عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة (https://www.3rbseyes.com/forum171/)
-   -   رواية (من أجلك) ~ مكتملة (https://www.3rbseyes.com/t328056.html)

roxan anna 05-12-2012 07:51 PM

رواية (من أجلك) ~ مكتملة
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/15_05_15143169157854758.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].













.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:darkblue;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
كان طلب رئيسها في العمل يخالف كل مبادئها… فأن تقتحم حياة شخص لتعرف أسراره الشخصيه و تنشرها على الملأ كان ضد كل ما تربت عليه أو آمنت به لكن الخيار الآخر كان في منتهى القسوة فإما تنفيذ الأوامر أو الفضيحة.
لعبت الصدفة دورها و انتهى الأمر بمشيرة في منزل "يوسف عيّاش" الشخص الذي من المفترض أن يكون فريستها…. كانت تظنه رجل عجوز لكن كانت المفاجأه أنه رجل في ريعان شبابه... معتد بنفسه و لا يحب أن يتطفل أحد على حياته....ما الذي تفعله هل تنفذ أوامر رئيسها لتنقذ اختها من الضياع و الفضيحة أم تنفذ أوامر عقلها بأن تترك الأمر و تهرب … و عندما يتدخل القلب و يكون له أوامر أخرى تتعقد الأمور بصورة رهيبة فلأي نداء ستستجيب مشيرة
نداء العقل؟
نداء القلب؟
أم ترمي كل هذا بعيداً و تفر هاربة من أجل انقاذ قلبها؟


منقولة


[cc=الفصول]الفصول
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
[/cc]
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
..
.
.
.
.
.
.
.
.


http://up.arabseyes.com/uploads2013/...9157829711.jpg
البارت الاول

مهمة مستحيلة
خرجت إلهام من مبنى الجريدة و هي تتعثر فاجأتها برودة الجو كصفعة قوية فرفعت ياقة معطفها لتخفي وجهها...نظرت لسيارتها و تجاوزتها فقد قررت أن تعود للمنزل سيراً على الأقدام خاصةً و هي تحس بنار تستعر داخل رأسها....نار كم تود لو تطفئ برودة الجو قليلاً من لهيبها...كما ان اختها تقضي الإجازة عند رباب صديقتها فسارت على مهل و هي تقلب الظرف الذي أعطاه لها "عوني" مدير تحرير الصحيفة التي تعمل بها تذكرت كيف استدعاها بمجرد وصولها لمكتبها...
طرقت باب مكتبه فرد بحدة غريبة:
- ادخل.
عندما دخلت حدق بها بنظرة غريبة و أمرها بالجلوس بنفس اللهجة التي دعاها بها للدخول.... أحست أن هناك خطب ما و عرفت ما كان الخطب بعدها و كم تمنت لو لم تعرف...جلس وراء المكتب و رمى على الطاولة ظرف و قال لها:
- أنت حتماً تعرفين يوسف عيّاش.
أومأت برأسها و قالت:
- نعم ذلك الكاتب الذي اختفت أخباره في الفترة الأخيرة و تقول الشائعات أنه اعتزل الكتابة.
قال لها:
- نعم إنه هو لكنه لم يعتزل الكتابة بل اعتزل الأضواء تماماً و هو يقيم هنا في منزل محصن ضد الفضوليين....كلبان حراسة...أسوار مرتفعة يخيّل لي أنه لم يبقى إلاّ أن يكهرب السور أو يضع الأسلاك الشائكة.... صمت قليلاً ثم أكمل:
- إنه لا يحضُر حتى حفلات التوقيع الخاصة بكتبه فكل ما يقوم به هو إرسال كتاباته لمدير أعماله.
عندما صمت و أخذ ينظر لها سألته:
- ماذا بعد؟
قال بكل بساطة:
- ماذا بعد؟ أريدك أن تقومي بعمل تقرير صحفي عنه...عن حياته الشخصية
اتسعت عينيها دهشة:
- ماذا؟...لكن...لكن...كيف يا أستاذ عوني؟ أنت قلت منذ قليل.... قاطعها بفظاظة لم تعهدها منه:
- أعلم ما قلته منذ قليل.
سألت:
- كيف لي أن أقوم بعمل مثل هذا العمل دون موافقته؟
قال لها:
- إن هذه مهمتك فلا تسأليني...يمكنني أن أسدي لك النصح فقط و باقي العمل عليكِ.
دار حول المكتب و جلس على حافته:
- ادخلي حياته...اعرفي أسراره..اكتبي التقرير.. ننشره...ضجة لا مثيل لها.
عندما وجدها تحدق فيه بدهشة صاح بها:
- لا أعرف كيف تدخلي حياته لكن استخدمي مخيلتك بحق الله يا فتاة.
وقفت بحدة:
- لا يا أستاذ عوني... لا... أنت تعلم أني لا أقوم بمثل هذه الأعمال. ضاقت عينيها و قالت:
- كيف تطلب مني مثل هذا العمل الوضيــ... قاطعها صائحاً:
- أنا لا أطلب منك انا آمرك...هذا أمر هل فهمتي؟
دُهشت من طريقته في الحديث معها و ما قاله لها لأنه لم يعاملها بهذا الشكل فقد كان يحترمها دوماً ورغم معرفتها بأنه يملك طباعاً بغيضة إلا أنه كان يحسن إخفائها عندما يتعامل معها... أحست أن هناك أمر فظيع على وشك أن تعرفه و هو ما سيفسر لها سبب تصرف رئيسها بهذا الشكل المقيت، أشار إلى الظرف الذي كان ألقاه على الطاولة عند دخولها وقال:
- خذي هذا الظرف و تفرجي على محتواه قبل أن ترفضي أي (أمر) آمرك به
"شدد على كلمة أمر بقوة أغاظتها"، عندما نظرت داخل الظرف أحست ان الدنيا مادت بها فجلست بسرعة و أخذت تطرف بعينيها و هي تتمنى أن تكون تحلم لكنها عرفت أنها لا تحلم فحتى في أكثر أحلامها جنوناً لم تكن لترى ما رأته... صور لنشوى اختها و هي ترتدي... ما الذي ترتديه؟؟!! إنها لا تكاد ترتدي ما يسترها...متى التقطت هذه الصور؟ تذكرت عطلة السنة الماضية عندما ألحت عليها نشوى لتذهب مع زميلتها إلى الغردقة...بعدها عادت نشوى في مزاج غريب كانت كمن ارتكب جريمة و يريد ان يعاقب نفسه....هاهي الآن ترى جريمة اختها لكن ما لم تعرفه اختها أن جريمتها لم تكن بحق نفسها فقط بل بحق اختها و لن يدفع الثمن إلا إلهام، سمعت صوت رئيسها كانه آت من البعيد:

- ها؟ ما رأيك يا أستاذة؟
التفتت له بحدة كأنها أدركت وجوده للتو و قالت بصوت مخنوق:
- مستحيل.
قال بخشونة:
- بلى... أعلم كم جاهدت لتربي اختك وحدك...رفضت الزواج حتى الآن لتتفرغي لها و تحميها لكن أظن أن رحلة الغردقة كانت غلطة منك.
قالت و هي تجاهد ليخرج صوتها من حنجرتها التي تصلبت:
- كــ...كيف عرفت؟
قال:
- صدفة يا عزيزتي...صدفة لكن احمدي الله أن هذه الصور وقعت في يدي أنا لا يد غريب.
كادت تضحك بهستيرية على هذه المزحة قذرة المذاق، قال لها:
- على الأقل أعطيكِ الخيار و لو نفذت ما أقول لن ترى هذه الصور النور و سوف أتلفها و هذا... قاطعته:
- كم تريد؟
ضحك:
- لا يا إلهام المال لا ينقصني لكن لو أصريتي على السؤال سأقول لك كم أريد.... حك ذقنه:
- ما رأيك بعشرين؟
رفعت حاجبيها في تساؤل فقال:
- عشرون صفحة أختار منهم ما أشاء من معلومات لأنشرها عن كاتبنا العزيز.
صرخت: لا....
قاطعها:
- لا تتسرعي و فكري بالأمر...خذي معك الظرف إنه هدية مني لك فقد يحفزك و يساعدك على اتخاذ قرارك.
أمسكت الظرف و ركضت خارج المكتب و منه خارج المبنى و في إسراعها بالخروج نسيت أن تأخذ حقيبتها من مكتبها، هزّت رأسها بقوة لتنفض الذكرى و أشتدت أصابعها على الظرف حتى تجعد ثم نظرت حولها... ليس معها... لم يكن معها حقيبتها و لا مالها كما أن مفاتيحها في المكتب لكن لا يهم فما هي إلا ربع ساعة و تصل للمنزل و سوف تستخدم المفتاح الإضافي الذي تضعه تحت ممسحة الأرجل، مزقت الصور و رمتها في صندوق كبير للقمامة ثم اكملت سيرها شاردة...كم كنت مخطئة عندما سمحت لنشوى بالسفر وحدها خاصة أن أهل زميلتها لم يكونوا معهم ....لو كان يجب ان تسافر فما كان لي أن أتركها...لكن العمل... اللعنة على العمل أخذت تحدث نفسها كالمجنونة ، حمدت الله أن نشوى مع رباب تمضيان العطلة في منزل والديها_والدا رباب_ فلو عادت و كانت نشوى في البيت أو حتى في الإسكندرية بأكملها لكانت وجدتها و قتلتها، فكرت بألم و هي تهز رأسها بعدم تصديق...نشوى... اختي الصغيرة تفعل هذا!!...تضعني و تضع نفسها في هذا الموقف...فار دمها عندما تذكرت منظر الصور... إنها صور مشينه و ما أغضبها أكثر أن منظر اختها الطفولي الصغير كان واضح جداً... كان واضح أن أياً كان من دفعها لذلك فهو يعرف مدى براءة و بلاهة و صغر سن هذه الفتاة....كان صغر سنها واضح حتى في أكثر الصور رداءة....قالت لكن هذا لا يغفر لنشوى ما فعلت و لا يخرجها من مأزقها....آآآه لو كان والديها على قيد الحياة لكان ذلك هو سبب موتهما...لم تلاحظ نشوى السيارة التي كانت قادمة بسرعة و هي تمر المنعطف فصدمتها بشدة...طارت و وقعت أرضاً في البداية لم تعرف ما الذي جرى لها لكنها ما لبثت أن أدركت أن سيارة صدمتها قبل أن يبتلعها الظلام و تغيب عن الدنيا.

تقلبت بألم...كانت تسمع صوت همهمه من حولها ....حاولت أن تفتح عينيها لكنها لم تستطع.
*****************************
كان يوسف يقود سيارته بغضب و هو يتذكر محادثته القصيرة و الحادة مع مدير أعماله الذي أقسم أنه لم يدلي بأي كلمة لتلك الجريدة التي كتبت عنه مقال جارح يمس حياته الخاصة و التي جاهد في الفترة الأخيرة للحفاظ عليها طي الكتمان بعيداً عن عيون الفضوليين.... فجأة وجد فتاة تخرج أمامه عند المنعطف و رغم انه ضغط على المكابح بكل قوته لم يستطع أن يتفادى صدمها فقد خرجت فجأة امام السيارة ...نزل مسرعاً من السيارة و هو يلعن بغضب لكنه صمت عندما رآى جسد صغير لفتاة رقيقة الملامح استقر متكوماً على الأرض...حملها إلى المستشفى و بعد ان استقرت حالتها أخذها إلى منزله فمن حسن حظه أن اخته "سها" جاءت لتقضي معه الإجازة الصيفية هي و زوجها "محمد"...سيطلب منها أن تعتني بها حتى تتعافى و ترحل.... نظر لها بتساؤل ترى من تكون؟ ...لم يكن معها أي شئ يثبت هويتها.
ظلت يومين غائبة عن الوعي وها هي الآن تتقلب بقلق لأول مرة....كان الطبيب يخبره أنها بخير لكن الكسر في يدها و كاحلها هما ما سيتأخران في الشفاء... تقلبت و هي تتمتم بصوت خافت وعندما ركع بجوار السرير و اقترب منها سمعها تقول بأنين ضعيف:
- لما فعلتِ بي هذا يا نشوى؟...
.حاولت فتح عينيها لكن بدى أنها لم تستطع فتوقفت عن المحاولة و عادت لهدوئها.

كان يوسف غاضب جداً من هذه الحادثة التي دست بهذه الفتاة إلى حياته التي لا يريدها إلا خالية من الناس و خاصة جنس النساء فيكفيه معرفة إمرأتان كان تأثيرهما في حياته مدمر.... والدته و زوجته.... تذكر سها و ابتسم بحنان إنها الأنثى الوحيدة المختلفة.... إنه يحبها بجنون لقد كانت له اخته و ابنته و صديقته... إنها صنف نادر بين النساء...صنف انقرض و لم يتبقى منه إلاّ هي لذلك فيماعدا اخته لا يطيق التعامل معهن...لفت نظره حركة تلك الفتاة في السرير و بدأ يشعر بالحنق إن مظهرها الصغير البرئ يضايقه فهي تبدو ضعيفة لدرجة تلامس قلبه كما أن الكرب الشديد يبدو على ملامحها حتى و هي تغط في نوم عميق... أشاح بوجهه بحنق و خرج من الغرفة و صفق الباب خلفه بغضب.


يتبعـــــــــ........
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]





roxan anna 05-12-2012 08:04 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/15_05_15143169157854758.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].














.[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-color:darkblue;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]استيقظت مشيرة و وجدت نفسها في مكان غريب....حاولت أن تتحرك في الفراش لكنها أحست بثقل و ضغط في قدمها اليسرى... رأت فتاة باسمة الأسارير تقف بالباب قالت لها و هي تدخل الغرفة:
- حمداً لله على سلامتك....
قاطع يوسف كلام اخته و هو يدخل الغرفة خلفها _موجهاً كلامه لإلهام
- من أنتِ؟
نظرت له إلهام بدهشة فقالت سها بلطف:
- رويدك على الفتاة.
تقدمت و جلست بجوار السرير:
- أقدم نفسي لك أنا سها عيّاش و هذا أخي يـو...
قاطعها يوسف:
- سها...اصمتي قليلاً يا فتاة لنعرف....
قاطعته بدورها فيبدو أن أحدهما لن يدع الآخر يكمل جملة قط:
- حسناً سنعرف كل ما تريده لكن فيما بعد....
وجهت كلامها لإلهام
- أعتقد أنكِ بحاجة إلى الشاي لذلك حضرته تحسباً لاستيقاظك.
توجهت إلى الطاولة بجوار السرير وصبّت لإلهام فنجان شاي فأخذته منها، كانت ترتشف الشاي عندما قالت سها بكل فخر أنها أخت يوسف عيّاش و اشارت لأخيها بمحبة:
- و هذا هو أخي المبدع.
شرقت إلهام بما تشربه و أخذت تسعل بشدة حتى دمعت عينيها... أسرع يوسف و أخذ منها الفنجان و ناولها منديل لأول مرة تتكلم مشيرة قالت هامسة:
- آسفة لكنه كان ساخن جداً و لم انتبه.
قال يوسف بجفاف:
- لا عليكِ... الآن أخبريني من انت؟
سألت إلهام سها:
- منذ متى و أنا هنا؟
قالت سها:
- منذ ثلاثة أيام... منذ أن صدمك أخي المتهور.
إلتفتت له إلهام فتلاقت أعينهما.... ياإلهي هل هذا هو ذلك الكاتب الذي كنت أظنه رجل عجوز أشيب يستخدم عصا لتسند خطواته....انتزعت نفسها من أفكارها و قالت بقلق:
- أنا آسفة أعلم أن الخطأ خطئي.
كرر كلامه:
- لا عليكِ...أرجو ان تخبريني....
قاطعته بهدوء:
- من أنا؟
نظر لها ...ياربي لما تبدو ضعيفة و قليلة الحيلة لهذه الدرجة...لكنه لن يقع في هذا الشرك فلقد كانت سوسن _زوجته_ بريئة المنظر في البداية لكنه اكتشف بعد ذلك حدة أنيابها، ترددت إلهام...ياإلهي ماذا سأقول له....الحقيقة؟ أنني صحفية ليرميني خارجاً و بذلك أفقد فرصة عمل التقرير أم أكذب...أكذب؟ لكن كيف؟ و ماذا أخبره....تذكرت ما قاله عوني عندما صاح بها "استخدمي مخيلتك بحق الله"...فكرت يجب أن أفعل ذلك حتى لو كان ضد مبادئي... سأفعلها و لو من أجل نشوى...طفلتي الصغيرة، عندما طال الصمت سألها يوسف بقلق: - هل أنت بخير؟ هل هناك ما يؤلمك؟
أسرعت لها سها تربت على كتفها:
- أتُرانا أجهدناك؟...
ونظرت لأخيها بغضب:
- أنت السبب...بأسئلتك الــ....
قالت إلهام بضعف:
- لا...لا إنني بخير كل ما في الأمر أنني استغرب ما حدث فآخر ما أتذكره هو سيري شاردة في طريقي للبيت....لم تعلم من أي أتتها هذه الفكرة لكنها قالتها تلقائياً فبدأت بالكلام:
- لقد كنت غير منتبهة لأنني أواجه مشاكل كثيرة.
ضاقت عيني يوسف و هو يسألها:
- أي نوع من المشاكل؟
نظرت له إلهام بتردد و قالت:
- لقد...لقد أعطاني رب عملي إنذار بأنني سأُطرد من العمل عند أقل هفوة و يقصد بذلك تأخري على العمل و لم يراعي أن الشقة التي أسكن بها بعيدة جداً كما أنني تعرضت لنزلة برد أقعدتني عن العمل لمدة أسبوع فقال لي أنني لو غبت يوم آخر فلا عمل لي عنده و نصحني بعدم القدوم و الآن مكوثي هنا لثلاثة أيام...
صمتت فقال يوسف:
- لا عليكِ أعطيني رقمه و سأكلمه.
فانتفضت مسرعة:
- لا...لا.
أخفضت حدة صوتها:
- أنا أعرفه لن يعيدني... كما أنني لا أريد أضغط عليه ليعيدني للعمل لأن ذلك من شأنه أن يغضبه فيرفض إعطائي شهادة توصية....على كل حال كنت سأترك العمل عنده لكن مشاكلي لا تتوقف عند هذا الحد.
سألت سها بلهفة:
- هل هناك أمر آخر يا عزيزتي؟
التفتت لسها...لقد أدفأ قلبها طريقة معاملتها الودودة و أحزنها أن تضطر للكذب عليها... أما ذلك الرجل المتعجرف الذي يبدو أن وجهه قُد من الحجر و كأنه لا يعرف معنى الود و كأن الابتسامة لم تعرف طريقاً لوجهه يوماً....إنه يستحق تشجعت و قالت:
- الآن لا مكان لي فلقد أنذرتني صاحبة الشقة أكثر من مرة الأسبوع الماضي لأدفع إيجاري لكن مديري أبى أن يعطيني...
قاطعها يوسف بفظاظة:
- ماذا تعملين يا آنسة؟
قالت:
- صـ..سـ.. سكرتيرة.
قال لها:
- اهاااا تجلسين وراء مكتبك طوال اليوم تفتحين البريد لرجل ما و تردين على اتصالاته ....
صاحت به سها:
- يوسف.
غضبت إلهام من كلامه لدرجة أحست معها أنها سكرتيرة يجب أن تدافع عن مهنتها فنفضت عنها الغطاء و هي تصيح:
- اسمع أيها الرجل أعلم أنك مستاء لإضطرارك لأن تحضرني لمنزلك هذا غير مكوثي ثلاثة أيام لكن هذا لا يعطيك الحق في إهانتي هل تفهم؟
قفزت خارج الفراش و هي تلوح بيدها السليمة:
- مهنتي ليست تافهة بل...
لم تكمل جملتها فلقد ناءت قدمها المجبرة تحت حملها فلم تتحمل أن تقف صرخت ألماً وقد انتابتها موجة دوار فمادت بها الغرفة سمعت صرخة سها المنخفضة....ظنت إلهام و هي تهوي أنها ستفترش الأرض لكن التقطتها ذراعان قويتان، سمعت يوسف يقول:
- هاااي...رويدك يا فتاة
و وجدت نفسها عادت للفراش و يوسف يتمتم غاضباً بكلمات غير مفهومة ، بعد أن رفع الأغطية حتى ذقنها استقام و قال بقسوة:
- إن قدمك اليسرى و ذراعك اليمنى مكسورتان أيتها المتهورة إياكِ أن تغادري الفراش قبل أن يسمح الطبيب هل تفهمين؟......
ثم لان صوته و قال برقه أدهشتها:
- لا أدري أي شيطان دفعني لقول هذا الكلام المستفز عن وظيفتك لكن ضغط العمل يوترني....
استدار و ترك الغرفة فجلست سها على السرير بجوار ألهام و ابتسمت ابتسامتها الجميلة الممتلئة بالحنان:
- أخي لا يبرر أفعاله لأحد و لا يشرح نهائياً سبب تصرف قام به حتى لو كان أفظع الأعمال فإعلمي يا عزيزتي أنه بهذه الطريقة يعتذر و أنا لست بحاجة أن أخبرك أنه كغيره من الرجال ذوي الكبرياء القوي لا يحسن الإعتذار....
ثم مالت باتجاهها و قالت:
- بيني و بينك لا تأخذي انفجاره على محمل شخصي فزوجته كانت سكرتيره لذلك يكره السكرتاريا و كل من يعمل بها.
فكرت إلهام بسخرية و أنا التي ظننت أنه لن يغضب عندما أقول له انني سكرتيره... إنه لا يحب الصحافيات و لا السكرتيرات ترى هل يحب هذا الرجل أحد؟!! قطعت سها أفكارها و هي تقول:
- حتماً تتساءلين لما قلت (كانت)؟
انتبهت إلهام فعلاً لصيغة الماضي في كلامها فقالت:
- فعلاً.
أكملت سها كلامها همساً:
- لأنها ماتت.
شحب لون إلهام لهذه المعلومة التي قالتها سها بكل بساطة وكأنها لا تعلم مدى تكتم أخيها على حياته يبدو أنها ارتاحت لها و قررت ان تفضي لها بكل ما يجول في خاطرها ابتسمت لها إلهام بحب:
- أشكرك يا آنسة....
قاطعتها سها:
- أولاً لا أريد أي رسميات أنا سها....سها فقط،
ضحكت إلهام:

- حسناً يا سها فقط وددت أن أشكرك على لطفك و مساندتك لقد أحسست أنك اختى أنا لا أخت السيد يوسف. رفعت سها حاجبيها:
- السيد يوسف؟...
ضحكت و قالت:
- إذن من الآن نحن اختان فليس لي من الإخوة أو الأخوات غير السيد يوسف هل اتفقنا؟.
أومأت إلهام برأسها ايجاباً و هي تضحك:
- حسناً...و على فكرة انا لاحظت ضحكك مني لقولي السيد يوسف.
قالت سها:
- عذراً فأنا لم أقصد السخرية منك لكن يوسف هو يوسف فقط حتى الذين يعملون معه نادراً ما اسمعهم يقولون له يا أستاذ فما بالك بكلمة (السيد) هذه.
ضحكت إلهام:
- لا أعلم لكنني تعودت على الرسميات مع الغرباء عني.
قالت سها:
- لكن قريباً انا و يوسف لن نكون غرباء عنك...و الآن هل لاختي الجديدة الرائعة أن تطلعني على اسمها؟
- اسمي إلهام.
فكرت مشيرة و كأن وجه سها لا تفارقه الابتسامة على عكس اخيها فقد اتسعت ابتسامتها:
- إن اسمك جميل لكن لا يليق بمهنتك....
قالت مسرعة:
- و لا أقصد أنها وظيفة سيئة....
ربتت إلهام على ذراعها:
- أعلم يا عزيزتي.
قالت سها بمهابة:
- إنه يليق بــ...
بدت و كأنها تبحث عن الكلمة....
- بكاتبة...نعم وجدتها كاتبة أو... صمتت تفكر.
بينما قالت إلهام لنفسها "أه لو عرفت أنني كاتبة لكن من نوع خاص... نوع يمقته أخوك" نظرت لسها التي يبدو أن تبحث بحدسها القوي عن الوظيفة التي تليق أكثر بها وباسمها أخيراً قالت:
- صحافية....سمعت إلهام صوت قلبها يقرع كالطبول لكنها هدأت عندما أكملت سها:
- أو مذيعة إخبارية...نعم مذيعة......
ضحكت وقالت مقلدة نشرات الأخبار:
- كانت معكم إلهام من قلب الحدث.
ضحت إلهام مازحةً :
- الآن سأقبل بأي وظيفة تجدينها لي.
قالت سها بمرح مماثل:
- سنرى ما الذي يمكننا أن نفعله.
لم تكن إلهام تعلم أن سها تفكر في أمور أخرى.... و بجدية.



قراءة ممتعة
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

Say Fallata 05-12-2012 08:12 PM

رائع أكملي
سأتابع بصمت

roxan anna 05-13-2012 01:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sad imagine shadow (المشاركة 4473491)
رائع أكملي
سأتابع بصمت

