عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 05-15-2018, 05:57 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://a.top4top.net/p_582x7ign9.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
المسلم الرمضاني: يعني حجم التحدي الذي يواجه هذه الأمة من غزو فكري يعلي قيمة المادة على الروح، ويعطى فيها الأولويةُ للمحسوس على المعنوي، وللمباشر على غير المباشر، وللآني على الآجل، وللقوة على الرحمة، وللمتغير على الثابت ..

إنها مفاهيم وقيم من ينظر تحت قدميه، ولا يدرك رسالة المرء الممتدة إلى حياة تكافلية وأبدية، وهو وضع خطير من شأنه أن يؤجج الغرائز ويهمش الفضائل ويحول المجتمع إلى غابة رعناء لا يرحم القوي فيها الضعيف، لذلك فرمضان للمسلم طاقة روحية تعبدية،

ينعم فيه المؤمن بكل فضيلة ويحيد عن كل رذيلة، رضا الله في السر والعلن غايته، وطمأنينة نفسه أمنيته، والتراحم مع العالم رسالته.






ففي رمضان يجد المسلم الغذاء الروحي الذي تحيى به نفسه الصافية «شهر القلوب الرقيقة»، فهو القائم والراكع والساجد والقانت والمتضرع، وهو الداعي بكل خير، المتصدق بكل ما قدرت عليه طاقته، الناصح بكل ما جادت به قريحته، رجل التراويح وليلة القدر وتلاوة القرآن والتضرع بين يدي الرحمن ..

فرمضان مدرسته الإيمانية والتربوية والسلوكية، يغتنم أيامها ولياليها قبل أن تحل الزفرات، وتبدأ الآهات، وتشتد السكرات.






المسلم الرمضاني: جواد باقتدار، فرمضان بالنسبة له موسم المتصدقين وشهر الباذلين،

وقدوته في ذلك أكرم الخلق وأجودهم صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة كما في الصحيحين.

قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك.







ولذلك حرص السلف رحمهم الله على زيادة البذل والإنفاق وخصوصاً تفطير الصائمين، وكان كثير منهم يواسون بإفطارهم وربما آثروا به على أنفسهم، فكان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة،

وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان يتصدق بالسكر ويقول:

"سمعت الله يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران:92]، والله يعلم أني أحب السكر"، وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه الإمام رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً.






إن هذه الأمة فريدة في إيمانها وعقيدتها وتعاليمها، ولقد أثرت عنها مواقف باهرة في التراحم وإغاثة المحتاج ونجدة الملهوف، حتى باتت قناعة راسخة على قمة هرم «فقه الأولويات» ..

خرج عبد الله بن المبارك رحمه الله مرةً إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابُه أمامه، وتخلَّف هو وراءهم. فلما مرَّ بالمزبلة إذا جاريةٌ قد خَرَجَت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، ثم لَفَّتْهُ، ثم أسرعت به إلى الدار، فَتَبِعَها، وجاء إليها فسألها عن أمرِها، وأخذِها الميتة ؟!.

فقالت: أنا وأخي هنا، ليس لنا شيءٌ إلا هذا الإزار، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلقى على هذه المزبلة، وقد حلَّت لنا المَيْتَةُ منذ أيام، وكان أبونا له مال، فظُلِم، وأُخِذَ مالُه وقُتِل!!.






فأمر ابن المبارك بِرَدِّ أحمال القافلة، وقال لوكيله الذي معه المال: كم معك من النفقة؟. قال: ألف دينار. فقال ابن المبارك: عُدَّ منها عشرين ديناراً تكفينا للرجوع إلى مَرْو (بلدته)، وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا هذا العام، ثم رجع.

منقول


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


__________________
"لبّيك إن العمر دربٌ موحشٌ إلا إليك "
يا رب