عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-09-2019, 11:35 PM
 

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at156506992716493.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at156506992716493.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




الجزءٌ الأوّل [1]
عائلتي الجديدة



تبعثرت ألوان الغروب الدافئة على سماء أروع البلدان العربية ،
فبدت و كأنها لوحة صغيرٍ يعبث بالألوان و قد انسكب الماء فوقها ليدمجها معاً ،
و يزيد من منظرها و طلتها روعة و جمالاً ، لكنهـا كانت أجمل ،
فقط لأنها لوحة بديعة من صنع الإلـه العظيم .

تأمل ذلك الشاب طويل القامة منظر الغروب بكل هدوء
- و هو يتكئ بصمت على سور حديدي أمامه ٌ - عندما راحت الشمسٌ تعانقٌ البحرَ ،
لتعلن عن نهاية عملها في هذا النصف من الكرة الأرضية ،
و بداية عمل جديد لها في النصف الآخر .
خصلات ٌ شعرهِ الأسودِ العابثة لم تنفك عن اللعب ، فتذهبٌ يمنةً تارةً و يسرى تارةً أخرى ،
سئمَ من هذا الشعرِ المتطاير وحاولَ مراراً أن يرجعه للوراء دونَ جدوى .
سمع صوت خطوات أحدهم ، فابتسم بشفافية ثمّ قال بخفوت : ها قد أتى .
التفت بحركة سريعة و أردفَ بصوت مرتفعٍ : متأخر كالعادة يا عمر !
اقترب منه المدعو عمر و قال محاولا أن يلتقط أنفاسه وهوَ يشير بيديه بحركات عشوائيّة: هه ، لقد .. انه .. أنا ..
ربت الشاب على كتفيه ضاحكا بلطف و قال : ما بك تلهث هكذا ؟
رفع عمر رأسه بهدوء و قال: لقد أتيتك راكضا، يا سامر..
سامر باستغراب: و ماذا عن عميّ ؟ أمـا كان عليك أن تأتي برفقته و كان عليه أن يوصلـك .
عمر بانزعاج: بلى ، لكن تعرف أن والدي أصبح مشغولا مؤخراً بتلك المزعجة .
ثمّ أردف باستنكار : فهي مريضة اليوم ، كلّ يومٍ تمرض !
ابتسمَ سامر مجددا و قال بهدوء : دعها وشأنها ، و لنرجع للبيت سيرا..
أوقفه عمر قائلا بنبرة حزينة : هل تمزح بالكاد أقف؟
ثمّ جلس و هو يقول بإرهاق: لنسترح دقائقَ فقط .
وضع سامر يديه في جيبيهِ وأومأ له بعدَ أن أطلقَ تنهيدةً قصيرة ، فقال عمر: هل قلت شيـئا ؟
التفت سامر وابتسامة مصطنعة كبيرة تعلو وجهه و هز رأسه نفيا : أبدا .
انتظرا في الطريق ربع ساعة حتى مرت من أمامهما سيارة أجرة ،
فأوقفها سامر بعد أن أشار بيده ، لكن المفاجأة أن السيارة كانت شبهَ ممتلئة ،
لذا عادت السيّارةٌ تكمل طريقها وعاد َ سامر ليجلِسَ قربَ عمرْ الذي نهض بشكلٍ نشيط و هتف : لن ننتظر أكثر ، لنعد سيرا يا سامر .
نظرَ لهٌ سامر بغيظ : و لكنك ..
قاطعه عمر و هو يقف بحماس : أنا بخير ، لقد استعدت طاقتي .
هز سامر كتفيه و همس : لك ما شئت .
كانَ طريقٌ العودةِ ممتعا ً ليسَ إلا بسببِ النقاشات التي تبادلاها كل من الشابينِ ،
فعمرْ يسألٌ سامراً حيناً و سامر يجيبٌ و العكسٌ أيضاً ، وكأنّهما في لعبةِ { أسأل تربحٌ } .
و أوّلٌ سؤالٍ كان من نصيبِ عمرٍ : { لم لا تترك التدريب في النادي يا سامر ؟ }
رد عليه سامر بجديّة : أولا يحق لي التدريب ٌ ؟
ضحكَ عمر بارتباك : ليس هذا ما عنيته .
سامر ببرود : أفهم قصدك يا عمر ، لا داعي للشرح .
