الموضوع: آلت إلى حطام !
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-01-2019, 05:27 PM
 
ذهبي آلت إلى حطام !


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:900px;background-image:url('https://e.top4top.net/p_7994cuws6.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]












مدخل:
كان الأمر برمته مفاجأ..!
أرادت الصراخ ، حاولت جاهدة أن تفضي بمكنونات قلبها بصرخة منبعها قلبها ! لعلها ترتاح.
لكن شتان بينها وبين الراحة !
حتى صرخاتها لم تخرج.. حاولت جاهدة ، لكن لا شيء !




استلقت بين الركام مرهقة حانقة...
ندت تنهيدة من اعماق دواخلها ، وضعت يدها على قلبها
ووجهت نظرها نحو المباني المترامية على جوانبها فامتلئت
مقلتاها دمعا ..
" لماذا.؟" خرجت من بين شفتاها المرتجفتين كهمسة رغم
انها عقدت العزم على اخراجها كصرخة ..
انهالت الدموع التي احتبستها طويلا من عيناها كشلال دفق .. خارت قواها بعد هذا النهار المتعب.
غاصت في ذكرياتها ..





كانت طفلة لا تتجاوز العاشرة عندما تركت حيها الذي غادرته مجبرة لا مخيرة..!



مازالت حتى هذه اللحظة تذكر كيف استيقظت في ذلك اليوم المشؤوم على اصوات الرصاص المدوية ،كيف انها اختبأت في زاوية الحجرة تسترق النظر لما يحدث في الشارع المقابل لها من خلال الزجاج السميك الذي يغطي الحائط المواجه لها ..
مازالت إلى الآن تتذكر كيف عندما هدأت الأصوات قبضت يدا امها الحنون عليها .. كيف دستها في حضنها مستغلة هدوء اللحظة هاربة بها.. كيف وضعتها في السيارة وعادت مع بعض افراد عائلتها لتنتشل أول الملابس التي تقع يديهم عليها من خزاناتهم على عجل ، فلا وقت لتبديده في الاختيار .. مازلت تذكر صوت مفاتيح السيارة وهي تدور ، مازالت تذكر النظرات الاخيرة التي استرقتها لشارعها، الذي بين جدرانه
واحجاره ركبت دراجتها الاولى ،غنت بين مبانيه بأعلى صوتها دون ان تخجل أو حتى تفكر أن صوتها لم يكن جميلاً، لقد كانت هنا تشعرُ بالأمان وبالألفة، لم تظن يوماً أنها ستغادره.
كان الناس مفزوعون كحالهم، الاطفال يبكون بتشتت ، الرصاص.
كانت تذكر الرصاص.
ليتها علمت انها المرة الاخيرة التي سترى فيها حيها هكذا .. ! كانت ستمعن النظر اكثر .. كانت ستودعه ..! كانت ربما ستغني له ولاحجاره للمرة الأخيرة، لكنها لم تعلم !
وها هي الان تراه لكنها لا تراه حقا لم تعهده هكذا مدمر .. عهدته بهي الطلعة جميل الأركان ! اختنقت بغصاتها الان ..!





داهمتها ذكرى اخرى .. ذكرى سعيدة لكن عجباً ! آلمتها !
كانت في الثامنة من عمرها ذراعها مجبرة وضحكاتها تخرج صافية من القلب حتى أن معدتها آلمتها من شدة الضحك ..كانت عطلة نهاية الأسبوع وكانت هي مجتمعة مع اقرانها الصغار في إحدى الألعاب الشقية ..
كانت قد عقدت العزم على أن لا تترك كسر يدها يعيقها عن التسلية ..!
اختبأت في إحدى الشجيرات الساقطة .. كثيفة الورق تعيق الناظر إليها من معرفة إن كان أحد ما مختبئ فيها.. كما تعيق المختبئ فيها عن معرفة مايجري خارج فضائه الصغير..!
تذكرت الآن بابتسامة صغيرة كيف انها علمت ان عليها الاعتماد على حدثها إن كانت تريد الاختباء هنا.. تذكرت كيف انها بيد واحدة هيأت نفسها لخروج خفيف من مخبأها الصغير في اللحظة المناسبة .. أتت اللحظة ! ، فاندفعت بأقصى ماتستطيع أن تؤمنه قدماها الصغيرة ويدها المكسورة من سرعة ..
تذكرت كيف تعالت التشجيعات وهي تقترب من الحائط.. ملامح الدهشة التي كست وجه قريبها الذي كان يبحث عنها في كل مكان دون جدوى فهي قد اختبأت جيداً، عندما باغتته هي .. حاول جاهدا الركض ليسبقها الى الحائط ويكسب الجولة لكن هيهات .. سبقته ولمست الجدار بيدها واطلقت من بين انفاسها المتقطعة صرخة فوز وربحت الجولة .. شعرت يومها بفخر كبير وهي تسمع صرخات التشجيع من اندادها الصغار. ...
قاموا في المساء بتطيير الطائرات الورقية الكبيرة في سماء ذلك اليوم الربيعي ، كانت طائرتها زرقاء وبيضاء مع ذيل ابيض تتبختر به عندما تطير. وقبل ان ينتهي اليوم حفروا اسمائهم على الجدار المذكور.
ارادوه تخليدا لذلك اليوم .
فتحت عيناها لاتذكر متى اغلقتهما اساساً وجففت دموعها براحة يدها صوبت نظرة ناحية مباني حيها مجددا وظنت للحظة صغيرة والامل يعتصر قلبها انها سترى ذلك الجدار مع اسمائهم محفورة عليه .. لكنها لم ترى شيء .




