عرض مشاركة واحدة
  #162  
قديم 06-24-2019, 12:25 AM
 



الفصل 30
العودة الى الحاضر


تخللت اشعة الشمس الارجوانية قبيل المغيب اغصان الاشجار المحيطة بالنهر المتلالئ، فتحت اريج عيناها بعدما اعياها التفكير بماضيها وماضي الثلاثي جواد، لؤي وحسناء...



منذ ساعة فارقتها حسناء بعد ان انتهت من سرد قصتها الطويلة ثم بررت فعلة لؤي بكرهه لجواد ومحاولته الانتقام منه بتلك الطريقة...


نظرت حولها بملل ثم نهضت عن الارض لتنفض سروالها ثم يديها وسارت تتأمل المكان حتى وجدت اصدقائها مجتمعين يتحدثون، ابتعدت عنهم فلا رغبة لها بالتحدث الان مع احد...


سارت حتى وجدت بقعة كثيفة الاشجار فوجدته المكان المثالي للاختفاء عن الانظار


توجهت اليه ثم سارت ببطئ متوخية الحظر بما ان الظلام شبه دامس بسبب كثافة الاشجار حتى لاحظت عينان تلمعان وسط الظلام تراقبها بصمت، فزعت بداية لكنها وجدت العينان ابتعدتا عنها لتنظر بانزعاج لمكان اخر،


ارادت الانصراف غاضبة لكنها تذكرت ان بينها وبين هذا المخلوق الكثير من الحسابات عليها ان تصفى، نظرت الى دفتر مذكراتها في يدها ثم الى جواد بحقد لتسأل:


- من اين اتيت به؟


نظر للدفتر ببرود ثم قال:


- من اخوك


تفكرت بجوابه قليلا ثم قالت:


- وكيف وجده؟


- بانزعاج اجابها: وما ادراني!


- اتمنى ان تكف عن هذه العادة السخيفة وتكف عن التدخل في اموري...


- من هذه الناحية لا تقلقي... من الان وصاعدا سأقطع علاقتي بك كليا... لن اتدخل بشيء يخصك، كما سأحاول ان لا تتقاطع سبلنا قدر الامكان


راقبته وهو يتحدث بقهر وينظر للبعيد "هل تراه قرر ذلك بعد ان تعقل؟ ام ان زوجته اجبرته على ذلك؟ على كل حال هذا ما ارادته منذ البداية هكذا ستستطيع ان تكمل حياتها دون ازعاجاته ويتيح لها نسيانه اخيرا..."


- هذا افضل


قالتها بتكبر واستدارت لتنصرف، شد على قبضته عاقدا حاجبيه، هل سيترك الامور تنتهي هكذا؟ لكن هذا ما امره به والده، ان يبتعد عن تلك العائلة نهائيا، اذا لا خيار اخر امامه، لقد تناساها لسبعة اعوام ولم يزعجه ذلك-كثيرا- لكنه استطاع ان ينساها ولو لفترات...


نظر اليها بحسرة وهي تبتعد ثم قفز فجاة...


- اريج.... مهلا


توقفت بحزن فقال:


- فليكن لنا على الاقل لحظة وداع


نكست رأسها بحزن عادت لتنظر اليه بعد ان استجمعت بعضا من قواها لتقول بابتسامة:


- حسنا، وداعا


- لن يكفي هذا كوداع بالنسبة لي... اسمعي، ان البدر يظهر اليوم الثامنة مساء، انلتقي هنا في هذا الوقت؟ سأجهز عشاء خفيفا، بعض ما تعلمته من الطبخ في فرنسا...


شردت في كلامه، عشاءا معه تحت ضوء القمر معدا على يديه خصيصا لها... اليس هذا اكثر مما تتمناه؟ لكن ماذا عن زوجته؟ انها تستحق هذا العشاء اكثر منها هي؟


رأى طول سكوتها ولاحظ ترددها فقال:


- فقط نصف ساعة


تنهدت متوترة فقال:

- ربع ساعة فقط، عشرة دقائق على الاقل وبعدها نفترق للابد


امسكت دموعها التي كادت ان تنزل من عينيها، لقد امسكتهم لمدة سبعة اعوام، والان لطلب بسيط كادت ان تبكي، في الواقع ليست المشكلة بالطلب بل بما سيلي تنفيذ الطلب، ربما سيكون من الاصعب عليها مفارقته ان قضت معه بعض الاوقات الجميلة، اخذت نفسا عميقا كأنها كادت تختنق ثم قالت:


- اسفة... لن استطيع ذلك


- انها عشرة دقائق فقط


- لا يمكنني ذلك


- اذلك بسبب لؤي


نظرت اليه بحقد اذ ان الامر كله بسبب زواجه، ثم لما هو خائن هكذا، فليذهب الى زوجته، لما هي بالضبط؟


استدارت لتذهب فقال لها:


- سأكون هنا بانتظارك على كل حال، الساعة الثامنة مساءا، لا تنسي


قال الكلمات الاخيرة بصوت اعلى اذ انها كانت قد ابتعدت فظل يراقب ابتعادها بحزن حتى اختفت ليعود الى كآبته في الظلمة

