الموضوع: وريث الظلام
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02-17-2018, 03:11 PM
 
{ زائرٌ جديـد }

( زائرٌ جديـد



لم استطع النوم جيداً , لكني نمت في آخر المطاف من شدة التعب و قبيل الفجر بقليل , شيء هزني بقوة في جانب ساقي !.
كان الجرس الصغير يرن ويهتز .. لكن بشكل خفيف جداً , وهذا ما ارعبني في منتصف نومي.. افقت خائفة و قلبي يدق بقوة !
و عندما حدقت بالشيء الذي يقف أمام قدمي عند طرف السرير اختنقت الصرخة في حلقي !!.
كان الظل , أو مهما سموه ...
لكن... حسبته سيقتلني أو يبدأ معركة !, أنما .. كان مختلفاً . كأنه ظل شخص طويل جدا و نحيل واقف فقط و بلا ملامح وجه ..
كان فقط رأساً و ذراعان بجانب جسده و ساقين ...!
كتمت انفاسي وعيناي زائغتان عليه , لكنه هو لم يكن له عينان .. ولا أي ملامح في الوجه ...!

و بالرغم من هذا عرفت بأنه يحدق بي بقوة وهدوء .. و كأنه أمضى الساعات بانتظار استيقاظي ..
رن الجرس مرتين في جيبي جعلني استعيد نفسي ... همست بصوت يرتجف : ممـ.. ماذا ؟!.. ماذا تريد...؟!
مال الظل برأسه و رفع يديه أمام وجهي .. و رأيت الشيء الذي تدلى من يديه .. الشيء الفضي اللامع وسط الظلام ... و مده إلي كي آخذه ربما ..
ازدرت لعابي و جلست جيداً لأمد يدي نحوه بتردد شديد وارتجاف .. كم أنا بلهاء كبيرة , ربما يريد اذيتي ..!!
عندما حدقت بيديه هاتين , كانتا كما يشبه الضباب أو الدخان المكثف مكون هذا الشكل .. فتح يديه عن بعضهما وانزلقت
السلسلة الفضية الناعمة وسط راحة يدي ..
اخذت نفسا مرتجفاً و حدقت بوجهه , صعقت عندما صدر منه صوت ما .. صوت ناعم خافت كأنه "هممم .. مم " !!
ومال برأسه مجدداً , وشعرت لثانية بأنه كائن لطيف !!. لكنه شكل غريب غامض بعيد عن اللطف !.
و في الثانية الآخرى أدركت ما يكون أو مالا يكون على الأقل .. أنه ليس نفس الظل ذو العيون الحمراء السابق الشرير !!!
شهقت و قلت مرتعبة : أنت لست هو أليس كذلك !!.
ولدهشتي أجابني , وهو يرفع رأسه شامخاً كما بدا و صدر صوت غريب آخر لكن حاد قليلا .. كـ " سسسسليس ..!! "
همست دون وعي وعيون متسعة متسمرة : ممأا.. ماذا ؟!.
كرر وهو يميل بوقفته ناحيتي قليلا : سسليس ...
سقط فكي صدمة !... هل... هل يفهم ما قلته ؟!!!...
هززت رأسي و قرصت وجهي كي افيق من هذا الحلم .. لكن بقي كل شيء كما هو .. الظل الغريب الهادئ الذي يقف عند طرف سريري ..
فجأة تحرك , فانتبهت إليه خائفة .. سرى بخفه حتى وصل إلى الجانب للسريرفتراجعت أنا أضم الغطاء إلي...
لكن الظل ارعبني وهو يسحب الغطاء بقوة و سرعة عني بيديه , رمى به بعيداً في زاوية الغرفة ..واجتاحتني موجة برد رهيبة !
صرخت برعب : آآآآآه !!
لكنه لم ينظر إلي وأنا أنكمش على نفسي حتى الزاوية , لم يبال بي .. ومن وضع رأسه كان ينظر إلى قدميّ... اقترب و أصبح فوق السرير معي !!!!