شكرا على الرد والمتابعة




شكرا على الردا لحلو

roxan anna 05-13-2012 01:55 AM

ملاحظة غيرت اسم مشيرة التي في الملخص
الى اسم إلهام

roxan anna 05-13-2012 02:18 AM

اخته تجول بي و هو يحملني بين ذراعيه
عندما خرج يوسف من غرفة إلهام وقف للحظة و سمع صوت ضحكة سها المجلجلة ثم نزل السلم و هو يحس بغضب شديد كاد يدفعه إلى الصعود مره أخرى ليسحب اخته من غرفة تلك الفتاة ....تساءل بحنق:
- ترى لماذا تتعامل سها مع هذه الفتاة بكل هذه التلقائية رغم أنه لم يمضي على وجودها هنا يومين؟ ربما تكون رغبتها المستميته في اخت و منذ الصغر.
أحس يوسف أن هذه الفتاة لن تجلب إلى حياته إلا المشاكل و اخته لن تنفعه في الإسراع بها خارج حياته قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه....وقف أسفل الدرج و حاول أن يتذكر إلى أين كان يتجه...نعم....إلى المخزن ليحضر عكازين لتلك "الإلهام"، بعد ربع ساعه من البحث وسط الأشياء القديمة و بعد أن أحس يوسف أن رئتيه امتلأتا بالغبار وجد العكازين القديمين الذي استخدمتهما سوسن عندما وقعت عن السلم و اصابت قدمها، أخذ العكازين و صعد لغرفة إلهام ....عندما وقف أمام الغرفة سمع صوت ضحكة عرف أنها ليست لأخته لابد أنها لإلهام ....عندما ساد الصمت طرق الباب.
********************
بعدما قالت سها تعليقها ابتسمت إلهام في حرج و قد احمرت خجلاً ....قبل أن تفكر في رد سمعا طرق على الباب فقالت سها:
- لابد أنه أخي عاد ليكمل الجولة الثانية في مشاجرتكما.
ضحكت سها و هي تقول :
- ادخل.
دخل و في يديه العكازين و نظر إلى اخته:
- أراكي تملئين وقتك بالضحك.
قالت اخته بنزق:
- بدلاً أن اقضي وقتي في العبوس أمام أوراق لم تُملأ.
نظر لها بتأنيب....لم تفهم إلهام ما يحدث بين سها و اخوها، التفت يوسف و رآى إلهام بوجهها المتوهج فقال:
- أرى أنك تتسلين على حساب ضيفتنا الكريمة....هل تتسببين بالإحراج لها لكي تمرحي؟
هبت إلهام للدفاع عن سها لا إرادياً:
- لا إنها لم تفعل ذلك مطلقاً؟.
رفع يوسف حاجباً في سخرية و نظر لاخته:
- يبدو لي أنك اكتسبت حليفاً لك ....
صمت ثم التفت لإلهام و سألها:
- بما أن اختي إلتزمت معك السلوك الحسن لماذا أحس من وجهك أن أحداً تلفظ امامك بلفظ نابي؟
صاحت سها في وجهه:
- يووووسف...توقف.
نظر لها ببراءة:
- أتوقف؟ عن ماذا؟
قالت:
- عن السخرية أنت تعلم انها لا تناسبك و تجعل منك إنسان بغيض ....كما انك الآن تسبب الحرج لإلهام...كل ما في الأمر أنني كنت أتحدث عن محمد و قالت لي أنه يبدو لها حبي له فقلت لها أن الأمر متبادل و هو يحبني بشدة و قلت لها يوماً ما ستجد شخص يحبها بجنو.....
قاطعتهاإلهام و قد شرقت بالكلمات:
- سها لا أعتقد أن الاستاذ يوسف يهتم بأحاديث الفتيات.
ابتسم يوسف من سذاجة اخته التي جعلت إلهام تغرق في الخجل حتى النخاع....اخذ العكازين و وضعهما بجوار السرير:
- لقد جلبتهما من المخزن لتستخدميهما يا آنسة بدلاً من أن تستندي على اختي فما لا تعلمينه أنك لو اعتمدت عليها فسيكون الأمر كمن يستند على حائط متصدع.
كانت إلهام تعرف أنه يمزح حتى أنها توقعت ما فعلته سها التي ركضت ولكزت اخيها:
- يكفيك ما قلت هيا إلى الخارج.
قال لها:
- بدون أن تطردينني فأمامي من العمل ما يبقيني بعيداً عن طريقكما أم أقول يبقيكما بعيدتان عن طريقي.
قالت سها:
- أفضل الأولى
قال و هو يبعثر شعرها كأنها طفل صغير:
- أعلم.....
التفت لإلهام و رفع يده إلى رأسه في تحيه مسرحية:
- إلى اللقاء، وخرج.
************************
تدربت إلهام بمساعدة سها على استخدام العكازين قبل أن تنزلا إلى غرفة الطعام .....بعد أن نزلا السلم صادفا إمرأه بدينه تلبس مريلة و تحمل في يدها منفضه فتقدمت منها سها و قبلتها بمحبة ثم قدمتها لإلهام
- هذه فتحية مربيتي و مربية يوسف و تحب أن تلعب دور مدبرة منزله.
لكزتها فتحية مؤنبة فابتسمت إلهام:
- تشرفت بمعرفتك يا....
قاطعتها المرأه و هي تبتسم:
- توحه ناديني توحه كما يناديني الكل يا صغيرتي....أخيراً رأيت الفتاة الفاتنة التي صدمها ذلك الأحمق.
عندما لمحت سها نظرة عدم التصديق على وجه إلهام قالت:
- لا أحد يتجرأ على نعت يوسف بالأحمق بهذه السهولة و التلقائيه سوى توحه.
أكملت توحه كلامها:
- إذن أنت يا عزيزتي من سلبت عقل سها....اتعلمين أنها لم تنفك تتحدث عنك حتى لم يعد لها إلا إلهام قالت...إلهام فعلت....إلهام تبدو متعبه....إلهام إلهام إلهام .
اعتذرت إلهام:
- أنا آسفه مؤكد أن وجودي قد تسبب لكم بالإزعاج.
لوحت بكفها في لا مبالاه لتصرف هذه الفكره:
- لا يا طفلتي أنا أوقن أنك ستضيفين على هذا المكان الكئيب روح جميله الآن اقول و بكل صدق أنني أحيي يوسف لأن ذوقه كان حسن حتى لو أتى ذلك صدفة.
انفجرت سها بالضحك بينما احمرت إلهام خجلاً، خرج شخص من غرفة الجلوس و احاط خصر سها بذراعه: - حبيبتي سوف يتشقق وجهك من كثرة الضحك فطوال اليوم لم يبارح إذناي صوت ضحتك الجميييييييل.
نظرت إلهام في الأرض فقالت توحه:
- توقف أيها الفتى العاشق فلقد سببت الحرج للفتاتين.
قدمت سها زوجها:
- هذا محمد زوجي....و هذه إلهام صديقتي الجديده أم أقول ضحية طيش اخي.
وبختها توحه بلطف:
- انت تعلمين ان اخيك بعمره لم يكن طائشاً إنتظري إلى ان يسمعك تقولين هذا عنه.
قاطع محمد كلامهما عندما قال لإلهام:
- تشرفت بمعرفتك يا آنسه إلهام.
دخل الجميع إلى غرفة الطعام و عندما حاولت إلهام لتساعدة توحه منعتها:
- لا يا صغيرتي استريحي و سوف اقوم بالعمل في لمح البصر.
و فعلا خلال خمس دقائق كانت الأطباق تتوالى، تساءلت سها :
- لما لم ينزل يوسف؟ ليس من عادته التأخر في النزول.
دخلت توحه بآخر الأطباق:
- لن ينزل فهو مشغول.
و قبل أن تعترض سها قالت توحه:
- إنه مشغول يا فتاه فاتركيه بحاله...لقد ذهبت له بصينية عليها عشاؤه فتوقفي عن هذه الشقاوة لأن موعد تسليم روايته الأخيره اقترب و يبدو عليه القلق فهو لم يسبق أن تأخر عن موعد تسليم أحد أعماله.
مر العشاء على خير ما يرام فلقد ساهم مرح سها في إجلاء جو التوتر كما حرص محمد على إشراك إلهام في الحديث و عندما لاحظ ارتباكها نتيجة اسئلته عن عائلتها و عملها توقف عن طرح أي أسئلة شخصية عندما انتهوا من تناول الطعام أصرت توحه أيضاً أن تقوم بعملها دون مساعدة و أمرتهم الثلاثة بالتوجه إلى غرفة الجلوس حيث ستوافيهم بالشاي، بعد أن قضت إلهام امسية جميلة مع سها و زوجها لا يشوبها ظهور ذلك الرجل العابس الذي يدعى يوسف صعدت إلى غرفتها بمساعدة كبيرة من فتحية و سها، استلقت على سريرها تحاول النوم لكنها لم تستطع أخذت تفكر في كيفية معرفة أية تفاصيل عن يوسف لكي تختصر إقامتها في هذا المكان فبرغم محبة سها لها و الحنان الذي ينضح من فتحية إلا أنها لا تشعر بالراحة لوجودها في هذا المنزل كما إن ضميرها لا ينفك يؤنبها على ما تفعله ....قررت أن تحاول اختصار فترة اقامتها في هذا المكان قدر ما تستطيع "عندما تتماثل ساقي و ذراعي للشفاء سوف أرحل من هنا حتى لو لم أجمع أي معلومات ترضي عوني....ذلك اللعين".
استيقظت إلهام عندما سطع نور الشمس في وجهها رفعت رأسها و هي تضع يدها على عينيها:
- ماذا...من...
تناهى إلى سمعها صوت ضحكة سها المألوفه:
- هااااي أيتها الكسولة إنها الثامنة صباحاً.
قالت إلهام بغضب:
- إنها الثامنة فقط يا سها من يسمعك يظنها الثانية ظهراً....أغلقي الستارة رجاءً.
قالت سها بمشاكسة:
- لا لا لا.
وضعت إلهام الوسادة على رأسها:
- أرجوكِ يا سها إن عيني تؤلمني جداً.
قالت:
- حسنا حسنا سوف أغلقها بشرط أن تستيقظي فأمامنا الكثيييييير لنفعله.
فكرت إلهام "ياألهي...يبدو أن يومي سيكون طويل و متعب بعد ليلة الأمس التي لم أذق فيها النوم ...فلتعينني ياالله"، شدت إلهام عنها الغطاء:
- هيااااااااااا هناك الكثير لأريك إياه لقد خرج يوسف و أخذ معه محمد و المكان أصبح لنا وحدنا.
أخذت سها إلهام و طافت بها في أرجاء المنزل ابتداءا من الطابق العلوي حتى الطابق السفلي بما فيه المطبخ و غرفة فتحية طبعاً باستثناء غرفة نوم يوسف و التي أطلقت عليه "محرابه الذي لا يجرؤ احد على الاقتراب منه" بعد أن انتهت الجولة الخاصة بالمنزل كانت إلهام تئن ألماً فلقد كانت تواجه صعوبة في استخدام العكازين بوجود ساق و ذراع مصابتان....عرفت إلهام أن قرارها بأن تختصر وقت بقائها في هذا المنزل ذهب أدراج الرياح لأنها بهذا الطريقة لن تتماثل إلى الشفاء إلا بعد دهر لكنها بالرغم من أوجاعها كانت تستمتع بالوقت الذي تقضيه من سها الدائمة الضحك و المرح، قالت سها لتقطع أفكاره إلهام:
- لقد شاهدنا ما يكفي من المنزل هيا بنا لنتجول في الحدائق، بعد نصف ساعة من محاولة مجاراة سها في المشي و الكلام بدأت إلهام تحس بألم في ذراعها بسبب العكاز كما أنها لم تكن تتقن استخدام قدمها السليمة لتضع ثقلها عليها فكان ينتهي بها الأمر للوقوف على قدمها المصابة فكرت بقنوط " ياإلهي كيف ظنت سها أنني سأستطيع السير و عندي ساق و ذراع مكسورتان" نظرت لها و هي تتكلم بسعادة وفخر وحاولت التركيز في ما تقوله:
- كما ترين يا إلهام هذه الحديقة مصدر سعادتي كنت أهتم بحوض الزهور هناك قبل أن أتزوج و كان يوسف يساعدني عندما يسمح له وقته.....كانت أيام جميلة.
ضحكت إلهام:
- ما هذه التنهيدة الحارقة و كأنك بلغت الثمانين يا ابنة العشرين!!، شاركتها سها الضحك.
***************************
أحس يوسف أن وجوده أمام الأوراق بدون أن يكتب كلمة هو أمر غير مجدي نهائياً فخرج مع محمد الذي كان على موعد مع أصحابه عندما وصلا للمطعم جلسا مع الكل إلى طاولة منعزلة لكي لا يتعرف أحد إلى يوسف و أحتدم النقاش في مختلف المواضيع لكن يوسف وجد نفسه في منأى عن كل من حوله و اتجه تفكيره إلى تلك الفتاة "إلهام" هناك أمر حولها لا يعرفه و لا ينفك يفكر فيه....فكر "لماذا لا يفارقني إحساس أن هذه الفتاة هي لغز و لغز خطير" ربت محمد على ذراعه:
- يوسف....يوسف أين ذهبت بأفكارك إن طارق كان يسألك عن رأيك في الأمر؟
التفت له:
- أمر؟....أي أمر؟
نظر الكل له باستغراب فوقف:
- عذراً يا شباب لقد تذكرت أن هناك أمر يجب أن انهيه فوراً.
سأله محمد:
- أي أمر هذا؟
و اعترض الشباب قال أحدهم: لم تكد تصل يا رجل....
ورد آخر: بالله عليك فلتبق قليلاً
قال لهم:
- أنا آسف...سوف يكون لنا جلسة أخرى و ستكون طويلة...هذا وعد مني
وقبل ان يعترض أحد لوح لهم:
- إلى اللقاء جميعاً.
ركب يوسف سيارته و أخذ يتجول في الشوارع بغير هدى و في النهاية قرر أن يعود للمنزل و حمد الله لقراره هذا لأنه عندما وصل رآى سها و قد صحبت إلهام على ما يبدو في جولة استكشافية و كما توقع لم تلاحظ اخته المجنونة كم من الصعب على إلهام أن تتحرك و هي بهذا الوضع الصعب أخذ يراقب اخته و هي تتكلم بسعادة و إلهام تحاول الإصغاء لها و قد ظهر عليها أنها متألمة و بعدها عبست اخته و قالت شئ ما فداعبتها إلهام مما مسح العبوس عن وجه سها و أخذت الاثنتين تضحكان رغم أنه أحس بالخساسة لوقوفه مختبئا يتفرج عليهما لكنه كان مستمتع بمراقبتهما أو بالأخص مراقبة تعابير وجه إلهام فرغم إحساسها بالالم و المعاناة إلا أنها تحاول أن تجاري سها في مزاجها المشرق.
أحست إلهام أن جسدها بدأ ينضح بالعرق وعضلاتها تصرخ طالبه لحظة استرخاء فاقترحت إلهام:
- هيا بنا إلى الداخل يا سها.
قالت سها برجاء:
- أريدك فقط أن تري شئ واحد و بعدها.....
قاطعها صوت يوسف معاتباً:
- سها....سها...سها أتراكِ صرتِ عمياء فلم تنتبهي إلى أن إلهام تكاد تقع مغشياً عليها من التعب و انت تتكلمين و تتكلمين.
التفتت سها لإلهام تمعن النظر فيها لأول مرة:
- ياإلهي .... أنا آسفة حبيبتي لم انتبه.
قال يوسف مبتسماً لأخته بمحبه:
- طبعا لم تنتبهي فأنت عندما تتحدثين عن أمر لا تنتبهي لأي شئ آخر.
كان يتكلم و هو ينظر لإلهام التي احمر وجهها خجلاً و سارعت تقول:
- لا...إنني....إنني بخير.
قال يوسف:
- لا أنت لست بخير لو رأيتِ وجهك لعرفت.... كما أن قدميك ترسلان لي إشارات استغاثة.....
صمت قليلاً و كأنه يحاول سماع صوت و وضع يده على طرف اذنه:
- اها....و كأنني أسمعها تقول أرجوك انقذني لا استطيع الصمود اكثر من ذلك.
انفجرت سها بالضحك كما ان إلهام ابتسمت رغماً عنها، قال:
- هيا يا فتيات إلى الداخل.
مشوا ثلاثتهم باتجاه المنزل بعد ان رفضت مشيرة عروض يوسف و سها لمساعدتها في المشي، قالت سها و هم في طريق العودة:
- سوف نلغي كل النشاطات التي تتطلب الحركة على الأقل حتى تتماثل ساقك للشفاء...و بالتالي سوف افكر في ما قد نفعله و انت في غرفتك مممممممم نعم لقد وجدتها كأن أريك ألبوماتي....نعم ألبوم زفافي و أيضاً بامكاننا أن نلعب الورق و أشياء كثيرة كثيرة
ضحك يوسف:
- أنا اعرفك يا شقية لن تتعبي في إيجاد ألف شئ وشئ لتشغلي كتيبة كاملة و ليس فقط شخص واحد عاجز و يوجد تحت رحمتك.
كانت إلهام تسمعهم و تبتسم إن علاقتهما جميلة لطالما كانت تتمنى أن يكون لها أخ اكبر يحمل عنها قليل من العبء كما افتقدت أن يكون لها مثل هذه اللحظات التي بين سها و يوسف.
قالت سها مشاكسةً:
- نعم....كما أنه بإمكاني أن أري إلهام صورك و انت صغير....
ضحكت مهنئة نفسها على الفكرة:
- نعم إنها فكرة رائعة.
لاحظ يوسف تعبير اللهفة الذي كان على وجه إلهام و هو يتحدث مع اخته و يمازحها و أثار فضوله لمعرفة ما وراء هذه التعابير الرقيقة لكنه عندما سمع اقتراح اخته اعترض:
- لاااا.....
قطع كلامه صوت وقوع أحد العكازين من إلهام و كانت في طريقها لتهوي أرضاً فامسك ذراعها:
- على مهلك.
لم تستطع إلهام إلا أن تستند إليه و هي تئن رغماً عنها و نظرت له معتذرة:
- أنا آسفه إنني....
قاطعها و قد ظهر العبوس الشديد على وجهه:
- لا تعتذري إنه خطأ سها كما انه خطئي فها نحن نثرثر و نتركك تمشين و انت في هذه الحالة المزريه....هيا لأحملك.
و قبل أن تعترض كانت محمولة بين ذراعيه و كأنها ريشة، حملت سها العكازين و مشت وراءهما، كانت إلهام تحس بانها ستموت خجلاً بينما لم يبدو على يوسف أنه يلاحظ ما هو غريب في ما يحدث و استمر في ترديد تعليمات صارمة على مسامعها هي و سها و كأنه والد يوبخ طفلتيه....لا للنزول للحديقة....لن اعطيك العكازين لكي لا تمشي نهائياً....الطعام في غرفتك....و دخول الحمام بمساعدة و اثناء ذلك كانت سها تضحك و تردد حسناً حسناً، عندما وصلا للغرفة انزلها على الكرسي و اخذ العكازين من سها و قبل أن يخرج رفع اصبعه محذراً و هو ينقل نظره بينهما:
- حذار أن تحاولا حتى مخالفة كلامي مفهوم؟
عندما لم تردا كرر:
- مفهوم؟ لا نريد لهذه الفتاة الصغيرة أن تظل مقعدة لفترة طويلة.
أومأت إلهام برأسها إيجاباً فالتفت لسها فقالت:
- موافقة.
صفق الباب وراءه فجلست سها أرضاً و هي تضحك:
- ياإلهي يا إلهام لا تعرفين ما الذي خطر في بالي عندما رأيت أخي و هو يحملك.
زفرت إلهام:
- لقد كنت أحس انني سوف أموت خجلاً.
ضحكت سها:
- أما أنا فراودتني أفكار راااائعة عنـــ.....
قالت إلهام موبخة:
- سها...لااااااا....لا تبدئي.
هزت سها رأسها نفياً:
- اسمعيني فقط....لقد أحسست كم انتما تليقان لبعضكما حتى أنني فكرت للحظة....ٌ
قاطعتها إلهام:
- ارجوكي سها لا تفكري بأي شئ ثم أنني أرغب في كأس عصير لأشربه و أنا اشاهد تلك الألبومات التي وعدتني بها أم انك نسيتي؟
قفزت سها عن الأرض و قالت بحماس:
- لا طبعا لم أنس و أكيييييد لم أغير رأيي خمس دقائق و سوف أعود بالعصير و الألبومات كما أنني ساجلب ألواح شوكولا و فشار.
ركضت خارج الغرفة فضحكت إلهام و تنفست الصعداء ...الحمد لله أن سها من النوع السهل إلهاؤه عن موضوع بموضوع آخر.
دخل يوسف غرفته و صفق الباب بقوة لعل ذلك يفيده في تفريغ بعض من الغضب المكبوت بداخله....نظر للمرآه يخاطب نفسه:
- ما بالك يا يوسف هل عدت لسنوات المراهقة؟...حتى في تلك السنوات لم تكن تتصرف كالمراهقين بل كان عقلك من يسيرك.
صمت قليلاً ثم صاح في صورته:
- إذن ما بالك؟ اجبني لما لم تعد تستطيع التركيز على عملك منذ أن دخلت تلك المخلوقة الصغيرة حياتك؟ لما صرت تجد لذة في مراقبتها و متابعة حتى أقل حركاتها....تباً تباً تباً لكل النساء و أولهم تلك الإلها....
صمت عندما دخلت فتحية فجأة:
- ما بك أيها الولد هل تراك جننت؟ هل تكلم نفسك؟ لا و تصرخ أيضاً لقد قلقت كثيراً.
حاولت يوسف أن يرسم بسمة مشرقة على وجهه بصعوبة:
- لا يا عزيزتي لقد كنت أحاول أن أتقمص أحد الشخصيات التي أكتب عنها لكنني لم أستطع.
نظرت له مفكره ثم سألت:
- و هل في روايتك التي تعمل عليها شخص غاضب و ناقم على الحياة لأن الأقدار أقحمت فتاة في حياته.
رفع إحدى حاجبيه في غضب لكن قبل ان يجد ما يرد به عليها ضحكت و قالت:
- حاول أن تركز على عملك لتنتهي منه في الموعد.
ثم أغلقت الباب مدمدمة بلحن اعتاد سماعه منها.

يتبعــ........



قراءة ممتعة

roxan anna 05-13-2012 02:00 PM

سوف تسعدي فلا تقلقي
قضت سها قرابة الساعتين و هي تُري إلهام الألبومات و كانت كلها قديمة ..... تمددت سها على الأرض:
- لا تعتقدي أنكِ شاهدتِ كل شئ فهناك المزيد و لا تتعجبي فلقد كان يوسف عاشق لالتقاط الصور و كان يقول ....قلدت أخيها قائلة " إن الصور وسيلة جميلة لتوثيق الذكريات".
ضحكت إلهام:
- لا إنك لا تعرفين كيف تقلدينه فله أسلوبه الخاص.
ضحكت سها:
- معك حق و مع ذلك لن أكف عن التجربة.
سألتها إلهام:
- لماذا قلت كان؟
نظرت لها سها باستفهام فقالت إلهام:
- لقد قلت لقد (كان) يحب الصور.
- نعم....كان فهو لم يعد يلتقط اي صور و لا يجرؤ أحد على التقاط صوره له حتى أنني توسلت له لكي يقف بقربي في لقطات زفافي هل يمكنك التخيل؟
نظرت لها إلهام بدهشه:
- و لماذا؟
قالت سها:
- لا أعلم....لقد أصبحت طباعه صعبه منذ ماتت سوسن أصلا لا يمكنك تخيل ما فعله بصور زفافه و كل صورها بل كل صوره ظهرت فيها سواء معي أو معه أو مع اي شخص.
نظرت لها إلهام بتساؤل فقالت سها:
- لقد احرقها كلها.
شهقت إلهام فتابعت سها:
- أعلم أنه تصرف يدعو للدهشه لكن هذا أقل ما تستحقه أنا أفضل أن ينسى أخي أنها دخلت حياته نهائيا لأن ذلك من شانه أن يريحه كثيرا فقد.....
صمتت فجأة و كأنها أحست أنها تحدثت أكثر مما يجب و لأول مره ترى إلهام ملامح سها و قد اكتستها جدية قاسية ....جدية يشوبها الكثير من الغضب و الألم ....قاومت فضولها الذي كان يلح عليها أن تطرح أسئله، دخلت فتحيه بعد أن طرقت الباب:
- هيا يا بنات لتجهزن فقد انتهيت من تحضير الغداء و أنا متأكدة أنكما لم تتناولا أي شئ صباحا فسها خرجت بك كالاعصار لتريك الحديقه و ذلك أجبرني على مواجهة إعصار آخر إنما أكبر بكثير من إعصار سها.
ضحكت سها كأنها سمعت نكته فنظرت لها إلهام بعدم فهم فقالت سها:
- يا مسكينه...ماذا قال لك؟
قالت فتحية موضحة:
- إنه يوسف يا إلهام لقد اقتحم المطبخ و كان منظره يوحي بانه سيضعني في قدر و يوقد تحتي النار.
ضحكت إلهام و سألت:
- لكن لما؟
قالت:
- بسبب جولتكما الاستكشافية المدمرة....لقد أعطاني قائمة بالممنوعات...و ظل يردد على مسامعي
قالت تقلده"لايجب أن...لا تسمحي بتاتا....لو تكرر هذا الأمر لسوف..." ضحكت سها:

- إنك أيضا فاشلة في تقليد ماردنا الكبير.
أطل يوسف من الباب:
- من هو ذلك المارد؟
امتقع وجه إلهام بينما لم تتغير تعابير فتحية و سها بل ظلتا على مرحهما، نظر يوسف إلى وجه إلهام الذي هرب منه الدم و قال:
- من نظرة واحده إلى وجه الآنسة إلهام المعبر أستطيع أن أجزم بأنكم تتحدثن عني.
تقدم من سها و أمسك بأذنها:
- ألن تتوقفي عن ثرثرتك المستمرة يا فتاة؟
تصنعت الألم:
- آآآآآي...أترك أذني أيها الظالم.
تركها و هو يقول متوعداً:
- إنني لم أشد عليها لكن المرة القادمة سأقتلعها لك.
نظرت لهما إلهام بحسد مرة أخرى ها هما يعودان إلى مزاحهما الذي يثير في نفسها الفرحة و الكآبة في نفس الوقت أغمضت عينيها و هي تتمنى لو كان لها أخ أكبر تلقي على عاتقه ما تحمل من أعباء ....لو كان لها هذا الأخ لما كانت هنا تحاول إنقاذ أختها من خطأ بإرتكاب خطأ آخر، لاحظ يوسف كيف تنظر إلهام لهما....ها هي هذه النظرة تعود إلى عينيها مرة أخرى و عندما رآها و هي تغلق عينيها بانهاك ....بطريقة توحي أنها تقول لقد اكتفيت من هذا العالم و كم أود أن استريح قال:
- هيا يا سها لتنزلي للأسفل لقد جهزت توحه الطعام و لسوف تصعد للآنسة إلهام بصينية.
عندما سمعت إلهام اسمها فتحت عينيها بقوة و رأت سها تحاول ان تعترض لكن اخيها أسكتها بإشارة من يده:
- يبدو عليها التعب يا سها هيا أمامي.
عندما وجدت إلهام صوتها أخيراً قالت:
- لا أعتقد أنها فكرة جميلة أن أتناول طعامي وحيدة.
حدثها كما يتحدث مع سها _كأنه يقنع فتاة صغيرة_:
- لليوم فقط....استمعي إلى كلامي حتى تستردي قليلاً من صحتك و بعدها افعلي كما يحلو لك يمكنك أن تبدئي بمحاربتي كما تفعل سها و لن اعترض....هل اتفقنا؟
نظرت له إلهام مشدوهة..."ياإلهي لما يكلمني بهذه الطريقة الساحرة!!"، كرر سؤاله:
- هل اتفقنا؟
تنحنحت:
- آه...نعم...نعم اتفقنا.
نظر لها قليلاً ثم انسحب بعد أن تمنى لها وجبة طيبة و تبعته فتحية بينما قامت سها بجمع الصور بسرعة و قالت لإلهام:
- سوف آتي لك بعد أن انتهي من تنفيذ أوامر المارد إلى اللقاء عزيزتي.
خرجت بعد أن غمزت كعادتها فضحكت إلهام :
- يالها من طفلة؟
إنها تبدو دائماً خالية البال....حاولت إلهام أن تتذكر متى كانت آخر مرة أحست فيها بهذا الشعور....السعادة المستمرة و الراحة و الأمان....لم تكن تتوقف عن الضحك حدثت نفسها بصوت عالي و قد تملكها القنوط:
- ياااه لقد مضى وقت طويل حتى أنني أخشى أن أنسى كيف للمرء أن يفرح من قلبه.....
- لا أظنك ستنسين ذلك مادمت تعيشين مع اختي... سوف تسعدي فلا تقلقي.
التفتت إلهام بحدة إلى الباب....ياإلهي هل سمعني و أنا أتكلم تنحنحت:
- ما....ماذا تقول؟
وضع الصينية التي كان يحملها و قال:
- قلت ما سمعت... لا تقلقي من هذه الناحية فاختي لن توفر وقت أو جهد لكي تشعرك بالسعادة أما الباقي رهن بك.
سألته:
- رهن بي؟ ماذا تعني؟
قال:
- أقصد هل ستسمحين لنفسك بأن تسعدي أم ستظلين متوترة على الدوام؟
هزت رأسها :
- لا...لا إنني لست متوترة.
كان يوسف يعلم أنه سيندم فيما بعد على ما يفعله لكنه تقدم منها و أمسك يديها التي كانت في حجرها و فصلهما عن بعضهما:
- انظري... لكن كنت تغرسين أظافرك في كف يدك.
نظر لوجهها برهة ثم قال:
- أوليس هذا دليل توتر؟
سحبت يديها من بين يديه:
- حسناً...إنني....
إجتاحت سها الغرفة:
- مهما كانت رغبتك فلن أوافق عليها فأنا من اليوم سوف أتناول طعامي مع إلهام حتى تسمح لها صحتها بالنزول و تناول الطعام معنا فانا أعلم أنها لا تحب أن تأكل وحدها فهذا من شأنه أن يفقدها شهيتها للطعام.
نظرت إلهام لسها بدهشة...كيف عرفت هذا؟ أتراها بصيرة آل عياش أم تراه كان استنتاج عشوائي؟ ابتسمت إلهام فنظر يوسف لها و رفع حاجبيه كانت نظرته تقول لها" ألم أقل لك أن سها ستتولى أمرك" و غمز لها فاحست أن قلبها فوّت خفقتين أو ثلاثة ....ياإلهي لماذا لم يكن يوسف عياش عجوز بكرسي متحرك ألم يكن هذا ليسهل علي مهمتي، سلخ يوسف نظراته عن وجه إلهام بالقوة قبل أن يستغرق في تحليل ملامحها فهي تبدو كلغز عندما تستسلم لأفكارها و نظر لاخته:

- ما دام الأمر كذلك سوف أطلب من توحه ان تحضرلك طعامك هنا أيتها الشقية.
قفزت اخته و قبلته بطريقتها المميزة، قال يوسف:
- سوف أذهب لانهي بعض الأعمال.
التفت لإلهام:
- أظن أنني سأراك غدا يا أنسة إلهام.
ازدردت لعابها بصعوبة و حاولت ان تتكلم بمرح:
- أظن ذلك فيبدو انني لن أذهب إلى أي مكان بقدم و ذراع مكسورتان.
نظر لقدمها و قال و هو شارد الذهب:
- نعم اظن ذلك...عمتن مساءاً يا فتيات.
بعدما خرج قالت لها سها:
- ألم أقل لك عندما أصمم على شئ لا يردعني أحد.
قالت إلهام:
- هذا ما لا أشك فيه أبداً...أشكرك يا عزيزتي على مبادرتك اللطيفة فأنا بالفعل لا أحب ان أتناول طعامي وحيدة. أشارت سها بيدها في علامة اعتادتها إلهام:
- لا داعي للشكر.



قراءةممتعة


miss yona 05-13-2012 02:02 PM

شكرآآآآ

آبدآآع ...

