عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 11-27-2017, 12:53 PM
 



الاحداث في تطور و الأسلوب تحفة



"البارت الثاني"



رميتُ بما بيدي زافراً بحنق لألتفت لهاتف مهى ، أخذته بينَ يدي لأرى ما قد تخفيهِ عني ، لكنَّني صُدِمت من أوَّلِ نظرة ..

صورة الشاشة ...
ذلك النائمُ مغلقاً جفنيه بإسترخاء ، و قد وضعت جملةَ

~My silent love ~ ..
هل هو أنا؟؟؟!!!
شددتُ ما بين حاجبي محاولاً بجهدٍ جهيد أن أستوعب ما أرى ...
فكَّرتُ مطَوَّلاً كيف لها أن تكتب شيئا كهذا على صورة شخص لم ترى منه إلَّا الجفاء، فهل تغزَّلتُ بها و أنا نائم مثلاً ...
اعتلت مني ضحكة لما تبادرَ بذهني ، و سرعان ما تبدَّلتِ الأحوال عند سماعي لصرير باب الشقة الخشبي اللون ..
رميتُ الهاتف مكانه و بدأت بالتلاعبِ بجهازِ التحكم لأراوغ ما قبل لحظات و عندما قالت متسائلة تساءلها الفارغ -
-أنت هنا ..؟!

أجبتها بالصمت الذي يبدي عدم الإكتراث ، بينما ذهني قد تشوش لما وقعت عليه عيني قبلَ ثوان ...

•••••••••••••••
••••••••••••••

دخلتُ المطبخ و أنا أسلِّي نفسي ببعض الأناشبد التي حفظتها عن ظهر غيب و بدأت بتقطيع الخضروات المطلوبة لخلطة صينية البشميل ، من الجيِّد أنَّ أمي لم تدلِّلني كثيرا، وإلّا لكنتُ في خبرٍ كان...

وضعت شوربةَ خضارٍ خضراء و جهزت كلَّ ما يلزم ثمَّ جلستُ أنتظر حتى يطهوا الطعام على حرارةِ النار ...
فكَّرت بدايةً بكيف سنتدبر أمور معيشتنا بإستقلال و أحمد غير قادر على العمل بهذا الوضع ،كيف يجدُ عملاً حقاً، و لا داعي للتفكير بعملي أنا فمن المؤكَّد أنَّه لن يقبل لأطرح الفكرة ...
تركت ُ التفكير من هذه الناحية لأتسلَّى بالنظر حولي ...
المطبخُ واسع و منظره بهي بتلك الأدراج و الدواليب ذات اللون الخشبي الذهبي و الفرن الكهربائي الموضوع بالجانب الأيسر و الثلاجة قد أخذت متَّسعها في مكانٍ مستقل...
أحببتُ المكان إلاَّ من الفراغ الذي يجتاحني ، أظن سأجنُّ قريبا ً و أبدأ سلسلةِ أحاديثٍ مع نفسي ...
خلوِّ المكان يذكرني بالفوضى التي كانت نكهة عملي مع أمي و أخواتي الثلاث في ذلك المطبخ المصطبغ بالطابع المزرق و الأبيض ، لكم اشتقت لهم جميعاً ...
تنهدتُ بعد برهة و أنا أتنبه لغفلتي عن الشوربة التي انسكب نصفها على أطراف الفرن لأنهض مسرعة متجاهلَةً أفكاري التي لا تغني و لا تسمن من جوع...

•••••••••••••••••
•••••••••••••••••

أتصفَّح قوقل لأرى ما هيَ نهايتي مع هذا الوضع المزري ، بعثرتُ شعري بفوضوية ليأسٍ قد دخل قلبي ...
نظرت لقدمي كما اعتدت ان افعل كل خمس دقائق ، أتذكَّر آخر مرَّة شعرتُ بها ...
آخر مرَّة خطوت بها كرجلٍ سوي لولا ذلك الحدث الملعون..
أجل ، حين كنت أعبر الشارع كباقي الناس و أتى والدُ مهى لينهي مستقبلي و يأخذ مقدرتي على التحرُّك كما يفعل هو و هي ...
لذا، لن أسامحهم و سوف أريهم الجحيم كلَّ يومٍ ليتذوقوه معي...

و بين أفكاري السوداء التي أحاطتني دخلت مهى و هي تدفعني بذلك الكرسي المتحرك الذي خصص لعلَّتي ناطقة بجانب أذني اليسرى بصوتها المشعب برقة مرحة و خصلتها الكستنائية المحمرة ذات الملمس الناعم قد تدلَّت أمام جبيني
-لقد أتى ضيوفك ، لتمرح معهم جيداً.

بهذا النحو ، سأكره نفسي التي تلين خاضعة للضعف أمامها ، و هذا سيئ ..


•••••••••••••••
•••••••••••••••


سأبكي كثيراً في خفاء ، و لن يشاركني هذه اللحظات سواكَ دفتري ، فأنت ترى دموعي التي تنهمر متخاذلةً أمام ألمِ المشاعر و تنظر لوحدتي التي لا يدخل أبوابها أحد..
قالت لي أمِّي مسبقاً أنَّ حبَّ الزوجين أمرٌ قد خصَّهما الله به دونَ تفسير منطقي ، و الآن فقط آمنتُ بما قالت ..
فهو سبحانَهُ صدق حيثُ قال

«و جعلنا بينهما مودة و رحمة..»

لكن لا أستطيعُ الفهم، إن كان لأحمد أن يتعدى حواجز قلبي ، لمَ أنا لم أتعدى حدَّ معرفة ٍ سطحية حتى ...!
أعرف أنَّه فقد أهمَّ شيئ ، عمله ..مكانته كشخصٍ سليم انحدرت إلى عليلٍ يحتاجني لأساعده في أبسطِ الأمور فضلا عن صعابها...

لكن ، ذلك لا يخوِّل له أن لا يتحدث معي منذ التقينا على منصة زواجنا الإجباري و حتى اللحظة ...

أيا خطوط السطور ، أرأيتي هذا الجفاء ...؟!!
و مازلت أحنُّ للقياه ، و أتشوق لتفرُّس جفنيه المغلقين و. هو نائم كالطفل الخالي من شوائب الهموم و حمل المشقات
التي تثقل كاهله...

وقفت كفِّي لحظات عن الكتابة و أنا أتماسك نفسي عن الإرتجاف أكثر ، فلا انفعال سيفي غرض مطلبي ببعض الإكتراث لي كشخصٍ قد تواجد بين هذه الزوايا ....
مسحتُ دموعي بسرعة و نظرتُ للساعة الجدارية الصغيرة الموضوعة بجانب الزهرية ذات الإطلالة الشمسية الصارخة في جانب الغرفة ، لقد مضى الوقتُ سريعاً حقّاً و أحمد ما زال جالساً مع رفقائه ...
انفلتت مني ضحكة ساخرة ، فهذا هو الوضع الذي يجب أن اعتاده و من الغريب أنني لم أعتده للآن ...

نهضتُ لأتجه للنوم ، حيثُ الغد التكراري ينتظر مني مشقةً تحتاجُ راحةً لتحملِّها...

•••••••••••••••••
•••••••••••••••••
فمي ما انقطع عن السكوت و كأني أخرج كلَّ الحروف الأبجدية التي أخفيتها خلف مخارج لساني طيلة ساعات ..
مهنَّد و أيمن رائعان في جعلي أنفجر ضحكاً بسهولة لأتناسى كستنائية الشعر التي أصبحت عالةً بإسم زوجة ، و خاصَّة مهنَّدِ المجنون و المهرِّج كما ألقبه أنا ... فهو لا يأخذ أيَّ شيئ على محمل الجدِّ إلَّا و قلبه مزاحاً...

لكن قطع متعتي ما دخل به أيمن حيثُ لا زالَ يأكل بصينية المعكرونة التي وضعت على السفرة الزهرية بعناية
- زوجتك ربَّةُ منزل رائعة يا صاح، لن تأكل همَّ طعامك بعدَ الآن...
أكمل بعد أن أرغم فمه المسكين على بلعِ لقمةٍ أخرى ..
-...و ستزداد خمسين كيلوا غرام حتَّى لن نتعرَّف عليك ..
أطلَق مهنَّد ضحكة جهورية و بدأ يسخر مني بتصويرِ منظري كما يشاء بينما أنا غارقٌ في كلمات الآخر النهم حيث جعلني أرى جمال ما صنعت كفيها و بهاء منظر هذه السفرة و قد توسطها جرَّةٌ معطَّرةٌ ببعض ورود النرجس ..!
هذه الطفلة فاقت توقعاتي و لا يمكنني قراءةُ أفكارها....

••••••••••••••••••
••••••••••••••••••



الله أكبر ..الله أكبر
هذا هو الصوتُ العالي الذي أيقضني لأنهض ،و لا أعرف لمَ أصبحت هذه الغرفة قريبة من منارات مسجد الحي ليكن الصوت كما لو أنَّه يصرخ بأذني ..!
لم أجد مهى فجلستُ أنتظر مجيئها لتساعدني في التهيؤ للصلاة التي تضنني مواضباً عليها ، و أنا بالكاد أعرف كيفَ هيَ ...
إلّا أنَّني اعتدت حثَّها لي على ذلك

لمحتُ لونَ قماشٍ مزركش بالورود من الناحية الأخرى للسرير ، فجررتُ نفسي لفضولٍ قادني ...
كانت هي ، ساجدة للَّه سجدةً لا تأخذني إلَّا لحزنٍ تخفيه بصلابة ...
لستُ بجاهلٍ عن مشاعرها ، و قلبي يخشع لها كثيراً من الأحيان ...إنَّما ما بي من ألمٍ من علَّتي لا يترك لي مجال التسامح ...
و ليتني لم أعرف، أنَّ سرَّ الحادث ذاك هو لأنها كانت تستعجل والدها بإتصالاتها ..
أ لأجل استعجالٍ سلبوني راحة البال ؟!
لكنَّني أظلمها لما لم تحسب له حساباً ، و ها هيَ تشكوني لدى ربِّها ..
فماذا بعد..؟!!


••••••••••••••••
••••••••••••••••

أخيراً أتبادل أطرافَ الحديثِ مع أحدهم ، لا أستطيع إخفاء سروري بحظور عائلة زوجي و إن كانت محاولات أماني لمضايقتي لا تتوقف ...
حمداً لله أنَّ عمتي لطيفة معي و هذا يشعرني ببعضِ الأمان ، حيث ُ أنَّ عمِّي لا يتصرَّفُ بودٍّ بتاتا ...
لا أفكِّر كثيراً ، فقط أستمتع بالحديث و الضيافة ...

و أحمد غائبٌ بالبقاء على حاسوبه في المكتب ...

تحدَّثت عمتي عن اخر موضةٍ للأصباغِ و قد كانت لها معرفة بنضرة الشبابِ أكثر مني ، لذا فقد استأنستُ الحديثَ معها ...
- أظنُّ أنَّ اللَّون المتدرج بين الأحمر و الذهبي يناسب لون بشرتك عزيزتي ..

حاولتُ تخيَّل نفسي بالمنظر الذي ذكرته لأستحسن اختيارها بدوري...
- عمَّتي ، لك ذوقٌ رائع ..شجَّعتني على صبغه ...
تبسمت بخفة و هي تسكب بعض من القهوة بفنجانها العربي الصغير ...


-لا تستهيني بالعجائز يا صغيرة ...
بادلتها الإبتهاج مجيبة ..
- و أيُّ عجوزٍ تقصدين عمتي، ما شاء الله .. تبدين شابةً لا تتعدَّى الثلاثين ..

لم أكذب حقاً فرشاقة قوامها و ارتفاع وجنتيها الحمراوين و استقامة أنفها تعكس صدقَ ما أقول...

رأيتُ بها نظراتَ الإعجاب من طرف عينها التي تشابه عيني ابنها ، بل لنقل أنَّ أحمد ورث جمال ملامحها الملائكية نوعا ما ..
- ستكونين مثلي في المستقبل، فالزواج المبكِّر يترك أثره ...

تورَّدت وجنتي لنظراتها ، لكن فرحتي لابدَّ لها من تشوه و ها قد حصلت بتدخل أماني و هي تجلس رافعة رجلٍ على رجل ...
- أجل ، لولا أنَّنا لم نحتج لخادمة دائمة لأخي، لما باركناكِ بهذا الأثر...أتمنى أن لا تنسي هذا.

كانت تهينُني بشكلٍ صريح لا أستطيع الردَّ عليه !
تخيَّلتُ للحظة أنِّي سأنقضُّ عليها و أرميها بالشتائم المناسبة لها و لتكبُّرها ، لكن ما أقول و هي تقولُ حقيقة مرَّة لا أستطيع نكرانها ...
أشحتُ بناظري لأهدأ و من ثمَّ قلت ناهضة متهربة من المشاكل التي أتصوَّر كيف ستكون
-أترككم الآن، سأبدأ بإعدادِ الغداء قبل أن يتأخَّر الوقت.
رأيتُ إستجابةً من عمتي و هي تنهض ..

- أسوف تعاميلننا كالغرب مهى؟!سوف أساعدك غاليتي ...

أمّا أماني فقد استخدمت هاتفها محطَّ نظرها و هذا أفضل ...

قبل أن يهشِّم أحدنا وجه الآخر

لكنِّي لم أتخيَّل أنَّها ستسعى لتشويهي حقاً..!!!

••••••••••••••••
••••••••••••••••

يتبع،،،،،

__________________

التعديل الأخير تم بواسطة اقحوان الجنان ; 11-27-2017 الساعة 03:24 PM
رد مع اقتباس