عرض مشاركة واحدة
  #315  
قديم 12-16-2018, 01:35 PM
 

[img3]https://d.top4top.net/p_961hp67y2.png[/img3][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://d.top4top.net/p_961n32x88.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

‏[img3] https://e.top4top.net/p_751jj2ws2.gif[/img3]

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://d.top4top.net/p_961n32x88.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]





السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف الحال....


الفصل الجديد بانتظاركم

أرجو لكم قراءة ممتعة


الفصل الرابع والعشرون: { فقدَ أميرته الجميلة }






حلَّ الصّباح على مملكة ساكورادا وبدأتْ الطّيور تملئ الدّنيا صفيراً، وفي مخبأ عصابة النّار حيث كان بيس جالساً على شرفة الطّابق الثالث مع ميتسو الّذي قال: أوه لا أصدق حقاً بأنّ الشّمس قد أشرقت...كنتُ متيقناً بأنّ المطر سيهطل اليوم.
ابتسم بيس وقال: نعم معكَ حق...فقد كانت السّماء في الفجر مليئةً بالغيوم ولكنّها انقشعت الآن.
قال ميتسو بقليلٍ من التردد: س..سيدي، ما الّذي حصل مع تلك الفتاة البارحة؟ هل أطلقتَ سراحها؟.
نظر بيس إليه فجأةً وقال: الفتاة...نعم تلك الفتاة، يا إلهي لقد نسيتُ أمرها تماماً.
يقف بسرعة ويرحل وهو يتمنى بأنّها لم تفتعل المشاكل لكي تستطيع الهروب، وصل إلى السّجن في الطّابق الأرضي وفتح الباب برفق وهو يمدّ رأسه للدّاخل ببطء ليتأكد بأنّها ما زالت في الدّاخل، تنهد بارتياح عندما رآها نائمة على ذلك السّرير الصّغير المهترء.

يبدو عليها التّعب الشّديد...إنّه متأكدٌ بأنّها بقيت طوال اللّيل تحاول إيجاد أي طريقة للخروج، اقتربَ منها ببطئ وبهدوء، وعندما كانت عيناه تدور في المكان بحثاً عن أي شيء ليغطيها به وقع بصره على ذلكَ الشّيء اللاّمع في رقبتها، إنّها قلادة ذهبية غاية في الجمال، يبدو بأنّها مهمّة بالنّسبة لبيا.
قال بيس بصوتٍ منخفض محدّثاً نفسه: سآخذ هذه القلادة منكِ لبعض الوقت...كي أضمن بأنكِ لن ترحلي لأي مكان.
وفي لحظات كان بيس يلعب بتلك القلادة بيده مبتسماً وهو يشرب فنجان قهوته مع ميتسو والآخرين بسعادة.


دخل هانغ إلى سجن بيا حاملاً بيده الطّعام، لم تشعر بدخوله لأنها كانت مشغولة بالبحث عن شيءٍ ما كالمجنونة.
طرق هانغ على الباب وهو يقول: احممم...هذا هو الإفطار، تفضّلي.
التفتت إليه لأجزاء من الثانية ثم عادت بسرعة لبحثها وهي تقول: حسناً ضعه هناك.
وضع هانغ الطّعام على الأرض ورحل بهدوء...ولم تمضي عدّة ثواني حتّى دخل بيس وهو يضع يديه في جيبه وقال: هل تبحثين عن شيءٍ ما؟.

لم تتعب نفسها بالالتفات إليه...بل اكتفت بقولها: لا دخل لك...يمكنكَ الخروج.
ابتسم وقال: هل يمكنني مساعدتكِ بأي شيء؟.
أجابت بملل: بالطّبع لا تستطيع..ارحل من هنا ولا تشغلني.
أخرج تلكَ القلادة من جيبه وقال وهو يلّوح بها: هل يمكن أنكِ تبحثين عن هذه القلادة الّتي معي؟ يا للمصادفة!!!.

التفتتْ نحوه بسرعة وما أن رأت قلادتها بين يديه حتى وقفت بسرعة وأخذت تحاول استرجاع قلادتها ولكن للأسف سحب بيس القلادة بسرعة وأعادها إلى مكانها الآمن "جيبه" ، نظرت إليه بنظرتها القاتلة كالعادة وقالت: أعدها لي أيّها العصابي.
أجابها بلهجته المستفزّة المزعجة: توقّفي عن النّظر إليّ هكذا...وما قصّة هذا اللّقب المزعج؟.

صرخت بقوّة وبغضب وهي ترفع يدها لتضربه دون أي شعور بالخوف: أعد لي قلادتي أيّها الوغد.
ابتسم بيس وقال: أُفضّل العصابي أكثر من الوغد.
ثم عاد للخلف ليصل إلى باب الغرفة بحركة ماهرة و قال: كنتُ أودّ أن أعطي هذه القلادة لزوجتي....إذاً هل تقبلين الزواج بي؟.
وقفت في مكانها وبدأت تُعيد تلكَ الخصلات المتمرّدة من شعرها إلى مكانها وقالت: سأعتبر بأنّني لم أسمع ما قلته للتو، وأعد إليّ قلادتي حالاً.
تنهد بيس بقوّة ونظر إلى عينيها بحزن ثمّ قال: حسناً لا بأس، سأُعيد لكِ القلادة إن توقفتي عن الصّراخ وقضيت بعض الوقت معي.
أجابت باستغراب وهي تضع يديها على خصرها: ماذا؟ ما الّذي تقصده "بقضاء الوقت معك" ؟.
قال بيس وهو يستند إلى الحائط: الأمر بسيطٌ للغاية، سنذهب معاً لتناول الإفطار ثم نتجول في الحديقة ثم نذهب للسوق لشراء بعض الأشياء وعند عودتنا نتناول المثلجات، وفي المساء نذهب لحضور الحفل المسرحيّ في المدينة.
تتكتّف بيا وتضحك بسخرية ثم تنظر إليه وتقول: هي يا هذا....هل تظنني خادمتك أو ما شابه؟ اغرب عن وجهي.
يهز كتفيه وهو يقول: كما تريدين سأبقى على فكرة إعطائها لزوجتي، إن غيرتِ رأيكِ فلن تجديني هنا، وداعاً.

تمطّ بيا شفتيها بغضب بعد أن خرج بيس وأقفل الباب خلفه، ثم تجلس على الأرض وتنظر إلى ثيابها المتّسخة وشعرها الّذي يبدو كالمكنسة، كيف وصلت إلى هذه الحالة؟ ما الذي ستفعله الآن؟ كيف ستخرج من هنا؟.

أثناء تفكيرها بكل هذا لم تستطع منع تلكَ الدّمعة من أن تذرف بلطف على خدّها المحمّر، وبعد عدّة ثواني لم تجد نفسها إلا والدّموع تملأ عينيها وتستعد للخروج، تذكّرت كلام والدها للحظات 《خذي هذه عزيزتي...ستحميكِ هذه القلادة من كل خطر ستواجهينه أثناء طريقك، ستجوبين العالم..سيكون الدّرب طويل أمامك، من السّماء للأرض ومن الأرض للسماء لن تبقي شبر واحد على هذه الأرض إلا وستبحثين به، وعندما تصلين إلى غايتك لا تنسي بأن توصلي تحياتي إليها، ولكن أهم شيء سأقوله لكِ اليوم هو أنكِ لا يجب أن تضعفي...ابقي قوية كما عهدتكِ دائماً، لا تستسلمي أمام أولئك الذين يستغلوك..ابقي صامدة حتّى النهاية》

مسحت دموعها ووقفت بثقة وهي تنظر نحو الباب بغضب لتتخيل بيس واقفاً أمامه، يغلي الدّم في عروقها من شدّة كرهها لذلكَ العصابي فتجري بسرعة لتضرب الباب بقدمها، ومن حسن حظ الباب أن ميتسو المسكين تلقى هذه الضربة بدلاً عنه بعد أن فتح الباب ودخل، فسقط على الأرض وأغمي عليه من شدّة قوّة الضربة وبقيت بيا واقفة مكانها وهي مصدومة من تلكَ القوة التي خرجت منها للتّو على الرّغم من أن قواها كانت خائرة.


اوه الباب مفتوح...وميتسو على الأرض مغميٌ عليه، ولا يوجد أحد في الممر، إنّها الفرصة المناسبة للهرب، كانت بيا تحرّك عينيها في المكان بين ميتسو والباب...هل تخرج أم تساعده؟ إن لم تخرج الآن فلن تجد فرصة ثانية كهذه، ما الذي تفكّر به الآن؟ لماذا عليها مساعدة هذا الأحمق؟ على كل حال فهو سيء ويثير الفوضى في كل مكان، كاد رأس بيا أن ينفجر وهي تفكر بكل هذه الأمور.

