عيون العرب - ملتقى العالم العربي - الطفـل المُشـرد .. قصـة لـ مآلكـ أبـو عريش

السـلآم عليكم ..
أقدم لكم قصـة قصيـرة قرأتهـآ فأعجبتنـي .. من تـأليـف مـآلكـ أبـو عريش ..

الطفل المُـشرد ..

:rose:

كان الصباح باكراً، وكان الصبي المشرد، ابن الثلاث عشرَ خريفاً، نائماً على حجر، نصفه الأعلى عارِ إلا من ملابس داخليةِ مقطعةِ،استيقظ ووضع الحجر أمامه، وأخذ القميص الملفوف حوله، بعد أن نفضَ أطراف النوم عن عينيه، فاجأه رجلٌ ضخم، رفع قدمه على الحجر، وقال: امسح بسرعة، هيا.
وأخرج من جيبه عدة قروش، نظر الولد إلى يدي الرجل وقال بعد أن رمقه بنظرة ازدراء: هل ستعطيني بضعةَ قروش لأمسحَ لك حذائك؟
نظر الرجل إليه باحتقار، وقال: كُنت أنوي أن أعطيك مالاً إضافياً، ولكن يبدو أنك لا تستحق أي شيء.
رد الطفل: آخذ 4 جنيهات مقابل مسح الأحذية.
ضحك الرجل وقال باستغراب ممزوج بالتهكم: وهل تظن نفسك من ماسحي الأحذية ذوي الطبقة الثرية؟، لن أدفع أكثر من نصف جنيه، مثلكَ مثل كل من يعملون عملك.
رد الطفل: إن أردت أن أمسح لك حذائك تدفع 4 جنيهات.
أنزل الرجل قدمه وهم بالذهاب، لكن الطفل استوقفه وقال: نعقد اتفاقاً، آتي إلى منزلك يومياً لمدة أسبوع، ألمع لك حذائك مقابل 4 جنيهات تدفعها لي مرةً واحدة.
ضحك الرجل وقال: نحن في زمن متقدم، ماسحي الأحذية يعقدون صفقات. بدأ الرجل المشي فتبعه الصبي دون أن يعير كلامه أي اهتمام.
- حسناً فليكن أسبوعان؟
قال الرجل بحزم وقد أدرك أن الصبي لن يتركه بسهولة.
- لست بحاجةٍ إلى هذا فأنا خرجت على عجلةٍ من أمري هذا الصباح، فلم ألمع حذائي في المنزل، ويبدو أنك ستأخرني أيها الثرثار.
- صمت لحظةً ثم أكمل بـهزل: رغم أن عرضك يبدو مغرياً
رد الصبي بصوتٍ أعلى رغبةً في الحسم: اسمع، فليكن شهراً أو عاماً كاملاً أو عامين أو كما تريد، ، آتي فيه إلى منزلك وألمع حدذائك وأحذية أهل بيتك، مقابل 4 جنيهاتٍ تدفعها لي مرة واحدة.
توقف الرجل ونظر إلى عيني الطفل، وقد ظن أن الطفل يحاول خداعه في أمر ما، وقال:
لماذا تريد 4 جنيهات أدفعها لك دفعةً واحدة؟
- نظر الطفل إلى القميص المهترئ بين يديه وفتحه فإذا به بضعة قروش، ثم قال بصوتٍ خفيض، وقد بدا عليه الإنزعاج:
هذا قميصي به هذه القروش أكسبها من حمل الأغراض عن أصحابها طوا النهار، ولا أجد مكاناً لحفظها، فأخلع قميصي وأضعهن به وأنام، وفي اليوم التالي أشتري بها قوت يومي، وألبس القميص مرةً أخرى وهكذا، أريد 4 جنيهات لأشتري بها صُرةً أحفظ فيها قروشي فأتمكن من لبس القميص طوال الوقت، فيكف الكثير من الناس ومنهم أنت عن تخيل أنني ماسح أحذية، حين يرونني أحمل القميص في يدي والحجر أمامي، فأنت لست أول من يضع حذائه مكان رأسي.

أرجو أن تزودونـي بتعليقـآتكم ..