----


جلست اريج بين العائلة تنظر اليهم بملل، هذه راوية التي كانت تعترض على ادعاء حبها لصالح تبدو مندمجة جدا في دورها، فهي جالسة قرب صالح بعيدة نسبيا عن الجميع يتهامسان ويضحكان، كذلك لؤي جالس قرب حسناء يلاعبان صغيرتهما ذات الخمسة اعوام، سليم يضحك مع صديقه ايمن ومع زوجته بينما اخته زهراء في كل حين تحاول لفت نظر ايمن دون جدوى، الكل منشغل بمن حوله على غرارها، لكن ماذا عن جواد؟


القت نظرة الى خيم عائلة جواد محاولة ايجاده بين افراد العائلة لكن بلا فائدة... نظرت للساعة في هاتفها فتبيين لها انه لم يتبقى اكثر من عشر دقائق للساعة الثامنة


وجهت نظرها للسماء باحثة عن القمر لكن كما يبدو انه لم يطل بعد


اتراه هناك ينتظرها؟ هل جهز العشاء؟ هل سيكون لذيذا ام انه سيكون سيئا في الطبخ، ان كان طباخا ماهرا فسيكون من حسن حظها لانها غير مستعدة للطبخ بعد الزواج، بالطبع ستكون منهمكة بالعمل بعد تخرجها ولن يتسنى لها العمل داخل المنزل...


لكن مهلا...


هي لن تتزوج جواد... أعادت كما كانت ايام المراهقة تغرق في احلام اليقظة!


تنهدت تبحث حولها بنظراتها كأنها تبحث عن موضوع اخر تشغل به تفكيرها فإن استمرت بالتفكير بجواد ستعود سخيفة كما كانت ايام مراهقتها، وهي بصعوبة استطاعت ان تتخلص من تلك الحالة...


وقع نظرها على كرسي صالح الفارع، لا اراديا توجه نظرها الى كرسي راوية لتراه فارغا ايضا، هل يا ترى اتفقا وذهبا ليتنزها نزهة رومنسية على ضوء القمر؟ ام انهما لم يطيقا المزيد من هذا التمثيل فادعيا التنزه ليأخذا استراحة قصيرة؟...


عادت لتنظر الى ساعتها لترى انه مرت دقيقتان، لم يتبقى الا ثمان دقائق على موعدها مع جواد...


حسنا لقد قررت انها لن تذهب اليه فلما تشغل بالها به؟ عادت لتنظر حولها لترى طيف كل من صالح وراوية في الظلمة يتمشيان ممسكان ايدي بعضهما


عقدت حاجبيها وابعدت نظرها عنهما منزعجة، حسنا، هل تراها الان تغار على صالح؟ ام انها؟...


كلا من السخف التفكير انها تغار من كلاهما على حالة الغرام التي يعيشانها، لقد تخطت احلام المراهقات بالحب وتلك الامور، لقد نضحت على تلك السخافات فما الذي يعتريها، عادت لتنظر الى السماء منتظرة ظهور القمر لكنه لم يظهر بعد...


نظرت لساعة هاتفها النقال لترى انه مرت دقيقة اخرى...


تبا لما يمر الوقت بهذا البطئ اليوم


حين لاحظت انها لن تستطيع الاستمرار جالسة نهضت لتنصرف فنظر اليها عمها مستفسرا فاجابته:


- اريد ان اتمشى قليلا


هز رأسه متفهما فانصرفت، سارت بمحاذاة خيمة جواد محاولة ايجاده بين الساهرين لكنها لم تجده، فكرت"ايعقل انه هناك بانتظارها؟ لكن الموعد لم يحن اوانه بعد..."


توجهت الى حيث تواعدت مع جواد وهي تبحث عن مبرر منطقي لتصرفها لكن انتهت مسافة الطريق دون ان تصل لنتيجة، التقت عيناها بعينان اغرورقتا بالسرور، اخفضت بصرها بخجل بينما تسمع كلماته...


انا مسرور جدا لانك قررتي الحضور، كنت سأضطر ان اكل كل هذا الطعام وحدي لو لم تأت


تهربت منها ضحكة لجملته الاخيرة وهي تلقي نظرة الى الطعام لتجد انه قد حضر وليمة تكفي لعائلة كاملة، قال حين لاحظ دهشتها:


- في الواقع لم اعلم اي نوع من الطعام تحبين فاحضرت من عدة انواع


ابتسمت بخجل قائلة:


- ما كان عليك ان تعذب نفسك، لا اظن انني قادرة على اكل الكثير


عادت لتنظر الى السماء ثم الى هاتفها، لقد ان وقت ظهور القمر لكنه لم يظهر بعد


نظرت لجواد معاتبة تقول:


- اكنت تخدعني؟ لا ارى اثرا للقمر في الوقت الذي حددته


علا وجهه علامات الخيبة ليقول:


- من اين ستريه ان كانت السماء ملبدة بالغيوم؟


نظرت اليه مستغربة ثم للسماء فقال ضاحكا:


- لا تقولي انك لم تنتبهي لوجود الغيوم؟


ابعدت وجهها عنه بانزعاج اذ انها بعد كل جهدها في الدراسة كل تلك الاعوام، بلحظة اثبتت انها مازالت بنفس الغباء الذي كانت عليه


دعاها للجلوس لتناول العشاء وهو يوجه مصباح هاتفه الى الطعام فاقتربت بحياء لتجلس على البساط الذي فرشه على الارض، نظرت بحسرة الى هاتفه الذي كان المصدر الوحيد للنور حيث هما جالسين، قالت بحزن:


- حتى السماء تعارض اجتماعنا حيث منعت عنا نور القمر...


