وصل إليها حتى رأى رولند أمامه يمشيّ حاملاً معه صندوق وهو في طريقة للدخولِ للقصر عبر البوابة اغتاظ لرؤية ملامح وجهه الهادئة وحوّل سيره ليكونَ طريقه محاذياً له فهو لن يغفرَ له طريقته التي دخلَ بها غرفته وما إن تقابلاً حتى وقفَ ميلان ورمقه بنظراتِ حادة بينما كانَ رولند غارقاً في أفكاره تزين ملامح وجهه الوسيم الهدوء وكأنّ عينيه تلك لا يرى بها ما حوله حتى أنّه لم يشعر بذلك الشخص الذي مرّ بجانبه فقد كانَ يُفكر بالطفلين الصغيرين وكيفَ بدأ يومهما الأول مع ميدوري .
اغتاظَ ميلان وظنّه قد تجاهله فرجع للوراء بحركةِ سريعة بقدمه وأمسكَ بملابسه من ناحية رقبته ثمّ سحبه نحوه بقوة , تفاجأ رولند واستيقظ من تفكيره التفت نحو الخلف ليرى من ذلك الشخص فلم يعطه ميلان الفرصة بل قامَ بوضعَ يده على فمِ الآخر عندما رآه يريدُ أن يلتفت , دفعه بسرعة للخلف ليصطدم جسد رولند الضعيف في لحظاتِ قليلة بالبوابة الكبيرة ويسقطُ منه الصندوق الذي كان يحمله ويتناثر ما فيه .
اتسعت عيناه بشدّة وهو يرى ميلان بملامحه الغاضبة يقابله وجهاً لوجه , تسارعت دقاتُ قلبه وارتجفَ جسده فقد هلعَ تماماً لحركته المفاجئة .
ضغطَ بأصابعه التي يطبقُ بها على فمه وقالَ له بنبرةِ يتضحُ فيها الغضب الشديد .
ـ أيها الخادم الحقير !!! كيفَ تتجاهلني بهذه الطريقة !!! .
كان في كلّ مرةِ يزيدُ من قوة أطرافَ أصابعه التي تطبقُ على فمِّ رولند بقسوة حتى شعرَ بأنّ فكه سيخلعُ بسببه أغمضَ إحدى عينيه من الألم الذي يشعرُ به .. بينما اقتربَ ميلان منه حتى لامست خصلاته وجه رولند وهمسَ في أذنيه برعب .
ـ اسمع يا هذا إياك وأن تتصرفَ من تلقاء نفسك !!! وإلا في المرة القادمة فلن ترى منّي ما لا يسرك .
أبعدَ يده وغادرَ بمزاجِ غاضب ليستقل سيارته ويذهب بنفسه .


سقطَ رولند على الأرضَ ما إن اختفى سيده من أمامه , أخذَ يستعيدُ أنفاسه فقد أصابه الفزع الشديد وضعَ كم ملابسه على فمه حتى هدأت نبضات قلبه قليلا .
نهضَ بتثاقل بينما بدت أثار أصابع ميلان قد طبعت على وجهه , بدأَ بجمعِ الأدوات المتناثرة ووضعها في الصندوق وأكمل سيره ببطء وقد طغت على ملامح وجهه الجمود حجبَ بخصلات شعره عيناه وأخذَ يتذكرُ موقفاً مشابهاً وما إن بدأت تتسللُ إلى ذاكرته تلكَ الذكرى الفظيعة حتى شعرَ فجأة بالغثيان أسقطَ الصندوق الذي يحمله وسارع بوضعَ يده على فمه اتسعت عيناه بشدّة وانطلقَ راكضاً على الرغم من أنّه لم يتناول سوى قطعة خبز صغيرة محمصة بالجبن كان قد اختارها بنفسه من بينِ جميعَ أصناف مائدة الطعام للخدم
.



ما إن فرغَ ما في بطنه حتى احنى ظهره , أخذَ يلتقطُ أنفاسه المتسارعة وفي كل مرة يجمعَ الماء في كفه ويبدأ يغسلٌ وجهه مرارً وتكرارً حتى ابتلت خصلات شعره .. شعرَ بالغثيان مرةً أخرى فوضعَ يده على فمه مرةً أخرى فكل ذلك حدث بسببِ تذكره فقط للماضي همسَ لنفسه بضيق وهو يحاول أن يتخلص من ذلك الشعور المزعج .
ـ تباَ .. لماذا اليوم أشعرُ بالمرض !! .


