عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 04-12-2018, 09:10 PM
 


الفصل السابع


بينما كانت تكتب مذكراتها انقطعت الكهرباء، تنهدت منزعجة، لا بد ان الساعة اصبح 12 am، الاغلب ان جواد الان ينتظرها

عادت كهرباء الاشتراك لتعود الى مذكراتها وهي تتذكر ما كانت تفعل عادة في مثل هذا الوقت من الليل،

تمشي في البيت كله للتأكد ان الوضع امن والجميع خلد للنوم، تقفل غرفتها وتفتح حاسوبها لتكلم جواد، علما ان احاديثهما كانت احاديث عادية ومزح ثقيل وضحك ومسخرة ولا يمط بصلة لحديث العشاق الا انها كانت تنتظر تلك الاوقات بفارغ الصبر

البارحة كان جواد ينتظرها لمدة خمس ساعات، ايعقل انه ينتظرها اليوم ايضا؟ ام انه مل البارحة ولن يعاود الانتظار، ام انه كان له انشغالات اخرى على الانترنت؟ نظرت للساعة 12:03 am

فجأة اجتاحتها رغبة جامحة لتفتح الفيس وترى ان كان متواجدا ام لا، رغبة في التكلم معه مجددا، على الاقل لتخبره عن سبب اختفائها المفاجئ، وانها لن تستطيع ان تحدثه بعد الان

"لن تستطيع ان تحدثه بعد الان"

كان وقع هذه الجملة في قلبها مؤلما جدا، تواجدها معه وحديثها اليه كان جميلا جدا، لو تجلس العمر تتحدث اليه ما كانت لتشعر بالوقت يمضي

كتبت كل اختلاجاتها على مذكراتها ثم اخفته تحت وسادتها قبل النوم، اغمضت عينيها لكن انشغال عقلها بجواد منعها من النوم

---



اقترب سامر منه ليجلس بقربه وينظر لهاتف جواد قائلا:

- ماذا؟ ألم تدخل اليوم للفيسبوك؟

رمى جواد هاتفه جانبا ليقول:

- كما يبدو لن تدخل اليوم ابدا، ولا ادري الى متى ستستمر على هذا الحال

- الا تعرف احد تسأله عنها؟

تفكر قليلا، لا يملك فيس نوال ولا جلنار او اي احد من شلتها ولا احد من معارفها الا لؤي الذي يهددها لو تحدثت اليه، ربما حسناء لكنه لا يريد ان يتكلم معها، تذكر من كان معهم بعد في الثانوية حتى نهض فجأة بحماس قائلا:

- شيماء... اختي تتواصل معها دائما لتسألها عن احوال الدراسة

- وكيف دراستها؟

- لا تسأل، شابت اختي في هذه الفترة اكثر مما شابت في عام كامل

فرط ضحك بينما فتح جواد الواتساب وكتب لاخته:

- مرحبا شيماء، هل تعلمين ما اخبار اريج؟ لم تحدثني منذ ايام على الفيسبوك


اتاه الرد بعد فترة

- هل ايقظتني في هذه الساعة لتسألني عن اريج، الم تستطع ان تصبر الى غد

- حسنا، لم اتصور انك ستنامين وفي يدك طفلة لا تكف عن البكاء

- للاسف حين اخيرا استطعت ان انام حضرتك ايقظتني

- اذا هل يمكنك ان تسألي عنها؟

- طبعا انت لا تقصد ان اسألها الان

نظر للساعة ثم زفر بانزعاج فقال:

- غدا صباحا

- بل عصرا

- بل صباحا، لن تتركيني جالس على اعصابي نص نهار

- اذا اعترفت انك تحبها اخيرا

- اختي انا قلق عليها ليس الا، كصديق فقط

- اجل بالطبع، على كل حال لن اتصل بها صباحا

- افعلي ما شئت، لكن لا تنسي

---


- مرحبا اريج، كيف حالك؟

- حسنا... ماذا اقول لك؟...

