عيون العرب - ملتقى العالم العربي

الحمد لله رب العاليمن
وأفضل الصلاة وأتمالتسليم
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن
وبعد:
تحدثنا في الدرسالماضي عن اهمية القراءة
وكيف أن الله سبحانه وتعالى ربط القراءة بالكرامة
( اقرأ لتتربي وتكرم )
ثم تكلمنا عن اهمية اللغة العربية في فهم النصوص
وهي شرطأساسي من شروط القراءة النافعة
واخبرتكم أنني في الدرس المقبل
سنحاول الخوضفي احدى السور
لنكتشف بعض اسرارها من عدة نواحٍ
سنذكرها ان شاء الله
ألاوهي " سورة الكوثر "

سنعتمد على طريقة منهجية للبحث في هذه السورةالكريمة
حتى نضمن تجمع الفكرة .. ووحدة النظر
والطريقة هي أن نقسم البحث الىجانبين :
جانب التصنيف : نتحدث من خلاله عن خمسة أمور :
1- اسمها
2- نسبها
3- عدد آيها
4- ترتيبها في التلاوة
5- ترتيبها فيالنزول
والجانب الثاني وهو جانب التوصيف: نتحدث من خلاله عن خمسة أمور أيضاً
1- سبب نزولها
2-موضوعها
3- علاقة اسمها بالموضوع
4-رويها
5- مناسبة العطف .

نبدأ إن شاء الله بالجانب الأول

جانب التصنيف:
-اسمها:هي من السور الاحادية الاسم "الكوثر"
نسبتها: اختلف في نسبتها اختلافا شديدا لدرجة تكافؤ الادلة،فالجمهور على مكيتها...
و الدليل على مدنيتها،والدليل في قوته يضاهي الجمهور في الاجماع...
على ان اجماع الائمة دليل ما لم يقم النص بخلافه...
و عن أهل العلم بالأصل: إذا تكافأ الدليلان سقط بهما الاستدلال..
ما لم يكن مرجح الجمع بينهما..
او ان يكون احدهما ناسخا للاخر او مخصصا له او مقيدا...
فالذين يقولون بمدنيتها يستدلون بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه و أرضاه في قوله: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أغفى اغفاءة ثم رفع رأسه متبسما،
فقلنا لم ضحكت يا رسول الله؟
قال :أنزلت علي آنفا سورة،
ثم قرأ:"بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر..."السورة...
فقال صلى الله عليه و سلم: أتدرون ما الكوثر؟
قلنا: الله و رسوله أعلم.....الحديث
فأنس أسلم بعد الهجرة،
و منطوق الحديث يقتضي أن يكون أنس حاضرا..
ولا يتصور حضوره و اخباره بصيغة الجمع المتكلمين ما لم يكن انس مسلما....
المكي من القرآن ما نزل قبل الهجرة و ان بالمدينة نزل،
والمدني ما نزل بعد الهجرة و ان بمكة نزل..
على ما رجحه اغلب اهل العلم كالسيوطي و غيره..

واذا تاملنا موضوع السورة
و جدنا فيها ما يشير الى نسك النحر..
والنحر اما للهدي او للاضحية..
وكلاهما من شرائع المدنية..
والراجح أن سورة الكوثر نزلت مرتين.
فهناك من الايات و السور ما تكرر نزوله،
كسورة الفاتحة:نزلت عندما فرضت الصلاة فكانة فيها ركنا،
ونزلت عندما حولت القبلة فبقيت فيها ركنا..
-عدد آيها:هي أقصر سور القرآن،
ليس من حيث عدد الآي،
لان لها في ذلك نظيرتين،وهما سورتي النصر و العصر..
ولكن هي أقصر سورة من حيث عدد الحروف و الكلمات..وعدد آيها ثلاث عند جميع أهل العد.
-ترتيبها في التلاوة: بعد سورة الماعون و قبل سورة الكافرون.
-ترتيبها في النزول: عند عطاء بن ابي مسلم غير ان ما يعتمد في الاغلب: ترتيب جابر بن زيد التابعي..
-الاقسام الربعة: تنتمي الى المفصل (والاقسام الاربعة مأخوذة من حديث واثلة بن الاسقع رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أوتيت مكان التوراة السبع الطوال و مكان الانجيل المئين و مكان الزبور المثاني و فضلت بالمفصل.
-الاقسام العشرة: باعتبار الفواتح: فاتحتها خبرية( قال ابن ابي اصيبعة:
أثنى على نفسه سبحانه بالحمد و السلب لما استفتح الســـــــــــــــورا
والامر الشرط الندا التعليل القسم الدعا حروف التهجي استفهم الخبرا)

·جانب التوصيف:

-سبب نزولها: لما توفي اولاد رسول الله الذكران،
قالت قريش :بتر محمد..
يقصدون ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سوف ينقطع ذكره بموت عقبه الذكر..
باعتبار ان ولدك يحمل منك الاسم و اما اولاد بنتك يحملون اسم ابيهم...
فنزلت السورة تسرية لفؤاد رسول الله..
وتخبر هؤلاء انهم الابترون...
وحقا لقد بتروا و دام الذكر لرسول الله..
اذ كيف يعقل ان يعلن الرجل اسلام دون ان يذكر رسول الله مقرا برسالته..
وكيف لا ، و المنارات تصدح بلهج الحبيب المصطفى في كل لحظة بجميع اصقاع الدنيا في اوقات الاذان على الاعتبار ان الاذان لا يقف لحظة بسبب دورة الارض المستمرة فسبحان الذي رفع هذا و خفض اولائك....
-موضوعها: اخبار بالعطاء بعد الابتلاء و أخص ما العطية هذه "الكوثر"
-علاقة اسمها بموضوعها: الكوثر ادل لفظ فيها على اجمع معنى من اجله نزلت السورة..
والبدء به على وجه العطاء براعة في الاستهلال:
و إن تشر في البدء للمقال فسم ذا براعة استهلال
-رويها: ( الروي هو آخر حرف من كل آية) حرف الراء..
ومن خصائص هذا الحرف في علم الصوات وعلم الصفات: التكرير..
وهذه الصفة تعلم لتجتنب لا لترتكب..
وذلكم اذا تأملنا رسم الحرف بالقلم على هيئة مقوسة..
علمنا ان ذالك ما يجب ان يكون عليه لساننا عند النطق بهذا الحرف لتجنب التكرير فيه..
و لما ذكر تعلق بموضوع السورة غاية.
-مناسبة العطف(أي مناسبة عطف السورة بسابقتها و لاحقتها)
لما ختمت سورة الماعون الحديث عن البخلاء الذين يمنعون الناس الماعون ( ما يستعان به في ابسط الاشياء كالملح و الانية و غير ذلك..وقيل الماء..)
جاءت سورة الكوثر لتأتي بعوض ما نهي عنه في ذي قبل و هو العطاء من أجل العطاء.
أما عندما ختمت الحديث بذكر الكافرين الذين رموا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالابترية عقبت السورة بعدها ببيان القطيعة العقدية بين هؤلاء و بين المؤمنين

والحمد لله رب العالمين

الى المحاضرة الثالثة باذن الله

~