عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 06-02-2018, 11:50 PM
 
"البارت السابع"

تبادل نظراتنا بصمت أخذ دقائق حتى بدأت بالإشارة على القهوة العربية و الشاي الذان رافقا الضيافة البسيطة ، قائلة بإبتسامةٍ بها نية الترحيب : تريدين شاياً أم قهوة؟

أجابتني بأريحية تامة و لحن جعلني أتصور معرفتي لها منذ دهر و كاد يدخل الأمان لقلبي المتوتر : أحب القهوة ، و يا ليتها تكون تركية بنية.

حاولت أن أصنع بعض الألفة بهذه الجلسة حتى أعرف مقصدها من هذه الزيارة : إذا من حسن حظك أنها كما تحبين .

ناولتها الفنجان لتستمتع بشربه مع بعض الشكولا الجاهزة التي وضعتها بطبق زجاجي و هي من بدأت أصل الحديث الذي كنت أنتظره: حسنا، أرى أن أحمد يتهرب مني الآن و معه حق فهو لا يلام على ردة فعله .

لم أستطع قول شيئ بهذا الموقف ، فلا حاجة للتدخل في ماض كان لهما فأصبح دخيلة و لو قلت أمراً لا أعلم كيف سوف تكون ردة فعلها ، لذا الأفضل هو الصمت حالياً ..
ركزت هي نظراتها الخضراوان علي مكملة حديثها: لا أعرف إن أخبرك أحمد ام لا ، لكننا كنا في طريقنا للزواج قبل ما حصل له من حادث جره للشلل .

أجبتها بثقة ربما بها بعض البرود : أخبرني عن هذا .

أنزلت عينيها للأسفل بتراخي ، لا أعلم أنه الخجل من مواجهتها لخطئها بحق أحمد أم أنها تفكر بأمر لم أستطع فهمه لكنها قالت: إذا فهو أخبرك أيضاً أنني من تركته.

لم أجب لتفهم أن ما قالته قد حصل ، كنت أنتظر كلماتها الآتية ، لكني لم أتصور أن تواجهني بما قالته : لمَ لا نعيد الأمور لسيرتها الصحيحة .
لم أستطع عدم الكلام أكثر فقلت بحدة: ما تقصدين؟؟

قالت : اسمعيني جيدا ،أنا أعلم تماما أنك قد أجبرت على هذا الزواج و أن عائلة أحمد لا ترحب بك كزوجة ابنهم كما يجب ، و تعلمين أن أحمد كان قلبه متعلق بإمرأة قبلك ..فأين سعادتك هنا ؟ و أنت شابة صغيرة يجب أن تجد حياة تصنعها بحب و احترام متبادل و عائلة تكون سندها لا عدوة لها ..فكلامي هو لمصلحتنا كلنا ...أن تخرجي من حياتك غير المستقرة هذه لحياة هانئة تستحقينها ليس بالأمر السيئ على ما أظن.

أكملت كلامها تنتظر مني موافقة!!

أعرف أنها جميلة كما أرى ، لكن أسلوب تفكيرها لا يتناسب مع أسلوب أحمد و لو قليلا ، ربما كان يناسبها بالسابق لكن الآن لا بالطبع ...هذه الكلمات ستؤذيه فقط ...

حاولت أن أهدأ و لا أعاملها دون إحترام لكونها ضيفة فقلت دون أن انظر لها: و هل تظنين أنني غير سعيدة هنية ؟؟..أتفهم مشاعرك لكن هذا لا يعطيك الحق في هدم أسرة قد تكونت و انتهى الأمر و ما بعد تكوينها مرتبط بي و به سواء أراد أن يطلقني و يعود إليك أو لا فلا حق لك باتخاذ قرار عنه .

لم أر تغيراً بحالها فهي على طبعها الطبيعي تكلمني حتى بعد ما قلته لها : أتنكرين أنك لست سعيدة ؟ أنا لم آت لأعلن حربا ضدك بل أتيت للتفاهم لمصلحة كلينا ، أنا أستطيع أن أبعد سوء الفهم عن أحمد بسهولة و نعد لحياتنا المعتادة و أنت ستجدين حياة تناسبك بعيدا عن هذه الفوضى و الاعتناء بزوج مشلول و أنت بهذا العمر .

قالت مقولتها و هي لا تعلم كيف اغضبتني ، لا أعرف كيف أتعامل مع فتاة صريحة عن نواياها هكذا تود مني تسليمها زوجي بسهولة و كأن حياتي لم تكن سوى حلم عابر ، و ما بهذا النطق اللامبالي بكلمة مشلول هنا ...لو نظرت مليا لرات كيف أنه معافى من مرضها العقلي و الإعاقة الذهنية التي لديها...

تنفست الصعداء قبل أن أنهض و أواجها و هي ترتدي عباءتها التي لا زر واحد بها و تحته تنورة قصيرة لما فوق ركبتيها..للتو أنتبه،أنها لا تناسب أحمد مطلقا ، فمنذ دخلت منزله لا يقبل بعائتي مفتوحة بزر ، ابتسمت ساخرة عليها و تحدثت بلحن ساخر : أنت تظنين أن قلب أحمد ما يزال لك ، إذا اذهبي له الآن و اساليه و أنا سافعل ما يقوله لي ، لا حاجة لمخططات أو مقدمات لاستعمادته كما تقولين ، لكن أنا أراه سيدا و رب أسرة دخل حياتي كرجل و زوج وقور و إن اختلفت عنه أحلامي و لم أر بأخلاقه إلا الحسن ، أما انتِ فقد رأيته حلما يجب أن يدرك و حبا أنانيا كأنه لعبة يجب أن تمتلكينها إن أعجبتك و ترمينها جانبا إن لم تكن كما تحبين ، فالآن أخبريني ..لو كان عاقلاً من سيختار من بيننا .

كنت أنظر بتحدٍ لها لتفهم ثقتي بزوجي و قراراته و هي تواجهني بغضب صامت حتى خرج من خلف الجدار الأيسر المؤدي للمكتبة أحمد ، كان يختبئ هناك ليسمع حديثنا على ما أظن فهو قد تقدم بكرسيه حتى أصبح يتوسطنا ليدخل دائرة المحادثة: يا لك من خجولة مهى ، ألم أقل لك أن تخبريها رايي مسبقا ، حتى لو انفصلت عنك يوما و هذا ما لن يحصل فأنا لن أتزوج من فتاة رمتني جانبا عندما كنت بحاجتها .

قال هذا و هو ينظر لها مشيرا لباب الشقة : الباب واسع، إن اردتي المجيئ كضيفة فحياك الله أما إن كانت نيتك أن تعودي لأوهامك فلا تريني وجهك حتى تستيقظي منها رجاء.

••••••••••••••••••
••••••••••••••••••



الأجواء متشنجة
صعب التحدث بهذا الوضع و هي تعلم

أنا محرج منها أكثر من كوني مستاء ، فأن تواجه هنية هكذا
و أن تأتي بعد أن تخلصت مني و لم تقف معي

أتت لي تطل على الحاسوب قائلة بمرح : هل حصلت على شيئ من بحثك أم لا ؟
أومأت بالنفي لتأخذ الفارة مني قائلة : دعني افاجئك اذا ...

دخلت موقعا لم افهم منه الكثير و نزلت بصفحة ذلك الموقع حتى كبرت على الشاشة لأرى ما ذهلت منه و هي تقول : أرأيت؟..لقد تفوقت عليك و حصلت لك على عرض رسم مانجا..صفحة ب4دولارات .


كنت مصدوما فلم أنطق بشيئ بل حاولت التأكد بنفسي أنها قد أفلحت بهذه الفكرة الطفولية لتكمل : و طبعا هذا هو العرض المبدئي و قد يرتفع إلى ست دولارات للصفحة الواحدة ..ما رأيك؟

وضعت يدي فوق رأسي و أجبتها: أحسنتِ ، سوف أبدأ منذ الغد بالتفاهم مع الكاتب شخصيا ..لكن...

نظرت لها و قلت: لا أظن أن هذا كافٍ مهى لجمع المبلغ المناسب للعملية ، لذا يتوجب علي إيجاد عمل آخر و ثابت .
لم تفقد روحها المعنوية العالية بل حاولت رفع آمالي : ستجد ما يغنيك عن هذا التفكير قريبا أحمد، بعض الهمة فقط و سيكون كل شيئ بخير و أنا سوف أحاول أن أعمل ما بيدي لمساعدتك .

لم استطع إخفاء امتناني و لا اعرف كيف أعبر عنه لذا قلت لها : مهى ..
انتبهت لي قائلة
"ماذا؟!"
لأشجع نفسي و أسمعها ما قد يبعد عنها التشوش و التوتر في حياتها هذه : أنا قصدت ما قلته عندما أخبرتها ان لا طلاق سيحصل .

التمعت عينيها ربما لدموع الفرح و ربما لدموع الحزن مما ذكرته من هذه الحياة المتسمة بالفوضى و الغموض مما سيحصل لها
لكنها قالت ما أرادت و خرجت : افعل ما تراه خيرا لنفسك قبل كل شيئ أحمد، ذلك سعادتي .

لا أعرف لم أنا جبان لدرجة لا أستطيع بها الإفصاح عن ما أفكر به ، عن أنها هي سعادتي الآن و لا سعادة لي دونها
أنها ما يجعلني أشعر بالراحة عند نظري لابتهاجها ، و هي ما تجعلني أمضي قدما بما تعطيني من مساعدة دائمة ..


ضربت الطاولة التي أمامي بعنف لرغبتي إفراغ غضبي من نفسي الغير صادقة بشيئ ما لتدخل هي قلقة فجأة و هي تقول: هل حصل شيء ؟؟؟

لم أتمالك نفسي من الضحك ،نظرت لها لحظات قبل أن أنفجر ضاحكا و هي تسألني عن ما بي فقلت بالنهاية : لا شيئ سوى أني فكرت أنك رائعة صدقيني .

" و هذا ما اغضبك ؟!"



•••••••••••••••••••••
•••••••••••••••••••••




لأول مرة سنذهب للإجتماع العائلي لأهلي
و قد تقرر أن من سيوصلنا حبيب كما أخبرتني أمي

اتصلت لأؤكد عليه و شعرت أن نظرات أحمد سوف تخترقني ، أنهيت المكالمة و سألته إن كان هناك ما أزعجه فقال : لا شيئ ، فقط أخذني الفضول لمعرفة حبيب هذا الذي تحادثيه و كأنه قريب منك ..هذا إن لم يزعجك الأمر.

بدى الإستياء عليه ببشكل كبير و كلماته الأخيرة لم تكن عن صدق بل كإنذار لي ، فقلت له ببرود : إنه خالي الأصغر و يكبرني بعامين ، لم أتصور أنك لا تعرفه حتى الان .

صمت و هو يصلح ياقة قميصه ذو الأشكال المربعة الزرقاء الغامقة لأنحني أغلق الزر الأخير رامية بكلمتي الصريحة كقنبلة موقوتة رميت لإحراجه : هل كنت تغار منه؟؟؟

بدأ ينظر بعيدا عن وجهي و كأنه يهرب من إحراجه الواضح : ليس كذلك ، فقط كنت متعجباً و أنا لا أعرف من عائلتك أحد تقريبا..فلم يخطر ببالي أنه خالك .

حاولتُ إشعال الفتيل أكثر و أكثر بإستفزاز غير واضح :حسنا حسنا ، فهمت ..كنت تظن أنه صديق قريب جدا حتى أكلمه بأريحية دون رسميات و هذا أزعجك ، لو سألتني لأخبرتك الحقيقة ..لم يكن هناك داع لإزعاج نفسك .

على صوت الجرس الذي هو عبارة عن موسيقى كلاسيكية لثوان قصيرة لارفعها و أتحدث مع خالي الذي يظهر خلف شاشة الكمرا : دقائق و نحن عندك حبيب .

أدرت نفسي لأحمد الذي هو خلفي لأراه ينظر للكاميرا بحقد فابتسمت على ما أرى فقاطعني هو بسؤاله: هل منظري جيد مهى ؟

طمأنته قائلة و أنا أدفعه : لا تقلق ، لا يجب أن تكترث بمنظرك أكثر من هذا ، فسوف أقلق من سرقة إحداهن لك هكذا .

ضحك قليلاً قبل أن يقول : للاسف في الوقت الحاظر أنا سجينك انتِ .


لم أشعر بنفسي إلا توقفت ، هل فهم هو معنى ما قاله لي الآن .. لا اظن
لم أستطع الإجابة عليه ...

أتمنى أن تكون حياتنا منذ الان بخير دون مشاكل ، و أتمنى ان لا يواجه صعوبة في التعامل مع عائلتي ..

هو خائف من مقابلتهم ربما ، لكنه يخفي ذلك لكي لا يجعلني أقلق....





•••••••••••••••••
•••••••••••••••••





يتبع،،،،،



__________________

التعديل الأخير تم بواسطة اقحوان الجنان ; 06-03-2018 الساعة 01:01 AM
رد مع اقتباس