صرخت به برعب : اتركني ... ابتعد !! – أين اؤلائك الحمقى عندما احتاجهم !
لكنه انحنى و أمسك بقدمي اليمنى !!., عندها شهقت متجمدة شاعرة وكأن قدمي غطست بحفرة مياه جليدية في القطب الجنوبي !!!
كان يمسك بها بكلتا يديه , ارتفع طرف البيجاما قليلا ليظهر كاحلي كله .. و هنا كانت الصاعقة !!
رأيت شيئا على قدمي .. شيئا لم يظهر من قبل قط !!
كان هناك ما يشبه الندبة ... لكنها ندبة مضيئة بلون أبيض وكأنها مصباح .. و على شكل غريب... شكل نجمة سداسية !!
ما هذه !!! و من أين جاءت و كيف....؟!!
كل الأسئلة قطعت وأنا اراقب الظل و قدمي التي فقدت الاحساس بها .. كان هو يمسكه بكلا يديه وكأنه تحفة ما .. رأسه منحنٍ جداً نحوه يكاد يلامسه ..!!
صدر عنه صوت خفيض حاد مجدداً .. وهو يهسهس منزعجاً و يحرك رأسه وكأنه يقول ..لا ..!!
أخذت انفاسي تتسارع و خفقات قلبي جنت ..و أنا أرى قدمي يتحول لونها للأزرق ...!!
لم يتركها , وكدت أقول له : دعها أرجوك وإلا سوف تموت أكثر و يقطعونها !!.
لكن لم يتحرك بل جثى أمامي !! .. فقدت الأمل في أن يتركني و شأني ... لذا قلت بتوتر : وأنا أيضاً لا يعجبني وضعها , لكني لا أكف عن النظر نحوها !.
رفع رأسه و حدق بي قليلا بوجهه وبلا عيناي .. هز رأسه يمنة و يسرة بخفه ... ثم تلاشى فجأة من أمامي وظهر بشكل مفاجئ ارعبني يقف قرب السرير ..
مد ذراعه بطولها فطار إليه الغطاء الذي بالزاوية .. غطاء سريري ...
و رفعه ليلقيه فوقي مجدداً...!!!
بلرغم من صدمتي إلا أنني قلت بصدمة : شكرا على لباقتك !!
ثم تحرك و اختفى كأنه ضباب ينجلي ... بعدها بدقائق افقت من صدمتي و جمودي عندما بدأت اسمع اصوات العصافير في الخارج .. حاولت التحرك واكتشفت أنني ارتجف برداً...
فاختطفت كنزتي من فوق الطاولة الجانبية للسرير و دسست رأسي بها و أنا اتنفس بعمق وبصوت عالي ...
شهقت عندما طرق الباب علي طرقاً خفيفاً... فأكملت ارتداء كنزتي وأنا اقول بصوت مبحوح غريب : من ؟!!
فتح الباب و أطل أبي وهو يقول باستغراب : من ؟!... أنه أنا حبيبتي ... صباح الخير .
اخذت نفساً وأنا اقول : آوه !!.. ثم : أبي !!.. صباح الخير .. لقد افقت لتوي...
حدق بي والدي كثيراً بنظرة قلقة ... اقترب مني وقال وهو يضع يده على جبيني : أنتِ شاحبة جداً... آه و باردة جداً... ما بك ؟!.. هل تشعرين بالمرض صغيرتي؟!.
قلت بسرعة أحاول جعل صوتي عادياً : آه , لا .. كنت أشعر بالبرد قليلا فقط .
أومأ ببطء و ظل يراقبني لثانية قبل أن يقول : هل ستبدلين ملابسك , أنا سأصنع القهوة والفطور...
_ أجل... أجل.
_ جيني مستيقظة منذ فترة هي بالمطبخ تلعب تبدو بمزاج جيد بعد بكاء أمس ..
بعدما ذهب أبي تنفست الصعداء و ألقيت نظرة على نفسي بالمرآة , و فزعت من شكلي.. كان رأسي كالجمجمة ..