هزت رأسها بقوّة لتخرج المزيد من تلكَ الخصلات البرتقالية وتقف بشكلٍ مضحك، ثم ذهبت مسرعة نحو ميتسو وحملته بكل ما لديها من قوة ولكنها لم تستطع، خرجت لترى إن كان هناك أي أحد في المكان ليساعدها، ولكنها لم تجد أي أحد، لمحت المطبخ في نهاية الرّواق فذهبت إليه مسرعةً وهي تقول بغضب: أين ذهب الجميع الآن؟.
أخذت قدراً صغيراً من هناك وملأته بالماء ثم وضعته على النّار ليفتر، أثناء ذلك كانت تبحث عن أية قطعة قماش ولكنها لم تجد شيء، تنهدت بقوة وأخذت الماء وعادت إلى ميتسو، دخلت إلى غرفة السجن وتفاجئت بأنّها فارغة..بحثت داخل الغرفة قليلاً وعندما لم تجده قررت أن تبحث عنه في الخارج، التفتت لتخرج ولكنها اصطدمت بشخص ما، رفعت رأسها وتفاجئت بميتسو يقف أمامها.

عادت للخلف بضع خطوات وهي تقول: هل أنتَ بخير؟.
ابتسم بسخرية وقال وهو يدخل ببطئ: بخير؟ هل أنتِ تسأليني إن كنتُ بخير بعد أن ضربتني تلكَ الضّربة؟ ما الّذي سأفعله بكِ الآن يا ترى؟.
وقفت مكانها بثقة في منتصف الغرفة وقالت: لم أكن أقصد أن أضربك حقاً، لقد فتحتَ الباب فجأة.


لمعت عينا ميتسو ببريقٍ غريب وقال وهو يعبث بشعره الأسود كالفحم: نعم..أنا أصدقكِ حالياً، ولكن لا أظن بأن شعوري هذا سيبقى كما هو بعد قليل.
نظرت إليه بغضب ومطّت شفتيها وقالت: هي...ما الذي تقصده؟ تكلّم بوضوح.
أخرج من جيبه خنجراً صغيراً وبدأ يلوّح به في السّماء وهو يبتسم ابتسامة الثعلب، عادت بيا للخلف بعد أن رأت الخنجر في يده إلى أن التصقت بالحائط، فاقترب أكثر وأكثر وهو يقول: لا أعلم إلى الآن لِمَ يُبقي سيدي على حياتك، كان يجب أن يقتلكِ منذ زمن ولكن لا بأس سأتولى هذه المهمة عنه.

رفع الخنجر إلى السّماء مستعداً للقضاء عليها بعد ان أصبح قريباً منها بما فيه الكفاية، أغمضت بيا عينيها وهي تشعر بشيء غريب يمنعها من الحراك، لقد تجمدت قدماها والتصقت بالأرض، هل ستكون هذه هي نهايتها؟ هل ستموت بهذه السّهولة؟، كلا...هناك الكثير من الأمور التي لم تقم بها بعد، عليها المقاومة.

كادت أن تفتح عينها لتجد مكاناً مناسباً للهرب ولكنّها سمعت صوت ضربة قوية ثم صوت سقوط أحدهم على الأرض، فتحت عينيها ببطء شديد خوفاً من الّذي حدث للتّو، وتفاجئت بذلك العصابي يقف أمامها مبتسماً وهو يلوّح لها بيده ويقول: هييي مرحباً..هل أنتِ بخير؟ هل اشتقتِ لي؟ اوه لا تقلقي لقد عدتُ الآن.
نظرتْ للأرض لترى ميتسو مغمي عليه، رفعت رأسها ونظرت إلى بيس بغضب وقالت بنبرة حادة: أين كنتَ أيّها الأبله؟ ألا تعلم ما الذي كان سيفعله خادمكَ الأحمق هذا؟.
نظر إليها بنظرة مستفزّة وقال وهو يرفع أحد حاجبيه: ماذا؟ هل كنتِ خائفة؟ هل يا ترى كنتِ تبحثين عن أحد ما؟ هل يا ترى كنتِ تبحثين عني؟.

تكتّفت وضحكت بسخرية وقالت وهي تمشي حوله: أنا؟ خائفة؟ يبدو بأنكَ تتوهم....فقد كنتُ خائفة ولكن ليس علي بل على خادمك الأحمق.

ثم أبعدت خصلات شعرها من أمام عينيها وقالت بغرور وهي تلوّح بيدها نحو الباب: هيا بسرعة أخرجه من هنا..واخرج أنتَ أيضاً من بعده، ولا تعد.
استند على الحائط وقال وهو يلوّح بقلادتها: هل تعلمين بأنني أنقذتُ حياتكِ للتّو، أنتِ مدينة لي.
تثائبت بملل وقالت وهي تفرك عينها: اااااه أنا أريد أن أنام الآن، اخرج من هنا حالاً.
ثم اتّجهت نحوه واقتربت منه لتهمس في أذنه: أن ترسل أحد خدمك ليهددني بالقتل ثم أن تنقذني من أحد لا يريد أذيتي حتى..أمرٌ غبي حقاً، ودليل على أنكَ خائف...مني.

ابتعدت عنه وهي تنظر إلى عينيه بقوة وتعض على شفتيها كالأطفال، ثم أمالت رأسها قليلا وقالت بابتسامة مستفزة: ألن تخرج وتأخد هذه القمامة معك؟.
تنهّد بيس وخرج من هناك وهو يجرّ خلفه ميتسو بالإضافة إلى ذيول الذل والهزيمة، لقد شعر بالغباء الحقيقي لأول مرّة في حياته: ( كيف اكتشفتْ الأمر؟ ألم يكن تمثيل هذا الأحمق جيّداً بما فيه الكفاية؟! يالسّخافة)

واااااااااااااو هذا راائع، هل هناك أي أحد آخر يشعر بشعور هذا المسكين الآن؟ لا أظن هذا ولكنني لا أظن بأن هناك أحد لا يعلم ما سيحصل لميتسو الآن...يا ترى هل سيبقى على قيد الحياة؟.


^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
^^^^^^^^^^^^^^^^^
^^^^^^^^^^^


* كم هو جميلٌ تعلّقي بك، عندما يذوب قلبي أمام ابتسامتك، وأنا أراقبها من ظهورها إلى زوالها لعلّي أعلمُ سبب كونها النّور الّذي ينير لياليّ الدلماء*





إنّها جالسة على الأرض بمقابلة الباب، على الرّغم من مرور يومان على حادثة ميتسو إلّا أنّ ذلكَ العصابي لم ياتي لرؤيتها أبداً، أخذت تفكّر بطريقةٍ للخروج من هناك عندما فتح أحدهم الباب، ابتسمتْ وبرقت عيناها كأنّها وجدت أملاً في النّجاة ولو كان ضئيلاً، لقد كانت فتاة بشعرٍ بنّي قصير وعينين بنفس اللّون تبتسم بلطف وهي تحمل أطباق الطّعام في يدها، إنّها أول فتاة تراها بيا هنا، من هي يا تُرى؟.

وقفت بيا وانتظرت تلك الفتاة لتدخل ثم تغلق الباب خلفها، ابتسمت وقالت وهي تحاول أن تعدّل من ملابسها: مرحباً.
لم تتحرك ابتسامة الفتاة من على شفتيها عندما تقدّمت نحو بيا ثم سحبتها لتجلسا على ذلك السّرير الصغير وقالت بعد أن وضعت الطعام على الأرض: مرحباً، أنا اسمي ماري، كيف حالكِ؟.
وضعت بيا يدها خلف رأسها وقالت: واضحٌ أنني لستُ بخير، ولكن من أنتِ؟.
أجابت ماري: أنا؟ أنا عضوةٌ في هذه العصابة، لمَ تسألين؟.
نظرت بيا إلى ماري بنظرة يشوبها الشّك وقالت: هل حقاً أنتِ من العصابة؟ إن كنت هكذا حقاً فأنتِ فتاةٌ حمقاء تعتبر شخصاً أكثر غباءً منها سيداً لها، لكي تقتل الناس وتدّمر سعادة الآخرين.

ضحكت ماري ونظرت إلى سقف الغرفة بكلّ هدوء ثم قالت: هذا مضحك أليس كذلك؟.
تكتّفت بيا وقالت بشيءٍ من الغضب: ما هو؟ تكلّمي بوضوح.
تنهدت ماري ووقفت لتمشي بشيءٍ من التّرنح نحو تلكَ النافذة الصغيرة الّتي تحجب ذلك الأفق البعيدوبيا تراقبها بعينٍ حذرة، وصلت أسفل النافذة و أمسكت قضبان الحديد بيديها النّاعمتين وقالت: لقد كنتُ تلك الفتاة التي تتخيلينها بعقلكِ حالياً.

لفتت هذه الجملة انتباه بيا بأكمله وجعلت جميع حواسها مرتكزة على ما سيخرج من فم ماري في أيّة لحظة، عمَّ الهدوء على الغرفة لعدّة ثواني لتتابع ماري كلامها: كنتُ مجرمة...كنتُ قاتلة...كنتُ سارقة...كنتُ محتالة...كنتُ أعذّب الناس وأجعلهم يتمنون الموت كلّ يوم، كنتُ كل هذا قبل أن ألتقي بيس، لقد غيّرني.

تضحك بيا بسخرية وتقول: ماذا!!! هل تقولين بأن ذلك العصابي غيّركِ من مجرمة إلى مجرمة ولكن على أسوأ؟.
تهز ماري رأسها وتقول بعد أن أعادت النظر في عينيّ بيا: كلا...فأنا لم أعد مجرمة و هو لم ولن يكون مجرماً في حياته، فظاهرياً يبدو لكِ بأنّه يسرق وينهب ويقتل ويعذّب ويفعل جميع أنواع الجرائم، ولكنّه في الحقيقة شخصٌ مختلفٌ تماماً، يسرق من الأغنياء الفاسدين ويقتل المجرمين الذين يعيثون فساداً في البلاد، وهؤلاء الّذين كانوا في السّجون الّذين أطلقتِ سراحهم لقد كانوا هاربين من سجون المملكة، ههههههه أنتِ حقاً غريبة...ألا يمكنكِ رؤية ذلك البريق في عينيه وألا يمكنكِ الشّعور بكلماته النّابعة من القلب؟، على كل حال...هو لم يرسلني إلى هنا لكي أخبركِ بكلّ هذا، فقط أراد منكِ أن تتناولي الطعام وفكّر بأنّه ربما ستتناولينه إذا أحضرته أنا.

تنهدت ماري بعد أن أنهت كلامها ووقفت باستقامة مستعدّة للرّحيل ومشت بضعَ خطواتٍ إلى أن وصلت إلى الباب، التفتت نحو بيا قبل أن تذهب وألقت تلك الجملة التي هزّت كيان بيا بأكمله: إن كان مجرما لكنتُ في عداد الموتى منذ زمن، وأنتِ أيضا كذلك، أوه...نسيت أن أسألكِ، هل تودّين البقاء في غرفتي؟.
~~~~~~~~
~~~~
~~

في وسط تلك العاصفة من المشاعر التي تدور داخلكَ، هناك دائماً صوت بعيد يحاول الدخول إلى قلبكَ والعيش داخل جدرانه، إنه ذلك الصوت الذي تتمنى بألاّ تسمعه في حياتك...إنه ذلك الصوت الذي يدمر كبريائك...إنه ذلك الصوت الذي يجعلك تحلًق دون أجنحة، تشعر بعظمةٍ غريبةٍ...لا تستطيع النوم...كأنكَ سُحرت بسحرٍ ملعون، في كلّ ليلة تبدو السّاعات وكأنها ثواني وأنتَ تسمعُ ذلك الصّوت يرن داخلك، ذلك الصوت الدافئ يذكّرك بكل شيء رأيته..عينيها..شعرها..خدودها..ابتسامتها، تسرح في خيالك وتذهب في رحلة طويلة لا عودة منها...
إنه صوت نبضها....
♡♡♡♡♡



مرّت ثلاثة أيّامٍ أخرى ولا أثر لبيس داخل المقر.

انتشرت أشعة الشمس في جميع أنحاء المملكة عند السّاعة الثانية عشر، في الوقت الذي كان فيه الناس منشغلين بأعمالهم، كانت بيا تجلس في غرفة ماري على الشرفة وهي تسرّح شعرها ويبدو بأنها غارقة في تفكيرٍ عميق، كانت تنظر إلى السّماء بعينين مليئتين بالحزن، وتهزُّ قدمها اليمنى بسرعةٍ و توتر.


وفجأةً فتح أحدهم الباب فدخلت بيا بسرعة لمعرفة الزّائر الغير مرحب به في هذا الوقت، لقد كان رئيس السجن المزعج هانغ، نظرت إليه بغضب وهو يقف في منتصف الغرفة ويلهث بشدّة، نقل بصره في أنحاء الغرفة وقال: أين...هههه...هي ههه ماري..ههه؟.
أجابته بيا: لا أعلم، لقد خرجت مبكراً جداً ولم تعد إلى الآن، لماذا؟ ما الذي حصل؟.
ابتسم هانغ بسعادة كبيرة وقال بصوت متقطّع والفرحة تخرج من عينيه: لقد عاد بيس، وهو بخير باستثناء بعض الجروح البسيطة، وقد أعاد معه عزيزنا الصّغير يوكين.
قطّبت بيا حاجبيها باستغراب وقالت: لماذا؟ أين كان؟ ومن هو يوكين هذا؟.

تنهد هانغ بملل وقال: لن أستطيع أن أشرح لكِ الآن، انزلي للأسفل فالجميع هناك.
ثم خرج مسرعاً ليبحث عن ماري تاركاً خلفه بيا بتلك الابتسامة الشّريرة التي تقول بشكلٍ واضح "سأهرب الآن بعد الحصول على قلادتي"، بدّلت ملابسها بسرعة وبدأت بالنزول من الشرفة ببطء ومهارة كي لا يشعر بها أحد.

~~~
~~

قطّب ذلك الشاب حاجبيه بشدة وهو يحدّث ذلك الأحمق الذي يقف أمامه، كان يمشي بسرعة وبغضب إياباً وذهاباً في ذلك المكان المليء بالأشجار وصوت النهر الّذي يعكس أشعة الشّمس على سطحه ليرسم لنا مشهداً تذوب له القلوب عندما تراه الأعين.

قال صاحب الشعر الأسود الفاحم بحدّة: هل فقدت عقلك؟ كيف تذهب إلى هناك وتُحدث كلّ تلك الجلبة؟.
تنهد الشخص مقابله بقوّة وفرك عينيه الخضراوتين بشدّة قبل أن يفتحهما على آخرهما ويقول: اوووووه هل أنتَ أرول حقاً؟ لا أصدق هذا.

ثم مدّ يده ليفرك شعر أرول بمرح وقال: لقد كبر أخي الصغير وأصبح شاباً يغضب مني ومن تصرفاتي ويُعاتبني عليها أيضاً.
أمسك أرول من معصم بيس وأنزل يده ليقول بجدية: أنا لا أمزح أخي...لماذا أعدتهُ إلى هنا؟.

تحولت ملامح بيس للجدية فجأةً وقال: لأنه عزيزي الصّغير يوكين...وهذا هو مكانه.
يبتسم أرول بسخرية ويقول: تشه...هذا هو مكانه؟!!!؟؟، أنتَ الذي أجبرته على البقاء معنا لنصف سنة، والآن بعد أن رحل أعدتهُ مرّة أخرى، ما الّذي تحاول فعله بحق؟.
رفع بيس رأسه نحو السّماء وقال: وأنتْ؟ ألا تريده؟ ألا تتمنى بأن يبقى معنا؟.
أجابهُ أرول بسرعة دونَ تردد: كلا، لا أريد أن يبقى هذا الطفل معنا هنا، إنه مزعج.
يضحك بيس ويقول وهو ينظر في عينيّ أرول: أنتَ كاذب...أنا أعلم بأنكَ تُحبّ هذا الطفل المزعج أكثر مني حتى، ولكنني لا أفهم لماذا ترفض فكرة بقائه معنا!!!ولكن لا تحاول، فأنا لن أتخلى عنه ولن أسمح لأحد أن يأخذه مني...لو كلّفني الأمر حياتي، هل تفهم؟.
يصرخ أرول بحدّة وهو يضغط على قبضته: كلا، لا أفهم ولن أفهم.
تذكر فجأةً بأنّه يقف أمام شقيقه الكبير ورئيس العصابة، تمالك نفسه وقال: نعم أنتَ محق، أنا أحب ذلكَ المزعج ولذلك لا أريده أن يبقى معنا هنا، لا أريده أن يعيش الحياة التي عشناها أنا وأنت، لا أريد لتلك البراءة التي في عينيه أن تختفي كما حصل معنا بعد أن شاهدنا كل تلك المشاهد، لقد تعلّمنا القتل والتدمير منذُ الصّغر وهذا ما دمّر حياتَنا، لا أريد أن يحدث هذا معه، لا أريد.
قال أخر كلمتين بصوت متحشرج وهو يضغط على قبضته أكثر فأكثر، ولم تمر عدّة ثواني إلا وقد وجد نفسه بين أحضان أخيه الذي عانقه بشدّة وقال: أيّها الأحمق، لماذا لم تقلْ هذا منذ البداية؟، لا تقلق..لن يحدث شيء ليوكين، على الرّغم من أن أبي قد دمّر حياتنا إلاّ أنني لن أسمح بأن يحدث هذا مع يوكين، ألا ترى بأنني قد غيّرت كلّ شيءْ، لقد غيّرت كلّ شيءٍ كان يفعله أبي، إنّ العصابة الآن مكانٌ أجمل، وأفضلُ مكانٍ يمكن ليوكين أن يبقى فيه، ليس هناك داعٍ لكي تُتعب عقلكَ بالتفكير بهذا الأمر، كل شيء سيكون بخير، هل اتفقنا؟.....أرول؟.
قال أرول الذي كان يتنفس بصعوبة: أيّها الزّعيم سأموت.

ينتبه بيس إلى أنّه يعصره بدلاً من أن يضمه، يتركه ويقول وهو ما زال ممسكاً بكتفيه: هل أنتَ بخير؟ أنا آسفٌ حقاً.
يضع أرول يده خلف رأسه ويقول: لا بأس بذلك أخي.
يبتسم بيس ويعود ليعصره بيديه ويقول: حقاً؟ إذاً يمكنني أن أفعل هذا متى ما أريد.
يصرخ أرول وهو يضحك: اااه بيييييس..اتركني، أنتَ تؤلمني.
بيس: إذا لماذا تضحك أيّها الأحمق؟؟؟.
تتّسع عينا أرول وهو ينظر نحو مقر العصابة ويقول: الفتاة... الفتاة البرتقالية، إنّها تهرب.
يتركه بيس فجأةً ويلتفت بسرعة ليرى بيا وهي ما زالت تحاول النزول بتلكَ الستائر البيضاء، لقد كانت تبتسم..ومن الواضح أنّها كانت تستمع لهما لأنّه ما أن توقفا عن الكلام حتّى توقفت مكانها دون حراك وهي تنتظر أن يرحلا.

شعرت بشيءٍ غريب، التفتت ببطءٍ حيثُ كان بيس وأرول ولكنّها لم تجد أحداً هناك، تنهدت بقوّة و عادت لتهبط ببطء ولكنّها تجمدت في مكانها عندما سمعت صوته يقول: هل تبحثين عني.
نظرت لمصدر الصوت أسفلَ قدميها لترى بيس واقفاً مع أرول، هذان المزعجان كانا ينظران إليها بابتسامةٍ مستفزة، عمّ الصّمت لفترة بقيت بها الأعين على تماسٍ مباشر مع بعضها إلى أن حرّك أرول شفتيه ليقول: هل يمكنني أن أسأل سؤال؟ ما الّذي تفعلينه هناك؟.
ابتسمت بيا بغباء لتقول: هههههههه أمارس هوايتي.
وضع بيس يده على فمه ليمنع نفسه من الضحك ولكن بدون فائدة، لأن الجملة التي قالها أرول جعلته يغرق بالضحك.
أرول: يبدو هذا ممتعاً ولكنّي أعلم بأنّه صعب للغاية، أتشرّف بأن أكون تلميذك النجيب لتعلّم هذه الرّياضة ال....الغريبة.

قطّبت بيا حاجبيها لتقول: هذا ليس مضحكاً.
توقف بيس عن الضحك ورفع رأسه نحوها وهو يبتسم وقال: هل تريدنني أن أقتله؟؟؟ إنّه مزعجٌ حقاً.
ابتسمت بيا بسخرية وقالت: ما رأيك أن ترحل وحسب، فأنتَ أكثر ازعاجاً منه.
امتلأ المكان بصوت ضحك أرول الذي بدأ بالتّراجع للخلف وهو يُلوّح بيده ويقول: هههههه تم قصف الجبهة بنجاح، أهنّئكِ زوجة أخي.
ثم بدأ بالهرولة للدّاخل وأكمل: إلى اللّقاء، سأذهب لأرى يوكين.
صرخت عليه بيا من الأعلى: من تنادي بزوجة أخي أيّها الأحمق، سأقتلك إن رأيتك مرةً أخرى.
بيس بهدوء: اهدأي قليلاً وإلاّ ستقعين.
نظرت إليه بغضب وبعيونٍ ثاقبة وقالت: هذا ليس من شأنك، لا دخل لكَ إن سقطّت أم لا.
ابتسم بيس وأجابها: نعم هذا ليس من شأني، إذاً..هل ستبقين هناك في الأعلى؟؟.

قطّبت حاجبيها وأجابت: هذا أيضاً ليس من شأنك، أحمق.
ثم بدأت بالصعود مرة أخرى وهي تندب حظها التّعيس، ففي النّهاية هي لم تستطع الهروب والحصول على القلادة أي أنّها لن تستطيع الخروج من هذا الجحيم، بينما بقي بيس مكانه وهو يراقبها إلى أن اختفت داخل الغرفة ثم تنهد بقوّة وقال بصوتٍ خافت: ااااااه لماذا أنا إلى الآن أُبقي هذه الفتاة هنا؟؟؟ لماذا لا أدعها ترحل وحسب؟ هل..

سمع فجأةً صوت أحدهم يتسلل إلى أذنيه بقوّة على الرّغم من رقته: هي أيُّها الأحمق، ألم تكتشف الأمر بعد.
التفت إلى مصدر الصّوت ليرى ماري وهي تقف على بعد متر واحد عنه، تقدّمت نحوه وقالت: أهلا بعودتكَ لنا سالماً، إذاً ما الّذي كنت تقوله قبل قليل؟؟.
ابتسم ووضع يده خلف رأسه وقال: وأنا أيضاً سُعدت برؤيتكِ مرّةً أخرى.
أمسكت خصلةً من شعرها البنّي وقالت: لقد قصصته، هل أعجبك؟.
رفع إبهامه وضمّ قبضته بسعادة وأجابها: نعم، إنّه رائع.
ابتسمت وقالت وعينيها تبرقان: إذاً...هل كنتَ تتسائل عن سبب بقاء بيا هنا حتّى الآن؟.
رفع بيس حاجبيه بدهشة مصتنعة وقال: أوه متى قُلت هذا؟!؟! أنا لا أذكر.
قطّبت ماري حاجبيها وقالت: عجباً أيّها الزعيم؟؟!..هل كنتَ تنسى بهذه الّسرعة؟؟.
يدير ظهره ويقول: سأذهب لأرى يوكين.
تفتح عينيها على آخرهما وتقول بدهشة: يوكين؟؟هل هو هنا؟ متى جاء؟.
