عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-19-2015, 11:00 AM
 
رواية قل لي كلمة

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/18_09_15144260290264832.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفك يا اعضاء وزوار منتدانا الغالي
ان شاء تكونوا بصحة وعافية
شسمة هذه مشاركتي بمسابقة فلوريسا << نست اسم المسابقة
ان شاء تعجبكم !!




الاسم :- قل لي كلمة واحدة

الاسم الاصلي :- The Waterfalls of the Moon

الكاتبة :-ان ميثر

تاريخ النشر :- 1973

الحالة :- منقولة



ملخص الرواية

لا يكفي ان يكون الزواج هو الرابطة التي تجمع بين اثنين , فالحب وحده قادر على تذويب الفوارق على اختلافها , لكن روث لم تكن قادرة على جعل باتريك
يبوح بحبه لها . تزوجها ؟ نعم ... انما فقط لانها كذبت عليه قائلة انها حامل ...
وحين سافرت الى فنزويللا لتعيش معه في المناخ الحار وجدت انه لا يعيش وحيدا كما خيل اليها . ووجدت

ان الصعوبة التي شاءت اذلالها , بقربها منه , باتت اقرب الى المستحيل , و حين اكتشف باتريك لعبتها قرر نهائياً الا يكون سوى زواج في الشكل مما دمر امالها ....




الاول

1- كيف تجرؤ؟




حدقت روث بالرجل الذي دخل لتوه , حقا أن وساومته لم تكن ملفتة للنظر , فهو شخص عادي كأي شاب رقصت معه هذا المساء , ولكن عينيه العميقتين تدلان على تجربة ونضج , ولونه البرونزي يضفي عليه هالة من الوسامة.

دخل برفقة السيد جيمس ستيفنسن والد جوليا , الفتاة الجذابة ذات العينين الزرقاوين , والشعر الداكن المجعد , كانت روث قد ألتقت بجوليا في المدرسة الداخلية , ومنذ ذلك الحين وهما صديقتان حميمتان , أحداهما شقراء والأخرى سمراء , كانت روث الشقراء تشبه الفتيات الأسكتلنديات بجمالها .

كانت الحفلة رائعة , ولكن روث قدّرت بأن السيد جيمس ومرافقه دخلا ليتفقدا أحوال الحفلة فقط , حيث أن مثل هذه الحفلات لا تشد أهتمام السيد جيمس ستيفنسن , وربما أن صديقه مثله أو لعله معجب بهذه الحفلة , فكيف لها أن تعرف ولا يهمها أصلا أن تعرف.

وبعد دقائق غادرا القاعة ولم تدر روث الى أين , ولكنها شعرت بخيبة أمل لأختفائهما , وهرعت مسرعة الى حيث تقف جوليا لتسألها بأندهاش:
" من هذا الذي كان مع والدك منذ لحظة؟".

أجابتها جوليا بأبتسامة:
" تقصدين باتريك , باتريك هاردي , أبن عم والدي؟".
" أذا كان باتريك هو الرجل المرافق لوالدك فهو من أسألك عنه , لأنني لم أره قبل اليوم".

" بالفعل لأنه يعمل في فنزويللا وعاد لتوه من هناك في أجازة , أظن أنه يعمل كيميائيا أو فيزيائيا , غير متأكدة من ذلك , ولكنني أعلم أنه يعمل في أحدى شركات النفط الكبرى , لماذا تسألين عنه؟".
" حب أستطلاع , لا أكثر".
" ما الأمر , هل بدأت أسهم مايكل بالهبوط لديك؟".
أجابتها روث بتردد:
" أنت تعرفين أنني ومايكل صديقان لا أكثر".
" ولكن باتريك ليس كما تفكرين , فهو كبير السن , لا بد أنه تجاوز الخامسة والثلاثين".
" هذا لا يعني أنه كبير جدا".

" أنه كبير بالنسبة الينا يا روث , فأنت مثلا لا تتجاوزين الواحدة والعشرين ولا يمكن أن تكوني معجبة بشخص بهذا العمر".
" لم أقل أنني معجبة به".
" أعرف ذلك ولكنني أحذرك في أية حال".

" هل هو متزوج أو له صديقة؟".
" لا لم يتزوج بعد على ما أظن , عمله يشغل كل وقته , أنت ترينه يزورنا الآن لأنه في أجازة في أنكلترا".
" آه.... تبدين قلقة يا جوليا ؟ ألا يحق لي أن أبدي أعجابي برجل ما؟".


هزت جوليا رأسها وأجابت:
" أنه لا يملك سوى راتبه".
" هل هذا يهم؟".

" أنه يهم والدك على الأقل".
" يا ألهي , جوليا , أنك تفترضين بكلامك وكأنني وقعت بحبه فعلا".
" لم أفترض شيئا , ولكنني أعرف هذه النظرة في عينيك , رأيتها من قبل , أرجو ألا.......".

" ألا ماذا؟".
" ألا تستسلمي لعواطفك".
نظرت جوليا في أنحاء الغرفة وكأنها تبحث عن شيء يلفت أنتباهها , كانت الموسيقى تصدح عالية , حتى أن أحدا لم

يلحظ ما دار بين الفتاتين من حديث, أما جوليا فتمنت لو أن هذا لم يحصل , ولكنها أعلم بطبيعة روث المتمردة والتي تجرها دوما الى المتاعب منذ أيام الدراسة , فبالرغم من أن روث كانت تلميذة محبوبة من قبل التلميذات والمدرسات على السواء , ولكن معظم أصدقائها المقربين من الجنس الآخر , كانت تختار الطويل والنحيف والأنيق فيهم دوما , وكانت روث بجمالها تجذب الرجال.


كان السيد جوزف فاريل مليونيرا عصاميا , وأنتقل بفضل جهوده المتواصلة من محل صغير في شارع خلفي في ليفربول الى مكانه الحالي كمدير لسوبر ماركت , كان يحب المال جدا ويفضله على أسرته , ومنذ أن توفيت زوجته قبل ثلاث عشرة سنة حوّل كل حبه وعواطفه نحو أبنته روث , يلبي كل ما تطلبه , ومع هذا لم تفسد هذه المعاملة طبيعة روث , بل كانت

فتاة طيبة القلب تطمع في محبة كل الناس من حولها , تلك الصفة التي ربما قد تسبب لها المشاكل في المستقبل برأي جوليا , أما جوليا فقد عاشت في جو مختلف تماما عن ذاك الذي عاشته روث , لم تكن عائلتها غنية أو على الأقل ليس بمقدار غنى جوزيف فاريل , ولكنهم كانوا محبوبين أجتماعيا أكثر , ولذلك شعرت جوليا دوما بنوع من المسؤولية أتجاه صديقتها روث , ربما لأنها كانت يتيمة الأم.
أقتربت جوليا من روث وسألتها:
" هل تأتين معي لنأكل شيئا , فأنا أرغب أيضا في كأس من العصير".
"حسنا , هيا بنا".


ثم سارت الفتاتان نحو مائدة الطعام في الغرفة الملاصقة للقاعة.
" أشكرك يا جوليا على دعوتك لي لقضاء الليلة هنا , فوالدي لا يوافق على أن أقود سيارتي في الظلام".
" ولن يوافق والدك أيضا على أن تسافري مع مايكل فريمان".

" مايكل؟ أنه في مكان ما الآن , لقد حجز لنفسه غرفة في أحد الفنادق الصغيرة , أرجو أن لا يغلقوا الباب قبل عودته والا........".
أجابت جوليا ضاحكة
" بأستطاعته عندئذ أن ينام هنا على الأريكة فوالدتي لا تمانع بذلك , هل ستعودين غدا صباحا أم ستبقين الى ما بعد الظهر؟ فأذا بقيت مكن أن نركب الخيل في الصباح".
" سأبقى أذا لم يكن لديك مانع وربما أحظى بالتعرف على الشاب القادم من فنزويللا والذي يعمل في أحدى شركات النفط هناك".

