عرض مشاركة واحدة
  #51  
قديم 03-28-2017, 11:25 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/10_10_16147612724995722.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








الفصل الخامس ~C~الشهوة




مرت الأيام على مضض، ليونارد يقضي يومه خارج القصر وأثناء عودته يقضيها في تلك الغرفة يقرأ الكتب، أما الأمير فالغرفة التي حبسه فيها

ليو قرر أن يتخذها سجنا له يعذب فيها روحه بإعتزاله مع أحزانه ولو أن ليو ازال القفل ما إن هدأت الأوضاع في الخارج، لكن بعد مضي

ذلك الوقت استصعب العودة لقصره ليجدهم كلهم أموات ويرى نفسه وحيداً في ذلك القصر الكبير، أما انتاشيا فكانت أغلب وقتها تجلس عند باب الأمير تحثه على الخروج وإن ظل ساكتا لا يرد عليها،

كانت تشعر بالأمان بمجرد شعورها بوجوده قربها بالأخص حين غياب ليونارد من البيت، تتالت الأيام حتى أخيرا قرر الأمير أن يخرج من الغرفة...

فتح الباب ليجد انتاشيا نائمة على الأرض، تجاهلها ومضى متوجها الى خارج القصر، أوقفه ليو قبل الخروج ليسأله عن حاله وما قرر أن يفعل،

الابتسامة الشامتة المستفزة التي علت ثغر الأمير مذ تعرف عليه لا أثر لها اليوم، وجهه متجهم وعينيه ذابلتين قد أرهقتهما الأرق،

قرر أن يذهب معه كي لا يتركه لمواجهة
استيقظت انتاشيا لتجد نفسها على الأرض، لم تستغرب الأمر فقد قضت هذه الأيام على تلك الحالة، نظر لباب غرفة الأمير لتجدها مفتوحة،

ارتسمت ابتسامة على ثغرها لتدخل بحماس دون استئذان، بحثت في زواياها، تحت السرير، داخل الخزائن، ابتسامتها الحماسية ذبلت لتتبدل بالخيبة،

خرجت وهي تناديه وبدأت تبحث عنه، دخلت غرفة ليو المعتادة حيث يقرا عادة فتجدها خاوية، انتابها شعور بالخوف حين علمت انها بالبيت وحيدة،

أول فكرة خطرت لها أن هناك في احدى غرف القصر فامبير مختبئ ينتظر الفرصة لإفتراسها، ركضت لتتأكد في باقي غرف المنزل عدم وجود أحد

من ليو والأمير حتى وجدتها كلها فارغة لا أحد فيها، نظرت من النافذة للحديقة في الخارج، الوقت ليل والظلمة طغت على المكان،

هل تخرج لتبحث عنهما؟ أم تبقى لتنتظر؟ اقشعر بدنها لمجرد تذكرها يوم هاجمها اولئك الأطفال من مصاصي الدماء، انسحبت من مكانها لتسرع

الى غرفة الأمير وتغلق الباب وتجلس حيث كان قبل مغادرته، مضت ساعات وهي على وضعها، لا عاد الأمير ولا ليونارد، الهواجس بدأت تتلاعب بعقلها،

ربما اقتات عليهم احدى الفامبيرات، وربما... لا لا يمكن ليونارد اقوى من ذلك...لكن.. ماذا لو نصبوا له شركا لينتقموا منه بعدما فعله بهم ذلك اليوم؟...

سمعت فتح للباب الرئيسي للقصر، ارتعدت فرائسها فأسرعت لداخل الغرفة لتختبئ، سمعت خطوات القادم تقترب من الغرفة، انكمش قلبها وتجمدت الدماء في عروقها حتى سمعت صوت الباب يفتح ،

لا اراديا اطلقت صرخة ذَعرة لينظر اليها ليونارد مستغربا، جمدت تراقب تصرفاته تتأكد أنه هو وليس أحد أخذ هيأته ودخل بيته ليخدعها،

تسمرت مكانها بينما بؤبؤيها المرتجفتين لم تنزاحا عن ليو الذي ابدا استغرابا من ردة فعل انتاشيا، سألها ببروده المعتاد: "ما بك؟... لما صرخت هكذا؟ ثم... ما الذي تفعلينه هنا؟


حين لاحظت ان امره لم يتغير، بارد كالعادة، اطمأنت فبرودته تلك لا يمكن ان يمثلها مصاص دماء متلهف للدماء، فجأة اغرورقت عيناها بالدموع

وجثت على الأرض تبكي، نظر اليها باستخفاف ثم وضع حقيبة على الارض وقبل ان ينصرف قال: "كفي عن البكاء فهو لم ينصرف للأبد،

سيأتي لزيارتنا من حين لآخر" هم بالذهاب لكن انتاشيا نهضت مسرعة لتتجه اليه وتتشبث بذراعه قائلة: "لا تتركني وحيدة مجدداً... لقد كدت اموت رعباً.."

نظر اليها مستغربا ليقول: "لقد عشت عشرون عاما وحيدة في البرج ولم تخافي يوما....."

نظرت اليه والدموع تملأ مقلتيها لتقول بخوف:
"لم اكن حينها في وسط قرية مصاصي الدماء مصاصي الدماء... كما انني لم اكن اعلم بوجودهم حتى..."

تنهد ليونارد بانزعاج ليقول متذمرا:
"الآن اكتشفت لما اخفت أمك الأمر عليك..."

ابعدها عنه ليربت على كتفيها محاولا بث الأمان في داخلها:
"اسمعي... لا مصاصو دماء هنا في بيتي، فقد بنيت حاجزا كي لا يستطيعوا الاقتراب او معرفة وجودنا هنا حتى، قصري محجوبٌ عنهم..."

عادت لترتجف شفتيها ثم ونزلت دموعها مجددا لتقول:
"لا استطيع ان ابقى هنا وحدي... إني اخاف حتى الموت..."