roxan anna 05-13-2012 02:09 PM

المكالمة الصدمة
مع مرور الأيام تحسنت صحة إلهام و لم تعد تجد صعوبة في التنقل باستخدام العكازين.... كانت سها تمدها باستمرار بمعلومات عنها و عن أخيها و برغم محاولات إلهام إسكاتها إلاّ أن سها لم تكن تتوقف فيبدو أنها وجدت فيها الاخت التي طالما حلمت بها... كانت إلهام تجلس في الحديقة عندما أقبلت عليهم فتحية تحمل الهاتف:
- مكالمة لكِ يا صغيرة.
دهشت إلهام:
- لي انا؟
ناولتها السماعة:
- نعم لكِ.... إنه رجل يقول أنه مسؤول شؤون الموظفين في عملك السابق.
امسكت إلهام السماعة بيد مرتجفة:
- ألو؟!!
أحست بالذعر عندما سمعت صوت مديرها:
- أهلاً بصحافيتنا النجيبة أرى أنكِ بدأت بالعمل.
وقفت سها و تأبطت ذراع فتحية:
- سوف نتركك تتحدثين على راحتك.
عندما ابتعدتا سألته:
- كيف عرفت أنني هنا؟ و كيف عرفت هذا الرقم؟
قال لها:
- إنكِ تهينني ...و كأنك نسيتِ أننا نعمل في المجال ذاته على كل حال لقد اتصلت لأذكرك بسبب وجودك في بيت كاتبنا العزيز.
سأته بغضب:
- هل جننت لتتصل بي هنا؟ لقد اقتنعت مدبرة منزله بكذبتك التافهة تخيل لو أنه هو من أجاب على الهاتف.
قال بسماجة:
- لا تقلقي إن يوسف ليس موجود بالبيت إنه الآن مجتمع مع ناشره لقد رتبت أموري قبل أن اتصل بك و قمت بأبحاثي... أتمنى أن تهتمي أنتِ الأخرى بأبحاثك.
صرّت على أسنانها:
- طالما أنت بهذه المهارة لماذا تطلب مني أن أقوم بعملك القذر... أنت تعرف أنني لم أوافق على عرضك فلا تتصرف كأنني قلت لك سأنفذ ما طلبت و إعلم أنني....
قاطعها:
- إن لم تكوني موافقة فما عسالكِ تفعلين عندك؟
قالت له:
- كان حادث.... لقد صدمني بسيارته.
قهقه ضاحكاً:
- يالسخرية القدر... إذا كان حادث فاستغليه أنا لست بحاجة لأذكرك بصور اختك الصغيرة سوف أرسل لك حقيبتك التي تركتيها في المكتب على صندوق بريدك بها هاتفك الخليوي و محفظتك.
أغلقت الخط بوجهه بعد ان طلبت منه أن لا يتصل بها مرة أخرى.
اختفى يوسف لمدة يومين و كلما سألت سها عنه بتأفف أجابتها فتحية نفس الجواب:
- إنه يعمل بكل جهده على روايته الأخيرة لأن ناشره يلح عليه بأن ينهيها.
قالت سها:
- وهل قدمت له لاقضي معه الوقت أم ليتركني وحدي ... ألا يمكنه أخذ إجازة و لو لشهر؟
ربتت فتحية على يدها و خاطبتها كأنها ت**** طفل صغير:
- عندما ينتهي من روايته يا عزيزتي سوف يتفرغ لكِ.
كانت إلهام تتابع الموقف مبتسمة..... عندما كثرت شكوى سها اقترحت عليها إلهام أن تخرجا فتحمست سها للفكرة قفزت من على مقعدها و قبّلت إلهام:
- إنكِ رائعة سوف أطلب من السائق ان يحضر السيارة.
بعد جولة استغرقت ساعتين في المحلات اكتشفت إلهام أن التسوق مع سها أمر ممتع جداً و بعد أن إمتلأت السيارة بالأغراض قررتا أن تعودا للمنزل....طلبت إلهام من سها أن تمران على مكتب البريد:
- لقد أرسلوا لي متعلقاتي على البريد بعد أن صرفوني من العمل كما انني أريد أن أرى رسائلي فمن المحتمل أن تكون اختي نشوى قد ارسلت لي بطاقات بريدية أو أي خطابات.
عندما وصلتا للمنزل استقبلهما يوسف الذي خاطب اخته مبتسماً:
- هل هذه الشاكية الباكية التي حدثتني عنها فتحية.
ضحكت سها و تقدمت من اخيها و قبلته:
- لقد قضيت وقت ممتع مع إلهام لقد ابتعنا الكثير من الأشياء.
رفع حاجباه و سخر منها:
- لا توجد إمراة لا تتمتع بالتسوق و تبديد الاموال.
ضحكت سها:
- أخبر إلهام بهذا الأمر فلقد صرفت مجهود كبير لأقنعها بأن تشتري القليل.
التفت يوسف لتحط عيناه على وجه إلهام الذي احمر قالت:
- أستأذنكم لانني أريد أن أكتب لاختي خطاب.
لم تنتظر منهم رد و أسرعت الخطى على قدر ما تستطيع قدمها أن تساعدها، بعدما اختفت داخل المنزل سأل يوسف اخته:
- ما حكاية اختها؟
أجابته:
- لها أخت اسمها نشوى عمرها 18 عاماً سافرت لتقضي أجازتها الصيفية مع صديقتها عند أهلهم.
سألها:
- و ماذا بشأن أهل إلهام؟
نظرت سها لأخيها بدهشة لسؤاله:
- لقد توفي والديها منذ زمن في حادثة سيارة و كما اخبرتني إلهام هما كانا الاقرباء الوحيدين لهما.
فكر يوسف " إذن فإلهام هي التي تقوم برعاية أمورها و أمور اختها التي تعد في سن حرجة" بدأ يعرف سبب قلق إلهام الدائم فهي دوماً مشغولة البال و تذكر ما قالته لنفسها عندما كانت تتساءل عن آخر مرة كانت تحس فيها بالراحة لابد انها كانت عندما كان والدها و والدتها على قيد الحياة، هزت سها أخيها من ذراعه: - هااااي أين ذهبت بأفكارك لقد كنت اقول لك هيا بنا للداخل.
التفت لها:
- نعم؟ ...حسنا... حسنا.
قالت له و هما في طريقهما للمنزل:
- أريد ان استعير منك مجموعتك القصصية.
- لماذا؟
- سأعطيها لإلهام لتقرأها مؤكد أنها تشعر بالملل عندما لا تجد شئ تفعله.
*****************************
وصلت إلهام لغرفتها تلهث....وضعت هاتفها و محفظتها في درج الطاولة الموجودة بجوار السرير و جلست على سريرها تفتح الخطابات و جدت رسالة من عوني يكرر فيها نفس الكلام المقيت عن العمل و يطالبها بالإسراع في كتابة التقرير ....مزقت الخطاب و فتحت خطابين من اختها نشوى مليآن بالكلام السعيد بالإضافة إلى صور فوتغرافيه لها و لصديقتها و بطاقة بريدية جميلة ردت على خطاباتها ثم وضعت كل الأوراق داخل الدرج ثم تمددت على السرير ....آه لو عرفت نشوى ما ينتظرها لو فشلت في كتابة التقرير لاختفت كل السعادة التي تظهر في خطاباتها و ذهبت بلا عودة.
بعد ساعة دخلت سها و هي تحمل بين يديها العديد من الكتب و المجلات ضحكت مشيرة:
- ما كل هذه الكتب؟
وضعت سها حملها على السرير و أخذت ترتبهم:
- هذه قصص أخي و هذه بعض المجلات التي قد ترغبين في تصفحها.
ربتت إلهام على يدها:
- أشكرك يا سها إنك تشغلين نفسك بأموري بصورة أكثر من اللازم لابد ان زوجك بدأ يمل من وجودي. ابتسمت سها:
- لا أبداً.... لا تقولي مثل هذا الكلام مرة أخرى إن وجودك مصدر فرح لنا جميعاً يكفي أنك سبب توقف أخي عن العمل المستمر.... لقد صار يشاركنا في الكثير من جلساتنا.
لم تفهم إلهام ما تعنيه سها فما علاقتها بتوقف يوسف عن العمل أمسكت لسانها قبل ان تسألها و كعادته سها كانت ستتبرع في توضيح مقصدها لكن قطع كلامها دخول فتحية:
- هيا يا فتيات إلى الغداء كما أن الطبيب حضر ليفحص ذراعك و قدمك.
بعد أن انتهى الطبيب من فحصه أخبرهم ان بإمكان إلهام أن تنزع الجبيرة من على قدمها و تستبدلها برباط أخف بشرط ان تخفف الضغط عليها لمدة أسبوع لكنه أخبرهم أن يدها لم تتعافى بعد، قررت سها أن تحتفل بهذه المناسبة فضحك الكل عليها.... على العشاء أفسدت إلهام الاحتفال بأن أعربت عن ضرورة رحيلها بعد أن تعافت قدمها و لدهشتها كان يوسف من رفض قبل حتى أن تفتح سها فمها:
- سوف تبقين هنا يا آنسة إلهام حتى تخرجي على قدميك كما كنت قبل أن أصدمك بسيارتي و بيد سليمة تماماً.
لم تناقشه إلهام و لم تذكر مرة أخرى أمر الرحيل و خاصة أن عوني أصبح يتصل بها في اليوم مرتين حتى انفجرت فيه:
- حسناً...حسناً سأقوم بما تقول لكن أقسم بالله لو اتصلت مرة اخرى فلسوف ارحل و اذهب للجحيم أنت و ما معك من الصور.
صمت عوني بدهشة أمام انفجارها ثم أغلق الخط.
كانت أيام إلهام رتيبة لكنها كانت تجد المتعة في قراءة قصص يوسف... إنه حقاً مبدع لكنها لاحظت أن هناك سمة مشتركة بين قصصه فالبطل قاسي لا يهاب الموت ليس لديه شئ يخسره.... ليس لديه أحد حتى أنها استغربت أنه لم يكن و لا في أي قصه من قصصه وجود لبطلة يحبها البطل أو حتى يكون معجب بها....دوما البطل وحيد يقاتل و يكافح و أحياناً يُجرح و ينزف حتى الموت لكنه ما يلبث أن يتجاوز الأزمات و كل هذا وحيداً.... كانت قصصه رائعة لكنها تفتقد للمسة الأنثى التي لو اضيفت لأصبحت القصص لا مثيل لها.
لأن إلهام لا تجرؤ على مناقشة أمور قصص يوسف معه ناقشت سها التي أعجبت بكلامها كل الإعجاب:
- معك حق يا إلهام لقد كان هذا رأيي أيضاً لكن يوسف يرفض ان يناقشه أحد في عمله و كلما حدثته عن هذا الأمر صدني بشكل قوي.
صمتت قليلاً مفكرة ثم قالت:
- يمكنك أنت أن تقولي له رايك... إنني لم أتمكن أن أصوغ له الأمر بطريقتك الرائعة أبداً قد يقتنع إذا أخبرته ما قلته لي.
هزت إلهام رأسها بقوة:
- أنا؟ محاااال.
كما توقعت إلهام أتت سها على ذكر هذا الأمر على الغداء في أحد الأيام فكان من نصيبها نظرة نارية لأول مرة تراها إلهام من يوسف و خاصة أنها كانت موجهة لاخته ثم التفت لها:
- لم أكن أعرف أنكِ قرأت قصصي ظننتكِ احتفظتي بها في غرفتك لكي لا تجرحي اختي.
استفزتها طريقته بالكلام فردت عليه:
- و لماذا فكرت هذا التفكير لابد انك تعرف أن قصصك مشوقة.
ظهرت الدهشة للحظة في عينيه ثم اختفت:
- لكنها ليست من القصص التي تناسب الفتيات.
زاد غضبها منه فسألته بحدة:
- و برأيك ما نوع القصص التي تناسبنا؟ قصص وردية اللون بقلوب على الغلاف؟
فاجأته حدة ردها فهي المرة الأولى التي يراها فيها غاضبة:
- لا لم أقل هذا لكن من خبرتي عرفت أن قصصي لا تلاقي رواجاً لدى النساء.
هدأ غضبها:
- هذا يعتمد على عقلية من تقرأ القصة لكن لي اعتراض وحيد على قصصك إن سمحت لي بأن أقوله.
أومأ برأسه:
- تفضلي.
أخبرته برأيها في إيجاز و كانت ردة الفعل الوحيدة التي أبداها هي هزة بسيطة من رأسه و مر الموضوع بلا تعقيب.




















قراءة ممتعة

roxan anna 05-13-2012 02:21 PM

حادثة القطة و الشجرة الشيطانية
اصطحب يوسف إلهام في سيارته إلى عيادة الطبيب لإزالة الجبس عن قدمها لكنه لم ينزل معها تركها مع سها على باب العيادة:
- سوف أنتظركما في السيارة.
غضبت سها من تصرف اخيها لكن إلهام تفهمته فلابد أنه لا يريد أن يراه أحد معها فتنتشر الأقاويل و الشائعات.
بعد ان أوصلهما يوسف للمنزل خرج.... توجهت سها للمطبخ:
- اذهبي لترتاحي بينما احضر لك كوب كاكاو.
تأخرت سها في القدوم فحملت إلهام القصص و نزلت المكتبة لتضعها في مكانها كانت سعيدة بقدرتها على المشي بدون عكازين ، بعد أن وضعت القصص في مكانها خرجت لتتمشى في الحديقة رأت قطيطة صغيرة الحجم لونها أبيض تلعب بين الأزهار اقتربت منها:
- كيف حالك يا صغيرة؟.
ذعرت القطة و قفزت مبتعدة ثم تسلقت شجرة.... شهقت إلهام لمنظر الشجرة و تسائلت من أي نوع هذه الشجرة الغريبة إنها تحتوي على أشواك كثيرة من المؤكد أن القطة المسكينة سوف تجرح نفسها بالمكوث داخل هذه الشجرة حاولت ان تناديها بمختلف الأصوات لكنها أبت أن تنزل بل اختفت أكثر داخل الشجرة.... تلفتت إلهام حولها ثم خطرت لها فكرة....رأت السلم الذي تركه البستاني بجانب البيت استغرقت حوالي الربع ساعة و هي تجره إلى الشجرة و تسنده عليها مسحت جبهتها إنه ثقيل الوزن بعد أن التقطت انفاسها بدأت في صعود السلم و هي تقاوم الدوار الذي أصابها كلما ابتعدت عن الأرض.
ركن يوسف سيارته في المرآب و دخل الحديقة على مهل لكن ما أن وقع نظرة على إلهام حتى ركض بسرعة... ماذا تفعل هذه المخلوقة المجنونة كانت تتسلق سلم لتصل إلى تلك الشجرة اللعينة التي طلب من البستاني أن يقطعها من زمن إنها شجرة شيطانية كمن أمرت بزراعتها و كل هذا لأنها أعجبت بمنظرها نحّى ذكرى سوسن من رأسه بسرعه، وصل لأسفل السلم ناداها:
- آنسة إلهام إنزلي قبل ان تقعي فتؤذي نفسك.
فاجأها صوت يوسف فالتفتت له بسرعة و زلقت يدها فتمسكت بالسلم بقوة و هي تتنفس بصعوبة:
- لن أستطيع ان أنزل الآن.
شتم من بين أسنانه و قال لها:
- لا الأن و لا فيما بعد تمسكي بمكانك و سأصعد لكِ.
هزت رأسها:
- لا حاجة لك بالصعود.
أكد لها بغضب:
- بل هناك كل الحاجة هذا إن لم أكن أريدك أن تكسري عنقك.
صعد السلم و عندما وصل لها قالت له:
- لن أنزل دون القطة.
رفع حاجبيه بتساؤل:
- أي قطة؟!!
أشارت بيدها لشئ أبيض صغير بين الأغصان:
- إنها قطة فاجأتها و هي تلعب بين الأزهار و عندما اقتربت منها ذعرت و قفزت للشجرة قد تؤذي نفسها.
أخذ يوسف شهيق حبسه في صدره ثم أطلقه ببطء لكي يهئ نفسه فقد ينفجر فيها:
- حسنا تمسكي بالسلم جيداً.
بعد ان فعلت ما أمرها به تجاوزها بخطوة و مد يده ممسكاً بالقطة ثم نزل مرة أخرى إلى مكانه أصدرت القطة صوت اعتراض و خدشته في يده صرخت إلهام بذعر و قد اختل توازنها....تأرجح السلم فعرف يوسف انه سيسقط بهما فترك القطة و لف ذراعه حول خصر إلهام قبل أن يهوي السلم بهما، أغمضت إلهام عينيها في ذعر.... أحست بقوة اصطدام يوسف على الأرض و خاصة أنها وقعت فوقه إزداد ذعرها عندما سمعت صيحة الألم الرهيبة التي صدرت منه، تدحرجت من فوقه ثم جلست تتحسس كتفيه:
- هل... هل انت بخير؟
لم يفتح عينيه فهزته بذعر:
- اســ.... استاذ يوسف أجبني هل انت بخير؟
فتح عينيه:
- لا ترجِّيني بهذه الطريقة يا فتاة إنني بخير كل ما في الأمر أنك وقعت على ذراعي هل أنتِ بخير؟
تنفست الصعداء و هي تراه يجلس:
- نعم أنا بخير لقد كان أنت من تلقى الصدمة أعتذر منك.
قفزت القطة في حضنها فحملتها بين ذراعيها بحنان و أخذت تمسح على رأسها متمتمه:
- أرأيتِ أيتها الشقية ماذا فعلت؟
نظر يوسف لها بدهشة و هي تداعب القطة بينما استكانت تلك الشرسة بين يديها سعيدة بما تتلقاه من حنان، خرجت سها تركض و في أعقابها زوجها و من بعدهم فتحية عندما رأت اخيها يجلس أرضاً هو و إلهام و بجوارهما السلم صرخت:
- ماذا حدث؟ لقد سمعنا صيحتك المزلزلة.
ضحك يوسف و أخبرهم بما حدث و عندما انتهى أشار إلى إلهام:
- و هذه نهاية قصتي مع القطة ها أنا أنزف كما أنني أحس أن عظامي كلها طحنت بينما تتلقى تلك الهرة الشرسة كل العناية.
تركت إلهام القطة من يدها و نظرت له:
- لقد نسيت أنها خدشتك...آآآه ماذا عساي أفعل أنا آسفة لما سببته من عناء.
أخذت فتحية يوسف إلى المطبخ و طهرت الجرح الموجود بذراعه ، نظرت إلهام إلى يده الأخرى:
- يجب أن يعاين الطبيب يدك الأخرى التي سقطت عليها فلا تنس أننا سقطنا من مكان مرتفع.
رفض:
- لا إنها كدمة بسيطة.
أمر يوسف البستاني بغضب أن يقطع الشجرة ... كانت إلهام تجلس مع سها و فتحية في المطبخ عندما تناهى لهما صوته و هو يصيح بغضب:
- لا أريد أن أرى تلك الشجرة الشيطانية مرة أخرى.... إقتلع تلك اللعينة من جذورها.
تبادلت سها و فتحية نظرات ذات معنى.... نظرت لهما إلهام و لم تتكلم مؤكد أن تلك الشجرة البائسة لها قصة ما فيبدو أن حياة يوسف مليئة بالغموض وصولاً لأشجاره.
على العشاء أشارت إلهام إلى يده بإصرار:
- لقد تحول لونها إلى اللون الأزرق يجب أن ترى الطبيب فقد تكون مكسورة.
استمر على رفضه:
- إنها كدمة بسيطة كما سبق و قلت سوف أضع عليها بعض الثلج.
أصرت إلهام عليه:
- لكنها لا تبدو كدمة بسيطة.
استمرت في الكلام بإصرار فنظر لها بتمعن كم من الجميل أن يشعر بإهتمامها لكنه عاد و نهر نفسه إنه لا يحتاج لإهتمام من أي أحد خاصة لو أتى من أنثى قاطعها:
- لن أذهب للطبيب و انتهى النقاش... أتمنى أن تهتمي بشؤونك و لا تقلقي بشأني.
خرج كلامه بحدة أكثر مما يجب فصمتت إلهام و ظلت صامتة لما تبقى من الوقت و انسحبت في منتصف السهرة إلى غرفتها.
بعدما خرجت إلهام نهرته اخته:
- لماذا صحت بالفتاة بهذه الطريقة.
مسح وجهه بإحباط:
- لم أقصد.... لم أقصد يا سها أتمنى أن تتركيني الآن لأنني متعب.
تركها مع زوجها و توجه لغرفته، وجد إلهام في منتصف الطريق للمطبخ و هي تحمل صينية عليها كؤوس عندما رأته ارتبكت:
- لقد كانت في غرفتي منذ الأمس....سوف أضعها في المطبخ لأوفر على فتحية صعود السلم فقدميها تؤلمانها.
أدركت انها تثرثر فصمتت، حمل عنها الصينية:
- دعيني أحملها عنك فيدك مازالت مجبرة.
لاحظت تقطيبة الألم التي ظهرت على وجهه عندما حمل الصينية و نظرت ليده فحملتها منه:
- لا سوف اذهب بها أنا.
و هي تمر بجواره أوقفها:
- بالنسبة لكلامي على العشاء أنا....
قاطعته:
- لا عليك لقد تدخلت في ما لا يعنيني.
قال لها:
- لا لقد كنت تنصحيني لمصلحتي و أشكرك على ذلك.
***********************
استيقظ يوسف و هو يحس بيده تنبض بالألم فقرر أن يتبع نصيحة إلهام و يذهب للطبيب و تمنى أنه لم يذهب عندما خرج من العيادة و يده ملفوفة بطبقة سميكة من الجبس، عندما رأته اخته قالت ما توقعه:
- ألم تقل لك إلهام أنها قد تكون مكسورة لكنك غليظ الرأس كم أتمنى أن أكسر لك رأسك.
نظر لها نظرة جليدية:
- هل أنت سعيدة لأن وجهة نظر صديقتك كانت صحيحة لكن يجب أن تعرفي أنه في المقابل لن أستطيع أن أنهي روايتي الأخيرة في موعدها.
كانت إلهام تراقب الموقف بصمت و تتبادل النظرات مع زوج سها المبتسم، إلتمعت عينها سها فجأة:
- بالطبع لن تستطيع أن تؤجر أحداً ليكتب لك الرواية كسكرتير أو سكرتيرة.
عنفها:
- إنك حادة الذكاء كما أعهدك.
قالت بسرعة:
- أنت تريد شخص موثوق به و أنا عندي هذا الشخص... ما رأيك أن تعمل معك مشيرة.
إلتفتت لها إلهام بذعر و تذكرت أنها أخبرتهما أنها سكرتيرة... ما هذا التي تقوله سها هل جنت؟ من تعمل لدى من؟، نظر يوسف إلى اخته ثم إلى إلهام و كأنه يسألها رأيها و عندما لم تتكلم قال لاخته:
- ألم تلاحظي أن الآنسة إلهام تعاني من نفس مشكلتي فيدها مكسورة هي الأخرى.
ظهرت خيبة الأمل على جه سها ، لا شعورياً وجدت إلهام نفسها توضح ليوسف:
- لكنني استطيع أن أكتب وراءك ما تمليه لي يا أستاذ يوسف.
رفع حاجبيه باستفهام فقالت:
- إن يدي اليمنى مكسورة لكنني أكتب بيدي اليسرى.
فكر يوسف " إن كل ما يخص هذه الفتاة غريب " ضحكت سها فتبدد التوتر الذي كان يملأ الغرفة لم تعرف إلهام ما حدث فلقد توالت الأحداث سريعاً كل ما فهمته أنها و رسمياً صارت تعمل ليوسف.
في يوم عملها الأول توجهت لغرفة المكتب و طرقت الباب فدعاها يوسف للدخول بعدما أغلقت الباب وراءها أشار لها بأن تجلس فجلست على كرسي مقابل لمكتبه لم يرفع عينيه من على الأوراق التي بين يديه:
- لقد جهزت لكِ طاولة في طرف الغرفة كل ما هو مطلوب منك أن تكتبي ما سأمليه لكِ.
تنحنحت:
- إنه أمر سهل.
نظر لها:
- ليس كما تظنين فسوف أمليك بسرعة و يجب أن تكتبي كل ما تسمعينه دون إغفال أي كلمة هل أنت مستعدة لذلك؟ أم أنني سأكتشف بعد أن ننتهي أن نصف روايتي سقط....
قاطعته:
- لا تقلق إنني سريعة في الكتابة كما أنني أجيد فن الإختزال إعتمد علي.
توجهت إلى طاولتها و هي تشكر الله على تعلمها لتلك المهارات التي تعلمتها برغم بعدها عن مهنتها ، جلست على طاولتها و بدأ العمل ..... لم يتوقف يوسف عن الإملاء إلا بعدما دخلت اخته معلنة:
- حان وقت الغداء.
صمت و كشر:
- أنتِ تعرفين أنني لا أحب أن يقاطعني أحد أثناء عملي يا سها ...ما بك؟
قالت له:
- هذا ممكن عندما تكون وحدك لكن في وجود تلك المسكينة معك يجب أن أقاطعك فقد تنسى أنها بحاجة للطعام لا أريدك أن تقتلها جوعاً.
إلتفت لإلهام:
- معذرة لقد نسيت هذا الأمر لابد أنكِ جائعة.
هزت إلهام رأسها:
- لا لا... إنني لست....
صمتت عندما أصدرت معدتها أصوات غريبة فابتسم يوسف و قد تبدد غضبه:
- حسناً لقد أتاني الرد من مكان آخر هيا يا آنستيّ الصغيرتان أمامي لنتناول ما يسكت بطوننا.
مرت الأيام و إلهام تعمل مع يوسف بكل استغراق و استمتاع.... لقد كانت روايته رائعة كلما بدأت في الكتابة وراءه حتى استغرقت في الأحداث كأنها تعيش مع الشخصيات كما أنها لاحظت أن هذه الرواية تختلف عن باقي رواياته فالبطل له سمات إنسانية على عكس أبطال الروايات السابقة ، مع مرور الوقت أصبحت إلهام كيوسف لا تمل أبداً من الجلوس في غرفة المكتب لتعمل و خاصة عندما رأت مدى إلحاح الناشر فلقد كان يتصل أكثر من مرة في اليوم.
في أحد المرات كانت إلهام تجلس مع يوسف يعملان فجأة صمت يوسف فحثته إلهام على المتابعة:
- هيا أكمل ماذا حدث؟
إلتفت لها:
- ماذا؟
قالت بنفاذ صبر:
- بعد أن إصدمت سيارة "طارق" بالشاحنة ماذا حدث؟
سألها:
- هل تظنين أنني سأنهيها في الوقت المحدد؟
سألته:
- تنهي ماذا؟ الرواية؟ بالطبع لكن أتمنى أن نناقش هذا الموضوع في وقت آخر فلا أريد أن ندع طارق في السيارة حتى تنفجر يجب أن نخرجه منها بسرعة.
ابتسم يوسف... يا إلهى كم من الممتع العمل مع هذه الفتاة:
- حسناً لن أدعه يموت في السيارة فالجماهير سوف تقتلني إن فعلت.
قالت:
- كما أن "منى" في انتظاره ليتزوجا.
رفع رأسه و نظر في عينيها مكرراً قولها بشرود:
- نعم منى في انتظاره ليتزوجا.

يتبعــــــــ....
















































يتبع

roxan anna 05-13-2012 02:33 PM

الوشاح الحريري

كان الكل يجلس في غرفة الجلوس_سها و زوجها و إلهام و يوسف وفتحية_ عندما رن جرس الهاتف فقفزت سها و إلتقطت السماعة:
- من معي؟..... اهاااا كيف حالك يا أستاذ ياسر.... حقاً.....يا له من خبر سار.
صمتت قليلاً تستمع لما يقوله و هي مبتسمة ثم قالت:
- سوف أمرر له السماعة و لتخبره بنفسك بكل هذا الكلام.
ناولته السماعة:
- إنه الناشر.
بعد خمس دقائق أغلق الخط ، بدأت سها حملتها لمضايقة أخيها:
- أتعرفون ماذا أخبرني الاستاذ ياسر؟ إن رواية يوسف الأخيرة أحدثت ضجة رهييييييبة و أن النقاد لم يتوقفوا عن الكتابة و قال لي أخبري اخيكِ أنه أياً كان السبب في التغير السحري الذي أصاب قلمه لا تدعه يتوقف، حاول يوسف أن يسكتها لكن بلا جدوى فقال محمد ضاحكاً:
- إتركها يا يوسف أنت تعرف أنك لن تستطيع إسكاتها دعها تعبر عن فرحتها.
أكملت سها:
- كما أنه أثنى على سرعتك في إنهاء الرواية في الوقت المحدد.... لم يكن يتوقع ذلك.
نظر يوسف إلى إلهام:
- في هذا الأمر يعود الفضل بعد الله إلى إلهام.... لم تكن تدعني أتوقف عن الإملاء و لو لدقيقة.
ابتسمت إلهام:
- إنه عملي.
ضحكت فتحية:
- مرحى لكِ يا فتاة.
فكرت سها " أعتقد أن الفضل في هذا الأمر و غيره لإلهام.... يجب أن أقرا الرواية لأحدد ما قصده الأستاذ ياسر و ساعتها سأقرر لمن الفضل في انفتاح يوسف على حد تعبير ناشره" هزّها زوجها:
- لماذا تخططين يا عزيزتي و على وجهك هذه النظرة التآمرية الرائعة؟
إبتسمت سها و قد احمر وجهها فاقترحت إلهام:
- قد يكتب أخيك عنك في المرة القادمة و يجعلك جاسوسة أو عميلة سرية في أحد المنظمات.
ضحكت:
- لكن قصص يوسف لا تحتوي على النساء إلاّ في الضرورات القصوى فما بالك بأحد أدوار البطولة.
قالت إلهام:
- لكن في روايته الأخيرة....
صمتت ثم قالت:
- لن أخبرك سوف أتركها مفاجأة.
تململت سها:
- حسناً لقد شوقتماني لأقرأها أولاً الأستاذ ياسر و الآن أنت...
إلتفتت ليوسف:
- هل تحتفظ بنسخ في المكتب؟
رد يوسف:
- أعتقد أن عندي اثنين إنهما لكِ و لإلهام لقد كتبت لكلٍ منكما إهداء خاص بها.
بعد العشاء جلست إلهام في غرفتها و فتحت الرواية.... كان الإهداء على الصفحة الأولى كانت كلماته رسمية لكنها لا تعرف لماذا بعثت السرور في نفسها ....بعد أن عملت مع يوسف و قضت معه الكثير من الوقت اكتشفت انه إنسان آخر مختلف عن ذلك الشخص الذي يراه الناس للوهلة الأولى....قاس و عنيف و لا يقبل الجدال أو حتى الكلام بسهولة مع الآخرين، عاودتها حاستها المهنية و تملكتها رغبة في معرفة سر تغير يوسف فكما قالت سها إنه كان انسان مختلف قبل ان تدخل زوجته حياتك حاولت ان تتذكر ما اسمها....نعم اسمها سوسن، لم تدر إلهام إلا و هي تسحب ورقة بيضاء من الدرج و تبدأ في كتابة كل ما عرفته عن يوسف منذ دخلت منزله.
استيقظت إلهام على صوت هاتفها المحمول و عندما ردت فاجاها صوت اختها المرح:
- سوف اعود خلال أسبوعين.
سألتها إلهام:
- لماذا؟
ظهرت خيبة الأمل في صوت اختها:
- ما هذا السؤال؟ يبدو أنكِ لم تشتاقي إلي لكنني اشتقت إليكِ
رقت ملامح إلهام و عاد لصوتها حنانه المعهود:
- لا يا عزيزتي لم أقصد لقد اشتقت إليكِ بشدة لكنني كنت أسأل لأنني أعلم أنكِ لن تتركي مكانك إلا بالقوة. ضحكت نشوى:
- معك حق لا أحد يعرفني مثلك يا اختاه...
تنهدت و أكملت:
- ما عساي أفعل و قد أشرفت العطلة الصيفية على الإنتهاء.
فكرت إلهام بذعر العطلة المدرسية أوشكت على الإنتهاء.... هذا يعني أن سها سوف تسافر مع زوجها .... سيكون وجودها مع يوسف مستحيل بعد ذهاب سها تذكرت عوني.... إنها لم تجمع أي معلومة حساسة حتى الآن سوى موضوع إنتحار زوجته و ها هي اختها ستعود من عطلتها.... يا إلهي إن كل الامور تتعقد من حولها، رن صوت اختها في اذنها:
- هاااااا إلهام أين أنتِ؟ هل مازلت معي على الخط؟
قررت إلهام أن الحل الوحيد في ما ستفعله:
- اسمعيني يا نشوى؟ رباب سوف تعود معك أليس كذلك؟.
أجابتها:
- نعم سوف تعود مع أهلها و سأكون معهم، سألتها إلهام:
- هل ستقبل أن تظلي معها لمدة شهر أو شهرين؟
قالت نشوي:
- نعم بل ستسعد بذلك حتى لو قضيت معها العام الدراسي كله لكن لماذا؟
قالت إلهام:
- أنتِ لا ترغبين في معرفة ذلك.... سوف تعودين مع صديقتك و تقيمي معها حتى أعود من مهمتي و أنا سوف اتصل بأهل رباب لأستأذنهم.
سألتها نشوى:
-إلهام ما الأمر؟ أخبريني فأنا لم أعد صغيرة.
تحت إصرار اختها أخبرتها كل ما حدث حتى اللحظة التي تتكلمان فيها:
- بماذا كنتِ تفكرين عندما كنتِ تلتقطين هذه الصور؟
سمعت صوت بكاء اختها:
- لم يكن هناك أي شباب؟ أنت تعلمين انه مهما كنت سذاجتي فلن أذهب مع أي شاب لأي مكان فما بالك بأن يصورني أحد....
صمتت و أخذت تبكي بقوة:
- لقد.... لقد كانت صديقة لصديقتي و كنا نمزح.... كنا نمثل أننا عارضات أزياء.... لم أكن أعلم أنها تصورنا حقاً... تلك الوضيعة.
هدأت إلهام اختها:
- لا تقلقي سوف أتولى الأمر.... ما حدث حدث و سوف أهتم بالأمور هل فهمتي ما طلبته منك؟ سوف تبقين مع رباب حتى أعود من منزل يوسف فحسب ما قلته لهما أنني لا أملك منزل ... لا أريد أن أناقض قصتي.
قالت إلهام بصوت منكسر:
- حسناً لكن لا تدعيهم يكشفونك يا اختي أرتجف عندما أتخيل ما يمكن أن يحدث.
طمأنتها:
- لا تخافي على اختك أيتها الفتاة الصغيرة و الآن سوف أغلق السماعة قبل أن تأتي سها كالإعصار فتقتحم غرفتي.
أغلقت الهاتف و جلست على السرير واضعة رأسها بين يديها... لقد حسم الأمر سوف أفعلها.... ليس لدي خيار سوف أكتب التقرير عن يوسف لكن بقى أمر واحد هو وجودها هنا بعد سفر سها ما هي إلا دقائق حتى اجتاحت سها الغرفة فغرقت إلهام في الضحك و عندما سألتها سها عن سبب ضحكها قالت لها:
- لقد كنت أتساءل متى سأحظى بزيارتك الصباحية إجلسي هناك ما أريد أن أحدثك عنه.
أخبرتها بما كانت تفكر فيه و اختتمت كلامها:
- و هكذا سترين أنه ليس لائقاً أبداً أن أظل هنا.
ابتسمت سها:
- إنك مباركة أتعلمين على ماذا استيقظت اليوم؟
نظرت لها إلهام بتساؤل فقالت:
- لقد استيقظت على خبر رائع فمحمد سوف يضطر للمكوث في الاسكندرية لمدة خمسة عشر شهراً لأن الشركة التي يعمل بها تواجه مشاكل في فرع الإسكندرية و طلب منه مديره أن يظل في فرعهم هنا و عندما أخبرني عن ذلك طرت فرحة فأنا لم أنفك في التفكير في نفس الأمر الذي أخبرتني به و ها هو قد حل... إقترح محمد أن نستأجر منزل لكن أخي عاقبه على هذا الإقتراح بأن كشر في وجهه بتلك التكشيرة الشهيرة و قال له: " ما هذا الهراء الذي تتحدث عنه؟ تستأجر منزل و أنا لدي مكان يكفي جيش من الناس"، انهارت إلهام و سها على السرير ضاحكتان.
******************
دخلت إلهام غرفة المكتب دون أن تطرق الباب، عندما رفع يوسف رأسه و نظر لها معاتباً تجاهلت نظرته و جلست:
- ها؟ لقد أخبرتني توحه أنك تريدني... ما الأمر؟
جلست تستمع إلى أخيها مبتسمة و ما أن إنتهى حتى أومأت برأسها موافقة:
- حسناً سوف أذهب معك و أساعدك في إنتقاء الهدايا.
- تذهبين معي؟... لا لقد أسأت فهمي... سوف تذهبين وحدك و تشتريهم نيابة عني.
هزت رأسها بإعتراض:
- إنسى هذا الأمر... إذا أردت أن تبتاع لنا هدايا بمناسبة إنتهائك من روايتك فيجب أن تكون منك فعلاً لا أن تدع غيرك يحضرها.
زفر يوسف بضيق... إنها عنيدة و هو يعرف أنها لن ترجع عن تفكيرها... أمسك مفاتيحه مع على المكتب و وقف:
- حسناً هيا بنا.
نظر سها إلى أخيها و هو يقود السيارة و هو واجب و تساءلت... ترى هل يكون نادم على هذه الخطوة؟ لقد كانت عادة أن يشتري لها و لزوجها و توحه هدايا بعد كل رواية لكن وجود إلهام سيحتم عليه أن يشملها بهذه العادة.
كان يوسف يفكر " لن أستطيع أن أهدي الجميع و أترك إلهام بلا هدية خاصة أنها قدمت له عون كبير في الرواية... لكن ألن تكون هدية منه لها دليل...." توقف بتفكيره و أنّب نفسه... دليل على ماذا أيها الأحمق؟ إترك الأمر لسها فهي ستختار لها أي شئ و سيطلب منها أن تقدمه لإلهام نيابة عنه.
صافحه محمد شاكراً:
- إنها برطة عنق جميلة...
نظر إلى زوجته ممازحاً:
- و أرى أنها تحمل ذوق زوجتي.
ضحكت سها بينما إبتسم يوسف التي تقدمت منه توحه التي ربتت على ظهره كأنه طفل صغير تكافؤه على جلوسه مطيع:
- شكراً أيها الصغير على هذه الكنزة الجميلة.
إبتسم لها بحنو:
- أنتِ على الرحب و السعه يا توحه.
صاحت سها ببهجة:
- و أنا أيضاً أشكرك يا اخي على هذا العقد الجميل الذي تركتني أختاره بنفسي.
قال محمد و هو يكتم ضحكاته:
- و الذي لا يمكن إغفال ثمنه الباهظ.
لكزته سها ثم قالت بطريقة مسرحية:
- و الآن إلى هدية إلهام... المساعدة المجتهدة و...
قاطعتها إلهام:
- أنا؟... هدية لي؟!!
- نعم... خذي.
نازلتها لفافة خفيفة الوزن ثم قالت:
- و الآن هيا بنا لغرفة الطعام قبل أن يبرد العشاء.
خرج الكل بينما وقفت إلهام محدقة باللفافة في ذهول... قال يوسف الذي لم يلحق بالباقيين:
- هيا إفتحيها لن تعضك.
- لكن...
قاطعها:
- إفتحيها... إنه غرض بسيط.
كادت تقول له أنه ما من شئ منه يمكن أن يكون بسيط... نزلت الورق فلامس أصابعها قماش ناعم نظرت إلى محتوى اللفافة إنه وشاح بني اللون... لا إنه عسلي... وشاح حريري يمتزج به اللونين البني الفاتح و العسلي قالت كأنها تخاطب نفسها:
- إنه رائع الجمال.
رفعت عينيها إليه شاكرة ثم قالت:
- إن ذوق سها رائع.
أطلت سها برأسها من الباب:
- بل هو ذوق أخي... تصوري أنك الوحيدة التي إختار هديتها... أعتقد أنه إختار هذا اللون لأنه يليق بعينيك لم يقل هذا بالطبع لكنني تكهنت.
نظرت لأخيها بفرح و خرجت بسرعة ما أن وجه إليها نظرة نارية... لم يعرف كيف يصلح ما قالته إخته فقال:
- لقد لاحظت أن سها تميل إلى إختيار الهدايا الباهظة الثمن و كنت أعرف أنك لن تقبلي مني ما هو غالي.
إبتسمت:
- على كل حال أشكرك على هذه الهدية الجميلة...قد أحثك على البدء بالرواية القادمة لأحظى بهدية جميلة كهذه.
كانت محاولتها المزاح لتبديد التوتر فاشله فقد نظر يوسف إلى عينيها في صمت... بدون روايات بإمكانه أن يقدم لها كل هدايا الدنيا و هو راضٍ... صدمه تفكيره هذا فقال لها:
- سأعتبر هذا وعد منك بأن تساعديني في الرواية القادمة لننتهي منها بسرعة قياسية.
وصل لهم صوت سها عير الردهة:
- هيا يا شباب قبل أن أجهز على العشاء.
يتبعــــــــ






























