عرض مشاركة واحدة
  #97  
قديم 05-19-2017, 11:41 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/10_10_16147612724995722.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








الفصل السابع~ الظلم (B)





جثى ليونارد امام قبر ليضع عليه بعض الورود الاحمر، نظر للاسم المحفور على القبر بحزن ثم ابتسم بالم ليقول:
"لقد اصبح لك حفيدة جديدة...
وهي مصاصة دماء مثلك...
اتمنى ان ترفع رأسك كما انا فعلت
كما اتمنى ان تعيد مجد عائلتنا بعد
ان خذلتك بتحولي الى ساحر بالكامل...
وربما خذلتك من هذه الجهة قبل تحولي...
فلم اكن يوما المصاص الدماء الذي ترغب برؤيتي على هيئته...
وازداد الامر سوءا بعدما انقذتني والدتي من الموت
ولم اعد لي ما يربطتني بمصاصي الدماء الا طفلتي
بالتفكير بالامر...
امي انقذتني مرات عدة مسبقا
ولكنها لسبب لا ادري ما هو لم تخبرني بهويتها "

اخذ يتذكر ماضيه مع والدته، اول يوم التقى بها يوم كان بالسجن ينتظر حكم الاعدام، متقوقع على الارض الباردة في زنزانة شبه مظلمة، وقد كسحته الكئآبة لاقصى الحدود، رغم انه كان في عمر الخمسون الا انه بدا كأنه في الخامسة عشر بحكم طول اعمار السحرة،

فجأة ظهرت امامه امرأة ترتدي كالفلاحين، شعرها الرملي المجعد انسدل الى اخر ظهرها وعيناها البنفسجية تشتعلان بالحقد، رفع رأسه اليها شاردا، بخطى سريعة غاضبة أسرعت اليه لتصفعه دون سابق انذار

اتسعت عيناه من فعلتها لتجتاح كم هائل من الاحتمالات على رأسه في آن معا، اخفض رأسه بحرج ليقول:
" لا بد انك احدى اقارب ضحيتي... "

اخذته من سترته تعاتبه:
"تبا الا يمكنك ان تكبح جماحك قليلا...
المرة الاولى فتحت طريقك للهرب والمرة الثانية كذلك والثالثة لكن الى متى؟...

ابعد وجهه عنها بيأس يقول لها:
"ولما ساعدتني؟...
لما لم تقتليني منذ المرة الاولى وتركتني اقاصي ما اعانيه؟...
اتظنينني سعيد بما يحصل معي؟

- ليس الامر انك سعيد او لا
لكن حاول ان تكف عن ذلك
سيطر على نفسك

- لا استطيع
انا فجأة اجد الجثة امامي مقتولة...
لا ادري لما يحدث لي ذلك...

نهضت ام ليونارد مبتعدة عنه غاضبة ثم قالت:
"انت لا يمكنك ان تعيش مع السحرة...
الامل الوحيد الذي علقته عليك اختفى...
سأعيدك الى قرية مصاصي الدماء..."

نظر اليها ليونارد بصدمة ولم يكد يعترض حتى وجد نفسه امام بيت من رباه في طفولته، تراجع خطوات مصدوما ينظر الى والدته غاضبا:
"لن اعود الى هنا ما حييت...
لن اعود الى حياتي المقيتة مع ذلك المتوحش..."

امسكته من ذراعه لتجذبه الى بيت صديق والده وهي تقول له:
"انه الوحيد الذي يمكنك ان تعيش معه بأمان...
على الاقل سيؤمن لك الحماية من بقية مصاصي الدماء..."

"لا تدرين شيئا عن الامان الذي يمنحني اياه...
لقد كان يتغذى على دمي يوميا
كما انه كما باقتلاع اجنحتي
لن اعود اليه مهما حدث..."

