الموضوع: ‏.. عطر انكسر ..
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-26-2014, 09:55 AM
 


التمهيد

الضيق لايزال يسيطر على مزاجه منذ حادث الشجار المشؤوم مع أخيه الأصغر باكرا هذا النهار ،
لم يرغب بذلك فهو كان دوما الشخص العاقل و الناضج حين يتعلق الأمر بشقيقه الأصغر كثير الطيش و المشاكل !
لكنه هذه المرة لم يستطع الاحتمال ... و لم يملك القدرة على تحكيم عقله الذي لا ينفك يخبره كم أخطأ بتصرفه ذلك !

تحسس ذقنه حيث أصابته ضربة أخيه الوحيدة ... و ازداد شعوره بالذنب لكون شقيقه الطرف الأكثر تضررا من الشجار !
أغمض "ريك" عينيه في محاولة لدفع جسده المستلقي على السرير للاسترخاء أو النوم ، رغم كونه موقنا أنه لن يغمض له جفن الليلة ... اعترف أن ردة فعله على الأمر كان عنيفة بعض الشيء ،
لكنها كانت صدمة كبيرة بالنسبة له أن يكتشف أن أخاه الوحيد يحبها أيضا ... يحبها بل و يفكر و يخطط للارتباط كذلك !

هب جالسا عند فكرته الأخيرة غير قادر على تخيل حديث شيء كهذا ...
شعر بذات الغضب يتسلل إليه ليحتل جسده ...
و ذات الرغبة بتحطيم وجه أي شخص يفكر فيها حتى إن كان شقيقه الوحيد الذي يعزه !
زفر بغضب و توتر ... كيف سيتصرف الآن ؟
كيف سيحل هذه المشكلة ؟
هل حقا أخاه العابث قد أحبها على الرغم من كل خلافاته معها ؟
و ماذا يفعل إن كان ذلك صحيحا ؟
هل عليه ترك الخيار لها ؟
و ماذا لو .. لو أن خيارها لم يقع عليه ؟
كيف له أن يحيى بعد تلك اللحظة ؟

قطع صوت الباب أفكاره الصاخبة المتوترة ،
فاعتدل جالسا على طرف السرير ينظر إلى الشخص الذي دخل غرفته دون قرع الباب ،
لمعان البرق من بين ستائر النافذة اضاء الغرفة المعتمة لثانية واحدة مكنته من رؤية وجه أخيه الذي وقف في منتصف الغرفة بعد أن دخل ،
لكن تلك الثانية من الضوء لم تكن كافية ،
فربما هو توهم التعبير الذي ارتسم على ملامح شقيقه فبدا على وشك الإنهيار !

ضيق "ريك" عينيه قبل أن ينهض واقفا و يسأل ببرود :
_ما الأمر ؟

ابتسامة ساخرة امتدت على شفتي أخيه لم يرها بسبب ظلام الغرفة ،
لكنه رآه يرجع رأسه إلى الوراء بحركة اعتاد أن يرفقها بكلام سام عادة ... و لم يخب ظنه !

أجابه بصوت هادئ غريب عنه :
_لقد رحلت ...

اتسعت عينا "ريك" و قد تجهز لرفض تام بتصديقها في ذات الوقت !

_"ماكس" !

نطق "ريك" اسم شقيقه محذرا إياه من أي ألاعيب في هذا الأمر بالذات ،
و هذه المرة تحولت ابتسامة "ماكس" إلى ابتسامة تشفي وهو ينقل له الحقيقة المؤلمة التي اكتشفها بنفسه قبل لحظات ،
و في أعماقه رغبة غريبة في جعله يتألم كما تألم هو بسببه هذا الصباح !

حدق "ماكس" إلى أخيه وسط الظلام شاعرا بمزيج عجيب من المشاعر كان آخرها راحة غريبة مصدرها أن "غرامه" لن تكون لأخيه كما اعتاد كل شيء في الحياة أن يكون !
أردف "ماكس" بذات الصوت الخاوي :
_لقد رحلت "ريك" ، رحلت في ليلة عاصفة تماما كما جاءت أول مرة !

التمع البرق من جديد ...
كما التمعت صورة وجهها الباكي المصدوم هذا الصباح في ذهن "ريك" ..
لتؤكد له حقيقة الكلمات التي سمعتها أذناه ، و تلوى قلبه بسببها !‏