ـــــــــــــ


وفي السوق ..
أخذت ميدوري تتجولُ برفقة الطفلين وقد ارتسمت ابتسامة جميلة على شفتيها الوردية فلقد جاءت إلى هنا لشراء ما تحتاجه بالإضافة لتختار للطفلين ملابسَ مناسبة للدخول إلى رياض الأطفال بينما هما يمسكان بأيدهما وقد التمعت أعينهما وكأنهما لأول مرة يشاهدان ذلك المنظر حيثُ الأناس الكثيرين والبضائع في المحلات من كل نوع والأجواء الصاخبة التي لا تهدأ .

ـــــــــــــــ
أوقفَ ميلان سيارته الفارهة أمام مبنى كبير مغطى بالزجاجِ الأزرق الذي أخذَ يعكسُ جميع المباني من حوله وكأنما هو مرآه مربعة الشكل .. نزعَ نظارته ثمّ خطى بخطواته نحوَ البوابة التي فتحت ألياً ما إن تقدمَ باتجاهها .
ما إن أغلقت تلكَ البوابة حتى التفتَ جميع العاملين ليروا ذلك الشاب الوسيم بهيته يدخل الشركة فوقفوا جميعهم وبدأ بألقاء التحية برسمية لرئيسِ الشركة المستقبلي ... بينما ميلان كانَ كلّ ما مرّ من أمامهم يرفعُ يده في دلالةِ منه لكِ يتابعوا عملهم فقد علمه عمّه ذلك ليكونَ جديراً لأن يكونَ الرئيسَ القادم , اتجه نحو المصعد الذي خصص للشخصيات المهمة دخله وضغط على الطابق الثالث حيثُ مكتبَ عمه الرسمي وهو يفكرُ بصباحه الذيّ تعكر مزاجه بسببِ ذلك الخادم .
خرجَ من المصعد وأخذَ يسير كان الطابقُ فخماً جداً تنيره إضاءات صفراء وتملأ جنابته مزهريات كبيرة مملوءة بالوردِ الطبيعي الأحمر بينما جدار قد زيّن بلوحات تعبيرية ذات ألوان هادئة توقف أمام آخر باب من الطابق وبدأ بطرقِه بخفة , سمعَ ذلك الصوت الذي يأذنُ له فأدارَ مقبضَ الباب ودخل .

ـ ميلان ..! كيفَ حالك اليوم !؟ .
هذا أول ما وصلَ إلى مسامع الشاب حينما دخل , التفت إلى مصدر الصوت فوجدَ رجلاً في العقد الرابع تزين وجهه ابتسامة حنونة بينما قد بدأ يظهر على شعره آثار الكبر , كانَ رزيناً ولا يزالَ محتفظاً بوقاره تركَ ما بيده وقالَ بتعجب نحو الشاب الذي سارع بالجلوس على كرسي أمامَ مكتبِ بقربه .
ـ لقد تأخرتَ اليوم !! ما لذي حدثَ لك ؟! .
رفعَ ميلان خصلات شعره والتفت نحو عمه وقالَ له بنبرةِ بتضحُ فيها الغضب .
ـ إنه أحدَ الخدم أفسدَ عليّ صباحي .
ضحكَ ذلك الرجل وأغمضَ عينيه ثمّ قالَ بذات النبرة الحنونة .
ـ يا بني ارفق بهم ... ! .
قطب حاجبيه والتفت نحو عمه وقال بانفعال وهو يحاولُ المحافظة على أعصابه .
ـ عمي !! أنسيت ما لذي فعلوه بي ؟! أتراني قد أنسى تلكَ الأيام التي مررتُ بها بسببِ أحدهم !!!! .
صمتَ قليلاً ثمّ قالَ بحزنِ ظهرَ في عينيه وألم .
ـ جميعهم متشابهون .
اختفت الابتسامة من وجهه عمه ورقّ قلبه وهو يرى بعينيه شكلَ ذلك الشاب الذي يبدوا من ملامح وجهه أنه مرتعب وخائف فيبدوا أنّه لن ينسى ما حصلَ له عندما كانَ صغيراً .
تنهدَ في نفسه دونَ أن يلاحظه ميلان قامَ بحملِ قلمه من جديد ثمّ رسم ابتسامة أخرى ليغير الموضوع .
ـ شكراً لك ميلان فقد فرحَ ابني ألفريدو عندما سلمتُ له ذلك القصر وقد أعجبه كثيراً .
تبدلت ملامح ميلان وجذبه ما قاله له عمه بينما تابع الآخر كلامه .
ـ أنا مدينٌ لك , فقد أعطيتنا أحقيّة شراءه فوقَ الجميع .
شعرَ ميلان ببعض الإحراج فهربَ من نظراتِ عمه وأمسكَ بأحد الملفات ليراجعها فهذا جزء من واجبه الذي يتعلمه لكِ يصبحَ رئيسَ هذه الشركة , ضحكَ هايدن على منظرِ ابنِ شقيقه وهمسَ لنفسه .
ـ لقد بدأت تتعلمُ حقاً ابنَ شقيقي العزيز .

