عرض مشاركة واحدة
  #125  
قديم 03-05-2017, 07:47 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/01_02_17148592663790712.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
|| ٤١ ||





~ سوبارو ~
نظرت إلي بإستخفاف وقالت : خمس سنوات !!
ثم تابعت بغضب : خمس سنوات لا تقارن أبداً مع المدة التي حرمت فيها من إبني ، إن كنت ترى أن الخمس سنوات طويلة جداً فماذا تقول عني وأنا التي حرمت من ياماتو ثماني عشرة سنة ، وهل تعرف من كان السبب ؟؟ إنه أنت يامن جلبت النحس لحياتي ، منذ أن حملت بك وأنا أُحرم من الأشياء التي أحبها ، غادر الآن وفوراً ايها اللعين ..

لم أعد أتحمل كلماتها الجارحة ، أنا لم أعد بعد هذا الإنقطاع لأسمع مثل هذه الكلمات القاسية تخرج من شفتي أمي ، غادرت الغرفة بخطوات سريعة ، لكن يداً ما أمسكت معصمي قبل أن أنزل من الدرج ، إلتفت إليه فإذا به السيد روكاوا الذي قال بهدوء : أستغادر بهذه السرعة يا سوبارو ؟؟


نفضت يدي بعنف وقلت بنبرة عالية لا أتحدث بها إلا نادراً : ألم تشبع بعد من رؤيتي أهان من قبل أمي ؟؟ أم تريد أن تستمتع أكثر وأنت ترى سوبارو الواثق منكسراً أمام أحدهم ..
تحدث السيد روكاوا بنبرة معاكسة لنبرتي : لا تفسر الأمور بصورة خاطئة ، أريد فقط أن أحاول إصلاح العلاقة التي بينكما ..


شددت على قبضتي محاولاً تهدئة نفسي ، الإنفجار في وجه السيد روكاوا لن يفيدني في شيء ..
أخذت نفساً عميقاً ثم قلت بعد أن عادت نبرتي الهادئة : إنسى الأمر ، سأعتبر نفسي وُلدت من دون أم ، وهذا لن يكون بالأمر الصعب ، فأنا لم أجرب شعور أن يكون لدي أم تعتني بي ، لذا هذا لن يؤثر علي ..

انهيت عبارتي ونزلت السلالم بخطوات متزنة ، والسيد روكاوا لم يحاول إيقافي ولا حتى ملاحقتي وهذا أفضل ..
صعدت السيارة وأمرت السائق بإيصالي إلى المنزل الذي أعيش فيه ..

لقد كنت غبياً حين ظننت أن افتراقي عن أمي سيجعلها تغير من تعاملها معي ، ولكنني كنت مخطئاً في ظني ، فياماتو الوحيد الذي يشغل فكرها والوحيد الذي احتل قلبها ، ولهذا لم يعد لدي مكان في حياتها ..

طوال حياتي لم أكف عن المحاولة في جعلها تلتفت إلي ولو قليلاً ، فمنذ أن كنت صغيراً كنت أتصرف بطريقة مهذبة للغاية علّ هذا يجعلها تمتدحني ولو قليلاً ، لكن هذا لم يجدي ، ثم قررت تغيير خطتي عندما كنت في الصف الرابع الإبتدائية ، فبدلاً من تجنب المشاكل وتصنع المثالية كنت أتسبب في الكثير من المشكلات لمن حولي ، لتزداد الأمور سوءً ..

أخذت أفكر عن السبب الذي يجعل أمي تحب ياماتو ، واستنتج أنها متعلقة به بسبب أنه بعيد عنها ، من هنا قررت الإبتعاد عنها أيضاً ، ولكن هذا لم ينجح ايضا..
يبدو أن أمي لن تغير من نظرتها لي أبداً ، ولن تراني سوى جالب للنحس ليس إلا ..
وبسبب هذا أنا أكره ياماتو بشدة ، فعلى الرغم من أنني إبنها إلا أنها لا تهتم إلا في ذلك الثري المغفل ، وكأنني لست قطعة منها أيضاً ..

أدخلت يدي في شعري أجره بعنف ، كلما أتذكر هذا الأمر أشعر بالغيظ الشديد ، وأتمنى لو أقتل ياماتو وأنهيه من الحياة ..

لم أنتبه إلا عندما أوقف السائق سيارته بالقرب من المنطقة التي أعيش فيها ، وقال بصوت هادئ : سيد سوبارو لقد وصلنا ..
أخرجت هاتفي وتجاهلت ما قاله السائق ، ثم اتصلت على ياماتو ، وبعد رنة واحدة رد على الهاتف وقال بلهفة واضحة : سوبارو لم أتوقع أن تتصل بي ..
قلت وأنا أتصنع الهدوء ، وأحاول جاهداً إخفاء غضبي : أين أنت الآن ؟؟
- أنا أمام منزل جوليا ، لماذا تسأل ؟؟
- أأنت عائد إلى منزلك الآن ؟؟
- لا فوالديها مصران على جعلي أتناول الغداء معهم ، أهناك أمر مهم تريد أن تحدثني به ؟؟


لا أهتم إلى المكان الذي هو فيه ، سأذهب إليه وألقنه درساً ، فأنا لن أستطيع تهدئة نفسي إلا إذا ضربته ..
أقفلت الخط في وجهه ، وقلت بنبرة آمرة : أريد أن توصلني إلى مكان ما ، تابع السير أرجوك ..
بقيت أرشد السائق إلى منزل جوليا ، وفور وصولنا نزلت من السيارة بعد أن أمرته بالمغادرة ، ثم ضغطت جرس الباب ، لتفتح لي جودي الباب وهي تنظر إلي بحيرة ..
قلت لها : أخبري ياماتو أنني أنتظره في الخارج ..
ردت بكسل : أدخل وأخبره بما تريد بنفسك ..
نظرت إليها بغضب ، لا أريد أن أراه داخل المنزل ، وإلا انفجرت أمام الجميع وأنا لا أريد ذلك ..


صرخت في وجهها بعصبية : نادي لي ياماتو بسرعة ..
تخصرت جودي ونظرت إلي بإستصغار : ومن أنت حتى تأمرني ؟؟
ظهرت جوليا من خلفها وقالت : هي ما بكما تتشاجران أمام الباب، أصواتكما مرتفعة كثيرة ..
قلت ببرود : جوليا أطلبي من ياماتو القدوم قليلاً ..
- إن أردت التحدث إليه فتفضل ، لا يوجد شخص غريب ..

أغاظني تصرفهما ، فغادرت المنزل ودمي تغلي في داخلي متجاهلاً نداء جوليا ، سأضربه في وقت لاحق عندما يكون بمفرده ، فلا أنوي جعل روز وجوليا يلاحظا ما بيننا ، وياماتو بالتأكيد لن يخبرهما ..


***


~ كازوما ~


على مائدة الغداء ، كان الطفلان يعبثان بالطعام عواضاً عن تناوله كالعادة ، وأنا كنت أتجاهلهم في بادئ الأمر ، لكن عندما ازداد الأمر عن حده قلت بصرامة : كيم كين تناولا الطعام بسرعة وكفا عن اللعب ..
كشر كيم وقال هامساً لكين ظناً أنني لن أسمع صوته العالي : إن طعمه مقزز للغاية ، لا أستطيع إبتلاعه ..
لترد عليه كين بصوتها المسموع وهي تقرب فمها من أذن كيم : طعام المعلمة كان أفضل بكثير ، على الرغم من أنها كانت تعاملنا بوحشية ..

نظرت إليها مشدوهاً ، لم أظن أنهم سيقارنون طعامي بطعام معلمة الروضة التي لم تكن سوى مجرمة تعمل لدى ساي ..
صرخت عليهما بغضب : كفا عن الثرثرة ، وأنهيا طعامكما بسرعة ..
ارتعب الإثنان من صراخي ، فبدؤوا بحشو الطعام في أفواههم الصغيرة بشكل إجباري ..
أنا أعلم أن طبخي سيء كثيراً ، لكنني لا أستطيع شراء الوجبات السريعة بشكل يومي ، فهما طوال أيام الأسبوع يأكلون طعاماً جاهزاً ، وأنا أطهو لهم الخضر الطازجة والأطعمة المنزلية في أيام العطل فقط ..


فزعت حين سمعت صوت كيم وهو يقول بصوت باكي : أبي أنظر ما حل بكين ..
نظرت إليها لأجد وجهها محتقن بالأحمرار ، ويبدو عليها الإختناق ، والدموع تتغرغر في عينيها ..
ذعرت وقتها ، ثم اتجهت إليها بسرعة ، وبدأت بضرب ظهرها لتبدأ بالتقيؤ والسعال ..


هذا المشهد أعادني إلى الوقت الذي أجبر ساي جوليا على تناول الطعام ليضربها بعدها ويجعلها تخرج كل ما تناولته ، ثم تعاود تناوله بشكل مقزز ..
انتابني رعشة حينها ، لازلت لا أصدق أن جوليا أقدمت على فعل كهذا ، كيف تملكتها الشجاعة آن ذاك وفضلت فعل ذلك على جعل الممرضة يومي تعاقب ، أي تضحية هذه ، إنها فتاة أكثر من عظيمة ، ولكنها في الوقت نفسه إنسانة متهورة ..
أكره نفسي حين أتذكر هذا ، فأنا لم أكن سوى كقطعة أثاث بجوارها ، ولم أحاول إنقاذها ولا حتى مساعدتها في ذلك الوقت ، تباً لي ولجبني ، ما فعلته من أجلها لا يعتبر شيئاً مقارنة بما فعلته جوليا من أجل الممرضة ..


- أبي لماذا تبكي ؟؟ أهذا بسبب كين ؟؟
أيقظني صوت كيم من شرودي ، ولكنني لم أكن أفهم ما يعنيه ، لكن حين تلمست وجهي وجدتها مبتلة ، أيعقل أنني أبكي !!
مسحتها بسرعة بينما كيم ينظر إلي بشفقة ، أما كين فقد احتضنتني وقالت : لا بأس يا أبي أنا بخير الآن ..


احتضنتهما بقوة وأنا أقول : ليس الأمر كما تظنان ، على أية حال ما رأيكما أن تأخذا حماماً لنتنزه قليلاً ..
قفز الإثنان بحماس ، وأنا نظفت المكان جيداً ، ثم حممت الصغيرين ، وبعدها غيرت ملابسي ، واستعدينا جميعاً للمغادرة ..


كنت أسير وسطهما كين عن يميني والآخر على يساري والإثنان ممسكان بيدي ..
كنت أسير معهما وعقلي منشغل بالتفكير فيهما ، مهما حاولت أن أعوضهما عن فقدان الأم إلا أنني لم أفلح في ذلك ، فأنا منشغل عنهما كثيراً ولا أستطيع قضاء الوقت معهما إلا في يوم عطلة ولا أمتلك شيئاً لأقوم به سوى مرافقتهما ..

لازلت أتذكر نصائح من حولي ، جميعهم أخبروني بضرورة جلب امرأة تحل محل زوجتي المتوفاة ، فهم كانوا يعلمون أنني لن أستطيع تدبر أمرهما معاً لوحدي ..
لكنني في ذلك الوقت كنت عنيداً ، ولم أنصت لما قالوه ، وكنت أكذب على نفسي وأقول أنني قادر على تحمل المسؤولية وحيداً دون وجود زوجة ..

ومع مرور الأيام بدأت أشعر بصعوبة هذا الأمر ، وأدركت أنني كنت أحمقاً حين لم أنصت إلى نصيحتهم ، وشيئاً فشيئاً أشعر بضرورة الزواج من إمرأة أخرى لتكون بمثابة الأم لهما ..
ولكن المشكلة أنني لا أستطيع التسرع في الإختيار حتى لا أختار إمرأة تقسوا على طفلاي في غيابي ..


انتبهت أننا قد وصلنا إلى إحدى المتنزهات القريبة ، ولهذا تركتهما ليذهبا للهو مع بقية الأطفال ، بينما جلست أنا على المقعد الموجود على مقربة منهم ..
حين تأملت المكان من حولي تذكرت أنني في الحديقة ذاتها الذي إلتقيت فيه بجوليا بصفتي كازوما وليس بصفتي مديراً ..

كانت تلك أولى خطواتي لأتقرب منها حتى أعرف سبب تغيرها المفاجئ ، فحين انتقلت إلى المدرسة أجريت بعض التحقيقات حولها كما فعلت مع بقية الطلبة ، ووجدت أنها طالبة مثيرة للمتاعب كما قال معلموها في المرحلة الإبتدائية والإعدادية ..
لكن المشكلة أنها لم تتسبب في أي مشكلة منذ مجيئها إلى المدرسة ، ولم تكن كما وصفوها ، وحينها شعرت بأن في الأمر سراً ..

بدأت بسؤال المدرسة التي كانت تدرس فيها جوليا عندما انتقلت من هذه المدينة ليخبروني بما حصل لها حين اتهمها أحد أصدقائها بأنها قتلت أخاه الأكبر ، وفي النهاية اتضح أنه كان يكذب ، وبعد ذلك هي انتقلت إلى مدرستي ، لأدرك أن هذا هو سبب تغيرها بلا شك ..


وبالصادفة قابلتها هنا ، فقررت التقرب منها لأنني أريدها أن تحكي لي ما حصل معها ، وتخرج ما في داخلها ، لكنها كانت تراوغني بطريقة واضحة ، حتى أنها استطاعت التهرب وجعلي أحكي عن مأساتي عوضاً عنها ..

ولم تكن هي الوحيدة التي كنت أريد أن أعيدها إلى ماكانت عليه ، فروز كذلك لم تكن تتصرف على طبيعتها ، وأنا كنت أشعر أن كرهها الشديد للفتيان ليس بأمر طبيعي ، حاولت معرفة السر لكنني لم أستطع ، ولم أعتقد أبداً أنها تعرضت لحادثة إعتداء ..
وحتى عندما تم ضربها ، لم أظن أبداً أن عائلتها كانت سبباً في ذلك ، بصفتي مديراً كان يجب أن أعلم أنها تعاني بسبب عائلتها ، حتى أستطيع وضع حد لهذا ، ولكن كل ما أستطيع قوله هو أنني مدير فاشل ، لا أستطيع فهم طلبتي بشكل صحيح ..

ولو تحدثنا عن الفتيان فسوبارو أكثرهم تميزاً ، إنه يخفي الكثير من الأسرار ،ولكنني لا أستطيع فهم أسبابه التي دفعته لإخفاء نفسه ..
أطلقت تنهيدة طويلة ، هؤلاء الأصدقاء مثيرون للإهتمام كثيراً ، وهم متميزون عن غيرهم في كل شيء ، وهذا ما يعجبني ..

من بعيد لمحت إمرأة تسير برفقة مجموعة من الإطفال ، حين رأيتها عرفتها بسرعة ، وانتابني الإرتباك حينها ، أخذت أتلتفت يميناً وشمالاً بحثاً عن مكان أخبتئ فيه حتى لا تراني ..
وقفت من مكاني بإرتباك وعدت أنظر إليها ، لكن المشكلة أن نظراتنا قد تقابلت ، وهي قد لاحظتني ، إذاً لا جدوى من الإختباء ..


استفزني الإبتسامة الساخرة التي كانت تبتسم بها وهي تنظر إلي ، حاولت كبت جماح غضبي والتظاهر بالبرود واللامبالاة ..
وعندما مرت من جواري همست بشكل مستفز : أأنت هنا لتخطف الأطفال وتعذبهم أيها السافل ؟؟

لم أعد أستطيع تمالك أعصابي فصحت بغضب : آنسة يومي لا تحاولي إغضابي حتى لا تري أمراً لا يسرك ..
قالت ساخرة : أووه حقاً !! وماذا ستفعل ؟؟ أستجلدني كما فعلت المرة السابقة ؟؟ أنا لن أتفاجأ إذا فكرت في ذلك ، فأنت رجل قاسي القلب ..

على الرغم من أنني اعتدت على كلماتها الساخرة ، واتهاماتها الباطلة التي ترميني بها دائماً في المدرسة ، إلا أنني لازلت أغضب كلما تحدثت معي ، مع أنني يجب أن أتجاهلها وحسب ..
عدت أجلس على مقعدي وقلت وأنا أتصنع البرود : لن أرهق نفسي في التحدث معك ، وأرجو أن تغادري من أمامي فأنا في يوم عطلة ولا أنوي تعكير مزاجي برؤيتك ..
- قل أنك لا تريد مني أن أراك وأنت تخطف الصغار ..

نظرت إليها بطرف عيني وقلت : ألست أنت أكثر ريبة مني ، لا أتذكر أن لديك أطفالاً ، من أين إذاً أتيت بهم جميعاً ؟؟
احتقن وجهها من شدة الغضب ، ثم صاحت بصوت عالي دون إحترام غير مبالية بأننا في مكان عام : ماذا تعني بقولك هذا ؟؟ هؤلاء الأطفال من حينا ، لا تظن أن الجميع مجرمون مثلك ..

صراخها لفت أنظار الجميع إلينا ، وكلامها سبب لهم بعض الإضطراب ، فتوجه جميع البالغين لأخذ أطفالهم وابتعدوا من المكان ..
نظرت إليها وقلت وأنا أصك على إسناني من شدة الغيظ : أنظري ماذا فعلت ؟؟ يالك من إمرأة مزعجة ..
ابتسمت بإنتصار ليفور دمي أكثر ، ولو بقيت أكثر سأقتلها حتماً ، ولهذا وقفت من مكاني وهممت بالمغادرة ، لكنها أوقفتني بكلامها : ها أنت تهرب مجدداً أيها الجبان ، حتى في قضية ساي خرجت من الموضوع كالشعرة من العجينة وطلبت من رجال الشرطة أن يستروا على تصرفاتك ، أنت مجرد رجل جبان وضعيف ..

إلتفت إليها وقلت صارخاً : إن كنت جباناً وضعيفاً فأنت لست بأفضل مني ، لا تنسي بأنك كنت كالحمقاء تختبئين خلف فتاة ضعيفة تصغرك بأعوام ، لست جبانة وحسب بل وأنانية أيضاً ، ولهذا لا تتحدثي وكأنك إنسانة مثالية وتعامليني كالحشرة ، أنا على الأقل حاولت إنقاذها ومحاولاتي ساهمت في مساعدتكم ، أما أنت فلم تفعلي شيئاً سوى البكاء ، حتى الطعام الذي كنا نقدمه لجوليا كنت تتناولينه بنهم غير مبالية بأن هناك فتاة معك تتضور جوعاً مثلك وربما أكثر ، ولو قارنتي بيننا فأنا أفضل منك بكثير ..


أخذت أتنفس بقوة بعد هذا الإنفجار الذي أخذ مني مجهوداً ، أخيراً أخبرتها بما كنت أريده ، أخيراً أوضحت لها مدى دناءتها ، لم أكن أنوي ذلك لكنها تمادت كثيراً ، ولهذا لم أستطع أن أكتم رأيي عنها أكثر ..

رفعت بصري إليها قليلاً لأجد شفتيها تتقوسان نحو الأسفل وهي تقام ذلك بشدة ، والدموع اجتمعت في عينيها ولكنها ترفض نزولها ، وحتى جسدها يرجف بصورة واضحة ..
ابتعدت عنها بسرعة وأخذت الطفلين معي وسرت مغادراً المكان ، ولم أكلف نفسي عناء الإلتفات إليها ..

لا أعلم إن كنت قد قسوت عليها ، لكن ما قلته كان الحقيقة فقط ، وهي يجب أن تعرف هذا ..
هي ليست بطفلة صغيرة حتى أعذرها على وقاحتها ، هي إمرأة بالغة ويجب أن تدرك خطأها حتى تغير من نفسها ..


خطواتي كانت سريعة وواسعة ، ولهذا لم يستطع الطفلان أن يجارياني، فسقطا أرضاً ..
شهقت بقوة وقلت وأنا أنزل من نفسي : هل أنتما بخير ؟؟
قال كيم بقليل من العصبية : أبي أنت سبب سقوطنا ، إعتذر بسرعة ..
قلت بهدوء : أنا آسف حقاً ..
ثم مددت يدي إليهما وقلت : أمسكا بي لن أسرع في المشي ثانية ..


لمحت كين تبكي بصمت دون أن تصدر أي صوت ، ولهذا قلت لها بقلق : كين ما بك ؟؟ لقد اعتذرت لكما ، لماذا البكاء إذاً ؟؟
مددت كين قدمها ليتضح لي بأنها قد آذت ركبتها عند سقوطها ، مسحت على رأسها وقلت : كين ألم أعلمك أن تكوني فتاة قوية ؟؟ فالألم سيزول سريعاً إذا كنت كذلك ..

ردت كين بصوت باكي : لكنه مؤلم يا أبي ، لا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء ..
لم أرد عليها بشيء ، واكتفيت بحملها على يدي ، وقلت لكيم : هيا لنعد إلى المنزل ..

***
~ ياماتو ~


أخبرتني جوليا بأن سوبارو كان يرغب في رؤيتي ولكنه غادر وهو غاضب للغاية ، وكان بإستطاعتي الإتصال به لأعرف ما يريده لكنني لم أفعل ذلك ..
سأعامله بالطريقة ذاتها التي يعاملني بها ، حتى يشعر بما أشعر ، لست قاسياً ولكنني أريد تلقينه درساً بإستعمالي لأسلوبه الفظ نفسه ..


تناولت الغداء في منزل عائلة السيد روك بعد أن ألحوا علي بذلك ، وبعد أن انتهيت غادرت المنزل وجوليا برفقتي بعد أن ودعت عائلتها ووعدتهم بزيارة أخرى ..
طوال الوقت الذي كنت فيه معهم كنت أراقب تصرفات روز عن كثب ، وأرى بأنها تغيرت كثيراً للأفضل ، وهذا الشيء أراحني جداً ، فمن الواضح أنها نست فكرة الإنتحار ، واندمجت مع عائلة جوليا بسرعة ..


حين خرجت تفاجأت من وجود سيارتين في الخارج ، واحدة لي والأخرى تعود إلى السيدة موتسومي ، ويبدو أنهم هنا لإصطحاب جوليا ..
وبمجرد أن رأونا مغادرين المنزل حتى خرج الرجلان الضخمان وسارا بإتجاهنا ..
قلت بإستغراب : هذان الرجلان أراهما يلاحقانك دوماً حتى في الحفل كانا يراقبانك طوال الوقت ، أهما حارسيك ؟؟
ردت جوليا وهي عابسة الوجه : نعم لقد أوكلتهم جدتي بمهمة حراستي ، ولهذا هما يلازمانني دائماً ..
ابتسمت بهدوء : يبدو أنها خائفة عليك كثيراً ، يجب أن تكوني سعيدة لأن جدتك تهتم بك كثيراً ..
- هي تبالغ وحسب وهذا أمر لا يستدعي السعادة مطلقاً ، فلو كنت في محلي لشعرت بما أشعر به الآن ..

أطلقت ضحكة قصيرة لأنها كانت على حق ، فأنا سأشعر بالإنزعاج حتماً إذا تم الإهتمام بي بهذا الشكل المبالغ فيه ..
صعد كل منا لسيارته ثم غادنا في طريقين مختلفين ..


سرنا عائدين إلى المنزل ، وعندما اقتربنا من البوابة الرئيسية توقفت السيارة فجأة واصطدمت بالمقعد الأمامي ، قلت بإستغراب وأنا أدلك وجهي بألم : ما الذي يحصل ؟؟
قال السائق بإعتذار : آسف يا سيدي الصغير ، لكن هناك رجل ظهر أمامنا فجأة ، سأرى مايريده ..


نزل السائق ليتحدث مع الرجل الواقف أمام سيارتنا ، ويبدو أن هناك مشكلة ما فالإثنان يبدوان منفعلين ..
قررت الإنضمام لهما لأرى ما الذي يحصل ، ترجلت من السيارة وقلت وأنا أقترب منهما : ما بكما ؟؟ أهناك مشكلة ما أيها السيد ؟؟
نظر إلي الرجل في عقده الرابع وقال : أنت ياماتو كودو أليس كذلك ؟؟
- نعم أنا هو ..
- أريد أن أتحدث معك قليلاً ..


نظرت إلى وجهه الذي بدى مألوفاً لدي ، أذكر أنني رأيته قبلاً لكن لا أعلم أين ..
مد الرجل يده ليصافحني وقال : ألا تتذكرني يا ياماتو ، أنا السيد روكاوا وقد قابلتني سابقاً مع سوبارو ..
توسعت حدقتا عيني بتفاجؤ ، صحيح إنه الرجل ذاته الذي كان مع سوبارو في اليوم الذي صرح فيه عن كراهيته لي ..


قلت وأنا أرمش بعدم إستيعاب : وماذا تريد مني ؟؟
رفع حاجبه بإستنكار وقال : أستبقي يدي في الهواء هكذا لوقت أطول ؟؟
انتبهت إلى يده الممدودة ثم صافحته بسرعة وأنا أقول بإحراج : أوه آسف لم أنتبه ..
- لا بأس ، والآن هلا رافقتني إلى مكان ما لنتحدث فيه بهدوء ، فهناك موضوع مهم يجب أن أخبرك به ..


أشرت بيدي إلى المنزل وقلت : بما أنك أمام منزلي فتفضل بالدخول لنتحدث ..
قال بصرامة : لنختر مكاناً آخر غير منزلك ..
استغربت من عدم رغبته في الدخول إلى المنزل ، لكنني احترمت رغبته وقلت : إذاً ما رأيك بالذهاب إلى إحدى المقاهي ..
- حسناً لا أمانع ، تستطيع الصعود معي على متن سيارتي ..


نظرت إلى السائق وقلت له : سأذهب مع السيد روكاوا ، وأنت تستطيع العودة ..
أومأ السائق برأسه ثم صعد على سيارته ، أما أنا والسيد روكاوا ذهبنا متجهين نحو أقرب مقهى ..


أول شيء لاحظته أن السيارة التي أنا عليها الآن ليست كالتي رأيتها سابقاً ، فهذه تبدو أقل فخامة من السابق ، أو بمعنى أدق تبدو سيارة عادية على عكس السارة التي رأيتها معهم قبلاً عندما كان مع سوبارو ..
وصلنا إلى المقهى وأخذنا طاولة بعيدة قليلاً عن البقية وفي زاوية المكان ، وكان السيد روكاوا من اختار هذا المكان بدقة ، وهذا يعني أن الموضوع الذي سيتحدث عنه مهم جداً ، وإلا لما إختار مكاناً بعناية هكذا ..


أتى النادل ليأخذ طلبنا فاكتفيت بكأس عصير ، وهو طلب كأس قهوة ساخنة ، وعندما غادر نظرت إليه بإهتمام وقلت : أرجوك تحدث عن الأمر بسرعة فأنا فضولي جداً لسماع ما ستقوله ..


حدق فيني بعينيه العسليتين وقال بهدوء : ياماتو أين هي والدتك ؟؟
تفاجأت من سؤاله ، لكنني أجبت عليه بشكل طبيعي : هي متوفية ، لماذا تسأل عن هذا في هذا الوقت ..
قال بنفس الطريقة السابقة : هل لديك إخوة أو أخوات ؟؟
أجبت عليه بضيق هذه المرة : لا أنا وحيد ، سيد روكاوا أدخل في صلب الموضوع بسرعة وكف عن المماطلة ..


أسند ذراعيه على الطاولة وشبك أصابعه ببعضها ثم وضع ذقنه عليه وقال : ماذا لو أخبرتك بأن والدتك لا تزال حية ، وأنت تمتلك أخاً يصغرك بعام ..
نظرت إليه بإستنكار ، ثم قلت : أتحاول أن تسخر مني أم ماذا ؟؟
وبعدها أردفت وأنا أقف من مكاني : يبدو أن هذه إحدى خطط سوبارو لإستفزازي ، أنا مغادر الآن ..

تحدث السيد روكاوا بسرعة : لا شأن لسوبارو بالأمر ، إجلس حتى أخبرك بالحقيقة التي لا تعلمها ..
ترددت قليلاً ، لكنني فكرت في أنني لن أخسر شيئاً إذا ماستمعت إليه ، لهذا عدت لمقعدي وقلت : سأبقى ، لكن تحدث بأمور واقعية أكثر ، وكف عن الكذب ..
أدخل يده في جيب سترته بعد أن عاد إلى مكانه ، ثم أخرج منها صورة وضعها أمامي ثم قال : ألا تبدو لك هذه المرأة مألوفة ؟؟


عقدت حاجباي بتفكير ، كانت الصورة لإمرأة جميلة جداً تجلس على كرسي أحمر بوجه عابس ، ولاحظت بطنها المنتفخ الذي يدل على أنها كانت حامل ..
هززت رأسي بالنفي وقلت : لم أرى إمرأة تشبهها في حياتي ..
توسعت حدقتا عينه وقال بتعجب : أأنت جاد ؟؟ ألا تشبه هذه السيدة والدتك ؟؟ أو لنقل ألا تبدو نسخة طبق الأصل منها ، حتى أنني تعمدت إحضار صورة قديمة لها حتى لا يكون مظهرها مختلفاً ..

تضايقت من ذكره لسيرة والدتي مجدداً ، لكنني قلت بهدوء : أنا لا أمتلك صورة لوالدتي ، فهي لم تكن تحب التصوير ..
إرتسم على وجهه حينها إبتسامة ساخرة وأخذ يتمتم بصوت خافت ولكن بشكل مسموع : كما توقعت من السيد كودو ، ياله من ماكر ..
رفع بصره نحوي وقال بصوته الطبيعي : إسمعني هذه المرأة التي في الصورة هي والدتك ، وقد تم إلتقاط هذه الصورة عندما حملت بأخيك ..


هاقد عدنا لسيرة الأخ بعد الأم ، هذا الرجل يمازحني بالتأكيد ، أطلقت زفيراً طويلاً وقلت بإستسلام : ماذا يريد سوبارو مني بالضبط ؟؟ سأفعل كل ما يريده لكن أرجوكما كفا عن العبث بي ..
- أنا لا أعبث معك يا ياماتو ، وسوبارو كما ذكرت سابقاً لا يعلم بأنني فاتحتك بهذا الموضوع ، ولو كان يعلم لما تركني الآن وشأني ..


وضعت يدي على رأسي ، لقد أصبت بالصداع ، لا أعلم إلى ماذا يريد أن يصل إليه هذا الرجل ..
نظرت إليه وقلت بإستياء : إختصر ما تريد قوله أرجوك ، فقد بدأ الأمر يزعجني ..
- حسناً سأخبرك مجمل الموضوع بإختصار ، ولهذا إستعد لتلقي الصدمة ، والدتك التي في هذه الصورة لازالت على قيد الحياة ، وسوبارو هو أخوك الصغير ..

أصدرت ضحكة متصنعة ، ثم قلت بعد أن أعدت ملامحي إلى ماكانت عليه : أي مزاح هذا !! سئمت الوضع حقاً ، بقي أن تقول لي أنك والدي ، لقد زاد الأمر عن حده كثيراً ..
ضيق فتحة عينيه وقال : هل لديك دليل على أنني أمزح ؟؟
قلت بنفاد صبر : ولماذا يجب أن آتي بدليل على أنك تكذب ؟؟ ألا يجدر بك أنت أن تحضر دليلاً على صدقك ؟؟

إلتقط الصورة من على الطاولة وقال بعد أن أعاد الصورة إلى جيب سترته : أنا أستطيع إثبات ذلك بسهولة ، فوالدك وسوبارو يعلمان بذلك ، ثم أن هذا هو السبب الحقيقي لكراهية سوبارو لك ..

احتضنت وجهي بين كفي ، لا أستطيع تصديق هذا أبداً ، الأمر غريب حقاً ، أن تكون والدتي على قيد الحياة ويكون سوبارو أخي هذا أشبه بالخيال ..
سمعت صوت مقعد السيد روكاوا يتحرك ليتبعه صوته : إسمعني أنا لم أشأ إخبارك بالأمر إلا من أجل مصلحة والدتك ، لم يتبقى من حياتها إلا القليل ، ولهذا أريد أن أحقق رغبتها في مقابلتك ، لكن لا تخبر والدك حتى لا يمنعك من رؤية والدتك ..
قلت بقلق : وماذا بها آآ تلك السيدة ؟؟
قال مجيباً على سؤالي بنبرة يتخللها الحزن : والدتك مصابة بمرض سرطان الدم ، وإنقاذها بات أمراً مستحيلاً ، وكل ما يمكننا فعله من أجلها هو تحقيق رغبتها الأخيرة ..




شعرت بإنقباض قلبي بشكل لا إرادي ، على الرغم من أنني لست واثقاً من صدق ما يقوله إلا أنني قلق بشأنها ، ما سر هذا الشعور يا ترى ؟؟ هل هذه المشاعر تؤكد صحة ما يقوله ؟؟

إنتشلني من حيرتي صوت السيد روكاوا مجدداً : سأتركك الآن حتى تلملم شتات نفسك ، فأنا واثق من أنك غير مصدق لما قلته ، لكن تعال وقابلني في هذا المقهى يوم غد بعد إنتهاء المدرسة إن أردت مقابلة سوبارو وتتأكد من صحة كلامي ، وتذكر أن التأخير ليس في مصلحتك ، فأيامها معدودة كما ذكرت ..
بعدها غادر السيد روكاوا المقهى ليتركني وسط دوامة من الحيرة ..

***
~ جوليا ~


عندما عدت إلى منزل جدتي بدأت تسألني عن المكان الذي ذهبنا إليه ، وحين أخبرتها بأننا ذهبنا لزيارة مريض في المشفى بدى على وجهها عدم الرضى ، ولهذا قلت بهدوء : جدتي أنت تخططين لأمر ما صحيح ؟؟
ردت جدتي وهي تتصنع البرود : ماذا تقصدين ؟؟
- لا تحاولي الكذب علي فأنا حفيدتك التي تفهمك أكثر من نفسك ، هل تحاولين أن تقومي بشيء ما من خلفي ؟؟


أدارت وجهها بعيداً عني وقالت : لا أعلم عن ماذا تتحدثين ..
إقتربت منها أكثر وقلت بإلحاح : جدتي أرجوك أخبريني ما تخفينه عني ، هيا أتوسل إليك ..
نظرت إلي جدتي لثواني ثم قالت : حسناً سأخبرك ما أخفيه عنك فأنت ستعلمين بهذا عاجلاً أو آجلاً ، السيد كودو يوم أمس أخبرني بأنه يبحث لإبنه عن خطيبة ، وهو يرى بأنك الأنسب لهذا المنصب ..


نظرت إليها بإستنكار ، خطيبة لياماتو !! أي غباء هذا ، أنا لم ولن أقبل بهذا أبداً بتاتاً البتة ..
لكن رفضي القاطع بهذه الطريقة لن يغير من شيء ، بل سيزيد من عنادها وإصرارها على موقفها أكثر ، لهذا تحدثت متصنعة بساطة الموضوع : أنا خطيبة لياماتو !! لا أظن أن الأمر بذلك السوء ..


نظرت إلي جدتي بتفاجؤ وقالت : لم أظن أنك ستتقبلين الأمر بهذه السهولة ، لكن لو فكرنا في الأمر كنتما منسجمين جداً في حفلة الأمس ، يبدو أنني إتخذت القرار الصائب هذه المرة ..

قلت بإبتسامة هادئة : جدتي لو كنت في مكان مليء بالناس ولم تجدي سوى شخص واحد تعرفينه فمع من ستجلسين ؟؟
ضيقت جدتي عينها وقالت : بالطبع سأجلس مع من أعرفه ..
إتسعت إبتسامتي حينها وقلت : وهذا ما حصل بالضبط في يوم الحفل ، لم أكن أعرف أحداً سوى ياماتو لهذا بقيت معه ، لذا لا تفسري الأمور بصورة خاطئة ..


قالت جدتي : أنت تعلمين بأنني سيدة ثرية ، والجميع يحلم بالتقرب مني ، وحين أعلنت أن لدي حفيدة شابة غير مرتبطة ماذا تظنين أنهم سيفعلون ؟؟
أجبت متصنعة الغباء : ماذا سيفعلون ؟؟
- بالطبع سيندفعون لخطبتها حتى يتقربوا من السيدة الثرية ، ولتتجنب هذه السيدة إحراج الآخرين وافقت على الشاب الأقرب للحفيدة ، أليس تصرف هذه السيدة حكيما ؟؟


أملت إبتسامتي بسخرية : لا أرى أي حكمة في تصرفها يا جدتي ، فالقرار الأول والأخير يعود إلى الحفيدة ، ولهذا لا يجب على تلك السيدة أن تقرر مستقبل حفيدتها عوضاً عنها ..
إحتقن وجه جدتي بالإحمرار دلالة الغضب ، وقالت بإنفعال : ماذا أفهم من كلامك هذا ؟؟ أسترفضين ياماتو ؟؟


حاولت إمتصاص غضبها حتى لا يزداد الأمر سوء : أنا لست واثقة بعد من أنني سأرفضه أو لا ، لكنني لازلت أدرس يا جدتي ولم أتخرج من الثانوية حتى ..
- لا بأس فأنا والسيد كودو إتفقنا على كل شيء ، سنعلن عن خطبتكما بعد عدة أسابيع ، وستظلان مخطوبين حتى تتخرجا ، والزواج سيكون بعدها..


كم جدتي ماكرة ، يقومون بالتخطيط لحياتنا من دون علمنا ، لكنني أتسائل ، هل يعلم ياماتو بالأمر ؟؟
تصرفاته اليوم بدت طبيعية جداً ، وهذا يعني أنه لم يعلم بعد ، ولكنني يجب أن ألغي هذه الفكرة من رأس جدتي حالاً وفوراً ..
قلت بجدية : جدتي أنا أحبك لكن لا يعني هذا أن تقرري مصيري ، لذا أرجوك لا تغضبي إذا قلت لك أنني آرفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً ..
استشاطت جدتي غصباً ، وكأنها كانت تنتظر رفضي لتبدأ بالزمجرة في وجهي : لماذا دائماً تعارضينني في كل شيء ؟؟ وأنا التي ظننت أنك ستكونين ممتنة لي لأنني إخترت ياماتو الشاب الذي تعرفينه عوضاً عن شخص آخر ..
ثم وقفت من مكانها وتابعت صراخها هي تشد على العصا المرتكزة عليه : أعلم أنك ستأتين بفكرة من أجل إلغاء هذه الفكرة ، لكن لتعلمي أنك لو فعلت ذلك فسأرغمك على الزواج بشخص لا تعرفينه ، حكمي عقلك ، الزواج من شخص تعرفينه أفضل من شخص لا تعرفينه ..

أنهت جدتي إنفجاراتها وغادرت المكان برفقة الخادم المرافق لها والذي يعتني بصحتها ، بينما أنا استلقيت على الأريكة أتأمل سقف الغرفة بشرود ..


أنا لن أكون خطيبة ياماتو ولا خطيبة أي شاب آخر ، وأنا لم أرفض ياماتو لعيب فيه ، فهو مثال للشاب المثالي ، ولا أظن أن هناك شخص كياماتو في لطافته ، ولكنني أحبه كصديق فقط ، ولا أحمل تجاهه أي مشاعر أخرى ..

انقضى هذا اليوم بسلام فقد كانت جدتي تتجنب الحديث معي ، وكأنها تحاول إن تعدلني عن قراري بإمتناعها عن الكلام ، وأنا بدوري كنت أتظاهر وكأن شيئاً لم يكن ، وأتحدث معها بشكل طبيعي جداً وهي تصد عني ..


أتى يوم جديد .. تناولت الإفطار مع جدتي ، وكان الصمت هو سيد المكان على غير العادة ، عندما انتهيت غادرت المنزل بالسيارة وعلى جانباي مات وجون ..
قررت التحدث معهما قليلاً ريثما نصل : " مات جون منذ متى وأنتما تعملان مع جدتي ؟؟ "
أجاب جون : " قبل خمس سنوات وقد كنا آن ذاك نعمل في حراسة المنزل ، ولكن الآن أصبحنا مسؤولين عن حمايتك "

وتابع مات من بعده : " ولكن لماذا تسألين عن هذا أيتها الآنسة ؟؟ "
قلت بلامبالاة : " مجرد فضول ليس إلا "
صمتنا لثواني ليبتدئ مات الحديث مجدداً : " آنسة جوليا سمعنا أنك بارعة في القتال هل هذا صحيح ؟؟ "
- " ليس كثيراً ، لكن أبي دربني على بعض فنون الدفاع عن النفس "
- " لتعلمي إنستي أنه مهما بلغت من قوة فلن تصلي لقوة الرجال أبداً ، فالنساء ضعيفات مهما حاولن إظهار عكس ذلك "

لم أفهم ما كان يريد إيصاله ، لكنني جاريته وأومأت برأسي دون أن أنطق بكلمة ، ثم توقفت السيارة بعيداً عن المدرسة بقليل ، لأكمل باقي الطريق سيراً على الأقدام ..
عند وصولي إلى المدرسة وجدت روزقد أتت للتو ، فاقتربت منها وأحطت عنقها بذراعي وقلت بمرح : صباح الخير يا روز .
ابتسمت روز وقالت : صباح الخير ..

أكملنا طريقنا للصف معاً ، ثم قالت بعدها : كيف هي الحياة في منزل جدتك ؟؟ أنا واثقة من أنك سعيدة هناك ..
- ولماذا تقولين ذلك ؟؟
ردت بحماس : أنا لم أظن أبداً أن جدتك سيدة ثرية ، ثم أن جميع الصحف تتحدث عن حفيدتها جوليا التي ظهرت فجأة بعد أن ظن الجميع بأنها لا تمتلك وريثاً ، لقد كان الأمر مفاجئاً حقاً ..

قلت وأنا أجلس في مكاني بتذمر : صحيح أنها ثرية لكن العيش مع سيدة عنيدة مثلها أمر مزعج ..
أتاني صوت لوريوس من خلفي : أنت مليئة بالمفاجئات دائماً ، لم أظن أنني سأتعرف على فتاة ثرية من قبل ..

إلتفت إليه وقلت : لست أنا الثرية بل جدتي، وأنا لست سوى فتاة من عائلة متوسطة الحال ..
إقتربت يونا منا وقالت ضاحكة : أنت متواضعة كثيراً ، لكنني لا أعلم إن كان يجب أن أقول أنك ذات حظ جيد أم لا، فحياتك متقلبة بين سعادة و تعاسة ..
- الحياة هكذا ، فلو واجهنا المصاعب فلا يعني بأن هذا مكتوب على حياتنا للأبد ، بل يجب أن نثق بأن هناك مستقبلاً مشرقاً ينتظرنا ..

سمع صوت صفير إعجاب تبعه صوت سوبارو الذي قدم للتو : أرى بأنك بدأت تتفوهين بالدرر ، هذا ليس من طباعك أبداً ..
رمقته بنظرة ساخرة وقلت : أنا لم أتحدث إليك ، لذا كف عن التدخل ..

عندما قلت تلك النصيحة كنت أحاول إيصال رسالة لروز دون أن تدرك بأنني أعنيها ، فهي واجهت الكثير من الصعاب في حياتها وهاقد أتى الوقت الذي سيشرق فيه مستقبلها ..
إنتبهت إلى سوبارو الذي قال : بالمناسبة يا جوليا ، بما أنك أصبحت ثرية الآن هل ستنتقلين إلى مدرسة أخرى ؟؟
قلت بعد ضحكة قصيرة : لماذا تتحدثون كم لو أنني وجدت كنزاً ثميناً قبل أيام فقط ؟؟ جدتي كانت جدتي منذ زمن ،، وأنا كنت ولازلت حفيدتها ، ولا شيء تغير حتى تسألوني عن أمور غريبة ..


يونا : لكنك أصبحت بارزة كثيراً في الآونة الأخيرة ، والصحف والمجلات لم تكف عن التحدث عنك ، أصبحت مشهورة جداً يا جوليا ، يجب أن تفرحي بذلك .. عبست قائلة : ومن يحب الشهرة !! إنه أمر متعب وسخيف ، أن تكوني إنسانة عادية وتعيشين حياة عادية هو أفضل شيء .. ضربتني روز على ظهري وقالت : هل أنت مجنونة ؟؟ الشهرة حلم الجميع ، وأن تكوني إنسانة بارزة لأمر رائع جداً .. ثم تابعت بحالمية وهي تضم أصابعها ببعضها : تخيلي لو أنني ممثلة مشهورة والجميع يلاحقونني ليحظوا بتوقيعي ، وعدسات المصورين تلاحقني في كل مكان ، وصوري تعرض في كل مكان وزمان ، والجميع يعرفونني ويحبونني ، حياتي ستكون ممتعة بلا شك .. حركت يدي بالنفي وأنا أقول : أنظري إلى الجوانب الأخرى أيضاً يا روز ولا تكوني فتاة سطحية ، فمثلاً أن تكوني مشهورة هذا يعني أن هناك أشخاص يتربصون بك كل دقيقة وثانية من أجل البحث عن زلاتك وأخطائك ، إنه أمر ممل .. علق سوبارو ساخراً : يبدو أن هناك من يتحدث وكأنه قد جرب حياة الشهرة .. قالت يونا مدافعة : إنه أمر بديهي يا سوبارو ، لهذا كف عن السخرية من جوليا .. ليقول لوريوس من بعدها ضاحكاً : سوبارو لا تحاول إستفزاز جوليا فهذا لا يفيد مطلقاً ، إنها كتلة جليد يستحيل لها أن تغضب .. قلت بإبتسامة باردة : أنا لا أعتبر سوبارو موجوداً حتى أبالي بما يقوله ، لهذا أتركوه يسخر كيفما يشاء .. بعدها قاطعنا صوت الجرس الذي أعلن عن إبتداء الحصة الأولى ، ولهذا عاد الجميع إلى مكانه .. ***
~ سوبارو ~


أخبرني السيد روكاوا في الأمس أنه يرغب بمقابلتي مجدداً ، وأنا كنت أعلم عن الموضوع الذي سيتحدث عنه ، ولهذا قررت التهرب من لقاءه والذهاب لمقابلة ياماتو عوضاً عن ذلك ..

كنت أعلم أنه سينتظرني أمام منزلي ، ولهذا قررت التوجه إلى منزل ياماتو عوضاً عن العودة ، فلازلت لم أفرغ غضبي عليه بعد ..
استقليت سيارة أجرة للذهاب إلى منزله ، ووقفت خارج أسوار المنزل أنظر إلى النعيم الذي يعيشها الآن ، أشعر أن حياته مرفهة كثيراً خالية من أي منغصات على عكسي ..

سألت الحارس عن ياماتو فأخبرني أنه لم يعد بعد ، ولهذا بقيت أنتظره خارجاً ..
أوشك خيوط الشمس على التلاشي ، والسماء بدأت تغطى بالسواد ، وياماتو الغبي لم يصل بعد ..

لمحت سيارة قادمة بإتجاه المنزل فوقفت مستعداً لمقابلة ياماتو ، توقفت السيارة السوداء أمامي لأجهز قبضتي ، لم يُفتح باب السيارة ولهذا شعرت بالريبة ، ولكن عوضاً عن ذلك فُتحت نافذة السيارة المظللة ليظهر من ورائها وجه والده الذي قال بهدوء : إن لم أكن مخطئاً فأنت سوبارو صديق إبني ..

قلت متصنعاً التفاجؤ : من المدهش معرفتك لي على الرغم من أننا لم نتقابل من قبل ..
- مظهرك مميز جداً ولهذا يستحيل لي أنا أخطئك ، على أي حال ما الذي تفعله أمام منزلي ؟؟
- أنا أنتظر ياماتو فهناك أمر أريد التحدث بشأنه ..

نظر إلى الساعة الملتفة على معصمه وقال : هذا غريب ألم يعد بعد ؟؟ هو عادة يكون موجوداً في هذا الوقت ، إصعد لتنتظره في الداخل ..
كنت متفاجئاً من دعوته لي بالدخول ، لم أظن أنه سيعاملني بهذه الطريقة ، كنت واثق من أنه سيطردني أو شيء من هذا القبيل ، هل يعقل بأنه يعلم من أكون ؟؟


انتباني القلق بمجرد التفكير في ذلك ، وحاولت طرد هذه الفكرة من ذهني ، يجب أن أثق بما قاله السيد روكاوا ، فهو أخبرني بأن والد ياماتو لا يعرف والدي ، وهذ يعني أنه لن يعرفني ..
قطع حبل أفكاري صوته العميق : يبدو أن السيارة قد أعجبتك ، إنزل أيها الشاب فقد وصلنا ..
إنتبهت إلى أننا وصلنا أمام الفيلا ، والسائق قد فتح الباب منتظراً نزولي ، ترجلت من السيارة ليقودني الخادم إلى غرفة الجلوس لأبقى هناك ريثما يعود ياماتو ..

لكن صبري قد نفد ، ولم أعد أطيق الإنتظار أكثر ، فأخرجت هاتفي الذي أطفأته ، وحين فتحته وجدت عشرات المكالمات والرسائل من السيد روكاوا ، لم أرهق نفسي في قراءة رسائله فتجاهلتها جميعاً ، وقررت الإتصال بياماتو ..

كنت أظن أنه سيتجاهلني كما فعل بالأمس ، لكنني تفاجأت حين أجاب على الهاتف دون أن يقول شيئاً ، ولهذا بادرت بقولي : أين أنت الآن أيها المغفل ؟؟
- أنا من يجب أن أسألك هذا السؤال أيها الغبي ، ألم أقل أنني أريد محادثتك في موضوع مهم ؟؟ في أي بقعة من الأرض تتواجد فيه الآن ؟؟

هذا الصراخ والصوت الصاخب لم يكن يرجع لياماتو بل إلى السيد روكاوا ، أبعدت هاتفي لأتأكد من الرقم ، فقد ظننت أنني أخطأت في الإتصال ..
لكن الغريب أن الإسم الذي أنير على الشاشة هو إسم ياماتو لا السيد روكاوا ، حينها استنتجت أمراً واحداً فقط ..

قلت ببطء وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة : هل يعقل بأنك الآن مع ياماتو ؟؟
لم يجبني سوى الصمت ، لأدرك أن ما أفكر فيه الآن هو حقيقة ، إنقلبت الأدوار فأصبحت أنا الثائر هنا بينما السيد روكاوا صامت ..
- هل فعلت الشيء الذي منعتك منه ؟؟ أأخبرته بكل شيء يتعلق بنا ؟؟ لن أسامحك إذا فعلت ذلك فأنت وعدتني أنك ستبقي هذا الأمر سراً ، سأقتلك حتماً لو كان الأمر هكذا ..
أتاني صوته الهادئ عكس نبرته السابقة : سوبارو لن نستطيع التفاهم الآن ، أخبرني عن مكانك لآتي إليك ..
قلت محاولاً كبت غضبي : أنا في منزل ياماتو الآن ..
قال بتفاجؤ : وماذا تفعل هناك ؟؟
- كف عن السؤال وتعال لإصطحابي لتخبرني بالأمر الذي يجمعك مع ياماتو ..


أقفلت الخط وأنا أحاول أن أهدئ من نفسي ، فلو قابلتهما وأنا بهذا الحال فلن أضمن أنهما سيبقيان على قيد الحياة ، بدأت أتنفس بعمق وأنفث الهواء من فمي ، واستمريت بفعل ذلك مرات عدة حتى شعرت بقليل من السكينة ، وقررت بعدها مغادرة المنزل وانتظار السيد روكاوا ..
بعد دقائق من الإنتظار رأيت سيارة السيد روكاوا تقترب مني ، وحين توقفت أمامي خرج من السيارة ياماتو الذي إقترب مني وقال بإرتباك : سوبارو ....

نظرت إليه منتظراً ما سيقوله ، لكنه في النهاية تراجع عن ما سيقوله ، ثم عاد خطوتين إلى الوراء ، خرج السيد روكاوا كذلك وقال : إصعدا حتى نتحدث في مكان آخر ..

لم أكن أنظر إلى السيد روكاوا ولا أنصت لما يقوله ، فقد كان إهتمامي منصباً على ياماتو الذي يبدوعليه الإنزعاج ، وينظر إلي بتوتر بين حين وآخر ثم يهز رأسه بالنفي ..
تصرفاته الغريبة أكدت لي أن السيد روكاوا قد أخبره بأمر ما ، ولهذا أمسكت السيد روكاوا وابتعدنا عنه قليلاً وقلت وأنا أصك على أسناني : أخبرني هل أخبرت ياماتو بالسر ؟؟
أخذ السيد روكاوا يشتت أنظاره محاولاً صرف نظره عني، وهذا الشيء أغاظني كثيراً ، فأخذت أهزه بقوة وكررت السؤال مجدداً ، ليأتيني الجواب من خلفي بصوت هادئ : لقد أخبرني بأن والدتي على قيد الحياة وأنك أخي يا سوبارو ، ولكن هل هذا صحيح ؟؟

تشنجت في مكاني لثواني ، وأنا أنظر إلى السيد روكاوا بصدمة ، كنت أشك في هذا لكن أن يكون هذا هو الواقع إنه أمر صادم بحق ، بدأت أفكر بشكل سريع فيما يجب أن أفعله ، وخطرت في بالي فكرة عظيمة ..


إستدرت إلى ياماتو الذي ينظر إلي بعينين تبرقان بترقب ، ثم انفجرت ضاحكاً بزيف ليقطب هو حاجبيه بإستغراب ، وبعد أن هدأت قلت وأنا أنظر إلى السيد روكاوا : أحسنت يا سيد روكاوا لقد نجحت خطتنا ، إستطعنا العبث بهذا الغبي ، لم أظن أن الأمر سيكون بهذه السهولة ..
نظر إلي السيد روكاوا بإستنكار ، بينما قال ياماتو وهو لايزال في وقعة الصدمة : ماذا تعني بكلامك هذا يا سوبارو ؟؟

إبتسمت بمكر وقلت : لقد إتفقت مع السيد روكاوا أن نخدعك بقصة خيالية ، وأنا لم أظن أبداً أنك ستُخدع بسهولة ، أنت غبي حقاً ..
أنهيت عبارتي وعدت أضحك بصوت عالي لأستفزازه ..

أخرستني لكمة قوية وجّهها ياماتو لي بقبضته اللعينة ، نظرت إليه وقد بدى من الواضح أنه غاضب بشدة وصدره يعلو ويهبط بوضوح ..
ثم إنفجر في وجهي بعصبية لم أعتد رؤيتها : أيها السافل ، كيف تجرؤ على خداعي في أمر كهذا ؟؟ هل تعلم كم أشغلني هذا الموضوع كثيراً طوال البارحة ، حتى أنني كنت متلهفاً لرؤية المرأة التي قلتم أنها أمي ، وفي النهاية تقول لي أنها مجرد كذبة !! لماذا فعلت شيئاً كهذا يا سوبارو ؟؟ بدأت أمقتك بشدة الآن أيها الحقير ..

لم أكن لأسكت عن لكمته ، ولهذا وجهت له ضربة في بطنه جعله ينحني بألم وقلت وأنا أبصق عليه : وكأنني سأهتم أيها الطفل الوضيع ، وإن كنت بدأت بمقتي فأنا كنت أمقتك منذ سنوات ، إذهب للموت أيها الطفل المدلل ..
عاد ياماتو ليهجم علي مجدداً ، لكنني استطعت تفاديه ودخلنا نحن الإثنين في شجار عنيف ، كنت أوجه له الضربات القوية دون أن أبالي بالضربات التي تصيبني ..


لا أعلم كم استمرينا في القتال لكن ما أوقفنا هو تدخل مجموعة من الرجال عملوا على فصلنا عن بعضنا ، حاولت الإفلات منهم لأعود لضربه لكنهم كانوا أكثر قوة مني ..
رفعت بصري إلى ياماتو الذي كان متصلباً بشكل غريب ، وهو ينظر إلي بدهشة ..


أنزلت بصري قليلاً إلى الأسفل لأجد ضماداً أبيضاً ملقى على الأرض وقد تلوث قليلاً بالغبار والأوساخ في الموضع الذي كنا نتشاجر فيه ، رفعت يدي إلى وجهي أتلمسه فإذا بي أمسك بجلدي عوضاً عن ملمس الضماد الذي إعتدت عليه ، وحينها أدركت أن سري قد فُضح ..
جلت ببصري بحثاً عن السيد روكاوا وحين وقع عيني عليه حركت شفتاي ناطقاً بإسمه لأستنجد به ولكن من دون صوت ، فهم السيد روكاوا حركة شفتاي فاقترب مني بسرعة وقال للرجلين الممسكين بي : أتركاه أرجوكما ، أعدكم أنه لن يعيد فعلته ..
تحدث أحدهم بصوته الخشن : لن ندعه حتى يأخذ جزاءه ..

لمحت ياماتو يقترب مني بخطوات بطيئة ، ولازالت عيناه مثبتتان في وجهي ، ثم نطق بهدوء : لا أصدق ما تراه عيناي ..
صرخت في وجهه بتهديد : لو أخبرت أحداً ما بهذا الأمر فأنا سأقتلك هل سمعت يا ياماتو ..

شد أحدهم على يدي بقوة وقال بحدة : تحدث مع السيد الصغير بإحترام أيها الوقح ..
نظر ياماتو إليهم وقال : دعوه يا رجال ..
ليقول أحدهم بإعتراض : لكن ....
قاطعه ياماتو : قلت أتركوه ..


تركني الرجلان لأرمق ياماتو بنظرة قاتلة ثم قلت : إذا فتحت فمك بكلمة واحدة فستكون تلك آخر كلماتك في الحياة ..
إلتقطت الضمادات الملقاة على الأرض ثم صعدت سيارة السيد روكاوا ، ليصعد هو الآخر وانطلقنا مبتعدين عن المكان ..

نهاية الفصل ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 03-05-2017 الساعة 08:50 PM
رد مع اقتباس