عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-07-2018, 10:48 PM
 


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.arabsharing.com/uploads/153064996558042.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.arabsharing.com/uploads/153064996558042.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]







أتذكر ذات ليلة من ليالي الصيف الهادئة ، و البدر مكتملٌ يزين سمائها المتألقة ببساط من النجوم . آويت إلى فراشي بعزم حتى أطلب أمنيتي من الجنية الأم التي حتما ستأتي الليلة لتحققها لي .
ت
ذكرت أبي و عينيه الواهيتان و التي تحملان حزنا دفينا لا يسعه إخفاءه عنِّي حتى لو ابتسم لي طول الوقت ، إن أبي لم يتخطى بعد مأساة وفاة والدتي و أنا بهذه السن الصغيرة ...

حتى أنني تأكدت أنه يحتاج إليها أكثر مما أحتاج . لأنه لم يحب إمرأة قط في حياته بمثل ما أحبها ،كانت له الأم التي لم يراها يوما ، و الأخت و الصديقة التي تحميه كالمظلة من أسوأ حالاته ، و تشجعه على المضي قدما في ما يحلم به و يطمح إليه . و بعد ثلاثة سنين من ذكرى وفاتها ، لا يزال والدي يبتسم شاردا في المرآة و هو يربط ربطة عنقه كما اعتادت تفعل كل صباح ، و يتحدث عنها و عن ما تفضله طول الوقت .
ثم تمر لحظات يغوص في ذكرياته و يفقد كل اتصالٍ بواقعه ، ليتنهد بحزن عميق و تسقط كتفيه المحملتان بهمٍّ لا يعرف حجمه غيره و هو يتأكد أنه لا يلاحق سوى أطيافٍ من الماضي و يحاول سجن الذكريات التي تفر من بين أصابعه كحبات الرمل . . . . .

- أتمنى أن يجد أبي السعادة ذات يوم من جديد ! .
قرأت السطر بهمس عذب و قلبي يرفرف كعصفور يطلب الحرية و أنا أفكر أن أبي رجل يستحق كل شيء رائع و جميل. لأنه ببساطة...
أروع أب في العالم ! .
كنت حينها أبلغ السابعة من عمري ، كنت صغيرة للغاية لأتأكد أنه لا وجود للجنيات من الأصل ، و ليس هناك عالم خرافي تعيش فيه كل المخلوقات الأسطورية التي كانت أمي ترويها لي .
و كنت بريئة للغاية حتى أفكر أنه يمكن للأمنيات أن تتحقق ، لكن بعضها إذا تحقق ستدفع ثمنه غاليا . !
طويت الورقة الصغيرة و دسستها بحماس أسفل وسادتي الحريرية ، وضعت رأسي و تمددت على ظهري لأقابل السقف المزخرف لغرفتي .
تذكرت الليلة التي روت لي أمي حكاية الجنية الأم التي تزور الأطفال كل ليلة منتصف الصيف لتجمع الأمنيات و تحققها ... شرط أن يكونوا أطفالا صالحين ! .

و ربما ستتكرم عليهم ، و تترك قطعة حلوى بدل ورقة الأمنية كدليل على قبولها إياها و حبها لصاحبها ، لهذا كنت أكثر من سعيدة !
ابتسمت برضا و أنا أشبع رئتاي بالهواء ، لقد أصبحت طفلة تستطيع تحمل مسؤوليتها لوحدها و أنا بهذا العمر ، و تقوم بكل الأعمال الموكلة إليها على أكمل وجه لأنال كل التقدير و الحب من والدي العزيز ، و كنت أساعده في أعمال المكتب حين كان يمضي ساعات متأخرة يعمل على الأوراق المهمة لشركته حتى ينام متعبا على مكتبه ، فأرتبها من أجله و أضع غطاءا دافئا على كتفيه و آوي من جديد لفراشي .

لقد أصبحت تلك احدى عاداتي المفضلة عندي ، فمنظر والدي المبتسم بحب نحوي كان أجمل شيء أراه كل صباح . كانت تجمعنا علاقة حسدنا عليها الكثير ، لم نكن كأب و إبنة فعليا ...
بل كأخ و أخت مشاغبان .
نتقاذف الطحين في المطبخ و نرقص عند غسيل الأطباق و كان يخصص لي وقتا حتى نخرج للتسوق ، ثم نعرج على مدينة الملاهي لنجرب كل الألعاب . لقد كانت أجمل سنين حياتي التي لا أزال أتذكرها بكل تفاصيلها .

لكنها أصبحت جزءا من ماضي جميل فات ، و في خضم كل تلك الأحداث تغيرت الكثير من الأمور و بدأت أرى المستقبل القريب باهتا و كئيبا ، و ازداد كآبة بعد أن بلغت التاسعة عشر سنة و أصبحت أرى والدي ثلاث مرات في السنة بسبب سفره الدائم إلى فرع شركته بإيطاليا .
نعم ...!
لقد بدى لي أن والدي وجد سعادته أخيرا و ظفر بحلمه ...
لكن ، صورة العائلة الصغيرة و السعيدة التي تمنيتها يوما ، قد تحطمت إلى قطع صغيرة للغاية لدرجة يصعب تركيبها مجددا. لقد ابتعد عني والدي العزيز بملايين الكيلومترات و لم نعد نمتلك أوقاتا كثيرة لنمضيها معا ، خاصة بعد علمي أنه قد ارتبط بسنيوريتة راقية من المجتمع المخملي الإيطالي ...

أحسست يومها بنار الغيرة المستعِّرة تحرق أشلائي و خاب أملي فيه كثيرا ، شعرت أنني قُتلت على يده بعد أن كنت أنتظر منه إنقاذي من الصديد و التآكل ، و منذ ذلك اليوم أصبح الوضع لا يطاق و لم أعد أريد أن أكون جزءا من عالم والدي ..
العالم الذي بناه على أطلال حزن كنت أتمنى يوما أن يزول ...

لكن ، يا حسرتي على ضياع تلك الأيام ...
و هيهات أن تعود !



أنا " سمارا مورن "...
الفتاة التي تخفي طفلة خائفة خلف قشرة صلبة ...
و تائهة بين أحجية الحياة و متاهة الحب ...
أتمنى أن يسمع أحدهم ندائي الخفي للنجدة ، فأنا أحتضر من الداخل !








[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

-



التعديل الأخير تم بواسطة fαɪяy ℓαɒy ; 07-08-2018 الساعة 12:25 PM
رد مع اقتباس