عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 03-30-2018, 11:21 PM
 
فضي



[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('https://www.up4.cc/image125567.html');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




هالة



[3]
تلكُما العينان الزرقاوتان حدقتا بالكتاب الذي بين يدي صاحبها, أرادّ أن يُبدِدَ ملله الذائد, بسبب بقائه على الفراش, فسلى نفسه بمطالعة الكتب, ليأخذه الهدوء بين سطور الصفحات, كما كان حال غرفته المرتبة الهادئة, عدا بعض النُسيمات أخذت تعبر نافذتها متلاعبة بأسترتها الذهبية.
صبّ كل إنتباهه بما تتأمله عيناه بين ثنايا الأحرف, فقطع ما فيه صوت لطرق خافت عبثّ ببابه, فنظر نحوه قائلا بهدوء:
" تفضل بالدخول"
فُتِح الباب بتردد, ليدخل ويليام من خلفه ووقف عنده ولم يذد خطاه, فقال عندما إستقبلت عيناه الجالس في السرير:
"كيف صرت اليوم? "
فوجى آليكس قليلا بمجيئه, لكن هذا لم يمنعه من رسم إبتسامة تُعبر عن مدى فرحه, فرد :
" صرت بخير تماما ...شكرا لهتمامك"
ثم قال بطيبة:
" لما تقف عندك!.. تفضل بالدخول"
تردد المعنيُ بطلبه, فأشاح بنظره المكتئب جانبا, ليردف قوله :
" أعتذر ..أنا في عجلة من أمري ...كنت مارا من هنا فودت معرفة حالك "
وأراد الخروج لولا كلمات آليكس الهادئة إستوقفته:
" شكراً لك ويليام.. أشكرُ إهتمامك"
إلتفت نحوه حين سمعها, جاعلا من السكون يغرقه عميقا, ظل للحظة بصمت تام و الحزن لونّ عينيه, أخيرا قرر إغماضها وولى خارجا, تاركا من خلفه يغوص في بحر من التعاسة, والذكريات التى طفت عليه فجأة.
خيالات متعددة, وأصوات متشابهة, سمح لنفسه بالإنجذاب لها ,فأزاح نظره المكتئب عن الباب جانبا, وراح يتذكر أيام مضت.
حينّ تحيّرَ عقله الصغير ذو السابعة, لم يفهم وقتها ما يسمعه من همس يخص الخادمات, تارة ترن مقولة سكنها الأسى لإحداهن :
" مسكينة مانيا ماتت بسبب مرضها الخطير"
وتسرب لإذنيه قول أخرى:
" تركت إبنها الوحيد...كم أشفق على حاله لم يكفَ عن البكاء منذ ليلة البارحة"
تصاعد تعجبه , فخطى بخطواته خارجا, لتقع عينيه عليه, كان يجلس بعيدا خلف إحدى شجيرات حديقة القصر,
فتقدم نحوه ليسمع شهقاته المختنقة, صُدِمت عيناه عندما أبصر شكله المكسور, يجلس أرضا ويضم ركبتيه إليه ليخفي بهما وجهه الباكي.
حزن عليه بشدة ,فمهس بإسمه مناديا:
" ويليام!"
لم يجبه , بل بقيت شهقاته التي يحاول حبسها ترتفع, فلم يدرِ إبن السابعة ماذا سيفعل ليخفف عنه!, فتحرك جسده من تلقائه شارعا بالجلوس قربه, وأذناه أُطربتا بأنين أذاب قلبه, رويدا رويدا لم يعد يسمعه, فصاحبه عزلّ عنه أخيرا,
ورفع رأسه من إختبائه , لتلتقي أنظارهما لحظتها, أبصر توغل الدموع في عينيه, فلم ينطق أحدهما بحرف , رغم رغبة أزرق العينين بالسؤال, ربما كان يعلم أن بعض الجراح تذداد نزفا إن لُمست, وأن الصمت أحيانا يكون أكثر جدوى من الكلام.
تناغم جلوسهما الهادئ رغم هالة الحزن المحيطة , دفء غمرَ كسير القلب لقرب إبن عمه, أحس بالمواسة منه عندما ظل يجلس معه, فأشرقت ملامحه بسكينة عابرة لم تدم بظهور والده أمامه فجأة, إرتعب منه, فوقف من فوره لاحظا الغضب فيه , والشرر المتطاير من عينيه القاسيتين.
فنطق هلان مخاطبه بسخط:
"أنت لا تفهم! ...لا أريد رؤيتك معه مجددا"
تردد ويليام , فسحبه هلان من يده بقسوة يجره خلفه, غير مهتم لحاله أو مشاعره, لتعتري آليكس خيفة حينها بسبب عمه ومنظره المبتعد جارا إبنه , تمنى أن يعلم لما يكرهه بهذا القدر, ثم نهض يمشي بأحاسيس مبعثرة, وجه وليام الباكي لا زال يلاحقه, وفعل عمه أفقده عقله, توهان, هذا ما كان به الى أن أبصرها أمامه, تقف قرب الزهور, بدت كالطيف لتوهج ثوبها الأبيض العاكس لنور الشمس .
ما إن رأها حتى شعر بالإطمئنان فأسرع نحوها, قائلا:
" أمي"
إلتفت له ذات الملامح الطيبة المبهجة, طابقته الشبّه, وشاركته لون العيون والشعر , نظراتها الحنونة لامست ما فيه من حزن, فنزلت إليه لتصبح كطوله, خاطبته بإهتمام :
" لما الحزن جليّ عليك هكذا! "
أجابها دون تردد:
" لماذا رحلت والدة ويليام وتركته!"
إهتزت نفسها بسؤاله, ليغمرها الحزن, فإختنقت عيناها بالدموع سريعا ,ردت بأسى واضح:
" أتعبها المرض..أنهكها بشدة فرحلت"
أخافته إجابتها لتجعله يبادر بالطرح القلق:
" وأنتِ يا أمي هل سترحلين أيضا وتتركيني أبكي كما كان يبكي ويليام?"
إرتجفت عيناها بتأثر, فما كان منها سوى إحتضانه بألم, لتهمس بدموعها المنهمرة:
" جميعنا سنرحل ...ولا أحد منا سيبقى ..لذا علينا العيش بسعادة علينا إسعاد من حولنا"
أبكته كلماتها لسبب لم يعلمه, ربما أنه فهمّ سنة الحياة بما قالته, او لوجه ويليام الباكي الذي لم يفارق مخيلته.
ما تذكره أرّقّ هدوئه الذي كان فيه, فطفى الحزن ظاهرا عليه بما راوده من ماضي, ليفقده الرغبة بالقراءة, فاغلق كتابه وبقيّ يحدق بغلافه البُنِي بتعاسة.

حلّ المساء عابقاً الأجواء بحلته الهادئة, فترأس القمر بجماله حفلة النجوم المتراقصة في السماء.
في عبق الهدوء المسائي ـ أمسى الحاكم على إبنه,
فتبادلا أطراف الحديث مطولا, الى أن إنتبه إرياس لتلك القلادة التى منحها إبنه فوق منضدة تقرب السرير, ما إن رءاها حتى شرد بفكره بعيدا, فإضطربت نفسه بأمر تذكره, فحاول جمح ما فيه من توتر ,و قرر الإنصراف بحجة الإرهاق المُلِم به.
دخل غرفته التى تليق بمنصبه, توجه مباشرة نحو درج يخصه, فتحه ليخرج منه قلادة كريستالية حمراء اللون, عُلِقت بسلسلة سوداء, وبات يحدقُ بها بهْمِ وأسى شديدين.

مرّ يومان كاملان منذ نهاية المهرجان, ولا يزال حاقد القلب غير راضِ , تمنى ربح ولده ليتخذها فرصة لنيل من منصب أخيه, بحجة ضعف الوريث, فظل يشطشيط غضبا كلما تذكر نجاته مما حاكه له, فطمح حقده بإسراف على عينيه, ليذيدهما حلكة كحال غرفته المظلمة الخالية من النور ,فالنافذة المغلقة أحالت من وجوده, وردعت الأشعة الغاربة , ومنعت إقتحامها .
ظل على جلوسه, بتفكير أسود يفوح من عينيه الخبيثتين, أفكار عدة لاحت في عقله, فراح ينسج خيوطها بإحكام قبل الشروع في تنفيذها.
لكن توقف عقله لإحساسه بحركة ما, جولّ عينيه بمحيط الغرفة فلم يبصر شيئا, إنتابه شعور غريب تسبب بإخافته, وجعله ينطق بجد :
" من هناك! "
لم يستجد شيئ , وبقيت الغرفة بعتمتها المخيفة .
نهض يقف قائلا بإنزعاج:
" قلت من هناك! ..أظهر نفسك ياهذا"
فأتاه صوت ضحك قبيح, ليتبعه ظهور شخص أمامه من حيث لا يدري, جعله يرتعب قليلا من شكلة المخيف, شعر إرجواني تطايرت خصلاته السميكة للأعلى, وتمتع بعينين مرعبتين ,أحاطت حمرتهما هالة مظلمة.
إستجمع هلان نفسه التي هدرها الخوف للحظة, ثم قال بغضب بالغ:
" من أنتَ ياهذا? بل كيف دخلت الى هنا! "
تبسّم المعنيُ بقبح, ليردف قوله بمكر:
" ليس المهم أن تعرف من أكون ولكن المهم ما تريده أنت! "
دهش بشدة لقوله, لكن سرعان ما أزال دهشته بغضب علاه, لينطق :
"أتستهزء بي! ...سوف أستدعي الحرس لينالوا منك"
ضحك الغريب بوقاحة, ثم توقف ليتكلم بنبرة جادة:
" لا داعي للسخافة...انا هنا بأمر من سيدي لأحقق لكَ ما تريد"
لم يستوعب ما سمعه, وبقيّ يترقبه بحيرة.
أردف مجهول الهوية قوله بخباثة:
"أوليسَ الحكم ماتريد? هل تكفيك هذه المملكة الصغيرة? إن إنضممت إلينا فستحكم العالم أجمع"
لم يحتمل عقله ما طرأه, بالكاد إستطاع تحريك شفتيه , لينطق بزهل سلبه نفسه:
" قلت العالم أجمع! .. هذا مستحيل! "
أجابه بإبتسامة ساخرة:


"ليس مستحيلاً...فإستعد لما سأخبركَ به وإفهمه جيداً "
فغابت الشمس بعدها مودعة هذا اليوم كغيره من الأيام.


صباح جديد تصحبه إشراقة مبهجة تدعو للنشاط, فهبّ سجين غرفته خارجا معلنا كفايته منها, بالكاد صبر بالمكوث فيها ليومين, فمتّع عينيه بثوب السماء صافي الزرقة, تجولّ هنا وهناك بين اورقة الطبيعة في حديقة القصر ,تنعّمَ ببهائها, خضرة أشجارها المنسقة بإحترافية, وتميّز زهورها المخملية متعددة الألوان, ثم إنتهى به المطاف أمام مكتب والده, تردد قليلا ,كاد يرخي يده دون طرقه, لكن عزم أمره , وطرقه بخفوت, ليسمع صوت أبيه آذِناً له بالدخول.
دخل ليبصره مندمجا في عمله, كم هائل من الملفات أصتفت أمامه, فتوقف إرياس عن شغله لرؤيته, وخاطبه بجد:
"لماذا غادرت غرفتك! ..أخبرني الطبيب بضرورة إلتزامك للراحة"
تقدم نحوه , ليجيبه بهدوء:
" صرت بخير تماما ...لن أحتمل مكوثي في الغرفة أكثر"
إقتنع إرياس برده, ومع ذلك لم يُنزل نظره عنه, علم أن وراء قدومه أمراً, فسأله :
" اذاً ما هو طلبك الأن? "
إبتسم بهدوء, ولم يتفاجئ لعلمه بما يدور في خلده, فرد بأدب:
" أرغب بالذهاب الى الجبال"
هذا ما توقعه إرياس منه, فترك التحديق به, وهدوء نفسه لم يتزعزع, ثم أضاف كلماته الممزوجة بالجد والقلق:
" أنسيت محاولة قتلك! حتى تفكر بالخروج من المملكة"
أجابه بثقة وإحترام :
" لا لم أنسَ... لكن لي رغبة شديدة بالذهاب إلى هناك"
رمقه بنظرات تحمل العديد في طياتها, قلق, خوف, وطيبة, ثم أنزل بصره عنه مستسلما لقلبه, رافضا أن يرد طلبه, فتكلم بجد هادئ, وقد تحركت أنامله تكتب على الورق:
" لك ما أردت ...لكن سيرافق بعض الحراس"
أعترض رأيه بإحترام وأدب, ولم يتمادى بسوء الجدال:
" أستطيع تكفل حمايتي بنفسي... لذا ليس هناك داعي لهم لمرافقتي "
توقف عن الكتابة بجد علاه, فرد :
" أعلم أنك تكره مراففتهم لك لكن هذا لصالحك ليس إلا ... وإن كنت مصراً على رأيك فإنسْ أمر خروجك"
كان جادا غير مازحا, فهو لن يسمح لما حدث أن يتكرر, وما كان تلفظه سوى حرصا عليه, هذا ما شعر به, فلم تزعجه كلماته, بل نطق بهدوء وجل يعلن إنصياعه له:
" أمرك سيدي ..سأنسى فكرتي وأقدر حرصك عليّ"
ثم إستدار لينصرف, بعد أن أبدى أحترامه له, وقبل خروجه من الباب, أوقفه صوت والده :
"يمكنك المضيُ الى مأربك"
زهل آليكس حينها, فلتفت ناظرا له , كأنه لا يصدق سمع أذنيه,

فمنذ لحظة كان في أشد الإعتراض, والأن تبدد ذلك بإعلانه الموافقة, حتى هو بدى محتارا , فقد سمح لنفسه بالرضوخ لقلبه, وترك العقلانية جانبا.
سأله إبنه بإستغراب:
" أحقا ذلك! "
رد بهدوء :

" على الا تُطيل زمن بقائك خارجا وأيضا إحرص على سلامتك جيّدا"

سُعِدَ من أعماقه, فزينته إبتسامة فرحة, وإستدار بكامله نحو والده القابع خلف درج مكتبه, لينطق بإمتنان :
" شكراً لك أبي "
ثم غادر بعدها تاركه في شكوك نفسه, فيداه رفضتا التوقف عن إرتجافهما, وقلبه لم يكن مطمئنا لسبب يجهله, عجزّ عن متابعة عمله, فترقب بعينيه القلقتين يديه المهتزتين, ليُحدِثّ قلبه المرتاب:
" مابي! مالذي أصابني! "

في ناحية أُخرى من أمكنة القصر الفخمة, فُتِح أحد الأبواب البيضاء, ليدخل منه هلان, وتفاصيل وجهه تنذر بالشئم, فأحس قاطن المكان بغرابة فيه جعلته يترك كتابه جانبا, وجذب إنتباهه لمحدثه, الذي نطق بجد :
" إستمع لما سأقوله لك جيّدا"
أصغى له رغم تعجبه, ليصعق بما فهمه, فإهتزت عيناه الرماديتان برعب, ونطق بعجز متألم:
" مـستحيل! أبي قل إنك تمزح?! "
أجابه بسخط:
" ومنذ متى كنت أمازحك!! "
فغرق في الصدمة برده, شعر بفقدان توازنه, وببهوت الوضوح حوله, رغم إشراقة الغرفة الجميلة , فأشعة الشمس المنيرة إسترسلت عبر نافذتها المفتوحة.
زاغ فكره بعيدا, لتستحضره مقولة هلان خالية الرهفة:
" تجهّز فقد حان الوقت"

طيرت الرياح شعره داكن الزرقة, كأنها تدعوه للتحليق عاليا, كما كانت تفعل بشعر جواده أبيض اللون, الذي سابق بسرعته الريح.
مضى نحو هدفه حيث الجبال الواقفة خلف المملكة, لكن طال طريقه فقرر أن يمنح نفسه قليلا من الراحة, ليتوقف قرب شجرة مخضرة, تراقص ظلها مع إيقاع النسمات الطيبة, ربط خيله بها, ثم جول نظره متأملا سحر ما أحاط به.
بساط أخضر إمتدّ أمامه, وأزهار متلونة بهية توزعت عليه, ليعبق شذاها المكان, و فوقفه السماء سيدة الزرقة قد عانقتها سحابات بيضاء, تناغم, هذا ما إنتابه بالتحديق بما حوله, إنسجام تام او كان الجمال الفتّان أشبه بلوحة فنان.
سلّم نفسه المسحورة, وأستكان جالساً في الظل المتأرجح, لحظات فقط ـ حتى أضحى نائما ليجذبه عالم الأحلام إليه.




في هذه السويعات الصباحية ـ بين تزاحم شعب المملكة في الطرقات و الأسواق , طغى ظلام فجأة أرجائها, فإنبلجت منه ظلال سوداء كالبشر تجسدت!, باشرت فور ظهورها بفتك الأبرياء دون سابق إنذار.
كل من مرت به أفقدته حياته, فإرتفع عدد القتلى بسرعة, ومن بقيّ حيا تعالى صراخه ليهرولّ هاربا, رجال ونساء, وللأسف أطفال !, جميعهم قتلوا, دون أن يدركوا ما ذنبهم!, هذا إن كان لهم ذنب بالأساس.
مملكة النور تلك المملكة الأمنة ـ فقدت بريق إسمها في لحظات قليلة, عمت معظم قطرها ظلمة معتمة, وأحاطها الرعب من كل الجوانب, فتعالت الصيّحات الفزعة المستغيثة, ليبادر الجند سريعا بالتوزع هنا وهناك, إقتصر همهم في ردع الخطر الذي ظهر فجأة وخالى من المقدمات.
كذلك إرياس همّ بالإسراع في خطواته, أراد أن يفهم ما يحدث رغم إعلامه بالمجزرة الجارية خارج القصر.
لحقه حارسان والقلق فيهما قد بان, خاطبه أحدهما بقلق:
" سيدي الحاكم ستعرض حياتك للخطر إن خرجت الأن"
أجابه غير مهدء من إسراعه:
" ما الفائدة من حياتي وشعبي يقتل ظلما! "
أنهى كلماته الواثقة, ليجد نفسه تجاوز باب القصر الرئسي, وصار ضمن ساحة حديقته الخلابة, لكن توقف مدهوشا من إعتراض هلان لطريقه, ظهر أمامه فجأة, حدّق به بتعجب ,ليلمحه يمط شفتيه مظهرا إبتسامة خبيثة تنذر بشر ضميره .
تدارك الأمر سريعا , فعلاه هدوء يخفي تحته غضب إعتراه, فقال بمزيج ثقة وغضب:
" كان عليّ إدراك ذلك منذ البداية فلا يوجد هنا مجرم سواك"
كشر الذئب عن أنيابه,فستل سيفه بلهفة للحظة حلمه التي آنت له , فقال بشر :
" أرني ماذا ستفعل الأن! "
مع إنتهاء تلفظه ظهرت خلفه هالة مظلمة, تسللت منها الظلال ذاتها, تراوح عددها ما بين العشرة, ليزهل الحارسان ويتملكهما الخوف من غرابة ما أبصرانه, عكس حاكمهما لم تهتز ثقة نفسه ولا هدوئها, فلمع نصل سيف خصمه مع الشمس, ليعكس وجه طيب القلب عليه, كانه مشتاق ليختلج جسده.

ربما القلب على القلب, فذلك الشاب إنتفضّ بفزع من نومه, كأنه رأى كابوس أرعبه, توترت عيناه الزرقاوتان كثيرا, شعر بإنشقاق في صدره, و ضيق في تنفسه, فحاول إستجماع نفسه قليلا, وضع يده حيث قلبه ليهدئ من روعته المضطربة, وجد نفسه يتلفظ بـ " أبي"
لم يدري لما أسلف لسانه بذكره, بل لم يجد حجة لقلقه المتصاعد, فرفع نظره عاليا ليبصر تجمع غيوم أمطار داكنة حجبت نور الشمس ,فنهض من فوره منططيا حصانه هاما بالرجوع,
أملا أن يخيب حدثه القلق على أبيه.


يُتـبْع ....




[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN] -
__________________






سُبحان الله العظيم
سُبحان الله وبحمدِه

التعديل الأخير تم بواسطة Mārionēttē ; 11-15-2019 الساعة 03:20 PM
رد مع اقتباس