عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-05-2015, 10:10 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www4.0zz0.com/2015/09/21/23/470405668.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل الرابع


كانت قد مرت بضعه اسابيع على عودتها من باريس حين وصلتها دعوه لاقامه حفل في القاهره
راحت وكأنها تفاوضها على قضيه الشرق الاوسط
ففي القاهره ليس اهل كما في باريس ومادادري والدتها في اي وسط تكون ؟
في الواقع هي لاتريدها ان تغني تخشى عليها من كل شيلوا استطاعت ابقائها في البيت
تراها غزالا يتحينون نحره ليفوزوا بمسكه
اما هي فتعتقد ان غزالا في البيت ليس غزالا بل دجاجه لقد خلقت الغزلان لتركض في البراري
منذ اشهر وهي تدرس الموسيقى والان تشعر ان بمكانها مواجهه اصعب جمهور الجمهور المصري
ايه مغامره ان تقبل بتقديم الحفل في القاهره!
عرضت على والدتها ان ترافقها قصد طمأنتها وتغير مزجهاقليلا
لم يكن يفصلها عن الحفل سوى ساعات حين بلغها ان احدهم اشترى قبل ايام كل البطاقات
صحييح انه حفل خيري كان بمكانه ان يشتري كم من التذاكر والتبرع بالبقيه المبلغ
سوء اعتقاده انه يساوي الحضور جميعا لانه يملك اكثر ممايكون وباي حق يحرم الناس الحضور فقط يظري
ماذايفعل بماله وبحث عن وسيله تؤمن له اعلانا في الجرائد كفاعل خير
رودتها فكره رفض الغناء كي تلقن هذا الرجل درسا في التواضع
غير ان متعهد الحفل ابلغها بعد نقاش منطقي ان عليها في هذه الحاله ان تدفع ماتكبده من خسائر
لاول مره شعرت ان مافي جيبها لا يغطي منسوب كرامتها
_من هذا الرجل ؟
لقد حضر احدهم ودفع المبلغ باسم احدى الشركات ربما كان احد رجاله ماترك مجال للسؤال
قالت بتهكم":
لعله يكون شيخ قبيله ويحتاج الى قاعه باكملها
ان كان اميرا لا يحضر لا هو ولا قبيلته
عاشت ساعتين الحفل بتوتر عال وفي انتضار ان يرفع الستار عن الجواب من هذا الرجل
كانت تزاد عصبيه كلما اقترب الحفل من دون ان يكون في القاعه اي وجود لتلك الحركه التي تسبق
الحفلات عاده
مااذا لو لم يحضر
بدأمزاجها يسوء قررت تفاديا للمفاجات ان تخبر اعضاء الفرقه انهم بنتضار شخص واحد
سال احد العازفين :
_ولو حضرتو ماقاشي نعمل ايه؟
_مالنا بيه يقي او مايقيش احنا شغالين
-ومالو دي ام كلثوم تغني للكراسي ثلاث ساعات
راح العازف يحكي تفاصيل القصه وكئنو عايشها
ساله الثاني غير مصدق
عرفت القصه منين؟؟
_كتيتها الست في مذكراتها دي بنتنكت وهي بتحكيها
بيقول : انبسطت قوي يومها .أصل دي كانت اول مره تغني بيها في الريف من غير معازيم يكسرو الكراسي على بعض
كانت الساعه التاسعه تماما عندما جاء من يخبرها ان بمكانها ان تبدا الحفل وجدت في احترام الوقت المعلن
مايواسي كرامتها لقد حضر السيد على الوقت وهذا جميل وتادر في القاهره
بدأت الفرقه العزف تمهيدا لظهورها في المسرح
ثم طلت بثوب اسود كبجعه سوداء داخل ثوب اسود من الموسلين لكنها ماريا كلاس
في ثوب اوبرالي لايزينه الا جيدها العاري وشعر الاسود مرفوع الى اعلى
انها الفتنه في بساطتها العصيه .
اختارت هذه الطله لتبهر بها القاهره ,لكنها تجمدت على المنصه وهي تتأمل المشهد الغريب
بالتزامن مع ظهورها كان رجل انيق يدخل القاعه من البوابه الرئيسيهفي ابهه واضحه
محاطا بمرافقيه وتوقعت ان ياخذو مكانهم جواره
ولكنها استنتجت بعد ذالك وهو يعطي احدهم معطفه ويناوله ورقه نقديه
انهم موظفون المسرح حضروا لاستقباله ليس اكثر
اخذ الرجل مكانه يمين المسرح في منتصف الرابع حياها بحركه راسه وبدا جاهز لسماعها.
لم تعلم انها كان يجب ان تحييه قبل ان تشرع في الغناء وهل تتوجه
بكلامها الى الجمهور او الي السيد
الذي غطى بكرمه كل المقاعد الشاغره
اتشكره على سخائه ؟ام تقول مايؤلمه ويجعله يغادر القاعه,فيكون هو من اخل بالعقد
حضرها قول قرائه يوما باموالك بمكانك ان تشتري ملايين لامتار من الاراضي لكنك في النهايهلن تستقر
بجسدك الادخل متر ونصف من القشهر كل هذه الامتار
تمنيت لو قالت له انه اشترى بماله كل هذه المقاعد لكنه لا يستطيع ان يجلس الا على مقعد واحد
حاولت ان تضبط مشاعرها وان تظل على هدوئها وان تغني للكراسي الشاغره كما لو كانت في نهايه كل اغنيه
كان تصفيق اليدين الواحدتين يطيح اوهامها
التصفيق كما التصويت لايكون الا عن شخص واحد
لا يمكن ان تدلي باكثر من صوت ولا تصفق باكثر اليدين مهما حاولت
كيوم ذهب والدها الى العاصمه لحضور حفل للسيد مكاوي ولسو التنظيم
لم يسمع بالحفل سوى قله من الناس
فراح حياء يصفق كثيرا بعد كل اغنيه ليقنع الضرير بأن الحضور اكثر مما هو
في القاعه لكن الاعمى لا يرى باذنيه ولايحتاج عينيه الا للبكاءلذا
لم يلحظ احدا حزنه خلف النظارات السودا
فليكن ستغني لهذا الغريب الذي يجلس بين ثقه وارتباكها بين عتمته وضوئها
فلقد اشترى لمده زمنيه صوتها لا حبلها الصوتيه اثناء الغناء
لم تتوقف عن مدى حديث مع نفسها ,فالموقف غريب ولا تذكر انها سمعت بمطربه غنت لقاعه مودحمه الا من الكراسي
ما دام والدها ولا احد غيره من قرر ذلك .قصد صاحب الفرح ليعيد اليه الخمسين قرشا التي رفضها .لكن الرجل رفض استعادتها شفقه
عليهم (( ياسيدي ماعليش اعتبرها زكاه )) قالها ونصرف .
