الموضوع: وريث الظلام
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-17-2018, 02:35 PM
 
الجزء الثاني { إشارات من نوع آخر ! }

(( إشارات من نوع آخر ! ))


في اليوم التالي أتى والدي وبين ذراعيه , "جيني" الصغيرة ... احناها أبي فوقي فقبلتني على وجنتي و ضممتها أنا بذراعي...
تلمست وجهي وهي تتمتم بشيء لا افهمه , هل تواسيني هذه الطفلة ؟!.
قبلتها بحب و كدت أبكي لكني تماسكت , أبي هنا و جيني تشبه أمي كثيراً... أنا لا أريده أن يتذكرها ! , لكن ؛ لقد مر شهران طويلان ...
شهران من حياتي لم أكن فيهما حقاً !.

همست بقلق بعد أن أستقر فوق الكرسي وجيني بحجره : أبي من .. يعتني بـ "جيني" ؟!.
تنهد ببطء وهو يمسح على يدي و بذراعه الأخرى ثبت جيني فوق ساقه , رد بهدوء شديد : السيدة لويز تساعدني.
حركت رأسي قليلا باتجاهه , و قد بان على وجهه الشحوب و التعب و قد غارت عيناه الزرقاوان بين دوائر رمادية , لقد مر بوقت عصيب ...
تأوهت بأنفاسي و اعتصر قلبي عندما تذكرت عاهتي ! , و الآن أنا أيضاً سأزيد العبء عليه ...
حاولت كتم دموعي بصعوبة و قتال , و أنا أنطق بارتجاف و صوت خافت : آسـفة !.
رفع عينيه إلي و قال متعجباً متعباً : ماذا قلتِ حبيبتي ؟!.
عضضت شفتاي المتيبسة و قلت بتعب وأنا أزفر الحرارة التي اجتاحتني : آسفـة أبي ! , لقد .. ذكر الطبيب أني ... و لكن... عجزي...!
أمسك بيدي بقوة و قال مقاطعاً : توقفي عن الكلام كلآرآ ! , مالذي تتفوهين به وكأنك كنت تقدرين على تغيير شيء ! , إن ما حدث قد حدث و انتهى !...
علينا... المضي للأفضل فقط... أتسمعينني ؟!".
شهقت و دموعٌ حارة تسيل على وجنتيّ : أنني لن أقدر على المشي مجدداً , آ آه ه...
وضعت يدي على وجهي كي أغطي شيئا لا أعرفه ! , ربما شعوري بالخزيّ لأنني سأكون رغما عني شخصاً آخر بعاهة و يسبب الثقل و القلق لمن حوله ...
لا اقدر على رؤية أي جانب مضيء و لو بشكل باهت ! , كان كل شيء أسود ...مؤلم !!.
ضغط على يدي و مسح على شعري وهو يقف نصف وقفة بسبب جيني التي تضايقت أيضاً بسبب الجو ,و أخذ والدي يهدأني و يمسح علي بحنان
بعدما هدأت و مسحت وجهي بالمناديل التي بجانبي .. عاد للجلوس .
قال بهدوء و تفهم : يا طفلتي ,ما بك قد هولت الأمر , كل شيء سيكون على ما يرام , و من قال بأنك لن تستطيعِ المشي ! , أنتِ ستستخدمين عكازاً فقط ..
و تذكري بأن المعجزات تحدث و أنك فتاة قوية لا تضعف هكذا .. "
ناولني كأس من الماء فجرعته كله و تنهدت و أنا استريح , ربما البكاء و التصريح بما في القلب اراحني . يجب أن أتحمل و أن أكون قوية لأجل والدي وأختى الصغيرة ..
انتهى وقت الزيارة مع الأسف سريعاً و خرج والدي بعدما عانقني و قال بأنه سيتصل كثيراً ... و بالفعل لم أكن أنام إلا على صوته ,
شعرت بالأشفاق والغضب على نفسي .. كنت كالطفلة الصغيرة , كان يجب أن أتماسك و اؤمن بقلبي أني سأكون بخير ...
مر أسبوعين و أنا في العلاج بالأدوية , حتى كانت ساقي اليسرى قد عادت لطبيعتها بعض الشيء وظهري كذلك , لكني أشعر بالغصة دوماً عندما أنظر لساقي اليمنى التي بلا حياة ...
قالوا بأن وضعها كان سيئا و رهيباً ولكن أعادوا شكلها الطبيعي في النهاية ... حمدت الله كثيراً ...

في محاولتي الأولى للوقوف كدت أموت ألماً و لا أدري مالسبب , جسدي كله ينهار لم أقدر على التماسك , شعرت بأنني كإناء زجاجي مكسّر لكنه
محافظ على شكله و عند أي لمسه ستسقط اشلاؤه !... كنت ارتجف كورقة يابسة بمهب الرياح الباردة...
قال والدي مشجعاً و كان بدون جيني , بينما الممرضة و الطبيب معيّ يمسكان بذراعي
_ هيا حبيبتي ستفعلينها...
وضعوا لي العكازين تحت ابطي , و كنت ارتعد و كأنني ممسوسة بالكهرباء... شعرت بألم رهيب في كل عظامي.!
قلت بصعوبة ارتجف : لـ..لا .. , لا أقدر... إن عظامي... تـ..تتفتت !!!
شجعني الطبيب بلطف : كلا عزيزتي هذا شعور يمر سريعاً .. لأنك لم تقفِ مدة طويلة , هيا ثبتي قدميك على الأرض و اقيمي ظهرك ما استطعتِ .
حاولت فعل ما قال صدقاً , لكن ألم رهيب كالنار يسري في عظامي و لم أشعر بقدمي اليمنى قط !! فكيف أثبتها ><؟؟ بينما الأخرى تؤلمني بشكل مستمر...
تماسكت و تنفست مرات عدة بقوة و يدي من شدة أمساكِ بالعكاز أشعر بأنهما تيبستا كخشب قديم .. همست لي الممرضة بأني أقوم بعمل جيد...
لكني لا أرى أي عمل قمت به >< ؟!.
وقفت فقط بثبات عندما... رأيت نظرة القلق الشديد في عيني والدي ففعلت هذا بكل قسوة على نفسي , لكني سمعت طقة في مكان ما بجسدي آوه !!.
تبسموا لي جميعاً و لم يكن يهمني سوى بسمة أبي , لقد فعلتها و وقفتُ وحدي ...
قال لي الطبيب بمرح : الآن يمكنك الجلوس !.
حدقت به بعيون زائغة وعرق يتصبب ! , بعد كل ما فعلته و الألم !... يقول لي ببساطة عودي للجلوس !!! , فليحمد الله أن كلا يدي مشغولتان عنه !...
جلستُ ببطء و زفرت مرتين بقوة و والدي يرتب علي و يقبل رأسي يشكرني ...
ظللت أحاول أياماً طويلة مؤلمة , و مر علي أسبوعين , تعجبت من طول مكوثي بالمشفى , سألت الممرضة عن التكاليف ..
قالت لي ببساطة أن أبي من يدفعها بالطبع ! , فكرت بتعجب من أين لأبي بالمال لدفع كل هذا , لقد أمضيت ثلاثة أشهر تقريباً...