- هههه جاوبي بكل بساطة

- ببساطة لست اعلم كيف حالي

- لما؟... هل حدث لك شيء ما

نظرت اريج لعلامات الضرب في يديها وقالت:

- انسي لا شيء

- حقا؟... ان اردت المساعدة باي شيء فانا بالخدمة كما تعلمين...

- اه... يبدو انني لن استطيع ان اتقدم لاجري الامتحانات الرسمية

فغرت صوت الببغاء فاهها بصدمة:

- ماذا؟...

- هذا صحيح... لقد منعني والدي من الخروج من المنزل

- ولما؟

- القصة طويلة ولا رغبة لي بالتحدث عنها

- اوه... هذا مؤسف

ابتسمت اريج بألم علما انها ما كانت لتنجح لو امتحنت لانها قضت نصف وقتها بالتحدث الى جواد والنصف الاخر شاردة به

قالت صوت الببغاء:

- كما تعلمين، يمكنني ان اساعد باكثر من الدراسة لو احتجت


احمرت خدا اريج، نظرت حولها لتتأكد من خلو المكان من امها وسألتها:

- كيف حاله؟

- من؟ جواد؟
انه قلق عليك لدرجة لا تصدق،
هل تصدقين انه كلمني البارحة بعد منتصف الليل
لكي يسألني عنك؟ وترجاني كي اتصل بك اليوم وصباحا
لكني احببت ان انتقم منه لانه سلب مني نومي العزيز
الذي اسرقه سرقة بسبب ابنتي

ضحكت اريج لكلام صوت الببغاء ثم قالت بحزن:

- لقد منعني ابي من استعمال النت ايضا

اعادت شيماء فغر فاهها:

- النت ايضا؟ ولما

صمتت اريج تفكر بما تخبرها فقالت شيماء:

- هل الامر يخص اخي؟

تنهدت اريج متوترة لتقول:

- الى حد ما

- حسنا كفي عن التحدث بالالغاز واخبريني بما حصل

نظرت حولها لترى امها قادمة فقالت:

- اسفة لكن للجدران اذان

استغربت شيماء كلامها فقالت لها اريج:

- الا يمكنك ان تأتي لزيارتي؟ لقد مللت الجلوس في البيت طوال النهار بلا درس او انترنت...

تفكرت شيماء بالامر قليلا، الخروج مع الطفلة لن يكون سهلا ولكن ليست بمشكلة كبيرة، قالت لها:

- حسنا... سأتي حالا

ابتسمت اريج بحماس واعادت السماعة الى الهاتف، اسرعت الى امها لتخبرها:

- ستأتي معلمة الكيمياء لزيارتي

استغربت الام حماسها لكنها نظرت الى يدي وساقي اريج المكشوفتين فقالت لها:

- يستحسن ان تلبسي شيء يغطي تلك الاثار، لا تفعلي كما فعلت يوم زارتك صديقتك، سيظن العالم كله ان والدك متوحش

بسخرية اجابت اريج امها:

- اوليس كذلك؟

اتتها صفعة من حيث لا تحتسب، قالت امها بغضب:

- اولا لا تتحدثي هكذا عن والدك، ثانيا هو ليس متوحشا، لا بد ان ما فعلته كان يستحق الضرب حقا

- لم افعل شيئا يستحق ذلك العقاب، لكن لؤي يحب دائما ان يضخم الامور

- وما شأن لؤي بالمسألة؟

- ان كنتي لا تعلمين شيئا فلا تحكمي دون علم


قطعت اريج النقاش ودخلت غرفتها غاضبة، سارت بالغرفة ذهابا وايابا حتى هدأت قليلا، اخذت نفسا عميقا لتتذكر ما عليها ان تفعل الان

ستأتي قريبا المعلمة وعليها ان تلبس شيئا يستر اثار الضرب، فلا حاجة لاي استجواب ولا الى إقلاق جواد،

فتشت في الصندوق الذي يحتوي على ملابس شتوية فاختارت منه شيئا خفيفا لا يقتلها بسبب الحرارة المرتفعة

