عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-19-2019, 11:55 AM
 
ذهبي نُوتات ذهبية : حلم لا ينتهي oneshot




سطور بديعة
لها وقع ينعكس في قلوب من يقرأها ~
دمتي في سطورك بديعة

~LorReen~


أسراب من طيور عائمة لا تنتهي ، كغطاء فوق لوحة الغسق تنبثق منه أنوار الشمس التي راحت تستكين إلى نهايتها تاركة صرخاتها الحمراء الصامتة تعيث فساداً فوق الأرض مودعة إياها بشغب لامس الأزهار ليكشف عن بريق برتقالي خفيف لامس ألوانها مضفياً هدوءاً من نوع خاص فوقها
النجوم التي بدأت تتقافز فوق مسرح السماء تنتظر سطوع قمر ينتظر فرصة خفوت الشمس إلى مخدعها رغم أنه يلوح في أعالي السماء بخفوت ظاهراً فقط لأولئك الذين حفظوا تفاصيل السماء
تلك اللوحة المثالية قد اكتملت مع وقوفك هناك ، شامخاً فوق تلة عشبية تتهادى عليها ألوان خريفية من السماء والأرض ، تداعبها الرياح لتتراقص بخجل من وقوفك بينها
تلك الأوراق المهترئة التي تمر من امامك مع الرياح وكأنها تنتظر منك نظرة تعيد إليها اخضرارها ، لكنها لا تدرك أن الشتاء الذي بقلبك جاء مبكراً جداً ، دون حتى أن يمر عليه الخريف الذي بات يزين الأرض
لكنك لم تكن تنظر لأي شيء من هذا ، وأنا لطالما قد بحثت في طيات عمقك ، هدوئك وغموضك الذي لا يُفهم عن ذلك الشيء الذي تبقي أنظارك نحوه دائماً
ذلك الشيء الذي يشدك بعيداً ، ذلك الطيف الذي يسحبك بعيداً عن عالمنا إلى عالم آخر
أهو طيف وردي؟ أهو طيف أسود؟ أهو طيف مشتعل؟ لا زلت لا أدري إلى أين يمتد بصرك ، لكنني واثقة بأنه شيء جميل وإن لم أدرك ذلك
وقوفنا هنا هاديء كالمعتاد ، وكأنني شبح لا يظهر سوى كالرياح الخافتة ، لكن مع ذلك أشعر بالفخر لوقوفي بجانبك ، فلطالما كنت ملهمي
صياح علا في السماء توجه نظري تلقائياً ناحيته لأراقب تحرك ذلك الصقر الجامح وكأنه يخترق السماء ، وبكل خفة انفصلت ريشة عن جناحه فأسرعت الرياح بحمل أوراق الأشجار التي تبارت في الوصول إليها ، لكنها ابت الالتفات إليها وتابعت طريقها مع الرياح التي لا تجعل خصلاتنا ثابتة في مكانها ، لتستقر في النهاية في كف يدي
ابتسامة طفولية كبيرة عرفت أين الطريق لملامحي ، شعور بالرغبة في القفز يراودني لكنني فقط لا اريد إفساد هذه اللحظات الهادئة ، ليس وكأنني سأستطيع
لهذا وقبل أن تكسر الذكريات السوداء باب قلبي المهتريء كانت تلك السعادة الطفيفة قد أعلنت إصرارها على تغليف قلبي هذه المرة
وكم يبدو الأمر تافهاً ، لكن سقوط هذه الريشة بين يدي يشبه هدية ما ، هدية لا أحصل عليها كثيراً ، بل لا أكاد أحصل على شيء ، من سيعطي فتاة كالأشباح على اي حال
غاب آخر خيط دل على النهار ليسارع القمر في صعوده ، كم يشعرني هذا القرص الأبيض بحنين لأيام دافئة ، حين كان نوره ينعكس على مقلتي أمي ، ليلمع لونهما الداكن مظهراً بعض الوميض الأزرق فيهما كجوهرة اختبأت في ظلام الليل
لذا هل هناك من يلومني على حبي للنظر في المرآة؟ تلك الأعين التي ورثتها منها تعيد فيضاً من ذكريات دافئة تجعل الأيام أجمل مما تبدو عليه
تسلل نظري ناحيتك مجدداً ، لا تزال تنظر في البعيد ، وتلك النظرة الهادئة لم تختفِ ، فقط أريد أن أفهم معناها
أريد أن أرى ما الذي قد تراه هذه الأعين الأرجوانية كقطعة من السماء وقت بزوغ فجر جديد
سمعت عن علاقات كثيرة من قبل ، حب ، صداقة ، أخوة ، حقد ، كره ، استغلال ، ...
لكن ، ما الذي تمثله هذه العلاقة بالضبط؟
أنا لا أشعر بشيء من هذا تجاهك ، أراك كملهمي ، النجم الوحيد الذي استطاع السطوع في سمائي الغائمة
لكن كيف تراني ؟ وهل تراني أصلاً؟
لاح القمر ظاهراً معلناً عن ليلة هادئة ازداد جوها برداً لتسكن نظراتك بوميض غامض ، لا أدرك ما سببه لكنني أعلم أنه الختام لسلسلة نظراتك الشاردة
