عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-12-2019, 07:15 PM
 
ألماسي ألماااسيــةة: صِدقُ السَّعادَةِ

[img3] https://www.arabsharing.com/uploads/155758262570011.gif[/img3]

منورة تيتوس تشان بـ قصتك الجميلة وربي
ياجيــــماااا


تمازجتْ ألوان السعادة حالما رأى فتى الأدغال منظر الربيع، وقف شامخًا أعلى التلّة والبسمة مرسومة على وجهه الملائكيّ، غمره اليقين بأن لا مكان سوى هذا سيجلب له السرور.

وكأنّ الغابة بيته الآمن، والحيوانات كانت بمثابة عائلته كماوكلي تمامًا، يتفقّد الأنحاء لألّا يقع مكروه ما لعائلته، كان يحبّ هذه الحياة أكثر من حياة الرفاهية في القصر، فهو أمير بلدة شينجايا المزدهرة .. قبل بزوغ شمس الصّبح بقليل خرج من القصر كاللصوص، لو يعلم والده بالأمر سيقضي عليه حتمًا .. راقب المكان خلسة وبدقّة تامّة حتّى أصبح في الغابة مع أصدقائه الحيوانات، كان يلعب ويمرح هنا وهناك، إلّا أنّ فرحته لم تكتمل البتّة.

- كنتُ أعرف هذا.

اخترق مسمعه صوت والده الحاكم، بان على وجهه وحتّى مِن طريقة كلامه الغضب الشديد لِما فَعله.

- أمسكوا ابني جيّدًا وألقوه في الزنزانة .. وبعدها سآتي أنا لأحاسبه.

خاف الأمير فتى الأدغال، فعذاب والده شديد وما كان له سوى أن ينصاع للأوامر دون رفض فسلّم نفسه.

جلس في زاوية الزنزانة متكئًا برأسه على قدميه المرفوعتين، وكان الهدوء هو صاحب المكان بينما في داخله ضجيج من الحزن والكآبة، ولكن ما كسر حاجز الصمت المحيط به هو صوت تلك الأقدام، لم يشأ أنْ ينظر لمَن خارج الزنزانة ففضّل المكوث على حاله.

- هيا ارفع رأسكَ.

لم يفعل الأمير كما طُلب منه، مما جعل الغضب يختلج والده.

- قلتُ لكَ ارفع رأسكَ.

دخل خوف طفيف إلى قلبه مرغمًا، فرفع بصره نحو والده الحاكم.

- أخبرني، ما الذي دفعكَ لعصيان أوامري والخروج من القصر.

أصابته رعشة من الخوف ولكنّه أخذ نفسًا عميقًا وأخرج كلّ ما في داخله من مشاعر جمّة كما الهواء، نظر بحدّة إلى والده وارتجل قائلًا بهدوء صَاحَبَه :

- وما المشكلة في الذهاب إلى بيت من بيوتي.

- ما الذي قلته ؟

قالها بفقدان صبر، وشدّ على أسنانه غيظًا.

- قلتَ بيت ها!! وما الذي تجده من السعادة هناك؟

- وهل تظنّ أنّ المال يجلبها؟ إنْ كان كذلك فأنا لستُ سعيدًا أبدًا.

قالها والدّموع في عينيه تكاد تنزل قهرًا، وقتها أحسّ الوالد بالضعف، ليس بسبب كونه حاكمًا ذو سلطة ومال، بل بسبب كونه والدًا جعل من ابنه يذرف ولو دمعة واحدة .. لم تنطق شفتاه بأدنى كلمة وذهب بصمت تاركًا ابنه يفكّر لعلّه يحترم رغباته وقراراته ولو قليلًا.

لم يتغيّر حال أي منهما، كلاهما مُصرّان على قرارهما، هذا بعصيان الأوامر والخروج وذاك بعدم إعطاء ابنه ما يشاء وترْكِه حبيسًا.

مرّ يوم ولم يطرأ أي أمر ليُحدث تغييرًا ما، اعتادتْ حيوانات الغابة حضور رفيقهم دائمًا في كلّ صباح .. سنجابان صغيران قد تولّا مهمّة البحث عن الأمير المُنتظَر .. انطلقا تجاه القصر بحثًا عن صديقهم.

- لقد هرب الأمير.

صرخ الحارس بقوّة، وهو يركض خلفه وكأنّه مجرم هارب من العقاب، ألمْ يرقّ قلبهم لمنعهم طفلًا بعمر الرابعة عشرة من المضيّ قدمًا والمغامرة.

سمع الحاكم بما جرى وانطلق مسرعًا عازمًا أمره بتعذيب ابنه الوحيد، لحقتْ زوجه به قائلة والخوف مِلؤها:

- ما الذي ستفعله؟

- لا تتدخّلي.

- اعلمْ أنّ ولدنا قد كبُر، ولن يمنعه شيء مِن تحقيق مُراده.

- أنا سأمنعه.

- أتريد منه أن يكرهكَ؟ هل تودّ ذلك يا شينهارو!!

صرختْ في نهاية جملتها مما جعله تحت أسْرِ الجُمود، ضربتان مِن قلبه كانتا كفيلتان بإيقاظه، فتح عينيه على آخرهما بصدمة، أخيرًا أدركَ وضعه.

- ما الذي كنتُ على صدد فعله؟

تمتم بذلك وتوجّه نحو زوجه بحزم .. أخذ بمنكبيها وقال بعد أنْ شقّتْ الابتسامة شفتاه :

- شكرًا لكِ.

تلك الكلمتان فقط قَدِرتَا على محو خوفها من طيّات قلبها، بعدها جعلتْ ترسم البسمة أيضًا.

التقى بعد غيابه القصير بأصدقائه، فما كان ليهرب لولا مساعدة السّنجابان له بطريقة ما، كانتْ السعادة قد تملّكته من الفرحة.

- شكرًا لكم يا أصدقائي، لقد أنقذتموني.

قالها بسلاسة دون جهد كما التّنفّس، لِم لا إنّهم أصدقاؤه .. بدأ يلقي خطابًا من خطاباته الكثيرة عليهم، فخَتَمَه على مسمع والده الذي بات يسترق السّمع :

- أتعلمون أنّ السعادة تلفّنا واضعةً إيانا بين طيّاتها، نحن جميعًا ها هنا بوِحدَتنا وقوّتنا لن يستطيع أحد منعنا من الفرح ما دمنا معًا يدًا بيد.

عَلتْ أصوات الحيوانات جميعًا في الأرجاء وظهر صوت تصفيق من بينها، نظر بذهول نحو والده الذي تقدّم تجاهه خطوة بخطوة، وقف أمامه بعد أن زيّن محيّاه بابتسامة عميقة تدلّ على الفخر.

- أنا فخور بكَ يا جيدكا، فخور جدًا.

أمسكَ بذراع ابنه وسحبه بين أحضانه، ضمّه بقوّة كمن كان سيفقد كنزًا عظيمًا .. لم يصدّق جيدكا بعد ما يحصل، ظنّ أنّ والده يمازحه، وأنّ هذا ما هو إلّا هدوء ما قبل العاصفة، شعر بعدها بأنّه بدأ يُعتَصر في حضن والده، مازالتْ علامات التّعجّب تحيط برأسه.

- ما الأمر يا والدي؟

قالها بتوتّر.

- إنّني آسف يا بني، ظننتُ بأنّ ما أفعله سيسعدكَ، لقد كنتُ مخطِئًا.

قطع الشكّ باليقين، فضحك جيدكا لسوء ظنّه.

- لا بأس بتاتًا، فأنتَ تبقى والدي الذي أحبّه على كلّ حال.

إجابته تلك اخترقتْ صدر والده فرحًا.

- إذن هيا، ماذا كنتم ستفعلون الآن؟

ضحكا سوية، فها هو ذا وأخيرًا اعترف بالحيوانات وجعلها ضمن أفراد العائلة.

- كنّا سنلعب، هيا العب معنا يا أبي.

قال ذلك وهو يسحب بذراع والده بين الحيوانات، فما أجمل أن تكون السعادة فيما نحبّ وليس فيما نمتلك، وأن ندركَ أنفسنا قبل فوات الأوان .. سنعيش مرّة واحدة على هذه الأرض، إذا أخطأنا فلنعتذر، وأهم أمر هو أن لا نحقد ولا نحسد.
__________________



🔸ابتَسِم ، مادامَ حُزنُكِ لايهُمُ الآخَرينْ 🌟



التعديل الأخير تم بواسطة Y a g i m a ; 12-18-2019 الساعة 02:01 AM
رد مع اقتباس