عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 03-20-2017, 09:50 PM
 

في تلك الحديقة المفروشة بالعشب الاخضر، و المزينة بشتى انواع الزهور التى اسرت الناظرين لها بألوانها الآسرة، و التى تحوفها أشجارٌ عملاقة و حشائش صغيرة،أمام النافورة الفضية التى تسحر العيون بطريقة انزالها للماء من فم الاسد يلعب طفل صغير.
أخذ شعره لون الفحم، و استعارت عيناه لون السماء، و بشرته ناصعة البياض، يركض حول النافورة باسط ذراعيه و ابتسامة تعلو محياه، بملابسه البسيطة و التى كانت عبارة عن تي شيرت ابيض و بنطال اسود نظر الى الواقفة هناك بفستانها المزكرش في نهايته و المزين بالأحجار الكريمة من الاعلى، حقا اللون الزهري يناسب جمالها.
فابتسم لها ابتسامة جعلتها ترص أسنانها بغضب، مرت نسمة هواء عليلة ناثرت شعرها الاسود الطويل في الهواء، و داعبت عيناها الخضروان، لتقول بصوت قاسيٍ" وائل عد الى غرفتك"
بصوت ابدى رغبة في التفسير قائلا" لماذا؟! انا لم افعل شيئا..."
قاطعه صوتها الآمر" وائل... عد الى غرفتك"
تراجع الى الخلف بخوف، فأطرق الطفل ذى الثامنة رأسه و عاد الى غرفته بخطى مترنحة يأسة.
بيأس و تحطم هوى جسدها على الكرسي الخشبي المتوسط الطول لتضع يدها على جبينها و الاخرى ممسكة بالكرسي، مائلتا نصف جسدها من التعب فأطلقت تنهيدة لعلها تنهي بعضاً من مشاكلها.
بهدوء اقترب منها بصوت لا يكاد يسمع فقال و هو يجلس بجانبها جاعلاً اياها تقفز بخوف" ماذا هناك شذى؟! الهدوء ليس من شيمك"
تنفست الصعداء لتلجس مجددا بهدوء، لتقول" ماذا؟! انه انت يا خالد" اردفت بعد ان صمتت مفكرةً بتصرفها القاسي مع ابنها" لقد قسوت على وائل مجددا... لا اعرف لماذا عندما اراه انفعل هكذا؟!" بعد ان ثبتت مرفقيها على قدمها و اطرقت برأسها وضعت يديها على رأسها بحزن لتكمل ما كانت تقوله" انه يشبهه...يشبهه تماما".
~~~~~~~~~~~~~~
رمى نفسه على سريره الفخم، مستلقياً على معدته رمق الغرفة بنظرات يا ليتها تكون نظرات طفل صغير، سرير يتوسط الغرفة الرمادية و بجانبه خزانة ملابسه التى حوفت بالزخارف بشتى انواعها ، و مقابل السرير طاولة الزينة الفارغة ماعدا صورة له واقفا بجانب والدته و صورة اخرى لوالده المبتسم، و ستائر النافذة المنسدلة من الحرير، كانت غرفة تليق بأمير حقا.
ظل يفكر و هو يضطجع بجلسته، أنى لأمه ان تعامله هكذا و بقسوة؟! أليس هو طفلها؟! لماذا كل هذا الحزن المدفون في كلماتها؟! ما الخطأ الذي ارتكبه لتعامله بكل قسوة؟!
تساؤلاتً زاحمت عقله الصغير، ليزفر بإنزعاج و يدفن نفسه تحت اللحاف و يغط في نوم تمنى ان لا يستيقظ منه.
~~~~~~~~~~~~~
دخلت أشعة الشمس غرفتها الزهرية متسللةً بين الستائر لتسقط بعض خيوطها على وجهها الصافي لتشد على عينيها بحدة و تنقلب على جهة الاخرى لتدفن رأسها تحت اللحاف، لكن صوت ما ايقظها لتبعد عنها اللحاف و بسرعة تتجه الى النافذة لترى طفلها الصفير يتبارز مع صديق والده باسل.
توسعت عيناها و وضعت يداها على فمها لتخرج كلمة تمنت ان تخرجها منذ ثمانية سنوات" رايان؟!!"
لكنها سرعان ما ادركت انه طفلها الصغير ذي الملامح البالغة لتشعر بغصة في حلقها تأبى الزوال، لتتجه الى خزانتها و تخرج فستانها الازرق الهاديء و ترتديه.
بخطى واسعة و سريعة نزلت من على الدرج و خرجت من القصر، لتنعطف يمينا لتقصد ابنها فقالت" وائل..."
التفت اليها مستغرباً و قال و هو يرتدي ملابس المبارزة و القناع على وجهه" ماذا هناك يا امي؟!"
توقف باسل و نظر اليهما مستغرباً من بلادة الحديث بينهما، لقد شعر ان الحديث الجاري امامه ليس بين امٍ و ابنها بل اشبه ب شخصين غريبين يتحدثان.
قالت شذى" وائل ما رأيك ان تذهب الى عمتك روان و تساعدها؟!"
لقد ارادت الا تراه بالجوار، فما ان تراه حتى تتذكر حبيبها الذي فقدته، لقد حاولت ابعاد ابنها عنها فإنها لن تستحمل ثانية اخرى حتى تهوى على الارض باكية، لكنها لم تعلم ان هذا الذي تفعله سيضر ابنها.
اطرق برأسه و قال" حسنا"
و اتجه الى غرفته ليبدل ملابسه ليتجه الى مزرعة روان.
اقترب باسل من شذى التى تنهدت و قال" ما هذه القسوة؟! لن يلبث حتى يتركك"
" اعلم، لكن ما الذي علي فعله ما ان اراه حتى يرسم عقلي صورة رايان... انا لا استطيع التحمل اكثر... اريد الموت" قالت كلمتها الاخيرة و نبرة اليأس تغلفها.
ليعقب عليها باسل" هي..هي... ما هذا الكلام الذي تقولينه؟! انتي الملكة الان... عليكي ان تكوني قوية... لقد مضى على قتل رايان ثمانية سنوات...ألم تكن كافيه لتنسي حزنك؟!...عليكي الان ان تواجه الغد لا ان تنظري للماضي... عليك ان تشعري بالحاضر و تترقبي المستقبل و تنسي الماضي... شذي"
ابتسمت له ابتسامة ذابلة لتقول" شكرا لك"
كلماته لم تؤثر فيهاو لو قليلا... فكيف تستطيع ان تنسى حب حياتها بسهولة؟! كيف تنسى تلك اللحظات الجميلة التى عاشاها كلاهما؟! كيف تنسى صوت ضحكاته الذي زين اذنيها؟! كيف تنسى لمعة عيناه؟! كيف تنسى... ذلك الموقف؟! عندما انقذها من الموت الوشيك و دخل وسط العاصفة و اخرجها... و عندما وقف امام والده بشجاعة و لم يرد له جفن... و كيف لها ان تنسى رايان الذي دائما ما يكون بصحبتها في كل الحالات؟!...
زفرت بيأس و قالت بصوت غلفه الحزن" اسفة علي الذهاب..."
غادرت و هي مطأطأة رأسها شاعرتاً بالحزن يقطع اوصال قلبها... كلما ترى وائل تتذكر رايان... اغمضت عيناها بيأس لتتجه مسرعة الى داخل القصر قاصدةً غرفتها.
~~~~~~~~~~~
" هااا... تسأل عن والدتك؟!" قالتها و هي تحمل بين يديها رزمة قش لتضعها فوق الاخريات.
" اجل" قال و هو يساعدها في عملها.
لتتنهد روان و تقول و هي تضع يدها على رزمات القش" الست تراها كل يوم ؟!"
" اراها و لكنها قاسية... انا أسألك كيف كانت قبل ان اولد" قال بقسوة.
" امم كيف كانت..؟! حسناً ستعرف بنفسك"
قالتها و هي تتجه الى حضيرة البقر لتنضيفها.
اتبعها بخطى واسعة و هو يقول" انى لي ان اعرف و هي تتعامل معي بطريقة مريعة؟!"
ابتسمت و التفتت الى الطفل الصغير الذي يرافقها لتربت على شعره و تقول" ستعود لطيفة"
استغرب من ابتسامتها اكثر من كلماته، فظل مبحلقا بالفتاة الممتلئة الواقفة امامه، ليقول بصوت خانق" اه".
" فتى طيب تماما مثل والدك" قالتها من بين قهقهاتها.
ليرمقها بإستغراب و هو عاقد حاجبيها راجٍ ان تفسر له كلماتها.
~~~~~~~~~~~~
غرفة طقاها اللون الزهري و يتوسطها سرير فخم مزين بالستائر و الحلي و بجانبه طاولة صغيرة مقابلها خزانة الملابس و طاولة الزينة و على يمنى السرير توجد النافذة التى لطالما رأت رايان يتبارز منها.
جالسة في وسط السرير تتنفس بصعوبة، الهاثها حارة و وجهها مليءٌ بالعرق، شعرها متناثر على جسدها و عيناها مغمضتان من التعب، ليدخل عليها ضوئها و املها الاخير في هذه الحياة... خالد.
قال بعد ان نظرت له بقلق" ماذا هناك شذى؟!"
قالت و الهاثها تسابق كلماتها" آه آه... اريد ان اموت"
اثقترب منها و قال" كفي عن هذه السخافات.. انتي الان ناضجة..."
قاطعته بقولها" لا استطيع ان استحمل اكثر دام هو موجود"
ماراً بجانب بابها سامعاً ما قلته، تصلب في مكانه و توسعت حدقتا عيناه و فرغ فاهه، ما الذي سيفعله طفل في الثامنة جراء ما سمعه خاصة انه قادم من امه؟! بالطبع سيبكي و ها هي الدموع تنسال من عينيه ليركض متجها الى اللامكان لينفس عن حزنه.
قال خالد و قد شعر بوجود وائل" تباً لقد سمعك"
لم تأبه بما قال فكل ما ارادته هو ان تموت و تختفى... ان تعود الى سعادة حياتها مجددا..
لتقول" انا سأغادر"
التفت اليها خالد مستغرباً منها ليرى لمحة العزم على عينيها... ليتنفس و يقول" لا يهمنى ما ستفعلين و لكن لا تنسي ان عمك حياً و سيخطط للإيقاع بك"
قال كلماته التى لم تؤثر على المرأة الجالسة و خرج من الغرفة ليدع السكون يتحكم بجوها.
~~~~~~~~~~
اتجه الى غرفة وائل ليطرق الباب الكحلي منتظراً سمع اجابة دخوله، و لكن لم يسمع الاجابة الشافية ليدخل غير مكترث لسيد الغرفة... فدخل لينظر له المستلقي على السرير بإستغراب مستفسراً عن سبب حضور خالد اليه.
قال و هو يجلس بجواره" وائل... اتريد ان تعرف سبب قسوة امك معك"
" انها لا تعتبرني ولداً لها فلماذا اهتم بالسبب"
تفاجأ من نبرة القسوة التى اعترت صوته... الهذا الحد وصلت به قسوة والدته معه؟! على شذى ان تتعقل قبل ان يقسو قلب وائل تماما.
" انها ترى والدك فيك" قالها متجاهلا كلماته
لم يعقب و انما ظل يمسح دموعه التى تركت آثرا احمر حول عيناه، ليكمل بعد ان تنهد" انت تشبه رايان تماما... حتى انا كلما اراك ارى رايان امامي" و ابتسم بهدوء.
ليتفاجأ من سؤال الطفل الجالس امامه و بنظراته التى لا تتناسب مع عمره، فمن يراها يظن انه في الخامسة عشر من العمر" اين هو؟!"
تلعثم و لم يعرف بماذا يجيبه، فهذا الطفل الصغير لا يعرف ما حل بوالده، لكنه تهرب من السؤال بحيلة شبه ذكية" علي الذهاب الان"
و انقلب قاصدا الباب ليخرج منه و يتنفس الصعداء.
~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي، خرج من غرفته راكضا بين دهاليز القصر و الابتسامة لا تفارق محياه، في اثناء ركضه في ممر الجانب الشرقي من القصر قابل والد والده اي جده، فركض حول جده مبتسما مما جعل العجوز الواقف يرص اسنانه بغضب ليصرخ" ابتعد عني ايها المزعج"
انه يعلم ان الحكم لن يكون بين متناول يده الان، فما ان يصل هذا الفتى السن القانونية حتى يتوج ملكاً على البلاد، و هكذا فرصة اخذه للحكم منعدمة تماما، تراجع بخوف و عينيه متوسعة عن اخرهما ففرغ فاهه و اعتلى الخوف ملامحه، ليعود ادراجه و هو يشعر بالغصة تحترق حلقه.
دخلى غرفته و رمى نفسه على سريره يبكي، لماذا والدته و جده اقرب الناس اليه قاسين هكذا معه؟! ما هو الخطأ الذي اقترفه؟! فليخبره احدا منهم الان، اخبروه سبب قسوة الجميع عليه، ليشد على عينيه و يفتحهما لتقعان على صورة والده، نزل من على السرير و اقترب منها لتحملها انامله البيضاء و ينظر لعيني والده، انه يشبهه تماما، شعر انه ينظر الى نفسه مستقبلاً، و بعد مدة من التحليق في عيني والده قال" انه سبب قسوتهم معي"
و كان على وشك رمي الصورة على الارض و لكنه توقف و نظر اليها مجددا ليتفكر قائلا" اين انت الان يا...ابي؟!"
و بدون سيطرة عليها نزلت دموعه ليجث على الارض باكياً، اراد الامان و الحنان من امه و القصص الشيقة و الابتسامة المطمئنة من جده و امان لا يعوض باي امانٍ اخر من والده الذي لا يعلم اين هو الان.
~~~~~~~~~~~
هاهو فصل الشتاء يدق على الابواب، و هاهي الثلوج تتساقط على تلك المدينة الجميلة، فتح عينيه بإنزعاج فتى بلغ التاسعة من عمره على صوت حجارة تصطدم بزجاج نافذته، لينهض من على السرير و هو يفرك عينيه و يتثاؤب ليفتح النافذة و يقول" ماذا هناك عم باسل؟!"
قال الرجل المرتدي ملابس المبارزة بصوته الجهوري" هيا يا وائل انزل لنتبارز"
تثاؤب مرة اخرى و قالو هو يغلق النافذة" بعد ان استيقظ"
لكن عرقلة اغلاق النافذة كرة باسل الثلجية التى اصطدمت بوجه وائل، سرعان ما انتفض جسده من البرد و ابعد عنه الثلج ليقول بغضب" سأريك"
ضحك باسل و قال" بإنتظارك"
اغلق النافذة بعض و ارتدى ملابسه بطرية عشوائية و اتجه الى الاسفل و هو يمضغ تست اخذه من المطبخ لينعطف يمينا قاصداً مكانه المعتاد هو و باسل،و عندما رأي باسل واقفا هناك هجم عليه بوابل من الكرات الثلجية و في نفس الوقت جهز باسل وابل من الكرات و بدأ بحرب الكرات الثلجية و كلٌ منهما يضحك من اعماق قلبه.
~~~~~~~~~~
كان يتمشى في الممر لينظر من خلال النافذة الى ذلك القصر الشائع انه ملعون و الذي اعترف رايان بحبه ل شذى فوجده محاطا بالثلج فقال مستغربا" غريب،،، الم يبطل حب رايان و شذى لعنة القصر؟! فلماذا يهطل الثلج هناك؟!"
تفكر قليلا ثم قال" لا يعقل ان...." و توسعت عيني خالد.
~~~~~~~~~
استيقظت على صوت ضحكات باسل و وائل لتنهض من على السرير و تتجه الى النافذة فتشعر بالغصة في حلقها ما ان رأت ابنها يضحك،، لتدمع عيناها و لكنها لا لن تبكي فهي اقوى من ان تبكي في هذا السن، اتجهت الى الخزانة لترى ملابسها الشتوية جاهزة فارتدت فستان شتوي و فوقه معطف، لتلمع عيناها بلحظة حزم.
فتحت باب الغرفة و نزلت من على الدرج لتطبق شفتيها و هي تقف امام الباب البنى لتفتحه و لترى الثلوج البيضاء قد غطت الاعشاب ففرشت الارض ببياضها الناصع.
فانعطفت يمينا و اتجهت ناحية ابنها الذي توقف عندما اصطدم بمعدها لينظر لها بخوف اكثر من القلق و اقل من النفور، لتبتسم بحنان و تحضنه بقوة جاعلتا اياه يبسط ذراعيه و تتوسع عيناه من الدهشة، فهذه اول مرة تحضن شذى ابنها و هي المرى الاخيرة ايضا، ابتعدت عنه و قبلت جبينه بإبتسامة لتبتعد عنه و تنهطف يسارا متجهة ناحية اسطبل الاحصنة لكن استوقفها صوت خالد الذي قال" شذى الى اين؟!"
قال بإبتسامة" الى الموت"
قال بقلق" ماذا؟! ا جننت يا هذه؟!"
ابتسمت و قالت" ربما"
" من هو الملك اذا؟!"
" لا تقلق كتبت ذلك على ورقة ستجدها في درج طاولتي الصغيرة" ابتسمت و دخلت لتداعب حصانها و تمطتيه.
رأها و هي تغادر مبتعدة عنه، علم انه لا يستطيع ان يوقفها لذلك تركها على تصرفها فهي مجنونة ب رايان، تنهد و اتجه الى القصر ليلفق كذبة موت الملكة، و ياليته ما فعل.
~~~~~~~~~~~
لا يعرف بماذا يجب عليه ان يشعر، ايشعر بالفرح ام يشعر بالحزن؟! خبر موت والدته جعله في صدمة لا يرى سوى السواد القاتم، عاد الى غرفته يرمق بالفراغ دون اي هدف او معنى لذلك، رغم قسوتها عليه الا انه يحبها حقا، كيف لا و هي امه؟!، و بدون ادراك سالت الدموع من على عينيه بيأس.
هاهو ابنها يبكي عليها فاين هي بذلك؟!
~~~~~~~~~~~
بينما ابنها يبكي حزنا عليها هناك من يبكى فرحا بموتها، انه جده البغيض، فلان هو سيستلم الحكم... فإبنها لم يبلغ السن القانونية بعد... شعر ان العالم وسيع و انه صبغ باللون الوردي من الفرح.
باسطا ذراعيه في غرفته يناظر النافذة و يبكي سعيداً بموتها.
~~~~~~~~~~
بعد ثلاثة ايام من اختفاء الملكة الشابه، اجتمع الحشد الملكي في القاعة ليلقى على مسامعهم وصية الملكة، عدم حضور وائل صنع ضجة في القاعة و تهامسات و لكنهم اطبقوا شفاتهم بامر من الملقي على مسامعهم الوصية.
كان الجد سعيدا متحمسا ليسمع خبر تتويجه ملكا على البلاد و بجانبه على بعد خمسة عشر قدم يقف خالدٌ حزينا على هروب شذى، انه يعلم الى اين ذهبت، لقد ذهبت الى القصر الملعون، و لكن هناك سر في هذا القصر فلابد ان اللعنة مرتبطة بشذى، فالثلوج لا زالت تهطل رغم انكسار اللعنة، لقد هطلت الثلوج منذ قتل رايان فهذا يعني شيئا واحدا... ان شذى مرتبطة باللعنة بطريقة ما.
بينما هام في افكاره صدمته كلمة الملقي" بصفتى ملكةً على البلاد اعلن ان الملك القادم هو ...خالد حتى يبلغ ابني سن التاسعة عشر" توسعت عيناه من فرط الدهشة، هو الملك؟! كيف حدث ذلك؟! هذا غريب، اقترب الجميع منه فرحا له و يباركونه على منصبه الجديد بينما هو في عالم من الصدمة.
شعر بالغضب و قبض على يديه بسبب غضبه، و عض على شفتيه، اليس من المفترض ان يكون هو الملك؟! اذا لم لا يكون هو؟! تلك الحقيرة علمت بمخططاته...تبا...هذا ما جال في عقل العجوز الغاضب.
~~~~~~~~~~
مرت ساعة كأنها يوم مر يوم كأنه اسبوع مر اسبوع كأنه شهر مر شهر كأنه سنه مرت سنه كأنها سنوات بالنسبة لخالد الذي اصابه البرود و الحزن... هو ملك هذه البلاد و قد مرت 10 سنوات على حكمه و الان عليه ان يسلم الحكم لابنتة من فقدها الواقف بجانبه.
لكن اصر وائل على ان يبقى خالد الملك لمدة اسبوع على الاقل حتى يتسنى له ان يتعلم امور الملك.
بينما كان في غرفته يستذكر دخل عليه خالد و طلب منه الجلوس على سرير ليجلس بجانبه فقال وائل الذي قد اصبح باردا كالثلج حتى ان حرارة جسده باردة للغاية" ماذا هناك؟!"
اجابه ببرود" اعتقد ان الوقت قد حان لأخبرك عن والدك"
رمقه بإستغراب و قال بإستصغار" والدي؟!"
" اجل...والدك قد اقتيل اثناء سفره الى احدى الدول ليقيم معهم علاقة اصدقاء"
" من قتله؟!"
"جدك"
"ج...جدي" توسعت عيناه من الصدمة.
" اجل، والدتك قاسية عليك لانها ما ان تراك حتى تتذكر والدك فتشعر برغبة في البكاء، و جدك قاسي معك لانه يعلم انك الوريث القادم لا محاله"
" انت تمزح؟!" قال بتوتر.
" انا لا امزح... ان والدتك تحبك... هي الان في ذلك القصر الملعون الذي اخبرتك عنه ذات مرة... انها و على ما يبدوا مرتبطة بتلك اللعنه فمنذ موت رايان لم تبتسم بل ظلت حزينة و الثلج هطل على القصر من جديد"
" اه اه تدخل علي فجأة و تخبرني بهذه الحقائق فجأة انت حقا..." قالها و هو يرفع رأسه و يغطى عينيه بيديه و يضحك.
" اذا اعذرني"
" لا بأس"
~~~~~~~~~~
بعد ان غادر خالد تاركا وائل يكمل مذاكرته نظر الى القصر الملعون من نافذة الممر فتنهد و هو يرى الثلج لا يزال يهطل.
مر اسبوع تخلله مذاكرة وائل و هدوء القصر عكس المدينة فبدأ شخصا ما يسرق اموالهم و الصدمة الكبرى انه خالد هذا ما قاله الجد و طالب الشعب بإعدام خالد يوم الجمعه اي اليوم.
توتر وائل و هو يذهب ايابا و ذهابا فالظهر سيعدم خالد... عليه التصرف الان.
تذكر حديثه مع خالد و علم ان الذي سرق هو جده فذهب مسرعا بعد ان ارتدى معطف ثلجي الى القصر.
ربط حصانه بجانب درج القصر و صعد الدرج و دخل تفاجيء من الذي في الداخل اعاصير من البرد، جثثٌ ملقاة في كل مكان متجمدة من البرد القارس، قوس كتفيه و ضم يديه الى صدره و ظل يصرخ" شذى...شذى"
صعد الدرج و هو ينادي بإسم امه حتى تكونت الرياح امامه ليظهر شبح امراءة في الثلاثين من عمره قالت" شذى لن تأتي...غادر"
" انا اريد شذى و ليس لي اي وقت لتحدث مع فتاة عتيقة مثلك" قال بعنف
ابتسمت و قالت" اذا اردت مقابلتها القِ سيفك على الارض"
تنهد و القى سيفه لكنها قالت" القِ خنجرك الصغير"
زفر بإنزعاج و هو ينزع قلادته عن عنقه لانها الخنجر.
قال" اذا أ استطيع مقابلتها؟!"
" لا، شذى ستبقى هنا...عليها ان تبقى...هذا هو مكانها"
صوخ قائلا" اسمعي يا هذه انا لا املك وقت لتفاهاتك اني اريد ان اقابلها سريعا"
سمعا صوت مألوف" من هناك؟!"
نظر الى يساره ليجد شذى خارجةً من الحمام بملابس عادية تيشيرت اسود و بنطال احمر و حول عنقها منشفة صغيرة، لتدهل حين رأت وائل واقفا لتصرخ" راياااان"
و ارتمت بحضنه ابتعدت عنه و الدموع ترقرت عيناها و بدأت تتحسس وجهه و هي تبكي ظانةً انه رايان، تراجعت المرأة للخلف مشدوهة و كذلك الواقف امامها لكنه ابتسم و قال" انا وائل لكن تستطيعين مناداتي ب رايان ان شئت... سأجعلكي سعيدة كما جعلكي والدي" و حضنها.
تفاجئت في بادئ الامر و لكنها ابتسمت و عانقته ليبتعد عنها بسرعة و يقول" انتي الملكة لذلك عليك الذهاب معي لمنع اعدام خالد"
قالت بدهشة" اعدام خالد"
" سأخبرك فيما بعد"
قالت المرأه" شذى استذهبين؟!"
نظرت لها شذى و قالت و هي تبتسم" اجل فولدي بحاجتي..." ذهبت خلف ولدها و قالت" شكرا لك جدتي الاولى"
توقف وائل و قال" جدتك الاولى؟!"
" اجل"
تذكر منادته لها بالعتيقة ليبتسم برتباك و يقول" اعذرني"
بادلته الابتسام و لوحت له لكنها اوقفته" سيفك؟!!"
عاد اليها و اخذه بعد ان شكرها و ركض و هو ممسك بيد والدته و خرجا من القصر الذي توقف ثلجه عن النزول، امتطى حصانه و خلفه والدته.. و اتجها الى منتصف المدينة حيث سيعدم خالد... توقفا و هما ينظران الى الزحام الشديد و كل الاصوات تطالب بإعدام خالد الذي كان في منتصف المنصة و بجانبيه رجلان على وشك اعدامه حتى صرخت شذى" توقفواااا"
نظر الجميع اليها باستغراب و دهشة... اليست ميتة؟! الم تمت؟! تساؤلات زاحمت عقولهم بينما هي تشق طريقها بينهم بعد ان افسحوا لها الطريق و اتجهت الى خالد و قالت" انه بريء"
تبعها وائل و قال" السارق هو جدي"
واشار بيده الى جده الذي كان جالسا يترقب من بعيد و انفعل حين شهر حفيده به.
" انا لست السارق....ثم الم تموتي؟!"
" لم امت و انما هربت... انت السارق- رغم اني لا اعرف ما حصل-..."
اكمل وائل" انت السارق و الدليل انك تحتفظ بها في مكان ما و انى لك ان تعرف ان حالد هو الذي سرق؟!"
غضب اشد الغضب و انقلب الناس ضده فالحاكم الان هو وائل، و طالبوا بسجنه الى الابد.
~~~~~~~~~
بعد ما حصل بثلاث ايام تولى وائل الحكم بجانب والدته... و بجانبه خالد الذي اصبح مستشاره الشخصي.... و باسل رئيس للحراس و الجنود... و روان اعطوها من مال الكثير.
كان ينظر الى القمر من نافذة غرفته لتدخل والدته و تقول" الم تنم؟!"
" لا اشعر برغبة في النوم"
" همم"
اقتربت منه و نظرت معه الى القمر و اكتنفهما الهدوء حتى قال وائل" كيف كان ابي؟"
ابتسمت و قالت و هي تنظر له" مثلك تماما"
النهاية

عذرا كتبته بسرعة
و اسفة اذا لم يكن بالمستوى المطلوب
رد مع اقتباس