ارتدته ونظرت الى نفسها في المراة، مظهرها لا باس به، لكن بعد كل شيء تبدو غبية، فمن يرتدي شيئا كهذا صيفا؟



لم يطل الامر كثيرا حتى وصلت الببغاء، اسرعت اريج لتفتح لها الباب وترحب بها، اخذت منها الطفلة وبدأت تلاعبها، اقبلت الام لتستقبل شيماء وتدعوها للدخول،

دخلن غرفة الجلوس وبدات الام تتحدث مع المعلمة بينما اريج تلاعب الطفلة

نظرت شيماء للام بذهول:

- لقد قالت لي اريج انها لن تقدم الامتحانات الرسمية، هل هذا صحيح؟

نظرت الام مستغربة لابنتها ثم قالت:

- لماذا؟ لقد درست لفترة طويلة

- اريج: وكيف سأقدم الامتحانات ان منعني ابي من الخروج؟

- اوصلك بنفسي واعيدك ايضا، وان لم استطع ياتي صالح لاخذك او لؤي

- اريج: لا تحلمي بذلك، لو استطيع ان احذف لؤي من العائلة لكنت فعلت منذ زمن، انه اصل مشاكلي كلها

- شيماء: لكن ما الذي حدث؟ لما منعها من الخروج وحدها؟

نظرت الام للمعلمة بحسرة ثم الى اريج، قالت الام:

- فلنترك معلمتك تحكم بيننا، سنخبرها بالقصة لنرى من المحق مننا

توجهت الام الى المعلمة لتخبرها لكنها سمعت صراخ تامر آت من الداخل، تنهدت الام بانزعاج واستأذنت منها لتخبرها انها ستأتي بعد برهة، دخلت الام بينما نظرت شيماء لاريج مستغربة:

"ما الذي حدث؟ "

اطلقت زفيرا متعبا لتقول:

- لقد كتبت تعليقا في احدى منشورات صديق جواد ورأه ابن عمي واخبر ابي

- فقط لاجل ذلك؟

- حسنا التعليق كان... اممم... كيف اصفه

بينما هي تفكر كيف تصفه تعليقها المحرج بطريقة غير محرجة اقبلت امها وهي تتذمر من شغب تامر الدائم، نظرت اليها شيماء لتسألها عما يجري:


- هل حقا منعها من الخروج فقط لهذا السبب؟ لانها كتبت تعليقا لصديق جواد؟

تفكرت الام قليلا ثم اجابت بانزعاج:

- في الواقع انا لا اعلم ما حدث بالضبط حتى الان، لا اريج ولا والدها يريدان ان يتحدثا، لكن يمكنك ان تتصوري حجم المصيبة عندما يتكتم عليها المعنيون...

- نظرت شيماء الى اريج مصدومة لتقول اريج باعتراض:

- لقد كان مجرد تعليق على الفيسبوك، لا يستحق كل تلك الضوضاء

- الام: اتريدين ان تقولي ان ما فعله بك والدك لمجرد تعليق

- امي، لقد كان مجرد تعليق... حسنا لم يكن مجرد تعليق لكنه كان بعد كل شي تعليقا، حتى اني حذفته بعد ان طلب مني لؤي ذلك، لكن لؤي يحب دائما ان يضخم كل شيء...

- لا يمكن لوالدك ان يفعل ذلك فقك لاجل تعليق

- لقد اخبرتك انه كذلك

- حقا؟... وما محتواه...

سكتت اريج واحمرت خداها حينما تذكرت رد سامر على تعليقها، لن تجازف لتسمح لامها وشيماء ان يستنتجان الامر نفسه،

لكن منذ قليل تبين لها ان السكوت عند امها افظع من الحقيقة، فقد يأخذها عقلها الى استنتاجات اسوأ، أخفضت رأسها لتخبرها بصوت خفيض فطلبت اليها الام ان تعيد ما قالته بصوت عال فصرخت اريج:

- لقد علق الجميع على صورة له تعليقات ساخرة، فقط اردت ان اواسيه فقلت له ان لا يقلق لانه حتى بالبجامة...

