عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-11-2018, 08:48 PM
 
لما وَقعتُ بِحبكَ ؟ ألا تعلم أن وسيلتكَ للنجاة منّي هي الموتُ !



|| مُقدمة ||

- كُلوي ؟..
ناداها بعفوية لكنها لم تُجبه لشرودها المُستمر !.. لذا عاود مناداتها مرة و مرتين حتى التفتتْ إليه أخيراً !
ابتسمتْ بدفئ حين رأته بكرسيه المُتحرك يضحك بلطف في وجهها ..
- ماذا هُناك ، باتريك ؟
- مـ..ـا رأيك بهذه اللوحة ؟
- دعني أرى !
قالتها متلهفة و اقتربتْ منه في الوقت الذي ظهرت على وجهه معالم الخجل بينما يحاول مُتردداً إخفاء رسمته عنها !
- هـ..ـي ليست جيدة كفاية لـ....
- باتريك !.. أعلم أنها رائعة أخي .. أرني إياها !
- حـ..ـسناً ..
قلب لوحته لتراها .. كانتْ عيناها اللؤلؤية تلتمع بشدة بينما تتأمل تلك التفاصيل الجميلة و الألوان المُتناسقة !
لطالما كان باتريك رساماً ماهراً منذ نعومة أظافره و دوماً كان يبهرها برسوماته الخلابة ، لكن مشكلته تكمن في حساسيته !.. إنه فتى لطيف و هي لن تنكر ذلك لكن لطفه الشديد هذا انقلب لخجل و تردد مما يجعله مهزوز الثقة بما ينقش ..
- باتريك !.. إنها.. إنها مذهلة يا أخي !
- أ..أحقاً ؟؟!..
ربتت على كتفيه و ابتسمت ابتسامة مشرقة لا تظهر على وجهها الشاحب دوماً ..
- أختك الكُبرى لا تجاملك !.. أنت مُبدع بات !
ظهر الخجل على وجهه البريء فأطلقت هي ضحكة صغيرة ثم وقفت على قدميها قائلةً ..
- يبدو لي أنك بذلت جهداً في رسمها ، لذا عليكَ الآن تناول شيء .. سأعد لك حساءً ساخناً ما رأيك ؟
- سـ..ـأكون مُمتناً لكِ كُـ..كلوي
تبسمت ثم ذهبت لترتدي معطفها الجلدي ذَا اللون الداكن حين تذكرت أن بعض المكونات اللازمة لإعداد حساء يناسب وضع أخيها الصحي ناقصة و يتوجب شرائها ..
رفعت قلنسوة المعطف على رأسها لتخفي خصلات شعرها القصيرة و جزئ من عينيها البرّاقة و بشرتها الشاحبة شديدة البياض !
خرجت من منزلها الصغير في وقت متأخر من الليل .. بينما بقي باتريك يتأمل ذهابها بابتسامة باهتة فهو معتاد كل الاعتياد على خروجها في وقت كهذا !
- كُوني بخير ، أختي ..

----

كانت كُلوي تتجول بسرعة علها تجد بقالة لم تُغلق بعد فمن المستحيل أن تبقى المحلات مفتوحة لما بعد منتصف الليل خصوصاً في وقت الشتاء القارص ..
و أخيراً عثرت على واحد لم يُغلق بعد !
ابتسمت بسعادة و ركضتْ إليه لتدخله .. كان متجراً متوسط الحجم شبه خالي سوى من رجلٍ و طفل صغير يركض في الأرجاء ببراءة !
مع أن كُلوي استنكرت هذا المنظر لكنها لم تُبالي .. فـ شقيقها ينتظرها في المنزل بدون ونيس !
عليها الإسراع إذاً ، ذلك ما كانت تفكر به حين راحت تركض لتعثر على بعض المكونات اللازمة و حين جمعت كل شيء عادت أمام طاولة الحساب و أبعدت قلنسوة معطفها الشتوي عن رأسها ببرودة بينما تضع كل شيء اشترته فوق الطاولة أمامها منتظرة مجيء صاحب المتجر ..
تأملت لبرهة ذاك الطفل الصغير الذي توقف فجأة ينظر إليها بنظرات الشك مما أربكها ..
كان واقفاً منتصباً لا يبدي أية ردة فعل غير التحديق بعينيها بصورة مخيفة !
مرت دقيقة كاملة و هو على هذه الحال حتى تحدث ..
- أنتِ قاتلة !!
حينها ، لم تصمد كُلوي أكثر ففزعت من هذا الصغير لتنادي الرجل البدين و تستعجله فقدم سريعاً يحاسب ما ابتاعته بضجر ثم وضع الأغراض في كيسٍ بلاستيكي و ناولها إياها فركضت هي هاربةً من المتجر وسط دهشة المُحاسب بينما بقي الطفل يلاحقها بعينيه الواسعتان حتى اختفتْ عن أنظاره ...

----

في طريقها كان الشارع خالياً تماماً سوى من عمود إنارة بالكاد يضيء الطريق .. و لولا ضوء القمر لكانت الرؤية مستحيلة !
كانت هي المخلوقة الوحيدة التي تمشي هناك .. و الهدوء يسيطر على المكان لكنها لم تشعر بالخوف !
كانت واثقة من قُدْراتها لكن تذكرها لموقف الطفل كان كفيلاً بجعلها ترتعب !
لما نعتها بالقاتلة ؟!..
أجل .. الإجابة بسيطة جداً !.. لأنها بالفعل قاتلة !!
لقد قتلت الكثيرين !.. مصّت دمائهم و شربتها بفضل أنيابها !.. لما حصل ذلك ؟!.. لما بحق الجحيم هي مختلفة ؟!.. لما لا تزال تعيش مع أخاها البشري ؟!.. لما يحدث كل هذا ؟!.. لما هي تركض الآن ؟!.. لما فقدت السيطرة و بدأت بضرب أخيها ؟!.. لما تبدو مرعبة بالأعين الحمراء ؟!.. لما ظهرت تلك الأنياب ؟!.. لما تسمع صراخ أخاها ؟!.. لما هناك دماء متناثرة على الأرض ؟!!!.. و لما .. هي تبكي الآن ؟
- بــاتـــريــــك ؟!!

|| رياح الخوف ~ ||
__________________
عموماً ، سيصلك ما تتمناه يوماً ما ولو من أبعد باب .. تفائل بالخيـر فقط
رد مع اقتباس