ففي الحقيقة تلكَ الشركة التي يترأسها هايدن عمُ ميلان هي شركةُ ذلك الشاب وهي وتحمل اسم ماليان ولكن بما أنّه لم يبلغ السنَ القانونية لتنصيبه رئيساً كما تنصً قانونين عائلته حيثُ السن المناسبة لتوليّ القيادة هي سنُ العشرون فقد قررَ السيد هايدن عمّ ميلان أن يقومُ بإدارتها له حتى يتمكن من ان يصبحَ رئيساً فشقيقه والدُ ميلان قد مات منذُ أن كانَ ذلك الشاب صغيراً .

وأقربُ الناس إلى قلبِِ ذلك الشخص هو شقيقه الذي دائماً ما كانَ يساعده في كلّ شيء لذا هو يريدُ أن يردّ الدين له عن طريقِ مساعدة ابنه .

بدأ بالعملِ المتواصل ففي كلِ مرةِ يقومُ ميلان بالاطلاع على ما بيدِ عمه من الملفات وتارةً يذهبُ إلى العاملين في الشركة ويسألهم عن اوضاعها وإذا انتصفَ الوقت يشاركهم شربُ القهوة ويتبادل أراءهم وهكذا كانت حياته في شركته والتي يقومُ بالذهابَ إليها كل ما سنحت له الفرصة فلم يتبقى سوى سنةُ واحدة ويكمل عامه العشرين.
ــــــــــــــــــــــــــــ
غربت شمسُ ذلك اليوم وحل المساء ...
أسقطت ميدوري نفسها على السرير بتعب فقد اليومُ مرهقاً ... رفعت البطاقة التي أعطاها رولند لها .. وحدّقت بها ثمّ همست .
ـ إنها تحتوي على مبلغ لا بأس فيه ... ربما تكفينا لشهرِ كامل .
أمالت برأسها لترى لين تفركُ عينيها الخضراء بنعاس , ضحكت في نفسها وقالت .
ـ ربما هي تعبة الآن .
رفعت جسدها بحركة سريعة وأخذت تمددَ ساقيها ثمّ قفزت من الكرسي لتقول لهما .
ـ يجبُ أن نستعدّ للنوم ... فبعدَ يومين ستتمكنانِ من دخولِ رياضِ الأطفال .. وأنا سأحاولُ أخذَ أوراقي للدخول للجامعة مع بداية الفصل الجديد .
التفت لير الذي كان يفرشُ بساطه الصغير الجديد ذو اللون الأزرق المرسوم فيه نجومُ صفراء منسقة وأومأ برأسه بحماسة بينما أسرعت لين لتركض هيّ الأخرى نحو فراشها الجديد ذو اللون الأرجواني المطبوع عليه زهور وردية اللون وتضعه بجانبِ توأمها .
ارتسمت السعادة وجه ميدوري فقد كانا حقاً غير مزعجين كما قالَ رولند , وقفت على قدميها وبدأت تستعد للنوم كما يفعلُ لير ولين .. رغم أن الوقت لا زال مبكراً إلا أنها تريدُ أن تريح جسدها ... حملت منشفة الاستحمام وأخذت ملابسَ نومها وقبلَ أن تخرجَ من الغرفة همست لنفسها .
ـ رولند ترى كيف كانَ أول يومِ لك ؟! .
ــــــــ
وفي قصرِ ماليان ..

توقفت تلكَ السيارة السوداء أمام بوابة القصر لتعلنَ عن قدومِ سيدِه , خرجَ من مقعد السائق وتقدم للدخول , وأول ما رأته عيناه هوَ شيمون الذي كانَ يقفُ منتظراً إياه تجاوزه وقالَ له .
ـ لقد دعاني عميّ لتناولِ العشاء لذا تأخرت إلى هذا الوقت .
علمَ كبير الخدم سببَ تأخر سيده فاطمأن قلبه وصارَ يمشيّ خلفه توقفَ ذلك الشاب فجأة وهو ينظرُ بحدقةِ عينه إلى ذلك الشخص اتسعت عينُ شيمون وهو ينظرُ لنفسِ الشيء الذي كانَ ينظرُ له ميلان فارتبكَ كثيراً .
ظهرت على محيا ميلان الغضب وهو يرى رولند نائماً على وضعية الجلوس فوقَ إحدى الدرجات .
سارعَ شيمون بالوقفَ أمامَ سيده وقالَ له باعتذار كبير .
ـ أرجوك سامحه على ذلك ...! فهو لم ينم منذُ يومين وربما أكثر .
حدجه ميلان بنظراتِ ساخطة وقالَ له وهو يحتفظُ بهدوء .
ـ حتى وإن يكن فكيفَ بأحدِ خدمي أن يكونُ بهذا الشكل المثير للشفقة وفي أول يوم له !! .
تحدث شيمون بهدوء وهو ينظرُ لوجه ذلك الشاب النائم بتعب والذي بدا ساكناً ولم يعلم بما يجريّ نحوه .
ـ لقد قلتُ له بأن يذهب ليستريح لكنّه رفض ذلك وقالَ أنّه يجبُ عليه أن ينتظر بما أنّه أصبحَ خادمك الخاص .
قطبَ ميلان حاجبيه عندما سمعَ آخر كملة التفت بكاملِ جسده نحو شيمون وقالَ له بسخرية ممزوجة ببعضِ الغضب .
ـ إذاً لقد قررت هذا مع أنّي رفضتُ ذلك .
انتبه شيمون لجملته فوضعَ يده على فمه بعدَ أن تداركَ ما قاله .
تبدلت ملامح ميلان للهدوء فجأة مما أثارَ استغراب شيمون فقد ظنّ بأنّه سيغضبُ ويثورُ من ذلك ولكن بدلاً من ذلك اتجه نحو ذلك النائم .. جلسَ على ركبتيه بالقربَ منه وأخذً ينظرُ لوجه النائم بسكينة فقد كان يستندَ بأحد شقه نحو الجدار الذي يحيطُ بدرجات القصر الصغيرة وكأنما كانَ ينتظرُ أحدهم