اخفضت صوتها بينما تنظر اليهما بحرج وقالت: "جميل"

رمش كلاهما بصدمة ثم فرطت شيماء ضحكا بينما تنهدت الام بتعب، قالت الام:

- ولؤي رأى ذلك التعليق...

هزت اريج رأسها ايجابا ثم قالت:

- لكنه وعدني ان لا يخبر ابي ان حذفت التعليق

- وانت لما كتبت ذلك التعليق من الاساس

عقدت اريج ذراعاها بانزعاج لتقول شيماء مازحة:

- امك محقة، ان كان سيكون هناك غزل يفترض ان يكون من قبل الشاب اولا... الا ان حدث وتغزل بك هو سابقا...

فغرت الام فاهها بينما احمرت خدا اريج وهزت راسها نفيا فقالت شيماء:

" انت غبية فعلا..."

- ابعدت اريج نظراتها عنها بانزعاج بينما قالت الام:

- يا ليت المشكلة تنتهي هنا

نظرت اليها شيماء مستغربة فقالت الام:

- ان والدها يريد ان يزوجها من ابن عمها، والاقارب كلهم يعلمون بذلك، فتصوري ما ستكون سمعة فتاة تتعزل بشاب بينما هي محجوزة لغيره...


رن جرس الباب ليقطع كلام الام مجددا، عادت واستأذنت لتفتح حاولت اريج التهرب من نظرات المعلمة المتأملة في مداعبة الطفلة الصغيرة، فاجئتها المعلمة بصورة عفوية

نظرت اليها مستغربة فقالت:

- ستكون تذكارا جميلا

صدمت اريج لرؤية صالح يدخل، هذا ما كان ينقصها الان، سلم عليها ثم على المعلمة لينظر اليها مستغربا، قال مبتسما:

- الست تلك...

اجابت مبتسمة وهي تهز رأسها ايجابا:

- اجل، لقد كنا جيران

- وقد كان اخوك صديقا مقربا لاخي لؤي

- هذا صحيح... حتى حدث ما حدث

سكت متأسفا لينظر الى الطفلة بيد اريج ويسأل:

- طفلتك؟

- اسمها ياسمين

- يا لها من طفلة جميلة...

اخذها من حضن اريج ليلاعبها فضحكت له، ابتسمت اريج عندما رأتهما هكذا، لطالما كان صالح انسان حنون ورؤوف وقد كانت تحبه كثيرا وكان ثقتها، لكن امر خطبتها له افسد كل شيء

نظر صالح الى اريج قاطعا شرودها قائلا:

- قال لؤي ان والدك منعك من الخروج بسبب امتحاناتك، فرأيت ان اخرجك قليلا لكي ترتاحي قليلا من اجواء الدراسة المكثفة، لا اظنه سيعترض لو فعلت، ما رأيك؟...

نظرت اليه اريج مستغربة "والدها لم يمنعها من الخروج بسبب الدراسة بل بسبب ما حدث على الفيسبوك، ايعقل ان لؤي لم يخبره؟... "

- لما تلبسين تلك الملابس! الا تشعرين بالحار؟...

نظرت الى ملابسها ثم الى معلمة الكيمياء متوترة فقالت:

- شعرت منذ قليل بالبرد

ابتسم عابسا باستغراب ثم عاد ليسألها:

- اذا؟... اتودين الخروج؟

- لا، افضل ان اكمل دراستي بما ان وقت الامتحانات اقتربت

تفكر قليلا بجوابها ثم قال:

- حسنا، كما تشائين

نظر الى أمها ليقول:

- ماذا طبختي اليوم؟

- يخنة فاصولية، اتريد ان تأكل

- اجل ارجوك

نهضت اريج لتطلب من معلمتها ان تنهض معها لتساعدها على الدرس، ارادت شيماء ان تستعيد الطفلة لكن صالح اقترح ان تبقى معه لكي تستطيع اريج التركيز جيدا

وافقته ودخلا غرفتها، سألتها شيماء؛

- من اين تغرفينه؟

- انه ابن عمي

- اه...

صمتت قليلا لتقول بعدها:

- لقد كان يحب اخت صديقتي منذ سنين لكنه تخلى عنها لاجل اخرى

صمتت اريج وهي تنظر الى ملامح معلمتها الحزينة فتابعت المعلمة:

- لقد بدا شابا جيدا، لم نتوقع منه ذلك ابدا

تنهدت اريج ثم قالت محاولة التبرير له:


- لقد كان مضطرا... انه...

نظرت اليها شيماء بابتسامة وقالت:

- لا بأس، ما حصل الان قد حصل... فهي تزوجت بكل حال واكملت حياتها

ابتسمت اريج بحزن لتحضر كتاب الكيمياء وتبدا الدراسة، بينما هما تدرسان رن هاتف شيماء، اخرجته من الحقيبة لتنظر الى اريج قائلة:

- انه حبيب القلب، يريد ان يطمئن على سيرورة الامور معك

احمرت خدا اريج لتضرب معلمتها بخفة قائلة:

- ليس حبيب القلب، انه صديق عزيز لا اكثر...

نظرت اليها شيماء تبتسم بشك، اعطتها الهاتف لتقول لها:

- ردي انت ففي كل الحالات يتصل للاطمئنان عليك

مدت يدها لتأخذ الهاتف لكنها سحبتها بسرعة، تذكرت تهديد لؤي، نظرت اليها شيماء مستغربة ففتحت الخط ووضعت الهاتف على اذن اريج

قبل ان تحظى اريج بوقت للاعتراض خفق قلبها لسماع صوت جواد على الهاتف ولا اراديا اخذته من يد شيماء بينما ازدادت احمرار خداها، لرؤية شيماء تضحك عليها قطبت حاجباها وابتعدت عنها لتجلس بعيدة عنها حتى سمعت صوت جواد قد اعتلى معترضا:

- هاي انت، هل تسمعينني

ابتسمت اريج لتقول بصوت خجول ناعم:

- مرحبا... كيف حالك؟

صمت جواد للحظة ثم نطق:

- اريج!...

ابتسمت اريج لتصدر منها ضحكة خجولة فيبتسم هو بدوره ايضا ثم قال:

- لقد كنت قلق عليك... فقد اختفيتي فجأة


صمتت اريج قليلا تفكر بما تخبره وبما لا تخبره حتى اكتفت بالقول:

- لقد رأى لؤي تعليقا لي على الفيسبوك لم يعجبه فاخبر ابي عنه ومنعني من النت

- اه... هذا كل شيء... اذا الى متى؟

صمتت اريج اذ لا تدري الى متى سيستمر الوضع، ربما الى حين تخطب وربما الى حين تتزوج، قال جواد:

- يبدو ان الامر لا يبشر بالخير

- هذا ما يبدو

صمت كلاهما حتى اخيرا قالت اريج:

- يجب ان اكمل دراستي

- حسنا لن اشغلك كثيرا فأوقات دراستك نادرة

ضحكت اريج لتبعد الهاتف عن اذنها وتغلق الخط، اعادت الهاتف لشيماء بينما ظهرت ملامح الشوق جليا على وجهها،

نظرت اليها شيماء بشفقة ثم قالت لها:

- لا بأس، كما يقول المثل يوم لك ويوم عليك، ستمر الايام الصعبة وتأتي قريبا الايام السهلة، فقط عليك ان تصبري


تفكرت اريج بحياتها، هل حقا ستأتي الايام السهلة ذات يوم؟ والدها لن يتنازل عن رأيه، وان تزوجت من ابن عمها فسيلازمها البؤوس لمدى العمر، فأين ستجد الايام السهلة