يلتفت إليها بسرعة ويقول: هييي ألم تعلمي بعد؟ لقد وجدته وأحضرته إلى هنا مرّةً أخرى وهذه المرّة إلى الأبد.
جرت بسرعة وقفزت فوقه وقالت وهي تعبث بشعره: أنت هو الأفضل أيّها الزعيم.
ضحك وقال وهو يدفعها نحو الداخل: أعلم هذا، هيا اذهبي أنا متأكد بأنّه يبحث عنكِ الآن.
ما أن أنهى بيس كلامه حتى بدأت ماري بالجري نحو المقر وهي تصرخ: شكراً لك، وأيضا بيا هنا لأنّكَ تحبها....هذا ما كنت أودّ قوله، والآن حان دورك اذهب وأخبرها بما لديك، بالتّوفيق.

تنهد بيس وقال بحنق شديد: تلك المتهورة، ما كان يجب عليها أن تصرخ هكذا، ترى هل سمعها أي أحد آخر؟؟!! اااااه سأُجن.
~~~~~~~~
~~~~
~~

رمت بيا نفسها على السّرير وهي تشعر برغبة قوية في ضرب أحد ما الآن حتّى الموت، والأفضل أن يكون هذا الأحد هو بيس، تذكّرت يوكين، من هو هذا الطفل يا تُرى؟ ولماذا الجميع يحبّه هكذا؟، تقلّبت حول نفسها عدّة مرات إلى أن وقفت وقالت بحزم: حسناً....سأذهب لآراه.


أصواتٌ عديدة تتدافع من كل مكان، على الرّغم من أنّها كانت تُصدر صوتاً قوياً أثناء نزولها من السلالم ولكن أصوات الضحكات والأحاديث طغت على كل شيء آخر، وصلت بيا إلى الطّابق الأول حيث كان الجميع هناك يحتفلون ويضحكون بقدوم يوكين، وقفت مكانها أمام الباب وهي تشاهد بلهفة ما يحدث، لمحت أرول جالساً على طاولة الطعام العملاقة وبحضنه يجلس طفلٌ صغير بشعر أبيض وعينين زرقاوتين، يبدو أنّه يوكين فقد كان الجميع مجتمعاً حوله وهم يلاعبونه بسعادة، بحثت عن بيس ولكنّه لم يكن هناك...اوه نعم ماري أيضاً ليست هنا، وفجأةً تلمح ذلك الشيء، تُخرج لسانها لتمسح به شفتيها وهي تنظر إلى ذلك الطّبق الكبير على طرف الطاولة، تقدّمت ببطء وجلست على أحد الكراسي أمام الطّبق وبدأت بتناول حبات الكرز بسعادة كبيرة دون أن يشعر بها أي أحد.


وبعد مرور عدّة دقائق ترك الجميع الطّعام وذهبوا إلى منتصف الغرفة وعيون بيا تراقبهم وفمها ما زال يعمل، تجاهلتهم وعادت لتكمل عملها وفجأة سمعت صوتاً ناعماً لطيفاً يقول: إنها أختي ماري.
التفتت بيا لترى يوكين وهو ينظر إليها بابتسامة بريئة ولكن عندما رأى وجهها زالت تلك الابتسامة وحلّت مكانها علامات تساؤل واستغراب، وفي تلك اللّحظة وصلت ماري وخلفها بيس فالتفت يوكين إليهما ثم بدأ ينظر إلى الجميع حوله بتساؤل، وكأنه يودّ أن يعلم منهم من هي هذه الفتاة، لقد كان الجميع يبتسمون له وكأنّهم يقولون إنها معنا وأنّها جيدة، وأخيراً عادت تلك الإبتسامة إلى وجهه وجرى نحو بيا وهو يقول: أختٌ جديدة..هذا رائع.
وصل إليها وعانقها من قدميها، لم تدري بيا ماذا تفعل فجلست على الأرض وعانقته أيضاً وهي تنظر نحو بيس بتساؤل، أوه بيس...كان واقفاً في مكانه يضع يديه في جيوبه ويبتسم تلك الابتسامة المستفزة التي تكرهها بيا كثيراً، ترك يوكين بيا وجعلها تجلس على الأرض ثم جلس في حضنها وقال بلطف: اوه لقد أصبح لي أختان جميلتان الآن، أتعلمين..لقد حفظت وجوه جميع أولئك السّارقين الذين كانوا يسرقون من الميتم، ما أن أراهم سأصرخ هكذا انظري.
ثم وقف أمامها وباعد قدميه عن بعضهما ثم ضم ذراعية وصرخ: ها هم الأوغاد، اهجموا عليهم ومزقزموهم.
غرق الجميع في الضّحك بينما بقي يوكين واقفاً مكانه وهو يقول: ماذا؟ لماذا تضحكون؟.
قرصته بيا من وجنتيه وهي تقول: أظن بأنّكَ كنت تقصد مزقوهم، أليس كذلك؟.
ابتسم وأجابها برقّة: نعم مزقوهوهم.
وعاد الجميع للضحك بسعادة مرة أخرى، كانت بيا مرتابة بأمرهم حقاً، على الرّغم من أنّ أشكالهم مخيفة ويبدون حقاً كأفراد عصابة ولكن....


تصرّفاتهم...معاملتهم لها...ضحكاتهم...قلوبهم... مشاعرهم اللّطيفة التي اخترقت قلبها، هل هذا حقيقي؟ كيف يمكن لشيءٍ كهذا أن يحدث؟ هل هي تتخيل أم أنّ ماري كانت محقة؟ هل هم لطيفون هكذا دائماً؟ وخاصّة ذلك الذي يُدعى بيس...هل يا تُرى..

جرى يوكين نحو بيس وهو يصرخ: أخي بيس...دعنا نتجول في القرية.
ما أن وصل يوكين وأصبح عند قدميّ بيس حتى ضربه بيس ضربةً خفيفةً على رأسه الصّغير ذاك وقال بغضبٍ مصتنع: ألم أخبرك بأن تنادني أبي أيّها الصغير؟.
يمسح يوكين على رأسه بيده ويقول: آسف أخي..أقصد أ..أب..أبي.
ابتسم بيس ورفرف قلبه عندما سمع تلك الكلمة تخرج من شفتيه الصّغيرتين، فحمله ورفعه بيديه ليقول: حسناً، دعنا نتجول في القرية.

أنزله ثم أمسك بيده الناعمة وقال وهو يخرج: سأذهب مع يوكين قليلاً، إن جاء ذلك الشّرطي الأحمق أخبروه بأنني نفّذتُ وعدي وأحضرت يوكين إلى هنا مرةً أخرى.
زلزلَ المكان عندما انتشر ذلك الصوت الهادر في أرجائه قائلاً: ما رأيك أن تخبرني أنتَ بهذا ولكن في السجن؟.
التفت الجميع بمن فيهم بيا نحو ذلك الشاب الوسيم الجالس على حافة النّافذة وهو ينظر إلى الجميع بنظرةٍ غاضبة، ابتسم بيس وقال وهو يشدُّ على يد يوكين برفق: يبدو بأن حس الفكاهة لديك تحسّن سيد هيجي أوبروي.
نزل هيجي على قدميه بقوّة ثم عدّل سترته السوداء وقال وهو يحدّق بيوكين: مهما تحسّن حسي الفكاهي فلن أستطيع التغلّب عليك أيّها المجرم بيس بوي.
ضحك بيس بسخرية وأجابه: كلا فيبدو بأنك ستتغلب عليّ بكلماتك هذه.
التفّ يوكين بيديه على قدم بيس والتصق بها وهو ينظر إلى هيجي بعينين تغمرهما البراءة وقال بصوتٍ عالٍ: أريد أن أبقى مع أخي بيس.
التقت أعين هيجي المشتعلة مع أعين بيس المستفزة ودارت بينهما حربٌ صامتة قطعها الثاني بقوله وهو يربّت على رأس يوكين: أبي أيّها الصغير...أبي، وبالنّسبةِ لكَ أيّها الشرطي النّبيل فقد رأيت بعينيك أن يوكين يريد البقاء معي، لذلك ارحل من غير مطرود.
أجابه هيجي بحزم وشكيمة وهو يقترب منه أكثر: يوكين صغير على أن يتّخذ قراراته بنفسه لذا الشرطة هي التي تتحكم بمصيره، أي أنني لن أخرج حتّى لو طردتني، لذلك دع يوكين يعود معي بسلام، لا أريد أن أفتعل المزيد من المشاكل بسبب هذه القضية.

عاد بيس ليبتسم بسخرية وقال: هذا لن يحصل...ثم التفت نحو المخرج وأكمل كلامه قائلاً: ولا حتّى في أحلامك.
وبدأ يمشي مع يوكين بثبات، فأخرج هيجي مسدساً من أسفل سترته ووجّهه نحو بيس قائلا في حزم: قف مكانك.
بمجرد أن رأى أفراد العصابة هيجي وهو يُخرج مسدسه حتى أخرجوا أسلحتهم بسرعة واتقان ووجّهوها نحوه، بينما توقّف بيس في مكانه ثم انخفض ليصبح بمستوىيوكين وقال بلطف: هيا عزيزي..ما رأيك أن تذهب وتقف بجانب أختك الجديدة لبعض الوقت؟.
أجابه يوكين بسرعة: و...ولكن ألن نتجول الآن؟.
ابتسم بيس وأجابه وهو يفرك شعره الأبيض بلطف: بالطّبع أيّها الصغير، ولكن دعنا ننتهي من أمر هذا الأحمق الذي يقف هناك أولاً.
وضع يوكين يديه على خصره وقال بشجاعة: لا تقل عنه أحمق، أنا أحبّه ولكن أريد البقاء معك، هل أساعدك في طرده من هنا؟ فأنا قوي كما ترى.
ضحك بيس بهدوء وقال وهو يدفعه نحو بيا: لا بأس، إنّه ضعيفٌ جداً ولا يستحق أن يواجهك، أنا سأتولى أمره.
