عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   قصص قصيرة (https://www.3rbseyes.com/forum156/)
-   -   مفاهيم هامة في القصة القصيرة (https://www.3rbseyes.com/t144546.html)

فارس الاحزان 12-27-2009 03:15 AM

مفاهيم هامة في القصة القصيرة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانت فكرة انشاء قسم للقصص بأقلام الأعضاء فكرة غاية في الروعة من جانب الإدارة
حيث كان في السابق عدد الأعضاء الذين يكتبون القصة بأقلامهم يكاد يعد على أصابع اليد
لكنهم ظلموا بسبب كثرة القصص المنقولة ..
ولكن أتكلم معكم بكل صراحة ولست بأفضلكم في هذا المضمار ولكن ما حبي لهذا المنتدى
أن معظم ما قرأته هنا في هذا القسم يحتاج لإعادة النظر
وحتى نقف - وأنا معكم - على عتبات بداية جديدة لدراسة وفهم فن القصة القصيرة حتى يمكن حينها
أن نقيم أنفسنا وكتابتنا خير التقييم
فلهذا فكرت في وضع بعض الأفكار والمفاهيم عن فن القصة القصيرة كي نتعلم كلنا
وهي للحقيقة مجهود بعض الإخوة والزملاء في مكان آخر بالإضافة إلى تجميع بعض المقالات المتناثرة
من هنا وهناك عن القصة القصيرة ..

********************************
(1)

هذه اضاءات في دربنا لتعلم فن رائع هو فن القصة القصيرة الذي "اخذ من الشعر توترة وكثافته ومن الفن الدرامي حركته وسرعة ايقاعه" كما قال بعض النقاد

(1) كيف تتذوق القصة القصيرة : (اضاءات سريعة)


1- في البدء يجب قراءة القصة عدة مرات للتعرف الى مضمونها ومحاولة الوقوف على عناصرها وادواتها ولغة الكاتب فيها...ولا بأس من معرفة خلفية عن الكاتب تشي بمضامين قصصة ومفاهيمه وافكاره التي يعبر عنها في كتابته.

2- لنعود الان الى عنوان القصة من حيث الجدة والتركيب والابتكار والعلاقة بينه وبين مضمون القصة ؟ وادواتها من (زمان ومكان وشخصية) واتفاقه مع الجو النفسي العام للقصة ....الخ


3- تاتي جملة الابتداء في القصة : واهميتها تاتي بانها تقود القارئ الى الاقبال على القصة او النفور منها وقد تكون دليلا للحكم على اسلوب الكاتب ومنهجة .....

4- الشخصية القصصية : هل استطاع الكاتب رسم الشخصية بدقة ؟؟ بداية من اختيار الاسم وانسجام هذا الاسم مع صفات الشخصية او مستواها المادي او الاجتماعي او الثقافي وارتباطه بالبيئة او الموروث من عادات وتقاليد...وماهي وسائل الكاتب في اظهار هذه الشخصية ودرجة اقتناعنا بها وبالفكرة التي تحملها

5- الحدث : في القصة القصيرة يجب ان يكون هناك حدث رئيسي واحد حتى وان تعددت الاحداث الجزئية وهذا الحدث يجب ان ننتبه له من حيث الواقعية ومستوى معقوليته وفنية الكاتب في تجسيدة وتصويره

6- الزمان والمكان : فهل الزمان الذي يستغرقة الحدث زمن خارجي او نفسي داخلي ؟ وكيف عبر عنه القاص وهل للمكان دلالة ما في سياق القصة ؟

7-الوحدة : وحدة الهدف والحدث والانطباع فالفكرة الاساسية من القصة يجب ان تكون واضحة تماما وتستاثر اهتماما القارئ ولا تشتته وتدخله في اجواء القصة من البداية حتى اخر كلمة....الوحدة عنصر مهم جدا تظهر منه حذاقة القاص وفنيته في كتابة قصة جيدة
8-اللغة القصصية : هذا ما يميز كاتب عن اخر.....فلكل كاتب لغة قصصية خاصة به ومفردات وتراكيب يلجأ اليها .....فاللغة هي وسيلة الكاتب في ايجاد قصة ذات بنية جمالية وفنية تشي بالمضمون وتميز الكاتب في ذات الوقت.



كيف تكتب قصة قصيرة

1- أول مميزات القصة القصيرة هو حجمها ، فهي لا تزيد عادة عن عشرين أو ثلاثين صفحة ، كما قد تصغر إلى أن تكون صفحة أو صفحتين ، وهذا هو الحجم المناسب للنشر في مواقع شبكة ( الإنترنت ) .او حتى في الكتب

2- ومع أهمية الحجم ، فإنه ليس الفارق الجوهري ، بل إن أهم عناصر القصة القصيرة هو الفكرة أو الحدث الذي تقوم عليه القصة ، وأهم ما يميز الحدث فيها أنه مركز وبسيط ومختصر ، فإذا كانت القصة أو الرواية تشبه الشريط السينمائي في امتداده وتتابع مشاهده ،فإن القصة القصيرة تشبه المنظر الذي تلتقطه آلة التصوير دفعة واحدة ، ومن زاوية واحدة .


3- لكي يصل الكاتب إلى هذا التركيز والتكثيف الذي تتميز به القصة القصيرة فإنه :

أ- يختار مشهداً معيناً ، أو حادثاً ، أو شخصيّة في موقف أو ما شابه ذلك من جزئيات الحياة اليومية .

ب- ثم يعطي هذا المشهد شكلاً فنيّاً له بداية ، وعقدة ، ونهاية يصلح التوقف عندها .

4- شخصيات القصة القصيرة محدودة وقليلة ، هي أحياناً شخصية واحدة أو شخصيتان .

5- والزمان الذي تمتد عليه حوادث القصة القصيرة محدود بيوم أو أيام ، وربما ساعات أو لحظات .

6- والمكان كذلك محدود ؛ لا يتعدى حدود البلد الحي .

7- والحدث الأساسي الوحيد ، أو الشخصية الرئيسية ، هو الذي يقود البناء اللغوي ،
8- وإذا استعمل الحوار فإنه :

أ- يكون مختصراً ، يطوي دلالاته ورموزه في أقل قدر من الكلمات .

ب- ويكشف عن طبائع الشخصيات وسماتها النفسية متضامناً مع الحركة الحسيّة والتحليل النفسي ، والوصف الخارجي .

9- وتنتهي القصة القصيرة عادة بلحظة التنوير ، وهي التي تمثل ختام الحادث .

10- وبقدر ما يكون الختام طريفاً ومفاجئاً ومرتبطاً بما مضى من القصة تكون روعته وتوفيقه .

11- كما أن استطاعة القارئ أن يعرف نهاية القصة قبل أن ينهي قراءتها يفسدها تماماً .
هل قرأت يوما كتابا .. وقلت في نفسك ( حبذا لو أكتب أنا أيضا قصة ؟ ) . تعالوا معي ..
لنترجم الحلم .. الى واقع .. فلست بحاجة الى كمبيوتر لتكتب القصة .. كلما تحتاجه هو ..
الإرادة .. الفكر .. الهدوء .. والورقة والقلم .. لكتابة قصة !!! مستعدون .. اذن هيــــا بنــــا ...


+++++++++++++++++++++++++++




الإلهــــــــــام


حاول أن تستلهم وتستوحي من مخيلتك أجواء القصة والأحداث . ومن المهم أن تكون الفكرة
جيدة وشائقة لنجاح القصة
..


تذكــــر
:
ابق دفتر ملاحظات وقلم في متناول يدك في أي مكان . دون دائما الأفكار التي تخطر
في بالك .... اقرأ كتبا متنوعة لتكوّن مجموعة واسعة من الأفكار التي يمكن أن تفيدك ...


+++++++++++++++++++++++++++




البدايــــــــة

يمكنك أن تحدد مجموعة من الأفكار التي ستشكل القصة ، فترسم مخططا
واضحا عما تريد الكتابة عنه . كما يمكنك أن تبدأ الكتابة .. وتترك تطور الأحداث حسب الشخصيات ..
استوحي القصة من حادثة حصلت معك أو أمامك .. أو مع أحدهم وامزج الواقع بالخيال ..
تذكر جيدا أن لكل قصة بداية وعقدة ونهاية . ويمكنك أن تبدأ من النهاية ثم تسرد الأخبار كما حصلت ..

+++++++++++++++++++++++++++




البطل أو البطلة

من هم أبطال قصتي ؟ حدد هوية كل شخصية بالتفصيل . دون الأسماء وارسم لكل شخصية
طباعها وأفكارها لتتعرف إليها عن كثب .. لتتمكن من رسم صورة محددة .. اختار الأسماء لهم ..
أو ابتكر أسماء وهمية ..

+++++++++++++++++++++++++++




قاوم التعــب


اذا شعرت بأنك مسجون داخل فكرة .. ولا تعرف كيف تعبر عنها .. أو أن قلمك عاد لا يسرح على
الورق وجفت الأفكار .. خذ قسطا من الراحة .. اخرج من المنزل .. اعمل أي شيء ..
ولكن لا تمسك كتابا !!! ولا تخف فخ النسيان .. بعد الراحة ستعود الأفكار الى ذهنك حتما ...

++++++++++++++++++++++++++++




القــــــــراءة


بعد انهاء القصة التي كتبتها .. اترك الفكرة بضعة أيام وانسها تماما ثم عاود قراءتها ..
ستلاحظ مجموعة من الأخطاء الإملائية .. كما أنك ستضيف تعديلات أساسية أو ثانوية على
القصة .. قد تغير مجرى الأحداث .. كذلك يمكن أن تكون دون تأثير .. ستشعر حتما بالرضى عن
النتيجة النهائية التي تحصل عليها .. ولا تبدأ القصة الثانية إلا بعد مرور وقت طويل من
الراحة والاستجمــــــــام


..مصطلحات مفيدة

1- تيار الوعي (Stream of Consciousness):

اسلوب فني يحاول تسجيل الفيض التلقائي للانطباعات التي تنساب خلال عقل الشخصية القصصية او الروائية وهو يبنى على تداعي الخواطر وتشابكها مفتقدا الى المنطق والتسلسل المألوف في الحياة اليومية


2-الحدث (Action) :

يؤثر في الشخصية ويتاثر بها وثمة احداث جزئية صغيرة(even) ترتبط ارتباطا عضويا في الاغلب بالحدث الرئيسي للقصة وينمو الحدث تصاعديا سواء في زمن داخلي او زمن خارجي.

3-الحوار الخارجي (Dialogue)
:
وهو حديث يتم بين شخصين او اكثر تضمنه وحدة الموضوع والاسلوب والطابع العام، هدفه استحضار الحلقات المفقودة من الاحداث والافكار وتتجلى قيمته في تحليل الافكار والاتجاهات وفي الكشف عن اعماق النفسيات، ويجب مراعاة استخدام اللغة المناسبة للشخصية فلا يتحدث شخص بسيط التعلم مثلا بلغة فلسفية عميقة او العكس


4-الحوار الداخلي (Monologue)

وهو حوار يفترض ان يتم في داخل الشخصية بصوت مسموع وهو اقرب الى مناجاة الشخصية لنفسها.


5-الرمز (Allegory) :

وهو البعد الاخر للمستوى الواقعي للغة، اذ يفضل الكاتب الا يصرح بالمعنى الذي يريده مباشرة لغايات فنية او موضوعية فتغدو اللغة قادرة على الاشارة الى معنيين في الوقت نفسه، واقعي ورمزي


6-الشخصية (Character)

هي العنصر الانساني في العمل القصصي، يتفاعل مع الحدث وسائر العناصر ويؤثر ويتاثر هناك شخصية مسطحة (flat) تبقى على حالها والى شخصية نامية (Round) تنمو وتتغير بفعل ارتباطها بالاحداث وثمة شخصيات رئيسية واخرى ثانوية



لكي أكون كاتب قصة جيد .. لابد من توفر التالي:



1- أن أحمل هم التغيير في الواقع المعاش.
2- و ذو رؤية في الحياة.

3- و بالتالي، ناقداً للواقع.

4- وهذا سيجعلني لمّاحاً لأي حادثة أو موقف يصادفني.

استوحي القصة من حادثة حصلت معك أو أمامك .. أو مع أحدهم وامزج الواقع بالخيال " الإبداع.

إقراء وإقراء وإقراء. فبالقراءة تغني عقلك بالأفكار والمناهج والأساليب. وبها تغني لغتك بالمفردات والقواعد والإملاء، وبها تتسع رقعة خيالك وتمتلئ بالصور والمجازات."


قراءة القصص و غيرها (لأكون مطلعا).




من الصعب بمكان التحدث عن فن القصة القصيرة جدا كجنس ادبي جديد نسبيا دون توفر دراسات او مراجع تناولته بالبحث والدراسة الا اننا ومن بعض القرآءات نستطيع ان نكون رأيا قد يكون اضاءة او اشارة لهذا النوع من الكتابة

فكما ان الفرق بين القصة والرواية يكمن بمحدودية الزمان والمكان وشخوص القصة وكثافتها اللغوية نستطيع القول ان القصة القصيرة جدا تمتاز عن القصة القصيرة بانها تكثفت للدرجة التي أخذت بمقاييس مختلفة لتحديد المكان والزمان فالمكان قد يتواجد تلميحا لا تصريحا أو في اطار اشارة سريعة جدا وقد نستنتجه كما قال محمود شقير* "من الفضاء الذي ترسمه القصة القصيرة جدا دون التصريح بحضورة وهذا لايعني انه غيب "

كما ان الزمان في القصة القصيرة جدا قد يصبح مركزا ومحدودا بحدود تلك اللحظة التي نطالع بها القصة الومضة كما اطلق عليها احيانا

وتجدر الاشارة الى نقطة هامة وقد تكون نقطة فارقة بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا وهي الخاتمة او لحظة الانكشاف فالقصة القصيرة اعتمدت نهايات مختلفة كالنهاية المفتوحة او النهاية المفاجئة الا ان الخاتمة او النهاية في القصة القصيرة جدا اعتقد انها هي كما يقال "مربط الفرس" فيجب ان تكون مفاجئة مدهشة تحمل في طياتها عنصر المفارقة والتشويق

و اسمحوا لي ان اشبه ما تحدثة القصة القصيرة جدا في عقلية القارئ بما تحدثه السكين الحادة في الجلد ....ففي اللحظة الاولى لانغراس السكين بالجلد نشعر بسخونة الدماء الا ان ما يتبعها من الم حاد هو تماما ما يجب ان تقوم به القصة القصيرة جدا



مثال



القصة بعنوان (اختطاف) للقاص محمود شقير



اقتباس:
أحضرت الحصان إلى غرفتها، ثم قيدته من قوائمه وربطت عنقه إلى ساق السرير، وأمرته أن يكف عن الصهيل كيلا يستيقظ الجيران، فتجأر حناجرهم بالصياح والغضب، أو تذهب بهم الظنون حد اتهامها بإحضار كائنات غريبة إلى غرفتها بعد انقطاع السابلة، وانطفاء الأضواء.

أذعن الحصان لرغبتها كما اعتقدت، ثم نامت مطمئنة فوق سريرها كما لم تنم منذ أجيال، استيقظت صباحا لم تجد اثرا للحصان ولا لسريرها الذي فرّ من تحتها تحت جنح الظلام.حدث هذا لدهشتها البالغة والباب مازال موصدا من الداخل تماما مثلما كان قبل ان ينام الحصان.




اختطاف :

القصة بإختصار تتحدث عن فتاة أحضرت حصان الى غرفتها وقيدته من قوائمة وربطت عنقة إلى السرير ونامت مطمئنة لتستيقظ فلا تجد الحصان ولا السرير ولدهشتها الباب لايزال موصدا من الداخل كما كان قبل ان ينام الحصان

الكاتب أعطانا مفاتيح للقصة لتحليلها والقاء الضوء عليها :
الحصان /الصهيل/ السرير/الباب/ النوم/ الظنون/ اتهامها بإحضار كائنات غريبة الى غرفتها......الخ


فالحصان يرمز للرغبة والصهيل هو ما يعتمل بصدر الفتاة من غرائز تكبتها والسرير هو المكان الذي قررت ان تئد عليه رغبتها وتقيدها لتنام مطمئنة الا ان ما حدث ان الشيخوخة داهمت الفتاة فاختفى الحصان اختفى بالضبط لان الباب مازال مغلقا من الداخل ....ولم يذعن لرغبتها كما ظنت بل فر واخذ معه سريرها ليأتي الصبح وقد اختفى كل شيء .....

1- المكان : تواجد في معناه الحميمي الخاص "غرفتها"

2- الزمان : "تحت جنح الظلام" "انطفاء الأضواء وانقطاع السابلة" هذه الكلمات تدل ان الزمان كان ليلا

3- الشخصيات : الشخصية رغم عدم الخوض في تفاصيلها فهي "انثى" من تاء التأنيت التي احتوت عليها الافعال "احضرت" قيدت" ربطت" أمرته" ....الخ كذلك نستطيع من خلال قرآءة النص ان ندرك ان هذه الفتاة غير متزوجة بل هي ارادت ان تكبت رغبتها "قيدته من قوائمه وربطت عنقه الى السرير" شخصية وجلة تتحسس اراء الاخرين دون الانتباه الى حاجاتها الخاصة "كيلا يستيقظ الجيران" ربما هي شخصية معقدة تظن انها تستطيع ان تقيد رغبتها ثم تنام مطمئنه ...وكأنها وجدت الاكتفاء الذاتي بوحدتها لذا اختفاء الحصان وسريرها (لما يعنيه من انطفاء الشباب والرغبة والطمأنينه) أثارا دهشتها البالغة، فالشخصية رغم عدم الاطراد في التحدث عنها الا ان القصة قدمت لنا وصفا متكاملا للشخصية ونفسيتها من خلال الحدث الموجز والكلمات ذات الدلالة.


4-الحدث : "احضرت" ، "قيدته" ، "أمرته"، "اذعن"، "نامت" ، "استيقظت"، "فر" كل هذه الأفعال تعطينا الحدث المتصاعد في مساره حتى لحظة التنوير الاخيرة.

5- الخاتمة : "حدث هذا لدهشتها البالغة والباب مازال موصدا من الداخل تماما مثلما كان قبل ان ينام الحصان." من رأي ان هذه الفقرة الختامية مهمة جدا فلو توقفت القصة عند فرار الحصان فحسب لكانت القصة عادية اي انها لاتكشف شيئا فمن الطبيعي ان يفر الحصان (تنطفئ الرغبة) بعد ذهاب الشباب ولكن الدهشة التي اكتنفت الشخصية والباب الموصد من الداخل تماما كما كان قبل ان ينام الحصان (الكاتب ذكر نوم الحصان وليس نوم الشخصية) كل هذه الامور اتت مهمة لتضع ما اراده الكاتب في صورته النهائية ولتعطينا مفارقة مهمة وهي ان الباب المفتوح هو ما سيبقي الحصان والسرير والباب المغلق هو بالضبط ما جعل من فرار الحصان بالسرير امرا حتميا

استطاعت القصة رغم مساحتها القليلة ان ترسم بنية كاملة لقصة قصيرة جدا، تحمل مضمونا وهدفا وبنية متكاملة.

يتبع إن شاء الله

*GHADA* 12-28-2009 06:48 PM

موضوع اكثر من رائع
ونفس ملاحظاتك انا تكلمت فيها من قبل
مع بعض الاعضاء
فإن شاء الله ملاحظاتك وموضوعك
يكون بداية خطوات ناجحه لكتابة القصه القصيره
ولك جزيل الشكر

سمسمة محمد 12-28-2009 06:56 PM

موضوع جميل للغاية يستحق الوقف عنده
لقرأته و دراسته جيدا ...
جزاك الله كل خير على تلك الملاحظات الرائعة
و اتمنى ان نعمل بها جميعا لتكوين قصة قصيرة
ذات معانى جميلة
لك ودى و شكري
..
.:44:

فارس الاحزان 12-29-2009 01:22 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ghada alfiky (المشاركة 1984514)
موضوع اكثر من رائع

ونفس ملاحظاتك انا تكلمت فيها من قبل
مع بعض الاعضاء
فإن شاء الله ملاحظاتك وموضوعك
يكون بداية خطوات ناجحه لكتابة القصه القصيره
ولك جزيل الشكر

إن شاء الله وهذا ما نسعى إليه وهو أن يكون هذا القسم متميز بمعنى الكلمة وهذا يحتاج لمجهودات الجميع
ومعرفة فن القصة القصيرة .. وارجو ممن يمر ويقرأ - بعناية - هذا الموضوع أن يقارن بما يكتبه
وبين الملاحظات والمفاهيم هذه حتى يصل بغذن الله تعالى إلى الأفضل وإلى التميز وهذا ما أتمناه ونتمناه جميعاً
أشكرك أخت غادة على حضورك الطيب


فارس الاحزان 12-29-2009 01:46 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمسمة 20008 (المشاركة 1984536)
موضوع جميل للغاية يستحق الوقف عنده
لقرأته و دراسته جيدا ...
جزاك الله كل خير على تلك الملاحظات الرائعة
و اتمنى ان نعمل بها جميعا لتكوين قصة قصيرة
ذات معانى جميلة
لك ودى و شكري
...:44:


أهلاً أخت سمسمة وأشكرك هلى تواجدك الطيب وإعجابك الفكرة والموضوع
وإن شاء الله يستفيد الجميع لما فيه الرقي لهذا القسم

فارس الاحزان 12-29-2009 02:35 AM

فنّ القصة القصيرة وإشكالية البناء

يعدّ فن القصة القصيرة من أحدث الفنون الأدبية الإبداعية حيث لا يجاوز ميلادها قرنا ونصف قرن من الزمان، حتى ان الدارسين والنقاد يعتبرونه مولود هذا القرن(1)؛ بل أن مصطلح "القصة القصيرة" لم يتحدد كمفهوم أدبى إلا عام 1933 فى قاموس أكسفورد.

وقد كان من أبرز المبدعين لهذا الفن الحادث "ادجار ألان بو الأمريكى" و "جودى موباسان الفرنسى" و "جوجول الروسى" الذى يعدّه النقاد أبا القصة الحديثة بكل تقنياتها ومظاهرها وفيه يقول مكسيم جوركى: "لقد خرجنا من تحت معطف جوجول"(2).

ومن هنا فالقصة القصيرة بتقنياتها الحديثة وأسسها الجمالية وخصائصها الإبداعية المميزة وسماتها الفنية لم يكن لها فى مطلع القرن العشرين شأن يذكر على الإطلاق(3).

وقد كان وراء انتشار هذا الفن الجديد وشيوعه عالميا وعربيا طائفة من الدوافع والعوامل من أبرزها " انتشار التعليم وانتشار الديموقراطية وتحرير عبيد الأرض من سلطان الإقطاع وثورة الطبقة الوسطى وطبقة الـعمال والفلاحين، كذلك بروز دور المرأة فى المجتمع واسهامها فى مجالات الحياة والميادين الاجتماعية والسياسية والفكرية والفنية، وما شهد العصر من تـطور علمى وفكرى وحضارى وصناعى كما لعبت الصحافة دورا مهما فى رواج هذا الفن ونشره، كما لا يخفى دور المطبعة وانتشار الطباعة فى ازدهارها..ونتيجة لكل ذلك "أصبحت القصة القصيرة من مـستلزمات العصر الحديث لا يضيق بها، بل يتطلب رواجها بانتشارها وكثرة المشتغلين بتأليفها لأنها تناسب قلقه وحياته المتعجلة وتعبر عن آلامه وآماله وتجاربه ولحظاته وتأملاته"(4).

وهكذا بدأ فن القصة القصيرة فى الظهور والانتشار فى الأقطار العربية على ما بينها من تفاوت ما بين خمسينات هذا القرن وستيناته نتيجة لمجموعة من العوامل الحضارية التى شهدتها المنطقة بعد التغير الجتماعى الواسع فى أنماط الوجود بها وتبدّل طبيعة الحياة الاجتماعية فيها عقب اكتشاف النفط خاصة وبعد دخول المطبعة وظهور الصحيفة وتغير طبيعة النظام التعليمى وظهور جمهور جديد من القراء ذى احتياجات ثقافية جديدة، وغير ذلك من العوامل التى ساهمت فى ميلاد القصة القصيرة فى المشرق العربى"(5) مما أشرنا إليه آنفا.

وقد كان للنقد موقف خاص متميز من القصة القصيرة ربما كان وراء تأخر انتشارها وشيوعها فى الحياة الأدبية، وهذا الموقف صنعه موقف الناس من القصة والقاصّ على حد سواء، حيث كانوا يعدون القصة عامة، والقصة القصيرة خاصة شيئا يتلهى به الإنسان فى أوقات الفراغ كما كانوا يعدونّ كاتب القصة متطفلاً على موائد الأدب لا يستحق اكثر من الإهـمال والاحتقار"(6) مما جعل كتّابها ينشرونها فى الصحف والمجلات تحت عنوان "فكاهات"، كما دفع هذا الموقف بعض القصّاص إلى عدم ذكر أسـمائهم على رواياتهم التى يبدعونها على نحو ما صنع "محمد حسين هيكل" فى رواية "زينب" عندما مهرها بـ "فلاح مصرى". وطبيعى أن يكون لمثل هذا الموقف من القصة والقصة القصيرة خاصة أثر بالغ فى انحسار تيارها وتأخر انتشارها فى الحياة الأدبية العربية لتحل المترجمات التى أخذت تشيع آنذاك محل المبدعات، حيث "كان أكثر ما يقدم لجمهور القراء منذ أواخر القرن الماضى حتى أواخر الثلث الأول من القرن الحاضر هو من قبيل الترجمة والاقتباس، حتى جمع أمين دار الكتب فى بيروت لها معجما أثبت فيه نحو عشرة آلاف قصة مترجمة من مختلف اللغات(7)؛ وهذا يؤكد أن ظهور الـقصة القصيرة وفن القصص عامة والمسرحيات أنما كان عن طريق معرفة الآداب الغربية فى أعقاب الاحتكاك الثقافى والفكرى والأدبى الذى حققته النهضة الحديثة التى اجتاحت العالم العربى فى هذا العصر الحديث.

وعلى الرغم من قصر عمر القصة القصيرة/ هذا اللون الأدبى المبدع فإن شهرتها وشدة اعتناء الأدباء والنقاد بها وحرصهم على إبداعها جعلها بصورة من الصور تزاحم وتنافس الشعر الذى يعدّ أهمّ الأنماط الأدبية الإبداعية على طول تاريخها الفسيح لتحقّق لها شعبية واسعة.

وتكمن أهمية القصة القصيرة فى أنها شكل أدبى فنى قادر على طرح أعقد الرؤى وأخصب القضايا والقراءات(8) ذاتية وغيرية ونفسية واجتماعية، وبصورة دقيقة واعية من خلال علاقة الحدث بالواقع وما ينجم عنه من صراع وما تمتاز به من تركيز وتكثيف فى استخدام الدلالات اللغوية المناسبة لطبيعة الحدث وأحوال الشخصية وخصائص القص وحركية الحوار والسرد ومظاهر الخيال والحقيقة وغير ذلك من القضايا التى تتوغل هذا الفن الأدبى المتميز.

ومما يلفت النظر فى ما تطالعنا به المطابع مما يطلق عليه مصطلح/ أسم القصة القصيرة أنه ليس من القصة القصيرة فى شئ فيما وراء محدودية الكلمات والصفحات؛ وكأن هذا المظهر هو أهم ما ينبغى أن يحافظ عليه الكتّاب ليعدّ نتاجهم من فن القصة القصيرة..

ومن غير شك فإن النقاد أسهموا فى تمييع مصطلح القصة القصيرة وانصهار تقنياتها الفنية بسبب عدم التزامهم بتلك المقاييس التى طرحناها وتسامحهم فى تقويم ذلك النتاج ويتغاضون عن مخالفاته الواسعة وتجاوزاته لتقنيات هذا الفن الأدبى وكأنهم يقومون إنتاجا واقعا مفروضا عليه مصطلح القصة القصيرة ولا يقومون القصة القصيرة عندهم من خلال التقنيات الفنية والـمعطيات الجمالية المرصودة لها فى إطار التعريف المناسب لها، وهذا هو سرّ الخلط والاضطراب الذى ساد هذا اللون الأدبى الممتع. وفى الحقيقة أن تـسرّع المبدعين لهذا الفن وغفلة نقادهم أو تسامحهم عن متابعة تـقصيرهم والتنبيه المستمر عليه هو الذى شوّه تقنيات القصة القصيرة وأحدث فيها كل ذلك الاختلاط والاضطراب وليس كما زعم بعضهم من أن "حداثتها جعلتها غير قادرة على خلق تقاليد أدبية خاصة بها"(9) وربما كان هذا الموقف وراء الأزمة التى تعانى منه القصة القصيرة، وفى الحق أن القصة القصيرة قادرة على تحقيق مكانة أدبية سامقة فى سلّم الأنماط الأدبية الإبداعية عندما يحرص مبدعوها، ومن ورائهم نقادها، على التزام الطرائق الفنية الصحيحة فى إبداعها غير خالطين لها بغيرها من ألوان الإبداع الأدبى، وهذه الطرائق أو الخصائص تقوم على مظهرين: مظهر القصّ وعناصره المتعددة: الحدث والشخصية والحبكة والحوار والسرد والعقدة والحل والزمان والمكان، ثم المظهر الانطباعى/ وحدة الانطباع الذى تحققه القصة القصيرة فى العادة لعدم تعدد الأحداث وتنوع الشخوص فيها ولتركيزها على أزمة واحدة.

ومن هنا نجدنا ملزمين بتحديد أهم المقومات الفنية والجمالية للقصة القصيرة التى ينبغى أن يلتزمها مبدعوها ونقادها على السواء لتتحدد لها هويتها المستقلة عن سائر الأنماط الأدبية المشابهة.

تعريف القصة القصيرة:

لعلنا لا نجاوز الحقيقة عندما نزعم أن عدم وجود تعريف محدد لمصطلح "القصة القصيرة" هو أهم الأسباب التى أوجدت الاختلاط بين القصة الـقصيرة وغيرها من الأنماط الأدبية مما يدفعنا إلى ضرورة تحديد مفهومها، أو تعريفها تعريفا محددا يجعلها فنّا أدبيا خاصا متميزا عن غيره من فنون الأدب وبرغم ما يلقانا من تعريفات النقاد والدارسين للقصة القصيرة فـإننا نود أن نختار منها ما يذهب الو أن القصة القصيرة المحكمة هى سلسلة مـن المشاهد الموصوفة تنشأ خلالها حالة مسبّبة تتطلّب شخصية حاسمة ذات صفة مسيطرة تحاول أن تحلّ نوعا من المشكلة من خلال بعض الأحداث التى تتعرض لبعض العوائق والتصعيدات/ العقدة، حتى تصل إلى نتيجة قرار تلك الشخصية النهائى فيما يعرف بلحظة التنوير أو الحل فى أسلوب يمتاز بالتركيز والتكثيف الدلالى دون أن يكون للبعد الكمّى فيها كبير شأن(10).

وواضح أن هذا التعريف يحدد الحدث الجزئى الذى تقوم عليه القصة القصيرة وما يتصل به من تطور وتنام تقوم به الشخصية الحاسمة وربما الوحيدْ فيها عبر إطار محدد من الزمان والمكان؛ وكلما كانت هذه العناصر محددة وضيقة كانت أدنى إلى حقيقة القصة القصيرة ومفهومها الفنى/ تقنياتها..وهكذا تتولد القصة القصيرة من رحم الحدث كما يتولد الحلم، ويتنامى كما تتنامى الشرنقة أو اللؤلؤة فى قلب المحارة..

بيد أن النقاد ومبدعى هذا الفن لم يحرصوا على التزام هاتيك الـخصائص الفنية مما جعلها تختلف اختلافا واسعا بغيرها من الأنواع الأدبية فضاعت معالمها وفقدت خصائصها الفنية واصيبت بدرجة كبيرة واسعة من التميّع والانصهار..فقد اختلطت القصة القصيرة بكثير من الأنماط الأدبية سواء منها ما يرتبط بها ببعض الوشائج المتمثلة فى خصائصها الأسلوبية وعناصرها الفنية، وما لا يرتبط بشئ من ذلك ألبتّة؛ فقد خلط بعض النقاد بين القصة القصيرة وبين الرواية القصيرة عندما نظروا إليها من زاوية الطول والحجم بعيدا عن التقنيات الفنية والخصائص المميزة متناسين أو ناسين أن قضية الطول والحجم فى القصة القصيرة ى ينبغى أن ينظر إليها إلاّ من خلال ما تقتضيه الأحداث والحبكة والشخصيات دون تحديد كمّىّ كما ذهب إليه كثير من النقاد.

وقد بلغ ذلك الخلط حدّا جعل بعض النقاد لا يولى قضية الحبكة فى القصة القصيرة أى اهتمام، حتى أنه لا يشترطها فيها. ومثل هذا الأمر يفضى إلـى تميع هذا الفن وعدم تحديد ضوابطه وقواعده وأصوله للفنية، كما يفضى بالتالى إلى إهماله وعدم العناية به، أو على الأقل التخلص من مصطلحه الفنى. ولعلنا لا نعدو الحقيقة إذا زعمنا أن انحطاط مستوى هذا الفن الممتع يرجع إلى عدم تحديد أبعاد مصطلحه الفنى تحديدا ينفى عنه التعدد والتنوع والتميع، ولو اتخذت القصة القصيرة لها مصطلحذا منهج محدد من حيث الشكل والبناء والحدث والشخصية وتطورها وأبعادها والحبكة والسرد والـحوار لحظيت باهتمام أكبر وتقدير أعظم، ولحققت من الإبداع والمكانة مـا تصبو إليه. ومن هنا ينبغى أن يحكم على القصة القصيرة وينظر إليها من هذه الزاوية، وبمقدار توافر هذه التقنيات الفنية بحيث ينفى عنها كل ما يخالفها من ألوان الإبداع الأدبى.

كذلك الاعتماد على تعريف "أرسطو" للقصة واشتراطه أن يكون لها بـداية ووسط ونهاية دون تحديد للحدث والشخصية والزمان والمكان أدى إلى اختلاطها بالرواية القصيرة والرواية الطويلة وغيرهما من فنون القصّ أو الحكى.

وقد وفق د/ أحمد يوسف عندما وصّف القصة القصيرة بأنها أقرب الفنون إلى الشعر لاعتمادها على تصوير لمحة دالّة فى الزمان والمكان، ومن شأن هذا التصوير التركيز فى البناء والتكثيف فى الدلالة، وهما سمتان جوهريتان فى العمل الشعرى؛ ومن هنا لا ننتظر من كاتب القصة القصيرة أن يقدم الشخصية بأبعادها المعروفة فى الفن الدرامى، بل ننتظر منه دائما أن يقدمها متفاعلة مع زمانها ومكانها، صانعة حدثا يحمل طابع الدلالة الشعرية، وهو طابع قابل لتعدد المستويات، ومن ثم التأويلات، وبالطبع لا تجسّد ذلك كله إلاّ من خلال لغة تعتمد الصورة وسلتها الأولى والأخيرة".

ومن هنا فكثيرا ما يغفل متعاطو فن القصة القصيرة عن أبرز مواصفاتها أو شروطها الفنية فيما يتعلق بالحدث والشخصية والحبكة والزمان والمكان، وهى أهم العناصر الرئيسة المكونة لفن القصّ عموما ويخيل للـكثيرين منهم أن شرط القصة القصيره/ الأقصوصة - الرئيس هو محدودية الحجم أو الطول محدودية الكلمات أو الأوراق مهما تعددت الأحداث وتنوعت الشخوص وتبدلت الأزمنة والأمكنة..

وبعبارة أخرى يمكن فى نظر هؤلاء أن تكون القصة القصيرة تلخيصا موجزا لأحـداث رواية طويلة أو حتى مسلسلة بالغة الطول مما تطلع به علينا أجهزة البث الفضائى فى هذه الأيام، ما دامت تسكب فى بضع أوراق وتصاغ من بضعة مئات من الكلمات، مما يدفعنا دفعا إلى أن ننبّه مرة أخرى إلى أن أبرز مـقومات القصة القصيرة الفنية أنها تتناول حدثا محدودا جدا، أو لمحة خاطفة ذات دلاله فكرية أو نفسية وقعت فى إطار محدود كذلك من الزمان والمكان يرصدها القاصّ رصدا تتطور فيه الأبعاد وتتمحور فى داخل الشخصية الحاسمة لتبلغ ما يعرف بالعقدة، ثم تأتى لحظة التنوير أو الحل لإشكالية الصراع أو تطور الحدث فيها. ومن هنا كان فن القصة القصيرة فى نظرنا من أشقّ الفنون الأدبية وأصعبها لما تتطلبه من مهارة واقتدار وسيطرة عـلى كافة الخيوط التى تشكلها. وقد لا يشركها فى هذه الصعوبة بشكل متميز غير القصيدة الشعرية.

ومن كل هذا بان من الضرورى فى بحث القصة القصيرة/ الأقصوصة وتقنياتها الفنية وجمالياتها تحديد مفهومات الأنماط الأدبية الإبداعية المرتبطة بواشجة قويه بفن القصة القصيرة فى محاولة جادة لتضييق شقة الخلاف وتقريب وجهات النظر المتباينة فيها.

أما أهم الفنون الأدبية المرتبطة بالقصة القصيرة/ الأقصوصة ارتباطا وثيقا فهى الحكاية والمقامة والخبر والرواية القصيرة والرواية الطويلة والمسرحية والملحمة. وهذه الأنماط يربط بينها الأشتراك العام فى البناء الحدثى والشخوصى والحبكة والحوار والسرد والعقدة والحل/ لحظة التنوير والزمان والمكان. وربما هذا الاشتراك الواسع والعميق بين هاتيك الألوان الأدبية الإبداعية هو سرّ التداخل الكبير فيما بينما وما ينجم عنه من اختلاط كان مدعاة لهذه التوطئة التفريقية التى تهدف إلى تحقيق الفصل أوفكّ الارتباط بينها على هذا النحو الآتى:

أما القصة القصيرة/ الأقصوصة فهما مصطلحان لنوع أدبى واحد ينبغى أن يقوم على أقل ما يمكن من الأحداث/ حدث واحد يتنامى عبر شخصيات محدودة أو شخصية واحدة حاسمة، وفى إطار محدود جداً من الزمان والمكان حتى يبلى الصراع ذروته عند تأزم الموقف وتعقيده لتأتى من ثمّ لحظة التنوير المناسبة معزولة عن المصادفة والافتعال دون اشتراط الحجم أو الطول الذى ينبغى أن يكون محدوداً بطبيعة الحال. ووفق هذا التحديد التعريفى يمكن أن تكون "المقامة" أقرب الأنماط الأدبية التى تعتمد على القصّ أو الـحكى إلى القصة القصيرة/ الأقصوصة لاعتمادها على حدث محدد مـتنام وشخصية واحدة حاسمة/ البطل أو الراوى، وحبكة دقيقة وزمان ومكان محددين، وأن خلت من التركيز والتكثيف لتبنّيها نمطا خاصا فى البناء يقوم على البديع والشعر وفقا لطبيعة البيئة والظروف التى ولدت فيها بكل معطياتها الثقافية والفنية المتميزة، بصرف النظر عن نمطيه الحدث والشخصية والحبكة المتكررة فيها تبعا للغايات المتعددة التى أنشئت من أجلها المقامات كما هو معروف(11).

أما الحكاية أو الحدّوتة فهى تختلف عن القصة القصيرة فى تعدد الأحداث وتنوع الشخوص وتبادين الأزمنة والأمكنة واتساعها اتساعا يخرجها عن إطار الأقصوصة وإن اتفقت معها فى تقنياتها الفنية المتعددة: الحبكة والسرد والحوار والعقدة والحل، دون أن تكون الخرافة والأسطورة عاملا رئيسا فى التفرقة بينهما. ولعل أهم ما يميز هذا النمط الأدبى الإبداعى أنه تسوده روح الشعب، وتشيع فيه أحلامه وآماله وطموحاته وآلامه وثقافاته، حتى يمكن أن يعدّ النمط الأدبى المعبر عن وجدان الشعب وروح الجماعة.

أما الخبر فهو ضرب أدبى يقوم على القص والسرد للأحداث المتعددة دون عـناية بتصوير الأبعاد الفنية والاجتماعية وغيرها للشخصيات الفاعلة أو المحركة لها، وذلك لأن العناية منصبة على تطور الأحد فى المقام الأول دون اهتمام فنّى كذلك بالزمان والمكان وتحديد مقوماتها الشخصية، على نحو ما نجد فى خبر "داحس والغبراء" و "البسوس" و "غزوات الرسول (ص) وغيرها، والتى اتخذت صبغة الخبر التاريخى/ الحدث التاريخى.

أما الرواية القصيرة فتقع فى منزله وسط بين منزلتى القصة القصيرة والرواية الطويلة من حيث محدودية الأحداث والشخوص والأزمنة والأمكنة بصورة أكبر من نظائرها فى الأقصوصة وأقل مما فى الرواية الطويلة؛ ولعلها بذلك الأختصار والتركيز تدنو كثيرا من الحكاية/ الحدوتة أو الأقصوصة/ الفانتازيا..

وهنا نصل إلى الرواية الطويلة التى تقوم أساسا على تعدد الفصول والأحداث والشخوص والأزمنة والأمكنة التى تتضافر جميعها لتحقيق غايات فنية ومضامين اجتماعية وفكرية خاصة سعى إليها القاصّ أو الروائى بعناية بالغة. وقد شهدت الرواية الطويلة تطورا فنيّا واسعا زواكب تطور أجهزة البثّ المرئى خاصة عبر المسلسلات المحدودة وغير المحدودة أو المفتوحة (لـيالى الحلمية، مسلسلات شعوب أمريكا الوسطى واللاتينية وغيرها..) وهى روايات مفتوحة بلا نهاية، ولكنها قابلة للتحول إلى روايات طويلة محدودة واضحة النهاية.

والمسرحية تشرك الرواية الطويلة فى أهم خصائصها الفنية فيما عدا الحوار الذى تقوم عليه المسرحية أساسا..أما الملحمة فهى إطار فنّى قصصى يستغل لسرد أحداث متعددة وشخوص متنوعة فى أطر متنوعة وفسيحة من الزمان والمكان، ويتدخل فيها الخيال وتشيع فيها الخرافة والأسطوره، وتقوم على الشعر عند الأمم الأخرى كما فى "الياذة" و "أوديسة" هوميروس الأغريقى و "انياد" فرجيل الرومانى اللاتينى، و "مهابهاراتا" و "رامايانا" الهنود و "شاهنامة" الفردوسى الفارسى، و "كوميديا" دانتى الإيطالى و "الفردوس الـضائعة" لملتون الأنجليزى وغيرها، فى حين يقوم النوع الذى عرفه العرب منها على المزاوجة بين الشعر والنثر أو على النثر وحده كما فى ملاحم "عنترة" و "الزير سالم" و "سيف بن ذى يزن" و "حمزة البهلوان" و "الأميرة ذات الهمة" و "الظاهر بيبرس" و "تغريبة بنى هلال" وغيرها، على ما بين الملحمة العربية والملحمة الأممية من اختلاف واسع غير محدود فى التقنيات الفنية والمضامين الفكرية كما هو معروف.

ومن كل هذا تتبين لنا الخصائص الفنية للقصة القصيرة التى تتميز بها عن سائر الأنمانط الأدبية الأبداعية المشابهة، وكلما دققنا وشددنا فى تحديد تلك الخصائص والسمات الفنية أمكننا التفريق بينها ونفى الأنماط الأدبية المتداخلة معها سواء منها ما يقوم على القص والحبكة والحدث والشخوص والزمان والمكان، وما لا يقوم على شئ من ذلك مثل "العجالة" والخاطرة" و "المقال" وغيرها مما لا ينبغى أن يعدّ منها ألبتّة؛ وإذا ما التزمنا، وألزمنا الآخرين بهذه المقاييس الفنية استطعنا أن نتبين أولا صعوبة هذا الفن الأدبى الإبداعى، وثانيا قلة نماذجه وندرة مبدعيه، وبذلك تظل السيطرة والشيوع للقصيدة الشعرية بكل إبداعياتها وتقنياتها وجمالياتها..

ولعل "المقال" كان من أبرز الفنون الأدبية التى اختلطت بالقصة القصيرة على ما بينهما من تباين واسع؛ وربما كان ذلك لمواكبته اياها فى النشأة، ولشيوع النزعة الاصلاحية فيهما وشدة اهتماتم الكتاب فى تلك المرحلة المبكرة بها فيهما/ المقال والقصة القصيرة، مما جعل كثيرا من مـقالات الكتّاب تتداخل مع القصة القصيرة وتتحول إليها تحولاّ أفسد مـفهومها وخصائصها الفنية المتميزة افسادا كبيرا، ونحن لا نستطيع أن نعفى الصحافة من مسؤولياتها ودورها البالغ الخطير فى هذا الاختلاط والتداخل. وقد أشار إلى هذه الظاهرة كثير من الباحثين فى القصة القصيرة خاصة، ولو مضينا نتقصّى أقوالهم وآراءهم فى هذا الصدد لطال بنا الأمر واتسع المجال مما يجعلنا نكتفى بإشارات سريعة إلى بعضها من مثل الرأى الـذى طرحه الناقد الحداثى السعودى "سعيد السريحى" وهو يبحث نشأة القصة الـقصيرة وتحولها من فن شفاهى إلى فن مكتوب مما أدى إلى تلبسها بأدبيات الكتابة وانفصالها عن أدبيات الفن الشفاهى؛ ولما كان "المقال" هو الفن الكتابى السائد والذى تمت المصادقة على مشروعيته فى تلك المرحلة، فقد كان طبيعيا أن تجئ البدايات القصصية امتدادا له"(12).

وعلى هذه الشاكلة تبينت لنا الأبعاد الفنية للقصة القصيرة/ الأقصوصة، ذلك الفن الأدبى الإبداعى الرائع الذى يجدر بمبدعيه، ومن ورائهم نقاده، أن يحرصوا عليها حرصا شديدا لينتجوا فنّا جديرا بالإعجاب والتقدير.





المراجع

(1)، (2) النساج: تطور القصة القصيرة فى مصر ص 35 هامش 8،9/ مكتبة غريب 1990.

(3) نفسه 41.

(4) نفسه 40 - 41.

(5) صبرى حافظ: جدول الرؤى المتغايرة 341، الهيئة المصرية 1993.

(6) تطور القصة القصيرة 31 - 32.

(7) انيس المقدسى: الإتجاهات الأدبية 2/ 143.

(8) جدل الرؤى المتغايرة 123.

(9) نفسه 343.

(10) يمكن مراجعه كثير من الدراسات التى تناولت تقنيات القصة القصيرة من مثل: فن القصة القصيرة رشاد رشدى، القصة القصيرة: يوسف الشارونى، القصة القصيرة: الطاهر مكى، فن كتابة القصة: حسين القبانى، مجلة "فصول" العدد الخاص بالقصة القصيرة/1982….الخ

(11) راجع مثلا: المقامة: شوقى ضيف، أصول المقامات: إبراهيم السعافين، رأى فى المقامات: عبد الرحمن ياغى،….الخ.

(12) جدل الرؤى المتغايرة 343، وانظر: تطور القصة القصيرة 49….، الاتجاهات الفنية للقصة القصيرة فى المملكة 13.

احلى ضحكة 03-12-2010 02:09 PM

بارك الله فيك يا الغالية.....
مع تحيات احلى ضحكة

Mr.SAEEF 03-15-2010 12:18 PM

جزاك الله كل خير :th:

فارس الاحزان 03-19-2010 03:09 AM

شكراً لك / أحلى ضحكه / سيف
على المشاركة الطيبه


الساعة الآن 04:25 AM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011