ادمعت عيناها فضمتها شيماء اليها محاولة مواساتها، اخرجت من حقيبتها هاتفا اخر لتعطيها اياه وقالت:

- اسمعي، هذا الهاتف قديم لا استخدمه للاتصال، فقط للتصوير، يمكنني الاستغناء عنه فلدي اخر، ليست صوره بتلك الجودة لكنه جيد بعد كل شيء، ليس فيه خط لكن يمكنك استخدام الانترنت لفتح الفيسبوك

نظرت اريج للهاتف في يدها وتذكرت نظرات والدها تلك الليلة، هزت رأسها نفيا قائلا:

- لا، لا اريد... عقاب واحد يكفيني

نظرت اليها شيماء بحيرة ثم اعادت الهاتف الى حقيبتها، ربتت على كتفها ثم خرجت من الغرفة، نهضت الام وصالح عند رؤيتها تخرج، اخذت الطفلة من صالح فعرض عليها ان يوصلها، رفضت لكنه اصر

خرجا سوية من البيت ليصعدا السيارة، ادار المحرك ومشيا وبينما هما في الطريق:

- كيف حالها؟

- من؟

- ليلى

- انها بخير

- جيد

- لقد تزوجت منذ سنتين

- حقا!...

- اجل... ولديها طفل ذات سنة ايضا...

- خبر رائع

نظرت اليه شيماء لتراه منكمش الوجه وقد ظهرت لمعة حزينة في عيناه، سألته:

- امازلت تحبها؟

صمت صالح بينما قالت شيماء:

- فاذا لما فعلت ذلك بها؟...

لم يجبها صالح بشيء فظلا صامتين طوال الطريق...

---



بابتسامة هادئة نظر جواد الى صورة اريج تلاعب ياسمين ابنة اخته، الى ان انتبه لقميصها طويل الاكمام، استغرب فسال شيماء، اجابته: "لست ادري، حسبما قالت انها شعرت ببعض البرد"

تذكرت حينها صالح الذي كان هناك فقالت:

" اتصدق ان صالح ولؤي يكونا اولاد عمها؟ لقد التقيت اليوم بصالح في بيتها... "


على كلامها اشتعل جواد غيرة، شعر برغبة عارمة في تحطيم هاتفه لكنه كان يحتاجه ففضل ان يلقيه بخفة بعيدا عنه ويخمد غضبه بسيجارة عله يهدأ قليلا

اقبل سامر لينظر اليه معترضا:

- انت!... اما كنت قد نويت ان تخفف من تعاطيك للسجائر؟ كنت قد قررت ان تأخذ ثلاثة صباحا عصرا مساءا، وقد اخذت حصتك هذا المساء

وجه اليه جواد نظره باقتضاب ثم ابعد عينيه عنه بانزعاج ليكمل دون ان يتعنى في الايجابة، اقترب منه سامر ليسحب السيجارة من فمه ويطفئها فنهض جواد غاضبا وامسك سامر من ياقته مهددا:

- اتركني وشأني لا دخل لك بما افعل

صمت سامر ينظر الى جواد مصدوما من ردة فعله العنيفة، حين رأى جواد صدمة سامر افلته ليعود الى سريره فاتحا علبة السجائر ليأخد واحدة أخرى ويشعلها، قال جواد:

- اتمنى ان لا تعود مجددا الى ما فعله توا

نظر اليه سامر بضيق وانسحب من الغرفة دون ان ينبس باي كلمة، ضرب جواد جبهته محاولا كبت اعصابه، كانت مشكلته مع اريج وتطورت لتطال سامر الان، ان استمر على هذا الحال قد يفقد كل من حوله

ربما عليه ان يعتذر عما بدر منه ففي كل حال سامر كان يحاول مساعدته في التخلص من عادة التدخين التي اضحت تضايقه كثيرا مؤخرا

على كل حال لن يتحرك من مكانه الا بعد ان ينتهي من سيجارته هذه، عسى ان تهدأ اعصابه خشية ان يزيد الطين بلة




__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية