عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-17-2019, 05:47 AM
 
فضي نَغمة فِضية|| لمحاتٌ عابرة


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:888px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_916axzk03.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN]
[ALIGN=center]












"يليق بك أن تكون ضوءاً لا ينطفئ، أن تكون ورداً لا يموت، وماءً لا يجُفّ، يليق بك أنْ تكونَ كلَّ الأشياءِ السعيدة التي لا يمكن أن يعبرها الحزنُ يوماً ما."

~•~










{ اللّمحةالأولى }

وقفت بجانب الطريق تجفف عرق جبينها بظهر يدها من أشعة الشمس التي تحيطها من جميع الجوانب، كانت قد انتهت للتو من التسوق ووقفت لتستقل حافلة وضعت الأكياس التي تحملها على الأرض وفتحت حقيبتها عبثت بها فلم تجد من المال سوى ورقة واحدة فئة عشرة جنيهات في ركن خاص، ضغطت على أسنانها من الضيق فقد صرفت جميع المال دون أن تدري،
ولكنها خيرًا لها أن تقطع تلك المسافة التي قد تتعدى خمسة كيلو مترات إلى بيتها سيرًا على الأقدام من أن تصرف تلك الورقة التي تحتفظ بها منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، عندما رأتها ذهبت ذاكرتها إلى تلك اللحظة عندما أخرج زوجها عشرة جنيهات من جيب معطفه وأمسكها قائلًا:
- قصدت ألا أجلب لكِ هدية ككل عام وأن تكون الهدية في ذلك اليوم مختلفة.
فقد كان اليوم هو عيد الأم وكانت هي لحكمة بالغة امرأة عقيم لا تنجب وقدر زوجها الحكمة الألهية ولم يتزوج ثانية ورضي بقدره فقد كان يحبها واستكفى بها عن البنون وكل شيء،
أخذ قلم من جواره ودون بها أحبك يا ورد ودون تاريخ اليوم ٢١/٣/١٩٨٨ أنهى كتابته وثنى الورقة وأعطاها لها وهو يقول ضاحكًا:
- تفضلي هذه جميع ثروتي
ضحكت وهي تأخذها قائلة:
- هذا كثير
ارتسمت على ملامحه الجدية قائلًا:
- أتعرفين الرجل الثري عندما يحب أن يهادي زوجته قد يأتي لها بعقد من الألماس أو يأتي لها بسيارة فارهة أو يكتب عقارا باسمها، ذاك الهدايا مهما عظم قدرها فلن تكون بجميع ثروته لأنه يملك الكثير أما أنا لا أملك من الدنيا اليوم سوى العشرة جنيهات هذه، هي كل ثروتي عندما تريها فيما بعد تذكري إني في يوما ما أهديتك جميع ما أملك
احتفظت هي بها وكلما تتذكر ذلك الموقف تبتسم أنه أهداها كل ما يملك، وظلت محتفظة بتلك العشرة جنيهات حتى اليوم حتى اللحظة التي هي فيها الآن، عندما رأتها ابتسمت وهي تتذكر تلك اللحظة رغم إرهاقها من التسوق في حرارة الشمس والأحمال التي في يدها حتى تلاشت ابتسامتها فجأة عندما أدركت أنها رغمًا عنها ستقطع تلك المسافة إلى بيتها سيرًا على الاقدام، حملت الأكياس من على الأرض، ومشت في استسلام كانت كل بضعة دقائق تجلس بجانب الطريق لترتاح قليلا وتحمل الأكياس ثانيا وتواصل سيرها حتى رأت امرأة يبدو عليها شعور الروع والهلع تركض إليها وقالت وهي تشير إلى كيس به دواء في يدها:
- ساعديني أرجوكِ ابنتي لا بد لها أن تأخذ ذلك الدواء الآن وإلا ستموت، زاد سعر الدواء دون أن أعلم واضطررت أن أدفع كل الذي معي ولن يتبقى لي شئ أدفعه أجرة للمواصلات وأنا من بلدة أخرى، إن لم أعود الآن سأعرض حياة ابنتي للخطر واستطردت وهي تبكي ساعديني.
رق قلبها لتلك المرأة وتذكرت أن لو كان أعطاها الله ذرية ووضعت في ذلك الموقف كانت ستتمنى ألف من يساعدها ولكن ماذا تفعل والعشرة جنيات التي معها استثناء لجميع المال في العالم فهي عزيزة على قلبها وتعاهدت على أن لا تصرفها مهما كانت الظروف ولكن ضميرها الإنساني جعلها لا تتردد أن تعطيها لتلك المرأة وتنقذ روح بشرية أغلى مافي الكون فتحت الحقيبة أخرجتها وأعطتها لها وهي تقول:
- أسأل الله أن يشفي ابنتك.
أخذتها المرأة في لهفة وقالت:
- ممتنة لكِ كثيرًا.
وركضت إلى حيث تستقل الحافلة
ابتسمت هي ابتسامة رضا كان جوارها شجرة كبيرة جلست تحتها تستظل بها وظلت عبراتها تتساقط في صمت ويعتصرها الحزن حتى رآها شاب يقود سيارة فأوقف السيارة ونزل يعرض عليها المساعدة أن يوصلها إلى بيتها، حين رأها تبكي لم ينتظر ردها وحمل الأكياس إلى السيارة ودعاها لتستقل جواره مسحت عبراتها وابتسمت ابتسامة واهنة وهي تتبعه وتمتن له بعبارات الشكر
أدار الشاب المحرك ثم نظر للطريق وهو يقول:
- يوجد قنينة مياه بالمقعد الخلفي.
أخذتها روت عطشها ووضعتها مكانها فقال الشاب وهو يسوق:
- لا أريد أن أكون متطفل ولكن أود أن أخبرك أن كل مشكلة مهما عظمت في النهاية ستمر بمرور الأيام.
قصت له ماحدث معها بإيجاز وأن تلك العشرة جنيهات تساوي عندها مال العالم قاطبة، نظر لها بجانب عينيه وهو يسوق ببطئ وقال:
- أقدر حزنك ولكني على يقين أن الله سيعوضك خيرًا
صمت قليلًا وأردف:
- اتعرفين كان من المفترض أن أسير في المنعطف الأخر ولكني سهوت ودلفت ذلك المنعطف فوجدتك لأعرض عليك المساعدة لا شك أن ذلك الحدث ليس عشوائيًا.
قبل أن تبادله الحديث
جاء سائق حافلة جوار سيارته وهدئ من سرعته وقال:
- ألا يوجد معك فكة عشرة جنيهات!
- معي
أخرج النقود من جيب بنطاله وأعطاها لها لتعطيها للسائق الذي من جهتها، أعطته النقود وأخذت العشرة جنيهات وجدتها عشرتها المدون بها "أحبك يا ورد وذلك التاريخ ٢١/٣/١٩٨٨"
فضحكت حتى بدت ثناياها وأغمضت عينيها.


*تمّت*


بقلم الغالية: أميرة علام.



[/COLOR][/SIZE][/FONT][/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

التعديل الأخير تم بواسطة مَنفىّ ❝ ; 05-19-2019 الساعة 02:13 AM
رد مع اقتباس