قراءة ممتعة

roxan anna 05-13-2012 05:33 PM

الفصل التاسع

بئر الأسرار
خرجت إلهام مع سها التي قالت لها " إن كنت تكرهين ماله لهذه الدرجة يجب أن تصرفيها و بسرعة" فما كان من إلهام إلاً أن إبتسمت، كانتا في أحد المتاجر عندما تنهدت إلهام بغضب فقالت سها:
- أمازلت غاضبة من مشاجرتكما؟ لا أعرف لما لم تأخذي منه المال في صمت؟ لما جادلته؟
- سها... أنا التي تسببت في كسر يده لذلك أرى أنه من واجبي أن أساعده في الرواية... لم يكن الأمر يستحق أن يعطيني أجر... يكفي أنني موجودة في منزله منذ ثلاثة أشهر دون أن أدفع قرش.
ضحكت سها:
- عزيزة النفس... عزيزة النفس.
- ماذا قلتِ؟
- لابد أن هذا سبب غضب أخي... لقد أربكتيه فأنتِ نوع جديد لم يسبق له التعامل معه... نفسك عزيزة يا أختاه.
قالت بإعتراض:
- بلا سخرية سها...
قاطعتها:
- لا أنا لا أسخر... مر على أخي الكثير من الأنواع... في بداية حياته كان كأي شاب يملك من سلامة النيه ما يكفي قبيلة كاملة لكنه جُرح كثيراً و نال من الصفعات ما يكفي لذلك بنى جداره الواقي و الذي من أعمدته الأساسية عدم الوثوق بإمرأة...مؤكد أنه رآى عدم قبولك للمال تصرف غير مألوف لم يستطع التعامل معه إلاّ بالغضب و الصياح .... الآن دعينا من كل هذا و هيا لنتسوق أريد أن نتأنق.
- و ما المناسبة؟
- غير ضروري وجود مناسبة...
صمتت قليلاً ثم قالت:
- إسمعي الآن يوسف في أجازة قد أجبره على إصطحابنا إلى السينما أو المسرح... أو... أو أي شئ قد يخطر في بالنا و بعدها نتناول العشاء خارجا.
بعد أن أنتهت جولة التسوق إصطحبت سها إلهام إلى المزين (لتعتنيا بجمالهما) على حد قول سها ، ما أن عادتا للمنزل حتى توجهت إلهام إلى غرفتها و أمسكت القلم " فقد ثقته بالنساء بعد التعرض للكثير من خيبات الأمل...." توقفت تفكر ما عساها تضيف لكنها إكتفت بهذه الجملة للآن فلابد أن هناك المزيد فلا داعي لكتابة الكثير من الكلام الذي لا أهمية له إلاّ الحشو.
إرتدت إلهام فستان كان من إختيار سها... كانت تجلس أمام المرآه عندما دخلت سها في أبهى صورة:
- إلهام ... هل إنتهيتِ؟
- لا ... أمامي عشرة دقائق.
جلست سها على السرير:
- حسناً لكن أسرعي لأن يوسف و محمد في إنتظارنا.... لن تصدقي... لقد أقنعت يوسف أن يأخذنا للسينما و بعدها سوف نتعشى.... إحزري أين؟
- أين؟
- في بيتزا هت.
ضحكت إلهام فقالت سها:
- أعلم... أنا نفسي لا أتصور أخي إلا في أرقى المطاعم التى يرتادها كبار السن لا الشباب .... لكنني تحديت نفسي بأن أقنعه.
قالت إلهام بهدوء:
- لا يدهشني الأمر.
سألتها سها بدهشة:
- حقاً؟؟!!
- نعم... فبالرغم من عناد أخيكِ الكبير و تمسكه برأيه إلاً أنه أمامك... لا أعرف ما أقول... بإمكانك أن تديريه حول إصبعك.
ضحكت سها:
- ما أجمله من تعبير.... لا تدعي يوسف يسمعك.
تصنعت إلهام الرهبة:
- لا سمح الله.
- هيا أسرعي.
- حسناً حسناً...سها أخبريني لماذا إنفجر غضب أخيكِ و هو يأمر البستاني أن يقطع تلك الشجرة الغريبة؟
- شجرة سوسن؟
- شجرة من؟
- لقد أمرت سوسن بزراعة تلك الشجرة و كانت على عكس الكل معجبة بمنظرها ... لكنني لم أحبها أبداً و يوسف أيضاً كرهها فلها منظر شيطاني بأغصانها المتشابكة و أشواكها.... كان يوسف يقول أن سوسن تحبها لأنها لا ترى بشاعتها فهي تشبهها.
كتمت إلهام شهقة دهشة كادت تخرج منها... أمضت معظم السهرة صامته... تُرى ماذا ستكتشف بعد عن حياة يوسف عياش التي يبدو أنها مليئة بالأسرار... هوه نفسه يبدو كبئر من الأسرار، قطع أفكارها صوت يوسف الذي مال ناحيتها هامساً:
- أريد أن أعتذر عن إنفجاري بكِ صباحاً.
إستدارت تنظر له:
- لا عليك لقد نسيت الأمر.
- إذن لما الشرود؟ إنك بالكاد شاركت بالحديث كما أنك لم تمسي طعامك.
رسمت إبتسامة على وجهها:
- يبدو أن معدتي تعودت على طعام توحه العالي الجودة فلم يعد يرضيني ما تقدمه المطاعم.
كوفئت على جملتها بإبتسامة رائعة حملت قلبها على التخبط بين ضلوعها:
- يجب أن تخبريها بما قلته فهذا سيسعدها.
تدخلت سها:
- بماذا تتهامسان؟
إحمر وجه إلهام... لقد كانا يتحدثان همساً بالفعل... ما هذا الإحراج، قال يوسف:
- كنت أعتذر لها عن ثورتي الرهيبة... كما أنني أطري ذوقكم الرائع .
نظر لزوج اخته:
- أليس كذلك يا محمد... على طاولتنا فاتنتان.
أومأ محمد برأسه مبتسماً و هو ينظر لزوجته بمحبة، بينما أكمل يوسف:
- هيا لنعيدهما للمنزل قبل أن تخطفان منا.
قالت سها بإعتراض:
- أيها الماكر... هذا التملق لتعيدنا إلى المنزل... هيا لنتمشى على البحر قليلاً.
و كان لسها ما أرادت.... تأبطت ذراع زوجها و أسرعا الخطى و هذا ما ترك إلهام وحيدة مع يوسف نظرت إلى ظهر سها بنجدة فابتسم يوسف:
- أظن أنها لن تسمع نجداتك الصامتة.
نظرت له بتساؤل فقال:
- سها... إنها الآن في عالم آخر و لن تفكر للحظة أنها تركتنا وحيدان.
إحمر وجه إلهام:
- لا... إن الأمر...
صمتت وقد إزداد إرتباكها فقال:
- لا عليكِ... إسترخي و الآن حدثيني عنك.
في البداية دهشت إلهام من سؤاله الذي يتناقض مع طبيعته المنطوية.... يبدو أنها أحرزت تقدماً رهيباً و دون أن تشعر... قد تحصل على المعلومات التي تحتاجها من يوسف نفسه لا من اخته لكنها عادت و إستبعدت الأمر.
قال يوسف:
- إذا كان يضايقك أن تتحدثي...
قاطعته مسرعة:
- لا... أبداً... أبداً.
فكرت إلهام أن الكذب لن ينفعها لذلك ستخبره بالحقيقة شرط أن يبتعدا عن موضوع عملها:
- حياتي خالية من الأحداث المثيرة باستثناء الحادث العظيم الذي وقع لي في الفترة الأخيرة.
ابتسم يوسف:
- ذلك الحادث الذي صدمك فيه رجل مجنون كان مسرعاً بسيارته؟؟!!
ضحكت إلهام... إذن فهو يملك حس دعابة كاخته!!! قالت من بين ضحكاتها:
- أظن ذلك لكن لا أعتقد أنه يمكن وصفه بالمجنون.
نظر لها و هي تضحك و حبس أنفاسه... لابد أن صدى هذه الضحكة لن يتركه لأيام:
- حسناً هل لكِ أن تخبري ذلك الرجل الذي لا يمكنك وصفه بالمجنون عن حياتك الخالية من الأحداث؟
- حسناً... من أين سأبدأ؟... توفى والدي و والدتي إثر حادث سيارة و ذلك ما تركني أنا و نشوى فقط... أنا أكبرها بثمان سنوات كنت في سنتي الدراسية الأخيرة عندما حدث ذلك الحادث المروع لوالدي و هكذا عملت و إعتنيت باختي و بالطبع ساعدني في ذلك بعض المدخرات التي كان والدي أودعها بإسمي لكنني لم أستطع إستخدامها إلا بعد أن بلغت الواحدة و العشرين.
- منذ فترة قصيرة؟
رفعت إحدى حاجباها:
- أعتقد أن هذا السؤال الملتوي يا أستاذ يوسف هدفه أن تستعلم عن عمري أليس كذلك؟
- فتاة ذكية.
ابتسمت:
- بإمكانك أن تقول لي مباشرةً كم عمرك بدلاً من أن تجاملني و أنت تحاول أن تقول لي أنني أبدو أصغر سناً.
- برأيي أنت لا تتجاوزين العشرين.
ابتسمت:
- لقد كنت في العشرين منذ ست سنوات يا أستاذ يوسف.
- لابد أنك تمزحين آنستي الصغيرة.
نظرت له... آنسته الصغيرة؟، إحمر وجهها خجلاً يجب أن أتحدث لأبدد هذا الإحراج:
- آنستك الصغيرة؟ لا أعتقد أستاذ يوسف أن كلمة الصغيرة تنطبق علي.
- أريد أن أخبرك أمران الأول أنك فعلا تبدين ليس لي فقط بل لكل من يراكِ صغيرة السن... قد لا يكون سن السادسة و العشرون سن كبيرة لكنها تبدو كبيرة عليكِ أما الأمر الثاني هو مناداتك لي بذلك الإسم (إستاذ يوسف) لا أرى داعياً له... إنه يشعرني بأنني صرت كهلاً.
ضحكت:
- لقد كنت أظنك كذلك حقاً.
نظر لها بإمعان:
- ماذا؟
صمتت... يا إلهي ما الذي قلته لكنها أسرعت تقول بحنكة:
- قد تظن أنك غير مشهور لكنك مشهور حتى في الأوساط النسائية فرواياتك في كل المكتبات... عندما سمعت عنك و قرأت إحدى رواياتك تخيلتك رجل عجوز قد دب الشيب في شعره...
صمتت فقال لها و قد بانت التسلية في عينيه:
- أكملي لماذا توقفتي؟ و هي تخيلتني أمشي مستنداً على عصا و قد إنحنى ظهري.
قالت و هي تكبت ضحكة:
- في الحقيقة لا لقد تصورتك على كرسي متحرك.
رمى رأسه إلى الوراء و إنفجر ضاحكاً.... توقفت سها و إلتفتت إلى أخيها ثم تابعت سيرها و هي تقول لزوجها:
- أرأيت يا محمد.... إنها المرة الأولى منذ سنوات التي أرى فيها يوسف خالي البال بهذه الصورة لقد كنت قد نسيت صوت ضحكته الرنانة تلك.
- لكل شئ نهاية يا عزيزتي و أعتقد أن نهاية الكآبة و الحزن اللذين أحاطهما يوسف بنفسه قد حانت...
- نعم و على يدي إلهام.
ابتسم محمد:
- يبدو أنكِ صرت متبصرة يا حبيبتي.... لقد سعيتِ منذ البداية أن تقربيهما و كأنك كنت تعلمين أن مفتاح قلب يوسف مع إلهام.
قالت و هي تتصنع الغرور:
- بإمكانك قول هذا.
عنفها ممازحاً:
- أيتها التعجرفة المغرورة.
سألته بدلال:
- متعرفة و مغرورة لكنك تحبني أليس كذلك؟
- و هل أنتِ بحاجة للسؤال؟ بالطبع أحبك.
تعلقت بذراع زوجها و أسرعت الخطى تاركة خلفها يوسف و إلهام اللذين لم يتوقفا عن الحديث.
قال يوسف بإعتراض:
- لقد كنتِ تتحدثين عن نفسك و كيف إنتهى بنا الأمر و نحن نتحدث عني.
قالت و هي تتصنع البراءة:
- لا أعلم.... يبدو لي يا أستاذ يوسف....
قاطعها:
- يوسف.... ألم نتفق.
- حسناً... يبدو لي أنك...
قاطعها مرة أخرى:
- لقد تجاوزت إسمي... هيا قوليها.
صمتت ثم قالت:
- يو...سـ...ف
شاكسها:
- إنك ممتازة في التهجئة.
إنه يسخر منها... نظرت له بدهشة إنه مختلف تماماً هذه الليلة و يبدو لها أنها سيندم لاحقاً على هذا الحديث قطع أفكارها:
- هيا أخبريني ماذا يبدو لكِ.
- أتصدقني إن قلت لكِ أنني نسيت؟
ضحك ثم قال ممازحاً:
- بل أصدقك... إنه سحري.
كادت تقول له فعلاً ... معك حق لكنها عضت على لسانها بينما قال:
- كنت أتساءل عن كيفية إنتهاء الأمر إلى أن أتكلم أنا عن نفسي و أنت تستمعين.
قالت:
- اهاااا تذكرت... يبدو لي يا يوسف أنني من الأسخاص الذي يرتاح المرء في وجودهم لذلك تراك تحدثت عن نفسك.
ابتسم:
- مغرورة لكن مرحى لك.
- مرحى لي؟
- نعم لقد قلت إسمي بكل براعة يبدو أن تمارين التهجئة أفادتك.
إرتبكت إلهام هل نادته بإسمه مجرداً... نظر إلى وجهها المعبر لابد أنها لم تنتبه إلى فعلتها قالت بسرعة:
- هيا.... هيا بنا لنلحق بسها و محمد.
سبقته بسرعة بينما إستمر في المشي بهدوء و هو يتساءل على سر هذه الفتاة ليشعر معها بتلك الراحة... الراحة التي لم يذق طعمها منذ أمد... الراحة و الشعور بالأمان و عدم توقع الغدر.
حثت إلهام خطاها و هي غاضبة من نفسها... طالما كنت متحكمة في نفسي و مسيطرة على إنفعالاتي... ماذا في هذا الرجل يدفعني إلى الأرتباك كتلميذة مدرسة ساذجة... و تعليقاته... لماذا أحمرت خجلاً عند سماعها؟
************************
عندما أصبحت إلهام في غرفتها أخرجت أوراقها و أخذت تكتب كل ما عرفته اليوم.... اليوم هو يوم الأسرار العالمي و كأن البئر قد فاض بكل ما فيه لكنها متأكدة أنه مازال هناك المزيد، بعد أن إنتهت إندست تحت الأغطية محاولةً النوم بلا فائدة ... جلست في فراشها تسترجع ذكرى تلك التمشية الساحرة و عاد لها ذلك الشعور بالذنب لما تفعله فيوسف لا يستحق أبداً ما ستفعله به.
إستلقى يوسف في فراشه و قد تصارع شعورين في صدره... شعور بالسعادة لذلك الحديث مع تلك الفتاة الساحرة و شعور بالغضب لسماحه لنفسه بأن ينفتح بتلك الصورة، كما قالت إنها فتاة يسهل الحديث معها فهي تبعث على الراحة.... لكنه عاد و قرر أن يغلق الأبواب على أسرار حياته التي لم تكن تحمل إلاّ الألم فإنكشافها لن يجلب إلاً المزيد و المزيد من الألم.

يتبعــــــــ........


تمنياتي بقراءة ممتعة


roxan anna 05-14-2012 01:23 PM


لماذا التجهم؟
ما أن نزلت إلهام إلى المطبخ حتى وجدت سها التي قالت لها هامسة و كأنها طفل يتآمر:
- لقد إستيقظ أخي اليوم في مزاج متعكر و كأن أحداً ضربه على رأسه..... إننا جميعاً نتجنبه و أنصحك أن تتجنبيه أنت الأخرى.
- هل الأمر بهذا السوء.
- إنتظري و سوف ترين.
في غرفة الطعام جلس الأربعة _سها و محمد و إلهام و يوسف_ يتناولون الطعام في صمت... كانت إلهام ستقوم بسؤال يوسف متى سيبدأ في روايته الجديدة و هل سيسمح لها بأنه تساعده في العمل بعد أن تعافت يده لكن بعد أن أجاب عن تحيتها الصباحية بنظرة متجهمة عدلت عن نيتها في الحديث معه.
ما به هذا الرجل؟ هل إستكثر على من حوله ليلة من السلام قضاها معهم ها هو يبدأ اليوم التالي بتسديد النظرات الغاضبة يميناً و يساراً؟ أم تراه الندم؟ مؤكد أنه يشعر بالندم بسبب حديثهما العفوي الملي بالمزاح.... زفرت بضيف فلعينني الله فيبدو أنني سوف أدفع ثمن لطفه القصير غالياً.
بعد الغداء إستأذن يوسف منسحباً إلى مكتبه..... خرج محمد للقاء عميل و جلست إلهام مع سها في الحديقة و كالعادة أغرقتها سها بالمعلومات عن حياتهم و لم تستطع إلهام إيقافها، قالت سها:
- و هكذا ترين أن يوسف يظن نفسه يشبه والدي؟
لم تستطع منع نفسها من السؤال:
- و كيف ذلك؟
- ألم أخبرك أن سوسن إنتحرت؟
- نعم... و لكن ذلك لا صله له....
قاطعتها سها:
- إن يوسف يرى أنه هو الذي دفعها لذلك... و طبعا هذه نظرة غير صائبه فقد كنت موجودة لقد كان يعاملها كأنها من الكريستال القابل للكسر... بحنان و حرص و إهتمام.
فكرت إلهام.... حنان؟ لا يمكنها تخيل صاحب الوجه المتجهم الذي كاد ينفث في وجوههم النار صباحاً و هو يغدق أحداً بالحنان... عادت للتركيز فيما تقوله سها:
- حتى بعدما تغيرت سوسن و لو تعد تلك الفتاة البريئة الحلوة التي كانت تدعيها إستمر في معاملتها معاملة طيبة... بذل كل ما يستطيع لكي ينجح زواجهما لكنه فشل لأن سوسن لم تكن الفتاة التي أوهمتنا.
قالت إلهام بنفاذ صبر:
- مازلت لا أرى صلة لما تقولينه بوالدك.
صمتت سها كأنها تفكر هل يجب أن تتكلم أم لا لكنها في النهاية إستسلمت لرغبتها في مشاركة إلهام بما تعلم:
- لقد إنتحرت والدتي أيضاً.
شهقت إلهام بذعر... و كم تمنت أن تصمت سها و لا تكمل ما تقوله لكن فات الأوان لأنها تابعت:
- كانت والدتي على حسب قول توحه سيدة مرحة لم تكن تتوقف عن الضحك و الإبتسام كان زواجها من أبي زواج مدبر لكنهما ما لبثا أن أغرما ببعضهما البعض بجنون... بعد ولادة أخي إزدادت فرحتهم حتى أن والدتي كانت دوماً ما تقول لتوحه أنها تشعر أنها تعيش حلم جميل تخشى أن تستفيق منه ... بعد عشر سنوات جئت أنا للدنيا و إستمرت السعادة خمس سنوات و بعدها بدأت الأمور تتغير إنشغل والدي بالعمل و لم يعد يتواجد في البيت فأصاب إمي الحزن و بدأت في تفريغ إحباطها على يوسف بالصراخ و الصياح و التأنيب... حاولت أن تقرب المسافات مع والدي لكن العلاقة بينهما لم تعد كما كانت قط و عندما بلغت العاشرة إنتحرت والدتي... لا أعلم ما حدث بينهما لكنني أظن يوسف يعلم لقد أحدث إنتحارها شرخاً في دروع أخي و جاءت سوسن لتجهز عليه.
لم تحتمل إلهام كل هذا الكم من المآسي... لقد توقعت أن تكون حياة يوسف لغز لكن أن تحمل هذا الكم من المصائب فلم تكن تتخيل ، قالت سها:
- يوسف من وجدها ميته في غرفتها... لقد أخذت علبتين أقراص منومه.
شهقت إلهام:
- ياإلهي... ياإلهي.
- هل إنتهيت من سرد تاريخ عائلتنا المشرف على الآنسة إلهام؟
قفزت الفتاتان ما أن سمعتا صوت يوسف الراعد الذي كان يقطر غضباً، نظر إلى إلهام:
- آنسة مشيرة أريد أن أراكِ في مكتبي.
نظر إلى أخته و الشرر يتطاير من عينيه:
- أما أنتِ فلنا حديث في وقت آخر.
جلست سها منكمشه في كرسيها بعد أن إستدار يوسف و إتجه إلى المنزل نظرت سها إلى إلهام و إبتسمت فهمست إلهام:
- أيتها المخادعة... تمثلين دور الخائفة المرتعدة و أنت تشعرين بالتسلية لما يحدث.
- إن نجوتِ من بين يدي أخي أريدك أن تحكي لي ما حدث بالتفصيل.
رفعت يديها إلى السماء:
- سها... إنك إنسانة ميئوس منها أين هو زوجك ليرى ما فعلت؟
*******************
دخلت إلهام غرفة المكتب... كان يوسف يقف أمام النافذة و قد بدى غافل عن كل ما حوله، وقفت إلهام بالباب محدقة في ظهره إنتفضت عندما قال بصوت غليظ عبر عن الغضب الذي يحاول كبته:
- إدخلي و أغلقي الباب وراءك.
بعد أن نفذت ما قاله أمرها بنفس اللهجة:
- إجلسي.
كانت في طريقها إلى أحد الكراسي لكنها توقفت و قد تملكها الغضب... إنها ليست دمية ليتحكم بها مصدراً الأومر... كما أنها ليست جبانه لتخافه قالت بحدة:
- أفضل الوقوف...يوسف.
تعمدت إضافة إسمه و كأنما لتذكره بالليلة السابقة، إلتفت لها بحدة و شدد على كلامه:
- آنسة إلهام أتمنى لو تتفضلي و تجلسي ....
قاطعته:
- لا أعرف لما الإصرار على جلوسي هل لتتمكن من خنقي بسهولة... أوكد لك أن بإمكانك إنجاز المهمة و أنا واقفة.
نظر لها بذهول سرعان ما إختفى ليعود الجمود إلى وجهه:
- لا تغريني بالفكرة.
وقفا ينظران لبعضهما البعض كعدوان مستعدان لإشهار الأسلحة لكنها رضخت و جلست:
- و الآن هل لي أن أعرف ما الموضوع؟
تمنت أن يتحدث من مكانه لكن أملها خاب عندما تقدم و جلس على طرف المكتب، قال:
- عندما وصلت كانت اختي تخبرك بأسراري السوداء.
- لا أعتقد أنه يمكننا أن نطلق عليها سوداء.
- بل هي كذلك بالنسبه للكثير من الناس لذلك أحب أن أبقيها في الخفاء.
- لكنها ليست كذلك بالنسبة لي.... لكل منا أسرار في حياته و رغبتنا في إخفائها لا تجعل منها أمور (سوداء) ... أمور يجب أن نخجل منها.
- أرى أن بعد جلستك مع أختي بدأتي في تحليلي نفسياً.
- لا... كل ما في الأمر أنك تعطي الأمور أكبر من حجمها و تتمتع بالرثاء على نفسك.... إنظر إلى نفسك بالرغم من ليلة الأمس الرائعة ها أنت تستيقظ صباحاً لتعزل نفسك عن الجميع و كأنك تقول ((لا تفرحوا بما حدث فأنا لن أتغير)) و هذا العبوس... بحق الله لما التجهم؟؟؟
إشتعلت عيناه:
- أنتِ لا تعرفين عن ماذا تتكلمين.
- لا؟...أعتقد أنه طاب لك أن تعيش في قوقعتك الخاصة مدعياً أن هذا نوع من الحفاظ على الذات بينما هو هروب.... جبن...
صمتت عندما قفز من على المكتب و أمسك بكتفيها بغضب:
- أيتها الحمقاء الصغيرة... إنك تتكلمين و كأن حياتي هي النعيم و أنا أصر على تحويلها لجحيم بإرادتي...
قالت بهدوء:
- كل منا يصنع نعيمه الخاص أو جحيمه و إذا إخترت أنت أن تعيش في العذاب فلا جدوى....
هزّها بقوة:
- أتظنين أنه يطيب لي أن ترافقني الكوابيس كل ليلة.... أتظنين أنه شعور جميل أن تحسي أن كل تلمسينه يموت... كل إهتممت لأمره يصبح في النهاية إلى ماضي.... ماضي محطم مجرد التفكير فيه يعذب روحك.
تسمرت إلهام في مكانها مصعوقة... كان يوسف يشتعل غضباً... بل كان كل جسمه يرتجف من الغضب، لم تتخيل إلهام أن ترى هذا الرجل المسيطر يفقد السيطرة على أعصابه، تركها فجأة فإنهارت على الكرسي... إبتعد عنها و أخذ يذرع الغرفة ذهاباً و إياباً كأنه أسد محبوس في قفص، تخلل شعره بأصابعه في حركة عصبية:
- تظنين أنك عالمة بالأمور.... حسناً سوف أخبرك بالصورة كاملة.
قالت بذعر:
- لا أريد أن اعرف شئ.
- بل ستسمعين... أنت من طلبت ذلك...
- لا.... أنا لم أطلب من سها أن تخبرني بشئ.
صاح:
- ياللبراءة... لابد أنك شجعتها...
هبت واقفة و صاحت به في غضب:
- لا تبدأ في إلقاء الإتهامات يا سيد...
- سيد؟ و أين ذهبت المناداة بالإسم الأول.
صاحت به:
- يالك من لئيم... إذهب أنت و أسرار إلى جهنم... و إعلم أنني لم أشجع أختك على أن تقول كلمة فهي على خلاف أخيها لا تملك عقداً نفسية تمنعها من الحديث عن الماضي كأنه شبح.
رعد صوته في الغرفة:
- كاذبة... لو أردت أن تسكتيها لإستطعتِ.
- لن أسمح لك بإهانتي.
- و أنا لم أطلب منك الإذن سأقول ما أريده.
إقتحمت فتحية الغرفة و في أعقابها سها سألا بذعر:
- ماذا يحدث؟
إلتفتت إلهام و يوسف و قالا في وقت واحد:
- لا شئ.
توجهت إلهام للباب:
- إنني راحلة.
أمسك يوسف ذراعها:
- بل ستبقين حتى أنتهي من كلامي.
دهشت فتحية و سها من تصرف يوسف إلتفت لهما:
- و أنتما... إلى الخارج.
هتفت به توحه:
- حسناً لكن لا تسئ التصرف أيها الولد.
نظرت إلى إلهام و قالت بصرامة:
- لو ضايقك ناديني.
إنسحبا و أغلقا الباب بهدوء فقالت إلهام بعنف:
- إسمعت يا سيد عيّاش لا تعتقد أن بإمكانك إرهابي بالصراخ... أنا لا أخافك.
نظر لها بإعجاب ما لبث أن إختفى سريعاً... عندما هم بالكلام قاطعته:
- معك حق... لقد أخطأت لأنني لم أوقفها عن الكلام لكن مؤكد أنك لا تغفل عن أختك... عندما تبدأ بالكلام لا يستطيع أحد أن يوقفها...و بالرغم من كل شئ لم يكن لك الحق في إهانتي.
- لكن لك أنتِ هذا الحق في إهانتي و نعتي بكل النعوت و إتهامي بانني أستمتع بالتمرغ في الرثاء على نفسي.
- أوليس هذا صحيحاً.
أجفلت عندما صاح بها:
- لا ليس صحيحاً.... إعذريني إن قطعت عليكِ تمثيلك دور المحلل النفسي.... سوف أخبرك ما لم تخبرك به سها و ما لن يخبرك به أحد.
قالت بسخرية غاضبة:
- إعذرني لا أريد هذا الإمتياز.
- أنا لا أسألك.... بما أنك سمعت القصة فلزام عليكِ أن تسمعيها للنهاية قد تريني الجانب المضئ منها.... من يدري قد تنجحين في النهاية و تقنعيني بعدم وجوب التجهم.
إنه يسخر منها ... حسناً سوف تسمعه في النهاية و مهما كان ما سيقوله لا تعتقد أنه سيكون أكثر بشاعة من ما سمعته من سها، إجتاحت الظلمة عينيه و جلس مشيراً لها بأن تجلس فلم تعارضه:
- أعتقد أن سها أخبرتك ان سوسن إنتحرت.
- نعم كما أخبرتني أن والدتك أنتحرت و رأيي أنه ليس بالضرورة أن يكون للأمران صلة ببعضهما.... كما أنه لا يبرر كرهك العميق للنساء.
نظر لها بتساؤل فقالت له:
- نعم و لا تنكر ذلك.... أكاد أوقن أنه لولا قدمي و ذراعي المكسورتان لكنت القيت بي خارج منزلك من اللحظة الأولى هذا إن إستقبلتني من الأصل هذا بدون ذكر تجهمك الدائم و كأنك نسيت كيف يكون الإبتسام.
- و هل هناك ما يسدعي الإبتسام؟سالتيني لما التجهم؟ سأخبرك لما التجهم.... ما رأيك برؤية والدتي و هي تخون والدي رداً على إهماله لها... ما رأيك بموتها و هي بين يدي و مشاهدتي لوالدي يذوي من بعد موتها و كأنه يعاقب نفسه....
صاح هادراً:
- لا أعلم من ألوم منهما فهما الإثنان أجرما في حق بعضهما.... و ما رأيت بيعودة الأمل على يد زوجتي الجميلة التي تحولت مع مرور الوقت لنسخة من والدتي مع إختلاف أنني لم أميت نفسي حزناً عليها... كنت أشبه والدي في دفع زوجتي لقتل نفسها لكنني لم أتمادي لقتل نفسي من أجلها فهي لا تستحق... لا توجد إمرأة على وجه الأرض تستحق....
كان جسده يهتز بصورة كبيرة و قد هب واقفاً و كأنه لم يحتمل الجلوس أكثر من ذلك.... أمسكت بذراعه فوجدته يرتجف:
- إهدأ... إهدأ.
نظر إلى يدها الصغيرة التي تغطي يده .... حاول نفض يدها رافضاً المواساة التي تقدمها له... لا يريد حنانها... لا يريد الحنان من أحد فهو سم ذاقه مرتين... و كأنها قرأت أفكاره شدت على يديه:
- كفى... لا أريد سماع المزيد.
جلس واضعاً رأسه بين يديه سمعها تقول هامسة:
- أعتذر... أعتذر عن ما قلته من قبل... صمتت قليلاً ثم قالت:
- لكن بالرغم من كل هذا هناك سؤال يلح علي.... لماذا التجهم؟
عندما رفع رأسه لم يجدها.... داعبت إبتسامة شفتيه و هز رأسه بعدم تصديق..... يالها من فتاة بالرغم من شجارهما العظيم تصر على المزاح و تلقي هذا السؤال كأنها تشاكسة ممازحة.... إعترف على كره منه أنها على حق... فمع وجود فتاة مثلها في حياته لا حاجه للعبوس... فلماذا التجهم؟


يتبعــــــــ.........


قراءة ممتعة

roxan anna 05-14-2012 01:38 PM

من أجلك توقفت عن التجهم فهلاّ….

أطلقت إلهام لساقيها الريح و لم تتوقف إلا في غرفتها…. أغلقت الباب و إستندت إليه لاهثة أغمضت عينيها و هي تفكر غير مصدقة… ماذا دهاني لأمازحه بهذه الصورة؟… إعترفت لنفسها إنها لم تتحمل رؤيته في تلك الحالة لقد بدى لها إنسان متصدع فتحت عينيها عندما سمعت صوت سها المرح:
- إعذريني إن قطعت عليكِ تأملاتك و لكن هل لي أن أعرف ماذا حدث؟ إريد تقرير مفصل عن حجم الأضرار.
كانت تجلس القرفصاء على السرير و قد إنفرج وجهها عن إبتسامة تسلية…. إذن فأنا و أخيها نتقاتل و هي تستمتع… حسناً، جلست على السرير صامتة فهزتها سها:
- هيا تكلمي.
نظرت إلهام إلى السقف و تصنعت التفكير فصاحت سها:
-إلهااااااااااااااااااام
نظرت لها:
- سها… بعد التفكير لا أظن أنني سأخبرك شئ.
صاحت بخيبة أمل:
- لااااااااااااا.
- نعم… كما أنني لا أريدك أن تخبريني عن حياة أخيك بعد اليوم.
دخل يوسف:
- لا أظن أن هناك ما يحتاج إلى المعرفة… لقد عرفت كل أسراري… على الأقل السوداء منها.
نظرت له بإرتباك… متى دخل؟... قالت له مؤنبة:
- ألم نتفق أنه ما من ألوان للأسرار لا سوداء و لا بيضاء.
تدخلت سها:
- مرحى لك يا فتاة…. إنها المرة الأولى التي أرى فيها أحداً غير توحه يخاطب أخي كأنه ولد يحتاج للتعليم.
أمسكها يوسف من أذنها:
- ألم يحن الوقت لتكبري يا فتاة… توقفي عن إلقاء هذه التعليقات …. لن يطول الوقت قبل أن ترزقي بأطفال.
ضحكت سها ثم قالت و هي تتصنع الألم:
- أخي إترك أذني إنك تؤلمني… إتركني و أعدك أن لا أذكّر إلهام أنك نعتها بالكاذبة.
إبتسمت إلهام لمنظر يوسف الذي أحمر وجهه غضباً…تركها و هو يقول غاضباً:
- هل قلت لكِ من قبل أن لسانك يسبق عقلك؟
- العدييييييد من المرات.
- حسناً… الآن إذهبي لزوجك إنه يبحث عنك في الأسفل.
بعد أن خرجت صمت يوسف كأنه يبحث عن الكلمات تكلمت إلهام في محاولة منها لقطع الصمت الذي ملأ المكان توتر:
- هل جئت لتطلب مني شئ؟
- لا… بل جئت لأعتذر.
- تعتذر؟
- نعم…. لقد خاطبتك بطريقة غير لائقة و نعتك بــ…. لا يهم دعينا ننسى ما نعتك به.
ضحكت فنظر لها… يالها من ضحكة جميلة… ألم يخبرها أحد من قبل كم هي فتاكة تلك الضحكة الرقيقة، توقفت عن الضحك و نظرت له… لماذا يحدق بها بهذه الطريقة الشاردة؟ قالت:
- لابد أن كل من في المنزل سمع شجارنا لكن لا تقلق القسم الأخير منه… صمتت فسألها:
- و لما القلق؟
- بدى لي أن ما أخبرتني به من أسرارك السوداء.
قال مبتسماً:
- ألم نتفق أنه لا الوان للأسرار.
ابتسمت فقال لها:
- لقد تعلم التلميذ الدرس.
- و ياله من تلميذ ذكي…. اسمع سيد يوسف.
- عدنا لمسألة الرسميات.
أنبته:
- هل ستدعوني لمناداتك بإسمك الأول و بعدها تعود للسخرية مني.
نظر للأرض:
- و هذه أيضاً أعتذر عنها.
- حسناً يوسف… أنا ايضاً أعتذر على كل ما قلته كما أعتذر عن لعبي دور المحللة النفسية.
- لكن إعترفي أن الأمر راق لكِ.
ما هذا إنه يمازحها!!! حسناً سوف تجاريه:
- نعم راق لي قبل أن تبدأ بالصراخ في وجهي.
ابتسم ثم أستدار و إتجه إلى الباب توقف عندما نادته:
- نعم؟
- هل ستعود للتهجم مرة أخرى؟
- ماذا تقولين؟
- ما سمعت؟ هل ستعود للتجهم مرة أخرى؟ عندما تمشينا البارحة و تحدثنا بكل بساطة و عفوية و تمازحنا واجهتني اليوم بوجه متغصن كأن صاحبه يعاني مشاكل الكون و هانحن عدنا و تحدثنا معاً بكل بساطة هل سيكون علي أن أستعد غدا لدفع ثمن هذا المزاح.
نظر لها… يالها من فتاة!!! لا يعلم كم من المرات سيقول هذه الكلمة لم يجرؤ أحد أن يتحدث معه بهذه الطريقة من قبل حتى زوجتة الراحلة… و لم يستطع إلا أن يعترف كم راقه الأمر قال:
- لا تقلقي … لن أعود للتجهم.
سألته مؤكدة:
- و لا العبوس؟
هز رأسه:
- و لا العبوس؟
- هل أعتبر هذا وعد؟
- وعد.
عندما وصل إلى الباب وقف و قال لها بتساؤل ساخر:
- لم أكن اعرف أنني أكون قبيح لهذه الدرجة عندما أعبس!!
قالت توحه التي ظهرت أمام الغرفة:
- أيها الفتى الأحمق… بل إنك لا تعرف كم تبدو جميلاً عندما تبتسم أليس كذلك يا صغيرتي؟
نظر يوسف لإلهام التي إحمر وجهها فبدت كفتاة صغيرة مراهقة هز رأسه و كأنما ليتخلص من سحرها و خرج.
قال توحه:
- سوف أقدم العشاء بعد ساعة لا تتأخري.
جلست إلهام تفكر…. ياله من يوم لم تكن تتوقع كل هذه الأمور و ما أفضى لها به يوسف… أخرجت الورقة و القلم و بدأت بالكتابة لكنها عندما وصلت لخيانة والدته تجاوزتها لا يمكنها حتى كتابة مثل هذا الأمر بعد أن إنتهت من كتابة ما عرفته اليوم رمت بالقلم و الدفتر… لا إن ما أفعله غير صائب لا يمكنني أن أفعل هذا في أي شخص و خاصة يوسف… خاصة؟ فكرت لماذا هو بالأخص؟ جلست على السرير و قد إنتابتها حالة من عدم التصديق… ترى هل تكون وقعت في حبه؟… لا لا إنها حماقة إنها لا تحتاج إلى مثل هذا التعقيد إن مشاكلها أكبر من أن تغرم بذلك الكاتب المعروف الذي من المفترض أنها تعد عنه تقرير… هزت رأسها و نهرت نفسها إستيقظي يا فتاة إنكِ في الحياة الواقعية و لست في فيلم سينمائي، أمسكت بالقلم و الدفتر و قرأت أخر سطرين ثم زفرت…. لا لا لا لن أفعلها، وضعت أوراقها في ظرف كبير و ضعته في حقيبتها سوف تذهب به إلى شقتها ثم أخرجت هاتفها و إتصلت بعوني… كادت تجبن و تنهي المكالمة لكن ما أن سمعت صوته حتى قالت له:
- سيد عوني أريد أن أراكِ غداً.
سألها بسعادة:
- هل ستسلمينني المقال…
قاطعته قبل أن يسترسل في الكلام:
- لا... أريد أن أتحدث معك بشأنه.
- أي حديث هذا؟ لقد بدأ صبري ينفذ إنك تسكنين في منزله منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
قالت بصرامة:
- سيد عوني إنتظرني في المنتزة الثانية عشر ظهراً …. أمام صالة البولينغ.
- حسناً… و من الأفضل لكِ و لأختك أن تجلبي معك المقال أو أخبار عنه.
- سيد عوني لا تبدأ بالتهديد… مضطرة أن أنهي المكالمة الآن.
بعد أن اغلقت الخط إتصلت بإختها التي بادرتها بالسؤال و قد بان المرح في صوتها:
- كيف حال أختي الكبيرة التي تلعب دور الجواسيس؟
حاولت أن تدخل المرح على صوتها:
- بخير؟… و كيف حال أختي الصغيرة التي تجتذب المشاكل كالمغناطيس؟
- بخير و مواظبة على دراستها علّها تكفر عن خطيأتها.
قالت إلهام بإحباط:
- بمناسبة الحديث عن تلك الخطيئة…. صمتت فحثتها نشوى:
- هيا أختي أخبريني هل فشلت في معرفة شئ عن يوسف؟
قالت إلهام و قد زادت الكآبة في صوتها:
- بالعكس عرفت عنه معلومات سوف تعد سبق صحفي ضخم لكن…. عندما صمتت قالت نشوى بتفهم:
- لكنك لا تسطيعين فعلها… إنها تخالف مبادئك أن تنشري حياة مرء على الملأ خاصة لو كان يجهد في إخفائها.
دهشت إلهام من إدراك أختها فحاولت المزاح:
- ما هذا التعقل؟... لقد صدمتني.
ضحكت نشوى لكنها ما لبثت أن عادت إلى جديتها:
- أختي… دعينا من المزاح و أخبريني ما يقلقك... إن الأمر يتجاوز ذلك.
طالما كانتا مقربتان و كان كل منهما تستطيع قراءة أفكار الأخرى… قالت إلهام شاردة:
- في البداية إستقبلني في بيته على كره منه فلولا إصابتي لرماني خارجاً… حتى أنني فكرت أنه يستحق ما سأفعله … لقد كدت أكتب عنه أبشع الأشياء ناسبةً أياها له دون أن يرف لي جفن لكن بعد أن عرفته….
إسترسلت إلهام في الكلام عن يوسف فأوقفتها نشوى.:
- هااااااي…. هااااااي….. توقفي يا فتاتي الحالمة…. صمتت ثم قالت:
- لقد وقعت في حبه.
وبختها إلهام:
- توقفي عن السخافة.
- أختي الكبيرة ...لا إنها ليست سخافة إنك تحبينه…
قالت إلهام محذرة:
- نشوووووى…
أخذت تهتف ضاحكة:
- أنتِ تحبينه…. أنتِ تحبينه.
- كفي كفي.
- أختي عاشقة… اختي عاااااااشقة.
أخذت إلهام تضحك لكن ضحكاتها إنلقبت إلى نحيب صامت صمتت نشوى:
- إلهام.....إلهام حبيبتي هل تبكين؟
- لا… لا يا عزيزتي.
- بل تبكين… اسمعي إنسي أمر المقال و ليذهب عوني إلى الجحيم.
- نشوى لا تتفوهي بمثل هذا الكلام.
- و من يأبه لآداب الكلام الآن … اسمعي ما اقوله لكِ… ما الذي سيحدث؟ هل سينشر صوري؟ و إن يكن أنا لست نجمة سينمائية أو عارضة أزياء… إنني لست مشهورة لن يهتم أحد….
قاطعتها إلهام:
- سوف أقابله غداً لكنني لا أستطيع أن أدعه ينشر مثل هذه الصور لكِ يا نشوى… لا أستطيع.
- أختي….
قاطعتها إلهام عندما سمعت طرقاً على الباب:
- نشوى سوف أكلمك مرة أخرى هناك من يطرق الباب لابد أنها سها.... إنها لا تعرف إنني أكمل هاتف نقال.
- حسناً أرسلي لها تحياتي …. لقد راقت لي قبل أن أراها… و إسمعي ما قلتله لك أخبري سها و يوسف أنك ستقابلينني غداً و إسحقي رئيسك الحشرة…
- حسناً… حسناً إلى اللقاء.
وضعت الهاتف في الحقيبة و قالت:
- إدخل.
ما أن أطلت سها بوجهها البشوش حتى قالت لها إلهام و هي تشير إلى الهاتف بجوار السرير:
- لقد كنت أتحدث مع نشوى إنها ترسل لكِ تحياتها.
قالت سها بخيبة أمل:
- كم كنت أود أن أتحدث إليها.
- حسناً مرة أخرى إنها تمكث عند إسرة صديقة لها حتى أدبر شقة لنا... سها هل عندك مانع أن أقترض سيارتك سوف أذهب للقاء نشوى غداً.
حبست أنفاسها خشية أن تقترح سها أن ترافقها لكنها أطلقتها بإرتياح ما أن قالت لها:
- لا مانع نهائياً و بلغيها سلامي كنت أريد أن أراها لكن بما أنكما لم تريا بعضكما منذ فترة سوف أؤجل اللقاء للمرة القادمة.
على العشاء جلس الكل يتبادلون الحديث و الدعابات و تحدثت سها بسخرية عن شجار إلهام و يوسف و الذي أسمته بالعاصفة الهوجاء.... لاحظت يوسف أن إلهام لم تشارك أبداً بالحديث و لم تمس طعامها... منذ نزلت من غرفتها و هي شاردة كأنها في عالم آخر و عندما حاول أن يشركها في الحديث كانت تجيب بكلمات مختصرة لتعود إلى صمتها و...شرودها.
إنتقلوا إلى غرفة الجلوس يتناولوا الشاي ، نظر يوسف إلى إلهام و هو يقدم لها الشاي فوجدها على نفس الحالة حتى أنها كادت تسكب الشاي على نفسها فأسرع و رمى بالفنجان بعيداً عنها صرخت:
- ياإلهي... أنا آسفة.
نزعت المنديل الذي ربطت به شعرها و أسرعت تمسح يده:
- لابد أن الشاي آذاك... أنا... أنا آسفه.
نظر إلى رأسها المحنى على يده و شعرها الذي غطى وجهها...أوقفها:
- لا بأس لم يحدث شئ.
توجه إلى الباب:
- سوف أضع عليها بعض الماء البارد و أعود.
غسل يديه و وجهه بالماء البارد لكنه لم يستطع أن يخرج قلبه من صدره ليضعه تحت شلال المياه الباردة علّها تطفي من لهيبه... يا إلهي... عندما شدت المنديل من شعرها فإنتشر كالشلال حول وجهها ... شلال أسود شديد اللمعان يتناقض بشكل صارخ مع عينيها العسليتان اللتان أغرقهما الشرود... إنها ليست المرة الأولى التي يرى فيها شعر إمرأة لكن ما الذي شعر به.... وبخ نفسه... إنضج يا رجل؟ هل عدت للمراهقة؟ ، إنتشلته توحه من أفكاره:
- أيها الصبي هل ستظل ساهماً محدقاً في صنبور الماء كأنه حورية بحر... هل وقعت في غرامه إنه في مطبخك منذ سنوات لكن لم أرك تنظر له بمثل هذه اللهفة من قبل!!.
قال بإعتراض:
- تووووحه توقفي عن هذه السخرية و لو ليوم واحد و سوف أهديك عقد من الألماس.
قالت بمشاكسة:
- أنت تعلم أنني لا أستطيع فكما تحيا بالهواء أنا أحيا بسخريتي منك أيها الصبي.... هيا إذهب لقد بدأت سها بإحداث ضجة حول غيابك إنها تحاول جر إلهام للحديث بينما تبدو المسكينه تفضل الصمت... ما بها تلك الصغيرة اليوم؟
- لا أعلم.
- حسناً أسرع لأنها تظن أنها أصابت يدك بحرق من الدرجة الثانية....همهمت:
- إنها لا تعلم أن الحروق في قلبك و من الدرجة الثالثة.
- ماذا قلت؟
- لا شئ هيا إغرب عن وجهي أيها الصبي.
إنهمكت في تنظيف الأطباق فناداها:
- توحه.
ردت عليه دون أن تلتفت له:
- ممممم؟
- شكراً لكِ على طردك لي من مطبخي.
- أنت على الرحب و السعه.
- و أمر آخر.
قالت بنفاذ صبر و هي مشغولة بجلي الصحون:
- ماذا؟
- توقفي عن مناداتي بالصبي و كل هذا لمجرد أن تشعري نفسك بأنك أصغر سناً.
إلتفتت له لترشه بالماء فخرج راكضاً و هو يضحك...
لم تحتمل إلهام الجلوس و سماع نكات سها دون القدرة على سماعها أو التفاعل معها فلقائها مع عوني يشغل تفكيرها و يؤرقها إستأنت لتصعد إلى غرفتها و بعد إلحاح عميق تركتها سها كانت تخرج من غرفة الجلوس عندما خرج يوسف راكضاً من المطبخ و هو يضحك... كان ينظر إلى المطبخ لذلك لم ينتبه لها... لم تستطع أن تتلافى الإصطدام و فجأة وجدت نفسها بين ذراعيه، نظر يوسف إلى عينيها التي إتسعتا ذعراً وضع يديه على كتفيها ليثبتها لكنهما وقعا أرضاً... هبت واقفة:
- أنا... أنا آسفة.
إتجهت إلى السلم بسرعة البرق إلا أنه كان أسرع منها و قطع عليها الطريق:
- إلى أين؟
- إلى غرفتي.
- لكن الوقت مازال مبكراً... هل تشعرين بتوعك؟
- لا... لكن....
قاطعها:
- إذن تعالي و إجلسي معنا قليلاً... أعتذر عن هذا الصدام الرهيب لكن توحه كانت ترشني بالماء.
مرر يده على شعره الذي لاحظت أنه مبتل، إستغل أنهما بعيداً عن مسامع اخته و سألها:
- لما الشرود؟
- شرود؟
- نعم إنك شاردة طوال الليلة حتى أنك لم تتناولي عشائك... هل أفسد شجارنا شهيتك؟
هزت رأسها فسألها:
- إذن لماذا تبدين لي كأنك لست معنا؟
- لا شئ من هذا... هيا لنعود إلى الداخل.
عندما دخلا الغرفة قالت سها:
- حمداً لله أنك إستطعت إقناع الشاردة أن تعود لتجلس معنا...أهلاً بك وسط أهل الأرض.
كانت إلهام تتقدمه أسرع الخطى و أقترب منها هامساً من فوق كتفها:
- أرأيتِ أنني محق... حتى سها قالت أنك شاردة.
تحدثا عن أعمال محمد و الذي قال أنها شارفت على الإنتهاء و سوف يتعين عليه أن يعود هو و سها إلى بيتهما فأسرعت سها تغير الموضوع و تتحدث عن أعمال أخيها... كل هذا و إلهام صامتة.
وقف يوسف يصب الشاي لأخته ناولها فنجانها و هو يخاطب زوجها:
- زوجتك تشرب الشاي كأنه ماء حاول أن تقضي على هذه العادة قبل أن يولد أطفالكما يطالبان بالشاي بدلاً من الحليب.
ضحكت سها.... صب فنجان آخر لإلهام هذه المرة وضعه في يدها و لف أصابعه حول يدها كأنه يحكم قبضتها حوله قالت له:
- لا تقلق لن أوقعه عليك.
- و من قال إنني أقلق إنني أرحب بشايك علي .
جلس بجوارها قالت له ممازحة:
- و إذا أصيبت يدك بالحروق من سيكتب لك روايتك التالية.
- لدي مساعدة ماهرة... كما أنها ملهمة أيضاً قد أعرفك عليها يوماً ما.
ابتسمت و عادت لصمتها... كانت سعيدة بمحادثتهم الهادئة لقد تغير يوسف كثيراً أصبح سهل المعشر... أكثر إنفتاحاً لم تكن لتحلم بذلك يبدو أن إنفجارهما في بعضهما البعض كسر الكثير من الحواجر التي ما كانت لتسقط لو إستمرا على تعاملها الدمث الهادئ.... لكانت في قمة سعادتها بتحوله العجيب لكن تفكيرها بما يمكن أن يحمله لقاءها مع رئيسها يعكر صفوها ، راقبها يوسف... ها هي تعود إلى صمتها ...إستغل إنشغال اخته و زوجهما بالحديث عن الأطفال و همس لها:
- من أجلك توقفت عن التجهم فهلاّ توقفت عن الشرود من أجلي؟
إلتفتت له فإصطدمت عينيها بعينيه اللتان كانتا تتأملانها بتلك الطريقة العميقة التي صارت تألفها.... كادت تقول له... من أجلك أفعل أي شئ لكنها عضت لسانها ثم قالت و قد جاهدت لرسم إبتسامة مشرقة على وجهها:
- و هل تستطيع المساعدة الماهرة أن ترفض أي طلب؟

يتبعــــــــ.........






قراءة ممتعة

roxan anna 05-14-2012 01:50 PM

لا يمكنني تركك أبداً
ركنت إلهام السيارة أمام مطعم ماكدونالد... رأت عوني يقف أمام صالة البولينغ وقد بدى عليه نفاد الصبر، أخذت وقتها قبل أن تترجل من السيارة فلتدعه ينتظر فقد يفيده بعض القلق... ما أن رآها حتى تقدم نحوها مسرعاً و بدون مقدمات سألها:
- أين المقال؟
قالت بسخرية:
- أنا بخير و أنت كيف حالك سيد عوني؟
نظر لها بصمت ثم قال بسماجة:
- أعذريني يا عزيزتي إنها لهفة الصحفي... كيف حالك؟ ها؟ أخبريني هل جهزتِ المقال؟
قالت بغضب:
- هل سنظل نتحدث هنا؟ في الشارع؟
تنهد و قال:
- حسناً... هيا لنجلس في مقهى الصالة.
ما أن إستقرا على الطاولة حتى فتح فمه ليتحدث فقالت بسرعة:
- سيد عوني... لم أكتب شئ حتى الآن.
إحمر وجهه و قال بحدة:
- ماذا تقولين؟
بدأ الناس بالنظر إليهما فقالت هامسة بغضب:
- أخفض صوتك.
كرر بصوت هادئ و هو يكتم غضبه:
- ماذا تقولين؟ لم تكتبي شئ؟ أعذريني إن وجدت صعوبة في تصديقك.
قالت من بين أسنانها:
- لابد أنك تعرف مدى تكتم يو...السيد عيّاش... قاطعها:
- لكن ثلاثة أشهر ليست بالمدة القصيرة.
- نظراً لقدرته على إبقاء حياته الشخصية بعيداً عن تطفل الإعلام كل تلك السنوات لا أظن أن الثلاثة أشهر طويلة.
قال:
- إسمعيني يا فتاة... لقد رأيتك و أنتِ تنزلين من السيارة و لابد أنها له...
قالت بتسرع ندمت عليه:
- بل هي لأخته.
- اخته أيضاً... هذا ما أحاول أن أقوله لكِ ... لابد أنكِ شققتِ طريقك وسط عائلة عياش جيداً.
نظرت له و قد تفاقم إحساس الكره بداخلها تجاهه فوقفت:
- إعذرني سيد عوني سوف أذهب إلى الحمام.
غسلت وجهها بالماء البارد... لقد بدأت تشعر بصداع رهيب يكاد يشق رأسها... يبدو من تصميم عوني أنه لن يتنازل لو طلبت منه أن ينسى أمر المقال، تنهدت بقنوط و تساءلت ترى ماذا يمكن أن تفعل لتتفادي هذه الورطة؟
********************************
خرج يوسف من المطعم و صافح الناشر:
- حسناً سوف أبدأ الرواية من الغد.
- و لا تتأخر بها... إن إنتهاء روايتك السابقة في الموعد كان أشبه بالمعجزة.
- لا تقلق يا ياسر... من يدري قد أنتهي منها قبل الموعد.
- كم أتمنى ذلك... إلى اللقاء.
- إلى اللقاء.

ما أن إلتفت ليركب سيارته حتى وقعت عيناه على فتاة سوداء الشعر تقف أمام صالة الألعاب و ما أن إلتفتت حتى جحظت عيناه دهشة... إنها إلهام، كانت تقف مع رجل متوسط الطول يرتدي بدلة رمادية يتحدث معها بحدة وقف يحدق بهما حتى إختفيا عن نظره، قاوم دافع كان يحثه على أن يتبعهما و توجه إلى سيارته التي إستقلها متوجهاً إلى منزله و هو يفكر بهوية الرجل الذي كانت تقف معه... لقد قالت له سها أنها ستذهب لرؤية أختها فمن ذلك الرجل؟ تناول هاتفه و إتصل باخته:
- سها... أين إلهام؟
تناهى له صوتها الذي بدى أنه يخرج من فم باسم:
- إلهام؟ و لما السؤال أخي؟ هل إشتقت لها؟
قال مؤنباً:
- سها... هل لك أن تتوقفي عن مشاكساتك و تجيبي عن الأسئلة الموجهة لك مباشرة؟
- حسناً... حسناً يا نافذ الصبر... لقد أخبرك أنها ذهبت لمقابلة أختها.
- ألا تعلمين أين؟
- في المنتزه.

- حسناً إلى اللقاء.

- إنتظر...لكنني لم أفهم شئ.

- جيد... سلام.
أغلق الهاتف و قد تصاعد غضبه... إذن فحتى تلك الفتاة التي تشبه الملائكة تحمل بين طيات حياتها بعض الأكاذيب... لم يكن يعرف أن الأمر يمكن أن يصدمه بهذه القسوة.... هاله كم آلمه ذلك الأمر و لم يرق له.
*********************
نظرت إلهام في ساعتها لقد مضى على وجودها في الحمام ما يزيد عن الخمس دقائق... لقد توصلت إلى حل سوف تماطل عوني إلى أن تخبر يوسف بالأمر... حسناً إنها لا تملك إلا هذا المخرج... يجب أن تخبر يوسف.
رفع عوني نظر لها و هي تتجه إليه و إبتسامة عريضه مرتسمة على وجهه ما أن جلست حتى قال لها:
- حسناً سوف أصدقك هذه المرة لكن حاولي أن تنتهي من هذا العمل في أقرب فرصة.
وقف و قال:
- سوف أذهب الآن عندي إجتماع بعد نصف ساعة.... آراكِ لاحقاً أنسة إلهام.
للحظة إنتابتها الريبة لكنها عادت و نهرت نفسها... هل أصبحت أعاني من عقدة إضطهاد لقد مر الموقف و ها هي قد حصلت على المهلة التي ستستغلها في إخبار يوسف كل الحقيقة... تناولت حقيبتها من أسفل الطاولة و خرجت.... قررت الذهاب إلى منزلها لتترك حقيبتها هناك فهي لا تريد أن تحتفظ بتلك الأوراق التي تحتوي معلومات عن يوسف في منزله... أخذت هاتفها النقال و وضعته في حقيبة أخرى قبل أن تسرع بالخروج عائدة إلى منزل يوسف.
في طريقها إتصلت باختها و أخبرتها بما حدث فقالت لها:
- حسناً اختي أخبري يوسف بالأمر... هذا ما كان يجب أن تقومي به من البداية.
- لكنني أخشى ردة فعله يا نشوى.
- لكنها لن تكون شئ مقارنة بردة فعله لو نُشرت تلك الأشياء عنه... سوف تكونين خارج حياته و إلى الأبد.

خارج حياته و إلى الأبد؟ لا يمكنها أن تتخيل مثل هذا الأمر... حزمت أمرها و قالت لأختها:
- سوف أخبره اليوم.
- إذا جد شئ أخبريني فوراً.

- حسناً إلى اللقاء نشوى... و إنتبهي لدروسك جيداً.

ركنت السيارة و توجهت إلى غرفة الجلوس تبحث عن سها... أعطتها المفتاح:
- شكراً على إعارتي سيارتك.
- أنتِ على الرحب و السعة دوماً.... أخبريني كيف حال نشوى؟

- نشوى... آه نعم... إنها بخير لقد قالت لي إنها تتمنى أن تراكِ و أنها أحبتك قبل أن تقابلك.
إبتسمت سها:
- أنا أيضاً متشوقة لرؤيتها.
سألت إلهام:
- أين يوسف؟
- في غرفة المكتب منذ عاد من الخارج و هو يرغي و يزبد... لقد كان مزاجه جميل صباحاً لكنه عاد عكر المزاج... لقد كان مع الأستاذ ياسر.