نظر للسماء متفكرا ثم قال:


- تجول في ذهني فكرة اكثر تفائلا لكن لا ادري مدى استعدادك لسماعها


نظرت اليه بانزعاج لتقول:


ان افكارك مزعجة عادة...


ضحك ليقول:


- يعتمد على مشاعرك الحالية تجاهي، ان كنتي مازلتي تحبينني فقد يسعدك سماع ذلك...


نظرت اليه باستسخاف فقال:


- ان هذا العشاء كان لنودع بعضنا بعضا، لكن السماء معترضة على افتراقنا، لذلك حاولت تخريب الوداع...

اخفضت بصرها بحزن اذ ان بما ينفعها ان تبقى على اتصال مع جواد ان كان متزوجا، فليختفي من حياتها للابد ويتركها تكمل حياتها كما كانت قبل ان تلتقيه بعد هذه السنوات

اخذت طبقا وملعقة وقبل ان تبدأ الطعام قال جواد:

- اعلمي ان طبخي ليس بتلك الجودة، ولكن على الاقل قدري جهدي اذ لم اسمح لاحد بمساعدتي ليكون معدا بجهدي الخاص

ابتسمت بحياء وتناولت لقمة وفنجرت عينيها ووضعت يدا قبالة فمها قبل ان يخرج اي شيء لا إراديا، حك جواد رأسه بحرج وقال:

- لم تعجبك

نظرت اليه تريد ان تنكر كلامه حياءا لكن قرف طعم اللقمة كان ما زال في فمها منعها من الكلام، فقال :

- لقد كانوا الشباب ينتحرون حين يأت دوري في الطبخ في فرنسا

نظرت اليه بانزعاج ثم ابتلعت اللقمة مرغمة اذ خجلت ان تبصقها امامه ثم قالت معاتبة:

- تعلم ان طبخك بهذا السوء وتدعوني للعشاء عليه، كان عليك على الاقل ان تقبل المساعدة التي عرضت عليك

- حسنا، ظننتك ستكونين معي في عالم اخر ولن تنتبهي لسؤء طعمه

- وهل تظنني اعيش حالة مسلسل رومنسي! اني فتاة واقعية

- انت!... هاهاها... هذه سمعة جديدة

- انها الحقيقة

قالتها رافعة رأسها بكبرياء فقال بحزن:

- اذا لم تعودي اريج القديمة؟

- لا... اريج القديمة ماتت

- مؤسف... كنت افضلها

- اذا ربما علي ان انصرف، فلست انا من تريد توديعه

نهضت لتذهب لكنه امسكها ليعيد إجلاسها قائلا:

- بل انت هي طبعا... ربما اضحيتي اكثر غباءا من ذي قبل لكنك مازلتي انت انت

دفعته بانزعاج لتبتعد فاسرع خلفها ليوقفها قائلا:

- مهلا مهلا ارجوك... كل ما في الامر إني لم اثر غضبك منذ زمن وقد تقت لذلك، تعلمين انها حفلة وداع وسيكون هذا اخر لقاء بيننا، اي لا فرصة امامي غيرها لازعاجك

نظرت اليه باستخاف تتسائل في سرها:

"هل يا ترى يسخر منها؟ ام ان هذه رومنسية من نوع جديد! "

تناست السؤال وعادت الى حيث كانت ليجلس الاثنين صامتين لا يدرون بما يتحدثون فقدم جواد لها طبقا جديدا قائلا:

- تذوقي هذا فاني بارع باعداده

- لا شكرا... لا اريد ان اصاب بتسمم، تكفيني لقمة واحدة

- لا هذا مختلف، جربيه ولن تندمي

نظرت اليه بشك واخذته منه لتتذوقه ثم راحت تفكر لتقول شاردة:

- لا بأس به... لكن لا يمكن للمرء ان يعيش على طبق واحد طوال عمره

- هذا صحيح، لذلك وجدت الزوجة

نظرت اليه بانزعاج ثم قالت:

- من الجيد إني لست زوجتك

فرط ضحكا ليقول:

- ربما كان علي ان اقول ذلك بدلا عنك، اظنك اسوأ مني الطبخ

قطبت بانزعاج من سخريته فقال وهو مازال يضحك:

- حقا لا امزح، هل تجيدين الطبخ؟

ابعدت وجهها بخجل لتقول:

- لم ادخل المطبخ هذه السبع سنوات الا في النوادر لشرب الماء

- رمش بعيناه مستغربا ليقول:

- الم تقلي البيض يوما؟

هزت كتفاها لتقول:

- كان لدي ما هو اهم لافعله

- وما كان رأي صالح بهذا الموضوع؟ لا اظنه يجيد هو الطبخ

- كنا قد اتفقنا ان نحضر خادمة

- يا له من مسكين، كنت ستكسرين ظهره

- ان لم يعجبه يمكنه ان يطبخ بنفسه

- هل انت جادة؟ وماذا لو كان طبخه سيئا مثل طبخي

- بالطبع سيبقى افضل من طبخي

- ربما انت محقة...