وعيناي غائرتان حولهما دوائر من السواد , بينما شفتي بيضاء وأطراف يدي وقدمي مزرقة قليلا .. وكأن غرفتي قُلبت لـ ثلاجة مجمدة !
كما أن شعري وكأنه مرت به كهرباء متطاير و اشعث !!.. رحت بسرعة للحمام أعيد شكلي الطبيعي .. أو شيئا منه !!
ارتديت بنطال أسود واسع وقميص أبيض من فوقه كنزتي البنية .. ثم وضعت كلا قدمي بالضماد الداعم المطاطي بعد أن لففتهما بضمادة جديدة ,
سرحت شعري قليلا وتركته بعد ان سقطت من يدي الربطة تحت الكرسي !!.
قفزت فوق كرسيي شاعرة بكره شديد له , وأحلم فقط باليوم الذي سأتخلى عنه .. سأقيم حفلة ضخمة !!!
لكن لأجل هذا سوف أصبر ...
لم اسمع صوت أبي وأنا أدخل المطبخ .. رأيت جيني بكرسيها الطويل الخاص وهي تهمهم و تضحك بسعادة ..
قلت بمرح : مالذي يضحكك يا فاتنتي ؟!.
_ كنا نضحك فقط قبل أن تأتي وتفسدي علينا !.
توسعت عيناي صدمة وحدقت بزوج من العيون الرمادية الباردة وجسد طويل ممشوق مائل باتكاء على طاولة الطعام يواجه الطفلة .. تلفتُ حولي برعب , و كدت أصرخ أو أبكي وأنا أقول بصوت عالي أسأل نفسي : أين أبــــــــــي !!!
أجابني هو ببرود مع أنني لم أكن أسأله : ذهب ليبدل ثيابه بالأعلى .. هذه قهوتك كما أظن !.
_ مالذي تفعله هنا ؟!.
شعرت بنبرتي باكية يائسة ... فحدق بي لثانية ,ثم قال متكاسلاً : كنا نستمتع بوقتنا .
ثم تحولت عيناه إلى جيني لمعتان بشكل ساحر وهو يكمل بنعومة : قبل ان تستيقظ الاخت الكبرى المزعجة !.
فضحكت جيني مجدداً بمرح شديد وهي تصفق بيديها .. حدقت بها مصدومة , هذه الطفلة الخائنة ..!!
قلت مهتاجة لا اكاد استوعب : أنت !... أنت !!. أ... مالذي تفعله هنا ؟!.
لم يكلف نفسه عناء النظر نحوي , بل منح جيني ابتسامه , جعلتني اترنح في كرسيي مع أنها لم تكن موجة لي ..و شعرت بمجهوداتي في اصلاح شكلي الخارجي تذهب سدى ..!!
_ يبدو بأنك مضطرة للعيش مع أخت كبرى بلهاء و صماء كذلك و ربما مصابة بداء النسيان !!.
كيف يجرؤ !!.. افقت من موجه الدوار و التعب وأنا أصيح به بحده : أخرج !!.. أخرج من هنا... سأصرخ بأبي... أبـــــــــــــي !!
وصرخت بصوت يجلجل الجدران لم يقطعه سوى نوبة كحة فضيعة داهمتني .. فانحنيت أحاول تجميع انفاسي...
صوت ركض في الممر ... ثم ظهر والدي وهو يقول مرتعباً : كلارآ...!!! جيني... آآه !!
رفعت رأسي و رأيته لا يزال واقفاً هذا الولد المجنون .. التفت إلى أبي بقوة وأنا أصيح : أبي , أبي أنظر ... غريــب هنا !!.
رفع والدي عينيه نحو "دانييـل" الهادئ ثم حدق بي وكأنني مجنونة هاربة...
قال بأسف وهو يرتب عللى ظهري المشدود : يا حبيبتي... آوه كم أنا آسف .. لم أخبرك , دانييل جار لنا قريب من هنا , رأيته مرتين .. وهذه المرة كان يركض متمرنا بالخارج ألقى علي تحية الصباح فدعوته لفنجان قهوة... هل فزعتِ , أنا آسف...؟!
حدقت به بعيون زائغة تكاد تسقط من محجريها و أنما سقط فكي مصدومة ... نظرت نحو الشاب هنا و رأيت نظرة انتصار و تحدٍ خبيث في عينيه ...
عندها ابيّض الجو فجأة في عينيه , و دار المطبخ بي... فانحنت بسرعة أضع جبيني على ركبتي بألم ..!!
_ كلآرا ...؟! كلآرا حبيبتي !.
انحنى والدي فوقي وهو يحيطني بذارع .. همس بقلق : هل أنتِ بخير ؟!
استرددت انفاسي بتعب و بدأت النجوم تتراقص ثم تختفي ببطء ... همست بصوت بح تماماً : أعطني دقيقة , أنه دوار !.
_ لا بأس عليك حبيبتي , بعد الفطور ستتحسنين .
رفعت رأسي قليلا فقط أتكأ على يدي , لمحت دانييل يناول أبي شيئا .. شكره والدي بهدوء : شكرا لك..
ثم وضع والدي بيدي الأخرى كأس ما , بينما أرفع رأسي أكثر و أرى نظرته الغريبة ونصف ابتسامه ساخرة متكلفة !.
_ لا بأس سيد مونـد , شكراً لك على القهوة.
شكر أبي بلباقة وهدوء تعجبت منها جداً , فأومأ له والدي ورافقه نحو باب المطبخ إلى الخارج ..
وضعت يدي على جبيني , هذا الماكر اللعين المتوحش الذي يهدنني بالقتل و يتمنى موتي ذو العيون الغريبة المتسلل لبيوت الناس ...
دخل إلى حياتي من أهم أبوابها "عائلتي" !! هذا غير معقول !... تباً !... لو كان ليونارد كان تقبلت الأمر أكثر قليلاً...
_ كيف أصبحتِ الآن ؟!
جاء أبي نحوي يسألني بحنان , ثم أمسك بيدي يقول بهمس : آسف لم اخبرك به من قبل , لقد رأيته قبل يومين ربما , يبدو شاباً طيباً حذقاً .
آوووه بربك أبيييييي >< !!... كدت أصرخ بهذا !! طيباً و دانييل لا يكونان في جملة واحدة !!.. لكني تماسكت بقوة ألا أصاب بنوبة دوار و شحوب مجدداً ,
أقسم بأني سوف أموت من هذه الأسباب أكثر من أي شيء آخر ..!!
اشحت بوجهي و قلت بهدوء : أنني جائعة ..
قال والدي ببساطة وهو يسخّن لي القهوة مجدداً : نسيت أن أخبرك به , كما أنه لا يبدو مرعباً جداً كي تصرخي باسمي هكذا وكأنك رأيتِ وحشاً , مع هذا أنا آسف عزيزتي .. لا شك بأنك مرهقة...
كلمتُ نفسي ببرود , آه بالطبع الارهاق أقل شيء أشعر به الآن , بعد ليلة من المشاحنات مع شخصين مثيرين للغرابة والرعب , ثم زيارة آخرى لشيء لا أدري ما هو ...
ثم أجد أن أكثر هذين الشخصين رعباً و جنونا مدعو لقهوة الصباح مع أبي , و يضحك مع جيني ساخران مني..!.

حدقت بأبي قلقة , هذا غريب ... والدي غير متفتح أبداً مع الغرباء , وحتى مع الأقرباء هو جدّي قليلاً... لكن .. مالذي يحدث هنا ؟!... توسعت عيناي ... هل فعل لأبي شيئا ... سحره ربما !..
