عيون العرب - ملتقى العالم العربي - ما أشبه الحياة بالطريق

أنت مسافر في رحلة ما في الصباح الباكر قبل طلوع الشمس حزمت حقائبك وانت الآن مستعد للانطلاق .وتنت في ظلمة الليل تتأهب للخروج لا تدري هل ستسافر أم أن عارضا ما سيلغي الرحلة وإلا فإنك لا تدري ماذا ينتظرك فيها من مفاجآت ,تماما كما تبدأرحلة حياتك تخرج من ظلمة الرحم فإما تنتهي رحلتك قبل أن تبدأ أو تبدأوأنت لا تعلم شيئا عما ينتظرك فيها ( وأخرجناكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا )
أنت بدأت رحلتك و ركبت السيارة ودعت لاأهلك وانطلقت وانت تسير تحن للنوم كثيرا في البداية تماما كالطفل الصغير ورغم نتوءات الطريق ( ارتفاعه و انخفاضه و منعرجاته )إلا أنك لا تميزه كثيرا ثم تبدأ أشعة الشمس تتخلل ظلمة الليل الذي ينسلخ من النهار دون حد يفصل بينهما فتبدأ معالم الطريق في الوضوح فتبتهج لطلوع الشمس وأنت مستبشر بما ستراه وتسمعه في باقي الطريق
مشيت بضع أمتار وخلال ذلك راحت المتعة تنسلخ من قلبك وبصرك كما انسلخ اللليل من النهار وراح التعب يتسلل إليك وأصبحت تحس أن الأمر لن يطول كما
تخيلت بسيطا وسهلا و ممتعا أخذت المرتفعات تتعبك ولكنك أحببتها لأن الاحساس بالارتفاع رائع يشعرك بالعزة و البقاء و القوة لكنه ما يلبث أن ينتهي ولابد أن ينتهي ليبدأ انحدار قد يسهل عليك القيادة وتسترخي فيه عضلاتك لكنه أيضا يشعرك بالغثيان فالانحدار رغم سهولته إلا أن طعمه و الاحساس به سيئ
ثم تواصل المسير و الطريق تأخذك يمينا ثم شمالا ثم تصعد ثم تنخفض وانت تراقب فإذا نظرت من حولك ترى أشياء أخرى كثيرة يستهويك بعضها و يعجبك
البعض , و ترتاح لبعضها ويخيفك البعض فيها , السحب الغيوم التي تغطي السماء أحيانا و تتجلى لتظهر زرقة السماء الرائعة .الضباب و الطيور و الأشجار و البلاد المختلفة منها المتقارب و المتباعد , أشياء واضحة تبقى في ذاكرتك مهما
ابتعدت عنها و أشياء متشابهة لا تفرق بينها كلحظات الزمن منها المتشابه كأنه منسوخ و منها المتباعد كأنه من زمن غير الزمن .
فيها جبال عظيمة تدهشك بارتفاعها وإذا رأيت الطريق تمر معها تود لو أن السيارة تتوقف أو تنعرج مبتعدة عن قلب الجبل لكنها لا تبتعد و يجب عليك أن تمر معها ولأنك يجب أن تكمل رحلتك فليس أمامك إلا أن تعبر وأنت تقترب ينقبض قلبك و تخشى السقوط لكنك تستمر و... تستمر و... تستمرفإذا بالجبل قد ولـــى وخرجت منه لأنه لم يكن نهاية مشوارك ثم تواصل المسير وأنت تقترب من النهاية
وربما فاجأك حادث لم تتوقعه فينهي رحلتك قبل الوصول للهدف وكم ستكون محظوظا ان لم يحدث لك ذلك و أنهيت رحلتك بسلام
ألا ترى معي أنه ( ما أشبه الحياة بالطريق )
غير أنك تعلم طول الطريق و لاتعلم طول حياتك
غير أنك ان قررت التوقف في الطريق فليس لك أن توقف حياتك
غير أنك ان أردت الرجوع في الطريق رجعت ومتى شئت أما في حياتك فلا تملك أن ترجع خطوة واحدة
وان كان السفر متعة تعود إليه متى شئت فالحياة فرصة واحدة لا تتكرر أبدا
فإما تجعلها أنت سعيدة وآمنة باتباعك للحق واما تجعلها معيشة ضنكى باتباعك للباطل
فاختر أي الطريقين تحب أن تمشيها

اجعل السفر والطريق فرصة لتتفكر في خلق الله
فستحب السفر رغم تعبه .