ثم أردف قائلا بجديّة : حالما أعتاد على الطريق في هذه المدينة الغريبة ،
بالتأكيد سأرجع و أذهب وحدي ، لن يحتاجَ أحدٌ ليقلّني .
عمـر باندفاع : إنني أخاف عليك فقط من قطاع الطرق يا سامر ، فقط لا غير.
فجّرت جملةٌ عمر الأخيرة ضحكَ سامر الذي قال : أي قطـاع طرقٍ يا عٌمر !
ابتسم عمـر و قال بخجل ( فلا وجود لقطاع الطرق هنا ) : ربما .
سامر بسعادة : لا تقلق ، قبضتي كفيلة بردعهم بعيدا ، مضت فترة لم أستخدمها .
عمـر بخوفٍ مصطنع : لو لم أعرفك جيدا يا ابن عمي لما قلت أن قبضتك قوية حقا ،
و لولا بعض التحفظ لقلتٌ أنّ جسدك يبدو نحيلاً .
سامر وهو يعاينٌ جسدهٌ النحيلَ : ربما لأني طويل كفاية يا عمـر .
عمر بمرح وهو يضربٌ سامر ضربات خفيفة متتالية بقبضته :
كل شيء متوقع من هذا الطول ، سيّد سامر .
حاولَ الآخرْ مجارات عمرٍ فقال : توقع ما لا تتوقعه ، و خاصة من قصيرٍ مثلك يا سيّد عمر .
رمقَ عمر ابنَ عمّهِ بنظرةِ شكّ : أنتَ لا تسخرٌ مني ، صحيح ؟
ركضَ سامر محاولا الهرب منهٌ : افهمها كما تـريد يا سيّد عمر .
تبعهٌ عمر في محاولةٍ فاشلة ليسبقَ سامر وهتف بحماس : سأريكَ ما يستطيعٌ سيّد عمر أن يفعله .
و بقيا طوال الطريق يحاول كل منهما مجارات الآخر
حتى وصلا منهكين ِ - بعد أن حل المساء - إلى المنزل ،
و استقبلهما والد عمـر " السيد سامح " .
دخل عمـر أولا قائلا : مساء الخير أبي ، فردّ عليهِ والدهٌ : مساء النور بني ،
ثم دخل بعده سامر و أغلق الباب هامساً : طاب مساؤك عمي .
تأسّفَ عمٌّه كثيراً وقال : طاب مساؤك بني ، اعذرني لأنني لم آتِ لاصطحابك َ ،
لكنني اضطررت لآخذ ابنتي الصغيرة للمشفى ، فقد ارتفعت حرارتها فجأة .
هز سامر رأسهٌ بتفهّمٍ : أفهمك عمي ، لا داعي للاعتذار .
شَكَرَ له عمّه هذا التفهّم الطيّب بينما اتجه سامر لغرفة عمر، التي هي في الحقيقة غرفته أيضا ،
فهي كبيرةٌ إلى حدّ ما فالمنزلٌ رغم كبر حجمه ِ إلا أنّ غرفهٌ قليلةٌ .
كذلكَ فقد ظنّ السيد سامح أن مشاركة سامرٌ عمرَ الغرفةَ ستجعل كلا الطرفينِ سعيدينِ ،
و يبدو أنّ ظنونهٌ في محلّها ، فعمرْ عالمٌ كاملٌ لوحدهِ ، و لا شكّ أن سامر قد صارَ يستمتعٌ برفقةِ هذا العالَمِ .
وما هيَ إلا ساعةٌ تقريباً حتى جعلتْ " السيّدة سميّة " - زوجة السيد سامح - تطرقٌ بابَ غرفةِ الشابينِ تدعوهما للعشاءِ :
" عزيزاي ، انه العشاء "
ثم أردفت بمرح : إلا إن كنتما غير جائعين فلا بأس .
و ما إن أنهت جملتها حتى خَرَجَ عمر قائلاً بسعادة مصطنعة : وَ منْ ذا الذي يتركٌ طعامَ أمّ عمر اللذيذ !
ضحكت على تعليقِ أكبر أبنائها " عمر " الذي يبدو أنه سقطَ من أعلى السلالم
لأنّه لمْ ينتبهِ كالعادة ، ثم التفت إلى سامر الذي كان مستلقياً على سريره بهدوء ، فانتبه لها ونهضَ
بارتباكِ : أنا قادم يا خالة .
