عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة

روايات طويلة روايات عالمية طويلة, روايات محلية طويلة, روايات عربية طويلة, روايات رومانسية طويلة.

Like Tree5Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-16-2015, 08:48 PM
 
الشيـطان حــولك .."رومنسية.."

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذه الرواية منقولة وقد كانت حصرية في احدى المنتديات
لكن فور ان غيرت الكاتبة رأيها حتى اسرعت انقل إليكم هذه الرواية
الكاتبة معروفة جداا ولديها ثلاث روايات سابقة واحدة نقلتها انا لكم سابقا

طبعا في اغلفة وتصميمات لرواية بس ما نقلتهم عشان هم محفوظين للمنتدى
التي تقوم الكاتبة بانزال الفصول فيه..

انا حنزل لكم فصلين متتالين وان شفتكم متحمسين معاي
حنزل لكم يلي بعده..وحسب تفاعلكم..

الرواية حبيتها جداا واتحبوها ان شاء الله..

يلا نبدأ..حنقل لكم كل شيء عن الكاتبة


الشيطان حولك بقلم smile rania


سعادتي كبيرة و أنا حالياً اكتب هذه الأحرف فيما استعد لأقدم لكم شيء من قلمي..
لا اخفي عليكم انني اشتقت ..اشتقت جداً و ارهقني الشوق لكم كلما كتبت شيء وتمهلت في نشره..
وقد طالت هذه المرة المدة اكثر و أنا في كل يوم اتمهل...

الآن حالياً اشعر بالتوتر وكأنها أول رواية لي وليست الرابعة..
ربما لأنني تهورت هذه المرة و اقحمت نفسي في عالم من الظلام..عالم لطالما كرهته و تمنيته أن يزول
ولكنني وجدت نفسي اكتب عنه متوسعة..اخبركم به أن من البشر من تخلى عن مبادئه فسكنه الشيطان ..
فالعالم الذي كتبت عنه هو عالم مظلم و سكانه هم الضحايا..

الرواية هي أفكار مني جمعتها فنسجتها حكاية..قد لا تجد فيها سوى المتعة إلا أنني عندما كتبت حاولت أن اصل إليكم شيء
من مشاعري لأخبركم فقط أن الطريق الموحش خداع بمذاقه الحلو..فقبل أن نفكر بمتعته فلنفكر لأي جحيم تقودنا تلك المتعة المدمرة..








ايمن..ياسمين..


..وحشك بين احشاء قلبك ساكناً ..
وباسم الوفاء انت تكذبين..
بعينيك القاتلة تخنقين عنقي..
فانتفض لانظر لساحرة..
قفزت لتوها من عالم السحر لتسحرني...
دمرتِ مكانتي فجعلتيني محتالاً و المحتال بيننا هو أنت..
معك ادركت أنني لستُ سوى غبياً و الذكاء لم يكن إلا لكِ..
اعلم اني الفاسق والشيطان حولي..و أيضاً مغروراً و الغرور راقني..
دكتاتوراً أنا خلقتُ لأكون مصيرك فأنت الياسمين و أنا قاتلكِ..

ــــــــــــــــــــــــــــــ
رعـــد...ملك..

نصبتُ لكِ في قلبي اشواكاً..
قلباً يدعوك للحب يمزقكِ..
بحثتُ عن حلاوة عينيكِ فلم اجد
سوى رماداً يحكي قصتكِ
و المثير أن عيناك رأت عيناي بحراً
يضيئه البرق فيلحقه الرعدُ يرعبكِ..
تنتفضين من الرعد خائفةِ !..
و نسيتِ أن الرعد يلازمكِ..
أخيرك بين الحياة و العشقِ..
ثم افرض عليك العذاب و إن اخترتِ..!
فاحذري ملاكي لو ظننت أن رعداً يترككِ..


الفصول في المشاركات التالية
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-16-2015, 08:53 PM
 
مقتطف من أعماق الرواية..


بخطوات سريعة صعدت السلالم قلبها كان يدق حماساً خاصة أنها تعرف أن أيمن لا يعود إلا في وقت متأخر اكثر ..ابتسامتها اتسعت و هي تقف أمام باب غرفته بالحقيقة أنها ليست غرفة فقط بل تقريباً جناح واسع لكنه عبارة عن غرفة واسعة بحمام ملحق ومكتب فقط .. ..نظرت يميناً ويساراً بحذر حذرة من أن يرآها أحد و هي متسللة لبيت الأسد..الوقت متأخر الآن و أنور منغمس في العمل هذا اهم شيء.. وجدت نفسها تفتح باب الغرفة المفتوح لتدخل إليها غير مهتمة بديكورها الفخم..بل عينيها نظرت نحو باب المكتب لتسرع إليه ضاغطة على معصم بابه لتجده مغلقاً كما توقعت.. لم تنطفئ ابداً شعلة الحماس بعينيها و بسرعة خطيرة كانت تبحث عن المفتاح بين اغراضه داخل الادراج بين ملابسه ثم وأخيراً وجدته اسفل فراش نومه لم تفرح كثيراً و هي تشعر أن الوقت ضيق و بأقل من دقيقة كانت تفتح باب المكتب لتدخل فوراً تاركة المفتاح في قفله دافعة الباب خلفها..اطلقت تنهيدة عميقة مبتسمة بنصر لتفتح النور متجهة بسرعة باحثة بين الادراج عينيها كانتا متشنجتان حتى أنها شعرت بالتعب لكنها لم تيأس ..لم تعرف كم مر من الوقت و هي مشغولة في مكتبه لتسحب اخيراً الدولاب الخشبي بحذر ..اللون الاخضر للملف كان مميزاً جداً خلف الدولاب ..كم هو شعور رائع و كأنها عثرت على منزل من الذهب.. فقط تتخيل شكل انور و ابتسامته الفرحة ..سحبت الملف لتقفز بانتصار عدلت من ياقة بلوزتها الناعمة لتتجه نحو الباب بثقة و بخفة داست على معصم الباب ارتفعت حاجبيها بحيرة لتعاود الضغط مجدداً لكن ابداً لم تكن مخطئة فهو لا ينفتح بقوة اعادتها ..ثم بقوة اكثر..لتشعر فجأة بالعرق يغزو جسدها فتبرد يدها عاجزة عن فتح الباب..مغلق..اعادت حركات يدها بيأس قبل أن تـنفلت يدها عاجزة عن الضغط اكثر برودة اصابت اطراف جسدها و هي لازلت تمسك بالملف بصعوبة حتى أن وشاحها سقط تحت قدميها دون أن تشعر به..ركبتيها بالكاد استطاعتا أن تحملا جسدها على صوت خطر تخلخل لمسامعها ليهز قوتها بالفور " فخ ..!..لم انصب لك فخاً..لكنك دخلتي عرين الأسد بقدميك.."وضعت كفها على فمها تكتم شهقتها على صوته الذي وصل إليها من خلف الباب احست بحركة خفيفة للباب حين اتكأ بكل وزنه عليه مكملاً " اممم..مع الاسف لا اتناول لحوم البشر.."اجفلت لتستوعب كلامه المستهزئ و من بين ارتجافها نطقت " افتح الباب أيمن..ازداد صوتها ارتفاعاً و هي تكمل..إن لم تفتح الباب أنا..." قطعها بهدوء بغيظ " أن لم افتح الآن الباب ستشكيني عند والدي صحيح..؟..!.." لم يسمح لها بالرد حين اطلق ضحكة رنانة ساخرة مكملاً " ليس كل مرة ياسمينة ابي .قد تكونين ماكرة إلا أن حلمي ناصر لن ينخدع بك..أنهُ فقط يُدللك على حسابي .." احست أن أعصابها تالفة تماماً حتى أن عينيها بدأتا تحرقانها رغبة بنزول بعض الدموع ليس خوفاً بل قهر وعجز..تمسكت بالملف بإحدى يديها بقوة لتفرك عينيها بعنف مستنشقة الهواء " افتح الباب.." رددتها بخفة قبل أن يرتفع صوتها صارخة لتقول مندفعة " يا حقير افتح الباب ..افتح وإلا اقسم بأنني سأحوم حولك كالنحلة و كما طردت من الشركة ستطرد من القصر .. وأيضاً لن اكتفي بهذا سأفعل المستحيل أيمن ..افتح الباب.." ضحكته المتكررة اثارت جنونها خاصة و هو يقول "حتى بين مخالبي و تمتلكين اطول لسان.. اخبريني فقط ما افعله معك ..هل ادخل إليك الآن و اعلمك معنى التطفل..!.. أم احتجزك لأيام في مكتبي من دون هدف..اممم.. ما رأيك أن اكون لطيفا و .."ابتسم بخبث و كأنها تراه ليكمل بتهديد " اكون لطيفا و أنادي والدي فقط ليرى ياسمينته التي يثق بها" ..." افعلها .." اعتدل من وضعيته على الباب الذي يفصل بينهما ينظر لخشبه الثقيل متخيلاً منظر ساحرته و هي تقول له بثقة " افعلها.." انحسرت ابتسامته على صوتها الماكر من خلف الباب و هي تكمل " افعلها أيمن ..و أنا سأخبر عمي باللص الذي سرق الملف ليخبئه بطريقة فاشلة.." عضلات جسده تشنجت لتتوسع عينيه السوداء على صوتها و هي تكمل بخبث " افتح الباب أيمن..بكل هدوء.." كز على أسنانه ليصدر صوت احتكاكهما فينطق بخطورة " لقد نسيت من أي كومة مخلفات انتزعك والدي..لقد طال لسانك حقاً يا ابنة السجين.." كفها اتكأت على خشب الباب دون تأثر ..فتلك الكلمات لطالما سمعتها و لم تعد تتأثر بها لكنها لم تمنع لسانها من القول " و أنا اتوق لأنادي طفلتك..بابنة الفاسق الشيطان.." تراجع جسدها إلى الوراء على ضربة كفه القوية على الباب ليهتز بقوة..الدماء كانت تفور بعروقه و هو يدير مفتاح الباب ليندفع مهرولاً نحوها لم يسمح لها بأن تصرخ حيث امتدت ذراعه بقوة لتحيط بوسطها بعنف فتمتد كفه نحو مفتاح النور يدوس عليه فينطفئ ..

.....................................

صوت انينها يطغي على هدوء الغرفة المظلمة و هي منكمشة على نفسها و كأن السرير لا يسعها..كم تشعر الآن بالوحدة والفراغ هل يعقل أنها لا تملك احد
تلجأ إليه ..سالت دموعها لتدرك أنها حتى لم تفكر بمكان تفر إليه من هذا العذاب المدمر .. وكيف تفكر بمهرب و هي محاصرة من جميع النواحي..
و ماذا عن شبابها هل سيضيع بين مخالب لا ترحم..اسندت ذقنها على ركبتيها تتطلع لأمامها بين الظلام الذي لا يكسره سوى الضوء القادم من النافذة
ضوء القمر مع ضوء خافت ينبعث من الحديقة..تحدق بظلها الذي ينعكس على الأرض..دون أن تمل عينيها من ذرف الدموع..ابتلعت ريقها بصعوبة
بينما تنظر لانعكاس ظله على الأرض.. لم تشعر أن عينيها تبكي بصمت فحتى المطر الغزير خارجاً لم تشعر به.. وتلك البرودة التي تجمد عظامها
أيضاً لا تعرف سببها حتى أنها تناست أنها في الشتاء..فقلبها حار جداً محروق وتالف..احست بجسدها يرتجف بينما تتطلع للظل المنعكس على الأرض
و قد تحرك قليلاً فتشعر بصوت الباب يتحرك اكثر..ضوء البرق اخترق الغرفة ليضيء بها قبل أن يعلو صوت الرعد يليه نافضاً لجسدها.. اتسعت عينيها
الزجاجيتين ليأتيها الضوء مرة اخرى و قبل أن يلحقه صوت الرعد اسرعت تضع يديها على اذنيها بارتجاف لتطلق صرخة مدوية " لاا..لا تقترب.."..
عينيها كانت متسعة بذهول وجسدها ينسحب اكثر للخلف فيصدم ظهرها بظهر السرير الخشبي...لا تملك الجراءة لترفع عينيها نحو الباب إلا أنها فعلت
عندما نادى باسمها هامساً..وقعت عينيها فوراً على تلك الزرقة الساكنة داخل عينيه..و هو واقفاً هكذا بجوار الباب يتطلع إليها بمرارة..".أنهُ رعد جاء
يدمر ما تبقى من حياتك." هذا ما نطقت به بسرها بينما تتطلع إليه بعينين مرعوبتين. .يا الله كيف لهذا الشخص أن يدمرها و يجرحها..كيف تكون تلك
العينين الجميلتين والوسامة الفاحشة لوحش بشري..عندما اسند جسده على إطار الباب المفتوح كان وكأنه لا يستطيع الوقوف اكثر هل ايضاً هو يتعذب مثلها..؟..
لكن لا .. فعذابها مصدره هو..سالت الدموع بعينيها لتنظر لمنظره فتبكي اكثر وجعاً من قلبها الخائن..الآن تتأكد أن رغم ما صنعه لازالت تهتم..لا أنها لا تهتم
فقط بل أنها تعشق هذا الوحش بكل عيوبه تعشقه ..فلتمت أيها القلب الخائن تمتمت بينما صوته يتخلخل لأذنيها يناديها بخفوت ..و عندما خطا اول خطوة
داخل الغرفة انتفضت ترفع رأسها إليه صارخة.." لا تقترب.."..توقف للحظة ينظر إليها دون ارتباك فصاحت.." احذر..احذر.."..من السخيف جداً أن تحذره.
.لكنه استجاب لكلماتها بعد أن سار ليقف مقابلاً لها على السرير..عينيها ارتفعتا تنظر إليه باحثة عن ملامحه بين الظلام لتتبين لها الرؤية على ضوء البرق
ساقطاً فوق ملامحه..ضمت الوسادة إليها تلقائياً لصوت العاصفة خارج هذا البيت..فجلس بتمهل بجوارها.." هل تنتظريني ملك...؟.." صوته البارد كان
كافياً ليشعل اللهب بقلبها اكثر حتى و هو ينظر لفرش السرير دونها متجنباً النظر إليها.." انتظرك ..!.." ..نطقت بذهول فابتسم بسخرية يائسة.."
النوم هو سبيلك للهرب مني.." تنظر عبر الضوء الخافت لملامحه محاولة أن تبحث عن شيء مختلف بهما اصابعها تتمسك بالوسادة هامسة بإنهاك.
. " المشكلة أنك تهاجم احلامي.."..عندها رفع عينيه إليها قائلاً " ولست سوى حلماً تحلمين به..".." انت حلم جميل إلا أنك حقيقة مؤلمة..".
..اتسعت عينيه بدهشة من كلماتها التي خرجت بالصدق من شفتيها المرتجفتين و عينيها تنظر إليه بألم و يأس ..تلقائياً ارتفعت يده نحو
وجهها لتقف اصابعه امام عينيها و قبل أن تلامس دموعها انتفضت مبتعدة و كأن تيار اصاب جسدها .." ملك..أنا.." ..صاحت تقاطعه.."
لا..انتهى كل شيء..أنا لا اقدر على حياة الظلام..لقد تهت وأنا احاول الفرار..لستُ قوية إلى هذا الحد...الآن أو لاحقاً سأموت بين يديك.."..
اكملت كلامها منهارة لتدفع الوسادة ارضاً تحاول الوقوف من على السرير إلا أن يديه كانت اسرع و هما تحيطان بكتفيها فيصرخ
بصوت عال " توقفي عن هذا الجنون.."..فعلاً توقفت و هي تنظر لوجهه القريب منها لحظات مرت قبل أن تنطق باستسلام..
" اجلدني..اجلدني فلم اعد اشعر.."..لا يمكنه أن يتحمل مزيد من هذه الكلمات " توقفي"..لكنها واصلت باندفاع.
. لا تكن مرة بحياتك شيطاناً حولي..بل كن سفاحاً يقتل انساناً لا يدمره.." يديه تحررتا من كتفيها فتراجع
جسدها ضعيفاً انفاسها متضاربة و هي تحاول التقاط كمية من الهواء لتقول بألم " لقد عجزت ..عجزت عن تغيير
مسار حياتك..لذلك اقتلني لأني.." صمتت رافعة عينيها إليه دون أن تهتم بقربها منه احست هذه المرة
بلمسات اصابعه تمسح دموعها فيقول ببطء.." لأنك ماذا تريدين الموت...؟.." وجدت نفسها تقول
باختناق " لأني لا احتمل رؤيتك شيطاناً حتى تموت..لأني فشلت في اضاءة قلبك .."
..كلماتها هزت جزء من كيانه فلم يعلق بكلمة واحدة و هو يستقبل ضوء البرق ثم الرعد وهذه المرة كان صوته اعلى
واقوى لينفض جسدها الرقيق فترتجف مرعوبة ..لم تنزل أصابعه من خديها و هو يستمر بمسح دموعها متأملاً
ارتجاف جسدها من تلك العاصفة قال مبتسماً " أتخافين الرعد..؟..".. ردت برقة حزينة.." أتقصد رعدك ..أم رعد السماء..؟.!.."
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-16-2015, 08:54 PM
 
