الموضوع: ألم طفلة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-25-2018, 08:56 PM
 
ألم طفلة





على تلك المروج الخضراء التي تحولت للأحمر جراء الدماء وبين تلك الجثث الملقاة هنا وهناك
, كانت تلك الطفلة الصغيرة جالسة بجوار جثة ممدة على بطنها وجهها وجسدها
مليء بالدماء كما أنها مغمضة كلتا عينيها وهي قد سلمت روحها وفقدت الحياة ,
تبكي تلك الصغيرة التي ترتدي ثوبا أبيض مليء بالبقع الحمراء من دماء
الجثث تمسك بإحدى يديها دميةُ على شكل دب بني اللون وتهز الجثة أمامها وتقول
: "أمي , أمي , أرجوكِ استيقظي من نومك علينا الوصول إلى بيتنا , أرجوكِ أمي "

لم تسمع تلك الطفلة أيّ استجابة من أمها ,فعلت شهقاتها التي تقطع القلوب تظن بأن
أمها حية وتوقظها يا لبراءة الطفلة , ويا لجشع الحروب , تأخذ منا من نريد ومن
نحب دون أن تسأل , إلى متى ستبقى ؟ وإلى متى ستدوم ؟ وفجأة تقدم أحدٌ يرتدي
ملابس خضراء وفوقها درع حماية يغطي بها وجهه وجسده ليقول عبر اللاسلكي الذي يحمله :
" يوجد هنا طفلة , أكرر عثرت على طفلة "
تقد الرجل منها وقال لها :" ما بك يا صغيرة ؟ "

ضمت يديها وبدأت تتراجع إلى الخلف وقالت له : "ابتعد عني "
تقدم نحوها وقال لها بهدوء : "لا تخافي يا صغيرة , فأنا لن أؤذيك وسأساعدك "
فقالت له وقد توقفت دموعها عن الانهمار : "حقا ؟؟ "
فأومأ رأسه بإيجاب, فأردفت مكملة كلامها : "إذن أيقظ لي أمي ,
فهي لا تستيقظ وقد حاولت كثيرا لكنها لم تستجب لي "
شعر الجندي بالأسى عليها أمها ميتة كيف سيخبرها بهذا ,
تقدم نحو الجثة الممدة وألقى نظرة خاطفة ليتأكد أنها ميتة وبالفعل هي كانت قد ماتت ,
فتقد الجندي نحو الطفلة وقال لها :" ما اسمك يا صغيرة "
فأجابت بهدوء :" اسمي كارلا "

"إذن ما رأيك يا كارلا أن تأتي معي وتدعي أمك تنام قليلا فهي متعبة , لذلك لا تستيقظ "
فقالت كارلا بعناد : "لا لا أريد , سأبقى عندها حتى تستيقظ "
صدم الجندي من ردة فعلها فلقد توقع قدومها معه فأجابها : "هكذا لن تكون أمك سعيدة "
ثم وقف ومد لها يده وأكمل :"هيا تعالي معي لتغيري ثيابك وتأكلي ريثما تستيقظ أمك "
فقالت له : "أحقا ستكون أمي سعيدة ؟ أخشى أن تغضب إن استيقظت ولم تجدني بجانبها "
فقال لها وصبره يكاد ينفذ لكنه حافظ على هدوءه لكي لا تجزع : "لا لن تغضب بل ستسعد .., هيا بنا الآن "
وقفت تلك الطفلة وهي تحمل دميتها وقالت له : "سأودع أمي أولا"
وتقدمت نحو أمها وقبلت وجنتها وقالت لها : "لن أتأخر أمي , أعدك سآتي إليك "
تأثر الجندي ببراءة هذه الطفلة وحزن بما سيحل بها عندما تعلم أن أمها ماتت ,

ثم تقدمت إليه وقالت له : "هيا بنا ", ثم بدآ بالسير والطفلة تلوح لأمها بيدها مودعة إياها
, لا تعلم أنها لن تراها مجددا

كبرت الطفلة وهي لازالت تنتظر رؤية أمها , كانت قد عاشت حياة سيئة
في مركز لرعاية اليتامى , فلم يستطع أحد الاعتناء بها سوى المركز ,
كانت تسأل عن أمها ولا تسمع إلا أنها ستأتي قريبا , وتدعو دائما أن تراها

وفي إحدى الليالي كانت كارلا تود أن تسأل السيدة عن إذا تسمح لها بالخروج للعب ,
مشت بهدوء إلى أن وصلت إلى باب أبيض كبير منقوش بنقوش
ذهبية وقد كتب عليه "المديرة" , كادت تطرق الباب حتى سمعت المديرة
تقول وكأنها تحدث شخصا ما : "إنها مسكينة , لا تعلم أن والدتها ماتت ,
إنها تكاد تسبب لي الجنون وهي تسألني عنها , صحيح توقفت منذ فترة ,
لكنها أكيد ستعاود السؤال , أليست كبيرة كفاية لتفهم ,
إنها في الثانية عشر من العمر ولا زالت متمسكة بأمها "
امتلأت عينيها بالدموع مما سمعته , أكانت تعيش على كذبة
, كذبة أن أمها حية , لم يخبرها أحد , هذا مؤلم , تراجعت للوراء
وصدمت بحمالة للثياب موضوعة بجانب الباب , ثم همت راكضة ,
لا تعرف ماذا تفعل ؟ أو إلى أين تتجه؟ فالجميع يكذب عليها, من ستصدق الآن ؟

ظلت تركض إلى أن وصلت إلى مكان لا تعرف ما هو ,
السماء الحالكة السواد الممتلئة بالغيوم التي تنذر بعاصفة ثلجية قوية
كما الثلج يغطي المنطقة وكارلا ترتدي ثياب خفيفة والبرد ينهش جسدها توقفت
في إحدى الأروقة الموجودة وجلست تضم ركبتيها ودموعها تأبى التوقف
وشهقاتها تسمع عن بعد , تقطع القلوب حالها , التي كانت سيئة تبكي وتتجمد من البرد


ظلت على هذه الحال ثلاثة أيام متواصلة لا تأكل ولا تشرب شيئا ولا تبرح مكانها ,
كل ما تفعله هو البكاء والنحيب , مرضت مرضا شديدا ,وأهلكها البرد الذي لم يتوقف
, ما كانت تشعر بنفسها إلا وهي تغط بنوم عميق


"أمي أمي , أهذه أنتي أرجوكِ خذيني معك , لقد تعبت أمي وانتظرت عودتك
, كما أنني وعدك أني سأعود إليكِ , وأنا أريد العودة إليك الآن أمي
" قالت لها أمها :"تعالي إلي حبيبتي , سنبقى معا دائما وأبدا
" ركضت الفتاة لترتمي بحضن أمها لتعلن بذلك تسليم روحها وذهابها إلى أمها
, فلقد نهش البرد والمرض والجوع جسدها الصغير حتى باتت غير قادرة على التحمل ,
لتنتهي حياتها البائسة وتذهب لحياة لربما تكون أفضل مما عاشته .


كان الناس قد تجمهر حولها , هذه الفتاة التي قاست في حياتها الكثير ,
رغم صغر سنها الذي يجب أن تكون حياتها فيه سعيدة إلا أنها لم تعش كباقي الأطفال بل عاشت حياة سيئة

أصبحت قصة هذه الفتاة تتداول بين الكثير من الناس , أتعرفون من هذه الفتاة ؟ أجيبوني
إنها فتاة دمرت حياتها الحرب , أيمكن للبشر أن يصدقوا أنه بسبب جشعهم مات الكثير من الأطفال والأبرياء
إلى متى ستستمر هذه الحروب ؟ إلى متى ؟ إلى أن تقت كل الناس ؟ أم لأن تشرد كل الأطفال ؟
لا , هذا لليس عادلا . فكما ماتت هذه الطفلة , سيموت غيرها
علينا أن نقف ضد الحروب ونمنعها , لأنها أزهقت الكثير من الأرواح
علينها إيقافها , فلا يجب على الأطفال الموت عليهم أن يعيشوا حياة سعيدة
هيا بنا نوقف الحروب , ونجعل الأطفال سعداء

هياااااا
تعالت هتافات وتصفيق الجمهور , فهذه القصة قد أثرت بهم حقا ,
تناثرت الزهور على تلك الراوية , الراوية التي قصت حكاية صديقتها التي أحبتها
صديقتها التي قتلتها الحرب , صديقتها التي لم تكلمها يوما ,
لكنها كانت على يقين بأن يأتي اليوم الذي تصبحان فيه صديقتان لكنه
لم يأتي لكنها تعتبرها صديقتها فلولا جشع الناس لما ماتت , لما تركتها ,
لكانتا أعز صديقتان دموعها لم تتوقف أثناء سردها ولا بعد الانتهاء فلقد
وصلت إلى قلوب الناس وستضمن عدم موت الأطفال بسبب حرب أو جشع إنسان ,
لقد عقدت العزم , فهل ستنجح؟




ألم عصف بها ونادى
فهل من مجيب لذلك النداء العالي ؟
وهل يسمع الألم ؟
وهل يعرف الألم غير صاحبه ؟
أم أن الشفقة معناها الشعور بالآخر ؟
لا لا
هذا ليس هو
الألم لا يراه
لا يعلمه
لا يحس يه
سوى صاحبه
فهل من مجيب ؟
لنداء طفلة صرخت بأمها
هل من مجيب؟
لبكاء طفل يطلب أمه
وأين هي ؟
هي تركته لترقد بعيدا عن عالم الأحقاد
عالم الألم
عالم الحروب والأذى
تركته ليعيش وحيدا
فهل سنتركه ؟
سنتركه يتجرع الألم من هذا العالم القاسي
الذي لا يعرف الرحمة
هل من مجيب ؟
لندائنا لإيقاف الحروب
هل من مجيب ؟


النهاااايةةة


السلام عليكم

كيف حالكم يا عرب ؟

هذه القصة المتواضعة كتبتها منذ وقت

ولم اتشجع إلا الآن لنشرها

بتمنى تعطوني آرائكم فيها

انتقاداتكم

واقتراحاتكم

لأطور من أسلوبي

اذا اعجبتكم

ما تنسوني من الأشياء الحلوة مثلكم

دمتم بود
__________________

شكرا حبيبتتي الامبراطوورة





رد مع اقتباس