عاده مايحتاج المغني او الخطيب من موقع اطلالته على قاعه
الى ان يتوجه الى وجه واحد , ولا يعرفه بالضروره لكنه يرتاح اليه وجه.
يختصر كل الحضور يقرا على الصفحات اثر مايؤديه .لكن كيف التعامل
مع وجه رجل يلغي القاعه ولا يترك بحضوره الرصين الصامت الخالي
ماذا لو كان مهووسا او قاتلا ؟ هي دائما تفكر في الاحتمالات الاسوا قرائت مره ان احدهم في اسبانيا قام من مقعده اثناء الحفل غنائي واطلق النار على المغني وهو يؤدي الاغنيه
افكار كثيره عبرتها على مدى ساعتين . كانت تغني فيها تاره
لعاشقها وطورا لقاتلها ومره لرجل تحتقره واخرى لرجل لم تستطع ان تمنع نفسها من الاعجاب به
بتلك المسافه التي وضعتها بينه وبينها
ليوهمها بكثرته وليمنح صوتها مسافه الشدو وطليقا ولانها لم تستطع
أن تتبين ملامحه تماما،كانت تستعجل نهاية الحفل يحضر ليعرفها بنفسه. تركت أغنيتها ا?جمل للختام،بعدما تحسن مزاجها أغنية بعد أخرى،وبدأت هي نفسها تتواطأ مع جمالية الموقف وشاعرية الغناء مصحوبة بفرقة كاملة،في قاعة فارغة.إلا من رجل واحد! انحت انحناءة كاملة،ردا على وقوفه عند انتهاء الحفل،ووقفت الفرقة خلفها تحيية. كان مشهدا غريبا وآسرا، في أحاسيسه المجنونة والفريدة.كاد قلبها أن يتوقف أكثر من مرة، في انتظار الدقيقة التي سيتقدم فيها منها. ماذا تراه سيقول لها؟وبماذا سترد عليه؟أتشكره؟وعم تشكره؟أم تسأله لماذا؟ومن يكون؟لا بل ستشكره فقط. وغدا ستعرف من الجرائد من يكون.لتدعه يعتقد أن اسمه لا يثير فضولها.سيقتله ا?مر قهرا.أن تتحاش سؤاله عن اسمه،كأن تترفع عن معرفة حدود سطوته،هل ثمة إهانه أكبر! أثناء ذلك،جاء أحد موظفي المسرح،وقدم لها باقة التوليب إياها.لم تشغلها المفاجأة.منذ أشهر وهي تتلقى الورود نفسها فى كل حفل تقدمه. لم يكن يشغلها غير هذا الرجل الواقف على بعد خطوات منها. لكن قلبها خفق عندما حضرت فتاة إلى المنصة، لتقدم لها باقة ورود حمراء.استنتجت من تنسيقها وضخامتها أنها منه. عبرها شعور لذيذ..أمدت قائد الفرقة الذي كان واقفا خلفها بباقة التوليب،وحضنت بذراعها اليسرى الورود الحمراء امتنانا منها لصاحبها.
اتضخمي ا?شياء،أنت ياعزيزتي مفرطة في عزة النفس. -هذا أفضل من أن أفرط بنفسي.ألا ترين في تصرق هذا الرجل غطرسة واضحة؟حتى الورود التي بعث لي بها ليست مرفقة ببطاقة كما نقتضي اللياقة. -أكنت تريدينه أن يجثو عند قدميك؟إن الورود الحمراء لا تحتاج إلى بطاقة.من الواضح أنه متيم،يكفى مادفع ليستمع وحده إليك،هذا تكريم لم تحظ به على علمي مكربة عربية. -تسمين هذا تكريما؟! كانتا تهمان بالمغادرة عندما صادفتا قائد الفرقة.قال وهو يمسك بباقة التواليب: -مستنى حضرتك عشان أعطيك باقة الورود اللي سبتيها معايا. بالمناسبة،إيه رأيك في الحفل؟ قالت وهي تأخذ منه الباقة:
حال وصولها إلى جناحها غيرت ثيابها،وجلست مسندة إلى ظهر السرير. كانت على عجل أن تجلس إلى نفسها قليلا تستعيد ما عاشته من هزات نفسية في سهرة واحدة،عساها تفهم ماحل بها. لو كانت وحدها لبكت ا?ن،لكن نجلاء،في اجتيهاحها لها،تفسد عليها آخر ما تبقى لها من سعادة:حزنها. طلبت نجلاء من خدمة الغرف إحضار مزهرية ثم سألتها: -هل أطلب لك شيئا للعشاء؟ ردت: -وجبة ا?هانة كانت دسمة حد إفقادي الشهية. -يا الله كم أنت عنيدة ومكابرة،تدرين ما تحتاجينه ا?كثر: إعادة تأهل نفسي كي تتأقلمي مع هذا العالم،?ن العالم يا عزيزتي لن يقوم بجهد التأقلم معك!سأطلب لي شيئا،إني جائعة..بإمكانك أن تقدمي لي عشاء فاخرا الليلة أليس كذلك؟..مادمت أنت المشهورة والثرية بيننا! -أنا دائما ثرية.أطلبي ماشئت! -بالمناسبة،هل عرفت كم دفع هذا الرجل ثمن الحفل؟ -لا أريد أن أعرف! كانت نجلاء تهمى بوضع الورود في المزهرية عندما عثرت على بطاقة صغيرة ملصقة بالباقة،قرأتها ثم صاحت: -حسنا فعلت ألا تتعشي الليلة، فأنت مدعوة للعشاء غدا في مطعم على ظهر مركب عائم في النيل. انتفضت جالسة.أخذت منها البطاقة. "هل تقبلين دعوتي غدا للعشاء؟
علقت نج?ء بتهكم هي تشرع في ا?كل : -ياسيدة الضوء الداخلي أبشري، ستشقين بضوئك.ما أدرانى،ربما كان هذا قدرك ما داموا قد سموك هالة.. ثم أنا جائعة،أتودين الانضمام إلى أم ستاكلين البطاقة؟! ضحكت وانضمت إليها: -لن آكل البطاقة،لكن أتمنى لو استطعت التهام الوقت..بي فضول جارف لمعرفة من يكون هذا الرجل .. أم لعله يمتحنني هذه المرة أيضا وقد يتركني في المطعم؟ -لا أدري أين تعثرين على مجانينك! -عندما تقرئين البطاقات التي يرسلها مع الورود تجزمين أنه شاعر. -وربما كان صاحب محل الورود ويعمل شاعرا في أوقات فراغه. -كفي عن المزاح. إن مايحيرني حقا هو كيف يدري بتواريخ حفلاتي ومواعيد ظهوري على التلفزون،وكيف يتمكن من أن يرسل لي ورودا حيثما أكون.. -أيتها ا?مية،لا يحتاج ا?مر إلى قارئة فنجان. بإمكانك با?نترنت أن تعرفي كل شيء عن المشاهير:حفلاتهم،تنقلاتهم.. أما الورود فثمة شركات عالمية تتكفل بإرسال باقتك في اليوم نفسه إلى أي مكان في العالم،يكفي أن تصفي لهم أي نوع من الورد تريدين. وهذه الباقة ربما يكون بعثها لك من أي مكان في العالم. -أنت على حق. لو كان اليوم في القاهرة لدعاني الليلة إلى العشاء. لماذا ينتظر إلى غد؟ -من مؤكد أنه رجل ثري ليرسل لك ورودا أينما كنت في العالم!