صمت كلاهما ليسود نقيق الدفاضع في المكان حتى قطعه جواد:

- اريج... ان كنت مازلتي تحبينني...

- انسى الامر

نظر اليها بحزن ليقول:

- كنت لاكون مستعدا ان اواجه العالم باسره لاجلك

- لا اريد ان تفسد علاقتك مع عائلتك، عائلتك جميلة ولا اريد لذلك ان يخرب بسببي

- وماذا عن حبنا... لا بد ان القدر قد جمعنا مجددا لنبني ما هدمه الاخرين

- جواد! لا تلقي اللوم على الاخرين... كل منا مسؤول عما فعله فدعنا نتحمل نتيجة افعالنا

- عن اي افعال تتحدثين، تعلمين ان المسؤول الاول والاخير كان لؤي

- بربك ما شأن لؤي... لقد افسدت كل شيء قبل عودتك من فرنسا

نظر اليها مستغربا ليقول:

- بما تهذين انت؟

- جواد، دعنا ننسى هذا الموضوع، اتينا لنودع بعضنا فلنبقى على هذا المنوال

صمت عند رؤية اصرارها لينظر اليها فسألها:

- هل عدتي تحبين ايمن؟

فغرت فاهها عند سماع سؤاله لكن بعد كل شيء، ربما هذه الطريقة المثلى لجعله يصمت فقد ضاقت ذرعا من تطرقه لهذا الموضوع، لا تتصور حتى انها ستكون المسؤولة عن فساد تلك الرابطة الجميلة بين جواد وابنه، لقد بدا جواد فخورا به اشد الفخر صباحا، ولكن ما الذي سيحدث لو انهما ارتبطا؟ ربما تهجره زوجته وتأخذ معها طفليها وتبعدهما عن والدهما، اذا فلتوهمه انها ما زالت تحب ايمن بعد كل هذه السنين، وقبل ان تتحدث خمن هو:

- هكذا اذا... كان بامكانك ان تخبريني منذ البداية، بدلا من تتركيني اسهب في شرح مشاعري تجاهك

ابعدت وجهها عنه بانزعاج ففعل هو المثل، لم تمر ثوان حتى نهض قائلا:

- حسنا... يبدو ان القمر لن يشرفنا الليلة بحضوره، على كل حال يبدو انه ليس مقدر لنا ان نكمل سوية

نظرت اليه بحزن فمد يده مصافحا، قال:

فلتكن نهاية علاقتنا سعيدة على الاقل، حسنا ليست سعيدة بقدر ما تمنيت لكن على الاقل فللا تكن عداوة

نهضت عن الارض لتمد يدها بتردد، تصافحا وابتسما لبعضهما بحزن ما لبث ان سحب جواد يده لينسحب لكن يده بقيت عالقة بيد اريج حين امتنعت عن ترك يده

عاد واستدار ليرى تلك النظرات الكئيبة في وجهها فعاد اليها وضمها اليه بقوة، تصاعدت حرارتها لتحمر وجنتيها واقشعر بدنها، لم تكد تستعد للانسحاب معترصة حتى سمعت:

- احبك... ونسيانك لن يكون بالامر السهل... بل ربما يكون مستحيلا...

شعرت بالدموع تتجمع في عينيها حاولت الامتناع عن البكاء لكن هذه المرة لم يتسنى لها، لكم تمنت ان تسمع هذه الكلمة منه، وحين اخيرا سمعتها كان في حفل وداعهما لبعضهما، لو انه لم يكن متزوجا ربما تجرأت واخبرته انها تبادله نفس المشاعر، ولكن... لا فائدة

شكرت ربها لان الظلمة حالكة ما سيمنعه من رؤية دموعها واكتشاف حقيقة مشاعرها، اخيرا ابتعد عنها قائلا بقلب مكسور "وداعا"

تفادت الرد عليه كي لا يكشف نبرة صوتها بكائها، قرص خدها وهو يتمنى لها السعادة ثم انطلق، توقف فجأة حين احس برطوبة دموعها بين اصابعه ليلتفت اليها يسألها مستغربا:

- اكنت تبكين!...

نفت الامر ببرود وهربت من ذلك المكان لعدم قدرتها على ايجاد سبب لتلك الرطوبة في خدها، اتخبره انه الندى مثلا؟... بينما بقي جواد ينظر اليها تارة والى اصابعه المبللة بدموعها تارة اخرى محاولا تفسير ما حدث...

----


ارتمت اريج في خيمتها باكية، حاولت مرارا وتكرارا التوقف عن البكاء والعودة الى برودها السابق لكن دون جدوى، ترى ما الذي حدث معها!

لقد ابدعت هذه السبع سنوات في طمر مشاعرها، من المزعج التفكير ان اخر مرة بكت فيها كان جواد السبب، واول مرة تبكي فيها بعد اعوام يكون جواد السبب ايضا

سمعت صوت العائلة تدخل لخيمها فعلمت ان الوقت تأخر ومر عليها ما يقارب الساعتان وهي تبكي، مسحت دموعها بسرعة قبل ان تعود راوية وتراها تبكي وتضطر ان تخبرها بالقصة كاملة

القصة انتهت هنا فلا داعي للشرح والاسهاب، انتهى الامر...

نظرت لمذكراتها لتفتحه على اخر الصفحات، تصفحتهم سريعا وعادت لتدمع عينيها عند قراءة احداثه

وصلت لآخر صفحة كتبتها لترى ان في ذاك اليوم بدأ برودها، قضت سبع سنوات بلا مشاعر، في خريف مميت، لكن اليوم... ما الذي حدث بالضبط!...

اخرجت من حقيبتها قلما وراحت تكتب:

" مضى وقت طويل على خريفي، خريف جاف مقيت، كنت قد اعتدت على هدوءه كل تلك المدة، لكن اليوم بدأت اشك انه لم يكن الا هدوء ما قبل العاصفة، اخشى ان تحطمني العاصفة، بدأت اليوم بالبكاء، واخشى ان يكون الاتي اعظم... اتمنى فقط ان يتراجع الشتاء ليعود الخريف الذي عرفت كيف اتأقلم معه لمدة طويلة، فالشتاء لا يرحم، انه الموت بالنسبة للطبيعة، واخشى ان يكون كذلك بالنسبة الي ايضا... اتمنى من قلبي ان انساك جواد... لأستطيع ان اكمل حياتي كما كانت بهدوء تام..."

اغلقت دفترها وعانقته ثم القت رأسها على وسادتها تفكر بمجريات الامور... بالفعل، الحل الامثل هو بنسيانه، وهذا ما ستفعله، لقد تجاهلت حبه لسبع اعوام وستفعل المثل من الان فصاعدا، كان بكائها مجرد لحظة ضعف لن تتجدد...

---

استيقظت صباحا لترى ان راوية ليست بقربها في الخيمة، ترى هل سهرت طوال الليل؟ لقد جافاها النوم لساعة متأخرة من الليل ومع ذلك نامت قبل عودتها

حسنا... يبدو ان هناك شيء جميل يحصل بالخفاء

ابتسمت وهي تنهض عن فراشها لتخرج من الخيمة، رأت الجميع يكادون ينهون فطورهم، شهقت فزعة لتتقدم اليهم تسألهم:

- لما لم توقظوني على الافطار!

- يبدو انك كنت غارقة في احلام لا تمط للواقع بصلة، فلم نشأ ان نوقظك كي لا نخربها

احمرت خداها وهي تنظر الى ايمن وتستمع لكلامه الساخر وهي تحاول ان تتذكر مجريات حلمها حتى فرط هو وسليم من الضحك فدفعتهم جلنار قائلة:

- الن تكف عن مقالبك هذه؟

فغرت اريج فاهها مصدومة ثم ابعدت وجهها عنهم بانزعاج لتجلس على كرسي بلاستيكي شاردة، جالت ببصرها سريعا على خييم جواد تبحث عنه بين اهله لتجده يلاعب ابنه

تنهدت مبعدة وجهها عنه كئيبة فجلست قربها راوية تسألها:

- الم تجدي غيره لتغرمي به! ان دمه ثقيل جدا

نظرت مستغربة الى راوية ثم قالت لها:

- من اين خطر لك انني احبه

- حسنا هذا واضح

تنهدت بانزعاج لتقول:

- سأنساه على كل حال

- اتمنى فلا يبدو انه مهتم بك ابدا

قالتها وهي تنظر لايمن بانزعاج بينما وجهت اريج نظرها لجواد بحزن، اذ انه البارحة كان يعبر لها عن حبه وعن مدى تعلقه بها وعدم قدرته على نسيانها، واليوم كأن لم يحدث شيء من ذلك

في هذا الوقت القى جواد نظرة الى اريج لتلتقي نظراتهما، احست فجأة بتوغق في قلبها، ازاحت نظرها مرتبكة ثم نظرت الى راوية ان كانت لاحظت شيئا لكنها لاحظت انها كانت تبتسم ببلاهة وهي تتبادل مع صالح نظرات غرام

لكشتها اريج فاستيقظت راوية من احلامها الوردية لتنظر الى اريج مرتبكة، قالت اريج مستفزة:

- اذا متى عرسكما؟

فغرت راوية فاهها مصدومة:

- عرسنا؟ من؟ انا وصالح؟ تعلمين اننا نكره بعضنا...

- حسنا اعلم انك كنت تكرهينه ولكن هو لا، اما بالنسبة اليك الان؟...

اخفضت راوية رأسها محاولة اخفاء خدودها المحمرة وابتسامتها الخجولة بينما تحاول النكران:

- مازلت كما كنت

- حقا!... ولما تغيبت لوقت متأخر عن الخيمة البارحة، هذا ان عدت اصلا

فعرت فاهها:

- عما تتحدثين، بالطبع عدت، ربما كان الوقت متأخرا قليلا لكن لم اسهر كل الليل خارج الخيمة

هزت اريج كتفيها ثم قالت:

- على كل حال لا يمكنك نكران حالة الغرام التي تعيشينها، انها تشع من عينيك ومن ابتسامتك...

عرضت ابتسامة راوية لتقول:

- التلك الدرجة واضح علي؟

- اكثر مما تتصورين...

القت اريج نظرة سريعة لصالح لتراه يراقبهما مسرورا، ابتسمت من قلبها، على الاقل استطاع صالح ان يجد سعادته وان يحب مجددا، على الاقل كان لجواد بعض النفع في حياتها، يوم وجدها مع ايمن وفضحها امام صالح،

ذلك شجع صالح على الانفصال عنها، والان بقيت هي وحيدة... حسنا، هذا ما كانت تتمناه دائما، الوحدة والعزلة والراحة والطمئنينة... الاهتمام بدروسها ومستقبلها، هذا كل ما ارادته...

وجهت نظرها لايمن لتراه ينظر اليها بطريقة مريبة، نظراته هذه اصبحت مألوفة لديها، حسنا الاما يخطط الان؟...

فجاة سمعو صراخا فالتفت الجميع ليجدوا زهراء في النهر تنظر لحالها شاكية "لقد كان ثوبي المفضل" قال سليم اخوها:

- الن تتخلصي من هذه العادة؟ متى ستتعلمين ان تسيري باستقامة دون ان تتعثري يمينا وشمالا؟

توجهت النظرات لاحدهم فرط ضحكا فجاة ثم قال:

- هل هذا ما كنتي تقصدينه بنزولك للنهر صدفة!

حدجته بانزعاج بينما هو جلس يتأمل شجرة معلقة عليها دزينة من الملابس المبللة فقال:

- ربما كنتي محقة باحضارك كل تلك الملابس، على كل حال، اظنه حان وقت السباحة

خلع سترته ليرميها جانبا ونزل للماء واخذ يرش الماء على زهراء، بادلته هي بدورها واخذا يضحكان الى ان قام سليم اليها غاضبا يعاتبها، خرجت من الماء بانزعاج، نظر سامر الى سليم مصدوما ليقول:

- ما بك يا رجل! كل ما فعلناه هو اللعب بالماء، لم نرتكب جريمة...

حدجه سليم بلؤم ثم قال لزهراء آمرا:

- اذهبي وغيري ملابسك وبسرعة

عاد سليم لمكانه متجهما بينما سامر يرمقه بحقد وتحد وما لبث ان خرج من الماء ليجلس قرب جواد بانزعاج وغديا الاثنان جالسان شاردين.

---



قبل الظهيرة اعلن سامر عن المخطط الذي كان قد سهر عليه كل الليل ليجمع زهراء بايمن، فقال معلنا:

- البارحة ليلا ابتكرت فقرات جديدة للعب الثنائيات خاصة للوافدين الجدد فمن يريد الانضمام

قالها وهو ينظر الى زهراء مبتسما بامل، اقترب الجميع ليرى ما الفقرات الجدد فقال سامر:

- حسنا ستكون الفقرة الاولى عبارة عن مسابقة...

لم تسمع اريج البقية فلا تريد المزيد من ازعاجات سامر ومخططاته ليجمعها مع جواد، ابتعدت عن الثنائيات المتجمعة حتى اصبح صوتهم بالكاد يسمع فجلست تحت شجرة مسترخية وما هي ثوان حتى بدأت تفكر بليلة الامس

كان من المفترض ان يكون عشاءا رومنسيا لكن حتى القمر تصدى لهما...

اي ان كان، انه متزوج على كل حال...

ادمعت عيناها مبتسمة وهي تتذكر عناقه "لقد اعترف لي بحبه" مسحت دموعها وهي تفكر "وما الفائدة على كل حال... انه متزوج..."

---


مر اليوم ببطئ حتى اقبل اليها ايمن ظهرا وجلس بالقرب منها قائلا:

- الا تريدين الانضمام للثنائيات؟

نظرت للمشاركين بانزعاج لتقول:

- تعلم انه للثنائيات وانا وصالح انفصلنا

- وماذا عن جواد؟ لقد كان وحيدا طوال الوقت...

نظرت اليه بحسرة، كان يقف بعيدا نسبيا عن المشاركين وكالعادة يحدث ابنه بحماس، تنهدت بخيبة لتقول:

- تعلم انه متزوج...

- اذلك ابنه؟

- اجل... يبدوان سعيدين...

- لكن لما لا يشارك مع زوجته في العاب الثنائيات؟

بحثت عن زوحته بين المشتركين لتراها تضحك مع بعض الاصدقاء، حالها كحال سبع سنوات مضت، تبقى مع الاصدقاء اكثر من زوجها، اتراه تعيسا معها؟ ربما، وربما ذلك هو سبب اعترافه بحبه لها البارحة واستعداده لمواجهة العالم باسره لاجلها...

تبا لدفتر مذكراتها الفاضح اذي فضح امرها ووضعها في هكذا موقف صعب...

قال ايمن:

- لما تجلسين هنا بعيدة، على الاقل اقتربي وشاهدي عن قرب

نظرت اليه بانزعاج لتقول:

- ان ذلك الاحمق سامر سيحاول جمعي مع جواد كما فعل البارحة طوال الوقت

نظر اليها متفكرا ليقول:

- اذا لم اكن اتوهم... يبدو انه يظن نفسه رسول الحب فقد كان يحاول طوال الوقت جمعي مع اخت سليم

نظرت اليه مستغربة ثم فرطت ضحك لتأكد له شكوكه:

- انه كذلك فعلا... يعتبر نفسه ملاك الحب منذ سنوات عديدة...

- حسنا... اذا دعينا نذهب ونخرب مخطته، فلنذهب انا وانت كثنائية

نظرت اليه مستغربة:

- انا وانت!... هل انت متأكد من طلبك؟ اظنك شاهدت مسابقة الثنائيات اليوم...

- لقد فعلت... في حال لم تعجبنا فقرة يمكننا الانسحاب، لا اظن ان سامر سيمانع انسحابنا لو لم تعجبه

تفكرت بالموضوع قليلا ثم ابتسمت حين توصلت ان ذلك سيدعم ظن جواد انها تحب ايمن فنهضت مباشرة معلنة موافقتها وانطلقا سوية

ولحسن حظهما كانت الفقرة عبارة عن اعداد الفتيات وجبة سريعة وعلى الرجال تذوقهم ومعرفة اي وجبة اعدته فتاته...

ابتسم سامر بفخر بعد اعلانه الفقرة الاخيرة ونظر الى زهراء ليراها مصدومة، زاد افتخاره بنفسه اذ صدمها بعبقريته بينما ضربت راوية على رأسها اما اريج فقالت وهي تنظر الى ايمن شامتة:

- لا يبدو لي انك ستخرج من هنا حيا

ابتسم قائلا:

- لا بأس... تريحينني من هم هذه الحياة المقيتة...

توجه الشباب ليأرغلو سوية بينما اخذت الفتيات تعددن الغداء، واخيرا انتهو ليدعو الجميع للإجتماع على المائدة ووضعت اصناف الطعام الذي اعددنه المشاركات في المسابقة جانبا ليتذوقه الشباب المشاركون

القى ايمن نظرة سريعة على الاصناف ثم قال شامتا وهو يشير الى صنف ما:

- لا بد ان هذا هو الذي اعدته زهراء

نظرت زهراء للصنف الذي يشير اليه لتفنجر عيناها، لا بد انه اختار اسوأ ما رآه، جالت بعينيها على المائدة للتؤمد ظنها، ابعدت عيناها حزينة حين فهمت رسالته، حين لاحظ سامر ذلك نظر الى ايمن بحقد بينما قال سليم اخ زهراء:

- ما بالك ايمن، قد يكون طعم طعام زهراء مقرف لكن منظره خادع، انسيت ذلك؟

حك ايمن رأسه حرجا ليقول:

- في الواقع اجل نسيت... لا اذكر الا طعمه

نظرت اليه اريج لتلكشه ثم قالت:

- ان استمريت هكذا سنخسر المسابقة

- في الواقع لدي مهمة اكثر اهمية من ربحي في المسابقة، لذلك احببت ان اشارك... اظنك شاركت لنفس السبب...

تفكرت اريج بالموضوع، انه محق، لم تشارك هي لتربح انما لتقنع جواد انها متعلقة بايمن، اذا هل يريد ايمن ايضا ان يقنع احدهم انه يحبها؟

مررت الاطباق على المتسابقين ليتذوق كل واحد منهم لقمة وما ان وصل ايمن للطبق الذي اختاره مسبقا قال برضا:

- انت محق سليم، لا يمكن لهذا الطعم المقبول ان يكون من صنع زهراء

نكست زهراء رأسها بحزن حتى اخيرا كاد احدهم ان يتقيء، نظر اليه الجميع مستغربين، رأى ايمن ان طبقه كان ذو منظر مغر فقال:

- لا بد ان ذلك هو طبق زهراء اذا

عقدت حاجبيها اذ طفح كيلها، نهضت من مكانها لتنصرف لكن سامر امسكها من يدها واجلسها مجددا، قال لايمن:

- المطلوب منك ان تتحزر طبق حبيبتك، فهل نفهم من كلامك انها حبيبتك؟!

احمرت زهراء بينما تجهم وجه ايمن اذ انقلب السحر على الساحر، قال اخيرا:

- لا ليس الامر هكذا، ان زهراء كأختي وانا كنت امازحها، ولانني اعرف طعامها جيدا اكثر من غيرها هنا فوجدت ان تحزر طعامها كان اسهل

- اذا هل تحبها حتى تعرف طعامها اكثر من الفتاة التي اخترتها لتكون معك كثنائية؟

- هه يا رجل! لا يجب ان احبها لاعرف ذلك، انا متأكد لو انك انت تذوقته فلن تنسى طعمه لبعد مئة عام

رفع سامر رأسه ناظرا اليه باحتقار ليبادله الاخر النظرات نفسها فقال سامر قاطع ذلك التحدي:

- لا اظن ان طعمه بذاك السوء

توجه مباشرة الى طبق زهراء ليأخذه من يد ذلك المتسابق ويتذوقه، اغمض عيناه بشدة محاولا عدم اظهار ردة فعله، كان قد جهز نفسه لاسوأ طعم لكن ليس لتلك الدرجة...

حين استطاع ان يعود الى حالته الطبيعية دون ان يشك احدهم انه كاد ان ينهار امام ذلك الطعم السيء قال بشجاعة:

- انه لا بأس به، ليس بذلك السوء الذي تحدثت عنه

نظرت زهراء لسامر متفكرة بينما قال سامر لصديقه:

- اهتم انت بباقي المسابقة فانا لدي عمل طارئ

اسرع ليبتعد قدر الامكان عنهم، توارى خلف شجرة ليتقئ ما اكله، وصلت اليه زهراء لتتفاجئ بذلك المنظر، رفسته معاتبة:

- ظننتك قلت ان الطعم ليس بذلك السوء

تأوه ممسكا قدمه موضع الرفسة ثم قال:

- كنت احاول ان احسن من صورتك امام ذلك الاحمق وهذا ما اناله منك! ثم... من اين تعلمتي الطبخ؟

- انا لم اتعلم... انا احب ان اتفنن

- حسنا ليكن بعلمك، ان حتى الفن يرضخ لقواعد معينة تجنبا لما حدث اليوم، واعلمي ان اهم قاعدة في فن الطبخ الا تخلطي السكر مع الملح

عقدت حاجبيها بانزعاج فقال بيأس:

- اتعلمين؟ اظن ان امركما ميؤوس منه... انسيه خير لك...

- ظننتك لك مصلحة في جمعنا

- هناك طرق اخرى لمصالحي

نظرت اليه باحتقار ثم انصرفت، تنهد سامر منزعجا ثم عاد للمجموعة، عاد ليجلس مكانه ثم استرق نظرة لزهراء ليرى ان اخوها يعاتبها كالعادة، اراد ان ينهض ليضربه لكن جواد امسكه ليعيد اجلاسه قائلا:

- يفضل ان تبتعد عنها... الشابة ليست من وسطك، انك تسبب لها المشاكل

- انا من اسبب لها مشاكل ام اخوها؟

- كل عائلة ولها عاداتها وتقاليدها، ويبدو ان تلك الفتاة تربت على هذا فيفضل ان تبتعد عنها

- في الواقع لا يعجبني ذلك

- لست لا اباها ولا اخاها لتقرر

- ليس هم من يقررو انما هي، انها حياتها

- هنا لا تسير الامور هكذا...

- حقا!... اذا انا افضل العودة لفرنسا

- افعل ما يريحك...

- سافعل

قالها ساخطا عاقدا ذراعاه وهو يبعد نظره عن الجميع

---

تأملت زهراء ايمن شاردة ثم قررت، نادته وما ان نظر اليها طلبت منه ان تحدثه جانبا، نظر لسليم متفكرا فهز سليم كتفيه، نهض ايمن من مكانه وابتعد عن الباقيين فتبعته زهراء حتى ابتعدا بما يكفي، نظرت اليه بحرج ثم ابعدت نظرها عنه لتقول بحياء:

- اعلم انك ما زلت تحب طليقتك... لكنني احبك... ولا اظنك ستنساها بتلك السهولة، ولكن قد تعطي فرصة لنتعرف على بعضنا و...

- لن يحصل ذلك...

- لا يمكنك ان تستمر بالوفاء لطليقتك لمدى الحياة

- ليس الامر هكذا... حتى لو اني لم احب نوال يوما ولم احب غيرها، ما كنت لارتبط بك

اغروقت عيناها بالدموع وراحت تنسحب لكن ايمن ربت على كتفها مناديا باسمها:

- زهراء... اسمعي... اظن انه آن الوقت لنضع حدا لهذا الموضوع، ظننتك يوما ستنسيني دون ان نضطر ان نتطرق لهذا المضوع، لم اتصور ان تبقي على حبي حتى بعد طلاقي... لكنك اخت صديقي المفضل... واخشى ان ارتباطنا قد تهدد صداقي له

- وما شأن هذا بذاك، على العكس، من شأنه ان يزيد من وثاق صداقتكما

- هذا في حال كنا متوافقين لمدى الحياة، لكن في حال كان بيننا خلافات ولو قليلة، لو كنت مكان سليم وصديقي تزوج من اختي ثم بدر منه ما يؤذيها فانا لن اسامحه ابدا، وطبعا لن نعود اصدقاء كما كنا

- لكن... سليم لا يفكر مثلك بهذه الطريقة...

- ربما... لكني افكر هكذا، ولا اقبل لغيري ما لا اقبله على نفسي، لذاك من المستحيل ان ارتبط بك حتى لو كنت متيم بحبك...

اخضت راسها تمسح دموعها، عادت لترفعه مبتسمة ثم قالت:

- اذا انت متيم بحبي لكن لا يمكنك الارتباط بي لانني اخت صديقك المفضل

فنجر ايمن عيناه ثم قال:

- من اين اتيت بهذا الاستنتاج؟

ببرود قالت:

- سأعتبر الامر سار هكذا مواساة لنفسي

قالت جملتها وانصرفت بينما ظل شاردا يفكر بطريقة تفكيرها حتى اخيرا هز كتفيه وقال:

- ان كان هذا الاعتبار سينهي الامر بسلام، فلتعتبر الامر كذلك، اين المشكلة؟...


*****

السلام عليكم

كيف حالكم
لي زمن على هذه الرواية
انا شخصيا انصدمت من طول الفترة ^^'

المهم

اتمنى ما تكونو نسيتو احداث الرواية
وما تكونو مليتو الانتظار ^^'
نذهب للاسئلة


- اريج وجواد كما يبدو ودعو بعضهم للابد، اكيد ما رح تضل هيك التحوال
بس كيف بتتوقعو يرجعو يتصالحو؟
- شو رايكم بزهراء؟
بتبقى لحبها لايمن بعد رفضه لها ام انها ستنساه :
- رايكم بالثنائي راوية وصالح والاحداث عنهم كانت سريعة او طبيعية؟
- توقعاتكم للفصول القادمة





__________________