طبع يوكين قبلة سريعة على خد بيس واتّجه مسرعاً نحو بيا وعندما وصل إليها أمسك بيدها بقوّة وقال لها بلطف: هل ستأتين معنا للتّجول في القرية؟.
ابتسمت وأجابته: سنرى بشأن هذا الأمر.


وقف بيس باعتدال ونظر نحو بيا وهو يقول: سأترك يوكين في حمايتك، اعتني بابني جيداً.
ابتسمت بيا بسخرية وقالت: ولمَ عليَّ أن أفعل هذا من أجلك؟ ففي النّهاية أنا الآن سجينة عندك بعد ما اختطفتني من القافلة الملكية.
صرخ هيجي فجأةً بعد أن أنزل يده والتفت نحو بيا: هوووو لحظة واحدة...أنتِ هي بيا كوريزاكي من القافلة الملكية القادمة من الهند؟! اوه لا أصدق هذا، أمضيتُ كل هذه الأيام وأنا أبحث عنكِ وأنتِ كنتِ هنا طوال الوقت!!؟.
ثم التفتَ نحو بيس مرّةً أخرى وأكمل: بدتُ أكرهك الآن أكثر من قبل أيّها الوغد، وكم أودُّ القضاء عليك في هذه اللحظة.
أشار بيس بيده نحو أفراد عصابته ليخفضوا أسلحتهم ثم اتّجه نحو هيجي بخطواتٍ ثابتة إلى أن أصبح قريباً بما يكفي، فخلع سترته ورماها ليقول: هيا بسرعة لننهي هذا الأمر هنا....الآن.
رمى هيجي مسدسه أرضا ثم ابتسم وهو يعبث بشعره وقال: هذا من دواعي سروري ولكن تذكّر بأن في نهاية هذا القتال واحدٌ منّا فقط سيكون الوصي على يوكين وأنا متأكد بأنني سأكون هذا الشخص.
هتفت ماري من الخلف: لا تحكم على المباراة قبل أن تنتهي يا هذا، تأكد بأنك ستندم على ما قلته.

رمقها هيجي بنظراتٍ ثاقبة متذكّراً ما حصل لأخيه بسببها..أحسَّ بألمٍ شديد في قلبه فأزاح بوجهه عنها وعاد لينظر ناحية بيس الذي كان ينظر إليه نظراتٍ تعني "لا ذنبَ لها بما حصل".

مطّ هيجي شفتيه باشمئزاز وقال: لا تنظر إليّ هكذا..إنه ليس موضوعنا الآن، ركز على ما نفعله فهو لا يستحق أن نقطعه من أجلها.

أقدم بيس على الخطوة الأولى وتقدّم للأمام بسرعة موجّهاً قبضته نحو هيجي الذي تصدّاها بمهارة منحنياً للأسفل ثم حرّك قدمه ليركل بيس فأوقعه أرضاً، استلقى بيس على ظهره لثوان ولكنه سرعان ما حرّك قدمه ليمررها على قدميّ هيجي ليقع هو الآخر.

زفر هيجي بقوّة وقال: هل سنلعب هكذا دائماً؟ في كل مرّة نتواجه فيها أنا وأنت تقوم بفعل هذا...ثم صرخ فجأةً بقوّة: لماذا؟ أتستخفُّ بي وبقدراتي؟.
نظر بيس إلى هيجي نظرة بلا معنى ليقول: وما الذي أفعله؟.
أمسك هيجي من ياقة بيس بقوّة وسحبه نحوه بحركة خاطفة لينظر إلى عينيه بغضب ويقول: لا تتصنّع الغباء، متى ستصبح رجلاً وتأخذ هذا القتال معي على محمل الجد ولو لمرّة واحدة، هل عليَّ في كلِّ مرّة أن أشبعكَ ضرباً ثم آخذ يوكين وبعدها تذهب أنت وحدك وتقاتل جميع الحرّاس ورجال الأمن الّذين وضعتهم لحماية يوكين على الرّغم من أنهم أقوى مني لتُحضر يوكين إلى هنا مرّةً أخرى، كم مرّة ستفعل هذا بعد؟ لماذا تفعل هذا؟ لماذا تريد ابن أخي لهذا الحد؟ ألم تفهم بعد بأنه الوحيد من تبقّى لي من عائلتي بعد وفاة أخي، لماذا تريد أخذه مني؟هيا أجبني.

أجابه بيس بكل هدوء: أنتَ شقيق راهول الصغير، لا أستطيع إيذائك.
كاد هيجي أن ينقضّ على بيس بقوّة لولا تلك اليد النّاعمة التي أمسكت بيد هيجي لتجعله يترك ياقة بيس ويلتفت نحو ذلك الصغير الذي قال وهو على وشك البكاء: عمي...أنا أنا أحبّك و أحبّ أخي بيس أيضاً، لا تتشاجرا بسببي.
ابتسم هيجي وقال: عزيزي...لماذا تقول هذا؟، نحن لا نتشاجر بسببك وكما أن....قاطعه بيس ليقول: بلى نحن نتشاجر بسببه.
زفر هيجي بقوة ونظر نحو بيس بغضب وكاد أن ينهال عليه بالضرب لولا يوكين الذي قال: أريد البقاء معك ولكنكَ مشغول كثيراً ودائماً ما تتركني مع المربيات في المنزل، ولا تأخذني معك إلى أيّ مكان.
ينظر إليه هيجي بحزن ويقول: ولكن يوكين، أنتَ تعلم بأن عملي خطر عليك ولا يمكنني اصطحابك متى ما شئت.
يوكين: نعم أعلم، ولكن أبي كان يقول لي بأن أكون قوياً وكان دائماً ما يتقاتل معي ويأخذني إلى عمله، وأخي بيس أيضاً يفعل هذا.
هيجي وهو يمسك يوكين من كتفيه: يوكين هل أنتَ واثقٌ من أنكَ تريد البقاء هنا عزيزي؟.
يومئ يوكين برأسه فيعود هيجي ليقول بإصرار: يوكين أيّها الصغير، هل ستكون بخير هنا؟ إنّهم عصابة خطيرة.
يبتسم يوكين ويقول: لا تقلق عليّ عمي، فأنا قوي جداً وسأراقبهم جيداً ولن أسمح لهم بفعل أي شي خارج عن القانون.
هيجي: ( ما الذي أفعله أنا؟ هل حقا سأترك يوكين هنا في هذه العصابة؟ لقد وعدتُ أخي بأن أعتني به جيداً...وعدته أن أحميه وأن..) كلا كلا من المستحيل أن أتركك هنا وحدك.
يقف بيس ثم يمدُّ يده نحو هيجي ليساعده على الوقوف، يرفع هيجي عينيه نحو بيس وينظر إليه عدّة ثواني ثم يمسك بيده ويقف وهو يقول: أظنّ بأنكَ كنت تعرف أخي جيداً، أليس كذلك؟.
يبتسم بيس ويقول: ومن لا يعرفه...راهول أوبروي، كان قائداً عظيماً لنا.
تابع هيجي بغضب: وقد مات بسبب أعمالكم السخيفة الّتي كنتم تقومون بها.
بيس بحزن: لم تكن أعمالاً سخيفة، كان أخي راهول يد أبي اليمنى لسنوات، ولكن للأسف توفيّا سوياً في أعظم مهمة أنجزاها بكل شجاعة و عزيمة.
ابتسم هيجي ليقول: نعم، للأسف كان أخي جزءاً من عصابتكم، وقد خسر حياته بسبب هذه العصابة كما حدث مع زوجة أخي، ومن تحمّل مسؤولية كل هذا؟ هذا الطفل المسكين الذي ليس له أية علاقة بالأمر، وأنت الآن....يقاطعه بيس: أريد أن أحميه وأن أبقى بجانبه.

يبتسم هيجي بسخرية ويقول: ستحميه؟ أنت؟ وتريدني أن أصدّق هذا، لن أترك ابن أخي هنا معك وهذا نهائي.

بدا الغضب واضحاً على وجه بيس عندما أمسك بيد يوكين وقال وهو يتّجه نحو السلالم: تعال وخذه إذاً.
حاول هيجي اللّحاق به ولكن رجال العصابة وقفوا حائلاً بينهما ليضرب هيجي قدمه على الأرض بسخط ويصرخ قائلا: هيّا اقتحموا المكان.
ثم أطلق عدة رصاصات من المسدس الذي أخرجه بسرعة وانطلق بعدها نحو النّافذة وقال وهو يقفز منها: أراكم في السجن أيّها الأوغاد.
قفز بسرعة ليجد عناصر الشرطة تحيط به ومتأهبة لتنفيذ أوامره.
هتف وهو يجري بسرعة نحو الفناء الخلفي للمكان: تولّوا أمر أولئك الحمقى في الدّاخل، وأنا سأهتمُّ بأمر بيس ويوكين.
انطلق الجميع دون تردد وبدأت تلك الحرب بين الشرطة ورجال العصابة.



في إحدى ممرات المكان كانت بيا تجري بسرعة وهي تبحث عن بيس لتأخذ منه قلادتها وترحل عن هذا المكان البائس، وصلت إلى نهاية مسدودة فتنهدت بقوّة وقالت: أين سأجد ذلك العصابي الآن....أنا في مشكلة كبيرة.
سمعت الصّوت الّذي كانت تبحث عنه يقول: هل حقاً هذه الجميلة تبحثُ عنّي الآن !!؟.
التفتت حولها ولكنّها لم تجد أي أحد، جاء ذلكَ الصّوت مرّةً أخرى: هنا في الأعلى.
نظرت للأعلى وإذا بذلكَ العصابيّ يقف على حافّة الجدار حاملاً يوكين على ظهره وهو ينظر إليها بابتسامة، قالت وهي تتسلّق الجدار نحوهما: أعد لي قلادتي أيّها العصابيّ.
وصلت إليه ووقفت أمامه وهي تمدُّ يدها نحوه، ضحك بيس بصوتٍ خافت ثمّ قال: ساعدينا على الخروج من هنا وسأُعيد لكِ قلادتك.
ظهرتْ ملامح الشّك على وجه بيا وقالت وهي تسحبُ يدها ببطء: وكيف أكون واثقة بأنّكَ ستُعيد قلادتي بعد أن تخرج من هنا؟.
بيس: تزوجيني.

أطلق يوكين ضحكة عالية ليقول: أخي بيس...هل ستتزوجها حقاً؟.
نظر بيس إليه وأجاب: نعم، ألمْ تعجبك؟.
أخذَ يوكين يفكّر و يفكّر ويفكّر، وبعد عشر ثوانٍ من التّفكير العميق ابتسم وقال: نعم إنّها تبدو مناسبة لك، ولكنّها تحتاج بعض التعديلات.
نظرت بيا إليهما باستنكار وقالت: تشه...تعديلات؟.
يوكين: نعم تعديلات، فمثلاً يجب أن تكوني أطول قليلا لكي تصبحي بطول أخي بيس.
أجابه بيس بسرعة: كلا كلا هكذا أفضل...أحبّ أن تكون زوجتي أقصر منّي، فهذا يساعدني على الظّهور بمظهر القوي والمسيطر، كما أنّها تبدو لطيفة هكذا.
نظرت بيا إلى بيس وقالت وهي ترفع أحد حاجبيها: زوجتك؟ القوي المسيطر؟ ههه لطيفة؟.
تجاهلها يوكين ليكمل: لا بأس إذاً فلتبقى كما هي، ولكن أيضاً عليها أن تقصّ شعرها ليصبح مثل شعر أختي ماري، أنا متأكد أنّها ستصبح أجمل.
ابتسم بيس وقال وهو ينظر إلى بيا: أفضّل بأنّ يبقى شعرها هكذا، فهي وبشعرها هذا تفقدني صوابي...إن أصبحت أجمل لا أعلم ماذا سيحصل لي.
لم تستطع بيا منع نفسها من الابتسام، بينما قال يوكين بسرعة: ماذا سيحصل لك؟.
أجابه بيس: ربّما أموت.
انتفض جسد يوكين ليقول بسرعة وخوف: كلا كلا كلا لا تموت أخي بيس، حسناً حسناً لا تقصّي شعركِ...فليبقى هكذا، إنّه جميلٌ جدّاً على أيّة حال.
بدأت بيا بالضحك وقالت: عزيزي يوكين لا تقلق...فإن بيس لن يموت حتّى لو قصصتُ شعري هههههههههههه إنّه يمزح معكَ وحسب..

قال بيس بسرعة: هل سمعتَ هذا يوكين؟.
يوكين وهو ينظر يميناً ويساراً: ماذا؟ سمعتُ ماذا؟.
أجابه بيس: بيا...لقد نطقت باسمي للمرّة الأولى.
قال يوكين باستغراب: لماذا؟ ألم تكن تعرف اسمك من قبل؟.
كادت بيا أن تقول شيئاً ما عندما سمعت صوت وقع أقدامٍ قريب يتجه نحوهم، فأمسكَ بيس من يدها بسرعة وبدأ يجري نحو الأمام، صرخت بيا وهي تجري خلفه دون وعي: إلى أين أنتَ ذاهب؟.
تابع بيس الجري بينما قال يوكين: لا تقلقي لن يستطيع عمّي الإمساك بنا، نحن نفعل هذا دائماً وفي كلّ مرّة تستطيع النجاة.
قالت بيا وهي ترى رجال الشّرطة يتسلّقون الجدار: أنا لستُ قلقة من شيء...أنا فقط أريد قلادتي.
لمحت بيا أحد رجال الشرطة وهو يصوّب سلاحه نحو رأس بيس فصرخت بسرعة: بيس انخفض.
انخفض بيس بسرعة ومهارة ليتفادى الرّصاصة، ثمّ التفت نحو يوكين وقال: لقد نطقته مرّتين، هل تصدّق هذا؟.
ضرب يوكين بيده على كتف بيس وقال: أنتَ رائع أخي بيس، واسمكَ جميل جداً لذلك هي لا تستطيع المقاومة.
ضربت بيا بيدها على جبهتها وقالت: ستصيبانني بالجنون...أعيدوا إليّ قلادتي.


انتهى حرف الجدار فتوقف الثّلاثة في مكانهم، مدّت بيا رأسها لترى أمامها مسبحاً كبيراً، التفتت خلفها لترى رجال الشّرطة على بُعد عدّة أمتار منهم، وفي النّهاية التفتت نحو بيس لتقول: إذاً أيّها العصابيّ، ما الّذي ستفعله الآن؟.
أجابها بيس بسؤالٍ آخر: هل تعرفين السّباحة؟.
بيا: نعم، ولكنّني لن أقفز لذلك المسبح من هنا...أبداً.
أنزل بيس يوكين وأوقفه على الحرف ثمّ أمسك بيده بقوة وقال وهو يمسك بيده الأخرى من يد بيا: ليس لدينا خيار آخر.
صرخت بيا: كلا بيس...أنا لا أستطيع القفز.
ابتسم بيس وقال: إنّها المرّة الثالثة، يجب أن نحتفل....واحد اثنان...اقفزا.


سقط الثّلاثة معاً داخل الماء و بدأوا بالسّباحة بالاتّجاه المعاكس لكي يستطيعوا الخروج، اصتدمت بيا بظهر بيس الّذي كان أمامها و لفتتْ سباحته البطيئة انتباهها فهو ليس ضعيفاً، هناك ما يُبطئه حتماً، و اكتشفت الأمر، يوكين هو السّبب فهو لا يعرف السّباحة.
إحدى يديّ بيس كانت مشغولة بحمل يوكين والآخرى للسباحة، فكّرت بيا بأنّه لن يستطيع المقاومة الآن، كما أنّها سبّاحة ماهرة و الشّكر لوالدها الّذي كان دائماً ما يتسابق معها بالغطس و حبس النّفس، استغلّتْ الفرصة و غطسَتْ لأسفل المياه ثمّ أحاطَتْ إحدى يديها حول خصرهِ متمسّكةً به و باليد الأخرى بدأَتْ تُفتّش جيوبه و ملابسه إلى أن وجدت ضالتها، قلادتها الغالية، الآن كان وقتُ استخدام مهاراتها في السّباحة حيثُ أنّها سبقت بيس بمسافة كبيرة و خرجت قبله لتبدأ بالرّكض بسرعة وابتسامة النّصر مرسومة على شفتيها.

بيس يشتعلُ داخل الماء حرفياً الآن، لكن مهما كان السّبب فيوكين أهم، بمناسبة الأهم..قال ضاحكاً: يبدو أنَّ عروسك هربت و لمْ تودّعكَ حتّى.
نظرَ إليه بيس نظرات ثاقبة ليقول: بسبب من لمْ أستطع اللّحاق بها يا تُرى!.
رفع يوكين رأسه بغرور وقال: أنتَ سبّاحٌ فاشل، ما دخلي أنا؟.
تابع بيس شجاره معه كالأطفال وقال: أنتَ لا تعرف السّباحة لذا كان عليّ حملك.
يوكين: كان عليكَ أن تجد طريقاً آخر غير المسبح أيّها العصابيّ.
قطّب بيس حاجبيه وقال: لا تناديني هكذا.
رفع يوكين حاجبيه وقال وهو يحرّك يده بلطف: ماذا؟!عروسكَ أعطتكَ هذا اللّقب...وهو يليق بك.
زفر بيس بقوّة عندما وصل لنهاية المسبح وقال: لقد وصلنا، اخرج قبل أن أُعيدكَ إلى المياه.


و بعد أن خرجا كان بيس يضع اللّحاق ببيا نصبَ عينيه، فهي ما زالت في مرأى نظره لكن تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن،
بدأ بالرّكض حين شعرَ بشيءٍ يشدُّ على يده و يُرجعه إلى الوراء لِيسقط على وجهه بشكلٍ مضحك جعل من ضحكات يوكين المرفرفة تنتشر في الأرجاء.
كان هذا هيجي الذي وصل إليهم حيث أنّه أخذ طريقاً مختصراً، كانت ملامح النّصر المرسومة على وجهه تشبه ملامح بيا ولكنّها أكثر استفزازاً، حمل يوكين بعدما جاء رجاله وقيّدوا بيس وقال بسخرية: يبدو بأنّك فقدتَ أميرتكَ الجميلة.
فتحَ بيس عينيه بدهشة ليقول: هل...هل هي أميرة؟.
أجابه هيجي: ليسَ تماماً ولكن يمكن اعتبارها كذلك، إنّ الأمر معقّد بعضَ الشّيء، ولكن هذا لا يهمّكَ الآن فلديكَ العديد من الأمور الأخرى الّتي عليكَ القيام بها.


وكانَت تلكَ آخر مرّة أرى فيها بيا }



&&&&&&&&&&
&&&&&&&&&
&&&&&&&&


دمعةٌ صغيرة خرجت من عينيها الزرقاوتين لتمشي ببطءٍ على خدّها المحمّر كوردِ الجلّنار، شهقت بقوّة وهي تنظر إلى عينيّ بيس الّذي قال مبتسماً: لماذا تبكين جميلتي؟.
أجابته وهي تمسح دموعها: القصّة...كانت مؤثرة جدّاً، هل...

قاطعها ريوسكي ليقول بملل: كانت مقززة، هل كنتَ تختطفُ الفتيات لأجل شقيقكَ أيّها الأحمق؟.
التفتَ بيس نحو ريوسكي وقال باستفزاز: نعم كنتُ أفعل هذا ما الّذي ستفعله أيّها الحمار الأخرس؟.
كاد ريوسكي أن ينفجر غضباً لولا صوت ضحكة لورا الّتي تعالت في الغرفة، التفتَ نحوها ليتوقّف عقله عن العمل وهو يتأمّلها، ضربات قلبه تزدادُ شيئاً فشيئاً، رفع يده ووضعها على صدره وهو يحاولُ تهدئة قبله بقوله "لا يحدثُ شيءٌ لي، لا ينبضُ قلبي هكذا بسببها...إنّها لا شيء، لا شيء"

محتالٌ مفضوحةٌ أحداقه، هل تضحكُ العينان لها لو لم تعني لكَ شيئاً؟!
هزّ رأسه بقوّة وأخفض عينيه نحو الأرض الخشبية منتظراً أن تهدأ العاصفة، بينما قال بيس: لماذا تضحكين جميلتي؟ هل حصل شيءٌ ما ولم أنتبه له؟ هل فعل الحمار الأخرس شيئاً غبيّاً مرّةً أخرى؟.
هزّت رأسها نفياً وأجابته بسعادة: منذ مدّة لم تتشاجرا هكذا أمامي، وأيضاً لم يناده أحدٌ بالحمار الأخرس منذ أن اختفيت، أنا فقط سعيدة بأنّنا وجدناك.
أمالت رأسها وأكملت: أهلاً بكَ بيننا من جديد بيس.
اتّسعت ابتسامة بيس وقال: أعلم بأنّكم افتقدموني كثيراً ولكن لا تقلقوا فأنا عدتُ الآن.
جاء صوت ريوسكي ساخراً من الخلف: بالطّبع لن نقلق وخاصّة إن كان المعني بالأمر هو أنت، ففي النّهاية استطاعت فتاة واحدة أن تخطفك وهذا يوضّح كلّ شيء.
قطّب بيس حاجبيه وقال بغضب: ألا تستطيع أن تبقى صامتاً؟ لو كنتُ أستطيع الحركة الآن لهشّمتُ وجهكَ المزعج ذاك.

علت ابتسامةٌ ساخرة وجه ريوسكي وقال باستفزاز: من الجيد أنّك لا تستطيع الحركة وإلا كنّا واجهنا العديد من المشاكل الّتي لا داعي لها، يكفي غبيّ واحد قادر على الحركة ( يقصد لورا).
وقفت لورا وقالت: لا أعلم من تقصد بالغبّي ولكن....

قاطعها ريوسكي الّذي كان متكتّفاً: حقّاً؟!.
نظرت لورا بغضب إلى ملامحه المستفزّة وقالت: ما هي مشكلتك أيّها الحمار الأخرس؟ هل تريد افتعال شجار هنا؟.
أجابها بغضب بعد أن قام من مكانه ليقف أمامها: أنا أريد افتعال شجار؟؟؟! ألا يجب أن تقولي هذا لكِ ولهذا القبيح أخ زوجي الوسيم؟؟!.
صمتَ وهو يحدّق في عينيها بعمق، ابتلعتْ ريقها وهي تحدّق في عينيه مجبرةً بعد أن أخفض رأسه و اقترب منها تاركاً بضعة سنتيمترات بينهما، قالتْ بتلعثم: ولما...لماذا تقول هذا؟ ما الّذي فعلناه أنا وبيس حتّى تغضب لهذا الحد؟.
شعرت بنارٍ تتأجج داخل عينيه وهو يقول: إنّ أخي سيسار يعاني هناك لوحده وأنتما هنا بدلاً من الإسراع في إنقاذه تقفان عند كلّ أمرٍ يحدث، صغيراً كان أو كبير وتستمتعان به.
استجمعت ما بقي من قواها العقلية لتقول: لا تتحدّث هكذا وأنتَ لا تعلم ما في قلوبنا فنحن....

قاطعها بحزن وألم وهو يمسك ذراعها بقوّة: ألا يؤذيكِ أن تسمعي هذا منّي في كل مرّة؟! ألم تشعري بعد بالأسى علي وأنا أحاول جاهداً أن أجد هذه الكرات السّخيفة بأسرع ما يمكن؟!.

ابتلع ريقه وأكمل: تهتمين بالجميع وتحاولين مساعدتهم، لمَ لا تحاولين فهمي ولو قليلاً؟! لِم لا ترين بأنّني أتقطّع إلى أشلاء في كلّ لحظة وأنا بعيد عنه؟!، لِمَ تواصلين معارضتي على الرّغم من أنّكِ تعلمين بأنّه عائلتي الوحيدة وكلّ ما تبقّى لي في هذا العالم؟! هل تفعلين هذا عمداً؟! ألم تكتفي بعد من أحلامك وقصص حبكِ؟! ألم يحن الوقت بعد لكي أصل أنا إلى حلمي الوحيد وأستعيد أخي؟! ألم....

قطع بيس جو المأساة بهدوء قائلاً: ريوسكي هذا يكفي، تعلم بأنّ جميلتي ليست هكذا ولم تقصد أي شيء من الّذي تفوّهتَ به، فهي.....

رفعت لورا يدها وقاطعته: كلا بيس، ريوسكي محق.
تركَها ريوسكي والتفتَ للنّاحية الأخرى وهو يحاول تهدئة مشاعره، بينما جلست لورا على ركبتيها وقالت وهي تعتصر قبضة يدها: أنا...أنا آسفة حقّاً، لم أكن أعلم بأنّكَ تشعر هكذا !، أنا...أنا...أنا.....
لم تستطع أن تنطق بأي شيءٍ آخر بسبب مقاومتها لدموعها الّتي كانت تناضل للخروج من مُقلتيها، صرخ بيس بغضب: هي جميلتي، لا تعتذري لهذا الأحمق فأنتِ لم تفعلي شيئاً.
ثمّ التفت نحو ريوسكي وأكمل بصراخ: وأنتَ أيُّها الحمار الأخرس من سمح لك بأن تجعل جميلتي تبكي ! ألا تعلم بأنّ دموعها غاليةٌ علي!!.
ابتسم ريوسكي بسخرية وأجابه ساخراً وهو ينظر إلى عينيه بقوّة: ألا تلاحظُ بأنّكَ سبب بكائها وسبب كل المشاكل!! أنتَ وحبيبتكَ الحمقاء!!.
تحرّكَ بيس بغضب وهو يحاول التّخلّص من قيوده باستماتة وصرخ عالياً: لا تتكلم هكذا عن بيا أيُّها الوغد.

صرخ ريوسكي فجأةً: إذاً ماذا تريد أن أفعل...هل أشكرها؟؟!.
أجابه بيس وهو لم يتنازل عن صراخه الغاضب: لا يحقّ لكَ حتّى التّكلم معها.
أكمل بهدوء بعد أن أخفضَ رأسه نحو الأرض: حمارٌ أخرسٌ وغد بلا فائدة.
جاء صوتُ ريوسكي ساخراً: هههه لا يسعكَ فعل شيء سِوى التّفوه بالحماقات.
قطّب بيس حاجبيه ليبدوان وكأنّهما ملتصقين وقال بغضب: ما الّذي تقصده؟!.

تدخّل موهيت فجأةً بعد أن وقف على قدميه وصرخَ بغضب: أحسنتم...أحسنتم جميعاً، استمرّوا في الشّجار هكذا، استمرّوا به طوال اليوم ولا تتوقفوا أبداً فأنتم تقومون بعملٍ رائع.
أنهى كلامه بضربة قويّة على الأرض ثمّ خرج مسرعاً وهو يقول بغضب: أغبياء..حمقى..أريد أن أقتلهم....
عمّ المكان هدوء مخيف بعد خروج موهيت، كانت لورا ما زالت جالسة على الأرض بهدوء وهي توجّه نظرها نحو الأرض، وبيس تارة ينظر إليها بحزن وتارةً أخرى ينظر إلى ريوسكي بغضب، أمّا ريوسكي فعاد ليجلس على الأريكة.

جاء صوتُ ضحك خفيف من ناحية لورا، التفت كلا الشّابين نحوها فلم يسعهما سِوى الإبتسام عندما قالت بمرح على الرّغم من الدّموع الّتي تزين مقلتيها: لقد غضب موهيت بشدّة...هل رأيتم ملامحه عندما كان يصرخ علينا!!.
تعالت ضحكات بيس وهو يقول: نعم نعم لقد كان يبدو غاضباً جدّاً، وقد أخبرنا بأن نستمر بالشّجار..هههه إنّه لطيفٌ كالأطفال.

ازدات ابتسامة ريوسكي لمعاناً عندما قال وبريقُ عينيه لم يخبو: لم أره منفعلاً هكذا منذ مدّة، على الرّغم من أنّه كان يصرخ علينا ولكن كان ممتعاً رؤية موهيت هكذا.
التقت عيناه بمقلتي بيس الّذي قال: إنّها المرّة الأولى الّتي يصرخ فيها عليك، أليسَ كذلكْ أيّها الحمار الأخرس!!؟.
أجابه ريوسكي بوجهٍ خالٍ من المشاعر: ما زلتُ غاضباً منكما، لا تتكلّما معي.
جلستْ لورا بجانبه وقالت برجاء: ريوووووسكي أنا آسفة، لا تجعل الأمر يطول أكثر من هذا، ما الّذي يجب عليّ فعله لكي تسامحني؟ ها؟!.
تكتّف ريوسكي بعد أن زفر ثمّ التفتَ للنّاحية الأخرى، أمالت لورا جسدها بلطف وقالت بعد أن أصبح وجهها أمامه: هييي أرجوووك...سأفعل أي شي تريده، هذا وعد سأفعل أي شيء.
وقف ريوسكي على قدميه فجأةً لتقع لورا على الأرض بطريقة مضحكة، رفعت رأسها نحوه فارتفع حاجبيها بصدمة وهي تنظر إليه والشّرارات تخرج من عينه، ابتسامةٌ شرّيرة مرسومة على شفتيه، قال بلهجةٍ شيطانية وعينيه مثبّةٌ عليها: أيّ شيء؟!.

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تجيبه بخوف: أ أ أ أ.....أيّ شيء!.
.
.
.
.
.
.

~ نهاية الفصل الثّالث والعشرون ~


الأسئلة:

١- كيف كان الفصل؟ أفضل جزء؟.
٢- ما رأيكم بقرار يوكين بالبقاء مع العصابة بدلاً من عمّه؟.
٣- كيف كان هروب بيا من بيس؟ ><
٤- ما الّذي سيطلبه ريوسكي من لورا يا تُرى؟
٥- لو كنتم مكان ريوسكي ماذا ستطلبون من لورا ؟

إلى لقاءٍ آخر^^

دمتم بودّ


بالمناسبة....مقابلة ريوسكي ما زالتْ قائمة_ _


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][img3]https://e.top4top.net/p_961dc80q3.png[/img3]
__________________
رد مع اقتباس