عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 07-24-2017, 11:11 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_564jnrwr1.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_564jnrwr1.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][ALIGN=center]







أجيس كريتوس ثيوفانس ~نيو لوك~
بعد تدربه لخمس سنوات، غدى الولد الخجول حكيما، قويا
وسريعة البديهة عالما بنقاط ضعف خصومه ومستفيدا منها بكل خبث
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_564jnrwr1.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


زاسلير أه شي جرايجور

بمزاجه المتقلب هو صعب المعاشرة
إلا أنّه وككل ملوك سلالته ملك من الشهامة الكثير
قوي، وسليط اللسان، مغرور لكنه لم يتباهى يوما بوسامته
لكن وأكثر ما يثير الغرابة فيه هي وقاحته مع النساء




سنو دي كريتوفيا

عنجهية تفردت بها، فضول جارف وغرور ظاهري
كانت أميرة ارتدت ثقل التاج.. إلا أنها ما كانت يوما مهتمة
بالذات. هي عرافة الملك الجديد وحاملة لعنة الأقدمين





الفصل الثاني: ضياع، رفقة وانقلاب


بهت صراخها وخبا ارتياع غلف وجهها حين اصطدمت بلطف تنافى وسرعة سقوطها. رفعت نفسها عن الأرض
السكرية المائعة وشحوب موتى استوطن وجهها فتفنن برسم اعيائها. فتحت عينها اليسرى وأبقت على الأخرى
منسدلة لتخفيف الألم الذي التمع مباغتة وسط جمود الفكر والأحاسيس، محاولة بائسة لم تجلب لها الكثير من الراحة.
وقفت باعتدال. حركت ذراعيها بشكل دائري تختبر سلامتهما، فبانت الدهشة مبطنة تنبعث من القرصين الخزاميين..
كيف لا وهي سقطت من علو شاهق، من النادر ألا تصاب بأي خدش.. وفي خضم شرودها وعجز عقلها
لم تفلح في ترجمة ما يحصل معها.. معانقتها لرياح السماء، طيرانها الساقط نحو مركز الجزيرة الجاذبوالآن هذا..
هذه الأرضية اللينة التي تمنع الأذى عمن أضاع طريقه من أمثالها. همهمت وهي تقف ببطئ مشككة في
سلامة عقلها، لتقفز بعدها بخفة. وما ان لمست قدماها السطح حتى ارتدت إلى الأعلى كرد
فعل معاكس للقوة التي طبقتها عليه.
سقطت لاختلال توازنها ثم بدأت بالضحك.. قهقهة هيستيرية عَنْوَنَةْ بداية جنون الأميرة
الفضية التي تورطت مع شخص أسوء من شياطين تايفوس أنفسهم.
توقفت فجأة عن الضحك، حين لمحت اللافندر الذي اكتسى مكانًا بعيدا خلف ربوة جبلية عملاقة
فكرت فجأة، لتتنهد بأسى وهي تتجه إلى حافة الهضبة المائعة، مشتتة ومستعدة للدخول في اليأس.
زفرت بحنق وهي تلمح اللا شيء أمامها.. لا أجيس، لا سيان وقطعا لا حياة أو كائن يؤنس
الوحدة التي سترافقها طويلا الآن. من تلعن؟ قدرها؟ أم قدرها؟ ربما تلك الشيطان وربما نفسها ما الفرق؟
لا فرق حقا سيخلفه بقاؤها هنا، الأمر لا يعتمد على من سيستشعر غيابها.. هذا أمر لا تحس بالحزن
بسببه، الأمر الوحيد الذي يثير حنقها، هو لا وجودها الذي يعيق السعادة عنها. اقتربت أكثر من النهاية ثم
نزلت بانتباه الهضبة الملساء لتجد أن جيولوجية الأرض قد تغيرت، أصبحت أكثر صلابة وخضرة مما كانت عليه
في القمة، هناك في الأعلى.. لكن من هنا هي لا تستطيع لمح كائن من كان وان كان على
بعد عشر خطوات منها.. نفخت شفتيها بغضب وهي تبعد العشب العملاق الذي اخفتها عن الأنظار
ومنعتها من الرؤية السليمة.. سارت وهي تجهل الهدف، هذا قطعا ليس المكان الذي كانت
فيه.. أهي خدعة من سيان؟ ربما، من يدري.. لكن هذه المرة لا يبدو أنها ستنال مساعدة ان احتاجتها
بحذر، خطوة بخطوة، تمعنت في كل ما يحيطها، وأنصتت لما يختبئ أسفل التراب أو خلف الحشائش الكبيرة.
نصفت الشمس السماء، تلك الكرة النارية التي كانت في أقصى الشرق حين وصلت هي.. مدة طويلة
مرت وهي تسير بخطوات وئيدة تجرعت اليأس، تبحث لعلها تجد الخلاص هنا.
جلست منهكة القوى، على أقرب صخرة رملية منها.. أضنتها أشعة الشمس، فسال العرق يغسل الجسد.
مسحت جبهتها بكم فستانها الأبيض ذي الأهداب البنفسجية ثم ارتمت إلى الخلف تراقب السماء الزرقاء
وسرب من الطيور الغريبة المحلقة..
طيور لم تر مثلها قبلا في كل العوالم، وجوهها الزرقاء مستمدة من الببغاوات وأجسادها
كيانات ممشوقة بأرجل طويلة كالنعامة، بل أصغر منها بكثير.. أما ذيولها فقد كانت طويلة
لامعة، وأشد جمالا من ذيل الطاووس الملونة.
هامت سنو في التشكيلات التي يصنعونها في الفضاء، معين تتمركز فيه دمعة وطائر عملاق اشتعل
ليسلب من الشمس جبروتها.. فبالرغم من الأزرق المغتصب لبقية الألوان، إلا أن بياض الغيوم الشاحب
الذي يظهر بين الفنية والأخرى قد أضفى سحرا جذابا عليها.. جمالا يجلب النعاس للأجفان المثقلة بالهموم
والتي استسلمت من دون مقاومة لرمل النوم السحري.

فتح عيناه. فألتمع العسل المصفى عاكسا نغمات الشمس التي عزفتها على أوتاره
نظر إلى جانبه الأيمن الذي اشتعلت نيران الحمم فيه.. راقب الغصن الأسود الذي امتد يخترق جسده
أين استفحل به الألم.. وتتبعت عيناه الدماء التي قطرت إلى الأسفل بغزارة.
اصفر وجه زاسلير، وانعقد حاجباه في تكشيرة واهنة بينت مدى الألم الذي يعانيه.
حاول النزول من فوق الشجرة المتفحمة ذات الأوراق البيضاء الغريبة ببطء
إلا أنه انزلق. سقط على الأرض بقسوة، فانفتح جرحه الدامي أكثر وتشوشت الرؤية أمامه
-هل أنت بخير؟
سمع استفسارها. وأثارت نبرتها الجافة غير المهتمة تحفظه إلا أنه سقط فريس الحمى والألم
عاجزا عن الكلام أو الابصار حتى متمنيا أن تكون منقذة له لا أسوء كوابيسه.. استسلم لقيود القدر فكانت
الغيبوبة هي المنتصرة. تنهدت الشهباء وعدلت نظارتها السوداء.. اقتربت منه ثم امسكت بذراعه وسحبته
داخل الكوخ الخشبي الذي تعمق في جوف جذع الشجرة السوداء العملاقة الميتة.
وضعته بصعوبة على سرير من القش بجانب نافدة الدائرية، ثم اتجهت إلى الرف الذي ملأته علب الأعشاب
ومركبات غريبة الألوان.. أخرجت وعاء من الطين ثم رمت داخله وريقات صغيرة يابسة بهت أخضرها
وأضافت فوقها مياه سوداء لزجة.. أحضرت لوح حطب صغير مكورة نهايته ثم بدأت بهرس الأوراق وخلط
المكونين.. تصاعدت رائحة كريهة وتغير لون المزيج من الأسود للبني، ابتسمت بخفة و هي تعدل نظارتها
ثم اتجهت إلى خزانة صغيرة بجانب الفرن الحجري وأخرجت منها زهور ليلكية بثلاث بتلات
رمت خمسة منها في الوعاء ثم عادت إلى الهرس.. وذلك الصوت الركيك يتكرر في كل مرة.
وفيما هي مشغولة بصنع علاج للزائر غير المتوقع فتح الباب بقوة ودلف هو إلى الداخل.
مثيل ذكوري لها.. تتوسط جبهته ثلاثة قرون سوداء أكبرها المركزي.. رمى مجموعة
من الفواكه غريبة الشكل فوق طاولة صغيرة بجانب الفرن الحجري، وسأل باستفسار
مغتصب ونبرة عدم الاهتمام تتجلى فيه بوضوح: من يكون زائرنا الفريد أريان؟
ردت بسرعة من دون الالتفاف له: كأنك لا تعرف أرون.. ألست من أخبرني بقدوم
هذا الثقل المزعج؟
ابتسم بغباء ثم اتجه إلى الدرج الموجود داخل فراغ في الشجرة. صعده بخفة ثم اختفى تاركا لطقطقة
حذائه حرية الصدوح وازعاج راحة أريان المحبة للهدوء.
وقفت فجأة وقد نالت كفايتها من ازعاجات شقيقها الأكبر.. سارت نحو زاسلير ونزعت
عنه السترة المفتوحة المصنوعة من جلد التمساح. التمعت عيناها بانزعاج وهي
تلمح مدى عمق الجرح الذي أصابه.. غطست يدها في المزيج ثم دلكت مكان الجرح
من دون ان تتعب نفسها بتنظيفه. أطلق زاسلير أهات متألمة، ثم تحرك فوق القش بفوضوية
بسبب الألم الذي أُسفِر عنه الدواء.. لم تهتم بألمه، بل تابعت عملها بكل خفة واحتراف.
وقفت ثم اتجهت إلى الطاولة ووضعت عليها الاناء.. واجهت بعدها الفرن الحجري مخرجة بواسطة
قطعة حديدية معقوفةٍ نهايتها إناءً حديديا كبيرًا.. أمسكت بشوكة كبيرة ذات سنين ثم ادخلتها
في الماء المغلي وأخرجت الأوراق الخضراء الكبيرة الذي ذبلت بفعل الحرارة
نشرتها على خيط قد ظفر من اغصان رقيقة.. لتمسك بعدها بأخرى قديمة
قد جف منها الماء. عادت إلى حيث زاسلير الذي احمرت وجنتاه بفعل الحمى
وضعتها على جرحه ثم أحضرت قطعة قطن مبتلة وبدأت بمسح دماء لطخت
ظهره بكل عناية. متأملة وجها لم يكن بالغريب عنها، وجها تتمنى لو لم يوجد.. لا تدري
لما، لكنها لا تشعر بأي ودِّ ناحيته.. وضعت القطن على الأرض ثم عرجت إلى الأعلى إلى حيث
ذهب شقيقها، متأملة ضيفهم هذا بنظرات بائسة.

أفاق هنا.. حيث ابتلع الغيهب الضوء الآتي من الشمس المتجبرة فوق وسط نقاوة السماء..
حاجز شفاف لا يسمح للفوتونات الضوئية بالمرور عبره هو ما اصطدم به نظره. تأمل أجيس الكريستال
الليلكي –الملتصق على الأشجار- والذي لمع يضيء ظلمة استفحلت في هذه الغابة الراكدة التي امتدت أشجارها الباسقة
تخترق الحاجز، فتلون أسفلها بظلال سوداء باهتة في حين التمعت أعلاها بنداوة بفضل الأشعة
التي خاطبتها بكل لباقة شاكية تجبر الحاجر المغتصب.
سار يتفحص النباتات التي اعتادت بيئة الحلكة والسواء، غريبة أشكالها وكئيبة ألوانها
أنصت بعد توقفه، يبحث عن إشارة لوجود حياة هنا.. لكن السكون
قد اكتنف كل ربوع هذه الغابة الملعونة، لا شيء غيره. همهم وهو يتذكر طيرانه مع زاسلير في الجزيرة المنسية
ثم ذلك الشلخ العملاق الذي بان من الفراغ.. تنهد وأبعد ورقة بيضاوية زرقاء عملاقة
نقشت عليها مثلثات قرمزية. زاسلير اختفى.. وهذا المكان قطعا ليس الجزيرة الطافية
إنّ أول خاطر جال في باله.. سيان هي السبب! لكنه لا يدري.. أهي حقا السبب؟ أم أنّ حساباتها
كانت خاطئة متأخرة بخمس عشرة سنة.
لم يكن هناك من مجيب عن استفساره.. في النهاية الفراغ يعبر عن الأبدية، ان أراد المعرفة عليه أن يكشف
الحقائق الغائرة بنفسه. أكمح رأسه إلى الأعلى، وراقب الطيور الكبيرة.. طيور المويا نفسها
التي رأتها سنو.. كان غناءها غريبا.. فريدا وكأن مواء القطط مزج بتغريد العندليب.. ثم ومن
غمرة الانسجام يأتي زئير أشد قوة من صراخ الأسود يصم الأذان.
أغلق أجيس أذنيه، ورأسه ينبض بقوة.. موشك على الانفجار، بدا له أنها صاحت حين لمحته
من تحت هذا الحاجر، زئير ينذر باقتراب خطر جسده هو.. لقد جرب سابقا تسلق الأشجار
لكن قوة اللعنة الموضوعة على الغابة سحبته إلى الأسفل دافعة إياه بعيدا عن الحاجر..
كأنها تخشى على سر قديم من الظهور!
توقف الصياح ومعه بدأت حركة غريبة.. حفيف قد صدر عن الحشائش المحتكة، زاد التوتر
فرفع أجيس يده بحذر وهو يلتف في كل الاتجاهات.. تلمس الخنجر المرتاح على فخذه
ثم قبض عليه بقوة حتى ابيضت مفاصله، بقي هكذا.. في هذا الجو المتوتر ينتظر
ظهور الحيوان المتوحش أو أي كان من يحيطه هنا. فجأة. وفيما هو متجمد في مكانه
مقشعر البدن، خبى ضوء الكريستال وعم الظلام.. رفع رأسه إلى الأعلى وأبصر النهار
وكم تمنى أن يكون في ذلك الجانب، بعيدا عن حلكة الديجور التي بدأت باغتصاب بعض
من شجاعته.. هو وحيد هنا، من دون سلاح، فقط خنجر واحد فحتى الرزمة الحريرية التي يخفي
فيها الأسلحة البدائية التي صنعوها قد تركها هناك، على ظهر عندليبه.. تحسست كفاه المكان..
ثم بدأ بالمسير مقررا الخوض في المجهول، فالبقاء هنا هكذا هو ضرب من الجنون، استشعر
قساوة الأشجار ونعومة الكريستال.. ثخانة بعض النباتات وحرارة بعضها الأخر. توقف
مجفلا، حين تسربت برودة الحديد إلى يده، فابتعد بضع خطوات إلى الخلف. لكن الشوكة
المدببة التي تستعد لاختراق ظهره صدته.
ازدرد ريقه. الظلام حكم المكان، لكن هو يستطيع بوضوح معرفة أنه محاصر.
قام أحد الستة الذين ظهروا من المجهول بحثه على المسير.. في ظلام دامس ومن دون
التفوه بكلمة، سار ببطئ وقد أوشك على السقوط لمرات، أحس بتلك اليد التي قبضت على معصمه
فسحب يده بقوة ثم سأل بتهكم وهو يمسح السائل اللزج الذي علق على ملابسه حين
اصطدم بزهرة عملاقة آكلة للطيور: أنا لست اعمى.. ان أردتم فلتشعلوا هذه البلورات المضيئة.
لم يجيبوه وان كانوا يتبادلون الاحاديث.. بلغة غريبة لم يفهمها، كانت قريبة إلى كلمات تعويذة
أو لعنة.. مقتضبة لكن وقعها له هيبة في النفوس، وهنا وسط الظلام، محاط بظلال غريبة..
فهم معنى قبح الضلال.. ألا يكفيه الجهل الذي كان فيه ليجد نفسه وسط بؤرة الكفن عاجزا عن تتبع
سير الأحداث الذي يتسارع بوتيرة مزعجة.
-أيها البشري لقد خرقت المعلوم.. لتطلب الغفران، أنت يا من دنست عهد شاجيدوج، لعل
الرحمة تنزل عليك.
بجهورية صدح.. صوت لا يتقبل الرفض، إما طلب المغفرة أو الموت.. ومع أخر كلمة التمعت
الكريستالات الليلكية.. منعكسة على الشعر الأبيض، تراقص الكهرمان المتبلور ثم تغوص
وتمتزج في البؤبؤ المستدير مع الغيهب.. لم تثر ملابسهم البيضاء الفضفاضة التي زينت
حوافها بالحرير الأخضر الفاتح والسيوف ذات المقابض السوداء التي تعلقت بين أيديهم
اهتمامه بقدر القرنان اللذان يتوسطان جبهاتهم.
همهم بخفوت وقد غاص في ذاكرته يبحث عن هذ الجنس غير المألوف: أين أنا.. بحق خالق السماوات السبع؟
نظر له الغريموريل الأفصح باندهاش. سمعه. ربما.. من يهتم فهو لم ينوي قط إخفاء الأمر عنهم.
خبى الاستغراب عن الوجه الشاب، سرعان ما حل محله غضب طفيف.
أشار بسيفه الطويل إلى وجه أجيس ثم قال معيدا كلامه: فلتطلب الغفران.. يا من
دنست عهد شاجيدوج.
عهد شاجيدوج.. كم مرة كرر هذا القول، ثلاث أربع؟ أجيس حتى لا يدري موقعه من الاعراب
وهو قطعا لن يعتذر عما لم يقترفه. أبعد السيف عن وجهه ثم قال بعنجهية فقدها لمدة سنوات
-من أنت أيها البربري؟ وما هذا المكان الملعون بحق الاله؟
أتجرأ على التكلم معي بهكذا طريقك؟ أجب على أسئلتي لا بل اشرح لي كل شيء.
رفع المحارب البربري سيفه ببساطة ثم ضرب رأس أجيس بخفة بالجهة الأخرى للنصل.. تألم الأخير بصمت
ثم لمح نهاية هذه الغابة، حيث اخترق الضوء ضعفا في الحاجر، فامتزج مع الليلك المتلألئ
والأغصان العملاقة.. خلاصه، هذا ما فكر فيه وهو يعاين مواقف محتجزيه الغرباء
كانت أقربهم له هي فتاة، طويلة ولا تختلف عنهم في شيء إلا ملابس إذ التف حول جزئها
العلوي ضمادات بيضاء في حين كانت صدور الأخرين عارية.
ليس من النبل مهاجمة فتاة، لكن.. ما هو فاعل في هكذا موقف. تنهد ثم استدار بخفة وبحركة
مباغتة أخذ الرمح.. هو لم يستعمل غير السيوف، وكم يتمنى أن يكون من أولئك العباقرة الذي
يتمكنون من اتقان كل ما يوضع بين أيديهم. ابتسم بتوتر وهو يراقب تجمعهم نحوه
وبسرعة لمحها، الفتاة.. التي من المفترض أن تكون نقطة ضعفهم ثم وبسرعة انطلق نحوها ملوحا
بالرمح عاليا. هوى به على السيف الذي تعلق بين يدها لتقوم بصد هجومه ورد الصاع له
حركت يديها بطريقة غريبة، مرددة تعويذة غريبة بسرعة حتى عجز عن تتبع ما تردده
شاهد الحلقات السوداء التي التفت حول نصل السيف وأسفل قدميها.. لم يشعر بالراحة فابتعد عنها
بضع خطوات حتى اصطدم بجذع شجرة، وفيما هو يبحث عن مهرب.. راقبها، متجهة نحوه بسرعة جنونية
رفع -في أخر لحظة- الرمح وصد ضربتها بهيكله، ارتد أجيس إلى الخلف بمسافة كبيرة بعد أن تهشم الجذع
وسقطت الشجرة محدثة ضررا بالغا.. وقف بارتعاش يتكئ على ما تبقى من الرمح المهشم، وكم كان شاكرا
لبراعة صنعه، فلولاه لأصبح قطعا مشرحة لا فائدة منها.
أجفل، وهو يستمع إلى صوت الأغصان التي تتكسر تحت أقدامهم.. حاول الركض والاختفاء إلا
أن قدماه ما عادتا قادرتين على الحركة، وجرح ذراعه قد زاد من سوء الوضع
تنهد ثم ارتمى إلى الخلف مفترشا الأرض المحطمة. أغمض عيناه بتعاسة ونكد حين رأى الابتسامات
الساخرة التي ماجت بها وجوههم المحيطة به.

أرجح قدميه على الحافة، يحاول ابصار ما خلف السماء الوردية.. اشتاقت عيناه
تنسم ذاك العالم الأزرق البهي الذي افترشته خضرة الربيع على الأرجح الآن.. كم مضى عليهم هنا؟
هو لا يتذكر، لقد توقف الوقت بالنسبة لهم منذ سنوات لا بل قرون، أبقي لهم من ذكرى في العقول أم أنّ
نهاية وقتهم قد جلبت الركود تماما كما وفقدوا هم كل الأحاسيس والرغبات.. همهم بانزعاج
وأنزل رأسه ثم ضرب بقبضته الأرض الصخرية مرارا حتى خدشت، فبدأت رقصة قطرات القرمز المعتاد
والتي سرعان ما توقفت ليندمل الجرح مختفيا كاندثار ندى الصيف. عقد حاجبيه بانزعاج ثم قال فور لمحه
لرفيقه المستهتر الذي تقدم منه بخطوات واثبة رفقة نمره الأبيض.
-أما من جديد؟ لقد سئم هذا الشخص هدوء الأحوال.. وأني لواثق أنّ موت أحدكم لن يكون بكرب بل
متعة شاذة تبهج هذا القلب المقفر.
تمايلت الكلمات في فمه، بين الرغب في تأكيد ما يقول رفيقه وبين طموح نفي الجنون الذي نطقه
الأبدية الموحشة قد أثقلت المشاعر، فغدوا كلهم بلا استثناء مجرد عرابيد ثملين لا يعون الخطأ من الصواب.
مسح من استفحل الجليد خصلاته على النار المتأججة، ثم ابتسم بتلك الطريقة التي أثارت حنق
الأخير فوقف جبلا يعلو على الآخر بأربعة أصابع. فتح كفه وضرب رأس صديقه بخفة. ثم رحل. متجاهلا
ما سيقوله مربي النمور العاقل هذا.
سار وسط مجزرة الزمن والأبدية، بين الشجر الأجرب والغربان الطافية في السماء
مصاحبا لنعيق اعتادته اذناه ومركزا نظره إلى الأعلى، حيث تواجد جسد أقسم له الولاء.
ضرب الأرض بقوة، فتشققت تحت ثقل قدمه. وابتعدت الغربان، ليزيد صراخها، جازره ازعاجه
غير المرغوب.
-توقف عن ازعاجك يا كومة العضلات.
انفرجت ابتسامته، كاشفة عن استخفافه البغيض. نظر إليه. هو من افترش أرضا
سوداء أفصحت عن مكنونات هلاكها الهياكل العظمية الغريبة التي انتشرت في كل بقعة.
استنشق كمية كبير من الهواء، ثم زنخ في ضحكة أثارت الجزيرة الطافية ككل.
وقف منزعجا، بغضب يوشك على افساد وجه اللعوب التي يستفزه بكل استمتاع. كان مستعدا
للانقضاض عليه، إلا أنّ اليد الرقيقة التي تجذب نهاية معطفه بكل هدوء قد أوقفته
تمتم شيئا بحدة، ثم قال وهو يلقف الكلمات باهتياج
-لو لا سيريس لكنت ميتا الآن دروجو، لتحمد الرب على نجاتك بلا خدش.
-هاه؟ بجدية أَريس لنلعب معا يا صغيري.. فأنا قد ثملت من هدوء اكتنف المكان دهرا
هو قريب من الجنون وهذا ليس بخاف على أحد.. لكن، ما بيدهم هم وقد منعت عنهم كل
قوة منحتها لهم ستيلا. تخلل شعره البندقي بيده، ثم قال بهدوء وهو ينظر إلى أعلى
هناك في نفس النقطة التي كان دروجو يتأملها
-ما كنت بالوحيد يا فتى، فقط اصبر. فما نعانيه لا يقدر بما يعانيه زعيمنا هناك
في الأعلى، مكبل بأغلال الزمان.
نظر بعدها إلى قصير القامة الذي استمر في جذب معطفه
ليردف: واثق من نهاية الكرب، قليلا من الصبر لن يقتل أحدا.. فقط قليلا وستأتينا الشيطان
راكعة طالبة المعونة، وهناك سيكون ميلاد السيد من جديد. هذا ما يقوله سيريس.
أطل دروجو بزهو، يتأمل رفيقهم الذي منع الكلام والتذوق، سيريس الذي دائما ما كان هادئا
يخفي وجهه تحت خصلات الخزامى الشبحية ويحتضن حزما من الأزهار العذبة.
ضحك وهو يجلس في مكانه على الأرض الصلبة، بطريقة غبية أظهرت طابعه البريء. كتف
ذراعيه ثم أغمض عينيه وسط السكون، نائما كالأربعة الأخرين منتظرا زيارة قد تكهن بها من
ملك أسرار الكون أجمعين.







اوهايو مينا سان
وبكدة خلص الفصل استنولي فالفصول الجاية
دمتم بود




[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

__________________




وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله ..
أحبُك يالله





رد مع اقتباس