عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-16-2016, 11:31 AM
 
طغى الطغاة ليطغى بروية





[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/18_07_16146879689139411.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center].










[/ALIGN]
[ALIGN=center]

بدت غيداء تتراقص بخيوط شعاعها الذهبي بين غيوم تتنقل بصمت أحكمه المناخ...
و بسطوع حرارتها و ازدهار نورها الوضاء احتفالا قبل أوان الإحتفال و ابتهاجا نقلته بإرسال لفحاتها الوهاجة على أسقف تظللت بظل ظليل في كنف ملكها الجديد...

ها هي تضم مصر العظمى بلسعات شروقها في سماءها...
و للصدق...

لم تكن الشمس مهجورة المقصد فأصوات بهجة القاطنين على بسيطتها ظجت بالبهازيج و التباريك ،بل حتى رمالها المتحركة شاطرت بتعرجاتها الساکنة أهالي هذه الأرض بهجة ...
کيف لا...و قيود جور السلاطين قد انتفى، و سلاسل العبيد من آثار الحکومة قد خفا...و کل استصغار بعين حاکمهم قد جفا...

و حيث يرى السرور ارتفع صدى صراخه بذاك المبنى الملكي: و هل هذه رسمة أيها الحمقى؟!
ضرب بكفيه على مجسم الثعلب الرمادي بغضب أشعل عينيه اتقادا: أعيدوا الرسم جيدا، و أظهروا وجه الملك بهيبته وجبروته..تفهمون؟؟؟
أومأ العجوز الأسمر احتراما و أجاب بأريحية و ابتسامة واعية تصرفات مقابله الطائشة: طوع أمرك سيد سيتي.
تبتعد بعد إطلاق زفرة غيظ من هذه الفوضى التي لن تنتهي و أحكم ربطة حزامه الجلدي حول مئزره الذي تعدى ركبتيه بقليل: كل شيئ حتى المساء يجب أن يكون جاهزا...

انعطف واردا تلك الممرات المزينة بنقوش تعكس قوة و جبروت المقبل على ملك مصر و هو لازال في الحادية و العشرون من العمر...

أبعد الستار الشيفوني الذي صادفه و بات يحادث من واجه ببرود: مينا ،هل أنت على مايرام؟
تلبك بالمعني جلا حتى تعثرت الحروف الإرتجالية التي أخرجها لصديقه: سي...سيتي الخط..اب، الخطاب ليس كما يجب.
رفع حاجب استهزاء رافعا كتفيه العاريتين بين ذاك الرداء الكتاني الذي كان كفيلا بكساء جسده الأسود عدى الذراعين مفتولتي العضلات: و ماذا يريد ملكنا المبجل أن يبلغ شعبه به؟

تبسم مينا بوهن و ارتمى على الكرسي المزدان فخامة بنقوش ملكية مجيبا المتسائل بصدق حوى الحيرة مؤنسا : الكثير، حتى أن هذه الأوراق لا تكفي متطلباته.

تململ الآخر واضعا سبابته لتتوسط حاجبيه الدقيقين: صاحبني الأسى مذ علمت بواقع مصر المرير عند تسلم شاب تخالجه الحيرة عن خطاب يومه الأول حكم هذه الأرض العريقة.

أعلن الشاب عن مكره بإبتسامة برزت من ثناياها أضراسه المصطكة: إن كنت الفرعون فأنت تاجه...

توضح ما يرمي له بإلقاء جلد غزال مع ريشة غطاها الحبر مردفا:...الخطاب لليلة يجب أن يكون جاهزا.
أبدى امتعاضا بتنحنحه: ألا ترى أنك مهمل مينا؟... على صعيد العمل لم تفعل سوى الأمر لي، بربك...هل انتزعت سمة الدلال ممن سبقك أم ماذا؟!
مما يغيظ أن ترى تجاهلا واضحا يطغى الأجواء المشحونة بنفسك حيث اكتفى مينا بإسناد ذقنه المنحني قليلا على كفه المقبوضة مكتف بنظرة هادئة يوجهها نحوك...

تقدم سيتي نحو مينا باسطا كفيه فوق كتفيه: حسنا حسنا ، و أنت اذهب للإستجمام فالينبوع جاهز...و فكر مليا بما ستصبح عليه، فأنت ملك مصر و المؤهل بتوحيدها بزواجك من إبنة حاكم القطاع الشمالية...

استقام مينا بثبات و بدأ يصلح وضعية قبعة صديقه ذات ريش النعام المنحنية و أبدى جدية غامضة في مقولته الأخيرة: أنت خير من يعلم أني جيد بإلقاء الخطابات ولو حصل إرتجاليا ، و ما أفعله ليس سوى استهداف معونتك.

ابتعد سيتي عائدا من حيث ورد عليه مظهرا بعض الإجلال بإنحناءة متواضعة: سيكون الخطاب جاهزا فورا جلالتك.

ترك من بدا يلتف ببؤبؤتيه باحثا عن سر ما بلغه...
فهل هو كامن في تسلسل عائلته الملكية؟
أم لتصرفاته المتسمة بعشوائية خارجة عن انظباط القوانين؟!
أم للقاءه برمز وفاء نادر يسمى سيتي؟!

أرخى عينيه مبتسما لذكرى ذلك اليوم التي لا تقبل المحو بسجلات مضت لأنها تصدرت غرابة صداقة و بداية وفاء!

*****************

لم يكن لخفيه الجلديين صوت،إنما كان لأنفاسه هيبة تحني أظهر العاملين بمشقة و هذا ما استوقفه قاطعا نوبة السكون: ماهذا الحال؟...لأخبركم،لم أخرج من جنس البشر بتاج ريش النعامة هذا...لا داعي لإيقاف أعمالكم لإيمائة سخيفة.

لم تبقى الأعين هابطة إنما ارتفعت لتبادل بعضها الإستفهام من هول ما جرى، فكل يحث صاحبه على إطلاق نبرته الخفية حتى تجرأ أقربهم ذو الصوت الأجش و البنية الهزيلة: لكن سيدي... أنت الوزير المعظم و لايجوز معاملتك كسائر الرعية.

احتدت نظرته لتحمل ما يرعب سامعه: و هل كنت غيرهم؟...إنما ذلك الأهوج طغى على الظلم ليطغى على رعيته بروية، و لذا فقد سلب حريتي.

تدخل شاب ثلاثيني على بعد أمتار: عذرا سيد سيتي لكن...
بتر تدخله و كل ما جرى: عودوا لعملكم،يكفي التجمهر حولي بينما الأعمال معطلة.

انتفض الجميع من حوله ليهرب من أوجاع يومه لأوجاع ضمت أغلب الموجودين و حيث اختبئت ذكريات اللقاء المعهود...








.
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 07-16-2016 الساعة 08:21 PM
رد مع اقتباس