06-25-2009, 09:37 PM
|
|
هكذا علمتني الحياة الزوجات حظوظ الأزواج في الدنيا، ومهما حاول الزوج حسن الاختيار، فإن حظَّه في زوجته من صنع الأقدار. السعادة الزوجية لا تتم إلا بأن تفهم زوجتك، وتفهمك زوجتك، وتتحمَّلها وتتحملك، فإن لم تفهمك فافهمها، وإن لم تتحمَّلك فتحملها. إذا عظمت مساوئ زوجتك في عينك، فاذكر محاسنها، وقلَّ أن توجد زوجة ليس فيها بعض المحاسن. إذا أتلفت لك زوجتك أو أولادك شيئاً من متاع البيت، فلا تغضب غضباً يهيج أعصابك، وخير لك ألا تغضب قط؛ فإن خسارتك في تلف أعصابك أشدُّ من خسارتك في تلف مالك، وإذا ذكرت أنه لا يتلف شيء إلا بقضاء الله وقدره رضِيتْ نفسك، وهدأت أعصابك. الغضب لله حمية ترفع الأقدار، والغضب للدنيا نار تعرِّضك للدمار. العاقل يفدي صحته بماله، والأحمق يفدي ماله بصحته. إذا اعتدت أن تغضب من كلِّ ما لا يرضيك، فلن تهدأ أبداً. إذا كنت لا ترضى إلا عمَّا تهواه، فلن ترضى أبداً. نحن لا نحتاج لكي نكون سعداء إلى أن نعلم ما نجهل، أكثر من حاجتنا إلى أن نتذكر ما نعلم، وأكثر متاعب الإنسان في حياته ناشئة من نسيانه للحقائق التي يعرفها. إذا ساءتك زوجتك بأشياء، وسرَّتك بأشياء، فلست بمغبون، واجعل ما ساءك لقاء ما سرك، تكن غير مديون، والزوج المحظوظ هو الذي يكون مع زوجته لا دائناً ولا مديناً. إذا لم توفر لك زوجتك وأولادك الهدوء والسرور، فاخلق لنفسك مسرَّات؛ وإلا قضيت عمرك بالحسرات. لا تحرم زوجتك كل ما تطلب، تتمرَّد عليك، ولا تعطها كلَّ ما تطلب تستعص عليك، ولكن احرمها حين يكون الحرمان تأديباً، وأعطها حين يكون العطاء ترغيباً. لا تتزوج جاهلة، ولا واسعة الثقافة؛ فإن الزوجة الجاهلة بلاء، وواسعة الثقافة شقاء. الزوجة الجاهلة لا تفهم عنك، والمتعلِّمة أكثر منك لا تفهم عنك، والمساوية لك في الثقافة، أنت تزيد عنها برجولتك، وهي تزيد عنك بغرورها، والرجولة تستوجب التحكُّم، والغرور يستلزم التمرد، وبين التحكم والتمرّد يولد شقاء الأسرة، فمن الخير أن تكون أكثر ثقافة من زوجتك لتفثأ حدَّة الغرور بسلطان العلم. الزوجة الذكية تحل لك المشاكل، والزوجة العاقلة تخفِّف عنك المتاعب، والزوجة الجميلة تخلق لك المتاعب، والزوجة الحمقاء تزيد المشاكل. أقوى الناس على تحمّل المتاعب، من يتزوَّج اثنتين، وأسرع الناس إلى الهلاك من يتزوج ثلاثاً، وأقرب الناس إلى الجنون من يتزوج أربعاً، وليس في إباحة الله لنا ذلك، ما يحملنا على التعرّض للمتاعب من غير ضرورة ملجئة. قلَّة عقل الأم تنشئ الأولاد طائشين، وقلة دينها تنشّئهم فاسقين، وقلة أمانتها تنشئهم خائنين، وقلة جمالها تنشئهم صالحين، وإذا اجتمع للأم الدين والعقل والأمانة والجمال أنشأت أولادها عظماء خالدين، ولا أظن ذلك يوجد إلا في الحور العين. إذا ابتليت بولدٍ بليد وأنت ذكي، فلا تفهمه أنه بليد، ولا تجزع من بلادته، فولد بليدٌ بارٌّ، أنفع لك من ولد ذكي عاق، وكم جرَّ ذكاء الأولاد العاقِّين لآبائهم من متاعب تمنَّوا معها ألا يكونوا والدين. قلَّما تقنع الزوجة بالمعيشة التي هي فيها، وكلَّما انتقلت إلى حالٍ أحسن مما كانت عليه، ملَّته وتشكَّت منه، حتى لو وصلت إلى الجنَّة، لملَّتها وتمنَّت الانتقال إلى جهنم. معاملة الزوجة بالحسنى تزيد العاقلة طاعة، والحمقاء تمرُّداً، فأكثر مع الأولى، وأقلل مع الثانية. الزوج الكريم يستر مساوئ زوجته حتى عن أوليائها، والزوج اللئيم يتحدَّث عن مساوئ زوجته حتى لأعدائها. أكثر الأزواج يطالبون زوجاتهم بحقوقهم عليهنَّ أكثر مما يطلبون أنفسهم بحقوقهن عليهم، والله تعالى يقول: ? ولهنَّ مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة?. المجتمع الجاهل يغتفر للرجل انحرافه، ويقتل المرأة على انحرافها، مع أن الشريعة أوجبت على كلٍ منهما الاستقامة، وأنكرت من كلٍ منهما الانحراف، وأوجبت لكلٍ منهما الستر حين الزلل، وحتَّمت عقوبة كلِّ منهما حين تثبت الجريمة، فمن أين جاءهم الفرق بين الرجل والمرأة في العقوبة والغفران؟ زوجاتنا يرهقننا بالكماليات، ونحن نرهقهنَّ بالضروريات، والمشكلة أن ما يراه الرجل كماليًّا تراه المرأة ضروريًّا، وما يراه الرجل ضروريًّا تراه المرأة كماليًّا. من أكبر المصائب مصيبة الرجل العاقل بزوجة حمقاء، ومصيبة المرأة العاقلة بزوج أحمق، فذلك هو الداء الذي لا ينفع معه علاج. الرجل يرى المصيبة هي كل ما ينوء بعبئه، وموقفه منها التجلد، والمرأة ترى المصيبة هي كل ما لا يعجبها، وموقفها منها التشكي، وقد يوجد في الطرفين من يخالف ذلك. طبيعة الرجل والمرأة في الكلام الرجل العاقل يؤثر الصمت إلا في مجلسٍ يفيد فيه أو يستفيد، والمرأة العاقلة تؤثر الكلام إلا في موطن تؤذي فيه أو تتأذى. لماذا خلق الله الرجل أشجع وأقوى من المرأة غالباً؟ أليس إلا لتحمَّل من الأعباء والمتاعب أكثر مما تتحمَّل؟ لو كانت المرأة كالرجل في القوة لو كانت المرأة قوية كالرجل لقضت على حياته في ساعة من ساعات غضبها، ألا تراها تدعو على ولدها بالموت وتتمناه له حين تغضب منه؟ كل ما يبنيه الأب العاقل في تربية أولاده في أعوام، تهدمه الأم الجاهلة في أيام. الزوجات ثلاث: عاقلة كريمة المنبت فتلك أكرم الزوجات، وصالحة رضيَّة النفس فتلك أرضى الزوجات. وجاهلة سيِّئة الأخلاق فتلك أتعب الزوجات. قد يكون الرجل بمفرده من أحسن الناس، فإذا كان مع الجماعة كان من أسوئهم. لا تكون حرية المرأة إلا على حساب هناءتها، ولا عبوديَّتها إلا على حساب كرامة الأسرة، ولا مساواتها بالرجل إلا على حساب سعادة المجتمع. أليس عجيباً أن يكون سقوط الحضارات نتيجة بروز المرأة في المجتمع، ولعبها بمقدَّراته وانحدارها بأخلاقه؟ بين شرع الله وإرادة العابثين أراد الله للمرأة في شرعه الحكيم الهناءة والكرامة والاستقرار، وأراد لها العابثون بها: الشقاء والمهانة والاضطراب. ليست المرأة أنقص عقلاً من الرجل، ولكنها تغلِّب عاطفتها على عقلها, والرجل يغلِّب عقله على عاطفته.. لا جرم إن اختلفت نتائج أفعالهما بتباين، استعمال كل منهما لعقله، فنسب إليها نقصان العقل، ونسب إلى الرجل زيادته. المرأة تجمع صفات الذئب والثعلب والشاة. فلها من الذئب افتراسها لزوجها المسكين، ولها من الثعلب مكرها بزوجها الظالم، ولها من الشاة وداعتها مع زوجها الحازم. من عجيب أمر المرأة أنها أقوى سلطاناً على الرجل وهي أضعف منه، وأكثر تبرُّماً به وهي أظلم منه، وأكثر وفاءً له وهو أغدر منها، وأكثر منه شكوى وهي أهدأ منه بالاً، وألصق بأولادها منه وهم يُنسبون إليه، وأكثر تخريباً للبيت وهو أقل منها له سكنى، وهي أقل منه عبادة، وهو أضعف منها إيماناً. لو كان العقل على قدر كلام الرجل، لكان الثرثار أكبر الناس عقلاً، ولو كان العلم على قدر حفظ المسائل لكان التلميذ أوسع من أستاذه علماً، ولو كان الجاه على قدر الفضائل لما كان للأشرار نفوذ. ولو كان المال على قدر العقل، لكان أغنى الناس الحكماء، وأفقر الناس السفهاء، ولو كان الخلود على قدر نفع الناس، لما خلد السفاحون والطغاة وأكثر الملوك والزعماء. من كتاب هكذا علمتني الحياة للكاتب الدكتور مصطفى السباعي
__________________
ــــــــــــــــــــــ |