وقعت السارية .. اهـتـزت الاشرعة .. و بدأت السفينة بالتداعي .. السكون قتلها ..
المياه الراكدة افسدت روحها النقية ..
كيف لا و هي اعتادت على معاركت جيوش البحر الكاسرة .. وقعت على جنبها .. و اهترأت اخشابها ..
مرت الايام و الاسابيع .. الشهور و السنين .. خريف وراء خريف قد شهدت السفينة تساقط الاوراق البنية و الصفراء
عام بعد عام .. ضلت بمكانها .. ساكنة ... اللحظات تمر عليها طويلا .. كل دقيقة تمر بعمر الكون بأكلمه ..
هي الان محطة لأستقبال الطيور المهاجرة .. تأتيها من كل مكان .. تستريح قليلا على جسدها .. ثم تذهب محلقة الى مرادها ..
الى جنوب الكرة الزرقاء .. تحلق لتجنب مجابهة برودة الشتاء .. و لكنها تجابه عناء ألاف الاميال من السفر ..
الحياة لا بدا فيها من مجابهة شيء ما .. حتى لو هربت منه سيأتيك شيء اخر ليتحداك ..


اليأس تسلل اليها .. رضيت بما هي عليه .. نسيت ما كانت عليه.. صرخت بالبحر ..
أرجوك .. انسى وجودي .. فأنـي أعطيك كـل ما عنـدي .. خـذ ذكرياتي ..
خـذها و مزقها بأمواجك .. و بعثرها في كل مكان ..
خذها عميقا الى جوفك .. او أجواف ساكنيك .. خذها الى أعماق تعجز عن وصولها أعيون البشر و مركباتهم ..
فإنـي لم أعد ابالي ..
خذها و شوهها .. او امحي اسمي عنها .. فهي ملكك انت وحدك ..
لا تدع امواجك تناديني .. لن استمع اليها بعد الان .. لن استمع بعد اليوم الا لأوراق الشجر المتساقطة
اوراق مليئة بالذكريات .. تغذتها من جذع عاش مئات السنين ..


لن اعاتبكم ان لومتوني .. لكني حاولت ان اعيش كما يعيش الاخرون ..
حاولت ان اعيش حياتهم بما فيها من خداع .. بما فيها من ألم و من دمار ..
حاولت ان لا اموت عطشا في مكان امتلىء بالامطار ..
حاولت ان يكون صمتي درع يحميني من من الجراح و من النزيف ..
لكني جـُـرحت و نزفت .. وقفت وحدي في قلب الاعصار ..
تبا لحقد ملىء القلوب .. حقدا جعل النهار ليلا و قلب الادوار ..
كان يا ما كان .. كتاب أمتلأت صفحاته بالغبار ..
نـُـسيت لغة كتابته .. و بات طيا من النسياآن