لكن الرجل اكتفى بالرد عليها ملوحا بيده،تحية شكر ووداع في آن،وتركها مذهولة،وهي تراه يغادر القاعة،مطوقا بالموظفين الطامعين في إكرامية. أي رجل هذا،ومن يخال نفسه؟! كيف استطاع أن يجعلها تغني له على مدى ساعتين،ثم يوليها ظهره ويغادر القاعة؟لم يصافحها.لم يلمس يدها.لم يلمس حتى سمعها بكلمة شكر. رفع يده يحييها من بعيد ومضى. لم يمنحها فرصة أن لا تقول. أن تطرح سؤالا أو لا تطرح. إنه إمعان في ا?هانة.حتى وروده الحمراء،كانت خرساء وكتومة مثله،لا ترافقها أية بطاقة شكر.أهو أكبر من أن يضع اسمه على بطاقة ؟أم يراها أصغر من أن تكون أهلا لبضع كلمات بخط يده. غادرت المسرح إلى مقصورتها مدمرة. خلعت فستان السهرة على عجل. لم يكن هناك أحد ليهنئها أو ليشكرها. كل إدارة المسرح وموظفيه كانوا في وداع"السيد الكريم" وحدها نجلاء شعرت بحزنها. قالت وهى تساعدها على جمع أشيائها : -كنت رائعة.. وعندما لم تسمع جوابا واصلت: -أفهم أن ا?مر ما كان سهلا،ولكنها تجربة جميلة ومثيرة.. الغناء لشخص واحد! ردت: -ماكان شخصا.. إن من يحجز قاعة بأكملها ليستمع وحده إلى حفل،يخال نفسه إلها.لذا كان ضربا من الكفر أن أقبل الغناء له.
وقد لايكون ثريا والرومنسيه لا علاقه لها بالامكانيات الماديه
ربما كان الغى بعض مصارفه الخاصه ليبعث لي باقات ورد او ليدعوني غدا للعشاء في مطعم كبير .
ياللحماقه لا افهم اصرارك على انه رجل غير ثري
لان الاثريا على عجله من امرهم هم لايملكون طول النفس
سترين غدا سيصنع اهم خبر في الصحافه المصريه.
وضعت من كل شي اقله وذهبت اليه بسيطه كالفراشه
السوقى وكفراشه تاخرت ماتوقعت ان يكون اجتياز شوارع القاهره في تلك الساعه
من المساء اطول من عمر انتظارها فيه كان اطول .وحين بلغته فقط تنبهت ان هذا الرجل يتقن لعبه الغموض
نجح كعادته في استدرادها الى عمته
كمن ياخذذ قطارا دون ان يسأل عن وجهته وتاخر الوقت على الاسئله
مذ دلفت باب المطعم اصبحت داخل القاطره
القت نظره خجوله على المكان ولا يخجل من اشهار فخامته
اعادت النظر في الطاولات الموزعه بطريقه تحفظ حميميه الزبائن ورقي المكان
قررت قلب قوانين اللعبه وتجلس الى طاوله شاغره وليحضر هو اليها مادام يعرفها
فمن غير المعقول لامراه في شهرتها ان تبقى واقفه هكذا في بهو المطعم
قصدت طاوله توقعت انه سيختارها في زاويه جميله تضيئها انوار خارجيه تتلالا على سطح النيل
ان المكان طرف ثالث في اول موعد وعليها ان لا تخطاء في اختيار الطاوله
هذا اذا لم يكن قد حجز طاوله لا علم له بها
اغلق جهاز الهاتف النقال الذي كان يتحدث به ووقف يسلم عليها ولم تفهم ان كان ينتظرها ام ففوجئ
بوجودها مد يدها نحوه فانحتى يضع فبله عليها لم تصدق عينيها
قال مرحبا
سعاده كبيره ان احضى برؤيتك اليوم ايضا
قبل ان ترد او تسترد انفاسها كان النادل يسحب لها الكرسي
جلست وهي تفكر في الرجل الاخر ماذا لو جاء او لو كان الان
على طاوله اخرى يرها تجلس مع غيره
ظلت تسترق النظر بين حين والاخر
قال
ماتوقعت ان يجمعنا يوما هذا المكان
زاد شكها انه قد يكون وجد هناك مصادفه احاسيس متناقضه غدا ذعرها في ان يحضر الاخر ولا تدري حينها من تجلس
هلق وقد لاحظ ارتباكها وتلفتها بين الحين والاخر
-هل ازعجك شئ ما؟
-لا لا ابدا
كان هذا اول ما لفظته
امامها الان كل الوقت لتتامله عن قرب
رجل خمسيني بابتسامه على مشارف الصيف وبكابه راقيه لم ترا لها سببا
ولم يقربه الشيب بفضل الصبغه لاحقا ستعرف ان رجلا يصبغ شعره
يخفي حتما امرا ما . رجل مهذب النظرات نهذب النوايا يقبل يدها بارستقراطيه عاطفيه
كمن يضع مسافه بينه وبين غيره من عامه الرجال
مثله ارقى من غباء قبله على الخد او نفاق مصافحه يد
بدئت تندم على الثوب الذي جاءت به وكان يمكن ان ترتدي اغلى منه ,وعلى شعرها الذي لم تغير تسريحته
لكن لا يهم ان تكون الساحره قد خذلتها في موعدها الاول , فهي لا تريد الليله ان تكون سندريلا كان لها
اشعاع الكائن المشتهي وهذا يكفيها
قال:
-اشكرك على سهره البارحه سعدت بان انفرد بصوتك
ردت بمكر :
توقعت ان يسعدك اكثر المل الخيري الذي قمت به
احاب:
لاباس ان يكون الخير ذريعه لاسعاد انفسنا ايضا
كانت تسال ان كان يرعي الاعمال الخيريه ام ان الاعمال الخيريه تراعي مكاسبه
لكن السؤال ماكان مناسبا للعشاء اول
-هل احببت الاغاني التي دمتها؟
-احببت ان تغني لي وحدي.

راح قلبها يخفق من وقع المفاجاه .ضلت للحضات صامته تعيد ترتيب اولويتها
وتستعيد مكالماتها في لك الزمن الاول تتامل هذا الرجل الذي على مدى اشهر اسعدها والمها واخبرها وتخلى عنها
دللها واهانها جاءها وجاء بها كلما شاء هاهو ذا اذا عبثا وضعت لصوته وجها وللغه مهنه ولجيبه سقفا
دوما زور لها الاشارات لعله حان وقت طرح الاسئله
_هل لي ان اسال ماذا تعمل في الحياه؟
رد ساخرا
_لوكان لي الخيار باااان اختار لما كنت غير بائع الازهار فان فاتني الربح لايفوتني العطر
_امنيه جميله
انها امنيه اشترك فيها مع عمر بن الخطاب هو من قالها
-تبدو قارئا جيد
_ليس تماما, لكنني احفظ كل ما احب عندما يتعلق الامر بثافه الحياه اعني مباهجها.
_تدري قلت البارحه لابنه خالتي انني اكاد اجزم ان هذا الرجل
يملك محلا للورد , فردت مازحه ويعمل شاعرا في اوقات فراغه.
_صححيها انا شاعر بدوام كامل واعمل بين حين والاخر رجل اعمال.
هل تكتب الشعر حقا؟
اكتبه ؟لا تلك هوايه المفلسين انا اعيشه بامكنك ان تصنعي من كل يوم تعيشينه قصيده
اضاف بعد شيءمن الصمت
لي مثلا معك دواووين شعر ساطلعك عليها يوما .
قالت مندهشه :
_معي؟
اجاب كمن يطمئنها :
_المشاريع الجميله قصائد ايضا .. كهذا العشاء مثلا سبعه اشهر من المثابره والحلم والتخطيط له من اجل بلوغ لحظه كهذه
اليس وجودها هنا نصا شعريا؟!
اخذ جرعه من النبيذ كما لو كان يحتسي لتلك اللحظه
علقت:
_جنون كان يمكن للامور ان تكو اسهل
_ الاسهل ليس الاجمل اذا كان الطريق سهلا فاخترع الحواجز
_اما انا فلم اجد غير الحواجر وكان علي اختراع الطريق
_كل المتفوقين في الحياه اخترعوا طريقهم تدرين الفوز في المعارك ذات الشأن الكبير يجعلنا اجمل
الناجحون جميلون دائما . اما لاحظت هذا حتى صوتك ماكان يمكن ان يكون جميلا الى هذا الحد
لو لم ينجح في امتحان التحدي.
ظلت صامته .
حتما هو استقى مايعرفه عنها من مقابلات تلفزيونيه .لكن العجيب انه يتكلم افضل منها عن نفسها
ويوفر عليها الاسئله بل :
السؤال الاهم لماذا هي؟؟
لماذا التوليب بالذات وذلك اللون البنفسجي؟
_ربما كنتٍ تفضلينها حمرا كتلك الباقه التي تحتضنينها البارحه ببهجه , وسلمت الاخرى لقائد الغرفه.
كانت في برهه تهكم ذكي لايخلو من المراره .علت وجنتيها حمره الارتباك وقالت المعذره
فعلت ذالك اركرما لك ضننتها منك
رد بتهكم :
تعنين ظننتها من السيد الذي حجز قاعه كامله ليجلس امامك والاخرى من ذالك الذي يطاردك بباقات التوليب
منذ اشهراسقط بيدها ردت وقد حشرها في ركن الحقيقه
في تلك اللحظه كان يعني الرجل الجالس امامي فهو سيد الحفل
_انت تعرفين اذا بانك انحزت لسطوه المال واهنت المشاعر
قالت بعد لحظه صمت شردت فيها بافكارها
_ اتكون من بعث لي الباقه الحرا لتختبرني ؟
رد متهمكا:
لا لست انا تلك سله لا تشبهني
فتح محفظته الجلديه فاخره سودا يحتفظ فيها بلوزم غليونه
وراح يحشي الغليون بتبغ
ترك بينهما شياء من الصمت وموسيقى على البيانو تعزفها السيده الشقراء حضر النادل
قال ممازحا وملطفا للاجواء
_حتى الحلويات لاتخلعين الحداد؟
ردت ضاحكه :
_ بامكاني ان اقاوم كل شي الا الشكولا هزمت الارهابيين وهزمتني الشكولاته

- ربما يعنيك اذا خبر منتجع جديد لمدمني الشوكولا، كل خدماته قائمة على الشوكولا. المشروبات والوجبات الرئيسية. الحلويات. وحتى جسات التدليك ومغطس الحمام من الشوكولا السائله.
- هل زرته ؟
- لا .. حدثتني عنه صديقة أمضت فيه عدة ايام. انها مجنونة شوكولا أيضا.
شيء ما فاجأها .. أو أزعجها، فقالت:
- حتما يكون انتهى بها الامر لكراهية الشوكولا
- هذا المقصود. ان تشفى من شيء عبر الافراط منه.
- وانت الا تحب الشوكولا ؟
- طبها، لكن انا سيد شهواتي.
ما الذي جعله لحضتها الذ من قطعة الشوكولا التي تذوب في فمها ؟ هو "سيد الشهوات" و "اله الوائد" و "سلطان النشوة" و "الملك" على قاعة بأكملها لا مستمتع فيها سواه. أأسرها بقوة شخصيته؟ ام بكل ما فعله لبلوغ تلك اللحضة ؟ ام ايضا بسبب طيف المرأة "الصديقة" الذي تعمد ان يتركه يعبر كما دون قصد بينهما ؟ ما توقعت ان رجلا مهووسا بها الى ذلك الحد يمكن ان تكون في حياته امرأة سواها.
هي لا تدري انه ضمن أطباق العشاء ترك لها الغيرة .. للتحلية.
شعرت انها بدأت التزلج على الحب. كم من المشاعر الشاهقة والانحدارات المباغتة عاشتها معه خلال ساعتين. أذهلها بتلك الكاريزما التي تعطي كلماته وزنا خفيفا ورصينا في أن ، لانه يبدو قد قام بجهد للبحث عنها. انه لا يقول الا نفسه. هذا ما اوقعها في اسره أيام كان يحدثها على الهتف . حتى انه اقنعها بمنطق اختبار علاقتهما في مطار، وقبلت قانون اللعبة، فخسرت الرهان.
عندما اخرج بطاقته المصرفية ليدفع الحساب، أخرج معها بطاقة اخرى عيها اسمه الكامل فقط. كتب على ظهرها رقم هاتفه ومدها قائلا: " كلميني متى شئتي". كان رقما فرنسيا لا تعرفه.
"الآلهة " لا تحتاج الى إضافة اي تعريف اى اسمها. لا تذكر لك مهنتها ومناصبها اسابقة أو الحالية، ولا أسماء شركاتها وعناوينها. ذلك من عادة البسطاء وحديثي النعمة من البشر.
هذا ما ستدركه لاحقا.
كمن فاز في اليانصيب، شعرت أنها تملك الرقم اسحري، والاسم الذي حيرها هدة أشهر.
امد الموظف بورقة نقدية. طلب منه ان يطلب سيارته، ويدفع للسائق أجرته مسبقا. انتظر معها وصول السيارة، وعندما انطلقت بها فقط ركب خلف سائقه وانطلق.
كان واضحا ان الرجل الذي شغل مقعدا واحدا في القاعة، قد قرر الا يبقي على مقعد واحد شاغر في قلبها.
ذلك الموعد القدري معه كان محتوما.
كان حبهما ابنا شرعيا لقدر ثمل بتهكم الاضداد. " لا تذهبي بقلبك كله" قال لها عقلها. لكنها ذهبت بقلبها كله .. وعادت بلا هقل.
سألتها نجلاء بلهفة الفضول وقد انتظرت عودتها لتنام:
- هل كان وسيما ؟
- بل كان الوقت وسيما به.
لم تفهم نجلاء شيئا من هذه اللغة التي تكلمها بها هالة. عاودت طرح سؤالها:
- طيب، عدا هذا، هل هو جميل ؟
- كان كاريزماتيا جدا ويعلم جيدا بذلك. وهذا ما يمنحه جاذبية آسره.
- يعني كان وسيما.
- وما حاجة الاثرياء للوسامة .. انهم يبدون دائما أجمل مما هم . انهم جميلون بقدر ما يملكون.
في الواقع ماكانت معنية بثرائه، بل بافتقارها الى الصبر معه. مذ عادت من القاهرة وهي على لهفة لتراه. في حالة دوار عشقي، كأنما إعصار حب يأخذها ريشة في مهب هذا الرجل، من قبل حتى ان يترك لها وقتا لسبر حقيقته.
هو ايضا يحتاج الى رؤيتها مجددا. غير انه ليس على عجل من أمره. الان فقط بدأت متعته. اللهفة غدت شأنها. هو لم يقل لها شيئا بعد. وقد يعود ولن يقول لها سوى نصف الاشياء. عن دهاء، بل عن كبرياء سيحتفظ بنصف الحقيقة لنفسه.
الكبرياء ان تقول الاشياء في نصف كلمة، الا تكرر. الا تصر. ان لا يراك الاخر عاريا ابدا. ان تحمي غموضك كما تحمي سرك.
هو لن يقول لها مثلا، انه يوم رآها في المطار تحدق في وجوه كل الرجال عداه، قرر ان يثأر لذلك الخذلان العاطفي بموعد لن ترى فيه سواه. يومها، ولدت في ذهنه فكرة ان يحجز قاعة بأكملها، تغني له فيها وحده. الا يأتيها وسط الحشود، بل يكون هو الحشد.
وهي لن تدري أبدا انه من اقترح على المستشفى هذا الحفل الخيري، ثم اشترى المقاعد كلها باسم إحدى شركاته دون ان تعرض التذاكر للبيع. في الواقع، لا جمهور لها في مصر، ولا كانت جهة ستدعوها لحفل خيري.
حين هاتفته بعد ايام، كان هو أيضا قد غادر القاهرة، ولن يكون من السهل هذه المرة العثور على عنوان لموعدهما.
ليس من طبعه المجازفة بسمعته. لم تعرف له اية علاقة نسائية في بيروت، برغم ما عرف من نساء، لاعتقاده ان عليه ان يحمي صورته كرجل "كامل". المغامرات الصغيرة .. لصغار القوم لذا اعتاد ان يغير عناوين أسراره من مدينة الى أخرى. ان الاسرار هي ما يساعد على العيش. كم يخسر من لا سر له.
على عكسه، لم يكن في حياتها سر لتحميه، او مكسب لتخاف عليه. ما تخاف هو ان يخلط بعد الان بينها وبين اناث اخرين وصائدات الثروة. ان يكون أساء الظن بها مذ رآها على المسرح تحتضن تلك الباقة الحمراء وتتنازل عن باقته.
اتصلت به بعد هزمها الشوق:
- سآتي الى بيروت الاسبوع القادم بدعوة من شركة الانتاج لاطلاق ألبومي الجديد.
قالتها كما دون قصد. القت اليه بطعم ظنته سيلتقطه فورا.
لكنه ماكان سمكة. كان يمتلك صبر صياد .. وحنكته. قال على الطرف الاخر للهاتف:
- جميل يسعدني نجاحك .. وكيف والدتك ؟
- جيدة شكرا.
ثم أضافت وقد فاجأها السؤال:
- وكيف عرفت بها ؟
ضحك:
- أعرف كل ما يهمني.
- صدقا، كيف عرفت؟
- سمعتك تتحدثين عنها في أحد البرامج. قلت انك غادرت الجزائر برفقتها، بعد الاحداث الاليمة التي عرفتها عائلتكم.
- انت تملك ذاكرة قوية.
- بل ذاكرة انتقائية. أذكر حتى الثياب التي كنت ترتدينها في مطار شارل ديغول .. وماركة النظارات التي كنت تضعينها .. ولون الحقيبة التي كنت تجرينها.
ارتبكت، فكرت انه لن يغفر لها أبدا تلك الحاجثة. وفكر هو ان ما يذكره حقا هو ملامح الرجال الذين قصدتهم. اما ما لا يغفره لها فهو كونها لم تتذكر ملامحه برغم جلوسه اربع ساعات بماحاداثها في الطائرة، وبدت حين دعاها للعشاء وكأنها تراه لاول مرة . أمثة رجل عادي الى هذا الحد.
لكنه لن يقول لها هذا. من أخلاق الجنتلمان الا يحشر امرأة في زاوية تفقد فيها جمالية انوثتها. لانه حينها سيتشبع وهو يضعها في موقف غير لائق، ويكف حينها على ان يكون رجلا.
- هاتفيني من بيروت .. ربما استطعت ان ادبر لنا موعدا.
" ربما "؟ ابثلاثة احرف للشك يختصر شوقه لها ؟ وكيف لهذه الرصانة ان تلي كل ما اقدم عليه من جنون .. تارة ليراها في مطار، ومرة لينفرد بسماعها في حفل، واخرى ليحظى بعشاء معها.
كانت حياتها ساكنة حتى جاء والقى حجرا في بركة ايامها الراكذة، مخلفا كل دوائر الاسئلة. لا تستطيع ان تنكر انها، مذ ذلك العشاء لا تنتظر الا هاتفه.
هي لم تكن يوما من سلاسة نساء الانتضار، لكنها من دون ان تدري، في كل ما تفعله الان تنتظر. هي لا تحتاج الا مواعيد عم لتزور بيروت. كان يمكن ان تحضر قبل ذلك الموعد لو رأت منه حماسة ما، فالمسافة بين الشام وبيروت لا تستغرق سوى ثلاث ساعات. وبامكانها اقناع والدتها بما تشاء، الذرائع لا تنقصها .. ونجلاء "الملاك الحارس" ستدعم مشاريعها، وتمنحها شهادة البراءة. لكنها ستصمد وتسافر في الوقت المحدد، كما لو ان لقاءه ليس امنيتها.
حمدت الله ان امها الغت في اللحظة الاخيرة فكرة مرافقتها. برد كانون جعلها تفضل البقاء في الشام.
- طريق الشام بيروت خطرة بها الايام، ساعات تقطعها الثلوج تأكدي حبيبتي من النشرة الجوية قبل ما تسافري.
نجلاء أيضا لن تاتي. هي مشغولة بخطيبها العائد من دبي لقضاء الاعياد. لا أحد يرافقها اذا عدا أحلامها .. او اوهامها. فهي تذهب الى الحب دون بوصلة تأمين على قلبها.
انتظرت ان تحل ضيفة على البرنامج التلفزيوني، عساه يعرف لوجودها في بيروت. لا تريد ان تعطيه انطباعا أنها على عجل لملاقاته. لكن لا هاتفه جاء، ولا جاءت وروده. ربما ماعاد من وقت لباقة حب اضافية.
دهمها حزن من فقد شيء ما كان يدري بوجوده، او على الاصح بقيمته. ربما اراد ان يقاصصها على باقة ورده التي رآها تسلمها لقائد الفرقة وتحتضن غيرها. لا تظنه سيبعث لها ورودا بعد الان.
اجتاحها الاسى. كحزن بيانو مركون ومغلق على موسيقى لن يعزفها احد. انتهت ليلتها وحيدة في غرفة في ذلك الفندق الفاخر، تفكر في تلك الفواتير، التي يدفعها المرء عن غباء، غير مدرك قيمة الاشياء حين تقبل عليه الحياة في كل ابهتها.
عذاب الانتضار ؟ وماذا عن عذاب الا تنتظر شيئا ؟
كان يحتاج الى ان يكون له موعد مع الحب كي يحيا، كي يبقى قيد اشتهائه للحياة. قيد الشباب. الوقت بين موعين اهم من الموعد. والحب اهم من الحبيب نفسه. وهو لكل هذه الاسباب جاهز لحبها .. او على الاصح جاهز لها.
صباح اليوم الثالث لوجودها في بيروت، هاتفها . اخفت عنه ترقبها لصوته. كنها ما استطاعت ان تخفي فرحتها.
- كنت اخشى ان اغادر بيروت دون سماعك.
- ماكان يمكن الا اهاتفك .. انشغلت هذه الايام ليس اكثر.
اوصل لها اشعارا بأن ثمة ماهو اهم منها في حياته، وايا كان هذا الشيء ستحزن. ففي سلم الاولويات، الحب هو الاول في حياة المرأة .. ويلي أشياء اهم في حياة الرجل.
- هل كان البرنامج الذي استضافك ناجحا ؟
اشعار اخر انه لم يتابع البرنامج، هو الذي اعتاد ان يرسل اليها الورود اياها في كل ظهور تلفزيوني. الحقيقة انه برمج المسجل في مكتبه لتسجيل تلك الحلقة حتى لا يشاهدها مساءا في حضرة زوجته، فتعجب لاهتماماته الجديدة.
وفي الغد شاهدها في مكتبه وهو يدخن غليونه، فكر ان عليه ان يغير طريقة لبسها.
مسكينة كم اجهدت نفسها لتبدو في شكل جميل، وهي حزينة الان لانه قال انه لم يراها.
تجيب كما لو انها تزف له بشرى:
- كان ناجحا جدا. لقد لقي صدى طيبا في الاعلام.
- انا سعيد من اجلك ..
يقصد سعيد من اجله. فقد نجح في ارباكها وافساد فرحتها. وستحتاج اليه في انكسارها. هي الشهية كحروف النفي. التي اعتادت ان تقول له "لا" و"لن" عى مدى اشهر. كأنه يسمعها الان تسال " هل اراك ؟".
لكنها تقول شيئا اخر:
- اتحب ان ارسل اليك البومي الجديد ؟
يفاجئها جوابه:
- احب مالا تجراين عن قوله.
حاولت استعادة بعض اسلحتها الدفاعية:
- لا اضنك تضاهيني شجاعة
- الجرأة غير الشجاعة
- وماذا تودني ان اقول ؟
- تماما ما تودين ان تقولي.
لم يحدث وان حشرها رجل في هذه الزاوية الضيقة للحقيقة.
واصل:
- الجرأة ليست في ان تواجهي الارهابيين، بل في ان تحاربي نزعتك لقمع نفسك، واخراس جسدك، وتفخيخ كل الاشياء الجميلة بحروف النهي والرفض. الحياة أجمل من ان تعلني الحرب عليها .. حاربي اعداءها.
استدرجها حيث شاء. قالت ما تمنت ان تقول حقا:
- متى اراك ؟
- اليوم طبعا ما دمتي ستسافرين غدا
- اين ؟
- سأزورك في افندق.
- الفندق ؟
- لا لشئ سوى لانه المكان الاكثر تسترا في مدينة لا سر فيها. ما رقم غرفتك ؟
- 423
لفظت الرقم غير مصدقة تسارع الاحداث، كأن الامور افلتت من يدها، وان امراة غيرها تلفظ الارقام الثلاثة التي ستتحول، حال امنتهاء المكالمة،. اغلقت الهاتف وهي تتساءل كيف اقدمت على امر كهذا.
في الخارج شتاء ومطر جن جنونه. لكنها اكثر جنونا من الطبيعة. لاول مرة تجرؤ على استقبال رجل في غرفتها.
اي رجل هذا ؟ سيد مطلق ياتي عندما لا ننتظره، يقول مالا تتوقعه، يهجرها حين يشاء، يقتحم حياتها متى يناسبه ، يشتري صوتها حين يريد، يضرب لها موعدا حين يحلو له.
راح نصفها الشرس يحاكم نصفها الوديع، ورجولتها تحاسب انوثتها المطيعة. الم يقل لها احدهم متغزلا " أجمل ما في امرأة شديدة الانوثة .. هو نفحة من الذكورة "" ؟ مصيبتها كونها اكتسبت اخلاقا رجالية، واكثيرا ما قست على نفسها كما لو كانت أحدا غيرها. والان، ماعادت تعرف كيف تعود من جديد انثى، ولا كيف تستعد لهذه المداهمة العاطفية.
تأملت الغرفة، على جمالها هي اصغر من ان تليق برجل يحجز قاعة بأكملها، ليجلس على مقعد واحد.
لا تملك لاستقباله سوى اريكتين، وطاولة في زاوية من الغرفة، على شكل صالون. شعرت ان الطاولة فارغة وان سلة الفواكه تحتاج لاعادة ترتيب، وضعت مكانها على الطالوة مزهرية، كي تبدو الغرفة اجمل.
والان ؟ ماذا ترتدي ؟ يا الله ماذا ترتدي لاستقباله ؟ خلعت ولبست ثوبين او ثلاثة على عجل، كما لو كانت في سباق .. ومسابقة في ان.
ثم اسرعت الى الحمام تجدد هيأتها، حين تذكرت انه قد يدخل الحمام، ويقع نظره على لوازم زينتها. أصابع الحمرة ذات الماركة العادية، علبة البودرة التي اشرفت على نهايتها، ومازالت تحتفظ بها. كريمات واقلام كحل سيفضح بها تواضع جيبها، وعادات اكتسبتها ايام الحاجة. جمعت كل شيء واخفته داخل الخزانة الموجوده تحت المغسلة وتنفست الصعداء.
لعنته وهي تراقب الساعة. ثم لامت نفسها لفرط توترها ، ولانها قبلت ان تستقبله في غرفتها. وما توقعت ان تقدم يوما على شيء كهذا. لعلها جنت. من يكون ليفعل بها كل هذا ؟ وكيف سمحت له بارباك حياتها الى هذا الحد ؟
دق هاتفها فجأة وقال صوته:
- افتحي انا هنا.
راحت دقات قلبها تتسارع وهي تتجه نحو الباب. القت في طريقها نظرة سريعة على المرآة. وذهبت تفتح الباب للحب. اي حدث مشهدي ان يجيء ذلك الرجل. ان يدخل غرفتها
لكنه لا يقبلها ولا يصافحها. لا ينحني كأول مرة ليقبل يدها ولا ينظر حتى لعينيها. اجتاز باب الغرفة وهو يدقق في هاتفه، ليمحو الرقم الذي طلبه للتو .. رقم هاتفها.
كم من الاحلام كانت ستتهشم داخلها لو هي انتبهت انه كان يتبرأ منها، وهو يقصدها، خوفا من ان يقع احد على رقمها مسجلا على هاتفه.
اعاد الى جيبه الهاتف ممحوا من رقمها. حينها فقط قال: " اهلا" ، مسترقا نظرة اليها. اتجه صوب الاريكة، كما لو كان جاء ليرتاح قليل. مد رجليه دون ان يفقد لياقته .. ونظر اخيرا اليها.
كان يحتاج الى ان يجن من الحين والاخر، ولو كذبا، ليمارس على الحياة سطوة ذكائه الرجالي كسارق لم يمسك يوما بالجرم المشهود. شيء يشبه باللعبة يمارسها مع انثاه الحقيقية : الحياة.
يحتاج الى ان يجازف اكراما لتلك اللحضات الباهرة في بذخها. الباهرة لا ابلاهظة. فلا علاقة تستحق ان يخسر من أجللها مكاسبه الاجتماعية. وهذه احدى المرات النادرة التي سيتلتقي فيها بامرأة ببيروت. للجنون عادة عناوين مدن اخرى. وهو احتاط لكل الاحتمالات، مستفيدا من وجود ضيف له، حضر من باريس، فدعاه الى العشاء في الفندق نفسه رفقة مدير اعماله.
كان يحتاج الى غطاء لدخول الفندق، والجلوس في صالة رجال الاعمال الموجودة في اخر طابق. بعدها سيسهل عليه الاعتذار والتغيب بعض الوقت متذرعا باتصال طارئ.
سألها بذلك الاشتهاء الملتبس:
- كيف انت ؟
كانت شفافة المزاج كبيت مسيج بالزجاج، ماكان لباطنها من سر. لذلك كان يسهل عليه مطالعتها، او مطالعة الاجوبة التي تحتفظ بها لنفسها.
ردت وهي مازالت واقفة:
- انا جيدة .. شكرا.
تأملته كان جالسا وهي واقفة. اكتشفته من زاوية جديدة للرؤية.
لم يكن يشبه رجلا كانت تتصور انها ستحبه. لكنها تحبه. بأناقته الفائقة. بتفاصيله المنتقاة بعناية ككلماته. بابتسامته الغامضة. بتعليقاته الماكرة. كما حين يرد على ذعرها من استقباله:
- الحب سطو مشروع .. لا علاقة شرعية .. عليك ان تعيشيه هكذا – مواصلا بعد شيء من الصمت- اجلسي .. لماذا انتي واقفة ؟ نحن في فندق راق لن يفتح الباب احد .. او ضعي على الباب "الرجاء عد الازعاج " ان كان هذا يريحك.
ذهبت تطبق نصيحته من دون ان ترتاح تماما. ماذا لو كان الخطر الان في الداخل، لا من خارج الغرفة.
ما ادراها ما يجول في رأس هذا الرجل ؟
عادت لتجلس مقابلة له على الاريكة الثانية. قال وهو يزيح قليلا المزهرية التي تحجب الرؤية بينهما:
- ساقي الورد ليس من سيقطفها، ولا قاطفها من ستنتهي في مزهريته في بيته.
لم تحاول ان تفهم ما اراد قوله. استفادت من تداعيات الكلام .. قالت:
- لقد وصلتني هذه الباقة هدية.
تعمدت الا تقول ممن عساها تثير غيرته او فضوله. لكنه علق :
- ان من يهدي وردا يقدم انطباعا عن نفسه.
أدركت انه يستخف بذوق من اختار تلك الورود .. قالت:
- لكل ذوقه ...شخصيا، لم افهم لماذا تحب زهرة التوليب بالذات، وذلك اللون البنفسجي الغريب.
- لانها زهرة لم يمتلك سرها أحد. لونها مستعص على التفسير، يقارب الاسود في معاكسته للالوان الضوئية. انها مثلك وردة لم تخلع عنها البراءة الحياء، ثمة ورود سيئة السمعة تتحرش بقاطفها .. تشهر لونها وعطرها، هذه ستجد دائما عابر سبيل يشتريها .. كتلك التي قدمت لك في الحفل.
قالت كأنها تتبرأ من الباقة:
- بالمناسبة، علمت انها كانت التفاتة من ادارة المسرح، لوضع لمسة بهجة في ختام الحفل، لا يمكن للجميع مقاسمتك ذوقك .. لكل وردته، لعلك اعتدت ان تهدي هذه الوردات بالذات، اعني ربما كانت وردتك ..
قاطعها:
- بل هي وردتك. لم اهدها قبل اليوم لاحد. لمحتها مرة في محل للورود وعجبت لغرابة لونها. عادة اهدي نوعا اخر.
أكان عليها ان تسعد لانه لم يهدي وردتها من قبل لاحد ؟ أم تحزن لانه اهدى وردا لغيرها ؟ الكل امرأة في حياته وردتها الخاصة ؟
هذا البستاني الذي يقسم النساء الى فصائل وأجناس من النباتان، تحتاج هي المعلمة الى ان تتعلم ابجدية الزهزر، لتفهم ماذا اراد ان يقول لها طول هذه الاشهر.
قالت ممازحة :
- ربما علي ان اتعلم لغة الورود قبل ان اتحاور معك.
رد مصححا:
- ليست قضية لغة، بل قضية اناقة، لا أكثر اناقة من وردة لا تثرثر كثيرا . نحن لا نهدي ورودا لتتكلم عنا .. بل لتحمي التباس ما نود قوله.
- وماذا اردت ان تقول في النهاية ؟
- في النهاية ؟ لكننا لم نبدأ بعد .. عندما نبلغ النهاية، لن يبقى ثمة ما نقول.
هو يعني لن يبقى ثمة ما نهديه. هذا ما فهمته.
اي رجل هذا ؟ لم يكن جميلا، بل أكثر. كان يملك ثقافة الجمال. أو ربما كان جميلا كما هم العشاق، كما هم الاساتذة بالنسبة لتلاميذهم. وهي الان تكتشف ممكن ضوئه. كأنها تجلس مكان تلاميذها لتستمع اليه يلقي درسا في مادة لم يعلمها اياها احد:
مادة الحياة.
نهضت تخفي ارتباكها بسؤال:
- اتورد ان تشرب شيئا ؟
لكنه نهض بدوره وقال متعذرا:
- ثمة من ينتظرني على العشاء. لقد سرقت بعض الوقت لاسلم عليك ليس أكثر.
وقفت مدهوشة وهي تراه يتجه صوب الباب. مشت خلفه بتأن كما لتستبقيه وقتا أطول غير مصدقة ان أجل فرحتها انتهى. فقدت صوتها. لا تدري أيهما كان اكثر زلزلة لقلبها: مجيئه او مغادرته. وقفت خلف الباب المغلق تودعه صمتا. كزهرة توليب خذلتها الريح، انحتى رأسها قيللا. كان يراقب انكسارات روحها. تذكر ان في اليثودولوجيا، لم تكن الزهزر سوى صبايا قتلتهن العاطفة، فتحولن الى زهور. هذه امرأة من سلاسة الزئبق، تحتاج ان يسندها بشيء مميز.
كان محمولا باحسيس وحشية بعد أشهر من الاشتهاء. راح يشعل حطب الانتضار كله. انقضت سنة كاملة، بعدا وصدا، مدا وجزرا، لبلوغ حريق كهذا. ان قطاف هذه الزهرة النارية.
لم يضف كلمة. فتح الباب ودلف الى الخارج، بعد ان اودع جناحيها لنار.
في مرآت المصعد تفقد هيأته، وحين اطمان لمظهره، ابتسم. هو يدري ان تلك المحروقة ستولد فراشة تحتاج اليه بعد الان كي تطير.
سيد القدوم الاسر والانصراف الباكر .. مضى، وضلت هي واقفة، مستندة الى جدار النشوة، لا تدري ما االذي ح بها.


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________
رد مع اقتباس