افتلت منها واسرع يجوب في ازقة القرية يرتطم بهذا ويتخبط بذاك حتى اصبح العديد منهم خلفه، اصابوه بأبر منومة فاستغربوا حين نزعها عنه واكمل طريقه راكضا، طاروا عن الارض وحاوطوه مشكلين دائرة حوله واخذوا يقتربون منه وانهالوا عليه ليتغذوا على دمه حتى تعالت صرخاته، اسرعت الام تتبع الصوت حتى وجدت ذلك التجمع الكبير من مصاصي الدماء، اخرجت خنجرها واخذت تطعنهم وهي تشق طريقها حتى وصلت اليه وما ان تمسكت به وقبل ان تتلو تعويذة الانتقال اصيبت بأبر منومة وسقطت ارضا امام عينا ليونارد، ارتجف ليونارد خوفا وما ان رأى مصاصو الدماء عادو ليهجمو اخذ الخنجر من يد والدته وبدأ يدافع به عن نفسه وعنها حتى قتلهم جميعا، توقف يسترجع انفاسه متهيئا لاي هجوم مفاجئ وحين اطمئن انه ما من مزيد جثى على الارض بعد ان اعياه التعب وفقر الدم...
---
فتح عيناه ليسمع صوت تحاور بين تلك السيدة ورجل اخر، نهض مستعجلا بخوف ليرى انه عاد الى بيت ذلك الرجل النصف بشري، سك على اسنانه غاضبا، نهض عن السرير متجها اليها يصيح:
"لما احضرتني الى هنا؟...
اخبرتك اني لا اريد العودة..."

توجه للباب ليفتحه فيجده مقفلا، بدأ يبحث عن دبوس في اي مكان ليفتح القفل حتى وجد احدهم، عاد للباب ليفتح القفل فنهض الرجل يصرخ غاضبا:
"اياك ان تفسد قفل بابي فلا املك ثمن غيره..."

عاد ليونارد الى والدته ليأخذ منها الخنجر دون سؤالها فوجهه الى الرجل قائلا بنبرة حازمة:
" افتح الباب والا قتلك كما قتلتهم..."

نظر اليه الاخر ببرود ليقول له:
- اتريد ان تقتلني بالخنجر الذي صنعته بنفسي
خصيصا لحمايتك انت وتلك الغبية...
يكفي انه قتل به اعز صديق لي...

- لا تهمني حياتك الشخصية
كما لا يهمني تاريخ هذا الخنجر...
فقط افتح لي الباب ودعني اذهب

- انت لن تعيش في الخارج لاكثر من ساعة
نصفك كساحر سيجذب مصاصي الدماء اليك...
الافضل ان تعود لمملكة السحرة الى عائلة والدتك
تتعلم من كتبها كيف يمكنك الدمج بين اصليك
لا تملك الا ذلك...

- الام:
لا تحلم بذلك الخيار فهم لن يتقبلوه...
وانت تعلم السبب...

نظر ليونارد باهتمام الى صديق والده:
- من هي عائلة والدتي؟...
لم تخبرني ان لي عائلة مسبقا...

- الغبية امك لم ترضى ان اخبرك...

- امازالت والدتي حية

ارتجت ضحكة صديق والده في الغرفة لفترة حتى مسح دموعه وهو يردد نظره بين ليونارد الذي يقتله الحماس ليسمع منه الجواب وبين والدته التي تنظر اليه محذرا من اخباره باي شيء فقال:

- انت بالفعل بائس
وكنت اظن ان حياتي بائسة
صدق المقولة الذي تقول: تهون مصيبتك
حين ترى مصائب الاخرين
على كل حال لا شيء عندي لاخبرك به...

- هجم عليه ليونارد ليمسكه من ياقة قميصه مهددا:
اخبرني عن امي وعائلتها بسرعة قبل ان اقتلك...

- حين لم تشأ والدتك ان تعرف شيئا عنها فذلك لحمايتك...
لا ينتظرك شيئا جميلا بينهم فلا تقربهم...

- لما؟...

- ان كنت مصرا...
والدتك قتلت والدك لذلك...

بتر جملته حين وجدهما اختفيا من امامه، نظر الى حيث كانت تقبع الوالدة بحقد ليقول:
" حرمتني من اعز صديق لي والان تحاولين
تدمير حياة ابنه بسبب حقدك على والده...
وذنب والده الوحيد هو انه احبك..."

---

ظهرا امام قصر كبير مقارنة مع بيوت قرية مصاصي الدماء البسيطة، طرقت الباب ليفتح لها عجوز طاعن في السن لم يخلو مظهره من الهيبة، فبدا كأنه شخصية مرموقة، نظر الى والدة ليو ثم نقل بصره الى ليو فشرد به قليلا ثم دعاهما للدخول

دخلو الى غرفة الجلوس، وجه نظره الى ليو الذي كان منذهلا بهيبة القصر، حين رأى اوصافه استطاع ان يميزه رغم الاوساخ التي على وجهه وشعره الاشعث المربوط للخلف بإهمال فسألها:
- اظنه ابنكما؟

زمت الام شفتاها بغضب لتنهض من جانب ابنها وتذهب الى جانب العجوز وبدؤا التهامس بينما جمال القصر الهاه عن الاستماع اليهما حتى ناداه العجوز:
" ايها الفتى... تعال الي..."

نهض ليونارد وسار اليه بمشيته المستهترة يشحط بنعليه على الارض، وقف امام العجوز مقطب الحاجبين مستعدا لاي هجوم، لم يعجب ذلك العجوز فنظر للمرأة باحتقار قائلا:
"لم تعلمي حفيدي على الاصول...
كيف اظهره للعالم واجعله يحمل
اسمي وهو بهذه الحالة..."

"اسفة... لقد اخبرتك بقصته..
لم يتسنى لي ان اعلمه شيئا..."

- ذلك النص البشري الاخرق...
لطالما كرهت ان يصادق ابني...
بغض النظر انه افسد اخلاقه
فهو عرفه عليك وبسببك خسرته

ربت بفخر على كتفي ليونارد ليقول:
" على الاقل تسنى لي ان اراك...
سأعتني بك واعلمك ما لم
يتعنى غيري ليعلمك اياه..."

اخفضت الام رأسها بانزعاج لتستأذن للإنصراف، امسكها ليونارد بعجل قائلا بخوف:
" لا تتركيني وحدي معه..."

ملست على رأسه بحنان لتقول:
"لا تقلق فهو يحبك...
قد يقسو عليك احيانا لكن ذلك سيكون لاجل مصلحتك...
طع اوامره بكل حذافيرها وستجده دائما مبتسما لك..."

ابتعدت عنه بينما هم ليعانقها فاختفت، عانق نفسه بعدما دمعت عيناه حتى اتاه صوت من خلفه يناديه، استدار ليجد ذلك العجوز ينظر اليه بحزم سرعان ما عقد حاجباه قائلا:
"امسح دموعك فانت رجلا...
البكاء ليست من سمة الرجال..."

مسح ليونارد دموعه بكمه فقال له الرجل:
"هيا امامك الكثير لتفعله...
دعنا اولا نهتم بمظهرك..."

سار الرجل ومشى ليونارد خلفه حتى وصل الى غرفة راقية وقف امام مرآة كبيرة، توسعت ابتسامة ليونارد عند رؤيته لنفسه بذاك الحجم حتى اتاه صوت جده...
" اخفي تلك الملامح البلهاء من وجهك...
انت لم تعد ذلك المتشردا بعد الان...
انت ابن عائلة مرموقة فارجو ان تتصرف على هذا النحو..."

اخفى ليو بهجته ليخفض رأسه بحزن مبديا تأسفه، امر الجد الخياط الخاص به ان يأخذ مقاسات ليونارد ليخيط له طقما فاخرا ثم ارسل ليو الى الحمام...

لبس ليونارد الجديد، نسق شعره الخادم وسرحه على هيئة النبلاء، حتى اضحى خارجيا كنبيل فعلا...

كان الجد ينتظره امام سفرة الطعام، اقبل ليونارد فأشار له الجد ليجلس على المائدة امامه، سرعان ما جلس ليونارد وبدأ الطعام دون استئذان فهو لم يذق الطعام منذ الامس، وما اكله في السجن بالكاد كان يكفيه، امسك قطعة اللحم بيديه وبدأ ينهش منها ثم يشرب من كوب العصير بشراهة ليستطيع ان يبتلع لقمته الكبيرة ثم يكمل نهش المزيد من اللحم، نظر اليه الجد مذهولا من تصرفه المتوحش حتى استيقظ من صدمته فضرب بيده على الطاولة غاضبا، نهض صارخا:
"هذا يكفي... هذه البربرية غير مقبولة في قصري..."

نظر اليه ليونارد مستغربا فقال له الجد:
"لما وضع امامك الشوكة والسكين؟
استعملهما للاكل..."

ابتعد ليونارد عن الطعام بحرج لينظر الى الشوكة والسكين مستغربا، طلب الجد من الخادم ان يرافق ليو الى المغسلة ليغسل يديه، نهض ليونارد ليذهب مع الخادم وما ان اختفى عن اعين العجوز حتى تعالت صرخة ليونارد، استغرب العجوز الامر فتوجه اليه ليجد الخادم يعضه ليمتص دمه، مجرد ان رأى الخادم الجد ترك ليونارد وابتعد معتذرا طالبا المغفرة، نظر الجد اليه فقال محذرا:
"ان عدتها اعتبر نفسك في عداد الموتى..."

انحنى له الخادم باحترام شاكرا مسامحته ثم انصرف، اخذ الجد حفيده بنفسه الى المغسلة واخذ يغسل يديه، نظر الجد الى جرحه الذي لم يشفى بسرعة كما مصاصي الدماء العاديين، تنهد بانزعاج ثم اخذ يطبب حرجه، عادا الى غرفة الطعام مجددا وجلس كل في مكانه، حمل ليو الشوكة والسكين ثم نظر الى قطعة اللحم امامه مستغربا، نظر الى جده عسى ان يقلد حركته لكن يده لم تكن تطاوعه بسهولة، ترك الشوكة جانبا ليمد يده الى اللحم وقبل ان يمسك بها سحب الجد طبقه، نظر ليو الى جده بقهر فقال له الجد:
"لن تأكلها الا بأدب وتهذيب كما كل النبلاء"

اصدرت معدة ليو كركعة فسك ليو على اسنانه غاضبا، عاد ليمسك السكينة مع الشوكة فاعاد الجد الطبق لليو، اخذ ليونارد يحاول ويحاول حتى اضحى الوقت ليلا، والجد امامه يراقبه، قبل ان يكمل طعامه سحب منه ووضعوا امامه العشاء، نظر ليو بحسرة الى طعام العشاء، انه طعام خفيف جدا، بالكاد سيكفيه، لكنه افضل من ان يبقى جائعا، اكل ساندوشة بسرعة ثم توجه الى كوب العصير، قربه الى انفه ليشتمه وسرعان ما تلونت عيناه بالاحمر، شربه كله دفعة واحدة ثم وضعه على الطاولة بحماس:

"اريد المزيد!..."


نظر اليه الجد باحتقار ليقول له:
"لا تظن ان ذلك يباع في الدكاكين
الحصول عليه ليس بالامر الهين لذلك
ستشرب منه كأس واحدا كل مساء"

نظر ليونارد الى الكأس بحسرة قائلا:
"لقد كان لذيذا..."

نظر اليه الجد مبتسما ليقول:
" اذا... من الجيد انك اخذت شيئا من مصاصو الدماء..."

نظر اليه ليو مستغربا فقال له جده:
"لا تقل انك لم تكن تعلم ان ما شربته توا كان دما للسحرة؟..."

برز الذهول على وجه ليو حتى اصفر لونه ثم راجع كل ما شربه، نظر اليه الجد بحقد:
"هكذا اذا...
انت لن تتنكر لاصلك..."

نظر للخادم:
"احضر لي كأسا اخرا...
لا يهمني كم سأصرف من الدم
على ان يتقبل حقيقته..."

وضع الخادم كأس جديد على الطاولة فامر الجد ليو ان يشربه، نظر ليو الى الكأس باشمزاز ثم قال:
" لن افعل ذلك...
لن اكون مثيرا لتقزز مثلكم..."

نهض الجد اليه بحقد فصفعه، انتفض ليو لكرامته فامسكاه الحارسان، امرهما الجد ان يثبتاه على الكرسي ففعلا، وضع الكأس امامه ليشتعل عيناه بالاحمر، هم الى الكوب ليشرب ثم تذكر ماهية ما في الكأس فأبعد وجهه لاتجاه اخر، امسك الجد وجهه ليواجهه فعاد ليو ليبعد وجهه، طلب من احدى الحارسان ان يثبت راسه تجاهه ثم قام بغلق انفه حتى انقطع نفسه، فتح ليونارد احدى طرفي فمه ليتنفس كي لا يتسنى للعجوز ان يجعله يشرب رغما عنه، ابتعد حينها العجوز بانزعاج فامر ان يؤخذ ليو الى غرفة فارغة ويمنع عنه الطعام والشراب الا الدماء

رموه في غرفة واقفلو عليه الباب، وفي وقت الطعام يوضع له كأس من الدماء كان يلقي بها ارضا ما ان تصله، عندما انتصف الليل ونام الجميع، اخذ يبحث عن دبوس حوله ليفتح القفل لكنه لم يجد حتى اخيرا سيطر عليه الجوع في اليوم القادم، ما ان وضعت امامه حتى اسرع الى الكأس دون تفكير، شربها لاخر نقطة ثم نظر الى الكوب الفارغة رماها ليهجم على الخادم ويغرس انيابه في عنقه، ابتعد باصقا مشمئزا حتى وجد جده يحمل كوبا اخرا يلوح له به، اراد الذهاب اليه ليشرب المزيد لكنه تذكر انه كان مع جده في تحد، نظر الى الكوب في يد جده، الدماء حمراء سائلة جذابة، معدته تعتصر جوعا، لكن كرامته على المحك، احتار في تقدمه ام تراجعه فبقي في مكانه حتى اقبل اليه جده ليهون عليه الامر، وما ان استقرت الكأس امامه حتى اخذها من جده وجرعها على نفس واحد، ربت الجد على كتف حفيده ليقول له:
"تهانينا... لقد لصبحت واحدا مننا..."

نظر اليه ليونارد باحتقار فاسرع ليضع يده في فمه كي يتقيئ ما شربه فامسكاه الحارسان ليمنعاه، اشر لهما الجد ليفلتاه قائلا:
" اتركاه...
حتى لو راجعهم...
يكفي انه شربهم بملئ ارادته وهو
يعلم ما هم ليعترف باصله..."

انصرف الجد وتبعه الحارسان، جثى ليونارد على الارض يسك على اسنانه بحقد، اخذ يضرب الارض بقبضته بغضب لتدمع عيناه حيث اضطر ان يرضخ اخيرا للعجوز، وهذا ما لم يفعله احدا مسبقا الا ذلك النصف بشري البغيض، ومن هنا اكتشف شيئا واحدا، مصاصو الدماء كلهم عبارة عن متوحشين لا مشاعر لديهم، مسح دموعه حين تذكر كلام جده
"لقد اصبحت رجلا الان وليس للرجل ان يبكي..."

عن اي رجولة يتحدث حين يجبره عجوز على ما لا يرغب... قطب حاجبيه بحقد ليعود الى غرفته المعزولة حتى سكن المنزل من الحركة، خرج من غرفته بحذر وتوجه مباشرة الى المطبخ، اخرج من البراد ما طاب له من لحوم وشحوم، اخرج طبقا بدا له لذيذا وما ان استدار حتى وجد خادمة جميلة تبتسم له، قالت:
"عجبا...
السيد الصغير يدخل المطبخ ليلا
كاللصوص ليأكل طبقا من الطعام..."

اخذت الطبق منه قائلا:
"دعني اسخنه لك"
جلس على الكرسي امام الطاولة وقالت:
"الا تظن انه من الظلم ان يكون نصف ساحر وريث هذا القصر بعظمته
بينما نحن الفامبيرز الاصليين نكون الخدم..."

اخفض رأسه بحرج بينما باغتته من الخلف لتنقض عليه تعضه، حاول ابعادها لكن كلما تحرك ازدادت تشبثا، وبين انقطاعه عن الطعام لفترة وبين امتصاص دمه من قبل الخادمة سقط ليو فاقدا الوعي، نظرت اليه بشفقة لتقول:
" لم يكن دمك لذيذا ولا اصيلا...
لكنه افضل من لا شيء..."

اسرعت لخارج المطبخ قبل ان يجدها احدهم ويكتشف جريمتها...
---
طرق الخادم باب غرفة سيده على عجل قبل سطوع الشمس محاولا ايقاظه بنبرة فزعة، سمح الجد للخادم بالدخول فاسرع اليه قائلا:
"انه حفيدك...
وجدناه على ارض المطبخ فاقدا الوعي"

نهض العجوز بعجل ليتوجه الى المطبخ فيرى طبيب العائلة يداويه، سأله عن حاله فأجابه انه بخير، مجرد فقر دم...
ارتاح الجد لسماع كلام الطبيب ثم رأى علامات انياب جديدة على رقبة حفيده، نظر للجميع بغضب فاختبأت خادمة امس خلف حشود الخدم، اشر اليها الجد قائلا:
"اجلدوها مئة جلدة..."

امسكوها واخذوها بينما تصرخ طالبة المغفرة، جلس الجد قرب ليونارد وهو ينظر الى ملامحه الهادئة، انه نسخة عن ابنه الراحل، والذي قتل ابنه انها نفسها ام هذا الفتى الذي امامه...

كيف يجمع ببن الحب والكراهية في قلب واحد تجاه الشخص نفسه؟... حرك ليو جفناه ثم فتح عيناه ليجد جده بالقرب منه، ابتعد عنه فزعا، اخذ يتراجع خطوات للخلف بينما ينظر الى المتواجدون في الغرفة بفزع، ما ان اقترب منه جده حتى اوقفه صارخا:
"لا تقترب مني...
كلكم تدعون اللطف وحين ادير لكم
ظهري تهاجمونني..."

- الجد:
ليو...
انا جدك... لن اؤذيك...
انت الشيء الوحيد الذي تبقى لي من ولدي...
انت بالنسبة الي اغلى من حياتي...

- كاذب!... كاذب تقولها لاثق بك وتهاجمني على غفلة

بسرعة مباغتة هاجمه العجوز ليلكمه على معدته الفارغة فيسقط ارضا متألما...
اقترب منه العجوز ليهمس له:
"لست بحاجة لاكسب ثقتك لأهاجمك...
ايها النصف الساحر النتن..."

توجه للخدم ليقول لهم:
" جهزوا لنا طعام الفطور...
لدينا يوم حافل لتعليمه الاكل بطريقة متحضرة..."
---
القى ليونارد نفسه على السرير ليلا منهكا وغفت عيناه دون شعور، فجأة يشعر بشيء لثم فاهه ويشعر بألم رهيب اعتاده هذه الايام الاخيرة في منزل هذا العجوز، حاول التفلت لكن المهاجمين هذه المرة كانو كثر، احدهم يغلق فمه والبعض يثبته والبعض يمتص دمه وهو يحاول التفلت والصراخ دون جدوى حتى عاد ليفقد وعيه مجددا، ابتعدو عنه الخدم خائبين حيث دمه لم يكن بالجودة التي يصبون اليها كساحر اصيل، ولكن مع ذلك يبقى افضل من دماء البشر...
---
فتح عينيه صباحا ليجد الطبيب بالقرب منه مجددا، نظر حوله لا احد بالقرب منه كما البارحة، انتهى الطبيب من معالجته فتركه وانصرف، نظر الى يديه ذراعيه حتى رقبته، كلها مليئة بالجروح، الى متى سيستمر على هذا الحال؟... الافضل له ان يهرب الى عالم السحرة مجددا، ولكن ماذا لو حدث معه ما حدث سابقا؟...
دخل الجد ليلقى التحية على حفيده، عبس الاخر وادار ظهره له، اخبره الجد انه عاقب كل الخدم لان الفاعلين رفضوا الاعتراف لكن ليو ظل يعطيه ظهره صامتا، عاد الجد ليتخلى عن نبرته الرخيمة ليتخذ نبرة حازمة ويقول:
"لديك نصف ساعة لتتهيء كي نبدا الطعام، انا انتظرك عند المائدة"

خرج من الغرفة وجلس ليو يفكر بالامر مليا، الطعام لا يتواجد في مملكة السحرة والشعور بالجوع حينها كان رفيقه المخلص فلم يفارقه لثانية، علم ان الافضل له ان يبقى، مهما كانت الصعوبات سيتعلم كيف يواجهها كما تعلم مواجهة سابقاتها

توجه الى مائدة الطعام وبدأت المعاناة مع الشوكة والسكين، بعد شهر اصبح قادرا على التعامل معهم بكل سهولة بينما كان يقضي اوقات فراغه في ممارسة الرياضة لزيادة قوته كي يستطيع الدفاع عن نفسه امام تلك الخفافيش، سهل عليه اللامر حين كان الهجوم من فرد او فردين لكن يبقى الامر صعب حين يكونون جماعة، حتى قرر ان يستعيد حقه من والدته، اخبره ذلك النصف بشري يوما ما ان امه كانت من اعظم السحرة، علما انه ابنها لا بد له ان يبدع في هذا المجال، وقد يجد طريقة للدفاع عن نفسه، انتظر حتى خيم الليل ولجئ الجميع الى النوم فهرب من النافذة ثم توجه الى ذلك النصف بشري، فتح له لينظر اليه باستهتار ثم قال:
"هربت من قصرك ولجأت الي كما فعل والدك...
لكن بين والدك وبيني كانت صداقة بعكس الذي بيني وبينك..."

- لم اتي لابيت عندك...
فقط اريد ان اعرف عنوان منزل والدتي...

- لا تعذب نفسك...
هم لن يتقبلوك...
امك تمردت عليهم ثم الحقت العار
بالعائلة حين قتلت والدك

- اخفض ليونارد بصره بانزعاج ثم قال:
انا لن اذهب للمبيت عندهم ايضا...
فقط اريد الحصول على بعد كتب العائلة لاستفيد منها...

نظر نصف البشري الى الجروح التي ملئت جسم ليونارد ليضحك شامتا ثم يقول:
"هربت من عضات شخص واحد لتلوذ الى عضات اشخاص كثر..."

بحقد نظر ليو الى نص البشري ثم قال بحزم:
"لذلك احتاج كتب امي...
لاستطيع الدفاع عن نفسي..."

سكت نصف البشري يفكر بالامر قليلا، افرج عن ابتسامة جانبية قائلا:
"قد تكون فكرة رائعة...
لطالما نبذوني مصاصو الدماء
واعتبروني لست منهم
ان الاوان لانتقم الان...
تعال وادخل معي..."

التفت ليدخل فقال له ليو
- لا اثق بك

التفت لينظر لليو بازدراء ثم قال:
- لا بأس اذا...
انتظر في الخارج...

غاب نصف البشري نصف ساعة ثم عاد وهو يحمل عباءة سوداء مطرزة فاخرة، اخرج من جيبها ورقة وقال:
"يفترض ان يكون هذا العنوان..."

اخذ ليونارد يتأمله بابتسامة ثم ناوله الاخر العباءة قائلا:
"لقد كانت لوالدك...
اجرى عليها بعد التجارب والابحاث كي ينخرط بين السحرة دون ان يكشفوا امره...
ارتديها قبل دخولك لمملكة السحرة قد تفيدك كما افادته...

تناول ليونارد العباءة ثم انحنى شاكرا لنصف البشري، تأمله الاخر بإعجاب ليقول له:
"لقد تغيرت كثيرا في مدة قصيرة..."

ابتسم ليو فرد عليه:
- لقد احسن جدي تعليمي

اجاب بابتسامة ساخرة:
- وجعل منك مخلوقا نتنا مثله...

نظر اليه ليونارد بإحتقار ليقول:
"وهل انت افضل منه حيث تعيش على السرقة؟...
احاول ان احسن في حياتي وانسى العادات
السيئة التي علمتني عليها
فاتمنى ان تحترم ذلك... "

ارتدى العباءة وهو ينظر الى نصف البشري نظرة احتقار ثم استدار وانصرف...
---
دخل مملكة السحرة خلسة يختبئ في الظلمات والازقة، يراقب عناوين المنازل حتى وقف امام قصر شاهق، فغر فاهه بصدمة ليقول ساخرا:
"لا اصدق اني نبيل من جهة الام والاب
وكنت اعيش تلك الحياة المقيتة...
حسنا...
آن لتلك الايام ان تنتهي..."

اقترب من الباب وأخرج دبوسا فك به القفل، اعاد غرزه الدبوس بثوبه وهو يراقب الاوضاع حوله خشية ان يراه احد، فتح الباب ببطىء ودخل بحذر ليرى الاوضاع مطمئنة، النور كان شبه معدوم، وردهة المنزل خالية من ساكنيها، اسرع يمشي بحذر يدخل غرفة غرفة حتى اخيرا وصل الى مكتبة صغيرة، دخلها ليجد فيها الكثير من الكتب، صار ينظر الى عناوينهم ويتخير اكثر ما قد يحتاجه، فاختار عدة كتب واسرع بها للخارج...
---
ارتمى على سريره واخذ اول كتاب ليقرأه وصار يحاول تنفيذ التعاويذ، البعد نجح بتنفيذها والبعد الاخر احتاج لاكثر من يوم في تفكيك طلاسمها، وظل على حاله للصباح، سمع خطوات تقترب من غرفته ثم طرق على الباب، اخفى الكتب بسرعة تحت الوسادة والبطانية، اخذ نفسا ليخفي حماسه وتوتره ثم سمح للطارق بالدخول، دخل الجد بوجه مشرق يصبح حفيده بالخير، توقف لوهلة ينظر اليه متأثرا لتدمعه عيناه ثم قال:
- من اين لك تلك العباءة؟....

نظر ليو الى عباءته واحتار بما يخبر جده خوفا من ان يعلم ان زار مملكة السحرة البارحة، لكن الجد فاجئه بعناق حار ثم ابتعد عنه وهو يقول له:
"انت تشبهه كثيرا...
لوهلة ظننتك هو..."

مسح دموعه واخذ بعض الوقت ليعود الى حالته الطبيعية ثم قال بلهجة متعالية:
"هيا تهيء فامامك الكثير لتتعلمه عن حياة النبلاء..."

خرج الجد من الغرفة دون انتظار جواب ليونارد، نهض ليو ليقف امام المرآة، احقا يشبهه الى ذلك الحد؟ هو لا يعرف والده اصلا، لكن على ما يبدو انه اصبح الان يعرف شكله على الاقل، ابتسم بسعادة وما لبث ان اخفى ابتسامته ليلازم الجدية وينطلق خلف جده...

يتبع...


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________













رد مع اقتباس