- حسناً سوف أذهب و أرى ما الأمر.
- أمنياتي القلبية معك.
ضحكت إلهام:
- أيتها الشيطانة أراهن أنك تتمنين أن تسمعي صوت الشجار لكنني لن أعطيك أمنيتك.
تصنعت خيبة الأمل:
- يالها من خسارة... على كل حال ليس كل ما يتمناه المرء يجده.
طرقت إلهام باب الغرفة ما أن أتاها صوت يوسف حتى دخلت باسمة... سارعت تقول له:
- أريد أن أخبرك بشئ لكن أتمنى أن لا تغضب.
كانت تريد أن تنتهي من موضوع عوني و الصور و المقال بأسرع وقت...قال لها بغضب:
- هل يتعلق هذا الأمر بذلك الرجل الذي رأيتك معه اليوم.
كتمت شهقة كادت تفلت منها... لقد رآها مع عوني ، نظرت له كان الغضب يطفر من عينيه بينما بدت عظام وجهه بارزة بصورة تنذر بالشر قالت بارتباك:
- إنه... إنه رب عملي السابق.
رفع حاجبيه و سأل بسخرية:
- حقاً؟ و هل يجب أن أصدق كلامك الذي تعوزه الثقة؟
إنها يكذبها صاحت بغضب:
- أمر تصديقي من عدمه فهو شأنك الخاص لكنني لا أكذب.
فكرت إلهام أنها حقاً لا تكذب فعوني أصبح رب عملها (السابق) فهي لن تعود للعمل له و لو من أجل أموال العالم كلها.
تنهد يوسف و كأنما ليطرد غضبه... أغمض عينيه ثم فتحهما:
- أنا آسف...أعتذر عن إنفجاري.
قالت:
- لم يحدث شئ... لقد ذهبت لمقابلة نشوى و صدف أن رأيته فوقف يتحدث معي.
قال يوسف بغيظ:
- عندما رأيتكما كان يتحدث إليك بعنف ملوحاً بيديه... لقد كدت أن أذهب إليه لأدق عنقه.
إبتسمت إلهام بسعادة لم تستطع إخفاءها:
- لم أكن أعلم أن رب عملي الحالي يشكل حماية كبيرة هكذا.
بادلها الإبتسام:
- تأكدي من ذلك... كما أنه يطلب منك أن تستعدي للبداية في الرواية الجديدة.
شعر بالسعادة عندما رآى الحماسة تظهر على وجهها قبل أن تجلس إلى طاولتها و تقول بحماسة تشبه حماسة طفل حصل على أول هدية له:
- حسناً هيا لنبدأ.
ضحك تلك الضحكة التي توقف نبضات قلبها:
- ليس بهذه السرعة أيتها النشيطة.... سوف نبدأ غداً و الآن أخبريني ما الأمر الذي كنتِ تريدين التحدث معي بخصوصه.
قبل أن تتفوه بنصف كلمة أطلت توحه من الباب:
- هيا يا صغار إلى الغداء.
بعد أن خرجت توحه ضحك يوسف و عندما سألته إلهام عن سبب ضحكه قال:
- يمكنني أن أستوعب دعوتك بالصغيرة لكن أنا...
هز رأسه فضحكت:
- مهما مرت الأيام سوف تبدو صغيراً بالنسبة إلى توحه... بالإضافة إلى أنها تشعر بالإستمتاع و هي تدعوك بالصغير.
- في هذه معك حق... هيا بنا لنلحق بها قبل أن تأتي لتعاقبنا و بهذا نكون منحناها أفضل أنواع المتعة...
قالت و هي متجهة إلى الباب:
-لها الحق بممارسة سلطتها.
تبعها إلى الباب قائلاً:
- إن لي مساعدة ذكية.
*****************************
مر إسبوع على عملهما في الرواية و في كل مرة تحاول أن تخبره بالأمر يقاطعهما أحد...ودت أكثر من مرة أن تخنق سها على هجومها المستمر على غرفة المكتب....كانت إلهام سعيدة بالتقدم الذي طرأ على علاقتها مع يوسف التي تحول إلى شخص آخر... نعم كان ذات الشخص العنيد الفخور بنفسه لكنه أصبح أكثر إنفتاحاً، كانا يتشاركان النكات و لم تخل ساعات عملهما من الضحك و المزاح حتى أنه في بعض الأوقات كانت سها تدخل غرفة المكتب قائلاً ( أشركوني في مهرجان الضحك الذي تقيمانه) و كانا دوماً يجيبانها ( إنك قادرة على إقامة مهرجان وحدك)... إزداد تقاربها مع الأيام و هذا ما زاد من سعادتها و لكنها في الوقت نفسه كانت تشعر بخوفها يتفاقم مفكرة بردة فعل يوسف لو علم بما كانت تنوي أن تفعله....بعد عشرة أيام من لقائها بعوني و فشل محاولات عديدة في فتح الموضوع مع يوسف قررت أن تأخذ خطوة فعلية فلا مجال للمماطلة بعد أن إنتهيا من عملهما اليومي قالت له:
- يوسف سوف أحضر عصير و أخرج لأجلس في الحديقة... هل تشاركني؟
نظر لها صامتاً... لابد أنه يفكر في الأمر دعت الله أن يوافق... قالت تحثه:
- لقد خرجت سها من محمد و توحه مشغوله بإعداد العشاء... لقد إنتهينا من عمل اليوم... ما رأيك؟
هز رأسه:
- حسناً... إذهبي وضعي لنا كرسيان تحت الشجرة الكبيرة و أنا سوف أعد العصير و أحضره.
ابتسمت بإشراق:
- حسناً.
نظر لها و هي تركض إلى الخارج و وضع يده على قلبه هامساً:
- لقد سقطت.... لقد سقطت و إنتهي الأمر يا قلبي.
كانت إلهام غارقة في بحر أفكارها و هي تحاول إيجاد طريقة لتخبر يوسف بها عندما وصل حاملاً صينية عليها أبريق عصير و كوبين:
- إلى أين وصلتي بأفكارك...أخشى أن تفكري بكتابة الروايات و تنفصلي عني... سوف تشكلين منافسة قوية يجب أن لا أسمح لك بالإستسلام إلى أفكارك فقد تبدئين في نسج حكاية.
فكرت... و يالها من حكاية التي ستسمعها مني قالت بقوة:
- لا أعتقد أنه يمكنني تركك أبداً....
لم تنتبه لمدى الإخلاص الذي قالت به كلامها حتى رأته يتفرس بها بقوة فقالت:
- إلا إذا أضطررت.... على أي حال العمل معك هو المتعة بعينها.
بدأت بسكب العصير لتبدد الإرتباك الذي تشعر به إزاء تحديقه بها... ناولته كوبه ثم أخذت تشرب على مهل عصيرها قالت له:
- يوسف أريد أن أخبرك أمر.
قال لها:
- لقد لاحظت في الفترة الأخيرة أن هناك أمر ملح تريدين الحديث عنه لكن في كل مرة يؤجل لسبب ما هل تراه يكون نفس الأمر؟
- نعم إنني...
صمتت عندما خرجت توحه راكضة:
- يوسف... يوسف إنه الأستاذ ياسر على الهاتف... لقد بدى لي مذعوراً و طلب الحديث معك بسرعة.
ركض يوسف و إلهام في أعقابه... تناول السماعة:
- ما الأمر يا ياسر؟... ماذا تقول؟.... يا إلهي سوف آتي حالاً.
أغلق السماعة فتعلقت إلهام بذراعه:
- ما الأمر؟
- لقد إحترق مكتبي.

سألته:
- أي مكتب؟
نظر لها باستغراب و كأن السؤال أدهشه ثم قال بسرعة:
- مكتبي الذي كنت أزاول فيه عملي... لقد كان المكان يحتوي على الكثير من الأوراق المهمة أدعو الله أن يستطيعوا إخماد النار قبل أن تنتهي كلها.
قالت له:
- هل مازالت النار....
قاطعها:
- ياسر يقول أن رجال الإطفائيه في الطريق.
تناول مفاتيحه و خرج مسرعاً... ركضت و تشبثت بذراعه بلهفة:
- إعتني بنفسك و كن حذراً.
نظر لها بحنو ثم ربت على يديها الممسكة بكمه:
- لا تقلقي.... أنا لست بتهور أبطال قصصي.
إبتسمت لمزحته:
- أحمد الله على ذلك.
تركته فأسرع بإتجاه سيارته... صاحت في أعقابه:
- إتصل بي ما ان يحدث شئ جديد.
- حسناً... أراكِ قريباً يا ملاكي.

حبست أنفاسها....ملاكي؟ ترى هل قال هذه الكلمة أم أنها من صنع خيالها... إلتفتت إلى توحه التي أكدت إبتسامتها الأمر، همهمت توحه و هي تتوجه إلى المطبخ:
- لقد وقع الصغير... لقد وقع الصغير.
ما أن وصلت سها حتى أخبرتها إلهام بما حدث و سألتها:
- أي مكتب هذا؟ لم أجد الوقت لأستفسر عن الامر من يوسف.
قالت سها:
- لم يكن يوسف يعمل في المنزل أبداً لذلك تريني أتذمر كثيراً من غيابه في غرفة المكتب... لقد كان يعمل في مكتبه... إنه مكتب كبيرا لا بأس به... كانت له سكرتيرة و العديد من المساعدين لجمع ما حيتاجه من معلومات ليستخدمها في كتاباته....هناك تعرف على سوسن عندما تقدمت للعمل كسكرتيرة له و بعد ثلاث سنوات تزوجا... لكن بعد موتها لم يعد يعمل به أبداً لقد أغلقه و بإستثناء ذهابه لإحضار بعض الأوراق من حين إلى آخر لم يكن يذهب.
فسرت سها شرود إلهام على أنه خيبة أمل فقالت:
- لا تظني أن ذلك حزاً منه على سوسن... أعتقد أنه لم يشأ الذهاب إلى هناك لأنه لا يريد أن يتذكرها بتاتاً.
بعد ساعة تلقت إلهام التي كانت تجلس مع سها بجوار الهاتف بقلق إتصال من يوسف:
- لقد سيطرت الإطفائية على الأمر... بإستثناء بعض الأثاث المتفحم لم تُمس أوراقي بسوء سوف أجلبها كلها معي و هذا ما سيوفر لنا الكثير من العمل.
- و أنا مستعدة له سيدي.







قراءة ممتعة


roxan anna 05-14-2012 02:04 PM

إنه لكِ...فهل تقبلينه؟
تقلبت إلهام في فراشها و قد جافاها النوم... لقد مرت خمسة أيام على حريق المكتب غرقا فيهما في العمل كانا ينظمان الأوراق و الملفات قبل البدء في العمل اليومي على الرواية... لقد إستغرقت عملية التنظيم اليوم أكثر من المعتاد فقد أصر يوسف أن يتنتهيان منها كما انه تركها بعد العصر ليخرج في مشوار غامض لم يخبر به احد و هذا ما منعها من إكمال طباعة ما أملاه عليها... نظرت في الساعة إنها الواحدة بعد منتصف الليل، إرتدت روبها و نزلت إلى غرفة المكتب... مادمت لن أنام فبإمكاني عمل ما هو مفيد سوف أنتهي من طباعة الفصل الثالث و بعدها أحضر كوب من الحليب و أنام.
دخلت غرفة المكتب و هي في طريقها إلى طاولتها لفتت نظرها علبة صغيرة من المخمل الأسود، تقدمت من المكتب و أمسكت بها و فتحتها... شهقت ما ان رأت خاتم خطوبة رائع الجمال تلفتت لا شعورياً كأنها تبحث عن أحد في الغرفة ثم إستسلمت لإغراء إرتداؤه... مدت يدها أمامها تتأمله كانت مبهورة بجمال الماسة التي تتوسطه... إنه تقليدي لكنه ساحر، إنتفضت ما ان دخل يوسف الغرفة و وقف بجوارها... مدت يدها لتخلع الخاتم و قد بدى عليها الإرتباك فوضع يده على يديها يمنعها
رفعت رأسها فتلاقت عينيها المرتبكتين بعينيه الحانيتين قال لها هامساً:
- إنه لكِ...فهل تقبلينه؟

نظرت له بتساؤل... ماذا يقول؟ لم تفهم ما يقصده ظهر هذا في عينيها فقال :

- لقد إشتريته اليوم لكِ.

قالت بذهول:

- لكنه خاتم خطوبة!!!

نظر لها بحنان و فكر... تلك الساذجة الصغيرة:

- و هل قلت غير ذلك؟

- لكن... لكن... لكن لو قبلته سوف يعني ذلك أن أكون خطيبتك!!!

ضحك:

- من الواضح أن عقلك الصغير الحاد الذكاء في إجازة الآن و يجد أن أقوم بذلك على الطريقة التقليدية.

نزل على ركبته و أمسك بيدها و قال و الهزل في عينيه:

- إلهام .. هل تتزوجيني؟

إتسعت عيناها دهشة... نظرت له غير مصدقة و إمتلأت عيناها بالدموع، وقف مصدوماً:

- لماذا البكاء؟ هل ضايقتك؟ لو أن طلبي ضايقك أو جرحك بأي طريقة فإنسي....

قاطعته سها التي إقتحمت المكان كعاصفة هوجاء:

- أيها الغبي إن غباءك في فهم موافقتها لا يوازي غباءها في فهم طلبك للزواج... إنكما أحمقان تليقان ببعضكما البعض.

نظر لإلهام:

- هل ما قالته صحيح؟

عندما لم تجيبه قال ممازحاً:

- بصرف النظر على كوننا أحمقان فهذا ما لا أشك به... هل ما قالته صحيح؟

هزت رأسها فتساقطت دموعها على خديها... نظر لها بمحبة و قال:

- حسناً... هل يمكن لعروسي أن تكافئني بإحدى إبتساماتها الرائعة؟

ما أن سمعت كلمة عروسي حتى أحست بقلبها يطرق قفصها الصدري مطالباً بالخروج من مكانه.

توجهت إلهام إلى غرفتها بعد أن رفض يوسف أن يدعها تكمل العمل و قال ضاحكاً أنه يشكر حبها للعمل و الذي دفعها لتنزل فرأت الخاتم معترفاً أنه كان رومنسيا في الطريقة التي يقدم فيها الخاتم لها دون أن يشعر بالسخف... لم تستطع إلهام النوم من فرط السعادة... ظلت تحدق في الخاتم حتى طلوع الشمس و لم تدري متى نامت.

******************************
كانت الساعة الثانية عشر ظهراً عندما إستيقظت إلهام ما أن نظرت في الساعة حتى قفزت من السرير و أسرعت ترتدي ملابسها... نزلت السلم راكضة توقفت في اللحظة الأخيرة قبل أن تصطدم بيوسف الذي كان على أول درجة ما أن رآها حتى إبتسم:
- مهلك يا فتاة سوف توقعيني أرضاً.... يبدو لي أن مساعدتي ستستغل الخطوبة لتتغيب عن العمل.

إحمر وجهها و نظرت أرضاً فضحك:

- يبدو أنك لم تعتادي الأمر بعد.

نظرت له:

- هل تريد الصدق؟ نعم لم أعتد الأمر... لقد ظللت أتأمل الخاتم طوال الليل لكن هذا الأمر لم... صمتت و قد أدركت إندفاعها الغبي بالكلام.
ضحك مرة أخرى:

- ما أجمل أن تقولي لي ما يخطر ببالك.... و الآن هيا إلى المطبخ لتتناولي فطورك بسرعة و بعدها نبدأ العمل... لن أسمح لك بالتقاعس لمجرد أنكِ أصبحتِ خطيبتي.

همست:

- متسلط.

أحنى رأسه:

- ماذا قلتي.

ابتسمت:

- لا شئ.

دفعها بإتجاه المطبخ:

- لقد سمعتك أيتها الماكرة.

توقفت:

- لا أريد أن أتناول الفطور... لقد إقترب موعد الغداء فلنبدأ العمل...

قاطعها:

- لا... لا أريد أن تتهمني توحه أو سها بتجويعك.

- متسلط.

قال:

- ها هي تلك الكلمة أسمعها مرة أخرى و في نفس الدقيقة...

حذرها ممازحاً:

- إن سمعي حاد... حاذري مما تقولينه.

قالت بمرح:

- اسمح لي سيد عياش... عندما تتصرف بتسلط لا تتوقع من الناس إلا أن تدعوك بالمتسلط.

همهم:

- لقد بدأ كلام الزوجات.

ضحكت و سبقته لغرفة المكتب:

- إلحق بي سيدي... إنك تضيع الكثير من الوقت.

بعد ان دخلت الغرفة تنهد و قال:

- نعم إنني أضيع الكثير من الوقت... فتاة كهذه لا يضيع الوقت معها في الخطوبة.

**************************
بعد الغداء خرجت إلهام و سها لمقابلة نشوى التي ما أن عرفت بالخطوبة حتى قفزت صارخة و عانقت أختها التي حاولت أن تهدئها فرواد المطعم كلهم أخذوا يحدقون بهم لكن نشوى لم تتوقف عن الضحك و قول ((لا يمكنني أن أصدق)) شاركتها سها حماستها مؤنبة إلهام:
- دعيها تعبر عن فرحتها.... أخيراً وجدت من تماثلني حماسة.

قالت لنشوى:

- لا يمكنك أن تتصوري كم يحبطني أخي... و أختك أيضاً تشبهه إنها متزنان أكثر من اللازم.

ضحكت نشوى:

- معك حق لكننا معهما لإضفاء روح المرح... أليس كذلك؟

- نعم.... لن نتركهما يهنآن بحياة هادئة مليئة بالجدية.

قالت إلهام:

- حزب المرح... كفى... و الآن لقد حان الوقت لنعود إلى المنزل يا سها و أنت يا نشوى ألم تقولي أن غداً عندك إختبار؟

قالت سها:

- لما لا تأتين معنا يا نشوى لتتعرفي إلى يوسف و بعدها يمكنني أن أوصلك إلى منزل صديقتك.

- كنت أتمنى ذلك لكن كما سمعتِ غداً إمتحان مادة الكيمياء و لا أريد أن أغضب أختي بالحصول على درجة منخفضة...مرة أخرى إن شاء الله سوف أجعلكم تقيمون إحتفال لهما إريد أن أمرح و بصخب.

نظرت لإلهام و ضمتها:

- كوني سعيدة أختي... أرسلي سلامي لزوج أختي المستقبلي إلى ان أراه و أُوصيه عليكِ... و سلامي لتوحه أيضاً قولا لها أنني مما سمعت عنها أصبحت متشوقة لتذوق طعامها.

خرج الثلاثة و وقفن أمام المطعم، بعد أن ركبت سها السيارة سارعت نشوى تسأل إلهام:

- هل أخبرت يوسف؟

- لا..

- ماذا؟ ماذا تنتظرين أن يعرف من عوني أو من أي مصدر آخر؟

- لقد حاولت لكن لم تسنح الفرصة... لكنني سأحاول.

- أسرعي بإخباره.. هيا إركبي السيارة قبل أن تتساءل سها... بالمناسبة إنها فتاة لطيفة جداً...أعتقد أنها تختلف عن أخيها..

غمزتها:

- عن خطيبك.

لكزتها إلهام:

- توقفي عن هذه الحركات يا فتاة إنتبهي لدروسك... سوف أتصل بكِ غداً لأطمئن.

- حسناً... إلى اللقاء اختي... و مبروك.

***********************
أصرت سها أن تقيم حفلة بمناسبة خطوبة يوسف و دهشت من رغبته في كتم الخبر عن الإعلام و صاحت به:
- هل ستتزوجان سراً؟

صاح بها راعداً:

- سها.

صمتت سها و إندست بزوجها الذي كان يجلس بجوارها على الأريكة... نظرت إلهام إلى يوسف لقد سدد لاخته تلك النظرة النارية التي كانت تراها في أول أيامها هنا، لقد كانت تلك النظرة تجمدها لكن هذه الأيام ولت قالت له:

- لا تصرخ بها بهذه الطريقة... لا تنسى أنها الآن كبيرة و متزوجه.

نظر لها ببرود:

- ألم تسمعي ما قالت؟

- نعم سمعت و مؤكد أنك تعلم أنها لم تقصد ما فهمته... كل ما تريده أختك أن تفرح بك فلا تغضب و تعود لذلك اليوسف الذي لا يمكن معاشرته.

نظر لها بذهول حل محل الغضب الذي كان يسيطر عليه فابتسمت... لقد نجحت ربتت على ذراعه:

- و الآن بعد أن هدأت يمكننا أن نتفاهم و كل منا يقول رأيه.... أنت لا تريد أن تعلن الخبر لكي لا تزعجنا الصحافة و أنا معك في ذلك لكن في نفس الوقت سها تريد أن تحتفل بنا و أنا معها في ذلك....

قال:

- ماذا تقولين؟ كيف يمكن...

قالت له:

- لا تقاطعني يا رجل.

ابتسمت توحه بإستمتاع بينما ضحكت سها و نظرت لزوجها الذي ابتسم و أشار لها بالصمت أكملت إلهام:

- يمكننا أن نحتفل معاً بعيداً عن الصحافة... أنا و أنت... سها و محمد... و بالطبع شيفنا الكبير توحه.

تدخلت توحه:

- مرحى لكِ... إنني موافقة و سوف أحضر لكم أشهى الاطباق.

قالت سها:

- أنا موافقه ... و محمد أيضاً.

قال محمد:

- هذا ما أسميه تسلط الزوجات.

ضحكت إلهام:

- لكن تسلط زوجتك يرافقه بصيرة نافذه... أليست محقه... أم أنك معترض؟

- لا إنني موافق؟

قالت:

- إذن لما هذا الكلام عن التسلط... أرأيت يا سها؟ ياللرجال!

كان الكل يشارك في الحديث إلا يوسف الذي إكتفى بالنظر إلى إلهام بإعجاب... كم تمنى لو أمسك بيدها و ذهب على أقرب مأذون ليتزوجها لم يكن يصدق أن في الحياة هناك فتاة بهذا الشكل و الإسلوب و العقل.

نظرت إلهام إلى يوسف:

- ها؟ ما رأيك؟

اختفت الابتسامه من على وجهها عندما رأت النظرة التي يرمقها بها... لماذا ينظر لي بهذه الطريقة؟ أحست أن عينيه تحتضنانها... و ياله من إحساس؟ يجب عليه أن يتوقف الآن و إلى إنتهى بها الأمر مغشياً عليها تحت قدميه... تساءلت هل هاتين نفس العينين اللتان كانتا تقذفان سهام الغضب منذ لحظات؟... كم تمنت أن يعود للغضب فعلى الأقل غضبه لن يدفع قلبها إلى حنجرتها.

إلتفت يوسف و إلهام إلى سها التي صاحت:

- هااااي... أنتما الإثنان.

بدى الذهول على كلاهما فقالت:

- أين كنتما.... لقد كنا نتناقش في أمر الإحتفال و إنتهى بكما الأمر و أنتما تحدقان في بعضكما البعض كأن كل منكما ينظر إلى كائن فضائي.... صمتت ثم أضافت مشاكسة:

- أم أقول إلى نصفه الآخر.

قالت توحه ما أن رأت وجه إلهام يبدأ بالاحمرار كعادتها عندما تشعر بالخجل:

- ماذا قررتم يا أولاد؟

قال يوسف:

- موافق.... إنها فكرة جيدة....سوف يكون إحتفال عائلي صغير يمكنك أن تذهبي أنت و سها إلى أختك نشوى لإحضارها أعتقد أن توحه لن تحتاج لأكثر من ثلاثة ساعات لتنتهي من التحضيرات.

- لن تستطيع نشوى أن تحضر...يجب أن تدرس ينتظرها غدا امتحان....

قاطعت سهاإلهام :

- لكنها أرسلت لك تحياتها...قالت لي أن أسلم على زوج اختها المستقبلي حتى تراه.

نظر لإلهام:

- يبدو لي أن سها وجدت توأم روحها.

ضحكت إلهام:

- نعم... لم أكن أدرك مدى تشابه طباعهما حتى رأيتهما تجلسان معاً.

*************************
ساعدت إلهام توحه في حمل الأطباق و الأكواب إلى المطبخ .... كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل قالت إلهام:
- لقد تأخر الوقت كثيراً يجب أن تذهبي للنوم.

ابتسمت توحه:

- أعلم أم سيدة عجوز مثلي لا يجوز لها السهر لمثل هذا الوقت لكن لم يدخل الفرح إلى هذا المنزل منذ وقت طويل.... إن الإحساس بالإثارة يحرمني النوم سوف أنظف المطبخ.

- حسناً سوف أساعدك فانا أيضاً لن أستطيع النوم.

- لكن يوسف يظنك في فراشك الآن.

- لقد قلت له أنني سوف أنام فوراً لكي يأوى إلى فراشه إنه بحاجه للنوم... لا تنسى أنه يحتاج للتركيز في عمله و إذا إستيقظ غداً مع صداع لن ينجز شئ... كما أن سها كانت تشعر بتوعك في آخر السهرة و لو قلت لها أنني أنوى أن أساعدك لفضلت البقاء معنا لمساعدتنا رغم تعبها.

ابتسمت توحه:

- لا تقلقي عليها فأنا أظن أنني أعرف ما بها.

نظرت إلهام لها:

- لا تقولي أنها.... صمتت فقالت توحه:

- نعم... أخيراً سوف تصبح طفلتنا الشقية أم.

هتفت إلهام بفرح لكنها وضعت يدها على فمها بسرعه فضحكت توحه:

- هيا إلى العمل.

إنتهتا من ترتيب المكان بسرعة و جلست توحه إلى طاولة المطبخ و بين يديها كوب كاكاو و وضعت أمام إلهام كوب حليب:

- إجلسي يا ابنتي... أريد أن أتحدث معكِ قليلاً.

نظرت لها إلهام بقلق إنها المرة الأولى التي ترى فيها توحه بهذه الجدية كما أنها لم تدعها بابنتها قبل الآن:

- ما الأمر؟

- إنه يوسف يا ابنتي لابد أنكِ عرفت معظم الأمور عن حياته لكن مهما ظننتِ أنكِ تعرفين كم قاسى فذلك لا شئ لا يمكنك أن تدركي مدى جرحه... لقد تزوج والداه و كانت حياتهما سعيدة إلى أن إنصرف والده إلى العمل مهملاً والدته بصورة بشعة لكنها ردت عليه أبشع رد و إنتهى بها الأمر منتحرة و كان من سوء حظ يوسف أنه إكتشف كل هذا و عاصره ... إستطاع أن يبعد اخته عن كل هذا ليحميها من المرارة التي يعيش فيها و نجح في ذلك... باركه الله...لذلك ترينها خالية البال دائمة المرح.

أومأت إلهام برأسها إيجاباً بينما تابعت توحه:

- بعد ذلك دخلت سوسن حياته ظن أنه سيجد الراحة... منذ اللحظة الأولى لم أحب تلك الفتاة لقد كانت تمثل البراءة و الضعف و سلامة النية بصورة مبالغ فيها لكن حاجه يوسف للحنان جعلته ينخدع فيها... رحبت بها لأنني رأيت تعلقه بها كما تقبلتها سها لأنها كانت ترى سعادة أخيها معها... سعادة لم تدم لأكثر من سنه بعدها تحولت تلك الفتاة إلى مستهلك للأعصاب و الأموال... لم تكن تتوقف عن شراء أشياء لا حاجة لها... كان يوسف في بداية حياته المهنية و ذلك كان يستنفذ موارده المالية بصورة بشعة لكنه لم يعترض لكن ما أن وصل الأمر إلى السهر خارج المنزل إلى منتصف الليل و ممازحه الأغراب حتى ثارت ثائرته... إعترض و تشاجر معها ... لن أقول لكِ أنها خانته جسدياً... لكنها فعلت ذلك على أكثر من صعيد آخر... المشاعر... الماديات...كل شئ... حتى أنها دمرت ذكرى والدته لأنها حملته على وضعهما في خانة واحدة.... لقد حطمت روحه بمعنى الكلمة...لن أنسى ما قيل في آخر مواجهة بينهما كانت آخر مرة تحدثا فيها صرخت بوجهه قائلة ((إنك كوالدك... رجل فاشل لا يمكنه إسعاد إمرأته... لقد تزوجتك من أجل المال لكن حتى أموالك لم تجلب لي السعادة... أنت ووالدك صنف واحد إن كل ما تلمسانه يصبح رماداً لقد قضى على والدتك و دفعها للإنتحار و إعلم أنك أيضاً دمرتني و سلبتني سعادتي و إذا فكرت يوماً بإنهاء حياتي سيكون ذلك بسببك)) يومها خرجت بالسيارة و لم تعود.... وجدوا سيارتها على الطريق الصحراوي بين الإسكندرية و القاهرة... لقد صدّق يوسف كلامها الذي حفر في روحه جراح عميقه لم تندمل إلى بعد دخولك حياته... لقد أعدتِ له ثقته بالحب و بالناس و الحياة يا ابنتي فلا تأخذيها منه مرة أخرى.

قالت إلهام بلوعه:

- سوف أبذل كل ما أملك لأسعده يا توحه فهو يستحق أن يحيا سعيداً... لم أكن لأتصور أن سوسن بتلك البشاعة لو كانت حية لكنت قتلتها بكل سرور.

ابتسمت توحه إزاء لهجة الشراسة التي بانت في كلام إلهام و قالت:

- لكنها الآن ميته و فوق كل هذا لا أظن أنها إنتحرت فوالدة يوسف كانت تحب والده لذلك أقدمت على فعلتها بعد أن يئست من فعلتها التي إرتكبتها في حق نفسها و حق زوجها الذي تحب... لكن سوسن لم تكن تحب إلا نفسها و لا أظن انها كانت لتقتل نفسها لأجل أحد... إنني متأكدة أن موتها لا يتعدى كونه حادث سير.

قررت إلهام أن تنزل حملها الثقيل عن أكتافها فقالت:

- توحه أريد أن أخبرك بأمر لكن عديني أن يبقى الأمر بيننا.

- لكِ وعدي.

أخبرتها بكل شئ و عندما إنتهت كانت تبكي:

- لا أعلم ماذا أفعل... حقاً لا أعلم... لكن صدقيني لم أخطط لأي شئ حتى دخولي حياته كان صدفه.

- إنني أصدقك يا صغيرتي.

نظرت إلهام بقلق:

- لكن هل سيصدقني يوسف؟

- أخبريه و أعتقد أن حبه لكِ سوف يجعله يرى الصواب.

- كم أتمنى ذلك... سوف أخبره غداً لقد حاولت أكثر من مرة و في كل مرة يقاطعنا شئ لكنني سوف أنهي الأمر غداً و أدعو الله أن يصدقني و يسامحني.

















قراءة ممتعة



roxan anna 05-14-2012 02:13 PM



الخروج من الجنة


إستيقظت إلهام على صوت هاتفها الخليوي:


- السلام عليكم من معي؟


- أنا عوني...أريد أن أراكِ اليوم.


طار كل أكثر للنعاس كان ينتابها و جلست...عوني؟ ماذا يريد الآن؟:


- لن أستطيع اليوم...


- يجب أن أراكِ بدون أي تأخير.


فكرت... لا لن أذهب له يجب أن أخبر يوسف أولاً و كأنه قرأ أفكارها:


- إن لم تأتي سيحدث ما لن يرضيكِ... لا تقلقي أريد أن أراكِ لأحدثك فقط لن أطالبك بأي معلومات.


- لكن يو... السيد عيّاش رآنا المرة السابقة و ثارت شكوكه.


صمت مفكراً ثم قال:


- حسناً سوف نتقابل في المكتبة... لا أظن أن (رجلك) سيذهب إلى مكتبة الإسكندرية إلاّ إذا كان معه فوق سياحي يريد مكتبنا الذاخره.


غضبت من سخريته و كانت على وشك أن تقول له أن يوسف ليس رجلها لكنها صمتت عندما سمعت طرق على باب غرفتها... قال عوني الذي بدى أنه سمع الصوت:


- سوف أراكِ اليوم الساعة الثانية عشر... إلى اللقاء.


دخلت سها:


- هيا أيتها الكسوله... غنني أنتظرك لنتناول الفطور معاً لقد خرج محمد قبل أن أستيقظ و يوسف تناول فطوره سريعاً و ذهب لمقابلة الأستاذ ياسر.


- حسناً سوف ألحق بك بعد خمس دقائق.


بعد أن تناولتا الفطور تقيأت سها و أحست بالتوعك فصحبتها توحه إلى غرفتها و قالت أنها ستلازمها حتى تفارقها نوبة الدوار... نظرت لإلهام نظرة ذات معنى كأنها تخبرها " ألم أقل لكِ بالأمس" سالتها إلهام:


- هل ستحتاجان إلى مساعدتي؟


- لا لا يا ابنتي إذهبي و اكملي عملك.


- حسناً لكنني سأمر على نشوى ظهراً لأرى ماذا فعلت في إمتحانها.


قالت سها بإنهاك:


- أرسلي لها تحياتي ... و خذي سيارتي.


- شكراً عزيزتي.


تناولت المفاتيح و خرجت... وجدت عوني ينتظرها أمام شباك التذاكر، سبقته إلى داخل المكتبه ... أخذت إلهام أحد الكتب و جلست على طاولة فجلس عوني في مقابلها أغلق الكتاب و نحاه جانباً:


- لا داعي لكل هذا التظاهر فنحن لا نقوم بمهمة جاسوسية.


نظرت له بغضب فقال لها:


- مرحى لكِ... يجب أن أهنئك.


- تهنئني؟ على ماذا؟


- على تلك المعلومات الرهيبة.


أحست بشر قادم في الطريق:


- أي معلومات؟


إتسعت عينيها بلوعه ما أن أخرج من حقيبته ظرف.... أن ذلك الظرف الذي كانت تضع فيه أوراقها، سالته من بين أسنانها:


- من أين لك بهذا الظرف؟


- بالمناسبة إن منزلك جميل جداً... أولانه متناسقة و توحي بالبهجة.


مدت يدها لتنتزع منه الظرف لكنه أبعده عندها... عندما لاحظ تلفت الناس نحوهما أعطاه لها:


- على كل حال عندي نسختي المحفوظة.


- أيها الوغد الحقير.


نظر إلى يدها اليمنى ... قال بطريقة بغيضة و هو يضع يده على قلبه:


- أوووووه... لم أنتبه... يجب أن أكون أول من يقدم التهاني.


صفعته بقوة:


- أنت لست إنسان.


صر على أسنانه في محاولة منه لكبت غضبه:


- بالعكس... سوف ترين أكبر دليل على إنسانيتي... سوف أعطيكِ صور أختك و لن أنشرها... لكنني سوف أعرف كيف أجعلك تندمين على صفعتك هذه.


قالت بصوت خرج كالفحيح:


- لو فكرت أن تمس يوسف بأي آذى سوف تندم.


تراجع إلى الخلف متظاهراً بالخوف:


- ياإلهي لقد شعرت بالرعب... من الواضح أنني سأخسر أنشط صحافية عندي لأنها وقعت في الحب... لكن أرجوكِ عندما تفشل هذه القصة الرائعة تعالي إلى العمل في وقتك و لا تتأخري.


لم تتحمل سخريته فوقفت و غادرت نادى لها:


- لقد نسيت أن أخبرك... المكان كان في المطبعة بالأمس من الممكن أن تعودي للمنزل لتجدي السيد عيّاش يقرأ الجريدة هذا لو لم تستطيعي إخفاءها.


قادت سيارتها بسرعة جنونية و هي تدعو الله أن تصل إلى يوسف قبل أن يقرأ الجريدة.... لم تكن تصدق ما فعله عوني لقد دخل إلى منزلها وسرق الأوراق لابد أنه عرف أن الأوراق في حقيبتها، صرت على أسنانها كم كانت غبية عندما تركت حقيبتها و ذهبت إلى الحمام مؤكد أنه فتح حقيبتها و رآى الظرف ضربت المقود بقبضتها... إنني غبية... لماذا لم أتخلص من تلك الأوراق؟ لماذا إحتفظت بها؟ لم تستطع أن تتوقف عن لوم نفسها بالرغم من عدم جدوى ذلك.


رمت مفاتيح السيارة على أقرب طاولة لها و ركضت إلى غرفة المكتب رأت يوسف يجلس وراء المكتب ساهماً لم تحرك وقفت تنظر إلى شحوب وجهه بفزع قالت بصوت مرتجف:


- يوسف أريد أن أخبرك بأمر ضروري.


رمى على الأرض علبة إستقرت تحت قدميها نظرت إلى العلبة بذعر... إنها صور اختها قال لها:


- هل ما ستخبريني به هذه الصور أم هذه...


رمى الجريدة على الأرض فإنحنت و إلتقطتها... مررت عينيها على الأسطر ثم تأوهت:


- آآآآه لا.


قال بعنف:


- آآه نعم.


- يوسف اسمعني يمكنني أن أفسر لك.


إنفجر:


- تفسرين لي؟ ماذا الذي ستفسرينه هذه الصور الرائعة؟ أم المقال الجهمني هذا؟


فكرت... عوني السافل طلب أن يلتقيني ليرسل الصور و الجريده ليوسف.... تقدم منها و انتشل الجريدة من بين يديها و نظر إلى المقال بعينان متوهجتان.


تسمر كأنه تمثال من حجر و ابيض لونه ثم لوح بالجريده و قال بيأس


- لقد قابلت في حياتي كل أنواع الإشاعات و رغب الكثير في تشويه صورتي لكن هذا....


صمت ورمى المجلة بقرف ثم نظر لها بعدم تصديق و سأل:


- أنتِ من كتب هذا الكلام؟


قالت له:


- لقد كنت أريد أن أخبرك....


قاطعها:


- تريدين أن تخبريني بماذا؟....لقد سألت سؤال أنتِ من كتب هذا المقال اللعين؟


نظرت له و عيناها تتوسلانه لفرصة فقال:


- إذن كل ما حدث كان بترتيب منك.


سارعت تقول:


- لا...صدقني لم أرتب لشئ.


سألها:


- ألم تنوي أن تكتبي عني هذا المقال قبل أن نلتقي؟


أطرقت برأسها و صمتت فهز رأسه بأسى:


- إذن كان كل ما حدث مرتب و بدقة و أنا كالأحمق وقعت في الفخ حتى أنني كنت سأتزوجك....


ضحك بمرارة ثم اقترب منها و صر على أسنانه:


- ترى هل هناك ما هو صادق منذ أن دخلت حياتي؟...أتراكِ أيضاً ابتدعت موضوع الحادث و ألقيتِ بنفسك أمام سيارتي؟


تجاهل نظرة الألم التي أطلت من عينيها...بدى أنه لن يتوقف فصرخت به :


- كل ما تقوله غير صحيح...غير صحيح.


قال بصوت راعد و قد فقد السيطرة على اعصابه:


- لن أسامحك على هذا أبداً... أبداً...أتفهمين؟


إختنق صوته:


- اخرجي من حياتي يا ذات الوجه الملائكي المخادع...لا أريد أن أراكِ بعد الآن.


عندما همت بالرحيل أمسك ذراعها:


- انتظري.


نظر لعينيها الدامعتين:


- دموع؟ لا أظنك بحاجه لها فقد صار كل شئ واضح....


هزها بقوه:


- لقد عرفتك على حقيقتك.


قالت إلهام و هي تنتحب:


- أنت لا تفهم.


سألها بصوت مبحوح من شده الغضب:


- ما الذي لا أفهمه؟ها؟ أخبريني....ما الذي لا أفهمه؟


اخفضت رأسها و تساقطت دموعها بغزاره فهزها لتنظر له و عندما رآى ملامح الكرب على وجهها أحس بالألم فأمسك بذراعيها بقوة و توسلها:


- إنكري...أرجوك إنكري أنكِ من كتب هذا و سأصدقك.


هزت رأسها بألم:


- اتركني فأنت تؤلمني.


رفع يديه عنها بنفاذ صبر و عاد لغضبه:


- حسنا...حسنا على الأقل هناك بقية من صدق توجد بداخلك خذي هذه قبل أن ترحلي فأنا أود أن تكون حياتي نظيفه من أي أثر كان لكِ فيها.


أحست أنه كلما طال وقوفها أمامه سيظل يؤلمها فأسرعت بالخروج لكنه استوقفها صائحا:


- لا تنسي أن تأخذيها قبل خروجك إنها الصور السلبية التي كانت مع مديرك و الذي كان يبتزك بها.


إلتفتت له بصدمه و نظرت إلى الأفلام التي كانت في علبه بلاستيكيه و تساءلت "لقد عرف و رغم ذلك لم يعذرها؟؟"...


قال:


- حتى هذه الصور كان صدمه بحد ذاتها...صدمة من إحدى الصدمات الكبيره التي تلقيتها فيكِ و على يديكِ....لا تقلقي لم أنظر لها فيكفي أن صورتك صارت مشوهة في خيالي لا أريد أن أزيدها.


خلعت خاتم الخطوبة و وضعته على المكتب ثم انتزعت الأفلام من بين يديه و انفجرت بالبكاء ثم خرجت راكضه و كأن الشياطين في أعقابها، بعد أن خرجت إنهار يوسف على الكرسي واضعا رأسه بين يديه:


- لماذا؟ لماذا لا أستطيع الاقتراب إلا من نساء غادرات...مدمرات للروح...لا مبادئ لهن.


لكنه توقف ثم صاح بإعتراض مخاطباً نفسه:


- لكنها لم تكن كذلك.


عاد و ضرب جبهته بيده و صرخ:


- إنها كذلك و أسوأ....و أسوأ.


دخلت سها راكضه:


- ماذا حدث يا يوسف لقد رأيت إلهام تركض و هي تبكي بهستيرية....توقفت عن الكلام عندما رأت حالة اخيها و لأول مره في حياتها ترى الدموع تنساب من عينيه.



يتبعــــ........






قراءة ممتعة

roxan anna 05-14-2012 02:26 PM

حطام
كانت معجزة أن تصل إلهام إلى منزلها دون أن تدهسها سيارة فمنذ خرجت من منزل يوسف و هي تسير كالتائهة و عينيها تغشاهما الدموع.
رن الهاتف فلم ترد و دخلت غرفتها لترتمي على فراشها منتحبه... لم تتصور أن تخرج من حياة يوسف بهذه الطريقة، بعد أن أنهكها البكاء إستسلمت لنوم متقطع إستيقظت منه على صوت طرقات قوية على الباب أعقبها رنين الجرس المتواصل... أنتزعت نفسها من الفراش بقوة و فتحت الباب لترى منظر أختها المذعورة التي صرخت بها:
- لماذا لم تردي على إتصالاتي؟ ألم تتخيلي ما فكرت به بعد أن إتصلت سها بي و أخبرتني بما حدث و بعدها لم أستطع الوصول لكِ؟
دخلت و أغلقت الباب خلفها... وقفت تنظر إلى اختها مؤنبة و ما كان من إلهام إلى أن إرتمت في حضنها و إنفجرت بالبكاء في البداية شلت الصدمة نشوى فما هذه باختها القوية لكنها ما لبثت أن لفت ذراعيها حول جسد أختها الذي أخذ بالإرتجاف و صحبتها لتجلسان على الأريكة:
- إهدئي يا عزيزتي... إهدئي سوف يكون كل شئ على ما يرام.
قالت إلهام من بين شهقات بكائها:
- كيف... كيف يكون على ما يرام؟ إنه الآن يكرهني... يكرهني و سيكرهني للأبد؟
- لا يا اختي... سوف أذهب له و....
قاطعتها إلهام بسرعة:
لا... لا تذهبي له.
رفعت رأسها من على كتف نشوى و نظرت في عينيها:
- نشوى... عديني أنك لن تذهبي له.
نظرت نشوى إلى عيني أختها الحمراوتين و وجهها المبلل بالدموع و صرت على أسنانها.... لن أمنحها أي وعد، أصرت إلهام:
- أريحيني يا نشوى... عديني.
تنهدت نشوى:
- حسناً إذا كان هذا ما تريدينه.
قالت بحزم و كأنها تسعى لإقناع نفسها:
- نعم هذا ما أريده... أعلم أنني تسببت له بالكثير من الألم و إن كان بغير قصد مني... لكنه لم يتوقف للحظة و يتركني أشرح له... لم يسمح لي.
ربتت نشوى على يديها اللتلان كانتا منقبضتان في حجرها:
- لا تحاولي إسترجاع ما حدث... إن شئت إبقاء الأمور على ما هي عليها فعليك أن تنسي كل ما يتعلق به.
قالت كاذبة:
- نعم هذا ما أريد.
- لكن إعلمي أنني ليست موافقة فحبك له لن يسمح لكِ أن تعيشي بسلام خاصة أن فراقكما كان بتلك الصورة المحطمة.
قالت بشرود:
- لقد نجحت بوصفك... فكل ما تبقى لي الآن هو حطام... حطام علاقتنا القصيرة.
صمتت ثم قالت و هي تقف:
- أظن أن الآن يجب أن تنقلي أغراضك من عند رباب لتعودي إلى المنزل... سوف أقلك لكن بعد أن أقوم بامر ما.
أوقفتها نشوى:
- أي أمر؟
- إنه مشوار ضروري... سوف أوصلك إلى بيت رباب و سوف أمر بك بعد ساعة لآخذك جهزي كل أغراضك.
************************
ما أن دخلت إلهام إلى مكتب رئيس التحرير حتى وقفت السكرتيرة مبتسمة:
- إلهام؟!! كيف حالك عزيزتي؟ لقد إشتقنا لكِ كثيرة.
لم تجد إلهام بها طاقة للحديث الإجتماعي:
- نادية... هل السيد عوني موجود؟
ردت الفتاة بارتباك إزاء لهجة إلهام الباردة فطالما كانت ودودة مع الكل خاصة معها:
- نـ... نعم إنه بالداخل لكن معه السيد...
لم تنتظر إلهام لتسمع باقي كلامها، إقتحمت المكان رفع عوني و الرجل الموجود معه رأسهما بدهشة فقال عوني:
- ما هذا يا آنسة إلهام؟ كيف تدخلين علينا بهذه الصورة؟
قالت بحدة:
- كما دخلت أنت منزلي من ورائي و سرقت أوراقي... كلنا نتعلم منك سيد عوني إنك مثالنا الأعلى.
إحتقن وجهه و قال للرجل:
- سيد سامح أظن أننا سنرجئ إجتماعنا إلى وقت آخر.
جمع الرجل أوراقه و خرج متعثراً فصفقت إلهام الباب خلفه و إلتفتت له فقال:
- إسمعي ... يمكنني...
قاطعته:
- بل إسمعني أنت... لا تظن أن بإمكانك إرهابي بعد اليوم لم يعد هناك شئ أخسره... على عكسك يا رئيس التحرير المحترم.
جلس فجأة و كأن قدماه لم تعودا قادرتان على حمله، جلست على أحد الكراسي المقابلة لمكتبه و قالت:
- يالسخرية القدر إنني أذكر آخر لقاء كان بيننا في هذا المكتب و كأنه كان بالأمس... لقد كنت أحس بأنني كالفأر في المصيدة ... مذعورة... محاصرة... لكن الآن إنقلبت الأدوار لتكون أنت ذلك الفأر....
صاح بها:
- آنسية إلهام لا يجوز أن تتحدثي معي بهذه الصورة.
صرخت به:
- بل يجوز... من حقي أن أحدثك بالطريقة التي أراها مناسبة لأمثالك... ثم من أنت لتتحدث عن الذي يجوز و الذي لا يجوز... مؤكد أنك تعلم أن بإمكاني مقاضاتك.
فتحت يدها و أخذت تعد على أصابعها:
- إبتزازك لي.... إقتحامك منزلي...سرقتك أوراقي بالإضافة إلى نشر المقال و وضع إسمي عليه.
شحب وجه عوني فقالت له:
- أرى أنك فقدت القدرة على الكلام.
وقف عوني و قال بغضب:
- لا تظني أن بإمكانك تهديدي... يمكنني أن أدمرك هل تفهمين؟ ما زال في جعبتي الكثير... قد تظنين أنك لا تملكين ما تخسرينه لكن السيد عيّاش....
صمت عندما تقدمت منه و أمسكت بتلابيبه و قد بدى من عينيها أنها فقدت السيطرة على نفسها:
- إسمع أيها الوغد... حتى السيد عيّاش كما تحب أن تدعوه متشدقاً لم يعد في حياتي بعد الآن... لا يمكنك أن تؤذيني خلافاً لقدرتي على تحويل حياتك للجحيم... ابتعد عن حياتي نهائياً و إنسى أنني عملت معك يوماً.
دفعته فكاد يتعثر... أخرسته الصدمه فتابعت:
- و لا تحتاج إلى أن أذكرك أن تنسى اختي أيضاً و إذا فكرت بأذيتها سوف تندم.
تقدمت خطوة منه و قد إحمر وجهها غضباً ...اخرجت الجريدة من حقيبتها و رمتها في وجهه:
- و يوسف... يوسف عيّاش لقد حققت غايتك و أذيته بذلك المقال البائس لكن مؤكد أنه سيكون الأول و الأخير... إمحيه من رأسك هل فهمت؟
قرأ لهجة التهديد في صوتها فتراجع أمام هجومها و إستمر ينظر لها كأنها مجنونة...فجأة إنفتح الباب و دخلت نشوى مسرعة و وقفت بين اختها و عوني كأنها تخاف أن تنقض اختها عليه لتخنقه:
- إلهام يكفي ما قلتيه... لا أظن السيد عوني سوف يفعل شئ بعد ما قيل... هيا بنا.
سحبتها من يدها بينما أخذت إلهام تنظر من فوق كتفها إلى عوني الذي وقف مسمر في مكانه دون أن يجرؤ على الحركة.
ما أن أصبحا خارج مبنى الجريدة حتى سألت إلهام:
- كيف عرفتي مكاني؟
- لقد تكهنت أنك سوف تذهبين إلى عوني فقررت أن ألحق بك قبل أن ترتكبي عمل أحمق و الآن أرى أنني كنت على حق... لقد إنتظرت في مكتب السكرتيرة أستمع إلى كلامك لكن ما أن إحتد صوتك و بدى لي أنكِ ستقفزين على عنقه فضلت أن أقطع حديثكما فلا أريدك في السجن اختي.
ابتسمت إلهام ابتسامه شاحبة:
- حسناً لقد إنتهيت من ذلك الرجل و الآن هيا إلى بيت صديقتك لنحضر أغراضك.
***********************
مر إسبوع على خروج إلهام من حياة يوسف... كانت نشوى تظن أن بمرور الوقت سوف تعود اختها إلى طبيعتها لكن ذلك لم يحدث فقد أصبحت تقوم بأعمال المنزل بصورة مستمرة كأنها تسعى لإنهاك نفسها ... كانت تعد الطعام بصورة آليه و تتناوله بصورة آليه أيضاً و بعد محاولات عديدة و فاشلة لإستنطاقها قررت أن تقوم بزيارة لسها.
جلست نشوى و سها على طاولة منعزلة في أحد مقاهي محطة الرمل قالت نشوى:
- إن الإنسانة الموجودة معي منذ إسبوع ليست اختي... لقد حطمها فراقها عن اخيك.... حاولت أن أعرف ما حدث بينهما لكنها لم تتكلم لقد أوصدت في وجهي كل الأبواب.
أخبرتها سها بالقليل التي نجحت في إعتصاره من اخيها:
- إن اخي مثلها... كل ما عرفته منه كان بإسلوب الإستفزاز لقد إستمريت في إغضابه حتى إنفجر في صائحاً.
قالت نشوى:
- لقد فهمت... أظن أن أكثر ما يؤلمها أنه يظن بها أسوأ الأمور... إذن فهو يظن أن تلك الصور صورها... إن الأمر يتعدى كونه يظن أنها خانت ثقته و نشرت حياته الخاصة على الملأ أعتقد أنه حان الوقت لأزور اخيك و افهمه بعض الأمور.
- كم أتمنى هذا... لم يعد أحد يستطيع الحديث معه... حتى توحه تشاجرت معه إنه يحبس نفسه في غرفة المكتب منذ غادرت إلهام كل ما يفعله الجلوس ساهماً محدقاً في الفراغ و عندما اتصل به ناشره صاح في وجهه أن ينسى أمر الرواية القادمه... تلك الروايه كان يعمل عليها مع إلهام.
- إذن فكلاهما يمثل دور الحبيب المحطم... يجب أن نتدخل و نعيد لهما عقلهما... لن أقف متفرجه على حطام علاقتهما.
نظرت لها سها ثم قالت و هي تحمل حقيبتها:
- هيا بنا.
سألتها نشوى:
- إلى اين؟
- إلى منزلكم أريد أن أرى إلهام و أتحدث معها قليلاً.
- حسناً هيا بنا.
كانت إلهام تجلس على طاولة المطبخ و بين يديها الأوراق التي كانت كتبتها عن يوسف...أحتارت ماذا تفعل بها هل تتخلص منها؟ ألم يكن الإبقاء عليها هو أساس المشكلة؟ لكنها لم تستطيع أن تحمل نفسها على التخلص منها إنها ترافق ذكريات بالإضافة إلى إنها تشعر أنها آخر رابط بينها و بين يوسف و تشعر أن بالتخلص منها تخرج نهائياً من حياته، أفاقت من أفكارها عندما سمعت صوت باب المنزل يفتح و يغلق... لابد أنها نشوى لقد قالت لها أنها ستذهب لتحضر مذكرات من عند صديقتها عادت لتنظر بحزن إلى الأوراق سمعت حركة على باب المطبخ فرفعت رأسها رأت سها فاتسعت عينيها دهشة.... أخذت تحدق بها صامتة بينما تقدمت سها منها مبتسمة.
كانت صدمة سها كبيرة عندما رأت إلهام... كانت نشوى محقة في كل كلامها إن الفتاة الشاحبة الغائرة العينين التي رأتها جالسة تحدق في بعض الأوراق ليست إلهام حتى في أكثر الأوقات التي كانت حالتها الصحية فيها سيئة لم تكن بهذا الشكل... ما أن رفعت عينيها و رأتها حتى ترقرقت الدموع في عينيها لكنها حولت نظرها عنها فجلست بمقابلها:
- إلهام... كيف حالك يا عزيزتي؟
صمتت إلهام قليلاً كأنها تحاول تمالك نفسها و عندما تكلمت خرج صوتها مبحوح:
- بخير و أنتِ؟ كيف حالك؟
ابتسمت سها و وضعت يدها على بطنها:
- بخير... إنني حامل.
ابتسمت إلهام بإرهاق:
- أعلم.
سألتها بدهشة:
- تعلمين؟ لكن كيف؟
- لقد أخبرتني توحه... عندما كنا بحتفل بــ.... صمتت بارتباك ثم قالت:
- عندما إصبت بوعكة في تلك السهرة تكهنت توحه بالأمر.
أحست سها أن قلبها يعتصر عندما تجاوزت إلهام ذكر إحتفالهم بالخطوبة و قد بدى أن الأمر آلمها رفعت عينيها فرأت نشوى تشير لها و تشجعها قبل أن تخرج... أمسكت سها يدي إلهام المرتجفتين على الطاولة:
- إلهام... إنه يتعذب مثلك.
سحبت إلهام يديها من بين يدي سها و إنتفضت واقفة:
- لا أعرف عن من تتحدثين.
قالت سها بسخط:
- إلهام لا داعي أن تتدعي الجهل... يجب أن تعطيا علاقتكما فرصة إنكما تحبان بعضكما البعض.
إلتفتت لهاإلهام قائلة بحدة:
- فرصة؟ عن أي فرصة تتكلمين؟ تلك الفرصة لم يمنحها أخيكِ لي لأبرر... لم يسمح لي أن أشرح له... سها... أعلم أن نيتك حسنه و أنكِ تحبينني لكن يجب أن تتقبلي أن ما بيني و بين أخيك إنتهي.
- بهذه البساطة؟
- لم أكن لأتخيل هذا لكن نعم بهذه البساطة.
- لكن الأمر يدمركما... إنه يحبك.
صاحت إلهام:
- لا... لا إنه لم يحبني قد يكون رآني مجرد تغيير بعد سوسن لكن الأمر لم يتجاوز ذلك فلو كان يحبني... صمتت و قد ترقرق الدمع في عينيها و إختنق صوتها:
- لو كان يحبني لما تركني أخرج من حياته بتلك الصورة أبداً... أبداً.
جلست ووضعت وجهها بين يديها منتحبة، كورت سها قبضتيها بغضب...غضب من اخيها... غضب مما آلت إليه الأمور لم تكن تتحمل رؤية إنهيار إلهام بهذه الصورة الرهيبة، دخلت نشوى راكضة و ما أن رأت اختها تبكي حتى ركعت بجوار كرسيها تحتضنها... عندما هدأت إلهام وقفت:
- سها... عزيزتي لا تشغلي بالك أعلم أنكِ و نشوى تحاولان إصلاح الأوضاع لكن لا جدوى... أعرف أن ما حدث جرح يوسف و أعرف أنني أخطأت ... عندما أفكر بالأمر أرى أن من حقه أن يفعل ما فعل لكن ها هو مر إسبوع و من المؤكد أنه عرف الحقيقة لكنه.... لكنه...
قالت كأنها تخاطب يوسف و تلومه:
- لم يتصل و لو مرة... لم يحاول... لم يحاول...
صمتت و كأنها لم تعد تجد الكلمات... تسمرت سها و نشوى إزاء منظر إلهام الذابلة و العتاب الحزين الذي كانت تتحدث به حتى أن سها غفلت عن إخبارها أن يوسف لا يعرف شئ حتى الآن فهو يرفض الحديث مع أحد و كل ما أخبرته به توحه لاقى أذن صماء.
قالت إلهام:
- لقد حطمنا هذا الأمر...كلانا... لكن يوسف لم يفعل شئ ليصلح هذا...هذا الحطام.
يتبعــــــــ.........















قراءة ممتعة



wafa15 05-14-2012 10:25 PM

أعجبتني القصة روووعة و خصوصا أنوا الشخصيات عربية مشكورة على نقل القصة بس ممكن أسأل شوا هي إسم القصة الأصلي إذا ما عندك مانع شكرا سلااام

roxan anna 05-15-2012 01:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wafa15 (المشاركة 4481681)
أعجبتني القصة روووعة و خصوصا أنوا الشخصيات عربية مشكورة على نقل القصة بس ممكن أسأل شوا هي إسم القصة الأصلي إذا ما عندك مانع شكرا سلااام





اولا مرسي على المرور اللطيف
واسم لالقصة الاصلي هو
(من أجلك )

هادا هو

roxan anna 05-15-2012 01:35 PM

من أجلك
سمع يوسف طرق على باب غرفة المكتب فصاح:
- فتحية لا أريد أن أتناول الطعام.
فتحت الباب و دخلت:
- لم أجلب الطعام فقد سئمت من إعادته مرة أخرى و لم يمس.
جلست على الأريكة المقابله للمكتب:
- أريد أن أتحدث معك عن إلهام.
إلتفت لها و عينيه يتطاير منهما الشرر:
- لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع.
قالت بحدة:
- هذا الموضوع؟ هل هذا ما ستطلقه على الفتاة التي أحببت؟ إن فكرت للحظة أنها تشبه سوسن فأنت لا تستحقها.
تنهد و إستند إلى الكرسي بإعياء:
- فتحية حباً بالله لا أريد....
قاطعه:
- لا يهمني ما تريد و ما لا تريد يا ولد... إنني لست سها إن ظننت أنك سترهبني بكلامك و مناداتك لي بـ(فتحية) بهذه الصرامع فاسكت و أرحل فأنت واهم اصمت و إسمعني.
جلس يوسف يسمع ما تقوله توحه و هو يشعر بإحساس غريب هو مزيج عجيب من الراحة و الألم.... ما أن إقتربت توحه من إنهاء كلامها حتى تصاعد ألم حاد في صدره....لقد أخبرته ما أراد أن يصدقه في إلهام لكنه أدرك كم ظلمها و شك في أن بإمكانه إصلاح ما حدث.
وقفت:
- أظنك فهمت أن الفتاة لم تنوي أن تنشر المقال حتى قبل أن تعرفك و بعد أن عرفتك و أحبتك كانت مضغوطة بين فضح أختها و بين نشر أسرار حياتك و جرحك لكنها صمدت حتى النهاية ....و الآن بعد أن قلت ما عندي سوف أتركك وحدك لتفكر بما ستفعله.
خرجت و أغلقت الباب خلفها بهدوء... أخذ يحدق في الطاولة المجاورة لمكتبه... طاولة إلهام... تذكر كيف كانت تجلس متأهبة ... تنظر له بحماسة منتظرة أن يمليها الجملة التالية أغمض عينيه و هو يشعر بالحنين لها... يا إلهي لماذا دخلت تلك الفتاة إلى حياتي؟
***************************
إستفاق يوسف من غفوته عندما هزته يد نظر فوجد زوج اخته:
- هل ستقضي كل أيامك هنا؟ لقد أحضرت صينية لنتعشى معاً فأختك تقيأ كل ما تتناوله.
نظر يوسف لزوج اخته... إنه يحاول خداعه فهو يعلم أنه حتى لو تقيأت سها عليه لن يشمئز منها:
- محمد... إهب و تناول الطعام مع زوجتك.
- و هل ستستمر في تمثيل دور الرجل الخارق الذي سيعيش بدون طعام.
قال يوسف بحدة:
- أنا لا أمثل أي دور بل من حولي هم من يمثلون الأدوار.
نظر له زوج اخته بلوم:
- و أنت؟ ألم تمثل أكبر دور في هذه التمثيلية الرديئة؟ ما الذي فعلته هذا؟ عندما أخبرتني سها المشهد الأخير الذي حدث بينك و بين إلهام لم أصدق أنه أنت....
قاطعه يوسف:
- و هل أصبحت حياتي مشاعاً يتحدث فيه كل من ...
قاطعه محمد بإصرار:
- إننا عائلتك يا رجل و لن نقف نتفرج عليك و أنت تعود لقوقتك الكريهة كما حدث بعد زواجك من سوسن...لقد فعلت إلهام من أجلك ما لن تستطيع أخرى أن تفعله أو حتى أن تكون على استعداد لأن تفعله....
قبل أن يكمل زوج اخته كلامه تركه و خرج من الغرفة سمع صوته و هو يتنهد:
- يالك عنيد.
دار يوسف بالسيارة على غير هدى و عندما إنتصف الليل عاد للمنزل و توجه رأساً إلى غرفته... لم يستطع النوم و طيف إلهام يلاحقة إبتسامتها التي كان يشعر أنها تضئ أيامه.... ضحكتها الرقيقة الذي تلامس روحه...عذبه منظر الدموع في عينيها و هي تخلع الخاتم و تضعه على المكتب فكر بسخرية مريرة أن خطوبتهما أقصر خطوبة في التاريخ.
الساعة السادسة صباحاُ نزل إلى المطبخ و بينما كان يتناول قهوته دخلت توحه و حيته باقتضاب:
- صباح الخير.
قال لها:
- إن لم ترغبي في إلقاء التحية علي فلا داعي.
إلتفتت له متأهبة للرد لكنها صمتت عندما ظهرت سها و محمد على الباب... نظر لهما ثم قال بتذمر قبل أن يحمل فنجانه و يخرج:
- ما هذه العائلة النشيطة... مستيقظون و مستعدون للمشاجرة من السادسة صباحاً.
تنهاهى إلى سمعه صوت ضحكة محمد و قول سها بغضب:
- يوماً ما سأقتله و أريح العالم من تجهمه.
جلس يوسف محاولاً أن يبدأ رواية أخرى لكنه لم يستطع... لم تكن الأفكار تنقصه لكنه لم يستطع التركيز على شئ و كل ما يشغله هو إلهام و كيف تراها تكون الآن... هل تفتقده؟ هل تكرهه؟
رفع رأسه فرآى اخته التي إقتحمت غرفة المكتب و على وجهها تكشيرة لم يرها من قبل وقفت أمام المكتب و صاحت بسخط:
- ياإلهي ما أغباك يا أخي إن تلك المخلوقه التي طردتها و بكل قسوه من حياتك فعلت من أجلك.....
صرخ :
- يا إله العالمين...هلا تركتيني بحالي ...من أجلك ...من أجلك ....من أجلك ما الذي فعلته من أجلى؟.... كلما رآني أحد قالي لي (من أجلك)...
قاطعته أخت إلهام و هي تدخل:
نعم فعلت و فعلت الكثير من أجلك...لا تتأفف من الكلمه فأقل ما يوصف به حالها منذ أن عرفتك أنها عاشت من أجلك.
التفت لها و صاح:
- من أنت بحق الله؟
قالت له:
- أخت إلهام الصغرى.
وقفت سها بجوار نشوى و كأنها تريه أنها في صفها ...ابتسمت نشوى لما فعلته سها ثم عبست و هي تلتفت ليوسف:
- إنها الاخت التي طالما سخّرت إلهام نفسها لحمايتها لكنها لم تستطع مواصلة هذه الحمايه من أجلك....أتريد أن تعرف ماذا فعلت من أجلك أيضاً؟ سأبدأ بالقول أن عوني ....
قاطعها يوسف:
- مدير اختك.
صححت له:
- لا بل المدير السابق لاختي لأنها تركت العمل عنده و هذا أمر من الأمور التي تجهلها عنها...نعود لموضوعنا عوني كانت يبتز اختي لأنه كان يملك صور لي....
استمرت تخبره بكل شئ حتى إلتقت إلهام به.
- و هكذا بعد أن كتبت إلهام التقرير عنك قررت أنها لن تسلمه و لو مقابل حياتها و هذا ما أخبرتني به و أخبرتني أنها ستحاول أن تصل إلى حل مع عوني و كانت و بكل غباء تحتفظ بالتقرير في حقيبتها ...التقرير الذي عندما ذهبت لمقابلته رآه في حقيبتها و بعدها تبعها و سرقة من المنزل ... ونشر المقال و وضع إسمها عليه بالرغم من معرفته أنها لن تعطيه كلمة عنك و بعدها اتصل بها لتقابله ليرسل لك صوري و يوهمك أنها صورها قد يكون ذلك رغبة في أذية اختي و رداً على الصفعة التي سددتها له و على مرآى من الناس.
إزداد شحوب يوسف أكثر من ذي قبل:
- هل هذه الصور لكِ انتِ؟
نظرت له بغضب:
- ياإلهي لا أعرف كيف شككت للحظة بأنها لها....أحياناً أفكر أنك لا تستحق حبها ...لابد أن ظنك الرفيع المستوى فيها هو ما يؤلمها حتى الآن ....لقد دمرتها يا سيد يوسف و مازال حبها لك يدمرها.
جلس يوسف بعد أن أحس أن ساقيه فقدتا القدرة على حمله...نظرت سها لاخيها الذي لم تره بهذا الضعف يوما، أكملت نشوى:
- لقد تركت عملها حتى بعد أبدى رغبته في أن تستمر في العمل لديه و ذهبت له و أخبرته رأيها فيه بكل صراحه....لقد كنت هناك لقد كادت تحشر الجريده في حلقه أو بالأحرى كادت تخنقه عندما وصلت و أخرجتها من مكتبه بالقوة .... يا إلهي عندما وصلت كانت تهدده بانها ستؤذيه لو مسّك بكلمة و أنت تجلس في هذه الغرفة تستمتع بدور الضحية.... و الآن لنعود لما كنا نحاول انا و اختك اخبارك به و هو ما الذي فعلته اختي من أجلك....من أجلك ضربت بعملها الذي هو مصدر دخلها الوحيد عرض الحائط و هذا إن دل على شئ فهو يدل على انها لم تكن لتنشر عنك ما كتبت....من أجلك خاطرت باحتمال افتضاح اختها و انت تعلم ما الذي كان ليحدث لو رآى أحد صوري و لم يكن أحد لينظر للأمر على أنه حركه ساذجة كانت نتيجه غباء طفله.
قال لها بفظاظه:
- لا يبدو لي أن هذا لسان طفله.
صاحت سها به:
- يوووووسف.
قالت نشوى:
- اتركيه يا سها....نعم معك حق... ما جرى لاختي بعد رحيلها من منزلك جعلني أكبر...الحالة التي رأيتها تعيشها منذ ذلك الوقت و التي أنا و انت السبب فيها جعلتني أفكر...لما عليها أن تعيش طوال عمرها ترعى من حولها و تحميهم و في النهايه لا يكون من نصيبها إلا الألم على ايديهم...استاذ يوسف اختي منذ أن خرجت...اقصد منذ أن اخرجتها من حياتك و هي تعيش كمن لا حياة فيه...إنها تقتل نفسها...انعزلت عن كل من حولها و لا تبرح المنزل...تختلق اي عمل لتلهي نفسها به أعتقد أنه آن الأوان أن يعتني بها أحد و يكفي....لقد جئت اليوم لأخبرك أننا سننتقل من الاسكندريه و لن أخفي عليك أنه اقتراحي فانا اريد لها أن تنتهي من فصل المعاناة الطويل هذا.
عندما حاول يوسف ان يتكلم قالت له:
- انت لن تعلم ما فعلته بها لقد انكرت عليها حتى حق ان تدافع عن نفسها و بذلك سحقتها....إنها تذوي كورده انتزعت من مستنبتها...اختي لم تعرف يوما معنى التخاذل لكنها اصبحت التخاذل بعينه...لقد فقدت حماستها للحياة و انت من سرقتها منها.
صاح بها:
- يكفي....يكفي أيتها الآنسه الصغيره....لقد صمت و استمعت لكل كلمه قلتيها و تركتك تهينيني و تتهجمين علي و الله وحده يعلم لما تركتك تفعلين هذا...قد يكون هذا ما استحقه لانني آلمت اختك لكن اعلمي أنه لن يوجد أحد على وجه الأرض يمكنه أن يحبها كما أحببتها و كما سأظل احبها....إنها تجري في دمي و تسكن قلبي و حياتي من بعد رحيلها لم تعد حياتي كما كانت.
قالت سها و نشوى في صوت واحد:
- إذن ماذا تنتظر؟....صمتتا وابتسمت كل منها للأخرى ثم قالت نشوى:
- إذهب و أخرجها من بؤسها و إلا سنقلب حياتك جحيما أنا و سها.
ضحكت سها:
- أنا موافقه لكن بدون أن نحرك اصبعا أخي حياته صارت جحيما بدون اختك.
خرج يوسف و ترك الفتاتان تتكلمان و توجه إلى بيت إلهام بعد أن اعطته نشوى العنوان.
***************************
بعد أن أنتهت إلهام من توضيب حقائبهم ليسافروا للقاهرة تذكر أنها بحاجة إلى الذهاب إلى البنك فهي تحتاج لبعض المال... نظرت إلى أرجاء المنزل بحسرة... ذلك المنزل الذي تربت و نشأت فيه إن فراقه يصعي عليها كما هو فراقها عن يوسف كلما تتصور انها لن تراه و لن ترى الشوارع التي يسلكها...أنها ستفقد فرصة أن تلتقيه صدفة لكن كما قالت سها إنه الحل الأمثل يجب ان تبتعد عن كل ما يذكرها بيوسف لكنها لم تستطع أن تقول لنشوى أنه بلقبها و لا يمكنها ان تمحيه ما دام هذا القلب ينبض بالحياة.
كانت على أول الشارع عندما تذكرت أنها نست أن الطعام على النار... أسرعت الخطى و هي تفكر أنه لن يحدث شئ قد تعود لتجد الطعام متفحم لكنها عندما رات التجمع الكبير حول بيتها ركضت... كان الدخان يخرج من كل مكان:
- آه... لا... ياإلهي إن المنزل يحترق.
وقفت جامدة للحظة ثم عادت و ركضت بكل قوتها إلى الداخل و قد إنتابها الذعر... يجب أن أجده... يجب أن أجده قبل أن يحترق.
وجد يوسف مكان ليركن سيارته على بعد عشرة أمتار من منزل إلهام صعق عندما رآى دخان يتصاعد من نوافذه و رآى إلهام تركض لداخل المنزل....لم يستطع أحد أن يوقفها أحس يوسف أنه سوف يصيبه الجنون ركض كالمجنون و تخطى كل من حاول منعه من دخول البيت و عندما اصبح بالداخل وجد النار في كل مكان فصرخ:
- إلهام....إلهام أين أنتِ؟
ركض للطابق الثاني:
- ياإلهي لما كل إمرأة تدخل حياتي ينتهي بها الأمر إلى الإنتحار مؤكد أن الخطأ مني...أنا الذي أدفعهم للإنتحار لكن هذه المره لن أسمح بذلك....لن أسمح.
سمع صوت سعال إلهام فتتبع الصوت و لدهشته وجدها تبحث بين الأغراض فركض نحوها يسحبها لكنها كانت تقاومه و تعبث بأغراضها سمعها تهمس:
- وجدته.
شد الغطاء من على السرير و لفها به ثم حملها و نزل الدرج راكضاً و النار تلفح ذراعيه ، عندما وصل بها للخارج أنزلها ثم أمسك بكتفيها بخشونة:
- ما الذي كنت ستفعلينه بنفسك؟
نظرت لذراعيه:
- ياإلهي انظر ما الذي حدث لذراعيك لقد احترقــ.... قاطعها هادراً:
- اللعنة على ذراعي...أخبريني أيتها المجنونة لما كنت على وشك الإنتحار لقد كنت أظنك أعقل من ذلك.
نظرت له بدهشة لكنها عندما استوعبت ما يقول نفضت يديه من على كتفيها وصرخت به:
- أعقل من ذلك؟ لا... أظن أن فكرتك عني أسود من ظلام الليل...ثم أخبرني لو رغبت في الإنتحار ما همك أنت؟ ما همت إذا غرقت أو احترقت ؟ ما همك لو إختفيت من هذه الدنيا؟
أمسك ذراعيها و أخذ يهزها بعنف حتى أحست انها ستتكسر:
- ما همي؟ ما همي أيتها الغبية الحمقاء التي لا تملك ذرة عقل.
صاحت:
- توقف عن إهانتي سأخبرك أمراً فيبدو أنك لم تعد تعرفني و ما عرفتني يوماً أنا لم أكن بالداخل رغبة في الإنتحار بل كنت أريد أن انقذ وشاحي قبل ان تأكله النار.
نظر لها باستغراب:
- وشاح؟ أي وشاح لعين هذا الذي كان سيتسبب بأن تُشوي حية؟
كانت تمسك بشئ بشدة فانتزعه منها....صُعق عندما رآه و أخذ يضحك:
- إنه....صمت قليلاً ثم قال:
- ياإلهي كم أحبك يا فتاة....عزيزتي بدلاً من السعي وراء الوشاح اصفحي عن الرجل البائس الذي أهداه لك على قسوته و غباؤه و لسوف يأتيكي بكل أوشحة الدنيا.
نظرت له بعدم فهم فأمسك يديها و أخذ يتفحص وجهها برقة و قد إرتسمت على وجهه تلك النظرة الحانية التي افتقدتها كثيراً و قال:
- لقد جئت لأتوسل لك أن تغفري لي .... لأتوسل للإنسانه التي خلفت وراءها فوضى في حياتي لن يصلحها إلا عودتها.
قالت بعتاب و هي تنظر له بحزن:
- أنا لم أترك حياتك بل أنت الذي...قاطعها:
- أعلم و هذا ما سأظل نادماً عليه طوال عمري...ها؟ ماذا قلتي هل ستفكرين في العفو عن هذا المسكين؟ ابتسمت و انسابت دمعه على خدها، فنظر لها بحنان:
- لا...يكفينا دموعاً يا غاليتي من اليوم لن يكون لنا إلا الفرح.
لمست ظهره يد فالتفت ورآى رجل قال له:
- سيدي لقد أتينا للإسعاف.
التفت يوسف لإلهام و نظر لها بقلق فقالت تطمئنه:
- لا انا بخير لكن يديك...
هز رأسه :
- لا إنها...قاطعته إلهام و الرجل في وقت واحد:
- إن حالتها سيئه.
ذهب يوسف مع الرجل نحو سيارة الإسعاف بعد أن أصرت إلهام على ذلك و بعد أن ربطت ذراعيه بالضمادات إصطحب إلهام إلى سيارته متجاهلاً كل إحتجاجاتها:
- هناك أناس ينتظرونك منهم من إشتاق لك و منهم من هو قلق عليك إلى حد المرض لكنهم كلهم متفقين على إنهم سوف يقتلونني لو وصلت بدونك...لا بل سوف يعذبونني حتى أطلب الموت...كما أن بانتظارنا رواية لنكملها و إلاّ سيكون موتي على يد ياسر الذي يعرف أنني لن أكمل الرواية بدونك.
ضحكت إلهام فنظر لها بسرعة يتأملها، عندما أطال تفرسه فيها إحمرت خجلاً ثم صاحت :
- إنتبه للسيارات أمامك إننا على طريق ملئ بالسيارات...ركز على القيادة.
نظر أمامه و ابتسم:
- كيف لي أن أركز و أنا أسمع هذه الضحكة الطفولية الساحرة.
اختلس نظرة سريعه لها قبل أن ينظر أمامه و قال:
- مازلت تحمرين خجلاً عند أي كلمة بسيطة رغم أنها عادة قديمة لم تعد الفتيات تعرف للخجل معنى في قواميسهن.
قالت له:
و هل هو .....قبل أن تكمل:
- لا يا غاليتي إنه من أجمل صفاتك....أحياناً كنت أتعمد أن أحرجك لكي أرى هذا اللون الأحمر الجميل و هو يغزو وجهك.

يتبعــــــــ.....


















قراءة ممتعة.




roxan anna 05-15-2012 01:52 PM

و أخيييييييييييييييييرا

الفصل السابع عشر و الأخيييييييييييير


سعادتي و بهجة أيامي
عندما وصلا للمنزل إستقبلتها توحه بعناق كبير و سيل من الدموع... تركتها بعد أن قالت لها:
- لن أسمح لكِ أن تغادري هذا المنزل مرة أخرى هل تفهمين؟
ضحكت إلهام و هي تغالب دموعها:
- موافقة يا توحه... لكن لا تقولي لي هذا الكلام... قوليه ليوسف.
أمسكت أذنه:
- لن يستطيع هذا الفتى أن يضايقك مرة أخرى سوف أراقبه.
إبتسم يوسف:
- إتركيني يا توحه سوف تنهار صورتي أمام أختي و زوجتي.... و لن أنسى سليطة اللسان نشوى.
ضحكت إلهام و سها على منظر نشوى التي وضعت يديها في خصرها في وقفة غاضبة، تركته توحه:
- سأتركك لتلاقي جزاءك على يدي نشوى.
قالت سها موجهة كلامها لإلهام:
- لو علمت ما قالته نشوى ليوسف و كيف واجهته لن تصدقي.... لقد وصفتيها لي كثيراً لكنك لم تقولي أنها الشجاعة بعينها.
ابتسمت إلهام و نظرت بمحبة لأختها التي قالت:
- و الآن أظن أن يوسف يحتاج إلى أن ينفرد بها فهناك الكثير من الإعترافات.
خرج الكل و وقفت إلهام صامتة تنتظر أن يتكلم يوسف الذي جلس بدوره ساهماً... قال بشرود:
- لقد كدت أجن عندما رأيتك تركضين لداخل المنزل و هو يشتعل بالحريق... لقد ظننتك .... صمت ثم مسح وجهه بإحباط، نظرت إلى وجهه المرهق وتقدمت و جلست بجواره:
- إنك تعرفني.... ما الذي دفعت إلى الإعتقاد إنني يمكن أن أفعل مثل هذا الأمر... إنتحار؟؟!!
- الكثير من الأمور... و صدقيني الأمر لا يتعلق بكِ... إنه بي... لقد أصبحت أشبه اللعنة فكل إمرأة دخلت حياتي و إقتربت مني إنتهى بها الأمر إلى الموت.
إعتصر قلبها... ما هذا الذي يفكر به؟... تابع كلامه:
- والدتي فعلتها و من بعدها سوسن و هذا ما حملني على الإعتقاد...
قاطعته:
- نسبة إلى رجل ذكي يعد ما تفكر به حماقة... حماقة كبيرة... هل تصدق ما تقوله حقاً؟
نظر لها بحنان أذاب قلبها:
- لا أعرف ما أصدق... أخبريني أنتِ بما تصدقينه عني و سوف أصدقه.
إبتسمت:
- سوف أقول لك و ليعينني الله إن تملكك الغرور بسبب ما سأقوله... لا يوجد شئ يتعلق بك قد يدفع المرأة لليأس... قد تدفعها لحبك لدرجة اليأس لكن أن تكون تعيسة... راغبة في الموت؟ لا أعتقد... عندما تعرفت عليك في المرة الأولى وجدك جلف عديم الإحساس لكن بعد ذلك تعرفت على أروع شخص قابلته أو قد أقابله في حياتي... كلما أنظر لك أنت و سها و أنتما تتبارزان بالكلام... كلما أراكما و أنتما تتمازحان كان قلبي يختلج... حنانك في التعامل معها... إحترامك لتوحه... تصادقك مع محمد زوج سها... محبتك لكل من يعمل لك كل هذه الأمور لا تدع لقلب المرأة مجالاً إلاً أن يقع في حبك.
نظر لها بصدمة ثم ما لبث أن تمالك نفسه و سألها و إبتسامة مشاكسة إرتسمت على وجهه:
- لا أريد قلب أي إمرأة إنها واحدة فقط التي أريد أن أعرف تأثيري عليه.
إحمرت خجلاً:
- ها أنت تعود لتتفوه بهذه الجمل المحرجة لتتسلى على حسابي... فأنت تعرف شعوري تجاهك.... بالنسبه لموضوع الإنتحار فوالدتك أقدمت على ذلك في لحظة يأس بعد أن إكتشفت أنها آذت نفسها قبل أن تؤذي والدك بخيانتها له أما سوسن فتوحه لا تظن أبداً أنها إنتحرت و بعد ما سمعته عنها إتفقت معها... نحن نعتقد أن ما حدث هو حادث أودى بحياتها مؤكد أنك تعرف أن زوجتك السابقة لم تكن تحب غير نفسها فكيف لها أن تقتل نفسها من أجل أحد.... فلا تدع هاتان الحادثتان تشكلان عقدة لك.
عبست:
- لا يمكنك أن تتخيل ما كنت أحس به و أنا أكتب ذلك المقال البائس عنك... لقد شعرت بالخسة... لقد شعرت....
قاطعها:
- لقد إنتهى الأمر... لا داعي...
- لا بل هناك داعي... فأنا أعرف كم جرحك الأمر... أعرف ما تعنيه لك حياتك الخاصة.
إحتوتها نظراته المحبة:
- لكنك لا تعرفين ما تعنينه لي... و ما تعنينه لي لا يضاهي ألف مقال ينشر فيه كل ما يتعلق بحياتي منذ ولدت... لن أخفي عليك الألم الذي شعرت به عندما قرأت المقال و قرأت إسمك أسفله لكنه لا يضاهي الألم الذي خلفته عندما خرجت من حياتي... و عندما أفكر بالموضوع الآن أجد أن أكثر ما أغضبني ليس ما نشر بل أنكِ أنتِ من كتبته.
- أريدك أن تعرف أنه ما أن حان موعد تسليم المقال لم أستطع لم تكن قوة في الأرض لتجبرني على....
قاطعها:
- أعلم... أعلم يا عزيزتي الصغيرة... لقد قالت لي نشوى كل ما حدث أريد أن أهنئك فلقد إعتنيت بها جيداً... إنك لكِ أخت مقاتلة بإمكانها تدبير أمورها على خير ما يرام.
مد يده في جيبه و أخرج خاتم الخطوبة:
- و الآن هل ستسمحين لهذا الرجل البائس أن يضع هذا الخاتم في يدك مرة أخرى على أن لا يخرج من مكانه.
ترقرقت عينيها بالدمع و مدت يدها له، بعد أن وضعه في إصبعها إنفتح الباب فجأة لتقع نشوى و سها أرضاً... إنفجرت إلهام ضاحكة بينما تدحرجت دمعتين على خديها، صاح بهما يوسف:
- أيتها الجاسوستان.
جلستا أرضاً و قالت نشوى:
- تصحيح سوف تخلع إلهام الخاتم.
نظر لها يوسف بإستفهام فقالت لها:
- عندما تتزوجان... أي عندما ينتقل من يدها اليمنى إلى يدها اليسرى.... لقد كنت تقول لها (على أن لا يخرج من مكانه).
ضحكت إلهام مرة أخرى بينما هز يوسف رأسه:
- لا أمل منكما... لا أمل.
سألها:
- ترى متى يحدث ذلك؟
نظر يوسف لإلهام:
- ما رأيك؟
أطرقت إلهام برأسها فتعالى ضحك سها و نشوى، رفعت إلهام رأسها و نظرت إلى عينيه:
- في الموعد الذي تراه مناسباً.
سخرت منها نشوى:
- يا لها من زوجة مطيعة.
قالت سها:
- ما كل هذا الخضوع؟!!
فكر يوسف " لو كل نساء الكون إنقلبن جبانات خاضعات هذا ما لن تكون عليه إلهام أبداً" همست إلهام و هي ما تزال تنظر إلى عينيه:
- لو قلت غداً فليكن... اليوم فليكن... فمن أجلك أكون على إستعداد لأي شئ في هذا الكون.
صمتت سها و إلهام مذهولتان تنتظران رد يوسف و الذي لم يُخيّب أملهما عندما قال و نظراته غارقة في عمق عيني إلهام:
- من أجلي فعلتِ الكثير والآن... حان دوري.
***************************
دهش الجميع عندما حرص يوسف أن تحضر الصحافة في حفل الزفاف الكبير الذي أقامه بعد ثلاثة أشهر من عودة نشوى قائلاً أنه لم ينتظر إلا من أجل نشوى... بعد إمتحاناتها مباشرة بدأ في تحضيرات الزفاف تحت تغطية إعلامية كبيرة.
أقيم الزفاف في حديقة منزل يوسف الكبيرة .... كان الزفاف في أوجه عندما نظرت إلهام إلى زوجها الجالس بجانبها بكل أناقته و إعتزازه بنفسه الذي يظهر حتى في نظراته.... عندما أحس بنظراتها إلتفت لها و إبتسم إبتسامة جميلة حعدت أطراف عينيه فنسيت للحظة ما كانت مقدمة على قوله... هزت رأسها بخفة و سألته عن سبب هذه الضجة الكبيرة قال لها بذلك الحنان الذي صارت تعهده فيه:
- كنت أتجنب الصحافة لأنني كنت أعيش في ظلام الماضي لكن فتاة ساحرة دخلت حياتي كالجنّية ذات العصاة السحرية و أخذت بيدي للنور... نور المستقبل الذي أريد أن أشارك العالم كله فيه... أريدهم أن يشهدوا على سعادتي و بهجتي.
كانت تنظر له بسعادة و هي مبتسمة إبتسامة أنارت عينيها العسليتان اللتان خطفتا قلب زوجها (كما قالت سها)
- لا يمكنني أن أصف لك سعادتي بكلماتك هذه.... كنت أخشى أن يكون ما فعلته على كره منك فأنا أعلم أنك تكره الصحافة و كل ما يمت لها بصلة.
كانت تقصد كونها صحافية سابقة... ابتسم:
- حبي لكِ محى كل كراهية كانت في قلبي.... إنني الآن أرى العالم من خلالك.... يا سعادتي و يا بهجة أيامي.




ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ 05-15-2012 07:03 PM

حلو كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرررررر رررررر

roxan anna 05-16-2012 02:14 PM

شكراااااااااااااااااااااااااااااااااا
اااااااااااااااااااااااااااااعية المرروووووووووووووووووو
ررررررررررررررررر

Black.cat-xiii 05-20-2012 09:03 PM

Thanks alot for that beautiful story

White broken Angel 06-20-2013 03:54 PM

القصة روعةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة



لا تنسي اعلامي عن باقي رواياتك


وشكرا

ذكراى 06-22-2013 09:24 PM

وااااوه أحب قصص التي فيها رومنسيه رائعه وهادئه

تابعت جميع القصص التي تنقلينها

شكرا لها

الغزاله الشقيه 07-31-2014 05:44 PM

الرواية رووعة
بشكرك على مجهودك في النقل

valshe-kun 08-17-2014 04:36 PM

الرواسة حلوة

Florisa 03-02-2015 02:14 AM

تم فهرسة الفصول

Freesia | فريسيا 05-02-2015 08:04 PM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

http://www3.0zz0.com/2015/03/05/03/660298149.png
مميزة , تقدمي دائما للأمام
~ رحيق الأمل ~
السلام عليكم ورحمةة الله وبركاته 💛
كيف الحال ؟ 💛
ان شاء الله بخير 💛
ما شاء الله اعجبتني الرواية كثيرًا 💛
اعجبتني لي سلاسة أحداثها واحببت الشخصيات 💛
احببت تلك الرومانسية الخفيفة الهادئة 💛
بانتظار المزيد من الروايات الجميلةة التي تنقلينها 💛
تم الرد + اللايك + التقييم 💛
في أمان الله ~ 💛
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

ريشهه # 05-02-2015 08:28 PM

موقععي القميل ~
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.foxpic.com/VCcN6wms.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
http://www.foxpic.com/V2Ogq7p3.png

http://www3.0zz0.com/2015/03/05/03/660298149.png

متألقة كالعادة ق4
~ رحيق الأمل ~
http://www.foxpic.com/V1GHx9YX.png

كيف الحال ؟! اتمنى أن تكوني بصحة جيدة و7ق9

الرواية رائعة بشكل خاآرق
^454^ق9

اعجبتني إلهام بتصرفاتها وعفويتها وإدارتها للمو
اقف:ناميا:ق9

أما شقيقتها نشوى فغلطتها تلك هي التي أجبرت إلهام لفعل هذا :cry:ق9

ولو لم تكن إلهام تهتم بشقيقتها لما أعارت موضوع فضيحتها أدنى إهتمام :8:
ق9

رحلتها المشوقة كانت رائعة ومغامراتهاياي5ق9

حقبقة أعجبني السرد كثيراً بسلاسة وخفة وببساطة
ياي3ق9

شكراً لكِ على هذا النقل الجميل
:th:ق9

لو لم تنقليها لما كنت قد قرأتها الآن هنا
:44:ق9

أبدعتِ باختيارك الموفق للقصة خ6
ق9

http://www.foxpic.com/V1mi5Wjv.png

http://www.foxpic.com/VUPEU2cf.png

[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

زيزي | Zizi 05-04-2015 02:36 AM

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/23_04_1514297985143413.png');border:4px outset coral;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]http://up.arabseyes.com/uploads2013/...9851414771.png

http://www3.0zz0.com/2015/03/05/03/660298149.png
للأمام دائماً , دمتي للتميز عنوان
~ رحيق الأمل ~
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رواية جميلة جداً استمتعت بـ قرأتها
كان خيار صعب وضعت به إلهام ان تخالف مبادئها من اجل ان تنقذ اختها
او ان تريح قلبها و ضميرها لم يكون بالامر نقاش فـ هي اتتخذت قرارها من البداية
اكثر شخصية اعجبتني هي سها فد اضافت جانب مرح لطيف بالرواية
لم اكرهه يوسف فقد كان معذور منذ البداية فقد واجهه الحقيقة المرة و الادلة التي ارسلت إليه
و ولا ننسي انه قد قاسي ماضي مؤلم لكنه أخطأ حين سجن نفسه بين جدران الماضي
و تأتي صدفة القدر لتجمعه بـإلهام كان لابد من ان يشك بالامر لكني سعدية
ان إلهام اختارت ان تتبع قلبها من البداية و لم تخن مبادئها ولولا خبث مديرها عوني
لما اختلفت مع يوسف ابداً لكنها كأنت لابد ان تتحلي بالشجاعه لتخبر يوسف بكل شئ
لا ادري في إي جزاء انقلبت الاحداث وصار يوسف هو المخطئ الذي يطلب المغفرة
لكني أرئ ان إلهام هي المخطئة لا اظن ان راي هو المهم لكني سعدت بالنهاية
شكراً لنقل الرواية لكي كامل ودي و شكري
تحياتي في امان الله
http://up.arabseyes.com/uploads2013/...9851424772.png[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

KAREN 05-07-2015 03:05 PM

[align=center][tabletext="width:90%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/157407/butterfly-kiss-pink-design.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]


http://www3.0zz0.com/2015/03/05/03/660298149.png
رائعة , إلى الأمام
~ رحيق الأمل ~
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتك بالخير اختي
كيفك ان شاء الله بخير

حبيت روايتك كثير
خاص ان القصة والاحداث مالوفة
استخدمتي عبارات بسيطة وسلسة
والقرائة كانت سهلة وسريعة
القصة جدا جميلة ومشوقة افكارك ابداعية ماشاء الله

وتعطي معنى للاخوة والتعاون
ومسايرة الاخرين وتقبل اخطائهم
وفيها عبر كمان
ودروس مفيدة للقارئ
الله يعطيك العافية اختي
ودمتي في رعاية الله
سلام


[/align]
[/cell][/tabletext][/align]

Aria_chiii 06-22-2015 12:47 AM

القصه رائعه اهنئك علي هذا الابداع

أﻣ̲يےږة ﺂ̲ﻟ̲ﻋږﺷ̲ 07-09-2015 05:09 PM

[click=انتي أكثر من رائعة]روايتك أكثر من روعة ......... والأحداث روووعة تمنيت لو يكون الها جزء ثاني
انتي رح تكوني كاتبة ناجحة والأحداث متسلسلة .......عنجد الرواية كانت اكثر من روعة
ودامي على الابداع و بنستنى روايات ثانية منك ........[/click]

http://www5.0zz0.com/2015/07/09/17/673329348.jpg http://www5.0zz0.com/2015/07/09/17/663842272.jpg


http://www5.0zz0.com/2015/07/09/17/486985048.jpg

Abo alNouR 07-13-2015 11:37 AM

روووعة
الله يعطيكي العافية
بتجنن

جولي سايا 07-15-2015 06:30 AM

رواية رائعة
والاهم إن النهاية السعيدة
في انتظار جديد قلمك وشكرا

Akari Himi 09-14-2015 06:50 PM

اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك روووعة


الساعة الآن 09:54 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011