الفصل الأول
........................
نفث دخان سيجارته المشتعلة بين شفتيه براحة..صانعاً جو من عالم نفسه فقط..!..اتكأ على الأريكة الفاخرة من الجلد البني مريحاً ساقيه باسترخاء
عليها فيما اندس رأسه بين نعومتها و بشراسة أخذ يلتهم سيجارته كأنهُ أسد جائع يلتهم ضحيته بلذة..لوى احد شفتيه فيما يستمع لصديقه بكل برود يخالف حريق افكاره..
كانت سماعة اذان سوداء صغيرة مشبوكة بهاتفه النقال تصل إليه صوت المدعو صديقه لتتحرك حاجبيه السوداء بعدم اقتناع قبل أن يبعد السيجارة من شفتيه ممسكها
بين اصبعيه و باحتراف اخرج دخانها من فمه بلذة ليخرج صوته اخيراً من شفتيه معلقاً

-" لقد قلتُ لك غير ميعاد الحفلة..هل اصاب عقلك تبلد يا رجل..كم علي تكرار نفس الجملة..ثم اخذ يكرر ....أنا الليلة مشغوول ..مشغوول.."

صوتاً ساخراً وصل إليه عبر سماعة الأذان من قبل ذاك الصاحب الذي ردد باستهزاء

-" مشغول..!..بأعمال الشركة الكثيفة مثلاً..هل قررت اليوم أن تصبح الطفل المطيع لوالده سيد الأعمال؟

لوى شفتيه بكسل مستفز..قال بابتسامة باردة

-"..كم اتمنى فقط يا رعد أن تستطيع تقدير وضعي و تؤجل الحفلة للغد أنت حقاً لا تعرف ما امر به ..
أي اعمال شركة و أي شيء يستطيع منعي عن حفلة صاخبة في شقتك..لكن للضرورة أحكام "

تزفيرة عالية وصلت إليه من رعد ليردد بانزعاج

-" مؤكد ..فموكب الأميرة سيصل لمنزلكم ..او قصركم اليوم .."

احترقت عينيه السوداوتين ببعض من الرفض عض على شفته السفلى محاولاً كبح تلك النار التي تحرقه قبل أن يقول متحاملاً على نفسه

-" ..تعرف أن اميرة واحدة لا تكفيني..ثم أن كلمة اميرة أعلى من مقامها بكثير.."

ضحكة ساخرة انطلقت من رعد ليرد على الوسيم المحترق بمكانه

-" اذن ما الذي يمنعك..؟..لو لم تكن تنتظر قدومها بفارغ الصبر فتعال بسرعة الآن..ضحك ليكمل ..دع الأميرة و موكبها و تعال
لنأخذ لنا قسطاً من الراحة..أم انك ستصر اليوم ايضاً على الاكتفاء بالمشروبات الغازية دون الكحول.."

قفز من على الأريكة بجنون كز على اسنانه بقوة ليجلس عليها بحنق مرر يديه بين خصلات شعره الكثيفة التي تتناسب
جيداً مع ملامح وجهه الثائرة و اخيراً من بين صراعه مع نفسه خرج صوته بصعوبة لينطق

-" ..كف عن سخافاتك رعد..و لو كنت سآتي فتوقف عن ذكر الكحول أمامي..أنا لا تنقصني مشاكل مع والدي تعرف
أن حياتي ستنقلب جحيماً لو فكرت بالتمادي اكثر.."

-" حسنا..حسناً..كف عن تكرار نفس الجملة ..والدي والدي..يا رجل من يسمعك يعتقد أنك تكره والدك..المهم الآن....بطريقة خبيثة اكمل ..
تعال و جرب حظك من احضرتها اليوم مغرية لن تقاوم حتى تقع صريعاً معها.."

كز على اسنانه مجدداً..ليقول بتمالك اعصاب

-" لهذا اخبرك بتأجيل الحفلة..سيد الأعمال والدي امرني بعدم مغادرة المنزل اليوم حتى اتعرف على...اكمل ساخراً..اتعرف على وردته كما يقول..
وردة ام نخلة لا تهمني...فقط يجب أن ابقى من اجل والدي.."

-"رباه ..لقد اصبحت رجلاً..أنت لا تخشى شيء لذا لا استطيع أن افهم سبب تأثير والدك الشديد عليك..كأنك طفل و سيقطع والدك مصروفك.."

يديه قبضت على الهاتف النقال الساكن فوق صدره يتحامل الجنون الذي يضرب بعقله الآن لكنه نطق بصوت جليدي يخالف النار التي تشتعل به

-" أنت لا تعرف شيء..والدي كلمته الاقوى و احترامه متوجب علينا كلنا..."

قبض على يده بقوة مستشعراً بالعجز ..كم يكره هذا الشعور و لا احد يستطيع أن يجعله يذوقه غير والده..حرك رأسه بعنف لتتحرك
خصلات شعره السوداء مع حركته العنيفة و دون أن يسمع اكثر كلمات رعد المتواصلة انتفض على الصوت الحاد العالي الذي لم يعرف متى وصل إليه..

"ايمــن..اطفئ السم الذي بين يديك ثم انزل معي إلى الاسفل..ستـ.."

قطعت كلماتها من رسائل التحذير من عينيه المشتعلة ابتلعت ريقها بصعوبة حين اغلق هاتفه بطريقة عابثة ليركز نظراته
الغاضبة عليها ..ابتسمت ببلاهة و هي تردد

-" اخي..انه فقط.."

قطعها بتنرفز لم يعد يؤثر بها..

-" شهد لقد اخبرتك مليون مرة أن تطرقي الباب قبل دخولك..أم أن عقلك الصغير يفهم كل شيء عدا هذه النقطة.."

بحنق رددت

-" بل افهمها ..ثم اكملت مقلدة اياه بميوعة بعيدة عن صوته...و أيضاً شهد كفي عن القاء اوامرك السخيفة علي .."

توسعت عينيه حين ختمت عبارتها مخرجة لسانها بحركة مغيظة قبل أن تربع يديها امام صدرها و خصلات من شعرها
البني تزيد من منظرها روعة..كبح ضحكة عنيفة و هو يخفض عينيه متأملاً جسدها الصغير الطفولي بثوب قصير اخضر فيما
ترتدي سلسال عليه احدى شخصيات الكرتون ..مط شفتيه محدقاً بأخته الشقية ذات السبعة اعوام بجسدها النحيف و الذي يعتقد
أنهُ من المستحيل أن يسمن بسبب حركتها التي لا تتوقف ..ارتفعت حاجبيه مستفزاً ليقول

-" شهد..يجب أن تكوني عسلاً كاسمك تماماً..و ليس مراً على قلبي.."

شهقت بطريقة مضحكة و هي تتقدم نحوه اكثر وأكثر رافعة رأسها بحركة تجعلها اكبر سناً بتحدي واضحة قائلة بثبات

-" ايمن..كن عاقلاً لأكن كالعسل معك .."

امسك ضحكته لكنهُ لم يتوقف عن مجاراتها لينهرها بخفة

-" ..أنت طفلة..طفلة..دعيني اراك يوماً بملامح بريئة بعيداً عن الشقاوة و التحدي .."

دارت حول نفسها لتقول مغيظة

-" ستراني بريئة حينما أراك رجلاً في السادس و العشرون .."

اكملت جملتها لتفر راكضة من الغرفة حين هجم عليها محاولاً الامساك بها صاحت من بين ضحكاتها و قبل أن تغادر الجناح بكله صرخت ليستمع صوتها إليه..

-" اقصد أراك كأنور يا ذكي..بالمناسبة انزل بسرعة لنستقبل وردتا ابي .."

فرت ضاحكة من الجناح بكله لتبحث عن شيء تشاغب به..فيما دار هو كالاسد داخل غرفته ليتوقف عند جملة واحدة.."وردتا ابي"
هل هما اثنتان ام واحدة ضرب الكرسي بقوة ليسقط مستسلماً فيما اشعت عينيه السوداء بغضب لم يعرف كيف صاح بقوة كأنهُ يرد على شهد بعد مغادرتها

-" أنا لا استقبل ابناء المساجين يا شهد..اخبريهما بذلك"

ثم حمل هاتفه ليدسه بجيب بنطاله ملتقطاً زجاجة العطر يرشه عليه قبل أن يرميه جانباً بإهمال و بتصرف غاضب حمل سترته
ليعلقها على كتفه بحركة اعتيادية قبل أن يجذب بيده مفتاح السيارة ..لم يكن يتذكر تهديدات والده فقط كان يشعر بالجنون..
وجود فتاة او فتاتين في القصر يشكل خطر عليه قيود ستكون بهذا القصر و ماذا لو تصرف تصرف خاطئ معها
أو معهما لن يكون ابداً متقبل لتوبيخ والده المستمر ..عاد صوت رعد يلعب بعقله بمهارة ..حفلة ..و فتيات..و الكحول
لا يهتم لتواجدها او لا فقط يكفيه باكيت من السجائر يجعله يشعر بالراحة..نزل السلالم و هو يبتسم لتلك الافكار المذهلة
ليتوقف في وسطها عابساً من الصوت الذي نادى باسمه من الأسفل وجه عينيه إلى الأسفل حيث يستطيع النظر لصالة
الواسعة و الخدم يعملون فيها بجد كأن الحاكم سيأتي لزيارتهم اليوم فيما صوت شقيقته شهد و هي تتحدث بصوتها العالي
الطفولي مع الخدم يزعجه توقفت عينيه لينظر بهدوء لأنور يقف باتزان واضح بابتسامة واثقة و ملابس تميل لرسمية بشكل اكبر
..يبدو أن اليوم لن يمر على خير ابداً..هذا ما فكر به و هو يكمل نزول السلالم هاتفاً..

-" ماذا انور..؟..هل من خطب..؟.."

كالعادة انور هادئ جداً..من يراه يعتقد أنهُ منعزل لكن بالحقيقة هدوئه سبباً لنجاحه الدائم أنهُ الذكاء و عدم التسرع ..
أليس هو الابن البكر لسيد الأعمال المعروف " حلمي ناصر" وصل صوت انور إليه و هو يقول بأسلوب بعيد عن العصبية

-" إلى أين تذهب أخي..؟..ابنتا عمك سيصلا خلال هذه الدقائق.."

اكمل جملته و هو يتحرك نحو الطاولة ليصب له كأساً من الماء دون أن تفارق عينيه عينا أيمن..تطلع لجمود ايمن قبل أن يحرك عينيه بعدم اكتراث ليقول ساخراً.