و اخيراً اتقنت المشي قليلا مع عكاز واحد مخصص لقدمي التي لم تنفك عنها الجبيرة بعد بسبب تقطع بالألياف .. ولكنني استطيع الخروج و أن علي العودة في المواعيد المحددة لأجل التمارين فقط و الفحص الدوريّ...
أخيراً نزلت الدرجات البسيطة مع والدي الذي كان يريد حملي لكني رفضت بقوة , و تكفل عامل ما بجلب حقيبتي .. أجلسني بالسيارة و أخذ يحاول مساعدتي في ربط الحزام ,
قلت معترضة : أبي !! , إن يدَيّ بخير !!.
_ آوه آسف صغيرتي !.
جلس بسرعة في مكانه و انطلقنا نسير , كانت السماء ملبدة بالغيوم و على وشك المطر , لقد أقبل علينا الشتاء البارد و شعرت بالضنى و التعب من كل شيء , قالوا بأن علي تغيير نمط الكثير من الأشياء بحياتي !. و أنني يجب أن أتأقلم مع وضعي مهما كان .. و شعرت بالحزن على نفسي , أنني من النوع الذي ييأس لكن ليس كثيراً , أنما أستغرق وقتاً بداخلي كي اجد السلام الحقيقي ..
أما الآن فأنا اتظاهر بأن كل شيء جيد ! , لكن .. هناك مصاعب حقاً و حالتي النفسية عند أي ضربة ستنهار !.
فكرت بأسى من سيساعدني في ارتداء ملابسي , و استحمامي و خروجي ودخولي و صعودي .. آه أنا لا أريد هذا قطعاً , أريد أن أساعِد لا أن أُساعَد !. و والدي من المستحيل أن أطلب منه بعض تلك الأمور الخاصة ~~" .كما أنه قلق جداً عليّ و ينظر إلي بعمق و كأنه يفكر بالمصاعب القادمة مثلي .. فهو شخص أيضا أقرب للشك و للحذر, أنه لا يثق بالحياة ! , و أحينا يتصرف بشكل غريب تجاه الأشخاص الأخرين , بشكل غير وديّ , كم مرة سمعت بأنه يتشاجر مع زملاء بالعمل وهو دوماً من يبدأ باللكم ! ؛ لأن أكثر شيء يثير غضبه الكلام البذيء , أنه لا يتحمله , .. عرفتُ من زمن أنه تزوج أمي عن حب من كان يظن !., هذا أبي "جاك " ...
أما الآن و أنا أرى خطوطاً تحت عينيه الزرقاء الداكنة و هالات رمادية و حول شفتيه قد رسم العبوس و القلق علاماته , تنهدت بخفيه وحزن.
_ إلى أين ....؟!
حدقت بالخارج و لاحظت بأن أبي يقود في طرق أخرى غير طريق منزلنا !.
تردد بشكل واضح .. ثم نطق بتلعثم وهو يلتفت بعيداً : آه , استأجرت غرفً و....
هززت رأسي غير واثقة و قد انتابتني حالة ارتجاف وبرودة , تعثرت أنا أيضا بقولي : ما... ماذا حل بمنزلنا ؟!.
نظر نحوي لثوان وكأنه فزع من السؤال .. ثم ركز على الطريق بسرعة وعينيه تطرفان كثيراً , قال وهو يحاول ترطيب شفتيه الجافة : حسنا لقد بعته ! , أجل .. وفي الواقع كلآرا سوف أخبرك مالذي حدث...
قلت بسرعة وحاولت أن أكون هادئة بالرغم من أن قلبي تضخم ليسد حلقي : بعت المنزل لتسدد تكاليف المستشفى و العمليات صحيح ؟! , و...
قاطعني ببرودة غريبة : أنتِ أهم من كل شيء بالطبع , و يجب أن تنجي و تستردِ صحتك...
قلت بحسرة اكافح الدموع : لكن أبي .. المنزل كله ذكريات ! و أمي كانت...
تأوه بألم و تعب وهو يصر على أسنانه : الذكريات بالقلب و المنزل ذاك لا فائدة منه أنه كبير ... هلا نسيتِ أمره ..لقد استأجرت غرفاً بالطابق الأرضي إلى أن ننتقل ...
تعبت من النظر إليه وهو يقول لي كل هذه الأمور المفاجئة , أغمضت عينيّ وحاولت الاسترخاء لكن جسدي متشنج جداً !.
همست بهدوء بعد ثوانٍ : ننتقل إلى أين أبي ؟!.
_ إلى الشمال بمنزل جدك "براين" أنه ملك لي الآن ولكني بعدما فقدتُ وظيفتي يجب أن أجد شيئا هناك و شخصا يعتني بكما و...
قاطعته بهدوء كاذب وأنا لا أزال مغمضة العينين : أبي أنا يمكنني الاعتناء بنفسي و أكثر . لا أريد أن أكون عبأ عليـ....
أوقف السيارة فجأة جعلني ارتد قليلا للأمام .. التفت إلي قائلا بحده خافتة : مالذي تتفوهين به ؟! , أنتِ ابنتي و لستِ عبأ , لا أريد سماع هذا الهراء ؟!, أنا أعلم بأنني ربيت فتاة قوية و ذكية و أنك تقدرين على تدبير أمورك , نحن فقط نريد تغيير هذه الأجواء .. لقد تعبت من هذه المدينة اللعينة !.
و نزل من السيارة , لاحظت بأنه توقف أمام منزل كبير قديم الطراز تقريباً ,لكنه جميل ,فتح لي الباب و نزلت بحذر و كما نصحني الأطباء أراقب قدمي اليمنى أن تثبت لأنني لا أشعر بها و كنت ألبس حذائاً طبياً رياضياً خاصاً بمقاس كبير لأجل جبيرتي ...
أخرج والدي حقيبتي من الخلف و أنا واقفة انتظره ثم سرنا معاً في الممر العشبي , قال : صاحبة المنزل هي السيدة لويز...
فتحت الباب امرأة عجوز مبتهجة بين ذراعيها "جيني" الصغيرة الهادئة ... ابتهجت الطفلة وهي تراني و التمعت عيناها .. تبسمت بشكل باهت و السيدة تمسك بذراعي و تقبل وجنتي بحنان بالغ , لم أطق فقط نظرة الشفقة التي رمقتني بها في البداية بعدها أخذت تنظر لي بشكل أكثر تقديراً...
_جئتم تماماً على وقت العشاء ! , لاشك بأنك جائعة حبيبتي ! ,سأريك غرفتك حالاً ثم سنجلس بالصالون حتى أضع الطعام .
أومأت لها و أنا أخفض رأسي وأهمس : شكراً ..
_ يا عزيزتي لا تخجلي .. تعالي معي..
كنت اراقب قدمي عند العتبة الأخيرة و لست خجلة ~~" . أخذ والدي جيني بين ذراعيه و أنا اسير بحذر خلف السيدة الحنون التي حملت حقيبتي التي لا تحمل الكثير, كان منزلها رائع جداً واسع و دافئ الأثاث و الأضاءة .. أتسكن لوحدها ؟! , لم يقل أبي شيئا...
فجأة تحدثت و كأنها تعلم أفكاري : ابنتي مخطوبة تسكن معي لكنها في رحلة عمل هذين اليومين , مع الأسف اخبرني والدك بأنكم راحلون غداً ..
حدقت بعينيها الصغيرة العميقة وهي تفتح لي باب الغرفة و تمشي قليلا لتضع حقيبتي فوق أريكة صغيرة , تمتمت بالشكر و أنا أتجول بناظري في الغرفة الجميلة الواسعة ..
السرير كبير جداً و فجأة راودني القلق من ارتفاعه و شعرت بالغصة ..
قالت السيدة برقة وهي تمسك بذراعي : كانت لدي خادمة لكنها بإجازة اليوم مع الأسف , لكني سأساعدك في تبديل ثيابك و سأريك الحمام إن أردت أن...
قاطعها بخجل و أنا أهز رأسي : لا , شكراً .. لقد تعلمت بالمشفى ! , أنا أدير أموري جيداً جداً...
حدقت بي لثوان وكأنها غير واثقة من جوابي , سمعت صوت أبي قادما يهتف : " كلآرا حبيبتي هل انتِ هنا ؟! ".
كدت اقول " و أين عساي أكون ~~ ". لكنها طريقة والدي في استئذان الدخول ..
أطل برأسه و شعره البني الداكن كشعري , قال بشك وهو يرمقني بدقة عل هناك شيء ناقص بي : هل كل شيء بخير ؟!.
قلت بسرعة قبل أن تنطق العجوز شيئا : كل شيء بخير , سوف أبدل ثيابي بنفسي , السيدة لويز كانت ستأتي إليكم الآن..
ضحكت العجوز بخفه و عبس أبي , تفحصني قليلا بنظرته ثم أومأ وغادر ..
_ آه كم أنتِ فتاة طيبة , أسأل الله أن يزيح عنك همومك و مصابك يا صغيرة , هيا سنتناول العشاء خلال نصف ساعة.
و خرجت بهدوء لتغلق الباب خلفها بعدما تبسمت لي ... سرت لحقيبتي و اخرجت ثوباً طويلا داكناً لمنتصف ساقي و بلوفر أسود صوفي لأني كنت اشعر بالبرد , جلست بتعب و بدلت ثيابي و جمعت شعري برباط خلف عنقي بسرعة ثم نهضت و سرت ببطء نحو الباب و طقطقة العكاز على الأرض الخشبية اللامعة تزعجني , شعرت بأنني امرأة عجوز ضعيفة ..
سرت خطوتين بالممر و سمعت أصوات بالردهة التي ممرنا منها , أطلت برأسي فوجدت والدي جالس معه كأس شاي و جيني نائمة مغطاة بجانبه والعجوز جالسة على أريكة مفردة , عندما رأني أبي نهض . كرهت هذه الحركة بشدة...
اقتربت منه وأنا أسير نحو أقرب أريكة , قلت ببرود : سأجلس فقط , هلا رجعت لمكانك !.
كان متجهماً أيضاً , عاد للجلوس ظلوا يراقبونني حتى استقريت فوق الأريكة , ونظرت نحوهم بتحدي وحدة خفيفة ... سكبت لي العجوز بعض الشاي و هي تتبسم بلطف ,
ثم أخذت تحدثنا بعض الوقت , بعدها نظرت للساعة و نهضت لتقول
_ سأضع سفرة العشاء الآن , لقد اقتربت السابعة.
نظرت نحو أبي بعدما ذهبت السيدة لويز .كان شارد الذهن ينظر إلى الفراغ .. وبقيت فترة حتى بادلني النظر رفع حاجبه و قال بهمس
_ هل أنتِ بخير ؟!.
_ أجل .
_ سآخذ جيني لغرفتنا و سأعود الآن.
وقف ثم انحنى فوق الصغيرة و حملها بغطائِها و سار بهدوء خارجاً , بقيت دقيقة بلا تفكير حتى عاد , ابتسم بوهن و جلس قربي ,
قال بلطف : سنغادر غداً فجراً بالطائرة !.
حدقت به و معدتي تتوتر , لم أكن أظن بأن المسافة ستكون بعيدة ... قلت : بالطـائرة ؟!.
_ أجل , ثلاث أو أربع ساعات ربما , أأنت قلقه بشأن اصدقاءك ؟!.
قلت بلا مبالاة كبيرة : أني لم أرهم منذ بداية العطلة !. و حتى بالمستشفى ..
زفر بهدوء ثم قال : جيـد ! , فهم لا يعجبونني على أية حال ..و المدرسة قد بدأت قبل شهر ربما...
و أخذ ينظر بعيداً مفكراً , أما أنا فكأن صاعقة ضربتني ! , المدرسة !! , لقد نسيت أمرها كلياً .
قلت بتوتر : هل سأدرس في... أكمل بـ....!
أومأ وهي يتأملني بحنان و وضع ذراعه حول كتفيّ , قال بلطف : بالطبع صغيرتي , سيكون كل شيء بخير , لمَ تفكيرك سوداوي هكذا و يائس ؟!.
كدت أقول " أني اتحدث عن الوقائع " لكن دخلت السيدة لويز و قالت بمرح : العشاء جاهز .
بعدما تناولنا العشاء الشهي سرت للغرفة و والدي و السيدة لويز خلفي و كأنهم حرس ... شعرت بالغيض المكتوم ><...
قلت ببرود و أنا التفت نحوهم : هل يمكنني النوم فقط وحدي ؟!.
و أنا احدجهم بنظره باردة , هزوا رؤوسهم و قالت السيدة : آه , آه بالطبع !.
قال أبي بتوتر وهو يعبث بشعره : حسـنـا !.. ربما تحتاجين شيئـ....
قاطعته و أنا أحاول أن أكون لطيفة : لا احتاج لشيء بابا , شكراً , تصبح على خير...
واقتربت منه لينحني هو كي اقبله بين عينيه ليطمئن , دخلت الغرفة و ارتميت على السرير لأنام بعمق .
بعد ساعات من النوم المتقطع و المتقلب , شعرت بأحدهم يدخل الغرفة , ليرفع الغطاء فوقي و يقبل شعري , تنهدت بتعب و عيناي مغمضة و ثقيلة ..
_ أبي , جيني ؟!.
_ جيني نائمة حبيبتي , نامي الآن.
صوت أغلاق الباب , ثم صمت ثقيل , وبعدها , رأيت شيئا ربما حلم لكني لست واثقة من أنني نمت بهذه السرعة , لا أدري لكني واقفة في وسط منزل مظلم ,
بل شديد الظلام و الضوء الخفيف يأتي من النوافذ الزجاجية , ربما أنا في ردهة ما ..!
رأيت الأرائك حولي و هناك منضدة عليها صورة ما يلمع زجاجها ... اقتربت و رأيت صورة فتى صغير ربما في العاشرة و الصورة قديمة جدا و ألوانها باهتة ..
كان الصبي يضحك و يلبس بدلة رياضية , بين يديه كرة صغيرة و خلفه أشجار كبيرة ...
فلتفت فجأة و رأيت والدي واقف في طرف الغرفة وقد كان ينظر بعيدا من النافذة كأنه يراقب شيء ما , وبدوت أنا أختفى في الظلام وكأن الحلم ينتهي ,
لكن قبلها رأيت ظلا شخص غريب طويل جدا عن المعقول . يقترب من خلف أبي بتسلل وكأنه خرج من زاوية ما ,ويرفع شيئا حاداً , كان على وشك أذيّة والدي...!!!
صرخت بقوة : أبــــــــــي !!!.
نهضت بسرعة قافزة من السرير دون وعيّ أريد القيام لكن سقطت على وجهي مصدرة ضجة ! , تأوهت و أمسكت بساقي الملفوفة التي تصاعد الألم فيها بشكل غريب
فتكورت على نفسي , سمعت أصواتً ثم فتح الباب و ظهر والدي و السيدة لويز !.
أتى نحوي فزعا بعدما ضرب أزرة الإضاءة و ركع بجانبي وهو ينظر نحوي بقلق رهيب و يلمس ساقي بتردد خفيف قال بخوف
_ مالذي حدث ؟! , سمعت صراخك هل أنت بخير ؟!.
تماسكت بشدة و العجوز واقفة قربنا قالت بتوتر : هل اتصل بالإسعاف ؟!.
إسعاف !! , حدقت برعب إليها ثم إلى والدي و قلت بسرعة : لا لا أبي أنا بخير !! , لقد .. كان كابوساً الذي جعلني أصرخ ثم حاولت الوقوف وقد نسيت نفسي !.
حدق بي والدي مصدوما مرعوباً و نهض وهو يساعدني على الجلوس على السرير قال : ربما علينا أخذك لـ....
_لا , لا أنه حلم , أقسم بأنه لا يوجد ألم !.
_ لقد رأيتك تمسكين بساقك ! لقد سقطت من السرير !.
_ لا . أبي !! >< أنا بخير جداً لقد حلمت عنك ولهذا صرخت باسمك فقط !.
تدخلت العجوز بلطف وهي تقدم لي كأس ماء : لا شك بأنه مجرد حلم , و أن كنت بخير حقاً ستعودين للنوم.
قلت و أنا أخذ كأس الماء متجاهله تحديق أبي : أجل ! , أجل سأعود للنوم , شكراً سيدة لويز !.
كان يحدق بي فزعا وعيناه واسعتان .. ثم هز رأسه .. قلت بسرعة وأنا أرفع الغطاء فوق : أني حقا بخير...
اقترب مني و ضم رأسي وهو يقول : ياصغيرتي .. لا تخفيني هكذا مجدداً ..
ازدرت لعابي و نظر في عينيه الزرقاء بعمق , كان الشعور قريباً جداً من الحقيقة ! , تقلص قلبي بخوف من احتمال أن يكون والدي بخطر , رباه لن أقدر على العيش بدونه...
يا ألهي احفظ أبي...
فجأة ضممته فلف ذراعيه حولي يشد علي كي يشعرني بالأمان... همس ضاحكاً : يا صغيرتيلا يوجد ما يقلقك .
عدت للنوم , بقي قليلا جالسا عندي ثم نهض و غادر ...
...في الصباح فتحت عيناي و أنا أسمع أصوات حديثهم , والدي و السيدة لويز و هم يتكلمون كثيراً و يسحبون أشياءاً ثم سمعت صوت ضحكات جيني و همهمتها ..
رفعت جسدي قليلا و حدقت بالساعة ... السابعة صباحاً .. تنهدت و رغبت بالعودة للنوم لأنني لم أهنأ بنومي بالأمس كان متقطعاً و غريبا و انتهى بكابوس...
فجأة طرق الباب و دخل أبي أعرف خطواته المنتظمة الطويلة , وقف قرب السرير و مسح على رأسي وهو يهمس :
_ كلاري حبيبتي هيا استيقظي ! , موعد الطائرة بعد ساعة تقريباً يجب أن تتناولي شيئا .. كلآرا ؟!.
قلت بنعاس : هل يمكنني النوم قليلا بعد ؟!.
_هيا حبيبتي , يمكنك النوم لاحقاً .. أعرف بأنك مرهقة لكن هيا.. وإلا سوف استخدم جيني لايقاظك !.
فتحت عيناي و قلت بسرعة : لا , آه أنا مستيقظة !.
ضحك برقة ثم قال وهو يتجه نحو الباب : سوف ننتظرك بالردهة عزيزتي لا تتأخري .
نهضت بتكاسل و حككت عيني كثيراً حتى افتحهما جيداً , أمسكت بالعكاز بجانبي و تحركت ببطء نحو الحمام , آوه سرت رجفة بجسدي ,
و شعرت بألم غريب في ساقي هذه ! , لقد قالوا بأن العصب تالف ! كيف إذن اشعر بالألم ؟!.... سأنتاول دواءاً مهدأ فقط إلى حين...
كنت أحس بأن هناك أمر ما مخفي .. لا اقدر على تذكر الحادثة .. أو كيف أصبت , آه أغمضت عيناي فترة لكن لم أرى سوى السواد ...
استحممت بشكل سريع و بصعوبة كنت أرفع ساقي و لا أمس اللفافات ارتديت بنطالا واسعاً من قماش ثقيل وقميص طويل و سترة خرجت
وجدت السيدة لويز تقف بمنتصف الغرفة , حدقت بي و قالت بتوتر : لقد تأخرت .. جئت لأراك !.
_ أني بخير سيدة لويز , هل تأخرت حقاً ؟.
و نظرت للساعة كانت السابعة وعشرون دقيقة , آوه كيف تأخرت هكذا !.
قالت بسرعة ونحن نتجه للردهة : لقد وضعنا كل المتاع بالسيارة بقيت حقيبة ثيابك . و جيني مستعدة جداً .
رأيت جيني في مقعدها الخاص تلعب بألعابها , تقدمت منها و ضممتها , صغيرتي اللطيفة وهي أخذت تنادي بـ"تاتا " كما سمتني من قبل ..
. جلست بسرعة على مقعد قريب و تناولت الإفطار على عجلة , قلت للعجوز التي كانت تدور حولنا :
_ أين أبي ؟!.
_ ذهب لشراء بعض الأمور من محل قريب , آه هاهو قد عاد ..!
دخل والدي و هي يحيينا ثم تقدم مني و طبع قلبه على رأسي بينما اتناول الطعام ثم أخذ جيني من مقعدها وهو يداعبها قليلا قال
_ يجب أن نذهب الآن حتى لا يعيقنا الزحام .
سلم جيني للسيدة لويز وهو يقول : سآخذ حقيبتك للسيارة كلآرا .
أومأت برأسي و أنا أشرب الحليب الساخن , ثم نهضت مستعدة ... لم نتحدث كثيراً ركبنا السيارة بعد وداع السيدة لويز التي طلبت منا زيارتها بأي
وقت نريد فوعدها والدي بابتسامة ..
انطلقنا بهدوء .. في المطار كان هناك من ينظر إلي يشعر بالأسف أو يحمد الله على العافية ~~" لكني لم أبالي لهم وأبقيت نظري بعيداً عن كل شيء .
حمل والدي جيني وأنا أسير قربه وهناك عامل يساعدنا في الحقائب, و صعدنا الطائرة لأجلس قرب أبي و الطفلة بتحفظ شديد .
همس والدي بهدوء : أتحبين أن تجلسي قرب النافذة .
كانت معدتي تفور بتوتر رهيب فهذه المرة الثانية للسفر بالطائرة و كنت أشعر بالدوار و النافذة ستزيد الأمور سوءاً ..
هززت رأسي نفياً وبقيت جامدة , كتمت شهقة عندما ارتجت الطائرة و ارتفعت ... مضت ساعة ثم داهمني النعاس .والدي يداعب جيني بهدوء حتى نامت هي و جلبت المضيفة بعض
الوسائد لنا .. أغمضت عيني و غرقت بنوم متردد و متقطع فتارة افتح عيني و أرى أبي يشرب , و مرة يقرأ .. و مرة جيني تبكي حتى يهدئها أبي ...
تأوهت بضيق وبدأت ساقي توخزني بألم مستقبلي !, ربما حان وقت المسكّن ..
فتحت عيني و همست لأبي بتعب : أنني...
و سكتُ لأنظر إلى الأسفل بخجل , رأيت وجهه المرهق جداً وهو لم ينم جيداً أيضا . قلت مغيرة جملتي : اعطني جيني قليلا...
قال بتردد طفيف وهو يرمقني : حقا ؟! .
_ أجل , و أشرب بعض العصير .. أنا وجيني سنتحدث فقط .
ابتسمت لطفلتي الجميلة و أنا أقول : هاي حبيبتي , هل الطائرة تضايقك ؟ , جيني تحتاج لقبلة فقط .
و أخذتها أداعبها فوق ركبتي , بينما نظر إلينا والدي مطولاً , ثم همس لي : سأغفو قليلاً فقط حبيبتي ايقظيني عند أي شيء.
أومأت له و ابتسمت بوهن لعله يطمئن , ففعل و وضع الكتاب على وجهه لينام قليلا , آوه والدي المسكين ..
أخذت أداعب جيني و قد هدأت قليلاً ؛ أخرجت بعدها علبة الدواء من حقيبة يدي وتناولت المسكن وبعض الماء ..
ثم استرخيت و جيني تلعب بسلسلة الحقيبة متجاهلة شخصي كلياً ... هذا يناسبني ^^" !.
افاق والدي و نهض ليغسل وجهه سريعاً و يعود لكن بشكل مفاجئ جيني أخذت تبكي و تمد يديها له ! فأخذها معه قليلا و رافقتهما المضيفة ..
و أخيراً هبطت الطائرة و أنا أحبس أنفاسي ..

ركبنا في سيارة أجرة إلى فندق صغير , يبدو بأن المسافة لا تزال طويلة .. عند الفجر جلب والدي سيارة مستأجرة صغيرة سوداء ركبنا بها و تابعنا طريقنا مع شروق الشمس ...
_ متى يمكننا أن نصل للمدينة ؟!.
سألت والدي بتعب من كل هذه الرحلات !. أجاب بهدوء و جيني نائمة في مقعدها الخاص بالخلف
_ المدينة ؟! , نحن ذاهبون لبلدة قريبة بها منزل أبي بالتبني الذي تركه لي حبيبتي ! .
_ بلدة ؟!." كررت باستغراب و لم يعجبني هذا .. ثم قلت بضيق طفيف : قريبة من المدينة !.
_ آه , مسافة نصف يوم على ما اعتقد !.
حدقت به و قلت بتوتر واضح : أبي ! .. أنها بعيدة للغاية كيف يمكننا الآن أن .. أن نتابع حياتنا هناك ؟!.
ألقى نحوي نظرة سريعة ثم عاد لتركيزه على الطريق الشبة مظلم فالشمس لم تشرق بعد ..
_ أعلم بأن كل شيء مرهق بالنسبة لك كلاري ! , لكن صدقيني الهدوء و الطبيعة تساعد كثيراً ..
سألت بغصة : متى خططت لكل هذا ؟!.
أطبق شفتيه بقوة ثم تنهد و قال بتعب : قبل .. اسبوع ربما. اهدئي يا عزيزتي سيكون كل شيء بخير وستحبون المكان.
زفرت بتعب و ارحتُ رأسي , همست بهدوء : هل.. تعرف أحداً هناك ؟!.
تردد ثانية ثم قال : اصدقاء لوالدي , لا اتذكرهم جيداً لكننا سنتعارف سريعاً .. سأبحث عن عمل مناسب قبل انتهاء المال و كذلك سأضع ملفك بالمشفى الذي لديهم حتى تتابعي
علاجك عزيزتي , و كذلك ستدرسين اذكر بأن لديهم مدارس ممتازة وهادئة كما أنه سنعتني بـ ببرعمي الصغيرة تماماً و ستحيا بسعادة..!"
حدقت به مطولاً , هل خطط لكل شيء الآن فقط ! , أم أن والدي قد اخذته أحلام اليقظة بعيداً ...!!
قلت بتردد : مدرسة ! , آه لا أدري أعني.. أنا.. لستُ .. واثقة من قبـ...
قاطعني بعنف غير مقصود : قبولك !! , بالطبع سيقبلونك و إلا سأرفع قضية .. ثم ألم أقل لا أريد الحديث عن تلك الأمور المتعلقة بالعجز أو النقص مهما كان !!.
قلت بعبوس : أنا لم أولد بهذا أبي ! , سوف أواجه مشاكل .. ربما أن بقيت اعتني بـ جيني و البيت و....
صرخ مصدوماً _ ماااااذا ؟!.
و فجأة أتت سيارة سوداء أيضاً من الظلام مسرعة جداً أمامنا تماماً , صرخت برعب و أنا أشاهد ضواءاً أبيضاً يضرب عيني !!
انحنيت بشدة و ضممت نفسي و بيدي الأخرى قبضت على ذراع والدي بشدة وخوف ... والدي تمالك السيارة بقوة صدر صرير رهيب
و شرار عالي ثم صدمة ما و توقف كل شيء ..

_ كلآرا !! كـلآرا حبيبتي !! كلارا....؟؟!.
فتحت عيني برعب و أنا ارتجف .. لم نَمُت ؟!.
ضممت والدي بقوة اطمئن عليه أنه بخير .. مسح علي و قال بحنان : كل شيء بخير حبيبتي ما بك ؟! لقد انزلقت قليلا فقط لنصطدم بصخرة صغيرة , آآه كم أنا آسف .. أنا آسف وردتي لقد جعلت ذكرى التجربة تعود إليك... سامحيني !.
كدت أبكي لكني تماسكت بقوة و أنا أقول بارتجاف : بخير .. أنا بخير .. أبي...
استيقظت جيني فزعة و أخذت تبكي بصوت عالي , فلتفت والدي إليها... و رأيت من النافذة صاحب السيارة الغامقة يخرج و ظله الطويل يسرع نحونا ..
لم يصدم بالسيارة أنما افزع أبي الذي فقد السيطرة قليلا و أيضا كان هذا بسبب حديثي الأحمق إليه , يجب ألا أنطق بشيء أبداً في السيارة ...!
. اقترب الرجل من نافذة أبي و قال بأسـف : هل أنتم بخير ؟! , آسف للغاية لقد كنتُ مسرعاً .. هل أنت بخير سيدي ؟!.
قال والدي بضيق وهو يهدأ جيني التي تبكي بحجره : نحن بخير , ربما نحتاج لمد الساقين قليلا...
قلت بتوتر و قلبي لا يزال يضرب بقوة : أبي أيمكننا أن نكمل...؟!
نظر نحوي والدي بتعب و جيني تسبب الصداع له و لنا كلنا حتى الرجل بان عليه الضيق وهو يقول بلطف : يبدو بأنكم مسافرون , ربما لو جلستم قليلا ترتاحون ..
قال والدي ببرود وهو يتفحص الغريب : نعم مهما يكن , شكراً لك .
قال الرجل برفق وهو يخرج بطاقته : أنا أدعى فرانس , الدكتور لوك فـرانس.
حدق والدي بتركيز متعب في بطاقته بينما تأوهت بضيق شديد و اخفيت العكاز الذي بجانبي ليراودني فجأة شعور باختناق رهيب ..
تحدث والدي بصدمة فاجئني : فرانس ! , أنت ابن جورج فرانس صديق والدي براين موند ! .
حدق الرجل غير مصدق و مد يده ليصافح أبي بسعادة وهو يقول : أذكرك و أذكر السيد براين !! آآآه كم هذه مصادفة رائعة !!.
شعرت بأنه سيغشى علي حتماً , صديق والدي القديم ... طبيب !! ... بل هي مصادفة من الجحيم !!
هذا ما ينقصني بالضبط ! , راودني كره شديد تجاه الرجل الذي يضحك .
قال والدي متأسفاً : آه هذين ابنتايّ كلـارآ وصغيرتي جيني ..!
ضحك الرجل بسعادة وهو يقرب وجهه قليلا مبتسما كانت ملامحه جميلة و طيبة جداً وهو يمد يده ليصافحني...
مددت يدي بضيق و قال هو بمرح : اهلاً كلآرآ .. يالك من شابة جميلة !
همست بتوتر وعيناي متسمرتان عليه : شكراً .
_ آه ابنتك من النوع الخجول مثلك , ماذا عن جيني .. مرحباً يا ألطف كائن صغير !.
وضحكت جيني بسعادة وهي تلمس يديه , آه جيني أنها تسحر كل الشبان الوسيمين على عكسي !.
حسدتها لثانية ثم كتمت ضحكة ساخرة على نفسي !... قال والدي بمرح : إذن لنخرج قليلا كي نمشي .. ما رأيك كلآرا ؟.
حمداً لله أنه تذكرني فقد شعرت بالنبوذ فجأة ! , لكن قلت ببرود لم أقصده : لا أريد الخروج...!
حدقوا كلهم بي حتى جيني , همس والدي وعينيه تبحثان عن العكاز وكأنه فهم ما يحدث : آه ! سوف نتمشى أنا و لوك هنا و معي جيني اخرجي قليلا حبيبتي !.
قلت باقتضاب : طيب !." و أنا لا أنوي الخروج إلى الأبد !.
مشوا قليلا مبتعدين ولكن قبلها رمقني الرجل بفضول ممزوج بالعطف .
تنهدت و أنا أرهم يقفون قرب سيارة الرجل الطبيب و شعرت بأن كلا ساقي تؤلماني بشدة ففتحت الباب بصمت و وقفت
بلا عكاز مستندة بشدة على الباب ..ظللت بمكاني صامتة كالفجر الذي بدأ يتسلل .. بدأت أحرك ساقيّ ببطء و أنا بمكاني ثم الأخرى و دلكتها بيدي ..
فجأة اقتربت صوت خطوات , ثم صوت الرجل رقيق وهو ينطق : هاي كلآرا ! , أليس الفجر جميلا ؟!.
ظللت منكسه رأسي ..أدلك ساقي التي لا أمل بها و قد اختفت لفافاتها تحت بنطالي الأسود الواسع...
تابع بمرح خفيف وهو يتكأ بجانبي : الجو دوماً جميل متأكد بأنك ستحبين البلدة !.
قلت بخفوت : بالطبع سأفعل أن أحببها والدي .
و كنت أتساءل برعب أن كان أبي قد ألمح له شيئا ما...! , نظر نحوي بلطف وقال : منزل جدك بالقرب من منزل والديّ , بالطرف الآخر بينما منزلي أنا وزوجتي و ابني بالطرف الآخر للبلدة قرب المستشفى !.
توترت بشدة و غص حلقي لذكر كلمة مستشفى ! , قلت ببرود أغير الموضوع : ماذا عن المدرسة ؟!.
_ المدرسة في منتصف البلدة . هي تجمع الاعدادية و الثانوية بجانبها مدرسة المرحلة الابتدائية.
أومأت برأسي و نظرت نحو والدي وجيني التي وضعها على الأرض المعشوشبة لتمرح الصغيرة تحت الضوء الخافت .
نظرت للرجل جيداً , شعر بني داكن ملامح وسيمة عينان بنيتان فاتحتان يبدو أصغر من والدي بسنتين أو ثلاث ..
ابتسم لي بسحر و قال : لنتمشى قليلا ..
قلت باقتضاب : أبعد سيارتك عن الطريق !. " كنت أنوي قول ابتعد أنت عن طريقي !!.
_ لن يمر أحداً من هنا الآن ؟!, تبدين لي دفاعية جداً , هل كل شيء بخير عزيزتي ؟. أكان هذا بسبب الحادثة قبل قليل ؟!.
هززت رأسي نفياً و صوت طنين يزعج أذنيّ . آه كنت فضة و مريبة !.
ثم نطقت بهدوء وأنا اتمسك بالباب بقوة لفتت انتباهه : سأعود للجلوس !.
قال بسرعة وهو يتحرك بوقفته : لا من الجيد أن تمشي قليلا ! , والدك أ.. أخبرني !.
حدقت به بسرعة و ابعدت عيني , قلت بحده خافته : قلت لا أريد...
_ كلآرا .. أنا أعرف أنه هذا جيد لك .. أنني طبيب عظام وأربطه !.
زفرت بقوة واضحة أمامه أبين تعاسة حظي ! .. قلت و أنا أهز رأسي مما جعل شعري الداكن يتحرك : لا أريد فقط ..
_ أنتِ لم تحبي الأطباء صحيح ؟! , أنظري سأغادر و أنتِ أفعلي ما تودين فعله !.
قلت بضيق : هذا شأني !.
_ ربما سنتقابل كثيراً ..
_ لا أظنني أحب هذا >< "... شعرت برغبة عارمة بركل ساقه , يالا الأطباء الفضوليين يعشقون كل حالة مرضية !.
ضحك بلطف وهو يقول : لست أقصد المستشفى ! , في المنزل ربما...
قلت ببرود وعيناي تشتعلان شراً : أننا نحاول أن نبدأ من جديد !!.
قال برفق وحنان : وأنا أريد مساعدة... صديقي و عائلته .
_ لستَ تقوم بعمل جيد قبل قليل !.
قلت بوقاحة ولم أبالي بوجهه المندهش , لكنه بسرعة غير ملامحه للطف وهو يجيب بأسف : أنا آسف حقاً ! , لقد حذرني جاك قبل قليل من التحدث إليك وأنت بهذه الحالة !.
و اظهر ابتسامه كبيرة , شعرت بالحرج ! , أبي سأقتله >< لولا أني أحبـه !.
_ أجل و أنا آسفـة أيضاً , لكن هل ستحاول معالجتي في مواعيدي بالمستشفى لاحقاً ؟!.
رفع حاجبيه كلاهما و قال بفخر : بل لن أسمح بأي طبيب بأن يقترب من ابنة صديقي ! , أنا من سيعالجك بالطبع ^^.
ليست هذه الأجابة المريحة التي انتظرها , همست بضيق شديد : إذن تحمل نتائج ردود أفعالي !.
ضحك بمرح و قال وهو ينفش مقدمة شعري مداعباً : هيا عزيزتي , اجلبي هذه العكاز لتسيري قليلا...
حدقت به و قلت بعصبية : لن أفعل . سأنادي أبي الآن لنكمل السير...!!
قال بيأس خفيف : آه صحيح , حسنا كما تشائين , سأغادر أنا الآن أيضاً , إلى اللقاء.
ابتسم لي و بدوري حاولت ان ابتسم لكني لست واثقة هل خرجت مني ابتسامه و غادر الرجل إلى سيارته .. بينما والدي يقترب سلما على بعضيهما و كل ركب سيارته ,
قال أبي بتوتر مخفي وهو يضع جيني بالخلف ثم يعود ليفتح باب مقعده : آه كلآرا ! , هل كل شيء بخير حبيبتي ؟.
_ أجل أبي .
قلت كاذبة و أنا أشعر بالضيق من كل شيء... حتى منظر الفجر لم يرق لي بل داهمني النعاس بقية الرحلة .
.
--- بعد ساعتين .
_ صغيرتي !, لقد وصلنا .. كلآرا .. هيا افيقي !.
سمعتُ صوت والدي ففتحت عيناي بثقل و نظرت نحوه أولاً , كانت جيني بحجره وهو يقود بيد واحدة و قد أشرقت الشمس !
قلت بضيق : أبي كيف يمكنك القيادة و...
قاطعني بابتسامه : أنظري من النافذة لقد وصلنا !.
نظرت بتجهم و رأت منزل ريفي جميل كبير , أكبر من منزلنا بالمدينة ! , تحيطه اشجار السرو و الصنوبر الضخمة المعمرة ! و هناك ما بدا لي غابة ربما .. تضايقت بدل أن أفرح ولا أدري لمَ .. لكني تبسمت بصعوبة لأجل أبي الذي يراقبني !.
توقف قرب السياج الخشبي الجميل و المدخل الواسع , و قال مفكراً : استطيع الدخول بالسيارة !.
قلت محتجة : أبي ستقتل الحشائش !!.
_ هي ميتة أصلاً ..! " قال بلا مبالاة .
و دخل بسيارتنا الفورد الصغيرة حتى توقف بنعومة قرب المدخل , و نظر نحوي متحدياً مبتسما... فكشرت بوجهه !
قال بحماس وهو يفتح الباب : سيكون هذا رائعاً , تعالي يا جيني لنترك اختك العابسة خلفنا !.
فغرت فاهي بغضب ! مالذي تقوله ؟, صررت بعصبية و لملمت شعري المنفوش جراء النوم برباط اخذته من
حقيبتي الصغيرة و عندما رفعت رأسي لم أجدهما ؟!. كان هناك فقط اصوات العصافير و خشخشة الأشجار .. رأيت ساعة يدي تشير إلى السادسة صباحاً...!
خرجت بسرعة و أنا اتكأ على عكازي , قلت منادية : أبــي ؟!. جيـني أين ذهبتما...؟!.
مشيت قليلا قرب المدخل و أنا أحدق بالمكان حولي , أنه جميل لكن ..هناك أمر مفقود ؟! , و إحساسي بالضيق غريب...
استنشقت الهواء ثم سمعت أصوات ضحكات من الجهة خلفي .. التفت ومشيت إلى هناك و لحظتها سمعت والدي يناديني
_ كلآرا نحن هنا نلعب تعالي !.
فتقدمت من جانب المنزل و رأيتهما يلعبون بالأراجيح الخشبية القديمة المتدلية من غصن كبير لشجرة سرو ضخمة في منتصف الباحة !..
كانت جيني تضحك ملء شدقيها !.
قلت بتوتر : أحذرا .. ربما هذه الألواح الخشبية مهترئه !.
قال والدي ضاحكاً : هـراء ! , نحن نمرح تعالي إلى هنا !!.
و نزل ومعه جيني ليتقدم نحوي , وضع جيني على الأرض كي تعبث بالحشائش و قادني رغماً عني متجاهلاً احتجاجاتي...
أجلسني على الأرجوحة ثم التفت خلفي ,, كنت ارتجف بقوة ,
قلت بتوتر : أبـي... أبي أرجوك كن حذراَ . تعلم بأني اخشى الارتفاعات أبــــــ .. آآآه...!!
و دفعني بقوة عالياً , صرخت رعباً و أنا أضم الحبال و أغمض عيني بينما ضحكات جيني ترتفع ..
اوقفني بعد عدة ارجحات وهو يكاد يموت ضحكاً ... قلت بتعب : وتعلم بأني لا أحب الأراجيح والأشياء التي تدور !.
كان لا يزال خلفي داعب شعري وهو يقول : آه يالك من طفلة ! , جيني لم تصرخ مثلك !. هيا لنرى المنزل من الداخل...
ساعدني للعودة للعكاز الذي لا أقدر على الاستغناء عنه فأصبح كالسجن المتنقل ..
قال بمرح وهو يشير إلى باب زجاجي قريب : هذا باب المطبخ ! لندخل من هنا .
بالطبع رأيت النافذة الطويلة الزجاجية للمطبخ و كذلك بعض آنية الزهور على إطارها .. تنفست بعمق وحاولت أن استرخي أكثر ...
دخلنا من الباب و والدي يراقبني كيف اصعد العتبات فنظرت نحوه بحده لاحظني ليتصنع أنه كان يهتم بـ جيني ...!!
متى يمكنه الوثوق بي تماماً ؛ أنا لم أعد طفلة صغيرة بلهاء أني أريد أن أعتني بهم لا العكس !.
كان المطبخ جميلا عملياً , و واسع الأرضية من الخشب الداكن اللامع و الجدران بيضاء ,الأرفف والأدراج بنية فاتحة و الطاولة الكبيرة بالمنتصف كذلك حولها خمسة مقاعد خشبية أنيقة !.
قلت متسائلة بينما أبي ينظر حوله بسعادة : من كان يعتني بالمنزل ؟!.
_شركة التأمين عزيزتي , آووه جيني تريد النزول .
وضع جيني أرضا لتحبو حولها بسعادة وهي تتمتم بكلمات مرحة , مشيت خلف أبي لنقف عند الباب الداخلي للمطبخ المطل على ممر الردهة الذي رأيت مدخلها الجميل المقوس ..
وآآو لم أظن بأن منزل جدي بهذا الجمال !.
_ تعالي يا صغيرتي.
قال والدي وهو يحمل جيني مجدداً و يمشي داخلاً الردهة , قال لي :
_ هنا في الطابق الأرضي غرفة واحدة للضيوف لكني سأجهزها لأجلك عزيزتي هي هناك آخر الممر و حمام تابع لها بينما ننام أنا و جيني في غرفة في الأعلى ..
قلت بضيق طفيف : أنا أستطيع صعود الدرج جيداً جداً أبي , يمكنني تولي مثل هذا الأمر البسيط.
_ لكني لا أضمن الحوادث وأنا لا أريد رؤيتك تصابين بمكروه مجدداً , لا أنتِ و لا جين.
عبست من خلفه هذا هو أبي لا يثق بشيء... لكنه قال فجأة بمرح مقاطعاً أفكاري : أنها جميلة أنظروا ...
كان يقصد الردهة الواسعة ذات الأثاث الثقيل الثمين كما يبدو و التحف الخزفية الجميلة و المدفئة الحجرية الضخمة , نظرت حولي ,
النوافذ مقوسة كبيرة و رائعة تطل على منظر الغابة الجميل محاطة بستائر ثقيلة داكنة حمراء كلون الأثاث ... وكان هناك منضدة جميلة عليها بعض الصور الصغيرة....
وضع والدي جيني أرضاً لتستكشف بنفسها وهو يسير خلفها بمرح بينما اقتربت بنفسي ببطء نحو المنضدة .
ضيقت عيناي و طافت ذكرى سريعة بعقلي , أين رأيت هذا الوجه الطفولي الجميل و الملابس الرياضية و الأشجار من خلفه .. طرفت بعيناي , أكان حلماً ؟! , أنه يشبه أبي قليلا .. نفس التقاسيم الأنف اللطيفلم أميز لون العينين بسبب بهوت الألوان وقدم الصورة ... هززت رأسي و رفعته لأنظر نحو مصدر القهقهة الجميلة , رأيت أبي يحمل جيني و ينظران من أحد النوافذ...!
الآن تذكرت !! رباه ذلك الكابوس !!!.
دارت بي الأرض فجأة و تماسكت و أنا أنظر نحو الجانب ! , من الممر الأخر خلف المدفئة حيث ظهر ذلك الشيء المخيف في حلمي .. الشيء الذي كان يحاول أذية والدي ! .
لم يكن هنالك من شيء !! , و الممر كان يؤدي لغرفة البيانو أو مكتبة صغيرة كما هي العادة ..
استعدت قدرتي على الكلام و قلت بصوت هادئ غريب : أبي ؟ , هل جئت أنا إلى هنا من قبل ؟!.
التفت نحوي واختفت الابتسامة الجميلة ليحل محلها عبوس للتفكير العميق .. قال :
_ كنت في الثالثة أو الرابعة صغيرتي , لا أظنك تذكرين ؟!.
سألته بتوتر مخفي : هل كانت هذه الصور هنا ؟!. و صحيح من يكون ؟!.
اقترب مني بهدوء وهو يحدق بالصور المؤطرة , قال بهدوء : آه لست أذكر , أظنها كانت هنا حقا من قبل , آوه هذا جدك "براين" حبيبتي , ألا تذكريه ؟!.
_ أن به شبه بك أبي , و لا ..آه لا اذكره كثيراً.
لقد توفي جدي عندما كنت في الخامسة ربما , وهل جئت إلى هنا قبلاً ! , حقاً لا أذكر أي شيء... ربما كان ذلك الحلم شيء من ذاكرتي الغابرة !.
ربما كان الظل الذي ظهر أو ما شابه فقط من تكوين مخاوفي ... الأنتقال أو تغيير البيئة ..!
أدركتُ بأني فتاة ضعيفة بهذه الأمور ... أنا لا أطيق التغيير ~~" .. لكن غريب , جدي هذا هو والد أبي بالتبني ! ,وليس والده الحقيقي !!.
الريب أن هناك لمحة شبة بينهما... والدي لا يعرف أبويه الحقيقيين .. لقد كان في السادسة عندما تُبني ..!
_ هذه هي غرفة البيانو , هيا لندخلها ..
قال بحماس و اتجه بسرعة إلى هناك , مشيت خلفه بثبات وكدت أقول له بجدية : وماذا عن الحقائب في السيارة ؟!.
لكني لا أريد أفساد متعته و مرحه فهو نادر المرح !.
رأيته يجلس على معقد البيانو الأسود الضخم اللامع و في حجره جيني و أخذا يلعبان كلاهما بمفاتيح الآلة بسعادة ليصدرا صوتاً مزعجاً ...
لا أدري كيف هذا الصوت يفرحهما ><؟؟!! .
اقتربت و قلت بعصبية : اعزفا جيداً ! , أنتما تجلبان الصداع !.
ضحك والدي بمرح و ازاح لي ليقول : أجلسي حبيبتي , تعالي...
فجلست بجانبه وأنا ابتسم ثم عزفت لهما شيء تعلمته و أخذت جيني تفسد علي بسعادة...
_ آآآع جيني >< , ابعدي يديك..
حدقت بي بعيون زرقاء باكية , فوبخني ابي وهي يقبلها مرضياً : كلاري , لا تصرخي على اختك !., هيا قبليها لترضى...
قلت بعطف وأنا أمد يدي نحوها : آآوه حبيبتي أنا آسفة تعالي إلي...
فضممتها نحوي و قبلتها على شعرها الأشقر الناعم جداً ثم أخذنا نلعب معاً على البيانو بينما نهض والدي يتمشى حولنا في الغرفة ,
بعدها ذهب ليجلب الحقائب و أراني غرفتي في نهاية الممر , كانت جميلة و واسعة . أثاثها لطيف ..و تطل على الجزء الأمامي للمنزل حيث أرى سيارة أبي .
جلست مرهقة على السرير مع جيني و والدي يدخل ليقول : يجب أن نستحم الآن جميعاً , ثم نتناول الطعام لكي ننال قسطا من الراحة فكلنا متعبون , حبيبتي تعالي لتري الحمام هنا.
قلت بهدوء وأنا أرى الصغيرة تتثاءب : أبي ! , أني سأهتم بأمري جيداً . لا تقلق.
_ حسنا . أنظري سآخذ جيني أولاً للأعلى أحممها ثم أصنع لها زجاجة لتنام ثم أهبط لأطمئن عليك....
قلت غير مصدقة : أبي !!! , لست بحاجة لتطمئن علي !! أنا بخير. أرجوك.
أظنه فهم قليلا فقد توتر لثانية ثم اقترب ليحمل جيني و يقول بعطف : أجل حبيبتي , حسنا... سوف نصعد الآن...
و خرجا , بقيت أحدق بحقائبي قليلا ثم سحبتها لأفتحها و انتهي من هذا الأمر ... دخلت الحمام و كان مرتباً نظيفاً وليس به الكثير من الأشياء وهذا يناسبني
, فهو حمام الضيوف دولاب واحد قرب المغطس و علّاقة مناسبة ...
تحممت بسرعة و لبست ثوبا خفيفاً بلون أزرق رمادي قصير قليلا لمنتصف ساقي , من فوقه جاكت خفيف ...بدلتُ ضمادة قدمي بعناية ووضعت الجبيرة المثبتة
التي تفك وتركب كما علموني.. وعندما خرجت , وجدت أبي يحوم في الممر قرب غرفتي ...
شعرت بالغثيان لا تقولوا لي أنه هنا لعله يسمع صوت اصطدام رأس ما أو سقوط جسد !!.
حدق بي و توقف وهو يقول بخجل طفيف : أرى بأن كل شيء جيد .. حسنا سأذهب أنا لاستحم سريعاً لقد نامت جيني .. ثم أنزل لنصنع بعض الطعام لنا...
قلت بلطف كي لا أجرحه : أجل أبي , سأجفف شعري ثم أنتظرك بالمطبخ .
ابتسم لي بوهن ثم غادر للأعلى ... فكرت بأن أصعد للأعلى للاستكشاف الغرف بأقرب وقت حتى أكون على دراية تامة .
فأنا لا أحب أن أجهل أشياء حولي كهذه...
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس