عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-12-2018, 09:38 PM
 
ذهبي ÐЄÂƚĦ ÐÂИĈЄr - رَاقٍصَة المَوْتْ ! |



وأشعر بك تدور حولي ! وأأنس لأطياف الحضورفي قيامي وجلوسي .
وحتى إن بلغ ضجيج الأماكن حولي سعةً شديدة ،
تختطف مني النداءات في صدى الصوت الغائب ... وعيي عن المادة ،
وعما حولي .

،،

خبطة بالباب أبادت السكينة بين دهاليز القصر المسرحي !

وتمدّد يديها تكاد تمزّقهما ، تأسر رأسها بهما ، حيث أكتسيا بحلة مخمل عصريّة تتلألأ تحت أبرقة دراميّة .
وعبق الضغينة يتسرّب من فوهتا عيناها
( " هي مجدداً !! ، ... فلتذهبي للجحيم ! ")
وآخر عبارة تبترها تلحينة صيحة .

ودارت ألوريتا حول مهجتها كأنها ترقص الباليه برداء الحرير ، ويتشابك القماش مع جزيئات متألقة ، برّاقة ، كوثباتها .
كانت تدور حول نفسها كطائر فاتن
وبين نقلات رقصها كادت أن تخلق من ذراعيها جناحان طويلان لتحرر هيكلها من أسر الجاذبية و تبقى معلقة بين سطح المسرح وسقف صالة العرض المهوّلة ،
وحتى ان الشاهدين على مقطوعة الرقص كانو تائهيين كالسُكرْ في مستويات براعتها ، تتحرك وكانها تقص حكاية عن السحّر !
وتأرجحت للحظة ، ثم مالت لتأسر الجمهور بنظرة خاطفة ،و عاودت الرفرفة .
كل شيء يتصاعد بألحان وديعة جداً لا تكاد تلامس مستوى الضجيج ، وإنما هي أنغام منسجمة لا تخفت بلا عنفوان ولا تتسنَّم حد الصخب الغير محبب .

وبعد انتهاء العرض كسابقه ، تحني القوام النحيل بتحية لقاء غير آجل إلى الهتاف المتعالي والتصفيق الثائر عن ذروة التأثر التي أمسى الحضور متوغّلاً فيها ،
ثم تغادر منصة المسرح بلا صوت خطى ، وحتى في مشيها كادت تلامس السطح بأصابع قدميها الضئيلة ، وتوارت خلف الستار لتعود غرفة التجهيز .

اغلقت الباب خلفها وارتكزته، أنفاس لاهثة ! رددت في فحوى نفسها المرهقة العبارات ،
بأنها ( كادت تفقد مقاومتها لهلوساتها وهي ترقص وتداري الاتزان بين خطى الرقص وتحركات عيناها لمدرجات الجمهور ! )

( "عالمان متناقضان.." ) .. ،

هوت عليها كريستيانا بنظرة الازدراء والسخط ، دائماً ما يتم تفضيل ألوريتا ! لم هي رغم انها ليست بإحترافية كريستيانا التي قطعت شوطاً أطول في الرقص ، بل أمضت الدهر كله ، نعم لا تنكر كم احترفت الوريتا الرقص في ليلة وضحاها!
لانها اشتهرت بين المتدربين ببداهتها و سرعة تمييزها وحفظها لحركات الرقص قبل غيرها ، فبلجت وضّاءة كالمآسة بين قطع الحلي الأخرى التي بدت أقل ثمناً !

وكانت ألوريتا حذقة ، تتنبه بين قرارات عقلها ان كريس تمقتها منذ الوهلة الأولى ، وفي بدايات اللقاء بين المتدربات ، بلا اسباب بيّنة ، دب الخلاف من اللا مكان وفجأة ، كحرب مستورة بينهما .
كريستيانا تواظب على وجود الحروب الداخلية والوريتا تحافظ على مدى المسافة بينهما وإبعاد نفسها إن أحكمها الموقف .
وصاحت كريستيانا هذه المرة وهي لا تطيق بلع غصّات انفعالاتها كما في سابق العروض ، حتى لا يتم تشويه هيئتها أمام أستاذ الرقص ، المتيّمة في عشقه كاللعنة ، وهو لا يبدي لها إشارة معبّرة ترتشفها لتروّي فرط ضمأها منه.
بل أن ملاحظاتها كانت تنحرف إلى فكرة سريرة في باطنها ، وهو أن المدرّب أمسى يميل إلى ألوريتا ويتودد إليها .. !!

( جيدة في كل شيء !؟.. لا.. سحقاً !! ، لم كل مرة يتم اختيارك واستبعادي !!؟ )

ولم تنطق بأحرف ، سوى انها حدقت تحديقة غير مطولة وخطت نحو مكانها ، حيث المرآة المستطيلة التي تألقت على جانبيها مصابيح الأضواء الصفراء المدببّة بزهوٍ،
ورخام الطاولة المعدة بمثالية لضم قطع التجميل ،
ثم تتكئ عصي تماثيل الرؤوس الخزفية للشعر المستعار الملون .

نهضت كريس بغتة واسقطت المقعد خلفها ، دنت من الوريتا ودفعتها ترتطم الارض !
وكانت تجاهد تعنيفات الاخرى لها التي جعلت تضجّ صراخاً بحنق وتجهر بصيحاتها
( انت دوماً ، لما ؟ .. ما صنعت منذ قدومك حتى الآن سوى أنك فرقت مجموعتنا وجعلت المدربين يستبعدون الجميع ويقع الاختيار عليك في كل مرة ،
نحن نفقد كياننا ووجودنا على هذا المسرح ، نتلاشى شيئاً فشيئاً ولا يبقى لنا اثر مذكور بين ألسنة الحضور !! )

وتصدها ألوريتا الجدال ( ليس ذنب احمله إن كان الأمر يسير وفق هذا المنوال ،
لم اختر نفسي حتى اكون ، انا ايضاً اريد من الجميع المشاركة ، لا أحبذ الظهور لوحدي ، )
اشعر بان جلّ الانظار تسلط علي في كل مرة أخرج فيها للملأ وهذا يثير رعبي ! )

(ماذا علي ان اصنع حتى ارضي أنانيتك وكبرياءك )

( اختفي من هذا المكان ولا تعودي كما لم يكن لك ذكر مسبق !! )
( أنه مكسبي الوحيد لأنفق على نفسي ، لا ملاذ لي غيره ، هو مسكنٌ لي ، هو ملجأ من كل شيء !)

( لأنك لقيطة أضاعت طريقها في احد الازقة القذرة قرب متاجر جالييري ! ، لولا ان المدرب وجدك بالصدفة ترقصين كالبلهاء على حافة الرصيف في باحة وهو يلمع حذاءه ،
لا أعلم ما الذي دب في رأسه حتى تخطر بذهنه فكرة ان يضمك إلى هذا المكان ، ويحولك إلى راقصة !وانتِ لست سوى
لقيطة متسولة تتغذى على نفايات العامّة !! )

وصفعة مؤلمة من ألوريتا ناحية كريستيانا المتصبغة بألوان التجميل ، .. تورم جانب من وجهها .
واخرستها عن النطق في لحظة من الصمت لهول الصدمة ، الوريتا تطيل التحديق فيها ... ، كانت بين ذراعي كريس التي اشبكت عليها حتى لا تملك متسعاً من الحركة ،
ولكنها دفعتها بقوة لأول مرة ونهضت .

( ساقطة !)
انقلب بروز حدقتاها ، تحولت ولكأنها أرتدت هيئة آخر ى ، مناقضة عن انطوائيتها و سكينتها ، تقذف الاتهامات في وجه كريستيانا وتتوصف فضائحها المستورة بين الطلبة الذكور !
عن سوابقها التي وصمت بها ! حتى عرفت بين الطلبة بشخصها المعهود ولكن لا احد يجرؤ على النطق، بسبب وحش نفوذ العائلة الهائل وسمعة والدها صاحب اشهر محلات جالييري .

( لم تكونِ غير دمية تالفة انتهت صلاحية وجودها ! وجودك هنا فقط .. هو لوجود أموال والدك التي تساهم بشكل كبير في تحديثات المسرح !
ولكن لا شيء تملكينه يعود الى عالم الرقص ، لست موهوبة ولكنك تتظاهرين
بكبرياء ،
تترفعين عن الجميع بتعجرف، لا أحد يجرؤ على النطق فقد يخسر ما يملك بسبب جشعك ،
تمقتين رؤية من هم أفصل منك ، ظنا بأنك محترفة ! وانت لا تفقهين حسَا من عالم الرقص ! )

كريستيانا مشدوهة ! وقعت الحقيقة كالشظايا المدمية بدنها، لا تملك قدراً على الحركة . انها لحظة فريدة في تاريخها الحافل داخل هذا القصر ،تسمع بوح شخص بحقيقة كالعلقم ،
لا أحد ينكرها و يتلفظ بها ،
خالجت احاسيس مريبة في ذات الساعة !
لم تفسّر كنهها ، فمقتت شعور محاولة عدم الإبصار للواقع الذي سردته الوريتا ، هي تكره هذا الشعور ، انه لا يحتمل !!

وتجاوزتها ألوريتا كطيف فراشة لم يغريها شيء للتسارع ، بعد ان أزاحت خصلة طويلة تتموج على طليعة قسماتها ، وكأنها لم تتفوه أمراً يذكر .
وتابعت الحركة حيث انحنت عند صندوقها الخاص الذي يحوي اكسسوار شعر وعدة قطع ملونة ، خلعت أكسسوارها وألقته داخل الصندوق !
اغلقت عليه ، خطت إلى خزانة الملابس ، أزياء تنكريّة وفساتين رقص ، وكانت تبتغي ان تغير خاصتها ، التقطت زي التدريب الرسمي .
كريس كانت منحنية على الارض منذ جدالها لم تجاهد في التحرّك ، لم تزحزح وضعية سقوطها ،
ربما من هول الكلمات أو لتفكيرها بالاقدام على بغية مريبة مشكوكة .

لم يحوي خواء الغرفة صدى ! ولو لهمسة خفيضة ، سوى ضخب المسرح خارجاً الذي بدى أقل حضوراً من زاوية بعيدة عن غرف الاستراحة .
الوريتا منشغلة بتحريك علّاقات الازياء ،
همسة من كريس ،
( أختفي من هنا ، حتى يعود كل شيء لسابق عهده ،

وكأنه لم تكن لكِ مسبقاً لمحة وجود ! )

كان هناك تمثال زجاجي فاتن لشكل راقصة ترفع كلتا ذراعيها للأعلى في هيئة أخّاذة، حدقت في التمثال لوهلة ،
لم تفقه بنفسها أمراً وهي تتأهب خفية دون صوت ،وتعتقل التمثال بينها .
وثبت خلف الوريتا التي لم تتدارك ما يجري في اجزاء من الوقت العصيب ، وبسرعة مخيفة !
ضربة بالتمثال على طرف الطاولة ليتهشم ، التقطت احد الشظايا منه ، يتدنس نقاء الزجاج ببقع الدم بعد ان أنغمس حد القطعة في باطن كفها !
ولكن الغضب جثم على مداركها ، حتى أضحت في موقع انفعال هستيري !

لم يخالج صدرها بغية الا وهي تهوي بالشظية على كتف الوريتا ورائها ،
صاحت الضحية كالطير الجريح !
وانهالت عليها ، احكمتها ، انحت فوقها ، اخذت تطعن جسدها كالغائبة في خضم هلوسة ما ، في كل جزء منه ، تبتغي تبشيعه ، وسال الدم .
كانت الوريتا في عنفوان مقاومتها ، ولكن ما أسرع ما خفتت هذه المقاومة ، وانتهت بنظرة مهولة و نحيب منها ، حتى سقطت ذراعاها اللتان كانتا تقاتلان في حرب الصدّ عن ولوج طعنات كريس اللاذعة،
خمدت الروح وأختفى الادنى من أدنى خفقة فيه، وكريس تفترس دون وعي ، تخترقها وهي باتت كدمية محشوة .
إنهال شيء من الوعي ، القت الشظية بجزع ، تراجعت ! احست بهول ما كانت تصنع، هي قامت بجريمة للتو !
قتلت نفساً !

سيتشفى قبح الجريرة للجميع بعد ختم العروض ، سيعودون قريباً وسوف تفتضح !!
لم يبتقى من نهاية هذا اليوم المشؤوم ، أنها الخاتمة ، بقي عرض واحد فقط لمهرجي السيرك ، وستعود كل مجموعة للغرف المخصصة لها .
ماذا سيقع ان حدجتها جميع الانظار ؟ وهي مضرجة من دماء الفتاة الملقاة على الرخام المبلل، بمحاذاة خزانة الملابس التنكرية !
الغرفة مقتَحَمَةُ الفوضى ، مبللة ، بدأت تفوح من أرجائها رائحة القتل !
صوت الكمان يصدح خارجاً ، مسافراً من المسرح ، ثم نصوص موسيقية سمعية ، معزوفة والحان فكاهية سريعة .. لعلها ضمن عرض مهرجي السيرك ، آخر عرض !

لا تسعها سوى هذه الدقائق ، وقت قصير فقط ، تواري الجثة في مكان لا أحد قادر على تيقنه !
ضربت بكفها على شفتاها لتمنع سيل القيء ولكنها أفلتت قوة المقاومةولم تنجح ، النظرات منها كالمهووسة تحت الأضواء الخافتة ،
تتطلع وتدور حول نفسها كالضائعة ، عن شيء ما ،
لمحت باب المخزن المتقلص المركون في آخر الرواق.
تخبئتها ! ..،
نظرت لألوريتا المطروحة في المنيّة ،
سحبت الجثمان من أطرافها ، مخلفة السطح بخط عريض قاني اللون ، لطخت الرخام بالدماء وهي تجاهد تحريكه بشدة
ثقيلة الوزن رغم ضئالة هيكلها !
وصلت لباب المخزن و فتحته ، ورفست الباب !
تابعت سحبها حتى وصلت للنافذة المربعية المرتفعة عن السطح بشقٍ طويل .
أفلتتها بمقت لكأنها قطعة زائغة لتجرّ صندوق كارتوني يلم أدوات مسرحية قديمة ودمى مهترئة .

ما ان أعتلته حتى كوّمت بقايا قواها المهترئة لتشد الوريتا لمستوى النافذة ، أحاطتها من خصرها ، فتحت النافذة على مصراعيها !
تحارب بين إتزانها على الصندوق ودفع النصف الأول من الجسد.
وهي منخرطة في عمق هذه العملية ،

هزة مرعبة!
لم تشعر بمبعثها سوى من زمرة أعضاء متجمدة !! ،
تتعفرت وكأنها عائدة من الموت !
هي ليست جثة ! لم تباغتها المنية عندما كانت ملقية هناك !

اعتلَّت كريس ! لكأنها مصابة برعاش .
وتأرجحت حتى استقام جسد الوريتا على قديمها
إنهما واقفتا فوق الصندوق ،
عينا الوريتا المريبة وهي تحدج ملامح كريس الفزعة ، مضرجة ، عنقها وخديها ، وفستان الباليه المتلألأ لطير تمزقت أجنحته .

( اللعنة عليك ! )

حاولت تداركها ولم تفلح ،
دفعتها الى خارج النافذة ، هوت حتى استقبلتها حافة الرصيف الاسفلتي الحامية ،
و دوى تهشم كومة عظام كريس !
تتقيء بآخر الشهقات المدماة بينما تحاول التلفظ بشيء ما وعيناها غائصة لأقصى أعلاها ، تنظر لصورة ما .. ، طلعيتها جزعة !
لم تشعر سوى بالبلل الغزير تحت أشلائها المتهالكة ، بفعل تسرّب الدماء .

آخر ما أبصرته كان وجه الوريتا وهو يحدجها من الأعلى بشؤم وبرود ! يتابع تفاصيل إحتضارها .. ، كالآلة ، كالشيّطان !
حتى تراجعت عن اتكائها من على النافذة،
أقفلت الزجاج !

ثوى شبح الصمت الأركان الضاجة بالنياح .

بين الأزياء والاقنعة التنكرية في الصناديق التي كانت متكدسة فوق بعضها بعشوائية ، دولاب الملابس وفساتين الباليه المفتوحة ..،
أدوات التجميل مبعثرة على كل طاولة من الطاولات الخمس في الغرفة ، خمسة متدربات في زهرة الشباب ، ما كادت أن تتفتح وريقاتها .
أجزاء الشظايا متناثرة فوق الرخام.

ويواصلون الرقص ، أحاديث عاجة بين مقاعد الجمهور ، ثم يضحكون بهستيرية على اتقان دور الجنون من مؤدي عروض السيرك الهزلية ،
وبين الجثث الراقصة في جنبات القصر المسرحي .

تمت


__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

رد مع اقتباس