عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 07-03-2013, 04:33 PM
 
[ جــآنبٌ آخر ! ]
[frame="7 10"]
كُنت أمسُك رأسي بيديّ وأهزُه نافية غير قابلة بالذي أمُر به الآن .. ولا حتى بالتفكير الأخرق الذي أٌفكر بـِه !!

رفعتُ بصري إليه وبقيت على وضعيتي الخرقاء تلك ولم أنطق سوى بـ " هاه " التعجُبية خاصتي

إبتسم بلُــطف ومسح بيده شعري بعشوائية ثٌم قال بهمس

- رُبما المرة القادمــة !

- ماذا ؟

وقف خلف الستارة الطويلة وأغلقها بهــدوء

- لا شيء ..

تتبعتُ رجليه بعينـــي وهُما ترتفعان للأعلى عندما هَم بالصعود

على السرير لينام ..

يالحظه .. ومالذي سيجعلُنـــي أنام أنا ؟!

أطلقتُ زفرة تعبٍ وإستياء .. فهي كُل ما أستطيع التعبير به عن حالتي الآن ...

كُنت أنظر إلى أصابع رجلي بشــرود والدموع المُتجمعة داخل عيني تجعل الرؤية ضبابية أمامي ..

أليسَ من الغباء أن أبكي ؟

أخذت أميلُ للخلف ورَميت كتلة جسدي المُتعب على السرير ذو المفرش الأبيض الناعم بإهمال ورُحت أنظر للسقف ببلاهة ثٌم همست لنفسي

- مالذي حَل بكِ ايتها الخرقاء ؟

كان الجزء العلوي من جسمي على السرير أما ساقاي فكانتا عند طرفه .. أي أن قدماي تطآن الأرض

أغمضتُ عينــي شيئًا فشيئًا بهدوء ..... حتىَ غفوت وأنا بتلك الوضعية المُتعبة !

.
.
.
.

ضحكـــات صاخبة .. أصوات مُزعجــة .. حوارآت وهمسآت وهمهمات مُختلطة ببعضها البعض

هيَ ما أيقظتنــي لحُسن الحظ .. لإني إن بقيتُ نائمة على تلك الوضعية بالأمس لوقتٍ أطول لما إستطعتُ الحراك أبدًا !

فتحتٌ عينــي لتُبصر وجهًا لم أعرف صاحبه من أول مرة .. فأغلقت عيني وعاودت الكرة لتتضح الرؤية

شعرٌ أشقر مُنسدل على جبينهـا بنعومة .. وعينين بُنيتين ناعستين تنظُران مباشرة ببرود .. وفمٌ صغير ينطق بعدة حروف لتشكل كلمات بسيطة

- مي نو ري ! صباحُ الخير ..

رفعتُ رأسي فزعة بحركة مفاجئة لا إرادية ليصطدم برأسها الذي كان يُقابل وجهي تمامًا

حَككتُ جبينــي بألم ونظرتُ إليها .. لم تُبدِ أي إنفعال مُطلقًا !

- مالذي أتىَ بكِ إلى هُنــا ؟

لم تُجبنــي بحرفٍ واحد حتى ، فتنهدتُ باستسلام إلى أن فاجأني سقوط حقيبتــي بين يديّ !

رفعتُ رأسي إذ بي أرى آكي وهيكــارو واقفتان بالقُرب من السرير تبتسمــان بغرابة .. وقد كانت آكي من ألقى بحقيبة ملابسي عليّ

إبتسمتُ بدوري وحييتُهما ببساطة

- مرحبًــا ...

قالت آكي بغرآبة ولهجـة لم أفهمها أبدًا

- أهلاً ... يبدو أنهُ قد حدثت أشياءٌ كثيرة بالأمس !

- امم .. حسنًا ،أظن ذلك .

إكتفينــا بالصمت للحظات إلى أن قاطعنــا صوت تميّز ببحة مُحببة يقول بمرح

- آه سأخرُج ... أكره أجواء المستشفيــات ، تُصيبنــي بالإختناق !!!

نظرتُ إلى ريو وقد رسمتُ إبتسامة لطيفـة على فمـي لأكتفي بها كتحية بسيطة !

كان مُتكئًا على عكازين ليتوازن بمشيتـه بما أن رجلهُ قد كُــسرت

نهضتُ من على السرير وأخذت بخطواتي أتجـِه إلى الحمام لأبدل ملابسـي التي أصبحت في حالة يُرثى لها

أجزم بإن من سيراني للوهلة الأولى سيقول بإنني مُتشردة ... آه يآ إلهي كم هي مُتسخة !
.

.

.

- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه !

أطلقتُ زفرة إرتياح وكأنها أزاحت همًــا كالجبل من على صدري ..

إنني أقفُ الآن أمام حافلة المدرسة الصفــراء الكبيرة التي يقودها كين لأركبهــا .. وقد سبقنـي الجميعُ في ذلك !

- مينـــوري .. لن ننتظركِ أكثر من دقيقتين ، أسرعي ايتها المُدللة !

قُلت صائحة مُقطبة حاجباي في غضب

- لستُ مُدللة ياوجه القطــة ..

صعدتُ الحافلة بسُرعة فأنا أعلمُ أنه ليس من المُستحيل أن يفعلها ويأمُر المُنحرف بالحراك وتركي بالمشفى !

- لقبٌ جديد ؟ يجـبُ أن نُضيف ذلك لقائمة ألقاب ريو ..

- ماذا ؟

صرخ ريو بفزع عند سماعه لكلام هيكــارو التي عادت للتحدث قائلة

- لقد قامت الفتيات بإنشاء قائمة مُخصصة لك .. لجمع ألقابك التي تُؤلفهـا مينـوري ، يقُلن أنها ظريفة جدًا

- وهل المُتعجـرف وذو المنقار ألقاب ظريفة ؟ إنها بشعة .. بشكل لا يُصدق !!!

ضحكتُ بشكلٍ هستيري عند سماعي لكلام هيكــارو وهي تتحدث بمُنتهى البرائة والعفوية بينما ريو يستشيط غضبًا وقد أصبح كحبة طماطم تكاد تنفجر من قوة العصــر

مَشيتُ بخطواتٍ باردة لآخر الحافلة ومازال الضحك مُلازمًا لي .. لا أُريد أن أصاب بالصُداع بعد مُشاجرة كلامية عنيفة قد تحدُث بيني وبينه إن جلست قريبة منه

لكن استوقفتني يدٌ قوية احتضنت ذراعي بقوة لتمنعنـي من إكمال خطواتي

إلتفتُ إلى صاحب تلك اليَد ..

لم تكُن سوى " الشبــح " رين ذات العيون الناعسة المُرعبــة !

اكتفيتُ بنظرات مُتسائلة تُريد تفسيرًا عن فعلهــا هذا ؟!

- إجلسي .... بجانبــي

سمعتُ ضحكة سآخرة آتية من خلف المقعد الذي تجلس عليه ريــن فوجّهت بصري لصاحبها .. كان ريو

- مينــوري ، صدِقيني .. إن جلستي بجوارهـا ستُصابين بلعنة .. أقوىَ حتى من لعنة الفراعنة !

- ماذا ؟

أخذ الخوف يتسلل شيئًا فشيئًا إلى قلبـي ليُحيطه من كل جانب والقلق قد قيّده حتىَ شجعني ذلك لأن أبعد يدها عني وأرفع ذراعي عاليًا حتى لا تُمسكها ..

كانت تُحاول الوصول إليها بعدة محاولات و بشتى الطرق .. إلا أنها كانت قصيرة كطفلة بالمرحلة الإبتدائية !

- آه يا إلهي ، فقط إجلسي بجانبهــا هيَ لن تفعل شيئًا يَضركِ أيتها البلهاء !!

نظرتُ إلى آكي الغاضبة وهي تُشير إليّ بعينيهــا لأجلس بجانب رين التي أخذت الدموع تتجمع في عينيهــا ..

لــِمَ هيَ مُتعلقةٌ بي بشدة ؟ .. هذا مُزعج !

أنزلتُ ذراعي بهدوء لتُمسك بطرف قميصي الأســود الذي ينتهي عند أسفل كوعـي بقليل ..

وأفسحت لي المجال للجلوس في المقعد الذي يُجاور النافذة الكبيــرة ..

كان الصمت والسكون قد خيّم على المكان من حولنــا .. ولا يُسمع سوى صوت دندنة كين بـِمَرح

توقفنــا بـِأمر من إشارات المرور التي قد أضاءت باللون الأحمَـر تُـلزم على الوقوف

وقفت آكي لحظتهــا وتتبعتُهــا بعيني لتجلُس بجوار ريو بهدوء مُبتسمة بغرآبة .. أشعُر بهالة غريبة مُخيفة تلتف حولهـا !

كانت تلعب بأطراف شعرها بدلآل وإبتسامة خجولة قد رُسمت على ثغرهـا .. بينما عينيها تحدقان في ريو الذي قد إبتسم

بهدوء إلا أن التساؤل كان جليًا على ملامحه بحيث أنه قد شعر بالفضول عن سبب كُل هذه الحركات كما شعرتُ أنا !

- إقترب الموعـــد .. !

- أيُ موعد ؟

قالها ريو بتساؤل ثم مالبث أن ابتسم ابتسامةً واسعة وكأنه قد تذكّر مايتحدثان عنه

- اوه .. نعم ، لكن قدمي قد كُــسرت .. لن أستطيع الذهاب رُبما !

- لا بأس .. صدقني لا مُشكلة في ذلك ، سيكون الذهاب لصالحنا .. أو لصالحك بالأحرى

كُنت أُنظر إلى الشوارع من خلف النافذة مُدعية الشرود إلا أن ذهنـي لم يكُن إلا مع الذيَن خلفي وأذني تستمع لحوارهما البسيط بحيرة شديدة

أيُ موعد ؟ أُريد أن أعــرف !!

أسندتُ كوعي على حافة النافذة وأناملي قد شقت طريقها لتتسلل داخل شعري الأسود لترفع غرتـي عن جبيني بهدوء وأنا أُفكر والفضول يكاد يُمزقنـي !

إن الفضول الشديد فعلاً داء .. وأتمنى أن أجد له قريبًا دواء !!

لم أعي وصولنا إلا عندما هزت رين كتفـي بقوة حتى خـِلتُها ستكســِره .. عنيفةُ جدًا !!!!

نظرتُ حولي .. لم يكُن لآكي أو ريو أيُ أثر .. حتى كين قد ترجّل من الحافلة وأصبحنا وحدنا !

نظرتُ إليها بغضب مُقطبة حاجباي .. كُنت سأهمُ بالصياح قائلة " مالذي تُريدينـهُ أيتُها المُرعبة " إلا أنني قد إزدردتُ لُعابي

بخوف وقد تصبب جبيني عرقًا ... مع أن الجو جميل جدًا

كانت تبتســِم بشــَر وشيطانية كأنها شيطانٌ غريب قد تجسد على هيئة مخلوق صغير " أشبهَ " بالإنسان



قلت والتردد قد طغى على صوتـي ليجعلهُ متقطعًا مُرتعشًا من الخوف

- ماذا دهاكِ !

- مي نو ري ! .. مارأيُك في حُــضور حفلة ستُقام في منزل أحد أصدقاء والدي ؟

- هاه ؟ حفلة ؟

أومأت بالإيجاب ، ما إن فتحتُ فمــي لأقول " لا " .. حتى قاطعتنـي بقولها بسُرعة

- رائع ... ستحضُرين إذًا !! .. سأجهز لكِ كُل شيء .... كُـــل شيء !!! ليس عليكِ سوى القدوم والإشراق .. ستلمعين بين الحشود ، سيرآكِ الجميع كالشمس الساطعة ، ستكونين كالنجمـة المُتألقة في السماء .. بل كالقمَر المُنير الذي سيأسر عيون الناظرين له .. ستُنيرين كُـل بُقعة مُظلمة تمُر فيها آكي لتمحيهــا من الوجود ..

ما إن إنتهت من جُملتها تلك .. أقصد نصها التعبيري الطويل !! حتى أعقبتهُ بضحكــة مُجلجلة جعَلتني أجزم أنها مجنونة فعلاً أو مُصابة بإحدى الأمراض النفسية أو العقلية .. لا شك في ذلك !

حمِلت حقيبتي بين ذراعي كالطفل الصغيــر وأطلقت لساقاي العنان حتى تنطلقا بحُرية لتنجياني من هذه الصغيرة

حمدًا لله أنها ليست معي بنفس الغُرفة وإلا .... لا أُريد حتى تخيُل ما قد يحدُث !

دخلتُ الفُندق من جديد .. كان عاديًا لا بأس به وبسيطًا جدًا يجلب الكآبة كغيره ، هه وكأنني قد زُرت فاخرًا قبله .. !

رُحت أتجه بخطواتي الباردة إلى المصعد .. ضغطت زر الصعــود وإنتظرت طويلاً حتىَ وصل وفُتح البابُ أمامي

رفعتُ رأسي وحَركته لتتحرك خصلات مُتمردة من على عينـي لأتمكن من الرؤية ببساطة

إبتسمتُ عند رؤيتي كين واقفًا بإحدى الزوايا ودخلت بهدوء

- هل ستذهب إلى مكانٍ ما ؟

- لا ! ، أنا فقط أتسلى بالصعــود والنزول عبر المصعد

- حقًــا ؟ هل هي هواية من نوع آخر ؟

- رُبمـــا !

ضحـِكتُ بخفة .. ياللحماقة ، بل ياللجنون .. ليس طلاب هذه المدرسة وحدهم مجانين ومعقدين .. بل العاملين فيها أيضًا !

نظرتُ للأعلى .. كان كُل رقمٍ يُضيء يدُل على أننا قد وصلنا لإحدى الطوابق ..

وغُرفتي تتواجد بالطآبق الخامس وها نحنُ ذا بالرابع .. لقد اقتربنا ،

عندما أصل سأُعــد لي كوب حليبٍ دافئ ثُم أنام ... سُحقًا لهذه الرحلة ولتذهب مدينة الملاهي للجحيم !!

- لستُ معتادًا على قول هذا .. لكن ، أرجوكِ إحذري .. لا تكوني فريسةً سهلة

- هاه ؟

مالذي يتفوه به .. ولـِمَ التحذير ، حسنًا ... هذا أشعرني بقليلٍ من التوتر فاكتفيت بهز رأسي إيجابًا والبقاء صامتة ..
أظن أن ذلك أفضل .

فُتح الباب وخرجتُ منه بسُرعة .. إلتفتُ ورائي لأراه واقفًا دون حراك فسألته بفضول

- ألن تخرُج ؟ هل ستُكمل هذه اللعبة السخيفــة

أومأ بالإيجاب وابتسم .. عجيبٌ أمرُه !

رفعتُ يدي لأودعه ضاحكة ثٌم أخذت أشُق طريقي لغرفتـي بمَرح وأنا أدندن بألحان حزينة لأغنية أعشقُهـا

دقآئق سريعة مرت إلى أن أصبحتُ واقفةً أمام باب غُرفتــي التي تشاركني فيها آكي وهيكارو

ما إن هممت لفتح الباب حَتى فُتح بقوة لتصطدم الحافة برأسي بقوة

- آآه .. سُحقـــًا

- آسفـــة .. هل تأذيتي ؟

- لا بأس هيكــارو ..

نظرتُ إليها بتعجُب .. كان يبدو انها تستعد للذهاب لمكانٍ ما

- هل ستخرُجين ؟

- ماذا ؟ هل ستظلين هُنــا ! .. سنذهب لنلعب يا فتاة فلتستعدي

زفرتُ مُستائة بينما أنا أدخُل للغرفة حتى رَميتُ جسدي بإرهاق على سريري المُريح وقُلت ببرود

- لن أذهب .. سأبقى هُنا لأنام وحَسب .. رحلة مُمتعة .. رافقتكما السلامة .. إلى اللقاء !

- كســولة !

قالتها آكي وهي تهُز كتفيها بلا مُبالاة .. ثم أخذت حقيبتها وانطلقت بصُحبة صديقتها إلى مدينة الملاهي مع باقي الطُلاب .

بكُل بساطة قد غفوت ، لم أنَل كفايتي من الراحة بالأمس .. لقد كُنت أفكر كثيرًا حتى استطعت النوم !

.
.
.

فتحتُ عينــي بهدوء وأغلقتها ثانيةً .. لا أستطيع تحمُل إزعاج هذا الطرق العنيف !

كان الباب يُطرق حتى يكاد يُكســر ..

صرختُ بقوة باستياء إمتزج بغضب واضح على صوتي

- سُحقــــــًا لك أنا قـــــــــادمة !

دخلتُ الحمام لأغسل وجهــي قبل الشروع في فتح الباب الذي سيُصيبني بالجنون

خرجتُ وأنا أعبث بشعري بعشوائية ثم فتحتُ الباب على مصرعيه من شدة غضبي وصرخت

- مــــــــاذا !

- مي نو ري !

نظرتُ للأسفل بسُرعة لأرى الشبــح واقفة أمامي مُبتسمة بشكلٍ فظيـــع .. رُعب ! رُعب حقيقـــي !

أبعدتني من أمامها وأخذت تمشي بخطواتٍ واثقة إلى داخل الغُرفة ..

تتبعتُها بنظراتي المذهولة إلى أن استقرت على إحدى الكراسي المُلتفة حَول طاولة صغيرة بالقُرب من الشرفة

أغلقتُ الباب بعد تنهيدة صغيـرة ونظرتُ إلى الساعة المُعلقة على الجدار

لا تزال التاسعـة وخمسٌ وأربعون صباحًا فقط .. لم أنَم سوى عدة دقائق إذًا !

رَميتُ كتلة جسدي المُرهق على السرير ثانية وأنا أنظُر إلى رين التي أخذت تُشاهد التلفاز ببرود ..

قُلت بتلقائية دون أن أُفكر بالجُملة التي قد إنطلقت من فمي

- لـِمَ أنتِ مُرعبة ؟

ياللأسف .. يبدو أنني قد نطقتُهـا بصوتٍ مسموع ، فلقد إلتفتت إليّ بسُرعة لكن مالبثت أن إبتسمت بهدوء

- هذه طبيعتــي .. فأنا هادئة جدًا ، أكره كل شيء مُلون .. وأكره الأشياء التافهــة .. كأفعال ريو – مثلاً - ، لا أستطيع تغيير شخصيتي !

- حسنًــا .. لم أقصد قول ذلك

- أعلم .. لذلك لا بأس ، هذا السؤال لم يعُد يجرحُ مشاعري

لم يعُد ؟ إذًا فلم أكُن أول من يسألها هذا السؤال ؟ ...

اووه مهلاً ... يا إلهي إنها تشعُر ! ... بصراحة ، أحيانًا إن فكرتُ بالأمر أحس أنها معدومة المشاعر والأحاسيس

لكن .. رُبما هيَ تُخفي شيئًا ما عجيب يجعلها هكذا لم تُظهره لأحَد .. من يدري !



~

فزعت وكاد قلبي أن يسقُط أرضًا عند سماعي صوت الباب يصطدم بالجدار بقوة وشخص ما يصرُخ

- موو ها ري جا تي !

لم أتحرك ساكنة من على السرير كالميتة .. إنني مُتعبة لدرجـة لا تًصدق

وقفت ريــن بهدوء واقتربت مني

- مي نو ري ! ماذا بكِ ؟

- لا شيء .. فقط مُتعبة .. قليلًا ، ثٌم ما بال هذه اللهجة الغريبة التي تقطعين بها إسمي ؟

إبتسَمت دون تعليق وراحت تجلس مرةً أُخرى على الكُرسي متجاهلة سؤالي !

إقترب ريــو من سريري وأخفض رأسه قليلًا ليكون مواجهًا لي تمامًا ثم قال

- اوه مينــوري مُتعبة ؟ أين كيف متى ؟ لماذا ؟ ماذا !

- إخرس أيها المُزعج .. رأسي يكاد ينفجــر

زم ريو شفتيــه باستياء كالأطفال وهَــز رأسه بالموافقة وابتعَد ليجلس بالسرير المُجــاور لي

- أشعُر بالمَــلل .. عـِندما علـِمتُ أنكِ لم تذهبي قررتُ المجيء إليكِ

- لـِمَ إليّ بالذات ؟

- لإفتعال المُشاجراتِ والمشاكل بالطبع !

- هه رائع !

قُلت آخر كلمة لديّ بسُخرية وأغمضت عينيّ حتىَ أغفو قليلًا .. دقيقتين على الأقل ،

لكن .. إن كانا هذان الاثنان معي .. فمن المُستحيــل أن أنعَم بالراحة !

- آه .. لا أُصدق أن جدي سيأتي السبت القآدم .. سيكون الأمرُ مُملا ولن أستطيع الهروب من الحصص

لقد كـُنتُ شبه نائمة .. أستطيع سماع مايقول إلا أنني أعجز عن إستيعاب كلامه بسُرعة إلا إن دققتُ به

- مينــوري .. كفاكِ كسلاً ، لقد كُنتِ نائمة بالأمس كُـلِه وكأنكِ أحد الدِببة في سُباتها الشتوي !

وضعتُ كفيّ على جبينــي لأبعد خصلات شعري عنه وأغمضت عيني ثم قُلت

- لا أعلم .. لكنني أشعُر بإني لستُ بخير !

أخذ ريو عكازيه ووقف بحذر .. ثُم رمىَ بثقل جسمه على سريري ووضع عكازيه بجانبه ..

رفع يدهُ للأعلى وقربها مني .. شعرتُ بالخوف قليلًا وقد أحسست بوجهي يحترق .. لابد أنني أصبحتُ كحبة طماطم الآن

- مالـذي .. سـ .. ـتفعلُـه !

أمسكتُ بيده قبل أن تصل إلى وجهي .. ونظرتُ إليه بفضول ، كانت ملامحهُ باردة ليست كما هيَ العادة

أمرني بترك يده قائلاً بهدوء

- إترُكيها

فعلتُ كما أراد وتركتُهــا ليتحسس جبينــي ..

- لستِ مُصابة بحمىَ ، هذآ جيّــد !

أشحتُ بوجهي عنه بعيدًا وقطبتُ حاجباي بإنزعاجٍ كالأطفال

- أعلم .. أنا فقط أحتاج للنوم

- لكن .. من سَيُسلينــي ؟

قَسّمتُ شعري لنصفين وشددتُهما بقوة حتى شعرت أنني قد أقسِـم رأسي بسبب ذلك !!

وما شأني أنا به ؟ هوَ حتى لا يهتمُ إن كنت فعلاً مُتعبة أم لا .. مايُهمه هو اللعب والحصول على المُتعة

قُلت مُتذمرة بهَمس

- سُحقــًا لك !

نهضتُ من السرير ووقفتُ بسُرعة وكان كُل من الأخوين ينظران إليّ بفضول

قُلت لهما وأنا أُرتب قميصي الاســود بهدوء

- سأذهب لشراء شيء يُمكننــي أكله

- لا تنسينــي يا عزيزتــي

نظرتُ بنظراتٍ غاضبة تكاد تخترق ذاك الريو الذي كان يبتسم بطفولية .. ومع ذلك تلك الابتسامة لم تُفارق شفتيه !

- لقد أنقذتُكِ من الموت ! أهذا جزائي ؟ نظراتٌ مُخيفة ومُعاملة وحشيّــة ؟!

- آوه ماذا ؟ هل ستذُلني الآن وتجعلنـي " مُهــرجة " فعلاً لديك لأنك قُمت بإنقاذي مرة فقط !

أمال رأسهُ للجانب الأيمن وابتسَم بثقة وغرور

- ماذا عن اللصوص ؟ ألم أنقذ حياتكِ تلك المرة أيضًــا

حآولت قدر الإمكان كتم غيظي فأغمضت عيني لفترة حتىَ أُقاوم شعور الغضب الذي إجتاحني ،

مشيت متجاهلة وجودهما وأغلقت الباب بقوة خلفي بعد خروجي ..

لا أعلم لِمَ في كل مرة أفكر فيها بإنني سأتجاهلَه .. أحس بإنني أنجذب إليهِ أكثر !

أنا لَم أعرفه سوى لفترة قصيرة .. قصيرةٍ جدًا ، فكيف أتأثر لهذه الدرجة ؟ عجــــيب !!

إبتعدتُ عن الباب – الذي كُنت أستند عليه منذ لحظات – لتأخذني خطواتي الواثقة إلى المـِصعَد

كان يُفتح شيئًا فشيئًا إلا أنه لم يكُن هنالك أحدٌ بالجوار .. كيف ؟

ذهبتُ إليه إلى أن وقفتُ أمامه مصدومة بشدة

- كيـــن ! مازلتْ تُمارس هذه الهواية الخرقاءَ إلى الآن ؟

ضحِـك بخفة و كان من الواضح أن ضحكتهُ تلك إمتزجت بالسُخرية .. إلا أنني لا أدري لـِمَ !

دخلتُ إلى المصعَد لأقـِف أمام كين مذهولة بالفعـِل .. كان يضغَط جميع الأزرار مرةً واحدة وبشكلٍ مُتتالي كالأطفال

- هَوس ؟

- ماذا ؟

- مهووس بالأزرار ؟!

- كلآ !

إكتفى بتلك الكلمة البسيطة لتكون جوابًا على سؤالي ، ثُم زفر زفرة مَلل واضح وضجر

فتحتُ فمي للبدء بسؤالٍ آخر إلا أنه قاطعني بقوله

- أشعُر بالضجَــر .. كأن الأيامَ كُلها إتفقَت أن تكون كبعضها !!

نظرتُ إليه بتعجُب .. لم أتوقع أن جُملة كتلك ستخرُج من شخصٍ مثلـه ..

لم أستطـِع النُطق بشيء قد يُخفف من إستيائه لذلك إكتفيتُ بهز رأسي بالإيجاب ..

ما إن تراجعتُ قليلًا للوراء لأرتاح بظهري على مرآة المصعد حتى توقف فجأة وبدون سآبق إنذار !

إخترق السكون من حولنا صوتُ إحتكاك ...

أصبح القلق يتسلل إلي ببُطء .. كُنت أُدوُر بؤبؤتا عيني في محجرهما بفضول وسُرعة وكأني أترقبُ شيئًا ما

بدون أن أشعُر أصبحتُ قريبةً جدًا من كين حتى كدت ألتصق بـِه ..

- هذا غيرُ جيّــد !

- لا تضطربي .. فقط إبقي هادئة .. كُل شيءٍ على ما يُرام .. حدث ذلك قبل قليل وعاد للحَركة بعد عدة دقائق

نظرتُ إليه والدموع قد حُبست بعينــي .. ولو كان بإمكانيَ ذلك لصرختُ بوجهه " أنت مُنحرفٌ مغفل ! "

قُلت بهدوء بصوتٍ مُرتجف

- حـ ... ـسنًـا !!

ضغَط زر الطابق السُفلــي عدة مرات .. إلا أنهُ لم يحدُث شيء

- إستعمل هاتف الطوارئ .. أو أيًا كان

نظرَ إليّ تارةً ثُم إلى السماعة الحمراء الصغيرة المُعلقة فوق الأزرار تارة أُخرىَ ورفعها

- لا تعمَـــل !

- مـــــــــــاذا ؟

صرخت بتلك الكلمة بوجهه وأنا أشُد ياقة قميصـِه بعُنف وغضب والدموع قد أخذت تجري من عينيّ بغزارة

" سـأموت " .. عـِبارة أصبحتُ أرددها بتتالي والخوف قد طغى عليّ بالكامل ، لم أكُــن أفكر بسواه ... بالموت !

حَل الصمت فجأة ليكون سيد الموقف ..

إقتربتُ من كين بثقة وخطواتٍ ثابتة وإبتسامةٌ واسعة قَد رُسمت على ثغــري ..

رأيتُ ملامح الإرتياب والقلق بادية على وجهه الوسيــم .. وبهذا إتسعت إبتسامتي أكثر !!

- حُــلم ، أليس كذلك ؟

- حُلم ؟ مينــوري !!

كان يبتعدُ للوراء كُلما إقتربتُ منه شيئًا فشيئًا وكأنني أهُب للقضاء عليه

- للتو كُنت أريد أن أغفو وريو بجواري .. سأستيقظ بسبب صُراخهِ المُزعج وثرثرته التي لا تنتهي .. صحيح ؟

- توقفــي !

صُدمت أشد صدمة .. عندما تلقيت تلك الصفعةُ القوية منه بعدما نطق آخر كلمة من فمه .. والتي قَد جعلت كامل وجهي يلتفُ للجهة اليُمنى

قال بغضبٍ لأول مرة ألحظه عليه

- كان ريو صادقًــا عندما وصفكِ بالجبانة البلهاء ، أموقف كهذا يجعلُكِ ضعيفة .. !

أمسك كتفيّ بيديه القويتيــن وحدق بعيني مُباشرة .. لقد كانت عيناهُ تلمع ببريقٍ عجيب

- أكره الضُعفاء ، كونــي قوية ... فبهذا الشكل سيتم القضاء عليكِ بسهولة .. ستكونين فريسةُ سهلة !!

صرختُ بقوة حَتى ظننتُ أن صوتي قد يختفي نهائيًا من بعد تلك الصرخة

- سأكون فريسة من ؟ أنت أحمق .. أنت كاللــُغز .. لا أستطيع فهمَــك !!!

من بعد ذلك خارت قواي وسقطتُ أرضًا ثُم .. بكيت ، وبكيت .... وبكيت !

قُلت من بين بُكائي وشهقاتي الموجعة ويداي تتحركان في الهواء بعشوائية من شدة غضبي

- أنا فعلاً ضعيفة .. لا يُمكنني تحمُل أي شيء ... خصوصًا إن كان الأمر يتعلق بالموت ، أنا .. لستُ خائفة منه لأجل

نفسي .. بل من أجل جدي الذي سيبقى وحيدًا عاجزًا إن مُت .. صحيحٌ أني بعيدة لكن يُمكنني الإتصال به ، يُمكنُني زيارتُه ،

لكن .. إن مُت ... فلن أبقى بجانبه ، ومايُزيدني ألمًــا هو قوله الذي يتردد صداه بأُذني دائمًا

" الوحــدة أكثر ما أخشاه ، إن فقدتُــك فلن أعيش بسلام .. وربما لن أعيش أصلاً ! "

شعرتُ بعد آخر كلماتي بذراعٍ تُحيطنــي ، شعرتُ بحُضن دافئ للمرة الأولى في حياتي أُحس به !!

سمـِعتُ عنه ، مـِنْ صديقاتي .. أو التلفاز .. أو بالقصص والروايات .. عن هذا الشعور الغريب والجميلٌ جدًا بالوقت ذاته

عـِندما تلُف الأم إبنتها بكُل عطف بين يديها .. لتغمُرها بالحنان وكأنها تقول ( أنا هُنـا .. لن يؤذيكِ أحدٌ مادُمت بقُربكِ )

هكذا شعرت .. وكأن كين قد قال هذه العبارة لي !

أحسستُ أنه قد كانت لدي طاقةً هائلة من الحُزن قد فُرغت للتو .. قد خرجَت وأتمنىَ ألاّ تعود

أردتُ رفع رأسي قليلًا إلا أنني لم أستطع ذلك .. كان كين يضعُ ذقنه عليه ويمسح على شعري بهدوء

شددتُ قبضتي على معطفهِ الأبيض القُطني بقوة لأطلب منه عدم تركي .. أنا لا أُريد أن أصحو .. إن كان حُلمًا !!

فجأة .. أصابني الذهول وأحسستُ أن قـِدرًا .. لا بل برميلًا من الماء البارد قَد صُب علي مرةً واحدة ..

فلقَــد وصلنـا إلى الطابق السُفلي دون أن أشعُر .. وقد فُتح باب المصعــد كاملاً .. لأرىَ ما لم أتمنىَ رؤيتــه !!

أٌتمنــى فقط لو تنشَق الأرض وتبتلعنـي على أن أُرى بهذه الحالــة !!!

[/frame]

رد مع اقتباس