"أنا آسف ، لم أنتبه أن الجو بارد"
ابتسامة لطيفة ومتوترة بعض الشيء هي كل ما صدر مني ، ان كان يريد الاعتذار فليخبرني فقط عن سبب هذه النظرات التي يرميها للأفق
تنهد هو ثم بدأ يمشي فعلمت أننا سنغادر ، اعتدلت في جلستي لأجفل لوهلة من ذلك الدفء الذي احاط بي ، صدقاً لم أدرك أن الجو كان بارداً جداً سوى بعد أن غمرني هذا الدفء
حاولت نزع معطفه الذي وضعه علي لأعيده له فهو لا يرتدي الآن سوى قميصه الأسود الذي لن يحميه من البرد
"لا تفعلي ، أنا لا احتاجه" قالها بنبرته الهادئة كعادته ، تلك النبرة التي ربما أنا الشخص الوحيد في هذا العالم الذي لا يراها باردة كما يقول الكل ، ربما هي أوهام أو مخيلتي فقط لكنني لا أستشعر فيها سوى الحنان
منعني من إعطائه معطفه لأنفخ خدي وأنا أخرج لساني بحركة اعتادها الجميع حين أتذمر من شيء
جفلت مجدداً حين ربت على رأسي من فوق القبعة الصوفية زهرية اللون التي تخرج منها بعض خصلات شعري ذات اللون البرتقالي الهاديء كغروب الشمس "لا تنسي أنني أكبر منكِ باثني عشر عاماً مي ، أنا لست طفلاً" قال ببعض السخرية لأنفي برأسي بعناد
حسناً في الواقع رغم نبرته الجافة وتصرفاته القاسية مع الجميع إلا أنه يعاملني بطريقة مختلفة قليلاً ، فهو يبدو مهتماً بأمري كما أنه منذ أن رآني أول مرة وهو يناديني 'مي' اختصاراً لاسمي 'ميراي'
حرك يده فوق خصلاته السوداء يحركة تدل على تأففه ، هذا اكتشافي الصغير الذي اكتشفته أنني أعرف ترجمة بعض حركاته التي يبدو انها عادة لديه
"لقد تأخرنا" قال وهو يمسك بالمقبض المعدني للكرسي ليبدأ بدفعه
"يوماً ما ستشفين مي" قال بنبرة غامضة وهو يدفع الكرسي المتحرك الذي أجلس فوقه معلنة عجز قدمي عن السير لسبب لا أعرفه حتى
نظرت إليه باستغراب فهو يقول هذا دائماً وبنفس نبرة الثقة خاصته ، أهو يحاول الشفقة علي؟
نظر لي بعدها ليقول بابتسامة دافئة "أتوق لسماعك تنطقين اسمي"
ما هذا الشعور الذي أصبح يحيطني؟ التفت فقط مع وجنتين محمرتين من كلامه ، هل ضرب رأسه بحائط ما؟ والأهم انه قد ابتسم! للمرة الأولى في حياتي أراه يبتسم ، لكن علي استغلال هذه الفرصة
بكل توتر رفعت يدي ليوقف الكرسي وينتبه لي ، بدأت أخاطبه بلغة الإشارة "ما ذلك الشيء الذي تنظر إليه دائماً؟ أنه يسحبك بعيداً عن عالمنا ، إنه شيء جميل أليس كذلك؟" أنزلت يدي مجدداً ليبتسم بشرود بينما تحدق عيناه في الأفق ، مجدداً
"إنه حلم لا ينتهي ، مي"
نظرت إليه باستغراب فأنا لا أفهم كلامه هذا ليبتسم بغموض "ستفهمين يوماً ما"
قال قبل أن نتابع إلى المشفى الذي أقيم به ، الأمر غريب نوعاً ما فهذا المشفى هو منزلي ، لا أدري أين عائلتي ولا أعرف منهم سوى أمي التي قد ماتت ، لكن قام كاي بالاهتمام بي ، نسيت أن أخبركم أن اسمه كاي صحيح؟
رغم أنني لا أمت له بصلة ، لكنه قام بمساعدتي للإقامة بهذا المشفى الذي يملكه ويعمل كطبيب فيه ، إنه شخص ناجح على المستوى العملي فرغم أنه في السابعة والعشرين من عمره لديه خبرة واسعة ومعروف جداً في مكان عمله
دخلنا من الباب ليخاطب ذلك الشاب "خذها لغرفتها" قال وقد عادت نبرته الجامدة وكأنه شخص بلا مشاعر ، قلبي يؤلمني مجدداً فذلك السؤال عاد لعقلي ، هل تصرفاته معي دافعها الشفقة؟
تنهدت وأنا أرى المصعد يقترب مني ، لكن ذلك الشعور السيء بدأ ينحسر حين تذكرت كلماته "حلم لا ينتهي"
تلك الجملة ، سأعرف مغزاها يوماً ما...

ربما سأحولها لرواية كاملة يوماً ما ، ربما
بأي حال ، تروق لي وهي هكذا ، أحب ألا تكون النهايات مغلقة تماماً ، لست بارعة كثيراً في القصص القصيرة لكن حين تتدفق الأفكار لرأسي لا أستطيع تركها ، ربما هذه مجرد كتابة لا معنى لها أو غير مفهومة
لكن كتاية هذه المقاطع القصيرة من الأشياء المحببة لي
رد مع اقتباس