ابتعلتها ذكرى اخرى بسرعة ودون وعي منها تنهدت بألم ،تسارعت وتعالت شهقاتها .. تخدرت اطرافها وعانت من نقص الأوكسجين كما حدث معها في المرة الاولى التي ضرب فيها الخبر اذانها..
كانت تجهز نفسها بهمة للبكالوريا تبقى لافتتاح المدارس شهر وكانت متشوقة للعودة للمدرسة ورؤية صديقاتها .. صديقات العمر كما آمنت .. استيقظت يومها بمزاج معكر وشعور سيء في معدتها كان قلبها غائرا ومنقبضا من لا شيء أو كما ظنت حينها.! .. ذهبت لمنزل اقربائها مع عائلتها لكنها تذكرت كم كانت تشعر وكأنها غريبة.. عجزت عن تفسير سبب حزنها وإحباطها المفاجئ .
كانت تستلقي في شرفة المنزل تراقب النجوم بتمعن .. مازالت إلى اللحظة تذكر صوت امها وهي تنعي بأسف استشهاد اختان .. مازالت تذكر الانتفاضة التي اعترت جسدها بعد الخدر الذي اصابها لثوان ظنتها دهوراً في تلك اللحظة التي ذكرت فيها اسم شقيقة صديقتها كانت معهم في ذات المدرسة ثم الحقتها بأسم صديقتها شعرت وكأن الهواء انقطع من الشرفة فجأة ، قفزت والدموع تنفر من عيناها صارخة "صديقتي .. صديقتي" لم تنسى عندما اكتسى وجه امها الألم لحظة تعرفها على اسم صديقتها. كيف بكت هي ...وكيف بكت امها.. كيف اتصلت مذعورة بصديقتها ولم تجب.. كيف اتصلت بصديقتها الاخرى لتسمع شهقات الاخرى في الجانب الآخر من الهاتف...شعرت بتلك اللحظة أنها تهوي في بحور مظلمة كانت تستطيع تذوق ملوحة مياهه في فمها، لطالما ظنت إن ماتت إحداهن ستكون هي لم يخطر في بالها حتى موت صديقتها .
هي لا تستطيع أن تنسى شعورها في اليوم التالي لما انطلقت مكسورة وحدها، كي تنعي صديقتها إلى مثواها الأخير .


شهدت هي الكثير يحكى ولا يحكى .. كانت الذكريات تتزاحم في اركان عقلها .. اغلقت الباب في وجهها مانعة إياها من جلب مزيد من الألم .


كان منزلها الجميل وحيها الهادئ كله قد آل إلى حطام.
تبدل الأمل في قلبها إلى ألم ..
نهضت بتثاقل رتبت شعرها ،وبخطوات بطيئة غادرت حي طفولتها..




مخرج:

غادرت نفسها القديمة ايضا .. خلفتها وراءها فهي بعد كل شيء شهدته لم تعد هي ذاتها لقد آلت هي نفسها إلى حطام .









[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
Never say That wont happen to me. Life has a funny way of proving us wrong



مدونتي
ماتخبئه لنا النجوم

التعديل الأخير تم بواسطة مَنفىّ ❝ ; 02-15-2019 الساعة 01:27 AM
رد مع اقتباس