وقد كان الأمر يمكن أن يترك عند حده هذا ليكون أمثولة ومثلا على ضلال بعضا من خلق الله ممن فى قلوبهم مرض إذ يتبعون ما تشابه من النصوص إبتغاءا للفتنة وابتغاءا لتأويلها بحسب ظنهم الذى ظنوه ليرديهم لولا سؤال سائل منهم عبر رسالة بريدية على الخاص " لماذا نمنح الرسول حق التشريع؟؟؟" ظنا منه بعلمه وعقله أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تنتهى عند حد الإنذار والتبشير والبلاغ عن الله رب العالمين كرحمة منه سبحانه وتعالى بخلقه المكلفين المأمورين بإتباع المرسلين ।!وهنا وجب القول أنه من المؤسف أن يكون هذا حال من يدعون أنفسهم أنهم قرآنيين أو حتى سنيين فى حدود الإتباع والإستنان بقول للرسول إذا وافق ما جاء بالقرآن الكريم ।، ومرد ذلك الأسف بل وأيضا التشكيك ليس فى النوايا وحسب بل أيضا فى صحة الإيمان وسلامة الإعتقاد عند هؤلاء ومن يحذو حذوهم أو يروج لأفكارهم ولو حتى من باب التزرع بحرية الرأى والتعبير।، هو مقتضى الإيمان والتسليم لله ورسوله الذى نحن مأمورون به (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) فى عطف لمعطوف على عاطف بلفظة ((الواو)) التى تقضى المشاركة بينهما فى الحكم والفعل على السواء ।، نا هينا عن أمر الله للمؤمنين بأن يطيعوه صلى الله عليه وسلم فى كل ما يأمر به وينهى عنه وقرن طاعته سبحانه وتعالى بطاعته صلى الله عليه وسلم فى القرآن بأكثر من بضع وسبعون موضعا وقبل بضع وثمانون ।، إضافة لما به أقر وأوجب الصادق الأمين الذى لاينطق عن الهوى وإنما هو وحى يوحى علمه إياه شديد القوى من أن مصادر التشريع هى القرآن والسنة وإجماع الأمة والقياس ثم إجتهاد أولى الأمر।، وذلك فى الحديث الذى رواه الشيخان البخارى ومسلم عندما أرسل الرسول أحد أصحابه ليلى أمر جماعة من الناس فقال له بماذا تحكم بينهم أو فيهم ؟؟ على إختلاف الروايات قال بقول الله ।! قال فإن لم تجد؟؟ قال بسنة رسوله .! قال فإن لم تجد؟؟ قال أقيس وأجتهد رأيى ولا آلوا.!! ثم زاد العلماء الإجماع لأنه صلى الله عليه وسلم قال ((ما اجتمعت أمتى على ضلالة أبدا)) .، وفى كل دلائل الإسناد والقياس بل فى كل ماورد من التشريعات بحسب مصادر التشريع لا ولم ولن نجد ما يؤيد قول هؤلاء عن الحج بغير ما تواتر من روايات ، وصدق من أخبار أجمعت عليها الأمة .، ولكن يبقى لهؤلاء زعمهم وظنهم الذى أبدا لم يكونوا فيه بدعا من بعض خلق الله الذين يضلهم الله على علم عندهم فيتخذون إلاههم هواهم، و يتبعون الظن وإن الظن لايغنى من الحق شيئا .، قال تعالى(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ)القصص:50، وقال تعالى(وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)الأعراف:176، وقال تعالى(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)النساء:135. وقوله تعالى(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)الجاثـية:2३ لأن صاحب الهوى ليس له معايير ضابطة، ولا مقاييس ثابتة، يردُّ الدليل إذا خالف هواه لأدنى احتمال، ويستدل به على ما فيه من إشكال أو إجمال، وإذا لم يستطع ردَّ الدليل لقوته، حمله على غير وجهه، وصرفه عن ظاهره إلى إحتمال مرجوح بغير دليل. ،وأيضا صاحب الهوى إذا كان عنده شيء من العلم الشرعي ((مفزع كل مفترٍ، ومأوى كل مبطلٍ، ومستشار كل طاغٍ، وفتنة كل جاهل، بما يسوغه لهم من الآراء الباطلة، ويسوقه لهم من الأدلة الزائفة، ويلبس عليهم به من الشبه الصارفة)).، وقال الحسن البصري: "شرار عباد الله الذين يتبعون شرار المسائل ؛ ليعموا بها عباد الله"। ،و صاحب الهوى تسهل إستمالته من قبل أعداء الأمة، والمتربصين بها الدوائر، فسرعان ما يرتد خنجراً في خاصرة الأمة، وسوطاً يلهبُ ظهرَها،إما جهلا وكبرا أو عمالة وخيانة وعيناً يكشف سرها، ويبدي سوأتها، ويهتك سترها، داعيا لتثبيط العزائم، وإماماً لكل متهتك وخائن. ،ولذا يعد صاحب الهوى مفرق لجماعة المسلمين، مبتغٍ لهم العنت والمشقة، الطعن في الصالحين ديدنه، والهمز واللمز دأبه، والحسد طبعه. وتراه معتزلاً كل من يخالف هواه، وإن كان أهدى سبيلا، مقرباً لكل من هو على شاكلته وإن كان للشيطان قبيلا.، وفى هذا قال شيخ الإسلام بن تيمية : "والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينًا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادًا لا اعتمادًا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه، ويقولون: نفوّض معناه إلى اللّه، وهذا فعل عامتهم"...!! فاللهم قنا شرورهم وشر كل من يحذو حذوهم أو يروج لأفكارهم.!! اللهم آمين।!! ******