" روث! أعتقدت بأنك نسيت ذاك الشاب باتريك".
" كيف لي أن أنسى؟".
شعرت روث بحب أستطلاع غريب يتملكها للتعرف بأبن عم جوليا , وربما كان عدم التعرف اليه في الحفلة شوّقها الآن , أو

أنها تلك الهالة من الوسامة والهيبة المحيطة به والتي يبدو من خلالها جذاب , أو لعل لونه البرونزي زنظراته العميقة وشكله الذي ينم عن خبرة وتجربة في الحياة جعلته يبدو مختلفا عن هؤلاء الشبان الذين تقابلهم عادة , مهما كان السبب فأنها تنتظر شروق الفجر بفارغ الصبر حيث أنها تتوقع شيئا ما يغيّر روتين يوم الأحد , أستيقظت في الصباح الباكر وأخذت دوشا سريعا ثم لبست بلوزة وبنطالا بنفسجيا , كان شعرها الطويل ينسدل بغزارة على كتفيها وهي ترفعه بغنج ودلال
الى ما فوق أذنيها بين الحين والآخر , كانت الساعة التاسعة عندما نزلت الدرج متجهة الى الصالة الواسعة في الطابق الأرضي وكانت الخادمة تقوم بتنظيف الصالة , ومنافض السكائر من الرماد بعد حفلة الأمس , أجابت الخادمة على تحية الآنسة روث بأدب وعادت لتتم عملها بينما سارت روث بأتجاه النافذة لتتطلع الى منطقة ويلتشاير.

يملك والد جوليا بعض الأراضي والعقارات في هذه المنطقة ومع أنه أضطر أخيرا الى الأعتناء بها بنفسه , ولكنه سعيد بنفسه بأمتلاكها , فمثلا ذلك المنزل الذي قارب عمره من الثلاثمائة عام والذي قام والد جوليا بالتصليحات اللازمة له ليجعله مريحا من الداخل كأحدث طراز ولكنه لا يزال يحتفظ بعراقة الماضي.

عادت روث تبحث عن الخادمة لتعد لها الأفطار فلم تجدها, فقررت أن تطلب ذلك من الطاهية السيدة موريس , وبينما هي متجهة الى الصالة أصطدمت بالسيد هاردي فأعتذرت له برقة:
" أنا آسفة".

" أعتقد أن الحق علي فلم أنظر أمامي".
" هل أنت السيد هاردي؟ رأيتك ليلة أمس تدخل برفقة والد جوليا , أليس كذلك؟".
" هل رأيتني يا آنسة...........؟".

" أسمي روث فاريل , وأنا صديقة جوليا , لقد دعتني لتمضية عطلة نهاية الأسبوع معهم".
نظر اليها بخبث وأجابها:
" هل صحيح أنك صديقة جوليا , فأنا لا أعرف أيا من صديقاتها أذ أن جوليا كانت لا تزال تلميذة في المدرسة عندما غادرتالبلد ,كيف حالك يا آنسة فاريل؟".

" على ما يرام , لقد علمت أنك تعمل في فنزويللا , في شركة نفط , أعتقد أنه عمل ممتع أليس كذلك؟".
وعاودت سؤاله بقولها:
"وهل عملك فني؟".

أجابها بأقتضاب:
" تقريبا".
" هل ستعود الى هناك؟".
" بالطبع سوف أعود بعد عدة أسابيع".

وحاول أن ينهي المحادثة ليتم مشواره بينما أستمرت روث ممطرة أياه بالأسئلة:
" لم أذهب الى أميركا الجنوبية من قبل , هل هي منطقة حارة؟".
" المنطقة التي أعمل فيها حارة جدا".

وأستأذنها بالأنصراف وخرج , عادت روث الى النافذة وشاهدته يمشي في حديقة المنزل وفكرت أنه لا بد قد أحس بالأختلاف بين طبيعة الجو في البلدين , ولاحظت بدلته الكحلية الأنيقة وأحست نحوه بالأعجاب.

حضرت الخادمة لتسأل روث ما أذا كانت تريد أن تفطر في غرفة الطعام مخيّرة أياها بأن أهل البيت عادة يتناولون طعام الأفطار في غرفهم يوم الأحد.

فسألتها روث أذا كان السيد هاردي سيتناول فطوره في غرفة الطعام لتشاركه ذلك, فردت عليها الخادمة بالأيجاب , وفكرت روث بون أن جوليا حضرت ووجدتهما يتناولان طعام الأفطار سوية لما صدّقت أنها مصادفة.

دخلت غرفة الطعام وجلست على الأريكة بقرب النافذة تقرأ الجريدة , بينما يجهز الفطور وبدون شعور منها كانت تنظر السيد هاردي ليلحق بها , وما هي ألا دقائق حتى دخل السيد هاردي وقال لها:
" هل لي أن أجلس معك يا آنسة فاريل؟".
" بكل سرور تفضل".
أحضرت الخادمة طعام الفطور ووضعت طبق البيض والمرتديللا أمام السيد هاردي , أما روث فلم تأكل سوى قطعة من التوست وعصير الفواكه , خيّم الصمت ,وكانت روث تتساءل كيف يتسنى له أن يحتفظ برشاقته وهو يتناول هذه الكميات من الطعام , ودهنت قطعة التوست بقليل من الزبدة وبدأت بأحتساء القهوة حين قطع السيد هاردي حبل الصمت عندما علّق :

" لم تعد تعجبني القهوة هنا بالمقارنة مع القهوة التي أتناولها في فنزويللا , فالقهوة هناك ممتازة".
" هل يوجد مزارع بن في فنزويللا؟".
" نعم , ولكن البرازيل قريبة جدا منا , والبن البرازيلي أجود بن في العالم".

" هذا صحيح, هل زرت البرازيل؟".
" عدة مرات".
أخرج السيد هاردي علبة التبغ من جيبه ,وبدأ يلف سيكارة لنفسه , ثم نظر الى روث وقال لها:

" آسف ليس معي غير هذا النوع من الدخان".
" شكرا أنا لا أدخن".
وأخذ السيد هاردي يدخن السيكارة , وروث ترقبه بشغف , أعجبت بلون عينيه الرماديتين وأهدابهما الطويلة وأحست بمشاعر غريبة تنتابها فأضطربت وأخذت تحدثه محاولة أخفاء تلك المشاعر قائلة:

" أعتقد أنك زرت معظم بلاد أميركا الجنوبية؟".
" نعم , زرت معظم تلك البلاد , ولا أزال أرغب في زيارة الباقي , أنها بلاد عاصرت حضارات متعددة وأنا أجد تاريخها ممتعا جدا".
" ولكن عملك لا يتعلق بالتاريخ".

أجابها مبتسما:
" نعم هذا صحيح , عملي يتعلق بمقومات الحضارة الحديثة جدا , ولكن هذا لا يمنع من أن أدلف الى الماضي بين الحين والآخر".
وأعترفت روث قائلة:

" مع الأسف , كل ما أتذكره عن فنزويللا هو كيف سميت بهذا الأسم , فعندما أكتشفها كريستوفر كولمبس ووجد الهنود يعيشون في الأكواخ العائمة في الماء أعلن بأنها ذكّرته بمدينة البندقية".
نفض السيد هاردي سيكارته وأجابها:

" نعم , أن كريستوفر كولمبس أكتشف أميركا ,ولكن هناك رجل أسباني آخر هو أولنزو أوخيدو أكتشف بحيرة مراكيبو , وهو الذي رأى أكواخ الهنود العائمة في الماء فدعاها فينيس الصغيرة أو فنزويللا كما تدعى اليوم , وهل تدرين أن مستوطنين أسبان في جميع أنحاء أميريكا الجنوبية أستوطنوا كوباخا على ساحل فنزويللا؟".

ورددت روث الأسم ببطء قائلة:
" كوباخا؟ أنه أسم موسيقي جميل".
" أنها مركز لأستخراج اللؤلؤ حاليا ".

" نعم ولكنه ليس بالعمل الهين , وأين تعمل أنت , وكيف تبدو تلك المنطقة؟ هل هناك زراعة وهل هناك غابات أستوائية؟".

وأخذ نفسا من سيكارته وقال:
" نعم , هناك بعض الغابات الأستوائية على الساحل الجنوبي للبحيرة, ولكن المنطقة ليست منطقةرومانسيةكما تتصورين فهناك الأمطار التي ترتفع في بعض المناطق الى أكثر من ثمانية بوصات , عدا عن الرطوبة القاتلة والحرارة التي تصل أحيانا الى 50 درجة مئوية ".

" ولكنك تسكن هناك".
" ولكنني لا أسكن في الغابات الأستوائية , فأنا أعمل بعض الوقت في مراكيبو نفسها وهي ثاني مدينة في فنزويللا , حيث ناطحات السحاب والمكاتب المبنية من الطوب وتكثر فيها مشاكل المرور".
" يخيّل الي أنها منطقة ممتعة".

أستمتعت روث بمحادثة السيد هاردي أذ أنه حدّثها عن بلاد تختلف حضارتها عن تلك التي عرفتها والتي زارتها مع والدها , لقد زارت معظم بلدان أوروبا والولايات المتحدة , ولكن خيّل اليها أن هذه البلاد غريبة وممتعة.
أخذ باتريك ينظر اليها متفحصا وجهها الجميل الأسمر لبضع دقائق , أحست روث خلالها بالخجل المشوب بالسعادة , ثم أمسك علبة التبغ ليلف لنفسه سيكارة وسألها:

" هل تسكنين في لندن يا آنسة فاريل؟".
" نعم".
" هل ستعودين اليوم؟".
"بعد الظهر , لقد أتفقت مع جوليا على أن نركب الخيل هذا الصباح , هل تحب ركوب الخيل يا سيد هاردي؟".
" كنت أستمتع كثيرا بركوب الخيل".

" أذن لماذا لا تأتي معنا؟".
وقفت روث تتأهب للذهاب , بينما كان السيد هاردي يفكر بأن يقبل دعوتها أم لا ثم أجابها مبتسما:
" أعتقد أن جوليا لن توافقك على هذا الأقتراح".

" هل هذا يهمك".
" أظن أنه يهمني , على فكرة أخبريني كيف كان فصل الشتاء هذا العام؟ لقد توقعت أن أجد الثلوج تغطي الأرض , والمياه متجمدة , والأمطار غزيرة , ليس لديك فكرة كم أن هذه الأشياء ممتعة للقادم من البلاد الحارة".

كانت روث مضطربة تشد على قبضتي يديها محاولة أخفاء أضطرابها , متسائلة كيف جعلها هذا الأنسان تشعر بأنها فتاة ساذجة ,بعكس الشبان الذين تقابلهم عادة والذين يشعرونها دوما بجمالها وروعتها , فما السبب الذي دعا باتريك هاردي ليعاملها بقلة أكتراث؟ أهي الحياة الصعبة التي يعيشها في فنزويللا هي التي علّمته ألا يكترث للصداقة؟

أخبرتها جوليا بأنه يكرس كل وقته لعمله ,هل هذا صحيح؟ أم أن هناك أمرأة أخرى في مراكسييو تنتظره , ولكن هذه الفكرة الأخيرة أفزعت روث , ولم تتقبلها ....وندت عنها حركة لا شعورية بعدم الرضى مما لفت أنتباهه فسألها:
" وماذا لو أنني شعرت بالأستياء؟".

" سأعتذر لك بالطبع".
شعرت روث بأنه يهزأ منها , وقبل أن تحاول الرد عليه , حضرت الخادمة لترفع الطعام عن المائدة فسألتها روث:
" هل أستيقظت الآنسة جوليا من النوم , لأننا سنذهب لركوب الخيل؟".

" أخذت لها طعام الفطور الى غرفتها ووجدتها مريضة ... ولا أعتقد أنه بأمكانها ركوب الخيل هذا الصباح".

هرعت روث الى غرفة جوليا متسلقة الدرج بسرعة البرق لترى ما بال صديقتها , ثم طرقت الباب فأجابتها جوليا:
" أدخلي".

" مرحبا يا روث , تمنيت أن تحضري لأنني أشعر بصداع عنيف".
" لقد أخبرتني الخادمة , هل تدرين ما سبب الصداع , ألم تنامي جيدا؟".

" نمت جيدا , ولكن هذا الصداع ينتابني بين الفترة والأخرى , ولا تنسي صوت الموسيقى العالية في حفلة الأمس".
" هذا صحيح , أذن فلن تستطيعي ركوب الخيل معي هذا الصباح؟".
" أنا آسفة يا روث لأنني لا أستطيع الذهاب معك".

" لا تنزعجي , أنها ليست غلطتك , ولكن الجو رائع فالشمس مشرقة بالرغم من وجود الجليد".
" أرجو أن تذهبي أذا أردت ذلك , فبأمكانك أن تطلبي من مايكل مرافقتك , دعيه يمتطي حصاني".

" لا تهتمي بالأمر , أعتقد أن مايكل لا يزال نائما , ومن الممكن أن أغير رأيي وأعود الى لندن".
" لا يا روث , أبقي هنا , لقد تناولت بعض الحبوب , ومن المحتمل أن تتحسن صحتي بعد الظهر , لماذا لا تبقين هنا أذا لم يكن لديك شيء خاص تودين عمله في لندن ,فبأمكانك الأتصال بوالدك وأعلامه بهذا".

" لا أدري بعد".
" أرجو أن تفكري بالأمر , في أي حال لا تذهبي قبل الغداء".
" حسنا , سوف أذهب بعد الغداء , وسأتركك الآن لترتاحي , سنتكلم فيما بعد".

" هذا عظيم".
خرجت روث من الغرفة وعادت جوليا الى النوم وبينما كانت روث تهبط الدرج رأت باتريك هاردي يقف هناك مديرا ظهره لها فأبطأت الخطى مفكرة بأن تعود بدون أن يحس بها أو يراها , ولكنه ألتفت فجأة وسألها:

" كيف حال جوليا؟".


" لديها صداع خفيف".
" أذن لن تذهب معك لركوب الخيل؟".
" لا لن تستطيع الذهاب".

" هل ستذهبين؟".
" وحدي , لا , لا أريد أن أذهب وحدي".
" لا أعني وحدك , سأذهب معك أذا كنت لا تزالين تريديني أن آتي؟"

" أرجو ألا تشعر بنك مرغم على ذلك , يا سيد هاردي ".
" أعلم أنني غير مرغم , ولكن هل ترغبين بذهابي معك أم لا؟".
" بالطبع أود مجيئك معي".

" حسنا , أذن أقترح أن ترتدي ملابس سميكة وأنا سأنتظرك في الصالة".
" حسنا".
أنتابت روث مشاعر الفرح والسرور , هل يا ترى لأن باتريك وافق على مرافقتها لركوب الخيل؟ وخطر لها أن باتريك لم يأت

عن طيب خاطر بل ربما أشفق عليها لأن جوليا كانت مريضة لا تستطيع النهوض من الفراش , دخلت روث الى الصالة لتجد بارتريك هاردي مرتديا سترة من الصوف ينتظرها فبادرها قائلا:
" أعلمت الطاهية أننا ذاهبان لأن الجميع لا يزالون نائمين".

ثم سارا نحو الأسطبل حيث لاقاهما سائس الخيل وهو يقود حصانين مما تأكد لروث أن باتريك أعلم السائس بنيتهما للركوب مسبقا , سارا يقودان الحصانين محاولين الأتفاق على الجهة التي سيذهبان اليها كان باتريك جاهلا بهذه المنطقة بعكس روث التي كانت تعرفها جيدا وتدري الى أية جهة من الممكن أن يذهبا , لذلك حاول أن يترك لها الأختيار معتمدا
عليها وهو يتمشى بهدوء يتأمل الطبيعة حوله , وتوقفا ليتكلما عما حولهما وقرعت أجراس الكنائس فقال معلقا:
" ليس هناك من مكان في العالم يماثل هذا المكان بأصوات أجراس كنائسه يوم الأحد".
ثم أخرج علبة التبغ ولف سيكارة وأخذ نفسا عميقا ثم تابع حديثه:

" عندنا كنائس في بورتوريكو ولكن أصوات أجراسها لا تماثل هذه".
وقطبت متسائلة:
" بورتوريكو حيث تسكن؟".

" نعم , هيا بنا نسير".


سارا جنبا الى جنب يتحدثان , قالت روث:
" كم ستطول أقامتك في أنكلترا يا سيد هاردي؟".
" أعتقد حوالي ستة أسابيع , لماذا؟".

" حب أستطلاع فقط , لقد فكرت أنك أذا كنت في لندن فمن الممكن أن تحضر لزيارتنا يوما أو نتناول طعام العشاء معنا , أنا ووالدي أذا رغبت بذلك".
" هذا لطف منك".

لم يرتبط السيد هاردي بأي موعد, ولم يظهر على وجهه أي تعبير وتابعا سيرهما قرب الأشجار الباسقة الشائكة وأذا بروث تتعثر بسيرها وبينما حاولت أن تتحاشى السقوط صرخت متسنجدة من الألم , فقد خدشت رأسها بعض الأغصان الشائكة ولا يزال شعرها معلقا ونفرت الدموع من عينيها , أسرع بارتيك وأخذ يفرك شعرها الذي تشابك مع الأغصان , فقالت له:

" شكرا جزيلا فلولاك لا أدري ماذا أفعل".
فأجابت هازئا:
" لا تدرين؟".

" هذه الحقيقة".
" أنني متأكد أن هذا لا يحصل ألا أذا كان هناك الفارس المغوار المنقذ للسيدة الجميلة ".
" ماذا تعني بكلامك هذا؟".

" أعني أنك تلك المرأة التي تعرف متى تتورط بمشكلة ".
لم تدر روث كيف تبتلع هذه الأهانة , خاصة وأنه علق بصوت هادىء مظهرا كل أدبه وكياسته فسألته:
" هل لك أن تشرح لي ماذا عنيت بقولك ؟".

" أعتقد أنك فهمت ما أعني".
" أني لم أفهم".
وشعرت روث بألم في معدتها , وأجابها باتريك:

" حسنا يا آنسة فاريل ,ماذا تريدين مني؟".
" أنني لا أدري ماذا تعني بهذا؟".
" أعتقد أنك تعرفين وسأشرح لك في أية حال".
ثم أخرج قفازيه من جيبه وبدأ يلبسهما , ويقول:
" لسبب أنت تعلمينه جيدا , تحاولين كل جهدك أن تلفتي أنتباهي اليك".
حاولت روث حبس أنفاسها المتلاحقة من هول المفاجأة وقالت له:

" كيف تجرؤ أن تقول هذا؟".
" لقد دعوتني لأركب معك الخيل , حتى أنك دعوتني للعشاء في منزل والدك ونحن لم نعرف بعضنا ألا منذ ساعتين ,وحيث أنك لم تحصلي على الجواب الشافي مني , أستعملت أقدم حيلة في التاريخ , ضعف المرأة المغلوبة على أمرها".
" هذا غير صحيح , أذا قصدت أنني شبكت نفسي بالأغصان الشائكة حتى تنقذني".

هز كتفيه بلا أكتراث وقال بأستهزاء:
"أصحيح أنك لم تفعلي؟".
" أنني لم أفعل هذا أبدا".

نظرت روث اليه بغضب وأمسكت لجام الفرس لتمتطيه , لقد أرادت أن تترك هذا المكان بأسرع وقت ممكن حتى أنها ودت لو حزمت حقائبها وغادرت بدون أن تراه أبدا , ولكنها فكرت أنها أذا فعلت هذا ستبدو كالطفلة في عينيه ولن تدعه يعتقد بأنها طفلة , ثم نظرت اليه ثانية , وقالت له ببرود:
" على الأقل أن خداعي لا يقاس بما تفعله أنت يا سيد هاردي".
لقد توقعت منه أن يغضب ويزمجر من تعليقها هذا أو يرد عليها منتقما ولكنه أنفجر ضاحكا , أما هي فحاولت أن تحبس الدموع في عينيها , لم يجسر أحد قبل هذا اليوم أن يوجه اليها أهانة كهذه ... أنها تجربة سيئة , أمتطت روث صهوة الحصان ونخزته مسرعة بدون الأهتمام لأي جهة تتجه , فكل ما كان يهمها هو أن تبتعد عن باتريك هاردي بقدر الأمكان.





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]