-" أي عم يا انور..أم انك تدعي الجهالة الآن بأن العم السجين حالياً داس على النعمة بقدميه قبل أن يفضل الكحول و المخدرات و القمار و الكثير عن والدنا.."

شرب الماء مبعداً الكأس عن فمه ليرد بكلمات واضحة واثقة..

-" كف عن النقر بأشياء حصلت سابقاً..ابنتا عمي ليس لهما أي شأن بالأمر لقد حصل كل شيء قبل أن يولدا .
حتى أنا و أنت لم نكن نفهم شيء في ذاك الوقت و لا نفهم معنى للحقد عندها فلا داعي لتصنع القهر و الكراهية.."

اطلق صوتاً ساخراً قبل أن يرد

-" دائما تدهشني يا أخي الكبير بأنك اكثر تعقلاً..ببساطة..استمر في ذلك لنرى إلى أين ستصل.."

قبل أن يتحرك مغادراً احس بصوت شقيقه يحذره بتعقل

-" ايمن..تخلي عن عبثك اليوم فقط..من اجل والدي.."

تجاوز انور بكل هدوء قبل أن يهتف بجرئة

- " أنا لن اعطي لأي منهما فرصة بالفرح..بقائي هنا يعني انني مرحباً بهما لكن لا لستُ أيمن لو حققت لهما رغبتهما تلك.."

دفع الباب الزجاجي الضخم ليتلقى مساحات شاسعة خضراء رفع رأسه بثقة تميل إلى الغرور ليسير بخطوات ثابتة نحو سيارته
التي صفها قبل ساعة في الحديقة غير عابث للسيارة الكبيرة التي دخلت بوابة القصر ..فتح باب سيارته بلحظة التي مرت السيارة
الفاخرة على جانبه المغطاة بعاكساً اسود كانت ذات الاسود بداخلها تحدق بصاحب الجسد الرشيق محاولة تأمل ملامحه
جيداً كأنها تعيش عالماً من خيالياً..انتفضت على القرصة التي وقعت على يدها فحركت رأسها بانزعاج لتقع عينيها فوراً على اختها
..هتفت ببراءة حانقة

-" ياسمين كفي عن ذلك..!.."

ابتلعت لسانها فوراً حين تلقت نظرات منبهة من اختها الكبرى كأنها تذكرها باتفاقهما في المنزل اتفاق يتضمن الأدب و الاحترام
أن لا يظهروا اي انبهارات من ضخامة المنزل ..حدقت بشقيقتها ياسمين كأنها ناسية كل تلك الوعود و ما أن نظرت للمدعو عمها
حتى تبسمت براحة لتهتف ناسية الاتفاق ..

-" عمي هل حقاً تعيش هنا..؟..هذا قصر وليس منزل.."

" ندى توقفي.."
صوت ياسمين جاء حازماً بعض الشيء مما جعل عمها يضحك بخفة محيطاً بذراعه كتفي ياسمين فيما عينيه تحدق بندى الملتصقة بالنافذة ليردد بلطف

-" ياسمين حبيبتي دعيها تأخذ راحتها..انتما الآن بحسبة بناتي..أنا متكفل براعيتكما حتى آخر لحظة بحياتي.."

حدقت ندى بعمها بشغف كبير كأنها تعرفه منذُ اعوام كبيرة فيما اخذت ياسمين تبتسم بتوتر محدقة بشقيقتها الصغرى السعيدة و كأنها امتلكت العالم
كله..يا ليتها تستطيع الفرح مثل ندى اختها ذات الخمس عشر عاماً تنسى كل شيء بمجرد أن تشعر بالسعادة او ربما الحنان..رغم أن السيارة توقفت لكن
ندى ابت النزول بل أخذت تتحدث مع السيد حلمي بمتعة و فرح حتى أنها لم تكلف نفسها عناء النظر لعينا ياسمين التي تحذرها بشدة من الثرثرة
عضت ياسمين على أسنانها حين اخذت ندى تسأل بعفويتها المبالغة

-" عمي الشاب الذي كان يركب السيارة هل هو احدى ابنائك...؟.."

حاولت ياسمين تحذيرها بعينيها لكن بالأساس ندى لم تكن تحدق غير بالسيد حلمي لم تعرف لماذا انقبض قلبها حين امتحت بريق الابتسامة
من عيني عمها فيعاودها بتصنع مما جعل ياسمين تعدل من جلستها بتلك السيارة الواسعة لتنظر لعمها محاولة التركيز بعينيه لم تكن تعرف
أنهُ يتوعد ايمن بداخله اشد توعد..لقد كسر كلمته اليوم مرتين ..مرة بإهمال منصبه بالشركة بشكل واضح و تغيبه عن الاجتماع و الآن يخرج
مع أنهُ يعرف بقدوم ابنتا عمه..تحركت شفتاي السيد حلمي ممثل عدم حدوث شيء هاتفاً

-" نعم حبيبتي..انه ابني الأوسط .."

بشوق سألته

-" ما اسمه..؟.."

ربت على شعرها الاسود محدقاً بعينيها البنيتان حيث تشبه شقيقه كثيراً بخلاف ياسمين التي تشبه والدتها قال مبتسماً لها بود

-" أيمن..اسمه أيمن.."

لم تسمع ياسمين لكلام ندى بعدها لأن عمها دعاهما لنزول من السيارة فيما بداخلها كانت تتعجب الضيق الذي بدا على السيد حلمي فور أن لمح ابنه
يركب سيارته ..ايمن ..هل هو أول لغز تواجهه في هذا القصر المخالف لبيئتهم الرديئة ام مطب..! ..تلقائياً امسكت بأختها ندى محاولة تقبل
حياتها الجديدة بعيداً عن حياة الفقر لتقفز فجأة نحو الرفاهية..في البداية حركت عينيها الزرقاء بدون وعي محدقة بالمنظر الذي
لم تكن تراه إلا في احلامها فقط فيما شهقة ندى ايقظتها قليلاً..بناية القصر الضخم و المساحات الخضراء الواسعة و نافورة ضخمة في وسط الحديقة الواسعة
ترش المياه على حوضها بطريقة مذهلة..اما رائحة الاشجار كانت كافية لتغسل كل تلك المخاوف..لتجعلها تفكر بحياة جديدة..لا يوجد شيء يمنعها من
العيش بسعادة ..احست بيد حنونه تمسك بكتفها من خلف فيما صوت عمها وصل لها قائلاً

-" ياسمين ..اهلاً بك في منزلك الحقيقي.."

التفت بجسدها لتنظر لعمها امسكت بثوبها الازرق الناعم هاتفة بنعومة

-" شكراً لك عمي..اتمنى أن اكون عند حسن ظنك.."

-" أنا واثق من ذلك..أنت واعية جداً و لا اريد لأي مشاكل من حياتك السابقة أن تخرب عليك فرحتك..أنت لستِ غريبة بل في منزل عمك
و لو لم يكن والدك يمنعني من قبل من ضمكما إلي لكنتما معي من سنوات..يجب أن تعلمي أنني احب ندى واحبك ياسمينتي.."

احست بحنان غير طبيعي قبل أن تشعر بالخجل حين قال مداعباً لها

-" اه صحيح..أنت جميلة جداً.."

ضحكت برقة و هي تشعر بيده تداعب خدها بحب قبل أن تنضم ندى مسرعة إليهما لتهتف

-" المكان رائع جداً..لا اتخيل نفسي اعيش هنا.."

جذبها بذراعه ليضمها إليه بخفة فيما كانت تضحك و النشاط يلمع بعينيها و هو يدللها بكلماته المحببة

-" بل أنا الذي لا اتخيل أن فتاة حلوة مثلك ستعيش معي .."

التصقت به بدلال فحدق بياسمين ليجد ابتسامة هادئة تزين شفتيها احساس كبير كان يخبره أن ابتسامتها الخجولة تخالف شخصيتها الحقيقية
..لكنهُ يعجز عن معرفتها جيداً أنها ليست سهلة ..أنهُ فقط يتمنى أن تكون هادئة كابتسامتها فلو كانت كما يدله احساسه فهذا يعني أن القصر
سيشتعل بالنيران بتواجد أيمن وياسمين معاً ..هذه الابتسامة الخجولة تخفي شخصية حارقة بخلاف ندى الذي هو مطمئن أنها لن تثير
جنون أيمن هذا ما فكر به قبل أن ينفض افكاره ليقول لهما بود

-" هيا لأعرفكما على ابنائي.."

تشبثت ندى بذراعه و هي تهتف بشوق

-" أنا اتوق لذلك.."

احست ياسمين أنها تقطع مسافات طويلة نحو ذاك القصر الضخم ..عينيها كانت مبهورة على كل قطعة تتأملها سحرت
بجمال المنظر..الخدم بملابسهم الرسمية يتحركون كأنهم نحل نشيط ..أنبهرت فور أن دخلت تلك الصالة الواسعة حتى منزلهم السابق
لم يكن بحجمها خطفت عينيها بألوانها المتناسقة الديكور الأنيق الاثاث كانت ضخمة و مناسبة بطريقة مذهلة..لم تكن تعبر عن اعجابها
كندى ابداً بل كانت تنظر لكل شيء بحذر كأنها غير مستوعبة لما يحدث بعدما سارت مع خطوات عمها نحو وسط الصالة لتستقبلهما
خادمة اخذت حقائب يديهما الصغيرة والتي كانت تحوي على اغراض صغيرة حملتها ياسمين معها لذكرى ..راقبت كل شيء بحذر
وصوت عمها يصل لها و هو يحدث ندى الثرثارة..اجفلت على صوت طفولي يقترب منهما بسرعة صوتاً عجيباّ يميل للحدة المسلية
كأطفال الكرتون تماماً..نظرت للطفلة الصغيرة و كأنها خرجت لتوها من احدى كرتونات الاطفال المسلية..و هي تهتف بطريقة محببة طفولية.." مرررررحباااا.."
لم تنتظر رد أحد حيث اخذت تتأمل ياسمين وندى بدهشة قبل أن تنشرح اساريرها لتقفز بفرح عميق هاتفة.." اخيراً اتيتما..اكملت بسرعة
رهيبة..أنا شهد عمري سبعة اعوام ادرس في الصف الثاني ابتدائي و احب أن اشاهد..."

قطعها السيد حلمي بضحكة قصيرة ليقول لها

-" على مهلك شهد..بالأول سلمي على ابنتا عمك ثم تحدثي كما تشائين.."

ابتسمت ابتسامة عريضة و من دون سابقة انذار رمت جسدها على ياسمين و هي تضحك بفرح شديد..لم تعرف ياسمين للحظة كيف
تتصرف لكنها مالت لتحتضن الطفلة مبتسمة بتوتر لتقول بكلمات خرجت من فمها

-" حبيبتي..أنت جميلة جداً.."

لم تعرف لو كانت كلماتها مناسبة لكن شهد سارعت لتبتعد عنها لتذهب لندى و ندى مستعدة جداً لهذا العناق حيث بادرت لتحتضنها
بحب..اخيراً ابتعدت عن ندى و هي تهتف محدقة بهما

-" أنا سعيدة جداً لتواجدكما..جداً جداً جداً..اخيراً سيشاركني فتيات حياتي..."

ضحكة قصيرة وصلت لمسامعهم من السيد حلمي الذي ربت على شعر ابنته ليقول لها

-" ستتعرفين عليهم بالراحة ..ثم واصل مستفسراً ..أين أنور الآن..؟.."

لم تكن ترد عليه لأن صوت ابنه الأكبر جاء مريحاً لأعصابه في ذاك الوقت و هو يهتف من عند السلالم..

-" أنا هنا أبي..لقد كنتُ اعطي وقتاً لشهد لترحيب بابنتا عمي فقط.."

ابتسم بخفة ليريح والده فيما تعلقت عينا ندى عليه بكل شوق بخلاف ياسمين بنظرتها العادية جداً..تبسم السيد حلمي فيما كان
أنور يقترب نحوهما بثبات بكل خطوة يخطيها كان والده يشعر بالثقة ..الفخر..أنور ذراعه الأيمن في كل شيء ..
توقف امام الفتيات ليلقي التحية عليهما مرحباً بهما بطريقة
جذابة لطيفة دون أن تفارق شفتيه ابتسامته المتزنة..و هو ينقل عينيه بين الفتيات و والده اردفت شهد و هي تقفز بحركاتها المشاغبة

-" ياسمين و ندى اخيراً جاءا إلينا يا أنور.."

تحركت عينيه البنية لتقع مباشرة على عينيها الزرقاء..لم يكن يوماً ممن يتأمل تفاصيل الفتاة جيداً كان دوماً مشغولاً بالعمل
و اغلب تركيزه محصوراً على العمل ايضاً ..لكن هذه المرة نظر لها جيداً..بتلك العينين الزرقاء وشعرها الأشقر المصفف
بعناية مع بشرتها الصافية البيضاء التي تزيد منها جمالاً للحظة جاء في باله أيمن..و بسرعة حول عينيه نحو الأخرى
ليعرف من بعيد أنها تشبه عمه ..عمه الذي يتذكره فقط من صور قديمة له.. كانت تثرثر مع عمها و شهد تتأمل المكان بفرح
كأنها طفلة حصلت على علبة شوكولاه..فيما ملامحها مختلفة جداً عن شقيقتها شعراً اسود
و عينين بنيتين مع بشرة جذابة تميل للاسمرار كأنهما ليست اختين ..بدت لهُ ندى طفلة صغيرة من ملامحها و تصرفاتها... احس بالجو الهادئ
بينه و بين ياسمين فالثلاثة يتحدثون في انشغال تام عنهما ..حرك عينيه مجدداً نحو ياسمين كأنهُ لمح نظرة غريبة بهما هل كانت شاردة أم ماذا..قال بخفوت

-" كيف حالك..؟.."