أومأت له بهدوء و اتجها نحوَ مائدةِ الطعامِ ، كان السيد سامح يجلس قبالة زوجته ،
و على يمينه ابنه عمـر و ابن أخيه سامر ، قاطعهم صراخ ابنة السيد سامح الصغيرة قبلَ البدءِ بتناولِ الطعامِ ،فتأفّفَ عمر بينما استأذنت السيّدة سميّة قائلة :
اعذروني ، سأنصرف .
أومأ السيد سامح لها ، بينما نظر عمر بتأنيب ، و سامر بدَأَ الأكل .
عمر بداخله : " مذ قدوم تلك المزعجة و نحن لا نجتمع على المائدة ، لا ننام بارتياح ،
و لا ننعم برؤية والدتنا أو حتى مشاركتها الحديث ، ما هذه الطفلة ؟! "
قاطع أفكاره صوت والده : بني ، بني أَ أنتَ على ما يرام ؟
تابع عمـر تناول طعامه وقال : أجل ، أنا بخير .
عرفَ والده أنه حاقدٌ على الصغيرةِ أمل فقال في نفسهِ : " أظنه يحقد على تلك الصغيرة "
تجاهلَ ذلك والتفت لسامر الذي يأكل بصمت و قال له بمرح : عزيزي سامر ، ما رأيك بمدينتنا ؟
نظر له سامر بهدوء وابتسم قائلا: لم يمض لي هنا سوى يومين ، فكيف أستطيع الحكم عليها !
تابع السيد سامح قائلا : أفهمك ، لكن ما رأيك بها في هذين اليومين ؟
حدق عمر بوجه سامر بضع ثوان منتظرا إجابته ،
و كذلك كان السيد سامح يترقّب ، فوضع سامر ملعقته بهدوء على الطاولة ،
و ابتسم ابتسامة باهتة ثمّ أردف قائلا : أعجبني النادي .
نظر الأب و ابنه لبعضهما بغباء ثم التفتا لسامر بالوقت ذاته و قالا له باستنكارٍ :
هذا مـا أعجبك فقط !!
ضحك سامر بلطف و هو يدفعٌ كرسيه للنهوض و قال : حسناً إنّها تبدو جيدة .
رد عليه عمر بسرعة : أفضّل هذه الإجابة على الإجابة الأولى .
تابع السيد سامح الأكلَ قائلا: و أنا معك يا بني ، لكنني أؤكّدٌ لكَ بأنّها ستعجبكَ كثيراً .
تركهما سامرٌ ليغسلَ يديهِ بينما لا يزالان يتابعانِ الأكل ، واجهتهٌ السيّدة سميّة في الممرِ فقالت بقلق :
مـا الأمر يا بني ؟
رد عليها بأن هز رأسه نافيا و قال : لا شيء مهم يا خالة .
ثم تابع سيره و قال بداخله :
" كم اشتقت لك يا أمي ، و أنت يا أبي أيضا "
تلألأت عيناه بالدموع فمسحها بسرعة خيفةَ أن يكشفهٌ أحد ، وغسلَ وجههٌ ثمّ رفعَ رأسهٌ للمرآةِ
لينظرَ لنفسهِ ، ابتسم بألمٍ وهمسَ لنفسهِ :
أبدو كالفقير دٌونَكٌماَ ، أعلم أن عمي يحاول إسعادي قدر استطاعته ،
وهذا ما شعرتٌ بهِ في هذينِ اليومينِ لذلك أنا لا أظهر أمامه أي شيء ، لكنني حقا أريدكما .
" سامر بنيّ "
سمعَ سامر صوتَ عمّه ِيناديهِ ، فاتجهَ له وجلسَ قربهٌ بعد أن أشار له بالجلوسِ ، و رغمَ إحساسِ
سامرَ بالارتباكِ لم يظهرْ ذلكَ عليهِ أبداً .
فبدأ عمه الحديث معه قائلا بحنانٍ : هل أنت مرتاح هنا يا بني ؟
ابتسمَ سامر فنبرةٌ صوتٌ عمّهِ قريبه من نبرةِ صوتِ والدهِ ، أومأَ له إيجاباً : كثيرا .
أطلقَ عمّه زفرةَ ارتياحٍ و همس : جيـد ، في الحقيقةِ أردت أن آخذ رأيك بأمرٍ ما .
أنصت سامر له بهدوء ، فتابع عمّه قوله :
أريد أن آخذ رأيك في إلحاقك بمدرسةِ عمر ، إنّها تلك المدرسة القريبة من النادي
ليست بعيدة جدا سيراً ، و تأكد بأني من سيقلكما يومياً ، إلا أن حدث مثل ما في هذا اليوم .
ابتسم سامر متفهما عمه الحريص عليه ، فتابع عمه قوله : إذا ما هو رأيك ؟
اكتفى سامر بقولٍ : لا مشكلة أبداً .
مرت فترة صمت حتى قال السيد سامح فيها : متى ستبلغ السادسة عشرة ؟
سامر بتوتر : حقيقة أنا .. أنا لا أعرف ..
تدخل عمـر الذي كان يستمع لهم خلسة و قال : سيكون بعد مرور ثلاثة أشهر و تسعة أيام ابتداء
من اليوم .
فقال السيد سامح بفخر : ها هو ابني الذكـي عمر، انه سريع بالحساب كما تعلم ، و هو ..
ظل السيد سامح يتحدث وحده و يذكر محاسن ابنه بفخر ، بينما همس عمر في أذن سامر :
" بصراحة أنا لا أعرف فقد اخترت رقما عشوائيا "
ضحك سامر بصوت مرتفع و كذلك عمر، و تساءل والده بشكّ عن سبب ضحكاتهم المفاجئة .
السيد سامح بغضب مصطنع : هل بإمكاني معرفة سبب ضحككما ؟
عمر بمرح : أبدا لا يمكنك !!
فغضب السيد سامح و رمى عليه وسادة الأريكة قربه ثم أردف قائلا :
قليل أدب ، تحتاج لتهذيب يا ولـد ..
نظر سامر لهما ، و ابتسم في نفسه و قال :
"العيش معهما ممتع حقا ، لكنني افتقر لوالدي فعلا "
نظر عمر لسامر و قال : لم لا تشترك معنا في المعركة يا صاحبي ؟
تفاجأ سامر من طلبِ عمر فأومأ نفياً ، لكن عمر لم يأبه لجوابِ سامر بل أدخله في معركةِ
الوسائدِ ، فانتشرت الوسائد في الغرفة و عمّتها الفوضى و انفجرَ غضبٌ السيّدة سميّة حالَ رؤيتها
لحالِ الغرفةِ فوبّختهمْ : ماذا فعلتم ؟ إن .. الـ ... لماذا أفسدتم .. الـ..
ثم تمتمت بغضب و هي تحاول ترتيب جملتها ، وصاحت و هم ينظرون لها ببرود : أعيدوا ترتيب المكان .
لم يتحرك أحد بل ظلوا متصلبين أمامها ، فضربت بقدمها الأرض و قالت :
" أعيدوا ترتيب المكان " .
نظر الجميع لبعضهم فقال عمر ممازحاً : أصبحت أمي تشبه أختي الصغير أمل ،
فهي تضرب الأرض بقدمها عندما تغضب .
ضحكَ الجميعٌ على تعليقِ عمر ممّا جعلَ السيّدة سميّة تشعرٌ ببعض الارتباك و الخجل منهم ،
فلم تجد مخرجاً من ذلكَ غير أن تضحك هي الأخرى .
و الغريب في الأمر أنهم سمعوا اختلاط ضحكة غريبة من بين ضحكاتهم فالتفتوا لصاحبها فإذْ
بها أمل الصغيــرة التي تقدمت منهم و هي تحمل دميتها القطنية و تضحك بعفوية .
نظر لها الجميع بسعادة لأنها استعادت صحتها ،
كما أنّها تضحك معهم دون أن تعرفَ السبب ، بينما نظر لها عمر باندهاش ،
فهي تبدو لطيفة و بريئة ، ولا ذنبَ لها فيما يحصل ، فما كان عليه أن يحقد عليها .
و مما أثار الدهشةَ حقا أنها ركضت باتجاه أخيها الكبير عمر و وقفت قربه وهي تضحك ،
فرحت والدتها برؤيتها قريبةً من عمر الذي ينعتها بالمزعجةِ على الدوامٍ و كذلك فعل والدها ،
بينما هو ، فقد اتسعت حدقتا عينيه تعجبا ، فقال بداخله : "أمـل " .
نظر لها سامر بابتسامة باردة و قال بداخله :
" لو لم تمت أختي في ذلك الحادث لكانت مثل عمر أمل تماما ، الخامسة "
أخفض جسده و أشار بيديه لأمل الصغيرة التي خافت منه ، لكنه انزاحَ بعد أن مسح على شعرها
بطيبة ، وربّتَ على كتفها و أتبع ذلك قائلا : هل تشعرين بتحسن يا أمل ؟
هزت رأسها إيجابا ، و اتسعت شفتيها بابتسامة بريئة .
و في هذه الأثناء نظرت السيدة سمية للساعة و هتفت قائلة بصدمة :
إنها العاشرة و البيت كله مستيقظ ! ، فأردفت بجدية : إلى النوم جميعا .
جَلسَ السيّد سامح على الطاولةِ و سحبَ الصحيفةَ و قال بجدية :
هيا فلتذهبوا جميعا لأني سأقرأ هنا ، صحيح يا عزيزتي .
ففاجأته بقولها : أبدا ، فالكلام لك أيضا .
السيد سامح بإحراج : و لكــن ...
قاطعته و هي تأخذ الصحيفة : أنت أولهم ، هيــا إلى النوم حالا .
السيد سامح : اسمعيني يا عزيزتي .
ردت عليه بجدية أكثر : ستنام حالا ، لأنني سأتعذّب في إيقاظك غدا.
السيد سامح: لا، أصدقكِ القولَ سأستيقظ قبلَ الفجرِ إن أردتِ .
قاطعته مجددا : عموما سأغلق الغرفة و لن أفتحها أبدا ، إن أردت فنم هنا .
نظر السيد سامح حوله و قال : أنام هنــا ...
ثم أردف بلهجة متقطعة حزينة منكسرة : و ... بغير غطاء أو ..
قاطعته بصرامة : لذلك ستذهب للنوم .
استسلم أخيرا للقدر و اتجه لغرفته ، فالتفتت السيدة سمية و قالت بغضب : و أنتما !!
فلم تجد أحدا ، غير ابنتها الصغيرة أمل ، تنهدت بارتياح و اتجهت تطفئ الأنوار .
أما في غرفة الشابيـن ، فقد كان عمر يجلس على سريرهِ و يحدث سامر المستلقي
على سريرهِ أيضا بارتباكٍ : أرجو أنك لم تغضب من أمي ، فهي .. فهي ..
قاطعه سامر بهدوء مستغرباً : وَ لمَ أغضب .. ؟ ! لا عليك ، فوالدتك رائعة ،
أحب هذا النوع من الأمهات ، قيادية بشكل ملحوظ .
ابتسم عمر و قال وهو َيشدٌّ غطاءَ سريرهِ : جيد ، خفت أن تكون قد انزعجت ،
لأنك ستعتاد على هذا يوميا .
فسأل سامر عمر قائلا : ما هو نوع مدرستك يا عمر ؟
تمدد عمر بمشاكسة على سريره و قال : بصراحة إنها ليست سيئة.
سامر: إذا فهي جيدة ؟
عمر و هو يركز : أمممم ، نوعا مــا !
سامر باستغراب : ماذا تعني ؟
عمر : بصراحة هي جيدة و لكن من بها عكس ذلك تماما ، ليست كلها يا سامر ،
ثم أنت تعرف أولئك المشاغبين ، إنهم كثــر هنا .
قال سامر بجديّة : لكنهم حتما ليسوا كـطلاب مدرستي السابقة .
سأل عمر بخبث : بالمناسبة يا سامر سمعت أنك قد أطحت بعدد كبير جدا
من الطلبة ، و أنك كنت مشاغبا و محظورا في مدارس أوروبا كلها ، هل هذا صحيح ؟
أدار سامر وجهه للناحية الأخرى و قال بلا اهتمام : ربما .
عرف عمر أن سامر لا يود إجابته عن هذا السؤال فقال له بمرح :
تصبح على خير يا أخي .
ابتسم سامر بسبب كلمةِ { أخي } فرد عليه بخفوت : تصبح على خير .
أطبقا جفنيهما ، لتداعبهما الأحلام ، فغطّا في نومٍ عميقٍ .
دخلت الغرفة بهدوء و أسدلتِ الستائر فضوء الشمسِ سيزعجهم غداً ،
أسرعت نحو الباب و أطفأت الأنوار قبل أن تخرج قائلةً :
" أحلامــا سعيدة ، ولداي . "

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيّت ... فَإن همُ ذهبَتْ أخَلاقهم ذهَبوا

صراحة | مدونتي | هدية

سبحان الله | الحمدلله | لا إله إلا الله | سبحان الله وبحمده | سبحان الله العظيم
رد مع اقتباس