عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 03-28-2017, 08:19 PM
 


الزهرة العاشرة : حديث مابعد النوم

الزهرة العاشرة : حديث ما بعد النوم

فتحت عينيها ببطءٍ شديد لتجدَ ظهرها متكئًا على الجدار بينما تسندُ رأسها على كتفٍ ما، و فوق كتفيها معطفٌ بنفسجيٌ بِلا أكمام،

بعد أن شعرَ بحركتها الطفيفة قربه، قالَ بهدوء دون أن يحرّكَ ساكنًا

راين : هل أفقتِ أخيرًا ؟

همهمت إيجابًا بصوتٍ خافت ليعمَ الهدوءُ بضع ثانية فكسره هو بصوتهِ الهادئ قائلًا

راين : أنا آسف...

رفعت رأسها عن كتفهِ بثقلٍ و هدوء ثم نظرت له بنظراتٍ فارغة يتخللها القليلُ من التعجب ليكمل بهدوء دون أن يلتفت إليها

راين : على كل شيء... أنا حقًا آسف

حولت بصرها نحو خاصرته اليمنى لتقول بهدوء : جرحكَ قد شُفي حقًا... كم من الوقتِ بقيتُ نائمة ؟

فقال بعفوية دون أن يلتفت أيضًا : من يدري ؟... ثلاث ساعات ؟

رفعت صوتها قليلًا ليزداد تعجبها قائلة : إذًا... كيف ؟

بينما لم يتخلَ هو عن هدوءه ليقول : لقد أخبرتك... جرحٌ كهذا سيشفى سريعًا...

لم تجب بياتريس ليعمّ الصمتُ مرةً أخرى، فكسره ثانية قائلًا : لقد كانت تشبهها حقًا... فتاةٌ أعرفها منذ وقتٍ طويل...

بياتريس : منذ وقتٍ طويل ؟

أومأ رأسه بهدوء و هو لا يزال يحدّق بالفراغ : عندما كنا أطفالًا، كنا نلعبُ كثيرًا معًا...

بياتريس : أكانت حبك الأول ؟

أغمض عينيه بتململ ليقول : إنها صديقة طفولتي فقط...

أطلقت "تش " من بين أسنانها و أشاحت بوجهها للجهةِ الأخرى بينما قالت بتململٍ طفولي

بياتريس : ما هذا، يا لكَ من ممل... و أنا من تحمستُ لسماعِ قصة حب لأول مرةٍ في حياتي...

أطلق تنهيدة خفيفة و ابتسم ساخرًا : اخرسي...

خيم الصمتُ مجددًا لتكسره هي هذه المرة : أيّ نوعٍ من الأشخاص هي ؟

قال بهدوء لم يخلُ من الألم و الندم : لقد كانت لطيفة... مرحة، و الابتسامة لا تفارق شفتيها... كنتُ دومًا أشعر بأنها كالشمس...

فقالت متسائلة : كانت ؟، كُنت ؟

راين : لقد ماتت.. منذ وقتٍ طويل... أطول مما تتخيلين...

سادَ الصمتُ مجددًا لتقول : لقد كان يستطيعُ إخراجنا من هنا... ذلك الشخص...

راين : أعلم...

تحدثت بتعجب : لقد كنتَ تحت تأثيرِ سحره عندما تحدّثنا... كيف لكَ أن تعلم ؟

راين : الرياح أخبرتني... لم ألحظ الأمر إلا مُتأخرًا لشدةِ غضبي... آسف...

اقتربت منه أكثر و هي تزحف لتقول بتعجب : و هل الرياح تتحدث ؟

التفت إليها ليقول : إنها تتحدث... إن ركّزتِ و حاولتِ تقبل فهم ما حولكِ ستستطيعين سماعَ صوتها...

ركّزت بياتريس و حاولت أن تفعل كما أخبرها، لكن قاطعتها ضربةٌ خفيفةٌ على جبينها لتقول بتعجبٍ يتخلله القليلُ من الغضب

بياتريس : مـ ... ماذا ؟

رفعَ من نبرتهِ قليلًا ليقول : حمقاء !، هذا الكلامُ ينطبق على ساحرِ رياح متمرس.. و ليس ساحرةَ ظلٍ مثلك !

قالها و هو يشدد على كلمةِ حمقاء لتقول هي ببرود : أتحاول التفاخرَ الآن فقط ؟

رفع كتفيه إلى الأعلى و أخفضهما سريعًا ليقول : و لما لا ؟، أعني لقد بذلتُ جهدي في التدريب على أيّ حال...

همهمت بياتريس لتبتعد عنه قليلًا و تقول : و أنا ساحرةٌ ثنائية العناصر...

فقال ساخرًا : ما الذي تحاولين قوله ؟

لترد بعفوية : لا شيء، كنتُ أعمل بنصيحتك فقط...

فقال بتعجب ساخر: هوووه، و ماهو هذا السحر المزعوم الثاني ؟

فقالت بعفوية : الضوء...

سكت قليلًا ليقول : هذا سحرٌ نادرٌ حقًا...

بياتريس : أجل...

صمتت للحظة ثم أردفت هي قولًا : هل سنموتُ هنا ؟..

ليرد بصوتٍ هادئ و بكل أريحية : ربما...

أرخت جفنيها لتقول : يا لكَ من قاسٍ

راين : أنا أظن ذلك أيضًا...

عمّ الصمتُ مجددًا لتكسره هي : لماذا تريدُ الذهاب إلى هذه الدرجة ؟، أقصد إلى قرية الزهور ؟

اكتفى هو بالصمت لتردف هي : أنا أود الذهاب إلى بحيرةِ الخلود... و رؤية ضوء الشمس... في النهاية أنا عمياء نهارًا...

التفتَ نحوها سريعًا، أسند إحدى يديه فوق الأرض و جسده إليها ليندفع بجزئه العلوي قربها بتفاجئ كما الحال مع نبرته

راين : كفي عن المزاح...

أسندت جسمها على ذراعيها المسنودتان إلى الأرض لتندفع بجزئها العلوي نحوه فتقول باندفاعٍ بان على نبرتها

بياتريس : أنا لا أمزح !، بغضِّ النظرِ عن الليل فأنا لا أبصر سوى الظلام نهارًا !!

راين : أو لم يكن الوقت نهارًا عندما كنا على متنِ السفينة ؟، كيف تعرفتِ عليّ قبل قليل إذًا ؟

سكتت تبحث عن تفسير لتقول : أنا أستخدم سحرًا استبصاريًا يجعلني أرسم صورةً لما حولي في عقلي بشكل مانا.. لِذا تعرفت عليكَ فورًا من خلال المانا خاصتك !

نظر إليها مهمهمًا بشك ليتنهد و يعتدل في جلسته ليقول : أنا ذاهب من أجل سارا...

ارتخت ملامحها ليبان الحزنُ عليها و يهيمن على نبرةِ صوتها الخافتة

بياتريس : الموتى لن يعودوا إلى الحياة... راين سان...

فردّ عليها باندفاع : الأمر ليس كذلك !!، أنا لا أحاول فعل ما تفكرين به !!، الأمرُ فقط أنه ـــ

أجفل مدركًا ليدفعها بعيدًا فيتجه سحر جاذبيةٍ قوي نحوه فيسحق الجدار من خلفه، حاول راين تفادي الهجوم لكنه لم يستطع مراوغتهُ بالكامل، أصيبَ جانبه الأيسر بشدة هذه المرة ليبدأ النزيف و بشدة بدأ يتقيأ الدماء بجنون بضع مرة حتى رفعَ رأسه بهدوء و نظر أمامه بعينيه اللتان تبرقان حقدًا

قال و الغضبُ يهيمن على كل ذرةٍ من نبرته : أنت... ما الذي يعنيه هذا ؟؟، صاحب المطرقة !!!

رد مع اقتباس