- " بخير.."

ردت باختصار شديد دون أن تكرر نفس السؤال عليه..لكنهُ واصل بتلك الطريقة الرزينة

-" لو لم اكن مخطئاً فأنت هي ياسمين.."

يبدو أن شهد سمعت سؤاله و هي تثرثر مع ندى حيث ردت مسرعة بدلاً عن ياسمين

-" نعم أنور.ياسمين الكبرى..ثم اشارت لندى لتكمل..و هذه ندى اختها الصغرى.."

أنور اذن.الآن ركزت على الاسم.هذا ما فكرت به ياسمين و هي تحرك عينيها بتفحص نحو المدعو أنور طبعاً بعد أن كان لا ينظر لها حيث كان يحدث ندى..احست بتلك
اللحظات أنها تدخل عالم جديد و هي تحسب بداخلها لو كان ايمن الأوسط و شهد الصغرى فهذا يعني أن أنور الأكبر..أخذت تتأمل كل قطعة من الصالة
قبل أن تنظر لعمها حين قال مخاطباً شهد

-" شهد..ألن تدعي الفتيات يجلسن...لابد أنهما متعبتان من سفرهما .."

لم تكن حقاً منهكة حيث أن المدينة الأخرى التي قدمت منها كانت تبعد بتقريباً اربع ساعات لكنها لم تشعر بها بتلك السيارة المريحة و مع
ذلك لم تنفي ما قاله عمها بل استجابت لدعوة شهد متحركة لتجلس على الأريكة بينما تراقب عمها يمسك بذراع انور ليغادرا في اتجاه الحديقة..
امتحت الابتسامة من شفتي السيد حلمي بعد أن توقف على خارج الباب الزجاجي لينظر لأنور و العصبية تبرق بعينيه قبل أن يجذبه بسرعة
اكثر نحو ارض الحديقة محاولاً التحكم باعصابه و هو يقول

-" أين أيمن..؟...كيف تجرأ على الخروج هل هذا تحدي جديد أم ماذا..؟.."

لم يبدي أي تعجب كبير او صدمة كأنهُ معتاد على الأمر ..تطلع لوالده ليهتف بجدية

-" تحدي او غيره أبي ايمن لا يتقبل فكرة تواجد فتيات في منزلنا.."

بتعصب منفعل رد

-" لو كان لا يتقبل فليخرج من القصر هو..ليكف فقط عن التصرف الطفولي.."

لم يعلق على شيء ..فيما عينا السيد حلمي اخذت تبحث عن أي تعابير بوجه ابنه ..اخيراً تحركت شفتيه ليقول مخاطباً والده

-" لا حاجة للتعصب أبي..لقد فعلها أيمن كما يفعل كل مرة.."

قبض على كفه بقوة فيما صوته يخرج بصعوبة ليردد بقهر

-" ماذا افعل يا أنور..؟..بحق الله فليخبرني احد بأي اسلوب اتصرف مع هذا الولد..لقد كبر بالعمر فقط..اليوم حضر ساعة واحدة في الشركة فقط
لقد اعطيته منصباً كبيراً لعله يشعر بالمسؤولية لكن لا حياة لمن تنادي معه أنهُ يستفزني بإهماله المتواصل لكل ما اريد.."

هذا الكلام معتاد جداُ بالحقيقة أن أنور قد مل من سماعه دايما ومع ذلك قال بتوضيح هادئ

-" أبي أيمن ليس هدفه استفزازك ..أنهُ فقط يفعل ما يحلو له.."

تشنجت عينيه ليرد باستهزاء

-" وكل ما يحلو له يثير استفزازي..بأي شيء اخطأت أنا معه لماذا لم يكن مثلك مثلاً..بسخرية اكبر واصل..سيأتي لنا في منتصف الليل
كالعادة ان لم تكن الفتاتان موجودتان في المنزل لكنتُ حطمت أنفه..سأربيه من جديد كأنهُ طفلاً صغيراً.."

-"أبي اهدأ أرجوك.."

تمالك السيد حلمي اعصابه حين تقدم منه أنور ليمسك بكتفيه ..اخذ نفساً عميقاً متطلعاً لملامح ابنه قبل أن يقول بصدق

-" كل ما يصبرني فقط هو تواجدك أنور..أنا فخور بك بني.."

قبل رأسه والده كالعادة ليهمس بصدق

-" واجبي ابي.."

ثم ربت على كتف والده ليواصل..

-" دعنا ندخل.. .شهد لن تجيد التصرف بشكل جيد مع ياسمين و ندى..اكمل بمزاح خفيف..لن تكف عن الثرثرة كطبيعتها.."

ابتسم بداخله حين لمح علامات الاسترخاء على وجه والده..قبل أن يدخلا معاً إلى الداخل..فور أن دخل حتى تحرك رأسه تلقائياً
نحو مصدر الصوت الرقيق تهاتف شهد بخجل "..شكراً ..هذا من ذوقك الرائع.."..هل كانت شهد تمدحها أم ماذا..هذا ما فكر به
فيما عينيه تركزتا عليها ..راقبها تفرك اصابع يديها بتوتر.. تحاول تصنع الابتسامة..قبل أن يفوق على لمسة والده على كتفه ليشعره
بالاحراج هل كان ينظر لابنة عمه بنظرات مطولة هذا ما فسره من نظرات والده له ليقول مسرعاً محاولاً إيجاد عذر له

-" تبدو ياسمين مرهقة..فلتدلها على غرفتها افضل.."

....................................

اصوات موسيقى صاخبة كانت تخترق اذنيه بقوة لتضيف جو من الصخب لذاك المكان ..بكسل تطلعت عينيه على الجميع وهم يمرحون هنا
و هناك فيما يتلاعب بكأس المشروب الغازي بين يديه و عينيه تحدقان بالخمور المنتشرة على الطاولة..ابعد عينيه فوراً عنها لينظر
لساعة المعلقة على الحائط أنها تتجاوز الثاني عشر من منتصف الليل..

-" لازالت السهرة في أولها ..احذر أن تفكر بالمغادرة.."

تطلع لرعد بطرف عين حيث كان يرقص بجنون مع فاتنة مخمورة..لم يكلف نفسه عناء الرد وقف من على الأريكة ليتجه نحو المطبخ هناك حيث
نسي باكيت السجائر ..تناقصت صوت الموسيقى وصوت ضحكات شلته الفاسدة بينما يبتعد نحو المطبخ..التقط السجائر بلهفة اسند جسده
على الطاولة القوية واضعاً السيجارة بين شفتيه اخفض بصره نحو جيب بنطاله ليخرج القداحة قبل أن تنسحب السيجارة من شفتيه بخفة ..رائحة عطر داعبت
انفه و عينيه ترتفعان بتباطئ لتقع على وجهها المغري..لا يدري أهي عمليات التجميل..أم هو المكياج الخداع أم أنها جميلة لكنها
دنست نفسها هنا..رفع حاجبيه مع ابتسامة لعوب مستشعراً بيدها التي حطت على صدره الصلب تتلاعب بأزرار قميصه بإغراء..قبل أن تخرج الكلمات
من بين شفتيها المصبوغتين بلون الأحمر

-" ..دع السجائر الآن.من الأفضل أن تركز معي فقط.."

من الواضح أنها شربت كأس او كأسين من انواع الكحول ..رغم ذلك لم يبالي بل أنهُ لا يهتم..
بريق عينيه السوداوين كان كافياً لارضائها خاصة حين مرت عينيه بجراءة على ثوبها الكاشف جسدها باغراء..اقتربت نحوه اكثر
لتلتصق بصدره فيما ارتفعت يديها لتداعب لحيته الخفيفة هامسة

-" ايمن..ألم اعجبك..أنت لا تنظر إلي .."

لم يعرف كيف انطلقت من فمه ضحكة جعلتها تتعجب للتراجع عن جسده قليلاً نظرت لهُ بصدمة وجهه المتسلي و قبل أن تقول شيء..اردف القول مسرعاً..

-" اوه معذرة ..لم اعرف بأني اجعل احساس سخيف كهذا يقتحمك .."

ابتسامته المتسلية خفت و هو يقترب نحوها خطوة واحدة ليلتصق جسدها به حوى وجهها بين يديه و هو يهمس كلماته المعتادة لكل امرأة امثلها

-" أنت فاتنة ..فاتنة ناديا.."

اشتدت يديه حول خصرها بتملك قبل أن يقترب نحو شفتيها المغرية ببطء ..توقف بآخر بلحظة على صوت هاتفه معلناً عن وصول رسالة...

"تجاهله.."

همست و هي تحدق بعينيه تشده إليها بقوة ..بقي متردد لثوان كأنهُ يخشى من محتوى الرسالة..ليحررها من بين يديه هامساً..

-" القادمات اكثر.."..

ثم تركها تحترق بنارها ليعاود لموقعه تجاوز الشلة الراقصة بوسط الغرفة الواسعة ليتجه نحو اريكته اخرج الهاتف من جيبه ليعبس فور أن رأى الاسم "شهودة"
تلك الصغيرة اصبحت لا تكف عن ارسال الرسائل..حقاً لا يوجد اطفال صغار في هذا الزمن فتح الرسالة ليقرأ..

-" عد إلى البيت أيمن..لا تخشى من توبيخ بابا أنهُ نائم لقد يأس من الاتصال لك دون رد.."

خلال ثوان كان قد رد عليها

-" نامي يا صغيرة..أنا لن اعود و لستُ خائفاً من احد.."

مرت دقيقة و هو ينتظر رداً منها و فور أن اضاء هاتفه حتى فتح الرسالة على الفور ..

-" حسناً لا تعود من أجل والدي..فقط عد من أجل ابنة عمي..أخي أنها فاتنة..فاتنة جداً.."

اعتصر هاتفه بين يده بقوة ..فاتنة ..فاتنة..فاتنة..هذا ما يخشاه لو اخطئ معها سيقتله والده..لن يتردد بفعلها ابداً..عاد هاتفه مجدداً ليرن
معلناً عن رسالة ففتحها مسرعاً ليجد أن شهد تواصل الوصف كأنها تغريه بالعودة غير مفكرة بالعواقب..

-" شقراء و كأن البحر كله بعينيها ..ام ندى فهي صغيرة قالت انها في الخامس عشر"

ابتسم ساخراً هازاً رأسها بدون اكتراث عاد ليلتقط السيجارة بين شفتيه غير عابث بأي شيء كأن موضوع الشقراء استحوذ
على اهتمامه بينما الصغرى يعلم أن امرها سهل جداً لم يكن يوماً الصغار جميلات بعينيه..اخذ يلتهم السيجارة مراقباً دخانها يتصاعد
بمتعة مشكلاً ضباباً امامه..ضباباً كحياته بالضبط..تلذذ برائحتها و هو يتأمل دخانها بمتعة..ليقطع تأمله حركة رعد
امامه رفع عينيه إليه ليفاجئ بكأس زجاجي أمام وجهه..

-" اشرب.."

نطق رعد و على شفتيه ابتسامة خبيثة مكملاً

-" لو كنت مهموماً ..فاشرب انسى نصائح الأب الحنون و اشرب فقط.."

حدق بالسائل الشفاف داخل الكأس الزجاجي..انقبض قلبه و هو يشعر بالضعف اتجاهه..تأمله مطولاً ليطغى صوت والده بتلك اللحظة على اذنيه
"تعيش حالة من القذارة بني..بين اكوام من النفايات ..و الحشرات تحوم حولك من كل مكان..تلسعك بقوة و أنت لا تشعر كأنك وحشاً يركض وراء ما يريد..
تنهش و تعبث و بالنهاية لن تحصد إلا ما زرعته..امرح من واحدة لأخرى و اعلم أن كانت هي بشعة فأنت هو الابشع..لأنك تسمي نفسك رجل.. ..كن كأنور..أنور.."

..انور..انور ..انور..صار صوت والده عالياً و هو يردد كلماته بحزم و قوة..حرك رأسه كأنهُ يرفض أن يتذكر ليفوق على جسد انثوي يلتصق به ..نظر لناديا و هي
تبتسم لهُ مجدداً.ليعود الصوت يرن بأذنيه مجدداً .."الحشرات تحوم حولك ..تلسعك و أنت لا تشعر..لو كانت هي بشعة فأنت الأبشع..لأنك تسمي نفسك رجل..رجل..."

لحظات احس باختناق ..كأن الجو اصبح مقرف بالنسبة له..دفع ناديا بسرعة شديدة ليرمي السيجارة بإهمال سحب سترته ليتخطى الجميع بسرعة ..لم يسمع أحد
البعض يناديه لكن لا جواب..حتى أنهُ نفض يد رعد عنه ليخرج من الشقة نازلاً السلالم بسرعة رهيبة صفق باب سيارته بقوة ليسند ظهره على الكرسي ..عينيه
السوداء كانت تنظر للظلام الموحش بشرود..هز رأسه بعنف نافضا كل الكلمات ثم حرك السيارة بسرعة رهيبة دون أن ينسى أشعال سيجارة تحرقه كما يحترق
داخله..هل هو الخوف من النبذ..؟..بدخول الشقراء قصرهم فمصيره يعني النبذ..يعرف نفسه هو ليس بالقوي أمام جنس النساء ..امسك برأسه بإحدى يديه و هو يقود
السيارة نحو القصر بسرعة جنونية ..اخيراً عبر بوابة القصر الضخمة..استنشق كمية هائلة من الهواء في حديقة القصر ثم وكأن شيء لم يكن تقدم بثقة نحو البوابة
فور أن دخل حتى كان الهدوء يعم المكان ..ليدرك أن المنزل كله نائم رمى معطفه بإهمال على الأريكة لينظر لمحتوى الصالة كأنهُ يبحث عن زوار..لكن لا احد..
تلقائياً تحركت قدميه نحو المطبخ فيما صداع يثقل رأسه كم هو جائع ..لم يأكل شيء منذ أن دخل الحفلة الصاخبة..دخل المطبخ بدون اكتراث مكتفي بالضوء
الصغير الذي كان مشتعل به..فتح باب الثلاجة و دون أن ينظر لأي وجبة امسك بحبتين بيض بيده و بيده الاخرى التقط تفاحة خضراء..بحركة سريعة حمل السكين
الموجود داخل الثلاجة بين طبق الفواكة..استدار مسرعاً..لتعلو بنفس اللحظة صرخة عنيفة لم يميزها..انتفض ليقع البيض الغير مسلوق على الأرض منكسراً..و لم تكن
ثوان حتى هجم مسرعاً نحو ذاك الجسد ليلثم بيده شفتيها بقوة....بينما لم تكف عن الصراخ و الدموع تهطل من عينيها..لم يعرف ما يفعل و هو يحدق بفتاة او قطة بين
يديه ترتجف و الدموع تهطل منها ارتجفت يديه باستغراب و هو يحرك رأسه متمتماً " اشششش..سيستيقظ الجميع.." احس بحركة فمها لكنهُ لم يفهم شيء ازاح يده
من شفتيها بتردد ليسمعها تردد برعب.." ..لص ..لـ.."

لم تكمل لأنهُ اعاد يده على فمها بقوة اكبر سحبها معه نحو مفاتيح النور لينير الضوء ..هاتفاً..

-" اصمتي..كفى.."

شهقت بتألم حين ضرب ظهرها الجدار بقوة فيما احدى يديه تعتصر كتفها بعنف و الأخرى تكتم على فمها..

-" أنا لستُ لص.."

قالها و عينيه تنظران لها بحزم .. و فور أن استطاعت النظر إليه بوضوح حتى ادركت أن منظره ليس بلص..ارتجفت و هي تشعر بالخزي
صمتت لحظات فأزاح يده عن فمها ببطء..عينيها امتلأت بالدموع وجسدها يرتجف برعب تلقائياً رددت

-" أن لم تكن لصاً..فمن أنت..؟..ماذا تفعل هنا..؟.."

انكمشت على نفسها حين حاصرت يديه جسدها بين الحائط مال رأسه نحو رأسها ليقول باستهزاء ..

-" أليس من المفترض أن اسأل أنا هذا السؤال.."
" هاا.."
قالتها بغباء واضح ثم اسرعت القول بغباء يداهمها بمواقف كهذه

-" أنا ..أنا ياسمين.."

ارتفعت حاجبيه باستفزاز ممتع فيما عينيه اخذتا تتأملاها بمتعة شديدة اقترب نحوها بتلاعب كما يفعل دوماً ..سرعان ما بسطت احدى كفيها امام وجهها

بحركة دفاعية فيما يدها الاخرى كانت تحافظ على شيء مهم همست برجاء " ابتعد أرجوك..اسرق ما تشاء..لن اقول شيء.."..

ارتد رأسه إلى الوراء ضاحكاً قبل أن تمر يديه بجراءة خلف ظهرها " ابتعد.." قالتها بخوف شديد لتعاود القول

-" ابتعد ..أنت لا تعرف كيف اكون في مواقف كهذه.."

لم يأبه لما تقول..تهديد سخيف كما توقع مرت احدى يديه على خصلات شعرها ..و صوته العابث يقتحم اذنيها قائلاً بلذة

-" لم اكن اعرف أن لقرباء الخدم هنا فتيات صغار مثلك..و.."

بحدة قاطعته

-" لستُ صغيرة و لستُ ابنة اي احد من الخدم..ارتفع صوتها لتكمل ناسية الموقف..أنت من اقتحم المطبخ فجأة ..أنت حتى لم تراني على الطاولة بل سارعت

لأخذ السكين..ثم اخذت تردد بجنون ..اتركني ..اتركني.."

امسك باحدى ذراعيها بقوة شديدة احست بعظامها تتمزق فيما جسدها انصدم بقوة بالحائط ..عينيه الغاضبتان ألجمتها ..ليخرسها قائلاً

- " خطر جداً أن تكوني في المطبخ بهذا الوقت..ألم يخبروك بشبح القصر ليلاً.."

ابتلعت ريقها بصعوبة تنظر لسواد عينيه فيحدق هو بملامحها الجميلة..تلك اللحظة كان يحتاج لأي امرأة تريحه لكن تلك الملامح لم تكن
وقحة فتقبل به..احس بيديها تدفع صدره فتهتف بخفوت

- " توقف عن هذه النظرات المعجبة.."

صدمة ألجمت لسانه فيما تحررت منهُ بسهولة و بآخر لحظة انطلق معترضاً طريقها واقفاً عن باب المفتوح..ليفاجئ بعينين شرستين
بعيداً عن تلك الخائفة المرتجفة.. فتاة ذات وجهين مختلفين ابتسم بتسلية ..لتمتحي ابتسامته فوراً حين وقعت عينيه بتركيز على عينيها الزرقاء
..قبل ان تمر عينيها على جسدها بسرعة .." شقراء و كأن البحر كله بعينيها.." ..يا ألهي كيف نسي الأمر
فقط رسالة شهد ذكرته بكل شيء..لم يعرف كيف تراجع خطوة إلى الوراء و كأنهُ لم يفعل شيء وجد نفسه يقول بارتباك

-" قطة..اردت أن اتسلى فقط..."

-" أن لم تذهب أيها اللص سأبلغ الشرطة.."

ردت عليه بنفس السخرية و هي تعرف أنهُ ليس بلص ليرد عليها بمتعة ..

-" و اللصوص لا يبحثون عن الطعام يا قطتنا.."

تراجعت إلى الوراء خطوة فيما اخذت عينيها تمر على جسده الطويل..تحاول تذكر هذا الجسد ..لقد رأته من قبل..نعم رأته لكن ليس بوضوح..
ارتجفت لتفكر لو كان الابن الأوسط كم الأمر سخيف لقد كانت تعيش حالة من الرعب بينما تتناول التفاح ليدخل فجأة دون أن ينتبه لها مخرجاً
سكينا من الثلاجة لقد بالغت بشدة لكن كانت خائفة و هو جاء بوقت تخيلاتها و بتواجد السكين بين يديه خاصة بوجود نور بسيط
في المطبخ ذاك النور الذي صور لها الأمر مخيفاً كافلام الرعب جعلها تظهر وجهاً
اخر بعيد عن وجهها البريئ لم تفكر أنها داخل قصر محمي و ليس في منزلهم القديم الذي يستطيع أي لص اقتحامه بسهولة ..احست بالارتباك
من نظراته الجريئة على جسدها على الأقل ليقدر كونها ابنة عمه رفعت رأسها بشموخ ..قائلة بتعصب

-" ابتعد..ابتعد عن الباب.."

الرعب سيطر عليها حين شعت عينيه بغضب مفكراً فقط أن التي
تقف امامه هي نفسها الفتاة التي من اجلها كُسرت كلمته في القصر والتي ادخلت القصر رغماً عنه وجد نفسه ينطق بصدق حاقد

-" الأيام ستكون بيننا طويلة..إذا اردت البقاء في القصر فابتعدي عن مملكتي و إن تجرأت فستطردين من المملكة كلها..."

-" لم تخفيني.."

قالتها و هي تحدق بعينيه بتحدي اكبر..رغم أنها اذهلته بتلك القوة لكنهُ ردد ليرهبها..

-" لقد قال أيمن..و أيمن دائماً عند كلمته..اظلمت عينيه ببريق موحش فيما يكمل من بين أسنانه..لن تظلي هنا كثيراً فأشواكي مزروعة بكل ناحية
بهذا القصر..كوني حذرة يا ياسمينا..."

-" لن تقدر كما لم يقدر أحد.."

اكملت كلمتها بحقد شديد ثم تجاوزت الباب بعد أن ابتعد عنه و فور أن ابتعدت عن المطبخ حتى ركضت نحو غرفتها مسرعة بينما نظر هو خلفه
لتلك البيضتان المكسورتان فتشوهان نظافة المطبخ و بكل برود عاود اخراج بيضتان ليطبخهما مجدداً دون أن يفكر بإصلاح الفوضى السابقة .
ضحك باستهزاء و هو يفكر أن الغرباء اعتقدوا أنهُ لص هامساً بثقة مخاطباً نفسه

"لص وسيم..الزرقاء باردة جداً..اكمل ساخراً متذكرا شهد....و كأن البحر كله بعينيها.."

..صفقت باب غرفتها بقوة لم تعرف كيف ركضت بكل تلك السرعة متجاوزة السلالم اسندت جسدها خلف الباب لتجلس على الأرض محاولة
أن تلتقط انفاسها و فور أن شعرت بالخلوة..حتى اخذت تردد

-" غبية غبية.أنهُ ابن السيد حلمي..أيمن..هذا يعني أنهُ ابن عمي الذي لم نراه اليوم."

احمرت وجنتيها خجلاً و هي تخاطب نفسها بخفة

-" لقد قلتُ له لص ..لص. .ثم اشتعلت عينيها بغضب لتبرر لنفسها مرددة..لكنهُ يستحق..الحقير يتحرش بي بكل وقاحة...."

مرت عينيها على جسدها تتذكر نظراته الجريئة ..قبل أن تعود تهديداته إليها..ارتفعت حاجبيها بتصميم لتهتف بخفة.." لا..أنا لستُ ياسمين الخجولة..وجهي الآخر
لن يكون إلا معك يا أيمن..أنت غبي جداً لتتناسى أن كيدنا عظيم.."

ورغم ذلك وجدت نفسها تبتسم متذكرة وسامته الموحشة طوله المذهل و جسده المتناسق و نظراته كانت جريئة لكنها ايضاً جعلتها تشعر ببعض الأنوثة و الغرور..
حاولت أن تقف بصعوبة قبل أن تسقط غير قادرة من تلك الافكار التي تضربها بقوة على صوت دقات الباب اغمضت عينيها لتدرك
برعب أنهُ جاء إليها ..بغباء اخذت تفكر قبل أن تقف بصعوبة ..فاتحة الباب بتهور شديد..لتقع عينيها فوراً على الجسد الواقف امامها...
ابتلعت ريقها بصعوبة فيما ادركت الآن أنها ترتدي ملابس نوم بحملات رفيعة..رمشت بصعوبة لتهمس من دون استيعاب..."أأ.أ.."....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-16-2015, 08:55 PM
 
الفصل الثاني
....................................
"أنور.."
نطقت اسمه بصعوبة فيما تحاول ابعاد صورة الآخر من رأسها ..قبل أن تضع يديها امام صدرها بحركة تلقائية لتتراجع خلف الباب بسرعة بدا عليه الاحراج
و هو يخفض نظراته إلى الأرض بينما تلعثم صوتها و هي تنطق بارتباك
-" لحظة من فضلك"
تركته بسرعة لتخطف الوشاح الموضوع على السرير تلفه حول كتفيها ..عادت تفتـح الباب الذي كان مردوداً احمرت خديها و هي تنظر لإحراجه
لقد وضعته بموقف محرج اعاد رفع عينيه هذه المرة ببطء حين لمح الوشاح يغطي كتفيها نطق بصوت معتذر
-" أنا اعتذر..لم اقصد الإزعاج "
لم يعرف ما اصابه حين حركت رأسها بالنفي لتـتناثر خصلات شقراء حول عينيها بلطافة ...بينما عينيها الزرقاء كانت تشع براءة ..كم صارت حلوة و هي تبتسم
لهُ بخجل قائلة
-" ابداً..أنور.."
نطقت اسمه بعذوبة بينما بداخلها تحاول نفض صورة اسود العينين شقيقه مجبرة نفسها بأعجوبة على العودة للوجه اللطيف ..لتكمل كلماتها
-" هل تريد شيء..؟.."
اجبر نفسه بالقوة على العودة لشخصية المتزنة تبسم تلقائياً ليقول
-" أنا لمحتك تركضين مسرعة..كنت أعتقد أن مكروه اصابك ..لكنك تبدين لي بخير.."
ما هذه الورطة يا ياسمين ..خاطبت نفسها فيما اختلقت كذبة سريعة لتقول بتمثيل دقيق
-" لقد خفت..اه صحيح ..أنا.."
احست بالكلمات تضيع من فمها حين حركت عينيها بالصدفة لتقع مباشرة على عينيه البنية الفاتحة و بجهد كبير واصلت كذبها المعتاد
-" تعرف أنا لستُ معتادة على المكان و حين نزلت خُيل لي بأني اسمع صوت غريب فركضت بسرعة.."
هل كلماتها حقاً مضحكة ..؟..فكرت بذلك حين لمحته يحاول كبت ضحكة صغيرة ليحولها إلى ابتسامة مظهراً اسنانه البيضاء ..اهم شيء أنها اقنعته
قال موضحاً بهدوء
-" ..يبدو أنك سمعت صوت أيمن في المطبخ..أنه مزعج في تحضير البيض..ألم تقابليه؟"
نطقت بتعجب بتمثيل متقن
-" لا..لم ادخل المطبخ بالأساس"
اكتفى بأن يهز رأسه ببطء محدقاً بملامح وجهها مما جعلها تخشى أن يكشف سرها أو بالصمت يسمع ضربات قلبها المجنون فهي
مؤكد لا تريد أن تكون كاذبة من أول ليلة لها ..كادت أن تطلق تنهيدة حين تبسم ليجلب راحة لها ليقول
-" ستريه على كل حال..أنا استأذن الآن.."
لم تعلق بشيء فور أن استدار حتى تراجعت إلى الداخل لتغلق الباب تتنهد براحة..قبل أن تشتم غباءها بخفوت محاكية نفسها..
-" ورطة من أول يوم."
حدقت بملابس النوم التي ترتديها لتكتشف الأمر الأفظع يا ليت انور هو من رآها فقط بل أنها نسيت أن المتحرش هو أول من رآها عضت على
شفتيها بقهر فهذه الملابس لم تكن يوماً ترتديها لطالما كانت تلبس اشياء رخيصة و محتشمة و فوجئت بهذا الدولاب يحوي على ملابس نوم كاشفة لقد نسيت أن
الأمر كله تغير ثم ما الذي دفعها لنزول أهو الملل فهي بهذا الوقت تكون دوماً نائمة او تعمل على بعض الاوراق و تكمل دراستها المملة..تنهدت حاوية وجهها
بين كفيها لتعاود صورة المدعو ايمن امامها " و هاهو اول مطب ."
تمتمت بيأس محدقة بمحتوى الغرفة الكبيرة الفاخرة حتى الآن لم تكتشف ما تحويه ادراجها و خزاناتها كلها بالأول هي بحاجة فقط لترتيب امورها جيداً
............................................
نزل السلالم فيما يشعر أن النوم قد ترك عينيه بعد أن رأى ياسمين ..فور أن وصل للصالة الضخمة حتى وصل لمسامعه صوت أيمن ..يدندن
بكلمات اغنية بلحن اخترعه من تلقاء نفسه كأن احد ما اجبره على الغناء نظر لصورة أخيه جيداً حيث كان جالساً على الأريكة ويده ممسكة
بجهاز تحكم التلفاز تبحث عن قناة مسلية و ليس كأن في غرفته تلفاز خاص ..نظر لطبق المتوسط فوق فخده فيما بيده الاخرى يأكل البيض
المقلي من دون خبز كعادته ليلاً حين يريد..
-" مساء أو صباح الخير.."
تمتم أنور مبتسماً مما جعل أيمن ينتبه لتواجد اخيه اخيراً من دون اكتراث قال
-" سيد الأعمال لماذا لم تنم..؟.."
قطع المسافة ليجلس على نفس الأريكة تاركاً مسافة بينهما بينما يستمر ايمن في اكل البيض بلذة متجاهلاً بقية المأكولات مرت ثوان
ليقاطع الهدوء انور ليسأله بهدوء
-" بيض يا أيمن..في هذه الساعة من الليل.."
ألتفت لشقيقه ليرد بسرعة
-" و هل هو مضر في هذا الوقت مثلاً..؟.."
تبسم بخفة ليعاود نظره على أخيه أنهُ احياناً يشعر بأنهُ يكبره بعشرين عام و ليس بخمس أعوام..للحظة أراد أن يطفئ التلفاز ويجبره على النوم او حتى
ضربه على حرق اعصاب والده اليوم لكنهُ تمهل ليخفي كل تلك المشاعر اكتفى بالنظر إليه يشاهد فلم اجنبي من دون تركيز
-" هل تشتاق لها..؟.."
لم يعرف كيف نطق تلك الجملة احس بأيمن يتشنج بمكانه حتى يديه توقفت عن توصيل الطعام لفمه..رد على انور
-" من ..؟.."
لقد كان يعرف من يقصد أنور لكنهُ تعمد التغابي على الأقل كي يجعل انور يغلق الموضوع فقط لكن أنور كان مصراً و هو يهمس برقة
- " أمي.."
اغمض عينيه بقوة لسماعه تلك الكلمة من أنور فيما قلبه يعتصر بألم كأن ملحاً وضع على جراحه بدا يشعر بالاختناق فاكتفى بالصمت بينما يردد انور كلماته بشوق مخفي
-"يومها كنت تبكي بشدة اتذكر أنك كنت مريض والدتنا فعلت كل شيء لارضائك بالنهاية اضطرت لتلعب معك دور الطباخ و الزبون..ابتسم بذكرى مكملاً
كنت تبتسم من بين ألمك بينما أمي لم تجد شيء تطهوه لك بسرعة سوى حبات البيض ظلت تلعب معك حتى هدأت معتقداً أنك بمطعم حقيقي
ثم اخذتها عادة قبل أن تنام تطلب لعبتك المفضلة و بالطبع لم تكن كلمتك تكسر ابداً لكنك توقفت عن هذه العادة لتعود لها..صمت ليكمل بعدها.. بعد أن توفت
اكمل باصرار يمتزج بالجد .. "أخي لن تزيد نفسك إلا جراح لو كنت حقاً تشتاق لها فكن كما تريد هي و ليس كما تريد أنت .."

لحظات عادت إليه صورتها مجدداً لم يستطع قول شيء فقط ذكراها تكفيه لتجعله يعود طفلاً كم يكره شعور الاختناق الذي يصيبه كم يحتاج لتواجدها الآن
مرت ثوان لا يسمع فيها سوى صوت التلفاز بينما كانا الاثنان غارقا بعالم آخر اخفض انور رأسه إلى الأرض ليكمل من اعماق قلبه..

-" ليرحمها الله أيمن..كف عن كبح ألمك أخي حين تقلد مواقفك معها لن تستفيد لن ترجعها إلينا مجدد"

-"انور..لن تصل معي بحل يريح شوقي او يعدل من أي تصرفاتي.."

قالها محدقاً بالتلفاز لا يريد النظر لأنور مرت يديه لتغير القناة نحو قناة اخرى كأنهُ يهرب من كلمات أنور استطاع خلال دقيقة أن يعدل
من داخله قليلاً..لم يكن انور يعرف ما يفعل كم يريد أن يغير من شقيقه لعله على الأقل يريح والده من هموم الاسرة قليلاً والده الذي بذل كل جهده لضم ابناء
أخيه إليه ضاعت افكاره حين عادت صورتها إلى مخيلته و بسرعة نظر لأيمن الذي كان مشغولاً بمشاهدة التلفاز ..تلك الياسمين هل ستشكل خطر على حياتهما
بالأساس هو و أيمن لم يستطع إلهاء نفسه بأي شيء عادت صورتها إليه و هي تركض بسرعة نحو السلالم لتصعده بخطوات كبيرة ..كم يشك بأن ياسمين تخفي
شيء , شعوراً دفعه ليقول فجأة
-" ايمن ..والدي كان غاضب منك اليوم..أنت لم تحضر لاستقبال ابنتا عمك.."
ترك جهاز التحكم جانباً ليعتدل بجلسته مقابلاً لأخيه قائلاً بملل
-" بحق الله ..لقد احسستموني أني ارتكبت ذنباً..لم اغب عن موكب الأميرة مثلاً! "
بتأنيب خفيف رد
-" على الأقل احترم كلمة والدي.."
تأفف بضجر ليرد القول
-" ما بالك اليوم أنور..؟ منذُ متى تحاسبني "
-" أنا لا احاسبك .."
رد كأنهُ يريد انهاء الأمر
-" اذن لا تتحدث أرجوك ..لا اعرف ما اصابك اليوم.."

كأنهُ لا يفهم كلمات ايمن حيث ردد بتساؤل

-" هل قابلت ياسمين قبل دقائق...؟."

تطلع لملامح انور جيداً لم يجد شيء من الارتباك به رغم ذلك اراد ممازحته و هو يطلق ضحكة قصيرة ليقول

-" أنور ..لا تقل لي بأنك اعجبت بزرقاء العينين الباردة منذُ اول لقاء"

لم يعلق بشيء ظل صامتاً لثوان بينما صقيع بارد ظهر على عينيه ..قبل أن ينطق ببرود

-" أذن رأيتها قبل دقائق ..و بسرعة تمكنت من تميز لون عينيها جيداً.."

-" مؤكد فأنا خبيررر"

قالها مستلطف لكنهُ عقد حاجبيه حين لم يرى أي تغيرات على وجه أخيه ..فتح فمه ليتحدث لكنهُ فوجئ بالحزم يطل من عيني أنور ليقول

-" اسمع..ياسمين ليست ممن تراهن ..أنها مختلفة احذر أيمن.."

رغم أنهُ اصيب ببعض الحيرة لكنهُ ردد قائلاً

-" أنا لا اعدك بشيء حالياً.."

لأول مرة يلاحظ نظرات أنور المحذرة له قبل أن يقف من على الأريكة بجفاف ليبتعد عنه دون أن يقول له كلمة واحدة مما جعل أيمن يردد
-" على الأقل قل..تصبح على خيرر.."
ايضاً لم يرد بل انزعج حين سمع ضحكة خفيفه من اخاه فالتفت له فوراً جمدت ملامحه حين لوح لهُ بيده قائلاً بتسلية
-" لا تغضب أخي الأكبر..فقط مع الطريق بلغ تحياتي للشقراء ..أخبرها أن تواجدها هنا ليس مناسب ابداً..لا تنسى ذلك.."
لم يعبر بكلمة واحدة بل واصل طريقه نحو جناحه الواسع و هو يشتم بسره على أنهُ فكر بمجادلة أيمن و احساس يخبره أن ايمن تصرف مع ياسمين
تصرف متهور و إلا لما اضطرت ياسمين الكذب عليه

................

في الصباح

......

طرقات خفيفة طرقت باب غرفتها ففتحته فوراً كأنها كانت تنتظر هذه الطرقات ..

-" صباح الخير ياسمين.."

هتفت شهد و هي تبتسم ابتسامة حلوة و ندى تقف بجوارها عينيها تلمع بفرح شديد..حيث أن أختـها بدت معتادة على الوضع سعيدة به و هي التي لم تنم
طوال الليل رددت و هي تبتعد عن الباب لتسمح لهم بالدخول

-" صباح الخير..تفضلا.."

لم تتحرك احد منهما بل رددت شهد بلمعة عينيها

-" نحن في انتظارك على طاولة طعام الإفطار"

هزت رأسها بالإيجاب قبل أن تهتف بخفوت

-" لحظة فقط.."

دخلت لغرفتها حيث اتجهت نحو تسريحة الشعر ..كم تشعر نفسها فتاة مدللة و كل هذا الترف يحيط بها بعد أن كانت غرفة رديئة تضمها
مع اختها حاولت أن تبتسم بثقة و هي تمرر المشط بين خصلات شعرها بسرعة ..نظرت لنفسها نظرة عابرة ثم ارتدت حذاء منزلي
و نزلت معهما ..اول شيء قابل وجهها هو وجه عمها المبتسم و هو يحيهما بلطف نبضات قلبها تسارعت بقوة و هي تشعر بهيبة وجود رجل ماذا لو كانوا
ثلاث رجال ..احست باختناق حين تقابلت عينيها مع عينيه الخطيرة.. استطاعت أن تلمح ملابسه الفاخرة بسترة جلدية مع بلوزة بيضاء ظهرت من
فتحت السحاب ..و بكل قوتها ارادت تشويه وجه الوقح الذي ابتسم لها ابتسامة لعوب حتى أنهُ لم يحترم كونها ابنة عمه او حتى يحترم تواجد والده بجواره
على الطاولة ..كبتت غيظها لتقول برقة..

-"صباح الخير عمي..صباح الخير أنور.."

تعمدت بخبث عدم ذكر اسمه بينما كانت تبتسم ابتسامة رقيقة و هي تتقدم لتسحب احدى الكراسي و انور يرد التحية بهدوء
جلست بجوار عمها و هي تسأله عن حاله بلطف خجل و كأنها كانت تشعل النار على أيمن..بصعوبة كان يتماسك اعصابه و هو يستوعب
أن ياسمين ليست سهلة..البارحة كانت متوحشة و الآن تمثل الرقة..أي دور تلعبه هي ..و رغم ذلك كان واثق بأنها لن تتم هنا بضعة أيام
حتى تفر كالفأرة من المنزل ارتفع صوته فجأة مما جذب الأنظار إليه و هو يهتف

-" ندى ..هل لك أن تناوليني الصحيفة بجانبك..؟.."
هبت ندى مسرعة تناوله الصحيفة غير مستشعر بدهشة ياسمين حيث بدى على أيمن اسلوب لطيف و هو يخاطب ندى هل المشكلة بها فقط ..؟..ماذا فعلت..؟
البارحة لم تصادف ابن عم تثق به صادفت وحشاً عابثاً ..تجاهلت كل الافكار و حاولت التركيز على طعام الافطار بالحقيقة طعام الفطور ادهشها ترتيبه!.لم
تتصور يوما بأنها ستأكل بطاولة انيقة طعام خفيف منوع ..بدأت بالأكل بهدوء حين طلب منها عمها ذلك بلطف..لم تعرف كم اكلت ..وضعت الشوكة جانباً وسارعت بمسح
فمها بتوتر يدين دافئة احاطت بكتفها بأمان وجدت نفسها ترفع عينيها لعمها الحنون صدمها حين قال بثقة
-" أنت في منزلك ياسمينتي ..لا داعي لأي توتر.."
هزت رأسها بحركات تلقائية قبل أن تتجمد على الصوت الهادئ الذي نطق بتسلية مخفية
-" أبي ..لم يزر حتى الآن قصرنا ممثلاً بارع..ضحكة خفيفة انطلقت منه ليكمل ..عملة بوجهان .."
"توقف أيمن"
لم يكن صوت السيد حلمي بل كان صوت انور الذي احتدت عيناه ليوجهها نحو أيمن الذي لم يبالي بشيء حتى أنهُ لم يكلف نفسه عناء النظر لملامح والده الذي
تحذره بشدة ..نظر السيد حلمي لياسمين ليجدها متصلبة بمكانها تحدق بندى المندهشة فيما كانت شهد تكشر بانزعاج لم يكن يعرف بأن الوجه الآخر كان يفكر بذكاء
بمهارة كسا الحزن وجهها فيما داخلها كان ناراً مشتعلة تتوعده برد الصاع صاعين وليس القصر قصرك يا أيمن..إن ادخلت الفكرة برأسي سأكون
أنا سيدة القصر..سأجعل الأساطير حقيقة..هذا ما دار بسرها قبل أن تحاول الوقوف من على الكرسي بانكسار غير أن السيد حلمي منعها على الفور ليقول بصوت حازم
" أيمن.."
مضغ الخبز بفمه بتثاقل فيما تحركت عيناه السوداء نحو والده ينظر له بهدوء قاتل ..ليستمع لوالده يكمل بحزم
-" حين تعود من الشركة..أحضر معك هاتفان محمولان لندى وياسمين .."
قبض انور على كفه الأيسر بخفة كأنهُ يدرك أن مزاج أيمن سيقلب الآن اكثر وطبعاً الرفض كان مؤكد لكنهُ صدم بأخيه يرد مبتسما كأنهُ ابداً لا يفعل شيء
-" حاضر أبي..واحداً لندى و الآخر فلتشتريه أنت.."
-"اشتري الهاتفان من نفس المحل ..لا داعي لأن اكرر الكلمة مرتين.."
وضع قطع من الخضروات بفمه ليسمع أنور يرد محاولاً تهدئة الأمر
-" أبي..ايمن يقصد أنهُ لا يعرف ذوق ياسمين بينما ندى سهل شراء هاتف مناسب لها لا بأس أنا سأشتريه.."
توقفت حتى حركة الأشواك حين نطق أيمن بثقة
-" و من قال ذلك أنور..أنا اجيد ذوق الفتيات جيداً.. ..الأمر فقط أنني لا امتلك وقت لشراء هاتفان.."
صوت السيد حلمي هدر بقوة هاتفاً باسم أيمن مما جعل ندى تنكمش بخلاف شهد و كأنها تعتاد على الأمر لتقول ببعض التشوش
-" عمي..لا بأس نحنُ لا نحتاج لهواتف نقالة و"
بنفس اللحظة تدخلت ياسمين قاطعة ندى لتهتف و ملامحها تكسوها القهر
-" أنا لا احتاج لأي هاتف ..لازلت احتفظ بهاتفي القديم ..هواتف جديدة لا تهمني.."
و بحركة انزعاج تركت الطاولة لتغادر فيما تسمع صوت عمها يهدر بقوة و غضب
-" أن لم تحضر يا أيمن ما قلت و تعديت على كلمتي..اقسم بأن الأمر لن يمر على خير..أنا حتى الآن صامت محترماً تواجد الجميع حولي.."
صعدت السلالم بخطوات متعثرة و بسرعة رهيبة دخلت غرفتها التقطت انفاسها لتجلس فوراً على الأرض فيما خفق قلبها بقوة..
الأحمق أيمن أنهُ يحاربها امام والده ألا يعرف أن قوة والده اكبر منه ..تلقائياً ابتسمت حتى أنها لم تأبه لموقفه السخيف معها
انفلتت ضحكة خفيفة منها ويديها تعيد خصلات شعرها الثائرة تشابه وجهاً مختبئ تحت قناع البراءة لتهمس بمتعة
" سهل جداً يا أيمن..سهل أن اجعلك حطباً حتى خلال فترة بسيطة..استمر باظهار اسلحتك استمر .."

.................

عدل من ياقته فيما يشعر بهم أيمن يكاد يقضي عليه..طرقات خفيفة على باب مكتبه جعلت عينيه تتوجه ناحية الباب "تفضل"
هتف و هو يتوقع دخول ابنه الأكبر..انشرح قلبه ليجد أنور يدفع الباب بخفه ثم يغلقه خلفه..بخطواته المتزنة اقترب نحو مكتب والده ليجلس
على الكرسي تطلع لوالده المنهك ليهتف
-" أبي..أرح اعصابك أرجوك..لم يكن هناك داع لإقامة شجار بينك و بين أيمن من الصباح..تعرف كم هو مزاجي و.."
قطعه ليقول بحده
-" لماذا أنا من يجب أن اغلق كل الحوارات معه أم نسي أنني والده ..العابث..لن يقضي علي أحد كما سيفعل أخاك يا أنور..ليحمد الله أنني لم
احاسبه على تركه المنزل البارحة و لا ادري بأي وقت متأخر عاد..و بكل وقاحة يجرح ياسمين بالكلام..متى رآها ليعاملها هكذا.."
و لو تعرف يا أبي أنهما التقيا ليلة البارحة ماذا ستقول..؟..لم يستطع أن يخبر والده الحقيقة نطق قائلاً
-" أنا اعرف أنهُ مخطئ لكن بالنسبة لشراء الهاتف ليس من الضروري أن يشتريها هو رغماً عنه..اكمل محاولاً أن يفهم والده..كل ما اطلبه فقط
أن لا تجادله على أمور ليست مهمة ..لقد شعرت بحقده اتجاه ياسمين من البداية لم يكن هناك داع لتطلب منه شراء هاتف فينتهي الأمر بجدال
حاد..كان من الممكن ببساطة أن تكلفني أنا بذلك و ينتهي الأمر أو حتى رجالك الكثر.."
تعجب طرأ على عينيه ليرد على ابنه برفض
-" اكلفك أنت!..لا أنت مشغول ليذهب هو الذي يقضي نصف وقته بالعمل و الآخر باللهو كما المراهقين.. لقد تعمدت اختيار أيمن."
-" كان يجب أن تفعل ذلك ..ببساطة لأن ياسمين لن تقبل بأي شيء منه .."
ثم استأذن ليعود إلى مكتبه لعله يستطيع العمل بعد كل التشوش الذي يرافق عقله بعد دخول ندى وياسمين القصر..أو ربما ياسمين بالذات

...........

بعد ساعات..
"كفى نــدى .."
زمجرت ياسمين بحنق فيما تضم لحافها البنفسجي إلى جسدها بنزق ..تمتمت ندى و هي تسحب جسدها نحو شقيقتها لتجلس بجوارها على السرير الواسع
-"ياسمين ..ماذ يجري بينك و بين أيمن هاا..؟.."
بانزعاج ردت
-" كل الأمر أنهُ مغرور اكثر من الحد اللازم ..اعتدلت بجلستها لتكمل بحزم..أسمعي ندى الشاب لا يبدو متقبل تواجدنا في منزله
لقد فهمت ذلك من بعض كلماته ..لذا حاولي الابتعاد عنه تجنبي الاحتكاك به و.."
قطعتها ندى باستنكار لترد برفض
-" أي كلام تقولين..؟..أختي لقد كان لطيف جداً معي أنهُ حتى سألني عن مستواي الدراسي و مازحني بلطف.."
-" أيمن فعل ذلك..؟.!."
سألتها فيما عينيها تكاد تخرج من محلها من الصدمة لترد ندى ببراءة
"نعم حتى بعد أن تركتي الطاولة غاضبة سألني أي نوع من الهواتف اريده"
صرخت لتفزع ندى قائلة
-" و هل أخبرته ..؟"
ابتلعت ريقها بخوف لتجد ياسمين الاجابة بعيني شقيقتها دفعت اللحاف عنها بعنف لتصرخ بجنون
-" حقاً حمقاء..حمقاء.."
تركتها لتغادر غرفتها بغضب ..الحقير هل يتقرب من ندى من أجل خطة شيطانية تهدف طردهما من المنزل..أم انهُ سيتعاون مع أختها الغبية ضدها
بالتأكيد بقليل من الأكاذيب..لماذا ..؟..تساءلت و هي تنزل السلالم كالإعصار متجاهلة نظرات بعض الخدم لها خصلات شعرها الثائرة كانت تتحرك بتحرك
جسدها السريع ..فيما تقسم بداخلها أنها لن تخرج من هذا القصر ليس بعد أن احبت عمها و احبت حياة الرفاهية بعيداً عن الفقر تعلقت بكل شيء بيوم واحد فقط..تأففت و هي تخطو
خطوات سريعة لتجاوز الباب الزجاجي نحو الحديقة طارت كل تلك العصبية حين وقعت عينيها فوراً على جسداً طويل يرتدي قميص أبيض مع بنطال من الجينز
الأسود..لم يبدو أبداً منتبهاً لها حيث كان يعطيها ظهره عينيها تأملت هاتفه النقال الموضوع على أذنه فاستغلت الفرصة لتقترب بخفة نحوه و كلما اقتربت كان صوته يزداد وضوحاً.
"بل أنا اكاد اذوب شوقاً لألتهمك.."
كادت أن تطلق شهقة عالية لكنها تلقائياً وضعت يدها على فمها فيما عينيها لازلت مفتوحة بصدمة و هي تسمع صوت ضحكته العالية ثم
كلمات جريئة جعلت الدماء تتوقف بعروقها ..استدار على جانبه قليلاً و لحسن الحظ لم يكن ينظر لها بل كان يتأمل بعض الشجيرات
"سأراك اليوم أو في الغد..في منزلك و لو كان مشغولاً فالفنادق كثيرة.."
لم تكن تعرف هل ترى ابن رجل محترم ؟ ..صحيح أن والدها كان سكير و قاسي لكنها لم تراه يوماً يحدث امرأة بهذه الطريقة و هي غير مهتمة
لو كان يفعلها بالخفاء..تفكر فقط كيف للمدعو أيمن أن يكون جزء من عائلة السيد حلمي..بلحظة أرادت أن تقترب لتشنقه بكلتا يديها غير أنهُ
رفع رأسه بتلك اللحظات ليحدق بالسماء ليسمح لها تنظر لملامحه جيداً..ابتلعت ريقها محدقة بعينيه الجذابة تلمع مثل لمعان عينا الذئب..
شفتاه التي تتحرك بكلام قذر رأتهما بشعتان رغم أنها كانت تدرك أنها لم ترى مثلهما قط...شعره الأسود مع لحيته الخفيفة التي تتناسق مع اخر صيحات الموضة
بخلاف جسده الرشيق الطويل عرضه الذي يتناسب مع طوله..نفضت تلك الأفكار بعنف و هي تشيح عينيها عنه لتتوقف
عن تأمله بغباء..اقتربت خطوة اكثر لتستمع لمكالمته القذرة و هو يكمل