أبعد ليونارد وجهه عنها ليتنهد بانزعاج ثم قال:
"آسف لكن لدي الكثير من الاعمال بالأخص بعد ان غدوت وزير الأمير... فلا يمكنني البقاء هنا بالقرب منك طوال الوقت، لقد اصبحتي كبيرة فاعقلي... قلت لا مصاصو دماء هنا فافهمي ذلك..."

عادت لتتشبث باكية فقال بجدية:
"لما لا تعودين الى البرج؟... هناك ستكونين بأمان ولن تخافي مثل الآن، كما أني سإرتاح من ازعاجك الدائم..."

حين سماعها لكلامه ابتعدت عنه تجفف دموعها ثم قالت بجفاف:
"لا بأس... أنا بخير... اذهب الى حيث تشاء..."

نظر ليو اليها بريبة ثم اكمل طريقه:
"كما تشائين..."

توجه مباشرة الى غرقته الخاصة للقراءة وغرق هناك كالعادة بين الكتب، اغلقت هي غرفة الأمير وجلست كما كانت تجلس دائما حين وجوده وهي تحثه

على الخروج من هناك، بعد برهة خرج ليو من الغرفة ليراها هناك جالسة، توجه اليها مستغربا، وقف أمامها:
"لما تجلسين هنا؟... اذهبي الى غرفتك فالأمير لم يعد هنا..."

نظرت اليه بعيون رقرقتها الدموع فتنهد بملل، اخرج خنجره قائلا:
"خذي هذا... انه سلاح فتاك ضد مصاصي الدماء، جرح واحد كفيل بالقضاء عليهم..."

نظرت للخنجر بشرود ثم لليو، اخذت الخنجر ضمته اليها كأنها تلتمس منه الأمان فأردف ليو:
"الآن هيا اذهبي من هنا..."

استدار ليذهب فأوقفه صوتها:
"هل يمكنني أن انضم اليك في الغرفة حيث تقرأ


دون ان يلتفت اجابها:
"لا فأنت ستشتتين تركيزي..."

- نهضت بانفعال قائلة:
"سأحاول الا احدث ضجة... سأقرأ احدى الكتب بهدوء..."

- لا يمكني ضمان ذلك، لذا أفضل عدم المجازفة

- اعطني فرصة على الاقل...

تجاهلها وانصرف الى المطبخ ليعد شيئا يؤكل، اسرعت خلفه لتساعده في تجهيز العشاء، توقف واستدار ليكلّمها لكنه فوجئ بها اصدمت به،

عض شفته السفلى محاولا كبت غيظه، بسط كفه قائلا بحنق:
"اعيدي الي الخنجر..."

اعادته اليه بحرج فقال مهددا:
"اياك ان تركضي وانت تحملين شيئا حاداّ، قد تقتلين نفسك او تقتلينني خطأّ "

اعاد الخنجر لمكانه قائلا:
"هذا سيبقى معي لحين خروجي من المنزل، طالما أنا هنا فلا داعي للخوف، سأقوم بحمايتك بنفسي..."

اكمل طريقه للمطبخ واكملت خلفه بصمت، بدأ يضع بعض انواع الفطر والخبز والخضار وجلس ليتناول الطعام، جلست وساد الصمت بينهما وهما يأكلان،

حاول ان يبعد نظره عنها وتجاهل وجودها قدر الامكان، سرح بفكره من النافذة ليقع نظره على البدر الذي شارف على الاكتمال،حدث نفسه قائلا
"لو تعلم حقيقة ان مصاصي الدماء يهتاجون في هذه الايام لكانت فضلت الذهاب الى البرج على البقاء هنا... ماذا لو يخبرها بذلك؟
هل ستفصل البقاء ام الرحيل؟
منذ فترة فضلت البقاء لكن ما اخافها بعض الهواجس، لكن لو كان الامر واقعاّ فما قد تكون ردة فعلها؟"

نظر اليها ليراها تأكل بصمت، ناداها لتنظر اليه فقال ببرود:
"هل تعلمين ما يحدث عادة عند اكتمال القمر؟..."

توردت خداها واخفضت رأسها بخجل لتقول:
"لقد اعطاني الأمير بعض الكتب تتحدث عن ذلك...
عادة يقضي به العشاق أوقاتاّ رومنسيةّ...
فهي تضفي على الاجواء هدوءاّ وسكينة..."

ختمت كلامها بابتسامة لطيفة كتلميذة انهت من إلقاء انشودة بكل براعة وتنتظر مدح معلمتها لها، بينما وقع ليونارد بصدمة لها بداية دون نهاية،

قال بصدمة:
"هل حقا هذا ما يحدث مع البشر؟..."
بفضول سألت:
"ألا يحدث ذلك مع السحرة؟..."
هز رأسه رافضا كل الاحتمالات التي تتالت على رأسه دفعة واحدة محتارا

ان يتركها تفكر ذلك التفكير فهو سيريحه من عناء جبنها، اكملت طعامها لكنها احست ان ليو هذه الايام لا يبدو طبيعيا، ما ان تدخل لغرفته حتى يطردها،

ما ان تقترب منه حتى يصرخ بها لتبتعد، وها هو الان يترك الطعام قبل ان ينهيه لينصرف وما ان تكلمت لتساله عن سبب تركه للطعام صاح غاضبا:
"اياك ان تتبعيني"

هذه حالته منذ ان ترك الأمير القصر، تركت بالتالي هي الطعام ايضا وقامت بتوضيب المطبخ ثم ذهبت الى غرفتها، استلقت على سريرها لكنها سمعت صوت الباء يفتح،

اسرعت للخارج لتراه يهم بالخروج حاملا معه كتابا، اسرعت اليه لتطلب منه ألا يغادر ولا يتركها وحدها لكنه تجاهلها، طلبت منه الخنجر على الاقل

لتحمي نفسها، نظر اليها بطرف عين، امتنع عن ذلك واكتفى بتحذيرها من الخروج من المنزل حتى لو كان الى الحديقة، اغلقت الباب واتكأت عليه تندب حظها

---

مضت ايام على تلك الحالة حتى اقبل الأمير لزيارتها، عانقته بحماس ورحبت به وتحدثا احاديثا كثيرة حتى حل وقت الغداء، التهى ليو بالحديث

مع الأمير عن شؤون المملكة ، قررت انتاشيا أن تظهر مواهبها في هذا اليوم، توجهت للمطبخ لترى الموجودات من المواد الغذائية، فرشتهم على

الطاولة وبدأت التقطيع حتى وضعت كل شي في القدر ثم وضعتها على النار، شعرت أن هناك شيئا ناقصا، تذكرت أنها وجدت الكثير من الثوم في أسوار الحديقة،

دون علم منها ان الثوم كان احدى مكونات حجب القصر عن مصاصي الدماء، اخذت بعضهم وتوجهت للمطبخ مسرورة، قشرتهم وقطعتهم ووضعتهم

في القدر وفاحت الرائحة الشهية، نادتهما انتاشيا للغداء فصعدوا الى المطبخ والابتسامة تشق محياهم من جهة لأخرى، جلسو على المائدة وعلق الأمير:
"لقد تعلمت الطبخ في مدة قصيرة"

بينما ابتسامة ليونارد كانت كافية لتخبرها عن المدح الذي لا يفقه لسانه نطقه، بدأوا الطعام ومنذ اول لقمة نهض الأمير للتقيؤ بينما نظر ليو الى انتاشيا بحدة ليسألها:
"ما الذي وضعته في الطعام؟..."

استغربت سؤاله لكنها بدأت تعداد المكونات، ضرب بيده على الطاولة قاطعا كلامها بغضب:
"لقد استخدمت الثوم..."

سكتت لوهلة ثم هزت رأسها ايجابا، سك على اسنانه ثم ابعد كرسيه لينهض مبتعدا عن المائدة، نهضت لتسأل عما به لكنه جثى على الارض فجأة،

وضع يده على معدته يشد على قميصه بألم وقد بدأ العرق يتصبب من جبهته، نادت انتاشيا الأمير فزعة ليقبل اليهما فيتفاجأ به يتقيأ دما،

اسرع اليه للإطمئنان فنهض ليونارد مسرعا الى غرفته واقفل الباب، اتكأ على حافة النافذة وهو يشهق ويزفر سريعا حتى عاد للتقيؤ مجددا،

طرق الأمير الباب فاستمر ليونارد بتجاهلهما، نظر الأمير الى انتاشيا سائلا:
"ما الذي حل به فجأة؟..."

اخفضت انتاشيا رأسها بحرج ثم قالت:
"اظنه تضرر من الثوم"

صعق الأمير من كلام انتاشيا:
"هل وضعت الثوم في الطعام؟...
لقد اخبرك مسبقا انه يعاني من الحساسية"

اردفت بحرج:
"وما معنى حساسية؟"

ضرب الأمير على رأسه وقال:
"كان بإمكانك ان تستفسري حينها،
سيموت الان بسببك إن لم يتعالج،
وذلك الغبي يرفض فتح الباب...

استمر الأمير بطرق الباب فابعدته انتاشيا والقت تعويذة على القفل ليفتح، اسرع الأمير للداخل وتلته انتاشيا فأمرها ليونارد بالخروج،
نظرت اليه مصدومة ثم الى الامير، فأشار لها الامير لتخرج

انصاعت بخيبة واقفل الأمير الباب خلفه، اقترب ليجده منحنيا على الارض مطأطئا رأسه والدماء قد غطت الارض تحته، اقترب منه الأمير قائلا:
"يجب ان تتعالج بسرعة، سأنادي الطبيب!..."

- توقف...
لا يمكنك مناداة الطبيب فسيأكله مصاصو الدماء قبل ان يصل الي

- اذا فلتذهب انت اليه بتعويذة الانتقال السريع...

- قال بصوت ضعيف:
لم يعد بامكاني ذلك...
تحتاج الى طاقة كاملة وصحة جيدة،
لم يعد لدي المزيد من الوقت...
استمع الى وصيتي...
اهتم بأنتاشيا ولا تتركها وحدها لتعاني نفس
ما عانته في البرج

شد الأمير على قبضته ثم قال بحنق:
"اصمت ايها الاحمق،
لا بد من وجود شيء ما بين كتبك ينفع كمضاد لما اصابك

تهربت من ليونارد ضحكة صغيرة مستهزئة ليقول:
"هناك حل واحد...
لكني لا اظنك تستطيع تلبيته لي...
ولا اظن ان انتاشيا ستوافق،
ولا اريدها ان توافق لاني لا اريدها ان تعلم"

- تبا لا تتفوه بطلاسم ودعني افهم، ثم ما ادراك اني لا استطيع ان البيه؟...

- سكن نفس ليونارد قليلا ثم قال:
"تنحدر انتاشيا من سلالة عريقة من السحرة، احتاج لدمها النقي كي اتقوى على ما اصابني

نهض الأمير متحمسا وهو يقول:
"لا بأس... لا اظن ان انتاشيا ستبخل عليك بدمها... اين اجد ابرة حقن؟...

- هنا تكمن المشكلة... دمها لن آخذه بالابرة

- نظر اليه الأمير مستغربا وقال:
"بماذا اذا؟ ستجرحها بالخنجر؟

رفع ليونارد رأسه ليبرز تغير معالم وجهه للأمير قائلا بيأس:
"سأمتصه مباشرة من وريدها"

من المفاجأة تراجع الأمير وابتعد عنه متخبطا فابعد ليونارد وجهه عنه محاولا عدم اخافته، هدأ روع الأمير ليعود ويقترب من ليونارد،

تفحص فمه الذي نبت منه نابان حادان، وعيناه توهجتا بالاحمر، ثم تفكر في كلامه، بالطبع هو لن يسمح له بان يؤذي انتاشيا، وبالتأكيد انتاشيا لن

تقبل ان يقترب ليونارد منها بهذا الشكل مهما بلغ حبها له، فهي تموت رعبا مما يسمى مصاصو الدماء، فجأة عاد ليونارد ليعانق معدته وعاد ليتقيأ مجددا،

نظر اليه الأمير محتارا ثم الى الباب، هل يسمح بحدوث ذلك؟ ان رفض ليونارد سيموت فها هو يحتضر، انهى تقيؤه ليستعيد نفسه،

نظر الى الأمير المصدوم والحائر على ما يفعل، ابتسم ليونارد باستسلام قائلا:
"لا تفكر كثيرا فقد اتخذت قراري"

رفع رأسه مغمضا عينيه بارتخاء ليردف:
" سأموت وارتاح من حياتي المقيتة"

لولا خوف الأمير على تدهور صحة ليونارد للكمه عسى ان يعيد اليه عقله لكنه اضطر أن يتماسك ثم نهض متوجها الى الباب قائلا:
"حياتك ليست ملكا لك وحدك، بل انت تشاركنا بها...
يكفيني ما فقدت الى الان فلا تزدها علي.."

اوقفه ليو بوهن:
"احمق... توقف..."

استرجع انفاسه وعاد ليقول:
"افضل الموت وأنا بنظرها حاميا على ان أحيا على هيئة وحش تهابه

- التفت الأمير اليه وقال ساخرا:
"انها تهابك فعلا فلا فرق

- بل هناك فرق

قالها ليو صارخا بانفعال واخذ يسترجع انفاسه عاد ليقول بهدوء:
"وجود كلينا بقربها يشعرها بالامان، وكدت اتغلب عليك في ذلك لولا انه حدث ما حدث

- لا تكن غبيا...
تريد ان تقتلها بتأنيب الضمير بسبب فكرة غبية...
هي ستفضلك علي مهما حدث...
انا صديقها بينما انت حبها الاول...

نظر اليه ليو وقد التمع الاحمر بعينيه بريقا آملا ثم اخفض بصره بحزن ليقول:
"من اين لك تلك الفكر الغبية؟..."

هز الأمير كتفيه قائلا:
"الا تفهم لغة العيون!...
واضح انكما مولعان ببعضكما، ثم...
الا تتذكر مغازلتها لابتسامتك يوم كنا في الشاطىء"

نكس ليونارد رأسه بانزعاج ثم قال:
"لا أمل... الحب لا يصنع المعجزات...
مهما بلغ حبي لها فذلك لن يفيد..."

- عما تتحدث...
يكفي انها تحبك كثيرا وسترضى بمساعدتك...
أنا واثق من ذلك

- ايها الاحمق

- اصمت

توجه نحو الباب فاوقفه ليونارد قائلا:
"إن كنت مصرا على ذلك فلا تدعها تعلم

استدار اليه الأمير قائلا:
"وكيف ذلك"

اشار له الى ابر على منضدة:
"تلك هناك ابر منومة، اوخزها بها ستنام مباشرة..."

نظر الأمير الى الابر ثم الى ليونارد، توجه للإبر، نظر اليها شاردا ثم ضحك بيأس وقال:
"هذا العمل جبان..."

- هذا شرطي ان اردت ان اكمل حياتي

اخذها الأمير وتوجه للخارج، ما ان رأته انتاشيا يخرج حتى اسرعت اليه لتطمئن على ليو، اخفض الأمير رأسه حزنا ليقول
" لا تقلقي... سيكون بخير"


ابتسمت انتاشيا بشيء من الطمأنينة فربت الأمير على كتفها ووخزها بالإبرة دون علمها، وما ان شقهت من الألم حتى غطت في سبات على الارض،

راقبها الأمير بشفقة ثم توجه الى غرفة ليونارد ليخبره انه أتم الامر، ابتسم ليونارد حينها بارتياح ليقول:
"هذا جيد... هكذا سأضمن موتي قبل استيقاظها دون ان تزعجني بإلحاحك..."

اسند ليونارد ظهره على السرير ليرتاح قليلا فقال الأمير:
"لست الوحيد هنا الذي يجيد التصرف بنذالة"

لحظات وعاد الى ليونارد ووضع انتاشيا امامه، قطب ليونارد حاجبيه لرؤيته صنيع الأمير، حاول الابتعاد لكن رائحة دماء نقية لجنس ساحري عريق فاحت

في الاجواء جعلت دماغ ليونارد يشل كليا، نظر مباشرة الى مصدر الرائحة ليرى دما يسيل من عنق انتاشيا، تناسى كليا المبادئ وهو ينظر الى

شريانها ينبض بالحياة ويقذف دما، سحبها اليه ليعض رقبتها وهو يشعر بطاقتها تتدفق داخله، شرب وشرب والأمير مبعدا نظره من ذلك المنظر القبيح

حتى لاحظ ان ليونارد اطال في الشرب، نظر الى انتاشيا ليرى وجهها الذي شحب لونه، طلب من ليو التوقف

لكنه لم يستمع اليه كأنه في عالم آخر، اقترب منه ليبعده بالقوة فكشر له عن انيابه مصدرا صوتا حيوانيا مهددا ليبتعد عن فريسته، لاحظ الأمير ان

ليو فقد وعيه بالكامل ولو تركه على هواه قد يقتل انتاشيا دون علم منه، اسرع الى ليونارد ليبعده عنها لكنه تشبث بها، احضر عصا وضربه به على رأسه فتركها وهجم على الأمير،

وما ان عضه حتى تراجع باصقا مشمئزا، عاد لوعيه اخيرا ليقول:
"دمك نتن ايها البشري البغيض"

عدل جلسته واضعا يده على راسه مكان الضربة التي تلقاها والأمير مازال ينظر اليه بحذر، استلقى على السرير قائلا:
"اظنني طلبت دم وانتاشيا وليس دمك..."

تجاهله الأمير ليتوجه الى انتاشيا ويضع راحته على خدها التي باتت باردة، نظر الى ليونارد بفزع فنهض ليونارد مستغربا:
"ما بك؟..."
نظر لانتاشيا لينهض اليها فزعا، وضع اصبعيه على رقبتها ليجد فيها نبض ضعيف، حملها ووضعها على السرير ودثر عليها البطانية ليدفئها، نظر الى الأمير بتوتر قائلا:
"ما الذي حدث؟"

اخفض الأمير بصره بحزن ليقول:
"لقد فقدت عقلك بالكامل وما عدت تستجيب لي... حاولت ان اوقفك لكنك لم تكن تستمع حتى اضطررت الى ضربك بالعصا فتركتها وهاجمتني..."

نظر ليونارد مصدوما الى انتاشيا ثم جثى على الارض آيسا، قال بوهن:
اذا ذلك حدث مجددا...
هه قاومت ذلك لمدة مئتي عام...

نظر الأمير مستغربا ليونارد فاردف الاخر:
اخر مرة امتصصت فيه دم ساحرة كان منذ كنت في الخمسين عاما ونيف،
افترست فيها ساحرة حامل ولم اعد لوعي الا بعد ان انهيت كل قطرة دم فيها،
وحينها كانت السلطات قد حاوطتني وحكمت علي بالاعدام،
ساعدتني سيدة للهرب قبل تنفيذ الحكم،
لا أدري من تكون او حتى لما ساعدتني،
لكنها نصحتني ان اعيش بعيدا عن عالم السحرة
كي لا يتكرر ما حدث،
وارشدتني الى شخص استطاع ان
يوصلني الى مراتب عالية
وبعد مئة عام مات ذلك الشخص لكني حينها
اصبحت قادرا على الاعتماد على نفسي،
وعدت الى عالم السحرة بالعلوم
والقدرات التي ورثتها من امي،
ذلك جعلني منبوذاّ الى حد ما،
الا ان علومها اكسبتني مكانة حين اقترحت
فكرة بناء حاجزٍ لمنع تسلل مصاصي
الدماء الى المملكة، ونجح الأمر الى يوم هربت
انتاشيا اليك، ومع ذلك فضلت البقاء بعيدا عن
السحرة خوفا من فقد سيطرتي مجددا...
فبقيت بين مصاصي الدماء بحجة اني اراقبهم،
وردعت احيانا كثيرا من خططهم للجهوم على
مملكة السحرة، وبذلك سميت بالخائن عندهم
علما ان من رباني كان نصف مصاص دماء،
فأعتبروني تنكرت لمن رباني...
وهكذا اصبحت فارس مملكة السحرة،
واخيرا بعد مئتا عام من تلك الحادثة،
تأتي الي هذه الطفلة وتجعلني اقع في الهاوية مجددا...


نظر الأمير الى انتاشيا بحزن ثم الى ليونارد وقال:
"اتمنى ان تعود لصحتها سريعا"

نهض ليونارد وضمد جرح انتاشيا، ثم غادرا الغرفة ليتركاها ترتاح...

خرج ليونارد وهو يسأل الأمير معاتبا:
"من اين احضرت انتاشيا الثوم؟...
اأنت احضرته معك؟..."

هز الأمير رأسه متفكرا فصعق ليونارد فجأة، نظر من النافذة يراقب الثوم المنتشر حول الحديقة ليرى مكانا فارغا، عاد الى غرفته مسرعا ليجد مصاص دماء

فوق انتاشيا يتهيأ للهجوم، اخرج ليونارد خنجره ورماه عليه ويسقط ملتويا ما إن اصابه ثم تحول الى غبار واختفى...

اسرعا اليها ليتفحصاها، ما زالت حية، ترك ليونارد الأمير مع انتاشيا وذهب ليتفقد الاوضاع في الخارج، ذهب واشترى بعض الثوم وعاد

ليضعهم في اماكنهم، عاد ليونارد الى القصر ليجد ثلاث مصاصي دماء يحاوطون انتاشيا محاولين الوصول اليها دون ان يلمسوا الأمير، وما ان رأوا

ليو اقبل حتى اخرجو اجنحتهم وهربوا من النافذة، اسرع ليو خلفهم لكنه وقف عاجزا امام النافذة، عاد لينظر الى الأمير ليجده ينظر اليه حائرا، تجاهله وجلس على طرف السرير فاقبل اليه الأمير بفضول:
"كيف تحولت الى مصاص دماء؟..."

نظر اليه ليونارد بانزعاج ليقول متذمرا:
"لما عليك ان تسأل اكثر من اللازم؟..."

هز الأمير كتفيه وقال:
"يمكنك ان تقول هواية، اذا...كيف..."

قال بحزن:
"انا لم اتحول يوما الى مصاص دماء... لقد ولدت كذلك..."

فغر الأمير فاهه مصدوما ليقول:
"وهل تنجب السحرة مصاصو الدماء؟...'

- حين يكون والدك د مصاص دماء يحدث ذلك"

- مهلا...
الم تقل...
لقد كان والدك ساحرا من خارج الجزيرة...
ام انك كنت تكذب علي؟...

- انا لم اقل شيئا من ذلك
كل ما قلته ان ابي لم يكن ساحرا من مملكة انتاشيا
ولا ادري من اين استنتجت انت البقية...

- انا استنتجت البقية؟...
لنقل أنك محق، لكنك لم تنكر ذلك

- قال ليو باستياء:
اسمع...
انا اكره نصفي كمصاص دماء وما زلت اتنكر له للآن،
فلا تطلب مني ان اقولها بكل بساطة،
انه نسل نسبه الي والدي رغما عني...

نظهر الأمير متفهما رغم انه لم يفهم شيئا ثم قال:
"علي العودة قبل ان يخيم الليل...
طمئني غدا ما يحدث مع انتاشيا"

هز ليو رأسه موافقا فانصرف الأمير...

---

استيقظت انتاشيا بعد منتصف الليل لتنظر حولها مستغربة، غرقة جديدة عن العادة، نهضت لتجد ليو مستلق على اريكة قريبة منها، نهضت فزعة

حين اكتشفت انها في غرفته لتسقط ارضا بعد ان شعرت بالدوار، ما ان سمع صوت ارتطامها بالارض حتى استيقظ ذَعرا، اسرع اليها للإطمئنان، ساعدها

على النهوض وأعادها الى السرير، احست بحرقة في رقبتها، وضعت يدها عليها لتتفحصها فتجد لاصق جروح، نهضت متفاجئة ليعود

اليها الدوار، اعادها ليو الى السرير قائلا: "عليك ان ترتاحي، سأحضر لك كوب عصير لتستعيدي نشاطك..."
توجه للمطبخ بينما هي

جلست تتحسس اللاصق الذي في رقبتها وتتساءل عن سر تواجده والألم الذي يرافقه الى ان وصل ليونارد مع كوب العصير، ساعدها لتجلس

ثم وضع وسادة خلف ظهرها لتستند عليها وناولها العصير، اخذته منه لتشربه بجرعة واحدة ثم تنهدت بحماس، اخذ منها الكوب ووضعه على المنضدة، جلس على الاريكة ليقول:
"هل ما زلت تشعرين بالدوار؟


هزت رأسها نفيا ونهضت متحمسة لتبرهن له وما لبثت ان عادت لتسقط على وجهها، غط ليونارد

وجهه بكفه متحسرا بينما نهضت انتاشيا بحرج لتعود وترتمي على السرير

تذكرت ما اصاب ليو عصرا، نظرت اليه لتراه بصحة تامة، ايعقل انها كانت تحلم؟...

فالارض تبدو نظيفة وملابس ليو نظيفة...لكن لا يمكن الاعتماد على هذا التحليل فقط لان ليو مهوس بالنظام والترتيب والنظافة، فلا بد انه قد اعاد كل شي الى نصابه، توجهت اليه:
"ليو...

- نظر اليها بسخط ليقول:
"لا تأخذي عادات ذلك البشري البغيض...
اسمي ليونارد وليس ليو"

- بحرج قالت:
"أ اسفة... لقد..."

- ما الذي تريدينه؟

- تناست تكملة الاعتذار حين تذكرت موضوعها:
"ما الذي جرى بالضبط؟...
لقد كنت مصابا... وانا... لما انا هنا؟...
وما قصة هذا اللاصق المزعج"

قطب ليو حاجبيه بانزعاج لا يدري ما يجيبها، فاكملت هي بتعب:
"هل كان كل ذلك حلما ام حقيقة؟
اشعر ان عقلي مشوش، لم اعد استطيع التمييز..."

نظر اليها ليو مستغربا، تبدو فكرة جيدة... ان يقول لها أنه كان مجرد حلم، لكن سيكون عليه ان يسألها عن مكونات الطعام دائما قبل البدء، والا قد يموت دون ان يدري به أحد، قرر ليونارد ليقول ببروده المعتاد:
"اسكتي وعودي الى احلامك مجددا فلا وقت لي اضيعه معك..."

تقلبت على السرير لتعطيه ظهرها وقطبت حاجبيها بانزعاج، استلقى ليونارد على الاريكة ليغط في نوم عميق فتقلبت انتاشيا مجددا وصارت تراقبه

وهو نائم، عادة يرتخي الناس اثناء نومهم، لكن هذا حتى اثناء النوم يكون وجهه متجهما، ايعقل انه يرى كابوسا؟ بابتسامة حالمة صارت تراقب وجهه

حيث لا يتسنى لها ذلك عندما يكون مستيقظا، اتسعت ابتسامتها حين ترسخت صورته بذهنها ثم اغمضت عينيها لتنام باطمئنان...

---

استيقظت صباحا على اصوات قربها، فتحت عينيها لتجد ليو يضع الفطور على المنضة بقربها،
الكثير من اصناف الطعام على طاولة صغيرة، وكما يبدو انه لشخص واحد حيث قال قبل ان ينصرف:
" عليك ان تأكلي جيدا لتستعيدي عافيتك"

نادته لكنه انصرف، نظرت إلى المنضة لتجد فطرها المفضل، امسكته بحماس لتجد قربه قصاصة صغيرة، اخذتها لتقرأها:
"حاولي ان تبتعدي عن الخطايا"

ابتسمت فرحة لتضم الرسالة اليها بسعادة غامرة، ترقبها ليونارد من بعيد ليظهر ابتسامة طفيفة سرعان ما اختفت ليعود الى تجهمه مفكرا بصمت وانسحب

الى غرفة القراءة، دخلت انتاشيا الغرفة لتجلس في اريكتها المعتادة، سألته:
"هل تناولت فطورك"

نظر اليها مستهزئا:
"لا وضعت لك الفطور وانا امسكت عن الطعام..."

ارادت الانصراف لكنه ناداها، نظرت اليه فأخبرها انه بإمكانها البقاء لو شاءت بشرط ان تأخذ كتابا لتقرأ وتلزم الصمت...

شقت ابتسامة واسعة ثغرها لتركض الى المكتبة وتنظر الى الكتب امامها، اعجبها كتابا وردي اللون بين الكتب ذات الالوان القاتمة، اخذته دون ان

تقرأ عنوانه وبدأت تقلب صفحاته، اغلقته بملل وتوجهت للمكتبة مجددا، اعادته لتأخذ كتابا تصفحته سريعا واعادته الى المكتبة واخذت غيره وهكذا عدة مرات، نظر اليها ليونارد بانزعاج:
"هل يمكنني ان افهم لما بدلت الكتاب الف مرة؟ لا اظنك قرأتها كلها بالكامل..."

نظرت اليه باحباط:
"الكتب ليس فيهم صور ولا رسومات...
كلها عبارة عن رموز واشياء غريبة..."

ارتسم البلاهة على وجهه ليقول:
"وهل ترين مكتبتي مكتبة اطفال؟...
ان لم تعجبك الكتب انصرفي من هنا ودعيني اركز"

نكست رأسها وتوجهت للاريكة لتفتح الكتاب بين يديها، قلبت الصفحات بملل تقرأ العناوين حتى وجدت عنوانا لفتها:
"ازالة اللعنات"

بدأت تقرا وتقرا بفضول، العلاج يكون حسب الطريقة التي القيت اللعنة، نظرت الي ليونارد لتناديه فينظر اليها منتظرا سؤالها:
- كيف القيت علي اللعنة؟

اتسعت عيناه مستغربا ليقول:
"اي لعنة؟..."

قطبت حاجباها بانزعاج:
"كوني المختارة... لما تم اختياري انا بالضبط...
اريد ان اعرف كيف تم القاء اللعنة كي اتخلص منها واعود ساحرة طبيعية..."

نظر للكتاب بين يديها فنهض من مكانه ليأخذه منها واعاده الى مكانه قائلا:
"لا تقومي باي تعويذة من هذه الكتب دون استشارتي، لو ازلتي لعنتك هذه لوقعت اللعنة على بقية السحرة كما فعلتي سابقا... ثانيا هذه ليست لعنة انما هذا شرف لك"

سكت قليلا ثم قال:
"ربما كانت كذلك مسبقا اما الان اختلف الوضع بعد ما بدر منك حين قتل اغلبية السحرة بسببك"

نكست رأسها بحزن لتنهض وهي تنظر الى الكتاب في المكتبة تحفظ اسمه ومكانه ثم انصرفت الى غرفتها...

بحثت بين الاشيا في الجوارير وفي الرفوف لم تجد اي مقص، توجهت الى غرفة ليو، فتحت خزانته لتجد عبائته الرسمية معلقة، بحثت بها لتجد

في جيب داخلي ذلك الخنجر، اخذته بسرور لتجلس على السرير، امسكت احدى الخصل ومدت اليها الخنجر وشدت عليه لكن الصدمة انه لم يقطع، جربت مرة ثانية وثالثة لكن لا جدوى، سمعت صوت خطى يقترب

فاخفت الخنجر خلفها مظهرة ابتسامة مريبة، نظر اليها ليو ثم الى خزانته المفتوحة، حدجها نظرة حادة ليقول لها:
"مالذي يجري هنا"

نهضت تخفي الخنجر خلف ظهرها ومشت الى خارج الغرفة قائلة ببراءة:
"لا شيء"

امسكها من ذراعها لتظهر يدها حاملة ذلك الخنجر متجها نحوه، ابتعد عنه ليو مصدوما ثم صاح:
"هل يمكنني ان افهم ما الذي يفعله هذا الشيء بيدك"

انقلبت ابتسامتها المريبة الى غضب مفاجئ لتصرخ بانفعال:
"اريد ان اقص به شعري،
اريد ان اتخلص من تلك اللعنة التي تتبعني منذ الطفولة،
الكل ينعم على حسابي وفوق ذلك الكل يكرهني...
لا اريد ان استمر بهذه المهزلة،
لكن الخنحر لا يطاوع... لا يعمل... لا يقطع... "

صمتت انتاشيا لتعود الى السرير وتبدأ البكاء، جلس ليو بالقرب منها ثم قال:
"هناك لعنات يسهل ازالتها،
وهناك لعنات لا يمكن ازالتها الا بواسطة من صنعها،
وهناك لعنات ما إن تتواجد لا يمكن ازالتها بحكم الطبيعة"

نظرت اليه انتاشيا بصدمة فقال لها
: "لا تقلقي فلعنتك من النوع الثاني...
يمكن لمن صنعها ان يلغيها"

اخفضت رأسها بحزن لتقول:
"لكنك لا تريد ان تلغيها"

- وما شأني انا؟

- الم تجدد المعاهدة مع الأمير لتعيد القوة للسحرة

- والدك هو الذي نقل المهمة من امك لك ولست انا

- تفكرت بالامر ثم قالت:
"اذا ابي يمكنه ان يخلصني منها!... اذا خذني اليه


نظر اليها رافعا حاجبه:
"وهل تظنين ان والدك سيقبل بذلك؟...
انه يتوق لاعادة مجد المملكة... وأنت أمله الوحيد..."

- وما ادراك...
لعله غير رأيه بعد أن رأى ما فعلته وانني تسببت بدمار المملكة و...

- قاطعها:
لا تحلمي كثيرا... قابلت والدك وهو مصر على ان تكملي مهمتك...

- ولكن....

- بلا لكن...
مستحيل ان تغيري رأيه

- دعني اراه على الاقل...

- لا

قالها بحزم ونهض طالبا منها الخنحر فدفعته اليه بعصبية، ابتعد عنه مرعوبا ليسقط الخنجر بعيدا،

توجه اليها يصرخ:
"لا تتعاملي مع ذلك الشي كما تتعاملين
مع اي شيء اخر لانه قاتل..."

- لقد اتيت ذلك اليوم مليء بالجروح القاتلة بينما تخاف الان من خنحر!...

سك ليو على اسنانه ممتعضا، حاول ان يهدأ ثم توجه الى الخنجر واخذه قائلا:
"اتمنى ان لا تلمسي اغراضي بعد الآن، ولا تدخلي غرفتي دون دعوة مني... الان تفضلي بالخروج..."

خرجت انتاشيا بعصبية فجلس ليونارد على طرف السرير، القى بنفسه للخلف مرتخيا ثم قال:
"تلك الطفلة ستقتلني يوما ما دون أن تدري..."

---

وضع الغداء على السفرة، نظر للمطبخ مستغربا، بالعادة تكون انتاشيا في المطبخ في هكذا وقت لتعرض ما تيسر لها من مساعدة، احس ان شيئا

مريبا يجري، تذكر أنها كانت تعاني من فقر الدم منذ الامس، خشي ان تكون قد فقدت الوعي بسبب افتقارها للغذاء، توجه لغرفتها وطرق الباب لكنها لم تجبه، طرق عدة مرات ولم

تجبه، فتح الباب ليجده مقفلا، خلع الباب من مكانه واسرع للداخل ليجدها مرتمية في سريرها، اسرع اليها مرتعبا يناديها رفعها عن السرير لكنها دفعته عنها وعادت للسرير، نظر اليها مستغربا:
"انت مستيقظة؟ اذا لما لم تردي علي؟..."

ظلت صامتة خشي ان تكون ارتكبت مصيبة جديدة ولا تريد ان تفضح نفسها، حاول رفعها عن السرير مجددا فنهضت صارخة:
"تمنعني من دخول غرفتك دون دعوة وتدخل غرفتي دون اذني... اخرج من هنا لا اريد رؤيتك..."

رمش بعينيه مرات متتالية ليقول:
"هل كل ما في الامر انك غاضبة؟..."

- عادت لتضم وجهها بالوسادة قائلة:
"اجل...هذا كل ما في الامر... وما في غضبي...
امر اعتيادي...
ومن يهتم ان كنت راضية ام غاضبة طالما اؤدي دوري برضوخ"

تنهد ليونارد بانزعاج وقال:
"كفي عن التفكير كالاطفال وانهضي للغداء فانت بحاجة للغذاء"

- لا أريد أن آكل

- انتاشيا!...
كفي عن المكابرة وتوجهي الى المطبخ

- لما؟...
هل تخاف ان اموت جوعا فتهلك الأمة؟

- لا تدخلي(تخلطي) الحابل بالنابل، ما دخل هذا بذاك...

نهضت عن الوسادة ليظهر وجهها الاحمر من كثرة البكاء وقالت بانفعال:
"لا يهمك إن كنت سعيدة ام حزينة...
كل ما يهمك ان تكون صحتي جيدة"

- وما في ذلك!...
الصحة هي الاهم وبعدها يأتي الباقي

- تبا انت لن يمكنك ان تفهم لانك مجرد ممل،
تقضي يومك بين العمل والقراءة والأكل والنوم،
شخص مثلك بارد بلا مشاعر لن يستطع أن يفهمني ابداً"

عادت لترتمي على وسادتها بينما تفكر ليونارد بالأمر، وحين لم يتوصل لنتيجة قال:
"لست ادري كيف سيبعد الجوع عنك الملل، ولكن ان كان ذلك ما تريدينه افعلي ما يحلو لك"

نهضت انتاشيا عن الوسادة لترمقه بغضب فقال:
"ماذا!... اليس هذا ما كنتي تريدينه؟"

صرخت حينها:
"إخرج من غرفتي... لا اريد رؤيتك بعد الآن..."

خارت قواها بسبب قلة الأكل وفقر الدم فوقعت على السرير، اغمضت عينيها بوهن فأقبل اليها وحملها الى المطبخ، اجلسها على الكرسي وربطها، احضر بعض

الاعشاب ذات الرائحة النفاذة ليضعها امامها، اخذت تبعد وجهها بانزعاج حتى استيقظ لتجد نفسها مربوطة، حاولت التهرب دون جدوى، نظرت

الي ليو باستياء لتجده يوجه الملعقة تجاهها، ادارت وجهها لاتجاه اخر فامسكها من ذقنها وادارها تجاهه ليضع الملقعة امامها لكنها ابقت فمها مطبقا

اغلق انفها بأصبعيه وظل ينتظر انقطاع نفسها وما ان فتحت فمها لتتنفس ادخل الملعقة وعاد ليجهز الثانية، رفعها لينظر اليها فيجدها عادت تبكي، تنهد بملل ثم قال:
"وماذا الآن؟... مما بكاءك؟..."

- أنت دائما تجبرني على ما لا أريد

- هذا لمصلحتك

- لا شأن لك بي...

- عندما تعيشين في بيتي وتحت حمايتي فكل ما يخصك يخصني

- صمتت قليلا لتقول بجفاف:
"هل كنت ستعامل ابنتي هكذا على مدى الستة عشر عاما التي اردت ابقائها عندك؟

- ما كانت ابنتي لتعاندني...

- ولو فعلت؟...

- لكنت قسوت عليها اكثر من ذلك...
لا تملك الابنة أن تعاند والدها

- هه...
اذا من الجيد أني هربت يوم زفافنا

نظر اليها بحقد ليعيد الملعقة الى الطبق بغضب، فك وثاقها وقال:
"اذهبي...
من الآن فصاعدا لا شأن لي بك...
افعلي ما يحلو لك..."

نظرت اليه لترى ملامحه الجدية، تذكرت اخر كلام له حين اخرجها من قرية مصاصي الدماء يوم هربت من زفافها، لم يكن يمزح حين اخبرها انه

لن يأتي لانقاذها لو تعرضت لاي من المخاطر، وكذلك لا يبدو عليه انه يمزح بما اخبرها به الآن، اخفضت بصرها باستسلام ثم سحبت طبقها اليها لتقول:
"سآكل بنفسي..."

تنهد ليعود الى كرسيه وبدآ يأكلان بصمت



يتبع...


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/QUOTE]
__________________













رد مع اقتباس