عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-10-2019, 12:18 AM
 

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.arabsharing.com/uploads/154974563964022.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








في ليلة من موسم الصقيع أفزعت الرعود الهائجة كيان الزهرة الصغيرة ، مُطوقةً
جسدها الصغير على نفسها ، خائفة ، فزعة و قلقة !

ما خفف عنها الوحشة صوت التقطيع من قلب المطبخ ! يحملُ سكينًا كبير بكفيه
الواسعين ! ونظرةً جليدية تعلو وجهه ، خطفت نظرةً لظهره وهىّ على حالها بتزامن
مع صوته ، يُناديها :

" تعالي "

حملت نفسها بنظرة خَدِرَة ، مُجردة من المشاعر ، اختفت البهجة المعتادة المتصاحبه
مع هرعها للعشاء كل ليلة .

" كُلي ! "

قال ذلك بلكنةٍ آمرة ! لكنها لم تأكُل ، بقت ساكنة ومتجهمة الوجهَ ، بدت لطيفة !
صغيرة في ربيع العمر ، سريعة التأثر بأقل كلمة أو حركة ، كانت ذلك النوع من الفتيات !

" وماذا عنكَ ؟ "

" لستُ جائعًا ! أنتِ تناولي طعامك لتكبري وتصبحي فتاةٍ جميلة ! "

قال ذلك وهو يأخذ بسيجارةٍ بين شفتيه ويُشعلُها بهدوء ! لم يكُن يظهر ملامح تدلُ
على إصراره فتضايقت لعدم اكتراثه الذي سرعان ما تحول للحزن ! مع أنهُ يعرف سبب
ضيقها لكنهُ لا يُبالي به .

تحرك نحو الثلاجة ، فتحها وأغلقها ثم هم يغادر قائلًا :

" سأشتري العصير وأعود بسرعة ! حين أعود ، أجدكِ قد أكلتِ عشاءك كله ! لن اتأخر "

خرج تحت غمر المطر ليتركها وحدها لعلها تاكُلُ شيءٍ .

أزاحت الطبق بهدوء ووضعت رأسها على الطاولة وهىّ تمُد يديها عاقِدة أصبعاها ،
بدأت تُدندنُ لحن أغنية مستعيدة كلماتها ، لم تكن تدرك معانيها ، إنما أعجبها التناغم
بين الكلمات واللحن !

الحب ، الشوق ، الحنين ، الموت والفراق !

كيف يمكن أن تكون من يحمل ثِقَلِ هذه المشاعر ؟ يبدو الأمر أشبه بشمعة اشتعلت ،
ذابت وفنت ! ولم يبق منها سوى ضوء فاني يجاهد البقاء فيخف مختفيًا .

" أشبه بالموتِ البطيء ! "



انتشلها عبقه المتزامن مع صدى خطواته ليقترب أكثر وأكثر .

" لقد أحضرتُ العصير ، أنتِ تحبين عصير الليمون بالعسل ، تفضلي ! "

قال كلامهُ وهو يفتح العلبة مُقدمًا إياها لها ، بقى يمد يديه نحوها مطولًا ، تحركت بهدوء
تنتشل العلبة منه بعيونٍ غائرة ، بدأت ترتشف ببطء .

كان لاذعًا ، مُحلى في أحيانٍ أخرى ثم تختلف النكهة ! أنهُ حقًا يُشبهُ حُبها !
انسابت دموعها وهىّ تشرب ببطء .

لف بيديه الواسعتين حول أكتافها ، قربها منه ، لم تتردد بحضنه مخفية دموعها ،
أبقى يدهُ اليُسرى حول كتفها وأخرج عُلبة السجائر بالأخرى ، التقط إحداها بشفتيه
مُعيدًا العلبة لجيبه ثم التقط الولاعة وأشعلها بعينين مغمضتين ، نفخ الهواء والسيجارة
ماتزال بين شفتيه .

أشتدت الرياح وعصفت حاملةً أمطارٍ باردة ، نظرت نحوه بعيونٍ باهتة ، بدى مُجردًا
من حنانه المعتاد ! هو لا يبالي بمشاعرها أبدًا ، مَررّ كفه على رأسها وهو يُخلل
أصابعه بين خصلات شعررها البندقي قائلًا :

" سيأتي يومٌ تكتشفين فيه معنى الحب الحقيقي ! حينها ستُدركين إنك لم تُحبي قط
إنما كانت مشاعر إمتنان ! "


رفعت حاجبيها باستنكار ناظرةً نحوه بعينين غائرتين متوسعة على أشدها لتقول بصوتٍ أجش :

" لِمَ تقولُ هذا ؟! "

أجابها وهو يُخمد السيجارة بهدوء :

" لأنكِ ماتزالين طفلة ! "


*تمت*


-BrB-






.
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
رد مع اقتباس