التفت نحوي وهو يتكلم بشكل طبيعي و هادئ لا يبدو بأنه مسحور !! , أخذ جيني لأحضانه وهو يداعبها و يحاول جعلها تتناول طعامها , غير أنها هذه البنت الصغيرة تبدو متململة بعد ذهاب ذلك الفتى , بصراحه يبدو شاباً يافعاً وليس فتى مراهق عادي !.
عضضت شفتاي و احترق لساني من القهوة , تأوهت .. لقد قلبت حياتي رأساً على عقب .. و لن أسامح السبب في هذا طوال عمري !!.
_ ماهذا الذي بيدك عزيزتي , آوه سوار جميل .
حدقت بأبي ببلاهة , و الآن عما يتحدث !!.
كانا ينظران نحوي و يبتسمان .. حاولت قول شيء ما لكن والدي قال : أين وجدته ؟!.
رفعت حاجبي و حدقت حيث ينظرون , فتحت فمي دهشة , تلك السلسلة الناعمة الفضية تحيط معصمي برقة .. و تلمع حتى بدون ضوء ... ازدرت لعابي و تنهبت أنه ينتظر جوابي ...
قلت بسرعة ابتسم بتوتر : تحت.. ال ..تحت السرير !.
رفع والدي حاجبيه دهشة ثم ابتسم بحنان وهو يقول : يبدو ملائما جداً لك , لا شك بأنه مفقود من ممتلكات زوجة أبي , مع أنني لم أعش معاها فترة طويلة , لكنها سيدة مميزة و ذكية حقاً .
ثم نهض وهو يضع جيني في كرسيها قال متذكراً : آآوه المدرسة !!... هيا عزيزتي استعدي سأقرب السيارة قبل أن نتأخر أكثر.
طوال الطريق بالسيارة و عقلي متعكر جداً و أفكاري تتخبط لا استطيع السيطرة عليها , أشعر بأن ليلة الأمس كابوس .. لكن هذا الصباح كان هو الكابوس الحقيقي !!.
أنزلني والدي و ابتسمت له مودعة فتمنى لي يوماً جيداً مع أن نظره كان قلقاً بعض الشيء ..
قلت له مذكرة بلطف : لدي بعض الزملاء هنا . لن أواجه مشاكل .
ابتسم مجدداً و غادر بهدوء .. دفعت نفسي قليلا حتى المدخل كانوا قد طلبوا من البواب أن يضع هذه الألواح الخشبية القوية لأجلي ..
أخذت نفسا ودفعت نفسي فوقها لكن يدي انزلقت فجأة و كدت انزلق متراجعة أنا و كرسيي .. لكن أحدهم ثبتني بالخلف.
_ يالا بداياتك السيئة !.
بالطبع هذا ليس ليونارد !! , أنه يتحدث ببرود فقط أحياناً , لكن البرود والسخرية المستفزة معاُ .. هذا صفة شخص واحد !.
شهقت بعصبية و هو يرفعني بكرسيي دون ملاحظة أحد ويسير بخفة حتى الممر : دعنييي !! دعني دعنــي حالاً...!
ثبتني على الأرض و سار حتى توقف أمامي لأراه جيداً , بجينز أسود و تيشيرت أزرق داكن كان طويلاً مميزاً
ورشيق القامة كما أن عضلات ذراعيه الواضحة تقول لا تعبث معي ! .. تحسرت على هذا المظهر الرائع لشخص بلا أخلاق جيدة !.
انتبهت له وهو يرفع أحد حاجبيه قائلا ببرودة الصقيع : والآن بعدما انتهيت من النظر , هلا أخبرتني من أين لك بهذا ؟!.
توترت وأنا أقول بتلعثم : ممـ..ماذا !, يالك من وقح... ><"
ثم التفتُ بكرسيي و بسرعة أريد الهرب إلى أقصى مكان ... تحركت العربة قليلا ثم .. تجمدت بقوة !! ولم تسير حتى أنشا واحد...
التفت إليه أحترق غضباً ! أعلم بأنه هو من يفعل هذا ! لكن لا أدري كيف...!
قلت بحده : دعني أذهب و إلا سأصرخ و أجلجل هذا المكان وأجمع الناس حولنا !.
وضع يديه في جيبيه و مال بوقوفه وهو يرفع بصره من العربة ليظهر بأن لون عينيه اختلف من الزئبقي إلى الذهبي الداكن السائل ...
قال يهمس ببطء : لا تجعليني أغضب !.
رفعت رأسي بشموخ وأنا أبادله التحديق , من يظن نفسه ! هه .. حتى لو أصبحت عيناه بلون الدم فلن يخيفني ..
قلت بحده خافتة لأن مجموعة من الطلبة يمرون : لا يهمني ما يحدث معك أو ماتريد , لآن يفترض كما فهمت بأن ليونارد من يكون معي وليس أنت !.
المجنون الشرير الوقح البغيض السليط ال.... أكملت بقلبي
قاطع افكاري بكسل وعيناه تبردان للون الرمادي : أكاد أسمع عيناك تنطقان بباقي كلامك التافة !, على العموم ليون غادر بعض الوقت لأجل صديقته .
ادهشني قليلا , آوه ليونارد لديه صديقة !..آممم أنا لا اتخيل بأن شخصين مثلهما يمكن أن يكون لديهم صديق من الجنس الناعم !
أكمل ساخراً : هل اصبت بالأحباط ؟!.
فتحت فمي مصعوقة , رددت بسرعة وحده : يالك من أحمق !! كلاكما ذو وجود ثقيل مرهق .. أنا و بكل صراحة لا أحب رؤيتكم !.
زم شفتيه ورد ببرود : و نفس الشيء معنا تجاهك !. بلهاء !.
هزت كتفي بلا مبالاة وقلت ببرود : لا يهمني رأيك !.
حدق بي بعنف وعيناه تلمعان بموجة ذهبية تنذر بالشر .. كتمت ابتسامتي بصعوبة و التفتت بكرسيي أريد الذهاب , لكن الكرسي المتحرك لا يزال جامداً بمكانه !!
_ لن تذهبي لأي مكان حتى تقولي من أين لك بهذه السلسلة !.
نظرت إليه بغضب عارم أكتمه , وقلت بحده : أي سلسلة ؟!!
_ أكره الذين يدّعون البلاهة فوق بلاهتهم !.. أنتِ لا ينقصك هذا .. إذن....
ضيقت جبيني و تمالكت أعصابي بقوة بينما هو ينتظرني اتكلم , تنفست بسرعة مرتين... ثلاث.... اربعة ... ثم قلت بهدوء و صدق :
_ لا أدري ما تسمونهم .. لكن أحدهم قام بزيارتي قبيل الفجر , واعتقد بأننا تحدثنا , آوه ومد لي بهذه .. أظنها كانت بمكان ما بالمنزل , وهو جلبها إلي..
وابتسمت أغيضه , ضاق جبينه وبدا غارقاً بالأفكار لثانية , ثم حرك شعره الحالك السواد وقال بجدية شديدة وعينان ضيقتان :
_ حسناً , و ماذا بعد...؟!
هززت كتفي ببرود و قلت وأنا أطرف بعيوني ببراءة : هذا كل شيء ..
ضاق جبينه والتمعت عيناه وهو يقول بصوت خفيض حاد : ليس من مصلحتك اخفاء بعض الأمور عنا !.
تابعت بنفس النبرة البريئة المثيرة للسخط : صدقني أو لا تفعل , هذا لا يهمني !.
صر بأسنانه وسمعت الصوت فسرت رعدة غريبة بي , قال بهمس خطير : كان يفترض بي مراقبتك جيداً بعد ذهاب ليون , لكني لا ألوم نفسي .. أنما السبب بك أنتِ !.
حدقت به : بي أنا ؟!... مالذي تقوله ؟!.
وفجأة تذكرت العلامة الغريبة التي ظهرت من لامكان مطبوعة في كاحلي حيث اصابتي .. لم تكن موجودة أبداً من قبل وإلا لرأيتها .. لرآها الأطباء !!.. الاشعة أي شيء...! لكنها ظهرت فقط عندما... عندما قام الظل بـ.... لمس قدمي ربما !!
سمعت صوته هادئ وغريب يخترق عقلي : إذن , اخبريني كلارا !.
وجدت نفسي أتحدث بغرابة وهدوء ناظرة إلى قدمي : إن .. قدمي... قدمي المصابة هذه بها ... شيء غريب. أراني إياه الظل , كما اعتقد... كانت تشبة... ندبة غريبة... شكلها .. نجمة , لكنها غريبة و... لم نرها من قبل أبداً... أبداً... لم تكن موجودة...
رفعت بصري إليه وفمي نصف مفتوح , كان يراقب ملامحي بهدوء , لكن قال ببرود وهو ينظر نحو قدمي : هذا لا يبشر بالخير ...
_ لـ.. لماذا ؟!.
_ سأخبرك شيئا , كنت محقاً منذ البداية , وأنا عندما أقول بأن هذا الشيء يحدث فهو يحدث حقاً... همم ....
ابتعلت ريقي , قلت بتعب : إذن ما تكون , أليست أثر من الحادث ؟!
_ لا اعتقد , العلامة موجودة دوماً .. لكن الظل أظهرها لك ... وهذا يعني شيء واحد فقط ... كلآرا أنتِ بوابة .. أنت بوابة مفتوحة للوحوش ... و لكن العلامة ممنوحة من ذلك الوحش المطارد ذو العيون الحمراء كما تصفينه . وهو ظل لعين ماكر شرير و خطير , اختفى أثره حالياً لكنه سيعود وعندها سنرى .
كنت أحدق به و لا أرى ... أنما اتخيل ما ينطقه فقط .. علامة , أظهرها ... بوابة !... وحوش... باب مفتوح ... عيون حمراء .. شرير ... اختفى .... و سيعود !!...
دخت و بدأت النجوم تضرب عيناي !... انحنت بسرعة لأضم رأسي بين ركبتيّ وألف ذراعي حول نفسي لا استطيع التنفس... لا اقدر على التنـ.....
_ آووه الدوار مجدداً ! , بربك تماسكِ يا فتاة..
حاولت التنفس جيداً وأنا أحشر نفسي على بعضها ... احسست بيده على ظهري !. شعور غريب ؟! هل هو متعاطف معي ؟!.
_ سأجلب لك الماء...
زاغت عيناي , هل سيتركني لبضع دقائق وحدي !!!... بدا هذا مرعباً للغاية بعد كلامه المخيف الذي نطقه بكل جدية وهدوء...
لم أكمل أفكاري لقد قطعها بقوله : هاكِ الماء..!
لقد شعرت فقط باختفاء يده من على ظهري , ثم عودتها بعد ثوان قليلة جداً... اتكأ على ذراعي المقعد وأنا ارفع رأسي ببطء ...
سلمني قارورة ماء باردة قليلا منعشة ... فشربت منها بهدوء ..
استعدت وعيي جيداً و ميزت الالوان ... كان هو قربي و يده على ظهر المقعد اصبحت , كما أنه ينظر نحوي باهتمام وانتظار ..
همست بضعف : شكراً.
_ مهما يكن , لم انهي حديثي ...!
حدقت به وقلت متلعثمة : ممااذاا ؟!... لكن ماذا بقي أيضا ؟!.
رفع أحد حاجبيه و اعتدل بوقوفه وهو يقول ببرود وهمس : الظل الآخـر ... نوع مختلف , و لديه هدف مختلف ... الآن صفيه لي !.
وأنا أحدق بالعينين الغريبتين الرماديتين بخطوط ذهبية راودتني الاحاسيس والغرابة , والفضول الرهيب . من يكون و من أين جاء ؟!....
ولما يحمل هذه الصفات الغريبة .. ترى ما يكون هو بالضبط و رفيقه ؟!. وتلك الاشياء المريعة التي دخلت حياتنا !.

__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس