كل الشكر لكل الردود الحلوة

والتي شجعتني و افرحتني كثيرا :rose: :7b:

وتكرم عيونكم يا أحلى قُرّاء
"
"
"
"
"
"
"
"




في ساحة التدريب وقف ككاشي بوسط زوبعةٍ من ألوان سوداء زرقاء و صفراء برتقالية
ليفصل بين الفتَيْين اللذين لم يتوَقّفا عن النزال عندما أعلنَ وقت الاستراحة , و لم ينصاعا و يجلِسا عندما طلَب اليهما ذلك, بل بقيا واقفين متَحفّزَين للهجوم بمجرّد أن يبتعد عنهما الرجل ذو القناع
هنا تدخّلت الصبِيّة و هي تحسّ أن الوقتَ قد حان لتُنفّذ ما خطّطت له في البيت:
-ككاشي سينسي, لا يبدو أنّهما مُتعبان , و المنازلة ممتِعة فعلاً , لوأنّ طاقتي لم تنفد لكنتُ استمرّيت معهما , لماذا لا نرتاحُ كِلانا ونتركهما بحماسِهما
-نعم سينسي!خصوصا أنني وعدت المتعجرفَ بأني سأغلِبه اليوم
-و أنا أعدُك الآن بأن أحلامك الذهبية لن تتحقق!
-سأعلمك حجمك الطبيعي أيها المغرور
- يالك من معتوه
و هكذا عاد المتنافسان الى اشتِباكِهما دون أن يهتما إلى ككاشي ,
فتنهّد كعادته و دعا الفتاة لتجلس معه عند النصب التذكاري
-معكِ حق , يبدوانِ بأحسن الأحوال , سأتدخّل فقط قبلَ أن يقتُلا بعضهما بدقائق ما رأيك؟
ضحكت من نبرتِه اليائسة , و أخذت تراقِبهما . بدا أنهما لن يترُكا النزال في وقت قريب, وهنا كان علَيها أن تنتهِز الفرصة فقالت متصنّعة التعب:
-سينسي؟أحس بأني لستُ بخير , فهل تسمح لي بالانصراف و لتتابعوا التدريب من دوني اليوم
كان المُقَنعُ مشغولا بقراءة كتابِه فلم يهتمّ كثيراً:
-لا بأس , أرجو أن تتحسّني قريباً
شكرتْه و غادرت ساحة التدريب , لكنها لم تتّجِه الى بيتها , بل اتخذت الطريق التي سلَكتْها مساء أمس, واتجَهت مباشرةً الى بيت ساسكي, بعد أن تأكدت أنّ أحداً لم يرَها وهي تدخل الحارة القديمة , التي لا تزال مخيفةً رغم أشِعّة الشمس المتراقصة من سماء غائمة .
اقتربت من باب بيته ملتفِة حولها للاحتياط , ثمّ جربت أن تفتحه ,و طبعا كان مقفلا...
و هل يُعقَل أن يترك ساسكي باب بيته مفتوحاً؟! التفتت الى النوافذ متأمّلة ... حتى ساسكي أثبَت البارحة بأنه من الممكن أن يسهو , ألم يَجنِ على نفسه بأن أخذ حافظتها بدلا من خاصّتِه؟!
وعثرت على نافِذة واحدة مفتوحة فتبسّمت بِشَرٍّ ...فعلا كما يُقال"غلطةُ الشّاطرِ بألف!"
تسلّلت من النافذة للداخِل و تجوّلت قليلا , حتّى وصلت غرفةَ نومٍ بسيطة , لا تبدو متروكةً كباقي الغرف , فقرّرت أن تُفتّش فيها , آمِلَة من كل قلبها أن تجِد دفتراً في مكانٍ ما , فشخصٍ مثل ساسكي...انطوائيّ...قليل الكلام...عميقُ التفكير...بعيد عن الآخرين
ليس من المُستبعَدِ أبدا أن يبوحَ بخطراتِه الخَفيّة الى الاوراق...
و بعد أن بحثت في كلّ مكانٍ ألقت بنظرة تحت السرير كمُحاولة أخيرة
وهناك وجدَت ضالّتها المنشودة أخيراً! دفتَر سميك أزرق اللون , يقبع في الزاوية اليُسرى تحت الفراش, والوجهُ الامامي منهُ هو المُلامس للأرض
تناولته و انسحبت من المكان على جناح السرعة , و ركضت لبيتها كما لو كانت مُلاحقةً بالفهود!!
و لم تلتقِط أنفاسها الا حين أغلقت باب حجرتِها , و اتّكأت عليه
ثمّ نظرت الى ما بينَ يديها.
من الغلاف الخارجي بدا واضحاً أنها مفكّرة , و ليست أيّ دفترٍ عادي
كَشرت ساكورا عن بَسْمة ماكرة , و تمدّدت على سريرها مُتّكئَةً على الوسادة , و قرّرت أن تقرأ ما تستطيعُه , قبل أن تغرُب الشمس معلِنة الوقتَ المعتاد لانتهاء تدريب الفريق السابع
فتحتِ الصفحة الأولى بعناية فائقة و قلبها يخفق بشِِدّة
و أخذت تلتهِمُ بعينيها الحروف , و صوته ينساب في بالِها كما لو كان يروي لها بنفسِه
:
:
:

بعد حوالي خمس سنوات ...تَرى هذه الورقة الاولى النور لأوّل مرة, فمنذ أعطاني الهوكاجي الثالث هذه المفكرةَ لَمْ أبالِ يوماُ بها ...مازلت أتذكر أنه قال لي وقتها شيئاً عن حاجة الانسان لشخص ٍ يثِق به ليتَحدّث معه, فإن لم يَجِد فعليهِ بالكتابة , حتى لا ينفجر و يقضيَ على نفسِه ....و اليوم , اليوم بالذات, أحسّ أنني فعلا أكاد أنفجر غيظا و كمدا بل و حقدا على الجميع
اليوم تخرّجنا من الاكاديمية...الكلّ كانوا سعداء...تباً لهم!لو يعرفون كم أكرههم! الابناء منهم و الاباء و الامهات!هل أنا شرير؟! لا أدري ...لكن ...وحيدٌ ؟ نعم, بلا شك....وحيد جداً...أشدّ وحدةً من الفتى البرتقالي...ماذا كان اسمه؟نسيت فأنا لمْ أنادِه يوماً سوى "فاشل" هذا اذا اضطرِرت لمناداته....رأيته اليوم جالساً بمفرده على أرجوحةٍ مهمَلاً لا أحد مهتمّ لأمره, لا أنكِر أني أفهم حزنَه , ولكن...هو في نعمةٍ لا يكاد يُدركها...أليس الافضل أن يَعيَ على الدنيا ليجِد نفسَه بمفرده منذ البداية, على أن يكون لديهِ أبٌ فخور يردّد بكبرياء"هذا هو ولدي" ...و أمّ رائعة تستقبله بابتسامتها الجميلة...و أهل و أقارب وأصحاب و جيران...ومِن ثمّ يفقد كل ذلك...وبسبب من؟!أخيهِ الذي كان كلّ شئ...كلّ شيء!أخيه الذي مزّق الصورة الشفافة الرائقة المرسومةَ له بكلّ برود....
ألاّ تعرِف ماذا تعني الأسرة , أفضل بكثير أن تعرف و تفقِدَ كل ما تعرفه!

هنا رأت خطوطاً حلزونية , كما لو كان راسِمها يفكر قليلا ...
ومن ثم...
حسنٌ ...هذه كانتِ المحاولة الاولى, ربما كان الهوكاجي على حق...أعتقِد بأنني سأعود الى هنا دائماً, اذا كانت الكتابة ستساعِني على البقاء بلا مَسٍّ عقليٍّ حتى أقتل أخي الكبير ...

***
رمشت عدّة مراتٍ كما لو كان وجهه يتراءى لها من بين تلك الكلمات , عابساً حانقاً , و داعبَت أصابعها الحروف المحفورة , والتي دلّ عمقُ أثرِها في الورقة على أنّه كان يمسك القلم بقوّة أثناء كتابته.
صحيحٌ أن الجميع يعلمون بالمجزرة الرهيبة التي حصلت للاوتشيها , و أن الاخ الاكبر للطفل الناجي منها هو من قتل العشيرة برمّتها
لكن هذا الناجي كبر وترعرع ناجحاً مُتماسكاً هادئاً غير مُهتزّ الشخصية , لم تتوقّع ساكورا أن يكون في داخِلِه كل ذلك الغضب,
لكنّها تستطيع أن تتفهّمَ , خصوصاً وهي أيضا تتكتّم في أغلبِ الأحيان على أحاسيسها الحقيقية , و لا تُظهِرها على الملأ
أخذت نفساً عميقاً ...و ألقت نظرة أخيرة على جملةٍ كانت قد استرعت انتباهها , و استجلَبت في نفسها الاسى "ألاّ تعرِف ماذا تعني الأسرة , أفضل بكثير أن تعرف و تفقِدَ كل ما تعرفه"
طوَتْ ساكورا طريقها الى الصفحة التالية وتابعت بِنهم.....
:
:
:
:
: