عرض مشاركة واحدة
  #79  
قديم 11-27-2015, 09:59 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:60%;background-color:white;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
الفصل الرابع : الثّقة على طريقة الشينوبي ! (ج1)
ملاحظة : أنا لا أملك قصة ناروتو أو شخصياته





صباح يومٍ جديد قد حلّ .. صباحُ سلامٍ سرمديّ لعالم الشينوبي وما وراءه من عوالَم مخفيّة .. صباحٌ مميّز لفئة خاصّة من البَشر , من عُرِفُوا على مرّ الأزل بالبطوليّة والتضحية .. اليوم هُو أوّل أيام امتحانات الارتقاء لرُتبة التشونين .. كُل جينين من مشارقَ الخريطَة بدءً من الضّباب فمُروراً بالصّخر والرّمل وانتهاءً بالسّحاب , وما جاور هاته القٌرى العظمى من قُرًى صُغرى .. قد أعدّ الرّحال قُدماً ناحية ورقَة الشّجر !

الهوكاجِ , أو كما نعرفُه بناروتو كان في مكتَبه حيثُ أمامه وقفت أفواجُ الشينوبي الشّباب .. فبعدَ أن ألقى خطابه الآسر ؛ هاهُو يعمل على إحياءِ كلماتِه كأفعال , فمتى عهدناهُ يتراجع عن ععودِ قد عقدها ؟! .. قبض ذراعيه إلى صدره في حين كان زميلُه وساعده شيكامارو مُمسكاً بحزمةِ من أوراق .. استطردُ الهوكاجِ الكلام بجديّة : " عاجلاً أم آجلاً ستضجّ القرية بأعراقٍ مختلفة من جينين القرى الأخرى .. ساي ! , أعتمد عليكِ بتوفير أقصى درجاتِ الحماية والمراقبة , وزّع الأنبو داخل القرية وخارجها واجعل على كُل فريق من الجينين واحداً من الأنبو يتكفل بالمراقبة والحماية ! "

بِهدوء وثبات , ساي الذي كان يقف متطرفاً بعيداً عن البقيّة , وبلباسه السوداويّ الذي طالما كان مميزاً .. أجابَ بثقة قبل أن يختفيَ عن الأنظار : " عُلم ! "

تابَع ناروتو باسترسال حتّى لا يمنح البقيّة أدنى لحظاتِ الرّاحة , رُغم خبرته القليلة .. إلا أنه يعلم تماماً أن للجدّ وقتُه , وحين يحين وقتُه فلا مكانِ للهزل أو التّهاونُ : " وفيمَا يخصّ تفاصِيل الإمتحان الأول فكما هُو معتاد سيكُون كتابياً , والمشرف عليهُ كما اتّفقنا مُسبقاً هو الأستاذ أبورامِي شينو ! "

همهم شينو الذي كان في آخر الصفّ ببضع كلماتٍ تكادُ تُسمع قبل أن يختفيَ .. ناروتو وشيكامارو كانا يعلمان تماماً أنه أنسب اختيار لمشرف الإمتحان الأول .. حقيقةَ أن شينو بارع بالتلاعب بالأعصاب أمر لا يُمكن إنكاره , هذا كان رأي شيكامارو حوله .. أما ناروتو فيعتقد أن مظهره كافٍ على دبّ القلق والاضطراب في نفوس الجينين ؛ غنًى عن حشراتِه طبعاً ! .. على كُل حال ؛ إنّ السنواتِ التي قضاها شينو في التدريس بالأكادمية منحته خبرةً كافية في التعامل مع الأطفال , وبالطّبع إنّه لن يرحَم تلامذته أو يميل لأبناء قريته .. هو ليس من ذلك النوع !

باشر ناروتو باستكمال حديثه للشينوبي المتبقين وقد قلّ عددهم : " وفيما يخصّ الإمتحان الثاني .. إينازوكا كيبا , تين تين ! .. الأمرُ عائد لكما بإختيار منطقة الإمتحان هذه السّنة , غابة الموت أصبحت قديمة على هذا العصر ! "

بتزامَن أجاب كلا مشرفيّ الإمتحان المذكورين بـ -عُلم- , كيبا -الذّي تكثّفت لحيته- قد خطر في بالِه ألف مكانٍ ومكانٍ للإمتحان .. وبطريقةِ أو بأخرى يُريد أن يجعل للحيوانات دوراً فعالاً بهذا الإمتحان .. بالأخص الكلاب ! , في حين تذمّرت تين تين داخلها بأن هذا مُزعج ؛ ألا يكفي بأنها مرتها الأولى كمشرفة لامتحان شونين ؟! .. في كُل الأحوال اختفيا بنفس الوقتِ ليتناقشا بعيداً بحريّة !

لم يتمالك ناروتو نفسه حيث أظهر ابتسامة خفيفة ليتابع بشبه رسميّة : " أوه والإمتحان الثالث سيكون بين يديك , لي ! .. كُن حكماً جيداً ! "

بنشاطٍ لا يفوقه نشاطٍ , صرخ وحش كونوها الأخضر الشّاب قبل أن يخرج من المكتب : " مفهُوم , اعتمد عليّ سيدي الهوكاجِ ! "

وهكذا ؛ من بقيْ .. وجبَ عليهم تدبّر المهام الروتينية من المراقبة والحراسة وتجهيز غرفٍ وما إلى ذلك .. لم يمضي بعد ذلكَ إلا عشر دقائق ليبقى ناروتو وحيداً في مكتبه وقد استأذنه شيكامارو بالترحيب بـ سُفراء القرى الأخرى فسيأتون قريباً .. ناروتو الذي وجدَ نفسه وقد حصل على وقتِ فراغٍ فجأة , قرّر أخذ غفوة قصيرة ؛ وهانئة !





في مكان مُختلفٍ تماماً , وحيث أن الشمس بدأت تبرز شيءً فشيءً .. تمامَ السّاعة السّادسة فجراً وفي الغابْ حيثُ مخيّم أبطالنا , -ميراي- المدربة اليافعة قد بلغت مُخيمها الصّغير وبين ذراعيها بعض الفواكِه المُقتطفة من هنا وهناك .. تفاجئت عند وصُولها بأن من كان خارج الخيمة -كما أمرت مُسبقاً- هم ميتسوكي, تشوتشو, وميتال لي الذي كان منشغلاً بتمارين الصباح مُتمتماً بـ -واحد, إثنان, واحد, إثنان- .. رفعت ميراي حاجبيها إنزعاجاً وقد تساءلت : " أين البقية ؟ لا تقولوا لي بأنّهم لم يستيقظوا حتّى الأن ! "

" إينوجين هو الوحيد النّائم ! " أجابها ميتسوكي

"سارادا ذكرت شيءً عن ضياع نظارتها , أتساءل أين اختفت ؟ " أضافت تشوتشو وقد كانت نشيطة بشكل يدفع للإندهاش

تدخّل ميتال لي وقد اعتدل واقفاً بعد تمرينات الضّغط : " مُدربة لا تقسي على إينوجين كثيراً , جميعنا نجد صعوبة بالتألقم مع المخيّم .. "

قاطعته تشوتشو : " أنا لا أجد صعوبة ! "
بضجر ردّ لــي : " .. وهل كُنت أكلّمك ? "

وضعت ميراي ما بيدها جانباً مُتجاهلةً جدال تشوتشو وميتال لي .. حدثت نفسها بإنفعال : " لا تقل لي بأنّه لم ينم عندما طلبت منه ذلك ليلة أمس ؟! "

" أنا أعتقد بأن إينوجين قد قضى الليل ساهراً ؛ فقد كان مُستيقظاً هذا الصّباح .. " هذا ما قاله ميتسوكي فجأة , ميراي اعتقدت لبرهة أنّه قرأ أفكارها ؛ إلا أنّها انتبهت أنّ كلامه قد كان موجّها إلى كُلّ من تشوتشو وميتال لي حيثُ تابع " .. المخلوقات الحيّة لا يُمكنها التألقم مع الأماكن الجديدة بسهولة , في الحقيقة مُعظمها يموت في النّهاية ! "

" ماذا؟ .. إينوجين سيموت ! .. مستحيل ! " صـرخ ميتال لي ببراءة
" من الأحمق الذي يموت لسبب تافه كهذا ؟ " بثقة تمتمت تشوتشو

" ميتسوكي أيها الماكر , أنت تتحدث عن الحيوانات صحيح ؟ " قالت ميراي ذلك وقد تنبّهت لكلمة -المخلوقات- التي ذكرها في حديثه .. ابتسم ميتسوكِي وقد حرّك رأسه بالإيجاب وهو يقول : " البشر مخلوقات مميّزة يُمكنها التألقم بأي بيئة جديدة ! "

" إذاً إينوجين لن يمت .. حمداً لله " براحة تمتم لــــي

" لديك ثقافة جيدة ميتسوكي .. " قالت ميراي ذلك ثمّ ذهبت بإتّجاه الخيمة وهي تفكّر بأمر إينوجين : " إذاً فهو لم ينم حقاً ؛ يالي من مُهملة ! .. حسناً ما بيدي حيلة , أعتقد بأني سأمنحه ساعة نومٍ إضافيّة .. مالذّي كان يفعله بالاستيقاظ ليلاً على أيّ حال , لقد بدى مُضطرباً وعصبيـ- " ما إن دخلت عبر ستارة الخيمة والتي كانت بمثابة الباب حتّى فوجئت بمشهد دفعها لقطع حبل أفكارها ..

" ابتعد عني كٌنت أحاول إيقاظك فقط , أنا أسف حسناً ! " هذا ما قاله باروتو المُرتمي أرضاً وهو يُحاول إزاحة -إينوجين- الجالس فوقه !

" أيّها السّافل " إينوجين -والذّي كان مُبللاً بالكامل- صرخ بذلك بصوتٍ حاد غير مألوف عليه , يُحاول بشتّى الطرق ضرب باروتو ؛ ولكنّ شيكاداي قد كان مُمسكاً بكفّه اليمنى , في حين كانت سارادا قد أحاطت بذراعه الأخرى بصعوبة !

" توقّفا !! .. " صرخت ميراي جاذبة الأنظار إليها

" ميراي .. " قـــال شيكاداي

" مُدربة .. " قالت ســـــــــارادا

" هذا يكفي الأن ! " بحركة سريعة انحنت ميراي موازيةً لهم لتعمل على إبعاد إينوجين وقد حملته لمدة ثانيتين مُبعدةً إياه عنهم , لتتابع من بعد ذلكِ بإبتسامة : " لا داعي لكلّ هذا .. الأمر سخيف لدرجة أنّه يمكنني توقّع ما حدث !
"

ثمّ أخذت نظرة خاطفة على باروتو وقد تابعت حديثها بمرح يدفع للإرتياح : "
من الجيّد أنّه لم يتعرّض أيّ منكم للأذى .. لا بأس بالشّجار لكن ليس من أوّل الصّباح ! "

صمت الجميع من بعد ذلك في حين كان إينوجين مُنزعجاً بشدّة لحدّ البُكاء , ميراي كانت تعلم بمقدار شعوره .. أن تكون بحاجّة ماسّة للنّوم ثمّ يسكب احدهم عليكَ الماء فجأة , لا أحد يتمنّى أن يمرّ بثل هذا الموقف بالتأكيد .. إنّها ربتت على رأس إينوجين مُحاولة التخفيف عليه : " إينوجين أنت بقيت مستيقظاً حتّى الصباح أليس كذلك ؟ , لقد كنت قلقاً من حدوث شيء سيّء للجميع .. لا بأس ! .. الأمور لا تسير بهذه الطريقة , في الحقيقة هُنالك الكثير من الأنبو -مثل والدك- منتشرين في هذا المنطقة ! "

في أثناء حديثها اكتست على ملامحها ابتسامة غريبة لفتت اهتمام شيكاداي , لم تلبث ميراي كثيراً حتّى دفعت الجميع للخُروج قائلةً بمرح : " حسناً سوف نتركك قليلاً لتنام , من حُسن حظّك ضوء الشّمس ما زال ضعيفاً .. يُمكنك أن تنام ساعتين أو ثلاثاً على الأكثر ! "

أراد إينوجين أن يقول شيءً , لكنّه ما إن اختار الكلمات المناسبة في ذهنه .. حتّى وجد نفسه وحيداً في الخيمة .. تنهّد وارتمى مُباشرةً على منامته ؛ رغم أنّ كُل شعرةً من رأسه مُبلّلة .. إلّا أنّه نام مُباشرةً كالحمل الوديع ! .. لقد كان بحقّ نعساً , وكلمات ميراي المُطمئنة وذكرها لوالده .. منحاه أحلاماً جيّدة , لأوّل مرّة منذ خُروجه من القرية !





" لقد أتيتم أخيراً يا رفاق .. " بابتهاج قال ميتال لي ذلك إلى أن انتبه لعدم وُجود إينوجين بينهم فتمتم بنوعٍ من الخوف وقد لاحظ عدم السّعادة على مُحيّاهم : " أين إينوجين .. ه-هل مات ؟ "

أجابه باروتو باستغراب ممزوج بالشكّ : " ولماذا سوف يموت؟ لا تقل لي بأنّ ميتسوكي قد عاد للحديث حول هذه الأشياء الغريبة مُؤخراً ! " أخذ نظرة خاطفة ناحية ميتسوكي الذين كان يتناقش مع تشوتشو بموضوع ما ؛ ثمّ تابع حديثه : " لا تقلق لي .. كُل ما في الأمر أنّ إينوجين يحتاج إلى النّوم جيداً , أعصابه مشدودة مُنذ خروجنا من القرية .. هذا مُعتاد منه ! "

ثمّ مضى بطريقه وقد ضمّ ذراعيه خلف رأسه مُتمتماً لنفسه بصوتٍ مسموع : " يا إلاهي لقد كان يُمكن أن يقتلني , سأقول له فيما بعد أن يكون حذراً عند تعامله مع الأخرين وهو غاضب .. إنّه يذكّرني بهيماواري ! "

" مهلاً لحظة ! " بعصبيّةٍ مكتومة وقفت سارادا أمامه مُعترضةً طريقه

" هل تُريدين شيءً منّي .. " رفع حاجبيه بلامبالاة قبل أن يُتابع " .. صحيح نظّارتك , قُلت لك قبلاً بأنّها ليست موجودة في حقيبتي , ربّما سرقها والدُ الأرنب الذّي اصطدته بالأمس ! " قال الجملة الأخيرة بضحكة استهزائية

" أنت حقاً .. " بغيظ تمتمت سارادا ببعض الكلمات قبل أن تتحدّث بعصبيّة " .. بعد كلّ ما حدث من برأيك يقع اللوم على من ؟ .. " أشارت باصبعها ناحيته , في حين أجابها ببرود : " لا تأخذي الأمر بجدية هكذا , كما أنّ ميراي قالت بأنّ الأمر سخيف .. " ضمّ كفّيه إلى جيُوب بنطاله وقد أردف : " ثم أنّني اعتذرت ! "

" الاعتذار لا يحــلّ المشكلة "
" بل هو أوّل حــــــلّ للمشكلة "

لقد كان الجوّ بينهما مُكهرباً , الأمر ليس وكأنّ أحدهما يهتم بهذا الموضوع .. كل واحد منهما فقط يُحاول اثبات وجهة نظره للآخر ؛ العلاقة بينهما من البداية لم تكن جيّدة .. لطالما كانا يتشاجران هكذا قبل دخولهما للأكادميّة وحتّى الأن متى ما تقابلا .. ناروتو وساكرا يعتقدان بأنّها مجرّد فترة وسيعقلان ؛ لكنّ الأمر أكبر ذلك .. من وجهة نظر كُل منهما على الأقل !

" أعتقد بأنّنا اكتفينا من كُل هذا .. " تدخّل شيكاداي بضجر وقد قرّر وضع حدّ لكلّ هذه البلبلة ؛ عندما اقترب منهما تذكّر أمراً لا يحبّه ؛ تنهّد وقد تابع حديثه : " لا أريدكم أن تتسبّبوا بالمزيد من المشاكل لميراي , أراهن بأنّ كُلاً منكما لديه وجهة نظر صائبة في النّهاية .. " ومن ثمّ حدّث نفسه مُتمّاً حديثه " .. كما يحدث مع والديّ في كُل مرّة يتخاصمان فيها ! "

" حسناً حسناً .. " ابتعد بوروتو عن سارادا وهو يتّجه ناحية ميتسوكي , أعاد ضمّ ذراعيه إلى رقبته قبل أن يعلوا صوته بحماسة " ميراي أنا جائع , مالذي سوف نأكله اليوم .. إن كان هنالك المزيد من عُلب الرّامن فأفضّل العودة إلى القرية ! "

توجّهت ميراي ناحية حقيبة الظّهر الخاصّة بها والتي كانت خارج الخيمة ؛ قالت بنوع من الانزعاج : " كُنت أخطّط لوجبة مميّزة هذا اليوم ولكن .. "

أخرجت طبقاً متوسّط الحجم تمكّنت سارادا من تمييزه مباشرةً ما إن رأته ؛ حيث تمتمت بصوتٍ مسموع : " الفطائر التي أعدّتها أمّي بالأمس ! .. "

قدّمتها ميراي إلى سارادا وقالت بحماسة : " إنّها باردة نوعاً ما لكن أراهن على أنّها ما زلت لذيذة ؛ فطائر السيدة ساكرا دائماً لذيذة ! .. أعتمد عليكِ يا سارادا في توزيعها بعدل للجميع .. ولا تنسي حصّة إينوجين ! "

عبست سارادا وهي تفكّر بأنّ باروتو -لا يستحقّها- , بدى الأمر وكأنّ ميراي قد قرأت ملامحها حيث قالت وكأنّها تذكّرت أمراً مهمّا : " صحيح وباروتو .. انت محروم من الفطور هذا اليوم ! "

" م- مـــاذا ؟ "
" أنا لا أمزح "

ولم تتمكّن سارادا من الاستماع لبقيّة المحادثة بينهما , حيث أنّ تشوتشو قد وقفت أمامها -من العدم- ومنظر الطّبق بين يديّ سارادا منعكس في عينيها .. بعد دقيقتين كانوا جميعاً متحلّقين حول بعضهم يستمتعون بأكل الفطائر والثرثرة حول بعض الأمور .. وأمّا باروتو فقد تركهم واستلقى خلف الخيمة تحت إحدى الأشجار ؛ وعلامات اللامبالاة واضحةٌ على مُحياه !





في كونوها - مكتب الهوكاجي .. الباب يُطرق لعدّة مرّات وناروتو مستغرق بالنّوم .. يفُتح الباب بهدوء وحذر لتتسلّل منه تلك الكلمات الحانية .. " عزيزي , هل أنت هُنا ! "

" أمّي إنّ أبي نائم ! " طفلَة لا تتجاوز الخامسة من عُمرها دخلت إلى المكتب بمرح ؛ قبل أن تأخذ والدتها يدها بإهتمام وهي تدفعها للخروج هامسةً .. " والدك لم يتمكن من النّوم جيداً لأيام .. دعينا لا نزعجه ! "

" ولكن .. كُنت أريده أن يلعب معي .. " نفخت خدّها بفوضويّة وحُنق ثمّ تابعت بتذمّر " .. لماذا لا يُمكنني الذّهاب مع أخي الكبير إلى المُخيّم , كان ذلك ليكون مُمتعاً ! "

" هيماواري .. " انحنت الأمّ بحنان موازيةً لطولها قدر ما يُمكن وهي تضمّ كلتا يديّ ابنتها ذات العينين الزرقاوين " .. ما رأيك بأن نصنع بعض كعك عبّاد الشّمس لأبيك حتّى يأكلها هذا المساء ! "

بفرح طفوليّ قالت " وبعد ذلك سوف يلعب معي , لكن أولاً .. " مشت بخطوات هادئة وحذرة حتّى أصبحت قريبةً من والدها النّائم بطريقة مضحكة فوق مكتبه , وقفت علـــى رؤوس أصابع قدميها حتّى تبلغ طوله قدر الإمكان .. ثمّ ربتت على رأسه بهدوء وهـي تهمس : " نوماً هنيئاً يا أبي ! " بعد ذلك أخذ ورقة وقلماً كتبت فيهما بعض الكلمات

راقبت والدتها -هيناتا- المشهد بإبتسامة ؛ ثمّ خرجتا من الغرفةِ بهدوء





" باروتو .. " مدّ ميتسوكي يده ناحية رفيقه الذي كان سارحاً ومستلقياً تحت الشّجرة الظّليلة

" أوه هل انتهيتم ؟ استغرق هذا وقتاً طويلاً ! " أمسك بيد ميتسوكي ليساعده الأخير على الوقوف والتّوازن ؛ مدّ باروتو ذراعيه قدر ما أمكنه وبصوتٍ متثائب تساءل " يُفترض أنّ ساعتين قد مرّت منذ بدأتم بأكل تلك الفطائر , مالذّي كُنت تثرثرون حوله على أي حال ؟ "

أغمض ميتسوكي عينيه بإبتسامته المعهودة , أدخل يده داخل لباسه الكلاسيكيّ ليخرج منه فطيرتين ملفوففتين بمنديل " خُذ .. كُلها بسرعة قبل أن يُلاحظ أحد ! "

" ميتسوكِي أنت .. " أخذ باروتو الفطيرتين بسرعة وقد سال لعابه إلى حد ما , تمتم بسعادة " هل احتفظ بها من أجلي , أنت صديق حقيقي ! "

" أنت مُخطئ .. " بجديّة عارضه ميتسوكي ثمّ أشار باصبعه ناحية الفطيرتين " بالأمس قاسمتني شطيرتك واليوم سوف أقاسمك طعامي .. على الشّينوبي عدم نسيان رفاقه في أوقات الأزمات .. هذا ما علّمنا إيّاه الأستاذ شينو , هل نسيت ؟ "

اكتست على باروتو ملامحه بلهاء , أخذ قضمة من احدى الفطيرتين وهو يتمتم بضجر : " لأي قدر تستمع بربط كُل تصرفاتك ناحيتي مع الأستاذ شينو ؟! " بلع باروتو بقيّة الفطيرة الأولى بقضمة واحدة ثمّ تابع حديثه بثقة " أراهن على أنّه قد تعرّض لخيانة غبيّة من أصدقائه في الماضي .. مثل أن يقوموا بمهمّة عظيمة ويتجاهلوا وجوده , شيء كهذا .. "

" على كُل حال المدربة ميراي طلبت منّي مُناداتك , ذكرت شيءً حول أنّنا لن نقضي اليوم بالأكل والثّرثرة فقط ! " بدآ بالسّير معاً والالتفاف حول الخيمة حيث كان البقيّة يقبعون بالجهة المقابلة لها , تابع ميتسوكِي حديثه " كان من المفترض أن أقوم بإيقاظ إينوجين أولاً , ولكنّ لي أصرّ أن يقوم هُوَ بهذه المهمّة ! "

تمتم باروتو وهو يأكل أخر قضمة من الفطيرة الثّانية : " أما زال يعتقد بفكرة الموت الغبيّة .. ميتسوكي عليك التوقّف عن ذكر مثل هذه الأمور المستحيـ- "

وتفاجأ الاثنان بصرخة لميتال لي آتية من داخل الخيمة , ولكونهما الأقرب للخيمة آن ذلك كانا الوحيدين الذّين سمعاها ؛ تمتم ميتسوكِي بابتسامة غريبة وهو ينظر إلى باروتو : " هل كُنت ستقول كلمةً مثل -مستحيل؟- , برأيك من سيقع اللّوم على من لو مات إينوجين فعلاً ؟! "

صَرخ باروتو بعصبيّة وهو يُسرع ناحية الخيمة : " غبيّ توقّف عن التّلاعب بي .. لي يضخّم الأمور دائماً .. من المُستحيل أن يموتَ إينوجين برشّة ماء لعينة !! "

" مَن الذّي سيموت ؟! "

بسعادةً صرخ باروتو " إينوجين أنت حـــــيّ ! "
بابتسامة ماكرة " كُنت تصدّق ما أقوله إذا ! "

بعصبيّة صرخ باروتو " لأي قدر تحبّ التّلاعب بمن حولك ؟! " ضحك ميتسوكي بخفّة وهو يحاول تهدأته " .. أسف أسف , أنت ابن الهوكاج في النّهاية .. من المُمتع خداعك ! "

أراد أن يصرخ باروتو بوجهه قائلاً بأنّ -الإعتذار لن يحلّ المشكلة- لكنّه تذكّر مباشرةً كلمات سارادا السّابقة , تظاهر باللامبالاة ثمّ قال وهو يحاول تغيير الموضوع : " إينوجين هل نمتَ جيداً ؟ "

تثاءب إينوجين عدّة مراتٍ وقد خرج من الخيمة مقترباً إليهما : " صوتُك مُزعج بحقّ , كان يُمكنك ايقاظي به المرّة الماضية بدلاً من سكب الماء على وجهي "

" قًلت لك أنا أسف لذا لا تغضب .. " ارتبك باروتو وقد ضمّ ذراعيه خلف رأسه .. وحاول تغيير الموضوع للمرّة الثّانية حيث استفسر " .. ما خطب لي على أي حال ؟ لقد أخافنا عندما صرخ قبل قليل .. لا تقل لي بأنّه ظنّك ميتاً فاغمي عليه من الخوف ! "

" موت ؟ ما خطبكم مع هذه الفكرة الغريبة .. " بأعين مستنكرة تساءل إينوجين , ثمّ ما لبث أن أردف حديثه وهو يزيح ستارة الخيمة .. " إضافة إلى أنّه لم يكن هنالك أحد غيري عندما استيقظت ؟ "

تفحّص باروتو وميتسوكي الخيمة باندهاش , وقبل أن يتمكّن باروتو من قول أي شيء سبقه ميتسوكي بابتسامة ماكرة : " غريب لا توجد أيّ أثار دماء هُنا ؟! "

" أيّها الـ .. " أمسك باروتو بذراع ميتسوكي بعصبيّة وأخذ يسحبه خارج الخيمة " بالتأكيد هذه واحدة من ألاعيبك ضدّي ! " ثمّ أشار بكفّه الأخرى إلى إينوجين وهو يحثّه على القدوم " هيّا بنا إينوجين فميراي تنتظرنا .. لقد نمت كفايتك أيّها الكسول ! "

" إن تكلمت عن النوم مُجدداً فسأقتلك أيّها السّافل .. " بحُنق عنّفه إينوجين ثمّ أشار بيده أن يتقدّما قائلاً " امنحاني فرصة لإرتداء ملابسي على الأقل !! " وهكذا أكّد باروتو لإينوجين عدّةً مراتٍ أن يُسرع ثمّ مضى وهو مُمسك بذراع ميتسوكي بعصبيّة وأمّا الأخير فقد كان يبتسم بطريقة مستفزّة .. منظرهما الغبيّ دفع إينوجين لإطلاق ضحكة خفيفة وقد تمتم لنفسه " أنا أحسدكما حقاً ! "

وبعد خمس دقائق أو أقل كان إينوجين جاهزاً , وقف قريباً من مخرج الخيمة وهو يأخذ نظره خاطفة داخلها : " كُل شيءٍ بمكانه .. آه كدّت أن أنسى ! " توجّه ناحية حقيبته وقد أخرج منها نظّارة سارادا التي احتفظ بها ليلة الأمس " من المُؤكّد أن سارادا منزعجة الأن .. كم أنا أحمق .. كان عليّ تركها مع الدربة ميراي بدلاً من دسّها في حقيبتي ! "

عندما ذكر المدربة ميراي تذكّر أنّه من المفترض أنّها تنتظره الأن , بعد التّفكير بالأمر إينوجين انتبه لحقيقةِ أنّه قد تسبّب بالمشاكل هذا اليوم .. لذا أسرع إلى حيث تناولوا وجبة الرّامن ليلة الأمس , وفي خاطره يُريد أن يعتذر إلى المدربة ميراي ؛ ويشكرها على كُل شيء !

هاهُو قد ابتهجَ عندما رأى رفاقه حيثُ حيّاهم : " صباح الخير .. " وقبل أن يتمّ حديثه بجملة أو اثنتين انتبه إلى أنّ ملامحهم كانت مضطربة , إضافة إلى أنّ المدربة ميراي لم تكن موجودة بينهم .. لا هي أو ميتال لي !

" صباح الخير إينوجين , تبدو بحالٍ جيدة " ردّت سارادا تحيّته بابتسامة كان من الواضح أنّها مصطنعة

" نعم شُكراً لاهتمامك " قال إينوجين بسعادة قبل أن يُقدّم لها نظارتها سريعاً " تفضّلي أنا أعتذر لقـ- .. "

" أين هُما ! " صرخ شيكاداي بعصبيّة دفعت إينوجين لأن يقطع حديثه " أين ذهب باروتو وميتسوكِي ؟؟ "

" لا تصرخ هكذا فجأة .. " بانزعاج قالت تشوتشو ثمّ أشارت ناحية جزء من الغابة " من الواضح أنّهما لحقا بالمدربة ميراي بحثاً عن لي , أي غبيّ سيكتشف هذا ؟! "

" سُحقاً " ضرب شيكاداي الأرض بعصبيّة غريبـة ..
" مُستحيل , لقد كانا هنا منذ لحظة ! " تمتم إينوجين

التفت شيكاداي ناحية إينوجين وهو يفكّر بأمر ما قبل أن يُسرع إلى حيث أشارت تشوتشو وقد حدّث نفسه : " إن كان الأمر كذلك يُمكنني اللّحاق بهما قبل أن تُلاحظ ميراي ! "

" شيكاداي انتظر .. " لاحقه إينوجين الذّي كان لا يفهم شيءً ممّا يحدث حوله , لكنّه كان موقناً أنّه أمر سيّء بناءً على ردّة فعل رفيقه !

" مهلاً لا يجب أن تبتعدوا من هُنا " صرخت سارادا بذلك لكن دونما إجابة , حيث تقدّم شيكاداي بسرعة يُلاحقه إينوجين ثمّ اختفيا عن الأنظار من بعد ذلك .. ضمّت سارادا ذراعيه ناحية صدرها وقد انتفخ خدّها حُنقاً " الأولاد .. دائماً هُم هكذا في كُل مرّة ! "

أخرجت تشوتشو كيس مُقرمشات من حقيبتها اليدويّة , تناولت منه حبّة ثمّ حبّتين وثلاثاً .. هبّت رياحاً خافةً على الفتاتين وقد خيّم الصمتُ بينهما لفترة إلى أن تحدّث تشوتشو ببرود " وإذاً , مالذّي نفعله الأن ! "

" بالطّبع ننتظر هُنا كما طلبت منّا المدربة ميراي ! " بوضوح أجابت سارادا
" حسناً .. " أيّدتها " وإذاً , هل تريدين واحداً ؟ " قدّمــت لها كيس مُقرمشات





" وجدتك أخيراً .. حمداً لله .. ظننت أنّي فقدتُك للأبد ! " بملابسه الحضراء المميّزة , وتسريحته الأكثر تميزاً , ميتال لي -والذي كان لا يفقه حقيقة المشكلة التي سبّبها- أمسك بمخلوق ذا فرو فضيّ بسعادة وراحة كبيرتين " شيرومارو-كن لماذا هربت من المُخيّم ؟ "

شيرومارو -ذو الفرو الفضيّ- نبح عدّة مراتٍ وهو يُحاول قول شيءٍ ما , وبالطّبع عجز ميتال لي أن يفهمه .. إنّه حضنه إلى صدره وقد تجمّعت الدّموع بعينيه " لقد كُنت خائفاً عليك كثيراً , أنا سعيد أنّك لم تتعرض للأذى .. حمداً لله ! "

واستمرّ بالتنهّد عدّة مراتٍ تعبيراً عن راحته , ثمّ تبدّلت ملامحه للجديّة " لا تفعل هذا مرّة أخرى .. " نبح شيرومارو بقوّة وكأنّه يقول له -حاضر- وقد هزّ ذيله تعبيراً عن السّعادة

" حسناً لنعد إلى المخيّم , من حُسن حظّي أنّك معي ! " قال ميتال ذلك وقد ترك الحريّة لشيرومارو كي يقوده إلى المخيّم , وفجأة سمع صوت اهتزاز قادم من خلفهما .. التفّت بحذر وقد بلع ريقه , أخذ نظره خاطفة عن يمينه وشماله وهو يستكشف مصدر هذا الصّوت

" ليييييييييي , هل تسمع صوتي ؟ .. " كان ذلك الصّوت مألوفاً لميتال لي حيث ابتهج وهو يتوجّه إلى صاحبه الذّي ما إن رآه حتّى قال بثقة " أوه وأخيراً عثرت عليك .. ميتسوكي إنّ لي هُنا .. أترى إنّه ليس ميتاً أيّها الماكر ! "

" باروتو .. وميتسوكي أيضاً .. " كان ميتال لي سعيداً جداً بالقدر الذّي جعل دموعه تنساب كما الشّلال " شُكراً لأنّكما قطعتما كُل هذه المسافة بخثاً عنّي ! "

" كُل مافي الأمر أنّ باروتو كان مصراً على فكرة أنّك ليست ميتاً -كما كُنت أعتقد- " عارضه ميتسوكي مصحّحا فكرته , لينزعج باروتو وقد وجّه حديثه إليه " ميتسوكي توقّف عن تحطيم مشاعرنا في كُل مرّة ! "

" لقد كنت أقول الحقيقة "
" ليس هــذا ما أعنيه .. "

نبح شيرومارو مرّتين ليقطع حوارهما , باروتو ما إن انتبه لوجوده حتّى صرخ " إيييه .. كُل هذه المشاكل كان بسببك أيها الكلب الغبيّ ! "

" لا تقل مثل هذه الكلمات يا باروتو " دافع ميتال لي عن شيرومارو " إنّ شيرومارو ليس غبياً على الإطلاق ! "

" كُلّكم أغبياء .. "

توجّهت أنظار الثّلاثة ناحية مصدر هذا الصّوت ليجدوا شيكاداي ينظر إليهم بعصبيّة ومن خلفه بخطوتين كان إينوجين ينظر إليهم وعلامات عدم الفهم واضحةٌ عليه , أعاد شيكاداي جملته بحدّة أكبر من ذي قبل " كُلّكم أغبياء .. جميعُكم .. تسبّبون المشاكل في كُل مرّة بغضّ النّظر عن .. "

ونظر إلى الأرض بانزعاج قبل أن يُتابع بحُنق " عن أنّ ذلك يُزعج ميراي جداً .. أنتم لا تفهمون الأمر .. ميراي تُحاول طوال الوقت منحنا أوقاتاً سعيدة ولكن في كُل مرّة ندفعها للاحباط .. أنا .. "

خُيّل إليه مظهر ميراي المُبتسمة وهي تقول -لا بأس- ثمّ تابع : " أنا لا أريد لتلك الابتسامة الكاذبة أن تظهر على ميراي مُجدداً .. لمَ لا تتوقّفون عن التّصرف بطفوليّة ولو قليلاً .. "

أشار بيده ناحية كُل واحدٍ منهم " إينوجين تسهر طوال الليل ؟ هل كُنت تحاول حراستنا أو ماشابه ؟ .. وأنت يا لي , تُلاحق كلباً فجأة رُغم أنّك تعلم بأنّ لديه القدرة للعودة إلينا متى شاء .. وأمّا أنت يا ميتسوكي فبسببك تخلّت ميراي عن حصّتها من الفطائر لعلمها بأنّك ستمنح باروتو بعضاً منها , لقد كان هذا مُتوقعاً ! .. وباروتو ! أنتَ هُو الأسوء , تتصرّف كما تشاء طوال الوقت دُون تفكير بالعواقب , من تخالُ نفسك ؟! .. "

شعر كُل من إينوجين وميتال لي بالخجل , ميتسوكي كان يتصرّف ببرود وفي الحقيقة هُو كان مُندهشاً من فِكرة أنّ أفعاله كانت واضحة .. أمّا باروتو فقد ضمّ كفيّه إلى جيُوب بنطاله ينتظر نهاية حديث شيكاداي ؛ والذي أردف : " لمَ لا تتركوا كُل شيء بيد ميراي .. إنّها المسؤولة عنّا الأن .. يُمكنها التكفّل بكل شيء ! "

" ومن قال لك بأنّي أريد ذلك ! " انفعل باروتو وقد كان يتوقّع أن يتطرّق شيكاداي إلى هذه النّقطة " ميراي تقوم بكل شيء وتطلب منّا انتظارها فقط , وفّرت الطّعام والمكان والخيمة وكُل شيء .. إنّها لا تثق بنا على الإطلاق ! "

" ماذا ؟ " أمسك شيكاداي بياقة قميص باروتو بعصبيّة , أمّا الأخير فقد تابع بجديّة " لا تُنكر الأمر .. ألا تُريد ذلك ؟ أن تثق بك ؟ "

" بالطّبع أريد .. "
ترك شيكاداي ياقة باروتو وابتعد عنه بخطوات مُشيحاً نظره عن البقيّة " ولكن كيف ؟ "

أغمض باروتو عينيه مُفكراً قبل أن ببتسم بحيويّة " بسيطة .. لنصطد الغداء ! "





عودةً إلى المُخيّم سارادا وتشوتشو تجلسان فوق بعض الصّخور بصمت , السّاعة آن ذلك قد بلغت التّاسعة والنّصف تقريباً .. وضوء الشّمس قد تمركز عليهما بحيث أنّ العرق بدأ يتصبّب منهما .. سارادا التي كانت تُحملق بالأرض لاحظت أنّ ظل كُل شيءٍ أصبح مُمتداً أكثر فأكثر .. لكن ما لفت انتباهها حقاً هو أنّ أحد الظّلال كان يتحرّك باتّجاههما , مسحت نظّارتها قبل أن تَرتديها مُجدداً لتتأكّد ممّا تراه .. ولم تلبث قليلاً حتّى ابتسمت بسعادة : " مُدربة ! "

تشوتشو التي كانت تنظر إلى الجهة المقابلة التفتت لتجد ميراي تتوجّه إليهما : " أوه وأخيراً , مُقرمشاتي نفذت تقريباً .. "

" كما توقعت ! " أزفرت ميراي عن ضِحكة مكتومة " أنتما فقط من بقي في المُخيّم كما أمرت , أولئك الفتيانُ حقاً .. "

" مُدربة لقد ذهبوا جميعاً منذ وقتٍ طويل ! " أخبرتها ســارادا
" هذه أمور متوقع من الذكور .. مجانين ! " علّقت تشوتشو

" حسناً , ليس بيدي حيلة .. لننتظرهم هُنا فقط " أمرتهم ميراي ثمّ تابعت مُباشرة موضّحة مقصدها " في النّهاية لي الصّغير كان يبحث عن الجرو فقط , أراهن على أنّهم مع بعضهم جميعاً الأن .. سوف يأتون في النّهاية , فشيرومارو يعرف رائحة المكان وسيدلّهم إلى هنا "

لم تتقبّل سارادا الأمر حيث تذمّرت " ولكن مُدربة .. "

" لا بأس ! " طمأنتها ميراي " هل يُمكنكما فقط أن تجمعا بعض عيدان الأخشاب , يجب أن نُشعل ناراً ! "

" نُشعل ناراً ؟ " استنكرت تشوتشو وهي تنظر للسّماء " في هذا الجوّ الحار ؟! "





في الجهة المقابلة من الغابة , إينوجين يقف وحيداً والارتباك واضح على وجهه : " كم أنا أحمق كبير .. "

ومن خلفة بمسافة , خلف احدى الشجيرات المتشابكة كان هُنالك باروتو الذي يضحك بحماسة وبرفقته شيكاداي الذّي سأل مُستفسراً : " لا أعتقد بأني فهمت جيداً , ماذا كانت خطتك مجدداً ؟ "

أغمض باروتو عينيه مُهمهماً دلالةً على التّفكير قبل أن يُجيبه بثقة : " بسيطة .. شيرومارو يبحث عن الغداء , ميتسوكي ولي يُراقبان من الأمام , أنا وأنت نحرس من الخلف , إينوجين هُو الطّعم ! "

" ولمَ أنا الذّي يجب عليه أن يكون الطّعم ؟! " صرخ إينوجين بعصبيّة وقد تمكّن من الاستماع إلى بعض حديثهما

" لأنّك خائف حتّى الموت والحيوانات تنجذب للخوف .. " أجابه باروتو وهو يشجّعه " نحن سوف نحميك فثق بنا , ألست الشّخص الذّي كان مُتحمساً لتنفيذ فكرتي ؟! "

" بالطّبع أنا مُتحمّس .. " صرخ إينوجين " .. شرط أن لا أكون أنا الطّعم ! "
" بغضّ النّظر عن ذلك .. هذه الخطّة .. مليئة بالثغرات ! " تنهّد شيكــــــاداي

" لن تعرف حتّى نُجرب .. " قــــال باروتو بثقة قبل أن يسقط حجر بالقرب منهم " إنّها الإشارة , إينوجين كُن ثابتاً في مكانك .. لا تتحرّك حتّى لو رأيت دباً ! "

" ماذا ؟ " انفعل إينوجين بخوف

أصواتُ تحرّكات مجنونة كانت تقترب منهم , لتظهر أعداد كبيرة من الأرانب الهاربة ومن خلفها شيرومارو ينبح عدّة مراتٍ قبل أن يتركها تنطلق بحريّة .. حيث -وكما خمّن باروتو- قفزت والتّفت -لسبب ما- حول إينوجين الذّي أغمض عينيه وقد تجمّد في مكانه .. ومباشرةً قفز باروتو وشيكاداي من الخلف للإمساك بأكبر عدد منها , وأمّا الهاربون فقد نجح ميتال لي بالإمساك ببعضهم .. ولكنّ أكبر عدد تمّ امساكه كان من نصيب شيرومارو -الذّي كان مُدرباً على ذلك- , وهكذا قاموا بربط جميع الأرانب بحبال جهّزوها مسبقاً !

" عظيم .. لقد أمسكت بالسيّد أرنب والآنسة أرنب ! " قال ميتال لــي وقد أمسك باثنين

" لا تصفهمها بهذه الطّريقة إن كنّا سنأكلهم بالنّهاية ! " نهره باروتو وقد أمسك بواحد

" افتح عينيك إينوجين لقد انتهى كُل شيء " طمأنــــه شيكاداي وقـد أمسـك بواحد كذلك

" واحد.. ثلاثة.. خمسة.. شيرومارو أنت الأفضل ! " بابتهاج واندهاش قـال ميتال لي

" سوف أمنحك مكافأة عظيمة عندما نعود " ربت باروتو على رأس الكلب النّابح بفخر

" هل أنت بخير إينوجين ؟ " تساءل شيكاداي

" لا تسأل حتّى " تنهّد إينوجين " لنعد رجـاءً "

" نجحت الخطّة إذاً " من فوقِ احدى الشّجيرات كـــــان هُنالك ميتسوكي

" ميتسوكي أين كُنت ؟ .. لمَ لمْ تساعدنا كما اتّفقنا ؟ " تساءل باروتو

" .. لقد اكتشفت شيءً رائعاً .. " أوضح ميتسوكي بابتسامة "
.. لكن من الصّعب أن أحمله لوحدي ! "

لحق به باروتو وعدم الفهم والتّرقب واضحين على مُحيّاه , اختفى لبضع ثوانٍ قبل أن يُسمع صوته العالي والمُندهش " عظيم .. إنّه اكتشاف مُذهل ! "

استغرب البقيّة في حين لم يمضي قليلٌ حتّى عادِ كُل من باروتو وميتسوكِي وهُما يجرّان عربة صغيرة , تحلّق الفتيان حولها باندهاش في حين ركلها ميتسوكي بقدمه عدّة مرات " إنّها قديمة لكن قويّة , عجلاتها ما تزال ثابتة ويُمكننا الاستفادة منها في كثير من الأمور .. "

تبادل الفتيان الابتسامة قبل أن يقوموا بإلقاء الأرانب واحداً تلو الأخر بمجموع تسعة أرانب .. وقف كُل من ميتسوكي ولي في المقدّمة حيث أمسك كُل منهما بالعصا المثبّتة بالعربة والتي تُستخدم للدفع من الأمام , في حين كان باروتو وشيكاداي يدفعان العربة من الخلف .. أما إينوجين ؛ فقد استلقى فوق العربة بتعب مُتمتماً بـ : " أخبروني عندما نصل ! "

" ادفع معنا أيها الكسول ! " تذمّر باروتو

" لقد قُمت بأصعب مهمّة في الصّيد .. " اعتدل إينوجين جالساً " .. إضافة إلى أنّني لم آكل شيءً منذ الصّباح -بسبب مقلب أحدهم- .. إنني مُرهق ! "

" لستَ الوحيد ! , لقد تم حرمانِي من الفطور بسببك ! " عارضه باروتو ليبادله ميتسوكي ابتسامة ذات مغزى ؛ والتي دفعت باروتو للتنهد " حسناً حسناً "

" يُوش , نحن نعتمد إليك شيرومارو .. أعدنا إلى المُخيّم ! " وبدأو بالسّير على خُطى الجرو الذّي ظلّ ينبح عدّة مرات وهو يحثّهم على اللّحاق به ..





" لقد تأخّروا " سارادا التي كانت تقف قريباً من الأشجار قالت ذلك بقلق " لقد مرّت خمس ساعات تقريباً .. " كان الواضح عليها أنّها ظلّت واقفة هكذا لساعة أو أكثر ؛ فأثار حذائها كانت بارزة جداً على التُربة الواقفة فوقها

" ســارادا ! "
" مُدربة .. "

اقتربت ميراي من سارادا لتربت على رأسها وقد تساءلت " لماذا أنتِ قلقة جداً ؟ "
رمقتها سارادا بنظرات مستنكرة " أنا لا أفهم ؟ .. هل أحتـاج لسببٍ كــي أقلق ؟! "

أزفرت ميراي عن ضحكة مُندهشة " أنتِ رائعة يا سارادا ! " أخذت بيدها بعد ذلك " أعدك بأن كُل شيء سيكون على ما يُرام .. إنّنا في الظّهيرة الأن .. لنحتمي داخل الخيمة !! "

" ولكنّك تتصرفّين بغرابة ! " هذا ما حدّثت به سارادا نفسها بقلق , لقد تذكّرت أنّها قرأت بكتاب الأكادميّة أنّه يُمكن للجواسِيس من الشّنوبي التخفّي والتنكّر بأشكال غيرهم , حدّثت نفسها بقلق وهي تتذكّر ذلك : " هل يُمكن أن يحدث ذلك حقاً ؟ المدربة ميراي تبدو وكأنّها لا تهتم بنا .. كيف لا تقلق على البقيّة وقد تأخروا خمس ساعاتٍ أو أكثر ! , إنّهم بالتأكيد ضائعون .. وربّما .. "

دخلتا إلى الخيمة حيثُ كانت تشوتشو تُخرج عدداً مهوّلا من الصّور تُريد عرضها للمدربة ميراي التي اندمجت معها بحماسة .. سارادا بلعت ريقها بصعوبة قبل أن تُشاركهم الحديث وفي داخلها قلقٌ كبير , وشكّ أكبر !

وبعيداً حيثُ الفتيان يتحركُون , ظلّ غامِض يُلاحقهم بخطواتٍ ثقيلة .. وبطيئة !

.
.
.

ترقّبوا الجزء الثّاني من clap1
الثّقة على طريقة الشّنوبي !


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________





رد مع اقتباس