-" سناء ..اتركي ثرثرتك الفارغة مع أختك و ركزي فقط معي.."
ضحك و هو يسمع ردها ليكمل بكلمات اعتيادية
-" سأنطق بكل ما تريدين حين نكون معاً هاا..ثم اكمل بخبث..دعيها الليلة يا جميلة الليلة سنصفي الأمور"
فيما بداخله يكمل ..ليلة الوداع طبعاً يا جميلة..لم يكن يعرف أن الشقراء تحدق به بغضب شديد لحسن الحظ أن لا يوجد حجارة بجانبها و إلا كانت قد رمته بعنف
و لو كان خفيف الوزن بنسبة لجسدها لكانت دفعته بقوة لحوض المياه الواسع بجانبه لم تعرف كيف تحركت قدماها نحوه و بآخر لحظة ابعدت الغضب جانباً لتهتف
بسخرية مستفزة بصوت عال
-" عزيزي الليلة أنت مشغول"
لمحت تشنج اصابعه على الهاتف النقال ليستدير نحو الصوت..كز على اسنانه بقوة ليغلق الهاتف ببرود دون أن يسمع صوت سناء المنصدم بعد أن وصل لها صوت ياسمين
و هو ابداً ليس بمزاج لمراضاتها بل عليه ترويض ابنة عمه المجنونة..لم تسمح له بالتحدث بل واصلت بجراءة لتقول ضاحكة بسخرية واضحة
-" أم أنني افسدت ليلتك القذرة يا شريف.."
تلك الكلمة جعلت الشياطين تتنطط امامه اقترب ليقطع المسافة بينهما بخطوة ليخرج صوته كفحيح الافعى هامساً..
-" و من أنت لتفسديها..؟.."
خطا خطوة ليلتصق جسده بها بتحدي لكنها بسطت يدها بقوة على صدره تمنعه من الاحتكاك بجسدها رفعت رأسها لتقابل عينيها الزرقاء عينيه بحده ..اكمل
بغضب ظهر بعينيه
-" ياسمين ..إن كنت حقوداً لتواجدك في القصر فاسعي لتخففي ذاك الحقد و لا تزيديه اضعافاً.."
-" و لماذا علي فعل ذلك..أم نسيت أن عمي من احضرني إلى هنا.."
الثقة التي بعينيها جعلت غضبه يزداد و هو يحاول جاهداً تمالك اعاصبه نطق من بين اسنانه هاتفاً
-" و أنا ابنه.."
بسخرية قالت
-" معلومة قديمة "
-" ستكون جديدة حين تعرفين معنى الكلمة جيداً يا ياسمينا.."
نطقه اسمها بتلك الطريقة الساخرة جعلتها تزداد غضباً تراجعت خطوة إلى الوراء حين احست بعينيه تتفحصان جسدها بوقاحة و بعد ما سمعت
كلماته الوقحة مع قذرة مثله اصبحت تشعر بالخوف من افعاله..لكنها لم تكن ياسمين لو لم تحرق قلبه ..بتلذذ تمتمت
-" لن اخرج من هذا القصر و لو كنت أنت الابن فأنا ابنة الأخ و الفرق بيننا بالأخلاق كبيراً..بكذب غبي رددت..لقد سجلت
مكالمتك بهاتفي و لنرى ماذا سيقول عمي حين يسمعها.."
ضحكة مستمتعة منه انطلقت فيما جسده يرتد إلى الوراء ليكمل ضحكته بمتعة
-" هل بهاتفك الخردة سجلتيه أم بهاتف من الهواء.."
اكمل ضحكته مستمتعاً باحمرار وجهها غضباً كم تكره نفسها حين تكذب بغباء و تكشف بنفس اللحظة تراجعت خطوتين إلى الوراء حين اقترب
منها لم تفهم شيء إلا حين رفع كيس ورقي انيق أمام وجهها كان ممسكاً به من الاول ثم بحث بشيء بداخله قبل أن يخرج هاتفاً داخل كرتونه المخصص لم تتوقع يوماً
أن تراه امام عينيها لكنها لم تظهر أي شيء من الدهشة بل حدقت بالهاتف باستحقار قبل أن يقول جملته القاضية
-" في المرة القادمة سجلي المحادثة بهذا الهاتف فالصوت به اوضح رغم أن والدي لا يعاني من مشكلة السمع ابداً.."
وضع الهاتف على يديها لتمسكه بصدمة ..برقت عينيها بجنون لتهتف
" حقير.."
لم يرد عليها بل رفع حاجبه مستفزاً و لأنه جعلها تحترق وجدت نفسها تفتح كرتون الهاتف لتخرجه بسرعة رهيبة و كأنها تعرف نقطة ضعفه فهو اشترى هذا الهاتف مجبراً
و بلحظة كان الهاتف يطير في الهواء ليسمع بعدها صوت حركة الماء في المسبح معلناً عن سقوط كتلة به و بنفس الوقت وصل صوتها إليه بتشفي و هي ترمي
الكرتون على الأرض
-" في المرة القادمة قدمه لحبيبتك..اقصد للعاهرة التي معك.."
صرخت برعب حين امتدت يديه بقوة لتمسك بذراعيها فيما تشعر بخصلات شعره تلامس جبينها و هو يهزها بعنف ليأتي صوته مردداً بغضب
-" ماذا فعلت..؟.. هل من مال والدك السجين يا غبية..؟..ستدفعين الثمن غال يا ياسمين.."
بحركات دفاعية كانت تركله وتجرح بشرة يده بأظافرها الطويلة و اخيراً رفعت رأسها غير مستشعرة بقرب وجهها منها و هو منحني نحوها كأنهُ يريد قتلها بيديه
-" لن ارمي الهاتف فقط ..بل في المرة القادمة سأرميك أنت ..عل المياه الصافية تغسل شيء من نجاستك.."
-" اخرسي.."
صرخ بعنف فيما رددت غير عابثة لها
-" سأفعل أيمن سأفعل.."
بصراخ اكبر قال
-" قلتُ اخرسي..ما كان ينقصني سوى ابنة سجين.."
بحرقة رددت و هي تشعر بالضياع و القهر
-" السجين خير من زير نساء.."
و بلحظة جنونية ركلته بساقه بعنف فارتد إلى الوراء قليلاً..و اعتقدت أنها احدى ابطال افلام الكرتون لتقفز بجنون نحو محققة رغبتها بجسدها الضئيل
امامه انقضت تدفعه بقوة نحو مسبح المياه في بداية الأمر كان مشغول بألم ساقه غير فاهم ما تقصد لكن حين تزحزح جسده قليلاً نحو المياه فهم ما كان
تقصد هل تعتقد أن بقوتها استطاعت أن تزحزحه أنهُ فقط غفل عن المقاومة قليلاً ردد بذهول مما تفعل
-" توقفي ياسمين.."
لم ترد بل أخذت تشتمه بجنونه و هي تواصل دفعه فصرخ بقوة و هو يمرر يديه على شعره يشده بعنف فيما تمسك هي بخصره تحاول دفعه
بقوة من بين جنونها لم تكن تسمع كلماته
-" توقفي.. و إلا سأضطر لمسايرتك يا بات مان.."
و لأنها لم تتوقف انحنى بسهولة ليحملها فوق كتفه كالريشة تلقى عدة ضربات بظهره لكنها لم تستمر حتى اقل من دقيقة ..شهقة تلتها شهقات عدة
فيما كانت تتغوص بالمياه الباردة خلال لحظات برقت عينيه بتشفي و هو يراقب يديها تتحرك بتخبط و كلما صعد فمها صرخت عليه مرددة
"ستندم"
استدار عنها ببرود ليرتب قميصه الذي تجعد من المعركة ثم مال ليحمل الكيس االذي سقط منه حيث كان يحوي على هاتف آخر لندى.. و لم يكلف نفسه عناء النظر لها
بل اتجه خارج القصر دون أن يركز بالصوت الذي نادى باسم ياسمين بقوة..تخبطت و هي تحاول رفع رأسها بصعوبة لتدرك أنهُ اوقعها في وسط المسبح حيث المكان الغريق
لم تفكر لحظة بالاستسلام بل العجيب أنها كانت تتوعده بسرها و من بين محاولاتها اليائسة بالخروج احست بيدين قوية تمسك خصرها بقوة لترفع رأسها خارج المياه
حركت رأسها يميناً و يساراً و هي تسعل يدا ثابتة تضرب ظهرها لعلها تستطيع التنفس جيداً..لم تتضح لها الرؤية بعد غير أن صوته كان واضحاً
-"تنفسي جيداً ..حاولي ذلك.."
هزت رأسها بحركات آلية و اخيراً بدأت تشعر بالهواء يعود إلى رئتيها ..ارتجفت على نسمة هواء باردة فانكمشت لا ارادياً لتقع عينيها على ملامح وجهه اخيراً
" انور.."
تمتمت و يديها تتشبث بقماش قميصه لتبدأ بالارتجاف من برودة الهواء..
-" لا بأس ..أنت بخير الان.."
ابتسم لها مطمئن و هو يسحبها نحو طرف المسبح صعد على حافة المسبح ليسحبها فوراً معه و قبل أن تستطيع التكلم اخرستها أعين الخدم التي تحدق بهم بذهول..
عضت على شفتيها بإحراج متى حضر الجميع هل منذُ معركتها مع أيمن تساءلت عينيها و هي تحدق به بإنهاك مستشعرة بالبرودة تكاد تجمد عظامها و كأنهُ
فهم مخاوفها قال مطمئن
-" حضر الخدم حين سقطت في المسبح .."
لم يكمل جملته حين لمح اقتراب الخادمة لتلف ياسمين بمنشفة كبيرة اعطى الخادمة نظرة لتنصرف بهدوء ليمسك المنشفة بدلاً عنها ضاماً بها جسد ياسمين
"هل تستطيعين المشي..؟.."
هزت رأسها بالإيجاب فأوقفها بحذر ليسندها عليه احس بارتجاف جسدها كم تمنى أن يحملها ليقطع المسافة الفاصلة نحو القصر لكنهُ امتنع عند تلك الفكرة
و قد رأى المسافة بعيدة و هو يصل اخيراً إلى القصر اغمض عينيه على صوت صرخت شهد تليها شهقات ندى و اكتمل الأمر بنزول والده من السلالم

بعد ساعات..
نزلة برد ..هذا ما قاله الطبيب بعد أن فحص ياسمين ليستعد للمغادرة بعد أن تحدث قليلاً مع السيد حلمي قبل أن يترك ياسمين داخل غرفتها
و يغادر..جميع الأعين كانت مركزة حول ياسمين ندى و شهد و أنور يجلس على الكرسي بعيداً عن السرير بقليل..شعر بالشفقة نحوها
و اغطية ثقيلة تغطي جسدها و رغم ذلك كانت ترتجف برداً..احس بالقلق حين اطلت الخادمة عليهم لتقول بنبرة احترام مخاطبة والده
-" سيدي..السيد أيمن وصل و قد اخبرته أن ينتظرك في المكتب كما طلبت.."
-" حسناً.."
هتف ليغادر الغرفة كاتماً غضب جنوني تعلقت عينا شهد على والدها قبل أن تنظر لأنور لتحرك حاجبيها كأنها تخبره بأن الكارثة قادمة اعطاها نظرة محذرة فعادت
الاهتمام بياسمين تثرثر كالعادة....فتح باب المكتب ليجد ابنه الوقح جالساً على الكرسي الجلدي بكل استرخاء فور أن رأى والده حتى قال مبتسماً
-" مساء الخير.."
لم يعطه والده أي كلمة محببة بل قال ساخراً
-" جيد..أنك أجبت على مكالمتي و جئت إلى المنزل..هل هذا تطور بني..؟.."
-" شكراً على مديحك ابي.."
كان يدرك أن قنبلة تنتظره و لم تكن ثانية حتى انفجر السيد حلمي ليقترب نحو ايمن بسرعة صارخاً
-" ألا تخجل أيمن..؟..كيف ترمي ابنة عمك في المسبح في هذا الجو البارد حتى لم تسأل نفسك لو كانت تجيد السباحة أو لا.."
وقف ليرد مدافعا و هو يعرف أن لا مجال للف والدوران مع والده
-" تلك الوقحة لا تعرف كيف تصرفت معي .فقدت قدرتي عن التحكم باعصابي و رميتها دفاعاً عن النفس.."
-" دفاعاً عن النفس !..هل امسكت السكين لتقتلك مثلاً.."
رد متطلع لوالده
-" لو فعلت ذلك لما رميتها إلى المسبح..لقد قالت لي كلام لم اسمعه من أي فتاة قط...هل تعرف حاولت أن ترميني الى المسبح معتقدة نفسها الفتاة الخارقة
..و ليس ذلك فقط ..الهاتف المحمول الذي كانت تحلم يوماً بأن تراه رمته امام عيني إلى المسبح ببرود من مال والدها اصلا!...."
تجمدت الدماء بعروقه بصدمة حين نهره والده بشدة ليهتف
-" و تكذب علي ..!..ياسمين تفعل ذلك ..أنها حتى تخجل من النظر إلى عيناي...لقد قالت أن الهاتف كان بيدها و لا اعلم ما دار بينكما
لترميها بوقاحة إلى المسبح.."
لم يعرف ما يرد هل قالت ذلك..تلك الكاذبة ..هل خدعت السيد حلمي ناصر بنظرة بريئة..الساحرة..ردد بصدمة
-" كاذبة ..أقسم أنها كاذبة.."
-" اخرس....أنا اعرفك جيد يا أيمن ..اعرف ابني و تصرفاته..."
-" لقد قلتها قبل قليل يا أبي..أنت لا تعرف ما دار بيننا لأرميها إلى المسبح..و ما كنت لأفعل ذلك و.."
قطعه صارخاً
-" بل كنت ستفعلها بكل الأحوال أم نسيت توعدك بها من قبل حتى أن تدخل القصر...لقد فعلت الكثير و أنت تعترض تواجدها
لكنهُ حصل فكف عن الجنون أيمن..أنا حتى الآن لم اتصرف معك كما يجب لازلت احتفظ باعصابي التالفة جيداً.."
بغضب شديد تركه ليغادر المكتب تاركاً أيمن يحترق ببطء
...............

ضمت ياسمين الأغطية إلى جسدها و هي شاردة بأمر أيمن..كل ما دار بينهما لم يدخل عقلها ابداً..يكفي أنها اختلقت اكثر من كذبة امام عمها
بل جعلت نفسها البريئة و أيمن الوحش..تخشى فقط لو كان هناك شهود ..و كم خافت من نظرة أنور الذي بدا مندهشاً
للحظة قبل أن تعود ملامحه إلى ما كانت عليه ..طرقات خفيفة على الباب جعلتها تستغرب فالباب كان مفتوحاً
-" هل أنت افضل..؟.."
قالها حين حركت رأسها نحو الباب استغربت تواجده فقد تركها قبل قليل مع ندى و شهد هتفت حين لمحت تردده بالدخول
-" تفضل أنور.."
لم تعرف هل كانت مخطئة بذلك لكنها اطمئنت أنهُ لم يغلق الباب بل تركه مفتوحاً راقبت الكيس الورقي بين يديه ليسحب الكرسي و يجلس مقابلاً لها
قال لها بلطف
-" كيف حالك..؟.."
استغربت سؤاله فقد كان قبل قليل معها لكنها سايرته لترد
-" الحمدلله ..أنا بخير.."

اعادت خصلات شعرها إلى الوراء بخفة حين قدم لها الكيس الورقي ليقول
-" تفضلي..أنه هاتف نقال اشتريته لك.."
رغم أنها اندهشت لكنها احست بالإحراج ..و هي تقول له
-" لم يكن يجب عليك فعل ذ.."
قطعها بأسلوب لطيف
-" ابداً..خذيه فقط أنا من البداية كنتُ اعرف انك لن تقبلي الهاتف من أيمن...اشتريته قبل أن ترمي الها.."
قطع جملته قبل نهايتها ليتراجع فوراً ليكمل بسرعة
-" اقصد قبل أن تسقطي مع الهاتف بحوض المياه.."
بجهد فضيع استطاعت أن تمثل أن الأمر طبيعي ..كم احست بالإحراج و هي تدرك أن أنور قد رآها لم تشرد كثيراً
امسكت بالكيس الورقي لتقول له
-" شكراً..شكراً لك.."
حتى أنها لم تبالي بأنها قبلت الهاتف بسهولة المهم أن يخرج من الغرفة الآن لا تطيق أن تكشف كذبتها أمام أشخاص كأنور
احس بتوترها يزداد رغماً عنهُ شعر بالضحك وقف ليقول
-" أنا سأذهب الآن..لو احتجت شيء اخبريني..رقمي مسجل بهاتفك.."
بهدوء غادر الغرفة ليغلق الباب خلفه..عضت على شفتيها بقهر لتخفي وجهها بين يديها بإحراج ..الحمدلله أنهُ لم يفضحها عند عمها
..تمتمت مخاطبة نفسها بغباء..غبية لا توجد كذبة تنجح معك..


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-16-2015, 08:56 PM
 
انا الآن نزلت لكم المقتطف والفصل الاول والفصل الثاني..
اذا حبيتو اخلص لكم حخلص..
وبليزززز شاركوااا كلكم..
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طفل يولد واسمه مكتوب على خده "صوره" لاتخرج بدون كتابة """سبحان الله"""‎ darҚ MooЙ موسوعة الصور 132 12-15-2011 09:33 PM
""لعشاق الساحره"""""""اروع اهداف القدم 92-2005""""""ارجوا التثبيت""""""" mody2trade أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 05-14-2008 02:37 PM


الساعة الآن 06:48 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011