وضعَ يده على شعرِ رولند الأسود وهمسَ لنفسه مع ابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه وهو يتأمل عينيه المغمضتين.
ـ لما لا ! ربما سيكونُ ذلك ممتعاً , سأجعله يندم لأنّه قبل ذلك ! .




انتهى الفصل الرابع ..



~


ـ هل سيكونُ ميلان جاداً في أنّه سيجعل رولند يندم لانه قبل ببساطة أن يكونَ خادمه الخاص ؟!
ـ في نظركم كيفَ كان اليوم الأول بالنسبة لرولند.
ـ وكيف ستمضيّ الأيام القادمة بينَ ميلان ورلند ؟!







رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-19-2013, 08:16 PM
 
ماشاء الله ....انتي كاتبة موهوبة حبيبتي الرواية خارقة ورهيبة ....... الاحداث رائعة والشخصيات احلى وماذا اقول عن الوصف يطير العقل .....

التنسيق مثالي xمثالي .....

...وفي كل بارت اقراه تشوقينني للقادم لذا اتمنى ان تعتبريني من المتابعين وترسليلي االباااااااااااااااارت فانااشجعك من الان .......

بالنسبة للشخصيات :

رولند طيب لابعد حد وحنين جدا وانا اريد ان اعرف ماضيه وايضا ماضي رفيقيه

التوام

كاي اطفال براءة وطهارة ......

ميلان

في السابق لم يكن هكذا ولكن بعد ما ذكرت من اوصاف فلابد انه المفصود في بداية الرواية لانه كان يحلم وتلك الخيانة التي تعرض لها لا يريد نسيانها

عمه
غريبة اعتقدت انه سيكون شريرا كما في الافلام والروايات من هذا السنايل ولكنه طيب حنون

شيمون

رائع جدا واتمنى ان يكف ميلان عن ازعاجه ويظهر لهه بعض المودة

ميدوري

لابد وانها كانت تكن المشاعر لرولند ولا اعتقد انها قبلها المهم ...انتي الكاتبة لا ادري ماذا حدث -.-

في الختام اتمنى ان تقبلي مروري البسيط

زانا انتظر بفارغ الشوق البارت الجاااااااااااااااااااااااااااي


__________________
لست هنا
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08-20-2013, 07:52 AM
 
ناغيتا :glb: أهلا بك متابعة جميلة للرواية
بصراحة تعريفك للشخصيات روعة وذكرت بعض النقاط اللي بتنعرض في الفصول الجاية
شكرا لردك الروووعة ويشرفني تكوني متابعة
Baka-, Ȼinderella and mira misaki like this.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08-21-2013, 05:00 AM
 
_
Ȼinderella and mira misaki like this.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
روايـــة..حــــلم فـــوق السحـــــآآب ŔowlЄy أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 169 03-02-2015 03:55 AM
رواية خادمي كان صديقي ƬăẂăǤ أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 7 08-19-2014 11:57 AM
بقيتَ ولا كانَ الزمانُ ولا بقى ǻ ץ Ł ı ļ ● قصائد منقوله من هنا وهناك 3 08-04-2013 04:01 PM
صديقي مهما فعلت .. تبقى صديقي ...:: اريج العمر مواضيع عامة 5 03-01-2009 05:01 PM
صديقي مهما فعلت .. تبقى صديقي ...:: اريج العمر مواضيع عامة 5 10-25-2008 08:55 PM


الساعة الآن 05:26 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011